الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النية والصلاة:
لا تنعقد الصلاة إلا بالنية، وبيان ذلك أن الصلاة واجبة بالكتاب والسنة والإجماع وجوبا يقتضي توافر هذه النية، فقد قال عز من قائل:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (1). والإخلاص مكانه القلب، وهو عمله، ومن ينوي الصلاة يقصد الله وحده، ويريده وحده دون سواه، وما دام محل النية هو القلب، فإنه لا ضرورة للنطق أو التلفظ بها.
وتنصرف نية المصلي في الصلاة المكتوبة إلى الفعل من جهة والتعيين من جهة أخرى، حيث يلزم انتواء صلاة بعينها كالظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء أو الصبح، وإذا تعلق الأمر بصلاة فائتة وعينها بقلبه، فإنه لا يحتاج إلى استجماع نية القضاء، ولو نوى الشخص أداء الصلاة في وقتها، وبان أن وقتها قد خرج وقعت صلاته قضاء دونما حاجة إلى نية، والعكس صحيح، فلو ظن أن وقت الصلاة قد خرج، فنوى قضاءها واتضح أنها في وقتها، فإنها تقع أداء- لا قضاء- من غير نية.
وإذا كان على الشخص فوائت صلوات، فنوى قضاء صلاة غير معينة منها، فإن ذلك لا يجزئه عن أي واحدة منها لأنه لم يعينها.
ولو نسي صلاة ولم يدر هل كانت ظهرا أم عصرا وجب عليه قضاء صلاتين،. فإن صلى صلاة واحدة نوى أنها هي الصلاة الفائتة لم يجزه؛ وذلك لعدم تعيين الصلاة، كذلك فإن تعيين الصلاة لا
(1) سورة البينة الآية 5
يقتصر على الصلاة المكتوبة بل ينصرف أيضا إلى بعض النوافل، فالنوافل المعينة مثل صلاة الكسوف، وصلاة الاستسقاء، وصلاة التراويح، والوتر، والسنن الرواتب، كلها تحتاج إلى تعيين، أما النوافل المطلقة مثل صلاة الليل فهي غير معينة ولذا يكفي فيها مجرد نية الصلاة.
ولما كانت النية عزما جازما، فإن الصلاة المترددة بين الإتمام والقطع لا تصح، لأن التردد ينفي الجزم، وإذا تلبس المصلي بالصلاة بنية صحيحة، ثم نوى قطع تلك الصلاة فإنها تبطل عند الشافعي، وقال أبو حنيفة إنها لا تبطل لأنها عبادة صح دخول المصلي فيها فلم تفسد بنية الخروج منها كالحج، ويقول صاحب المغني:(إنها تفسد إذا قطعت قبل إتمام الصلاة لذهاب شرطها، بخلاف الحج فإن الحاج لا يخرج منه لمجرد مقارفة محظوراته أو مفسداته).
والذي يتم استصحابه بداهة هو حكم النية، وليس حقيقة النية، لاستحالة ذلك ولأن النية لا تعتبر حقيقتها في أثناء العبادة، ولذا فإن الإنسان إذا ذهل عن النية في أثناء الصلاة ظلت صلاته صحيحة، لكن لو شك المصلي في أثناء الصلاة هل نوى أو لم ينو،