الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نية الاتباع
د. محمد بن محمد شتا أبو سعد
تمهيد:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن المسلم الصادق هو مسلم متبع وليس مسلما مبتدعا؛ ولذا فإنه لا يحتاج إلى صك يثبت صلاح ملته، ولا إلى وصف يدلل به على صفاء عقيدته.
ومع ذلك فإن العالم الإسلامي يموج الآن بتيارات بدعية شركية، خرجت بالأعمال عن حدود العقيدة، وبالتصرفات عن نطاق الإيمان، ومن أهم هذه التيارات الآن، تيار ادعاء الولاية، وانتحال صفة التصوف، حتى باتت الصوفية الحالية، صورة من صور الجاهلية، التي يجب لفظها، والعودة بأتباعها إلى الصراط المستقيم، صراط عقيدة التوحيد، مع من أنعم الله عليهم، ولم ينزل بهم غضبه، أو يهديهم إلى طريق الضلال.
ولا شك أن معالجة القضية العقدية القائلة: إن نية الولي ونية الصوفي الحقيقي هي نية اتباع وليست نية ابتداع، تحتاج إلى تشعب في البحث، وتقص في المعالجة، ولكن المدخل الضروري له هو: الوقوف على حقيقة النية ودورها في حياة المسلم، ثم ضرب مثال لأحد أئمة الدعوة إلى الله على بصيرة، من خلال نية صادقة، لم تتخذ ادعاء الولاية إزارا، ولا التصوف دثارا، بل قدمت المثل والقدوة على أنها نية اتباع وليست نية ابتداع ويتعلق هذا المثال بشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وفي إطار ذلك يمكن بمشيئة الله تعالى التوسع في بيان أن نية الولي أو الصوفي هي نية اتباع وليست نية ابتداع، مع بيان الفوارق الحقيقية بين الولي الحق والصوفي الحق، وكل منهما عند وجوده لا يتبع إلا كتاب الله تعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وما أجمع عليه أهل العلم، أما من يدعي الولاية، وينتحل صفة المتصوف، لمجرد الاسترزاق، ومن خلال نشر البدع التي تهدم أصول العقيدة، فإن أمامه سبيل الحق؛ فإما أن يتوب ويلجها، وإما أن ينال سخط الله تعالى، والمعيار الحقيقي لمعرفة مدى سلامة القصد، هو: أن يقف الشخص على حقيقة النية، أي: نية الاتباع ثم يلتزمها، وأن يقف أيضا على المثال الذي نسوقه الآن للنية الصادقة، وهي نية الاتباع، وعليه أن يسير على دربه، فإن فعل كتب له الفلاح في الدنيا والآخرة، وإلا كان من الخاسرين، وأعالج هاتين المسألتين فيما يلي: