الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
ومن صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء وكذبه في شيء فهذا كافر لم يدخل الإسلام (1).
وسنعود إلى هذا الكتاب لاحقا بمشيئة الله تعالى، فلماذا لا يقول دعاة التصوف ذلك للناس، وكيف يقولون؟ وهم يبيحون الاستغاثة بغير الله بإطلاق، ويقرون الطواف الشركي.
(1) انظر مؤلفات شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ج 1 (جامعة الإمام محمد بن سعود) ص 171.
النية وثلاثة الأصول:
ومن الأمثلة التي تدل بجلاء على سوء نية صاحبها عدم اتباع ما ورد في ثلاثة الأصول للإمام محمد بن عبد الوهاب من هدي، ومن أنه يجب على الإنسان تعلم أربع مسائل: (الأولى: العلم: وهو معرفة الله ونبيه ومعرفة دين الإسلام بالأدلة.
والثانية: العمل به. والثالثة: الدعوة إليه. والرابعة: الصبر على الأذى فيه) (1).
فعدم تعلم هذه المسائل يعني أن ضمير الإنسان قد زاغ من الهدى، فلم يحاول معرفة الله الهادي لأقوم سبيل، وأن إرادة الإنسان قد ضعفت فلم تتجه صوب الإسلام لتعرف دينه بالأدلة، وأن عزيمة الإنسان قد فترت فلم يعمل بما هداه إليه دينه، بل لم
(1) انظر مؤلفات شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ج 1 (جامعة الإمام محمد بن سعود) ص 185.
يصبر على الأذى في سبيله.
إن الإنسان المسلم يجب أن يوجه اختياره صوب الأقوم والأسلم، وهذا يقتضي مغالبة النفس، لكي تنحو الإرادة وتتجه نحو طريقها السليم وسبيلها القويم، فإن ركن الإنسان إلى الاستكانة فغلبته شهوته وشقوته، فقد تيقن أمر سوء نيته، وضعف قدرته. ومن الخطأ تصور أن قدرة الإنسان على الصعود صوب كمالات دين الرحمن يمكن أن تنهار لأسباب لا تنبع من ذات الإنسان، فالإنسان هو الذي يختار، وهو الذي يتحرك في إطار ما يختار في ضوء شرع الله.
ومثل ذلك يمكن أن يقال عما ورد في القواعد الأربع (1)، ذلك أنه إذا كان الشرك يفسد العبادة إذا داخلها أو دخل فيها، وكان الكفار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مقرين بأن الله تعالى هو الخالق المدبر، وأن ذلك لم يدخلهم في الإسلام، وأنهم يقولون ما دعوناهم إلا لطلب القربة والشفاعة. وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتل من عبد غير الله سواء كان قد عبد الملائكة أو الأنبياء أو الأشجار أو الأحجار أو الشمس أو القمر، وأن مشركي زماننا أغلظ شركا من الأولين، لأن الأولين يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة، ومشركوا زماننا شركهم دائم في الرخاء والشدة، فإن لازم ذلك أن
(1) جاء في الإشارات الإلهية لأبي حيان التوحيدي تحقيق د. وداد القاضي بيروت 1973 م ص 197 وما بعدها.
الشرك ينطوي على نية خبيثة، حيث لم يستطع الإنسان أن يوجه إرادته صوب كل ما يقربه من دينه الخالص بحيث يعتقد اعتقادا جازما أنه لا نجاة بغير التوحيد المطلق توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات.
والذي لا شك فيه أنه كلما دعم الإنسان نفسه بقوة أخلاقية، كانت نيته أسلم وطاقته أعظم وقدرته على الاقتراب من الحق أوضح، ولا سبيل لذلك إلا باتباع هداية الله كما وردت في كتابه الكريم:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (1)، فبفضل الإرادة المستندة إلى الطاقة الروحية المنبثقة من هدي القرآن يستطيع الإنسان أن يتحدى غرائزه، وأن يكبح جماح نوازعه، وأن يتغلب على الظروف التي تجابهه، وعندئذ تصفو نفسه، وتحسن نيته ويكون أقدر على الانطلاق صوب المثل الدينية العليا ولو بالتضحية، فلا يخلد إلى الأرض متبعا هواه، ولا يسير على طريق ضلالة الآباء، ولا يحب الفواحش ولا يقبل الفتنة، بل يصبح مهتديا لا ضالا، مستجيبا للحق لا واقعا في إسار الإغراء، محبة للإيمان لا راكنا إلى العصيان، شاكرا أنعم الله لا متسخطا على ما أعطاه إياه، متحكما في نفسه الأمارة بالسوء، لا مستجيبا لهواه، منيبا إلى الله، باحثا
(1) سورة الإسراء الآية 9