الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
:
موضوع البحث:
سبق أن بحثنا حتى الآن بيع القطن وهو المعدوم كما في حالة بيع المزارع كمية منه قبل زراعته أو بعدها قبل ظهوره وجنيه، والبيع لكمية موجودة منه فعلا تحت اليد بسعر قطعي، أو بسعر يحدد حسب إقفال سوق العقود في يوم معين سبق الرضى به والاتفاق عليه.
بقي أن نبحث الآن حالة التعاقد على بيع كمية موجودة فعلا في السوق لكنها ليست موجودة فعلا تحت يد البائع، بل إنه ليذهب بعد الاتفاق على هذا العقد إلى السوق يشتري ما باع ويسلمه في الأجل المحدود للمشتري وهذه هي الحالة التي توجد بين المستورد والمصدر.
مراحل هذه العملية:
إن هذه العملية بين هذين الطرفين تتم على هذه المراحل:
أ- يتلقى التاجر المصدر من بيت من بيوت صناعة القطن في أوربا، أو أمريكا مثلا طلبا بشراء كمية من القطن من صنف معين ورتبة معينة على أن يوردها للطالب في شهر معين، وحينئذ ينظر المصدر في تحديد السعر على أساس عقود الشهر المطلوب مع إضافة قدر احتياطي لما قد يحدث من تغير السعر أثناء الفترة التي تمضي حتى يعتمد السعر.
ب- فإذا صار هذا السعر معتمدا من هذا الطرف الآخر المستورد، قام الأول فورا بشراء المطلوب في سوق العقود عن الشهر المحدد المتفق على توريد المطلوب فيه.
ج- ثم لا يكتفي بذلك، بل قد يشتري ما تعاقد عليه في سوق البضاعة الحاضرة إن وجد إلى ذلك سبيلا، مرة واحدة، أو على دفعات، وحينئذ يبيع في نفس اليوم مما اشتراه في سوق العقود لحساب البيت الطالب كميات بقدر ما اشتراه في سوق البضاعة الحاضرة، فتلغى كل كمية منها أثر الأخرى، ولا يبقى مشتري لحساب إلا المقدار المطلوب فقط للخارج.
د- فإذا لم يجد حاجته في سوق البضاعة الحاضرة لم يبق أمامه إلا أن يطلب تنفيذ العقد الذي اشترى به في سوق العقود متى جاء أوانه، وبهذا يكون لديه في الأجل المحدد المقدار الذي تعاقد عليه مع البيت الأجنبي هـ- وأخيرا عليه أن يعمل على تسليم ما تعاقد على بيعه للطرف المشتري، ويكون التسليم حسب الاتفاق، إما في ميناء التصدير، أو في ميناء الوصول، وفي هذه الحالة
الأخيرة يكون السعر قد أضيف إليه كل ما تكلفه في الإعداد للتصدير والنقل البحري والتأمين.
تكييفها، أهي عقد وكالة؟
قد يكون لنا أن نرى في الالتزام، أو الارتباط الذي تم بين المصدر والمستورد أنه ليس عقد بيع وشراء بحت، بل إنه عقد فيه شبه كبير بعقد الوكالة إن لم نقل إنه حقا عقد وكالة، فإن المصدر لا يشتري ما يشتريه في سوق العقود، أو البضاعة الحاضرة لنفسه بلا ريب، ولكنه يشتريه لحساب البيت المستورد.
فإن كان الأمر كذلك؛ لم يكن علينا أن نبحث في أن التاجر المصدر قد باع ما لا يملكه، وما ليس تحت يده حين التعاقد، بل كل ما علينا هو أن ننظر في توفر شروط عقد الوكالة أو عدم توفرها، وبخاصة ما يتصل منها بموضوع الوكالة، أي: الشيء الموكل فيه.
وهنا نذكر أنه من المعروف فقها وقانونا أن كل عقد يجوز أن يعقده الإنسان بنفسه يجوز أن يوكل به غيره، إلا أنه يشترط أن يكون الشيء أو الأمر الموكل فيه معلوما للوكيل، أو غير مجهول جهالة فاحشة إلا إذا أطلق الموكل كأن يقول مثلا: اشتر لي ما شئت.
ثم إن الوكيل بالشراء يتقيد بما يقيده به الموكل من ناحية الثمن وصنف المشتري ونوعه وصفته، فإذا أخل الوكيل في شيء
من ذلك كان تصرفه غير نافذ على الموكل ووقع الشراء لنفسه بلا خلاف بين الفقهاء.
وهذا من المقرر فقها أنه ليس من الضروري دائما أن يضيف الوكيل العقد فيما وكل فيه إلى الموكل نفسه، بل إن له في بعض العقود أن يضيفها إلى نفسه كالبيع، والشراء والإجارة والصلح في المنازعات المالية ونحو ذلك كله، وفي هذه العقود وأمثالها ترجع حقوق العقد إلى الوكيل حتى ليكون الموكل فيها كالأجنبي، ويكون الوكيل كأنه المالك الأصيل.
إذا بعد ذلك الذي ذكرنا، لنا أن نعتبر تعهد التاجر المصدر بتوريد كمية من القطن معروفة النوع والصفة إلى البيت المستورد في الخارج حسب طلبه منه، إنه عقد وكالة مستوف ركنه وشروط صحته، وتكون العملية على هذا عملية سليمة فقها وشرعا.
وذلك لتحقق ركن الوكالة وهو: الإيجاب والقبول، ثم تحقق شروط صحة هذا العقد سواء منها ما يرجع إلى الطرفين، وما يرجع إلى موضوع العقد الذي يضيفه الوكيل، وهو هنا التاجر المصدر إلى نفسه أهي عقد بيع؟
وقد يكون لنا أن نعتبر هذه العملية عقد بيع وشراء، فالتاجر