الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقاتل ومعهم الشيخ لهدم تلك القبة، فقابلهم أهل الجبيلة بغية نصرها وحمايتها، ولكنهم كفوا ورجعوا عندما وجدوا الأمير عثمان ومن معه (فباشر الشيخ- الإمام- هدمها وإزالتها، فأزالها الله عز وجل على يديه رحمة الله عليه)(1)
(1) المرجع السابق ص 17.
5 -
مبدأ القضاء على ما تطرق إلى عقيدة الآباء من جهل وضلال وشرك وبدع وخرافات:
لقد حض الإسلام على العلم ولذا كانت أول آية نزلت في أول سورة نزلت، وهي سورة العلق، مبدوءة بكلمة اقرأ، ذلك أن الجهل هو أعدى أعداء عقيدة التوحيد.
كما حض الإسلام على البعد عن الضلال، ولذا كان اهتمام الإسلام عظيما بدعوة المسلم ربه في صلواته الخمس بأن يهديه الصراط المستقل الذي لا ضلال فيه:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (1){صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} (2).
كذلك دعا الكتاب إلى عبادة الله وحده لا شريك له من صاحبة أو ولد، وكانت قمة الدعوة إلى التوحيد، ونبذ الشرك في قوله تعالى:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3){اللَّهُ الصَّمَدُ} (4){لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (5){وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (6).
وكان نهي الإسلام عن البدع واضحا، ومحاربته إياها صريحا،
(1) سورة الفاتحة الآية 6
(2)
سورة الفاتحة الآية 7
(3)
سورة الإخلاص الآية 1
(4)
سورة الإخلاص الآية 2
(5)
سورة الإخلاص الآية 3
(6)
سورة الإخلاص الآية 4
" فكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار" على ما جاء في هدي الطاهر المطهر محمد صلى الله عليه وسلم.
كذلك حارب الإسلام الخرافات، لأن الخرافات تقليد أحمق لضلالات الآباء والأجداد، حتى لا يصدق في المسلم ما صدق في أمثال من قالوا:{إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (1).
ولأجل ذلك كانت دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب قائمة على مبدأ أساسي وجوهري يجسد النهي عن تلك الضلالات الخمس، ألا وهو مبدأ القضاء على ما تطرق إلى عقيدة الآباء من جهل وضلال وشرك وبدع وخرافات.
وبيان ذلك فيما يقرره سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز أن أهل نجد كانوا قبل دعوة الشيخ على حالة لا يقبلها قلب مؤمن، ولا يرضاها ضميره، فلقد كان الشرك الأكبر، قد نشأ نص نجد، ثم فشى وانتشر، حتى نسي الخلق خالقهم، وذهبوا إلى القباب فعبدوها، وإلى الأشجار فالتمسوا التعبد فيها، وإلى الأحجار وعبدوها، ولم يقف الأمر عند هذا المنكر، بل عبدت النيران، وعبد من يدير الولاية حالة كونه معتوها لا يعي، أو مجنونا مجذوبا لا عقل عنده، وزاد الطين بلة، ما استرهب به السحرة الناس من السحر، والكهنة من الإفك، فقد سألهم الناس وصدقوهم، ولم ينج منهم ومن منكرهم إلا قليل ممن شاء الله، وغلب على الناس
(1) سورة الزخرف الآية 23
تغليب الملذات، والإقبال على الشهوات، والولع بالدنيا، مع قلة القائم على حدود الله والناصر لدين الله.
ولم يقف الأمر عند حد نجد، فهكذا كان الأمر في الحرمين الشريفين. وفي اليمن اشتهر في ذلك الشرك، وبناء القباب على القبور، ودعاء الأولياء، والاستغاثة بهم، وفي اليمن من ذلك الشيء الكثير، وفي بلدان نجد من ذلك ما لا يحصى، كما بين قبر وما بين غار، وبين شجرة وبين مجذوب، ومجنون يدعى من دون الله، ويستغاث به مع الله، وكذلك مما عرف في نجد واشتهر دعاء الجن والاستغاثة بهم، وذبح الذبائح لهم، وجعلها في الزوايا من البيوت رجاء نجدتهم، وخوف شرهم (1).
النقل والعقل إذا يقضيان بأن المؤمن الصادق لا يمكن أن يقبل ذلك، ولكن المؤمنين الصادقين قلة، ولا أحد يريد أن يزج بنفسه في معمعة المشكلات، فالناس تعبد الضلال وتأبى العودة إلى ذي الكمال والجلال، ولكن الشيخ الإمام لم يكن مجرد مؤمن صادق، بل كان داعية غيورا، حز به ما آلت إليه عقيدة التوحيد، فالشرك في الناس عم، والمنكر شاع، لذا قام بالدعوة إلى الله، وكانت عدته الصبر، وسلاحه الجهاد، وقوته تحمل الأذى، فجاهد ودعا، ووجه وأرشد في العيينة، ثم كاتب العلماء، وتذاكر الوضع معهم، عسى. الله أن يوفقهم لمد يد العون له، والاشتراك معه في أمر نصر دين الله، ومجابهة الشرك، ووأد الخرافات، ولقد أجاب
(1) المرجع السابق ص 18.