الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبواب الحُدودِ في الزنَاء
1 - باب الرجم
(1)
691 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ (2) : الرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تعالى حقّ (3) على من زنى إذا
(1) قوله: يقول، هذا مختصر من خطبة خطبها عمر في المدينة بعد الفراغ من حجته. أخرجها البخاري وغيره بطولها.
(2)
قوله: يقول، هذا مختصر من خطبة خطبها عمر في المدينة بعد الفراغ من حجته. أخرجها البخاري وغيره بطولها.
(3)
قوله: حق، أي ثابت حكماً (أي الحكم غير منسوخ) وإن نُسخت آيته تلاوةً، وهي (الشيخ والشيخة إذا زَنَيَا فارجموهما البتَّة نَكَالاً من الله والله عزيز حكيم) . والمراد بالشيخ والشيخة المحصن والمحصنة وإن كان شاباً سِنّاً، قال السيوطي: خطر لي في نسخ هذه الآية تلاوةً نكتةٌ حسنة وهو أن سببه التخفيف على الأمة بعدم اشتهار تلاوتها وكتابتها في المصحف وإن كان حكماً باقياً لأنه أثقل الأحكام وأشدّها وأغلظ الحدود. انتهى كلامه في "الإِتقان في علوم القرآن"، وفيه أيضاً: أخرج الحاكم من طريق كثير بن الصَّلْت قال: كان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص يكتبان
أُحْصن (1) مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذَا قَامَتْ عَلَيْهِ البّينة (2) أو كان الحَبْل (3)
المصحف فمرّا على هذه الآية، فقال زيد: سمعت رسول الله يقول: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة"، فقال عمر: لمّا نزلتْ أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: أكتبها؟ فكأنه كره ذلك، وقال: ألا ترى إلى أنْ الشيخ إذا زنا ولم يُحْصَن جُلد، وأنَّ الشابّ إذا زنا وقد أُحصن رجم. قال الحافظ في "الفتح": يُستفاد من هذا الحديث السبب في نسخ تلاوتها لكون العمل على غير الظاهر من عمومها، وقال أبو عبيدة: حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن المبارك بن فضالة، عن عاصم بن أبي النَّجُود، عن زر بن حبيش قال: كانت سورة الأحزاب تعدل سورة البقرة وإنْ كنا نقرأ فيها آية الرجم (إذا زنا الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم) . وقال: حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث، عن خالد بن زيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن مروان بن عثمان، عن أبي أمامة بن سهل أن خالته قالت: لقد أقرأنا رسول الله آية الرجم: (إذا زنا الشيخ والشيخة فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة.
(1)
قوله: إذا أحصن، أي كان الزاني محصناً - وهو بفتح الصاد وبكسره - مأخوذ من الإِحصان بمعنى المنع، وهو عبارة عن كونه حرّاً عاقلاً بالغاً مسلماً وطئ بنكاح صحيح، وفي اشتراط الإِسلام خلاف الشافعي وأحمد. والبسط في كتب الفقه.
(2)
أي شهدت على الزناء الشهود وهم أربعة رجال.
(3)
قوله: أو كان الحَبْل، قال القسطلاني في "إرشاد الساري"، بفتح الحاء وسكون الباء أي الحمل، أي وُجدت المرأة الخلية من زوج (في الأصل: الزوج، وهو تحريف) أو سيد حُبلى
أَوِ الاعْتِرَافُ (1) .
692 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حدَّثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أنَّه سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ المسيِّب يَقُولُ: لَمَّا صَدَرَ (2) عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ مِنى أَنَاخَ (3) بِالأَبْطَحِ (4) ثُمَّ كَوَّمَ (5) كَوْمة مِنْ بَطْحَاءَ (6) ثُمَّ طَرَحَ عَلَيْهِ ثَوْبَهُ، ثُمَّ اسْتَلْقَى ومدَّ (7)
ولم تذكر شبهة ولا إكراهاً. انتهى. وقال السيوطي في "الديباج بشرح صحيح مسلم بن الحجاج": هذا مذهب عمر بن الخطاب وحده (قال النووي: هذا قول عمر رضي الله عنه وتابعه مالك وأصحابه فقالوا: إذا حبلت ولم يُعلم لها زوج ولا سيد ولا عرفنا إكراهاً لزمها الحد إلَاّ أن تكون غريبة، وتدَّعي أنه من زوج أو سيد. وقال الشافعي وأبو حنيفة والجمهور: لا حدَّ عليها بمجرد الحمل، لأن الحدود تسقط بالشبهات. أوجز المسالك 13/229) ، وأكثر العلماء أنه لا حدّ عليها بمجرد ظهور الحبل مطلقاً.
(1)
أي إقرار الزاني.
(2)
أي رجع من حجته وكان آخر حجاته في سنة ثلاثة وعشرين التي قُتل فيها.
(3)
أي راحلته.
(4)
وادٍ بين مكة ومنى يسمّى بالمحصَّب.
(5)
بتشديد الواو من التكويم وهو الجمع.
(6)
قوله: بطحاء، بالفتح هي صغار الحصى، والكومة بالفتح وبالضم القطعة أي جمع قطعة من الحصى وألقى عليه رداءه واستلقى على قفاه واضعاً رأسه عليها.
(7)
أي رفعهما للدعاء.
يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ كبِرَتْ (1) سِنِّي، وضَعُفَتْ (2) قوَّتي، وانتشرتْ (3) رعيَّتي، فَاقْبِضْنِي (4) إِلَيْكَ غَيْرَ مضيِّع (5) وَلا مُفْرِط. ثُمَّ قدِم الْمَدِينَةَ (6)، فَخَطَبَ (7) الناسَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ سُنَّتْ (8) لَكُمُ السُّنَن، وفُرِضت لَكُمُ الْفَرَائِضُ، وتُرِكْتُمْ (9) عَلَى الْوَاضِحَةِ - وصَفَّقَ (10)
(1) قوله: كبرت سنّي، أي طال عمري، يقال كَبُر في القدر والرتبة من باب كرم، وكَبِر في السنّ من باب علم، كذا في "المغرب".
(2)
قوله: وضعفت قوتي، أي أعضائي في سكوني وحركتي.
(3)
قوله: وانتشرت رعيتي، أي كثرت وتفرقت في البلاد رعيَّتي التي أقوم بسياستها وتدبيرها.
(4)
قوله: فاقبضني إليك، هذا دعاء بالموت وهو جائز إذا خاف الفتنة في الدين وإلَاّ فمنهيٌّ عنه، وقد بسط الأخبار في هذا الباب الحافظ السيوطي في "شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور" فلتُطالَع، فإنه كتاب منفرد في بابه لم يُصنَّف مثلُه لا قبله ولا بعده.
(5)
قوله: غير مضيِّع، أي لما أمرتني وشرعتني، من التضيع، ولا مُفْرِط اسم فاعل من الإِفراط بمعنى الزيادة، أي اقبضني إليك حال كوني غير مبتلىً بالفتنة في الدين بأن أنقص في شيء أو أزيد شيئاً.
(6)
في آخر ذي الحجة.
(7)
أي يوم الجمعة كما في رواية البخاري.
(8)
قوله: قد سُنَّت، بضم السين وتشديد النون المفتوحة أي شُرعت لكم الشرائع أو السنن النبوية.
(9)
قوله: وتُركتم، بصيغة المجهول أي ترككم نبيّكم على الطريقة الواضحة الظاهرة المسهَّلة البيضاء.
(10)
قوله: وصفَّق، قال القاري: من التصفيق أي ضرب عُمَر بإحدى يديه
بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخرى - إلَاّ (1) أَنْ لا تَضِلُّوا بِالنَّاسِ يَمِينًا (2) وَشِمَالا، ثُمَّ إِيَّاكُمْ (3) أَنْ تَهلِكوا عَنْ آيَةِ الرَّجْمِ، أَنْ (4) يَقُولَ قَائِلٌ: لا نَجِدُ حَدَّيْنِ (5) فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَقَدْ رَجَم رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَجَمْنَا (6) ، وَإِنِّي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلا (7) أَنْ يَقُولَ النَّاسُ زَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي كتاب الله
على الأخرى، وكانت العرب تضرب إحدى اليدين على الأخرى إذا أراد أن ينبِّه غيره، وربما فعله إذا صاح على شيء أو تعجب من شيء.
(1)
قوله: إلَاّ، قال القاريّ: بكسر الهمزة وتشديد اللام أي لكن أن لا تضلّوا بالناس. وإنْ شرطية والباء للتعدية، ولا يبعد أن يكون ألا للتنبيه وأن زائدة.
(2)
أي بالانتقال عن طريق الوسط الواضح.
(3)
أي احذروا عن أن تهلكوا بسبب الغفلة عن آية الرجم.
(4)
بفتح الهمزة وسكون النون: بيان الهلاك.
(5)
أي الجلد والرجم.
(6)
نحن معاشر الصحابة.
(7)
قوله: لولا أن يقول
…
إلخ، قال الزركشي في "البرهان": ظاهره أن كتابتها (وفي الكواكب الدرّي 2/376: ليس المراد أن اكتبه حيث تكتب آيات الكتاب لأنه حرام، فكيف يُكتفى بالكراهة، وإنما يعني أن أكتبه في حواشي المصاحف حتى ينظر إليه من يقرأ المصحف إلَاّ أن الأمر بتجريد القرآن يمنعني عن ذلك لئلا ينجرّ الأمر بالآخرة إلى إدخاله فيه) جائزة وإنما منعه قول الناس، والجائز في نفسه قد يقوم من خارج ما يمنعه، وإذا كانت جائزة لزم أن تكون ثابتة. وقد يُقال: لو كانت التلاوة باقية لبادر عمر، ولم يعرِّج على مقالة الناس، لأن مقال الناس لا يصلح مانعاً. وبالجملة فهذه
لكتبتُها (1) : الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا البتَّة (2)، فَإِنَّا قَدْ قَرَأْنَاهَا. قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: فَمَا انْسَلَخَ ذُو الحجَّة (3) حَتَّى قُتل عُمَرُ.
693 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر: أن اليهود (4) جاؤوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَخْبَرُوهُ أن رجلاً منهم وامرأة زَنَيَا، فقال
الملازمة مشكلة، ولعله كان يعتقد أنه خبر واحد والقرآن لا يثبت به وإن ثبت الحكم. انتهى. وردَّه السيوطي في: الإتقان: بأنَّ قوله لعله كان يعتقد أنه خبر واحد مردود، فقد صح أنه تلقّاها مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. انتهى. والأظهر في هذا المقام ما قاله الزرقاني وغيره أن مراد عمر من هذا الكلام المبالغة والحث على العمل بالرجم، لأن معنى الآية باقٍ وإن لم يَبْقَ لفظها.
(1)
أي في المصحف.
(2)
أي جرماً.
(3)
أي الذي خطب فيه الخطبة المذكورة.
(4)
قوله: أن اليهود كانوا جاؤوا، من خيبر. ذكر ابن العربي عن الطبري والثعلبي من المفسِّرين منهم: كعب بن الأشراف وكعب بن أسعد وسعيد بن عمرو ومالك بن الصيف وكنانة بن أبي الحُقيق وشاس بن قيس ويوسف بن عازوراء، وكان مجيئهم بهذه الواقعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة الرابعة في ذي القعدة، والرجل الذي زنى منهم لم يُسَمَّ، والمرأة اسمها بُسرة بالضم. وعند أبي داود من حديث أبي هريرة زنى رجل من اليهود بامرأة، فقال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى هذا النبي، فإنه بُعث بالتخفيف. فإنْ أفتانا بفُتيا دون الرجم قَبِلناها، واحتججنا بها عند الله وقلنا نبيّ من أنبيائك، قال: فأتَوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد في أصحابه، فقالوا: يا أبا القاسم ما تَرَى في رجل وامرأة زنيا؟ كذا ذكره الحافظ ابن حجر والقسطلاّني في "شرح صحيح البخاري".
لهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: مَا تَجِدُونَ (1) فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ؟ فَقَالُوا: نَفْضَحُهُمَا (2) ويُجْلَدَان، فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ (3) بْنُ سَلامٍ (4) : كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ، فأَتَوْا (5) بِالتَّوْرَاةِ، فَنَشَرُوهَا (6) ، فَجَعَلَ (7) أَحَدُهُمْ (8) يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، ثُمَّ قَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، فَقَالَ (9) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ، فَرَفَعَ يَدَهُ، فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ (10)، فَقَالَ:
(1) قوله: ما تجدون، قال القسطلاّني: ما مبتدأ من أسماء الاستفهام، وتجدون جملة في محل الخبر، والمبتدأ والخبر معمول للقول، وإنما سألهم إلزاماً لهم بما يعتقدونه في كتابهم الموافق للإِسلام إقامةً للحجة عليهم وإظهاراً لما كتموه وبدَّلوه من حكم التروراة، فأرادوا تعطيل نصها ففضحهم الله، وذلك إما بوحي من الله إليه أنه موجود في التوراة وإما بإخبار من أسلم منهم كعبد الله بن سلام.
(2)
قوله: فقالوا نفضحهما، أي نجد في التوراة في حكم الزانيين أن نخذلهما، ويُجْلدان، وليس فيها رجم، وفي رواية: قالوا: نسخم وجوههما ونخزيهما، وفي رواية قالوا: نسوِّد وجوههما ونحممهما، وفي رواية قالوا: نسوِّد وجوههما ونُحمِّمهما، ونخالف بين وجوههما ويُطاف بهما.
(3)
هو من أحبار اليهود كان قد أسلم.
(4)
بتخفيف اللام.
(5)
أي اليهود
(6)
أي فتحوها.
(7)
قصداً للإِخفاء عن الحضرة النبوية.
(8)
قال الحافظ ابن حجر: هو عبد الله بن صوريا.
(9)
أي للذي وضع يده.
(10)
قوله: فإذا فيها آية الرجم، وفي رواية للشيخين: فإذا آية الرجم تحت يده، وعند أبي داود من حديث أبي هريرة ذكر لفظ الآية: المُحْصَن والمُحْصَنة إذا
صَدَقْتَ (1) يَا مُحَمَّدُ، فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فرُجما (2) .
قال ابن عمر: فرأيت
زنيا وقامت عليها البيِّنة رُجِما وإنْ كانتْ المرأة حُبلى تُرُبِّص بها حتى تضع ما في بطنها. وعنده أيضاً من حديث جابر: قالوا: إنّا نجد في التوراة إذا شهد أربعة أنهم رأَوْا ذَكَرَهُ في فَرْجها مثلَ الميل في المُكْحُلة رجما. وفي رواية البزار: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فما منعكم أن ترجموهما؟ قالوا: ذهب سلطاننا، فكرهنا القتل. زاد في حديث البراء: نجد الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا، فكنّا إذا أخذنا الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أخذناه بالحدّ، فقلنا: تعالَوْا نجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم.
(1)
في نسخة: صدق.
(2)
قوله: فرُجما، أي اليهوديان، الزاني والزانية، وهذا صريح في أن الإسلام ليس بشرط في الإِحصان كما ذهب إليه الشافعي وأحمد وأبو يوسف في رواية، وعند أبي حنيفة ومحمد والمالكية الإِسلام شرط (قال الزرقاني 4/136: وأجابوا عن الحديث بأنه صلى الله عليه وسلم إنما رجمها بحكم التوراة تنفيذاً للحكم عليهم بما في كتابهم، وليس هو حكم الإسلام في شيء، وهو فعل وقع في واقعة حال عينية محتملة لا دلالة فيها على العموم في كل كافر. انتهى) . واستدلوا بأحاديث وردت في ذلك، وأجابوا عن رجم اليهوديِّيْن بأن ذلك كان في ابتداء الإِسلام بحكم التوراة، ولذلك سألهم عن ما فيها، ثم نزل حكم الإِسلام بالرجم باشتراط الإحصان، واشتراط الإسلام فيه بقوله صلى الله عليه وسلم: من أشرك بالله فليس بمحصن. أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" عن ابن عمر مرفوعاً. وأخرجه الدارقطني في "سننه" وقال: الصواب أنه موقوف. وأخرج الدارقطني وابن عديّ، عن كعب بن مالك أنه أراد أن يتزوج يهوديَّة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تتزوجها فإنها لا تحصنك، وفيه
الرَّجُلَ (1) يَجْنَأُ (2) عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا (3) الْحِجَارَةَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ، أَيُّمَا رجلٍ حرٍّ مسلمٍ زنى بامرأة و (4) قد تزوَّج بِامْرَأَةٍ (5) قبلَ (6) ذَلِكَ حرَّةً مُسْلِمَةٍ وَجَامَعَهَا (7) ففيه الرجم،
انقطاع وضعف. وأُورد عليهم أن سياق قصة رجم اليهود شاهد بأن الرجم كان ثابتاً في الإسلام ولم يكن الإِسلام في الإحصان شرطاً عند ذلك، ولا يمكن أن يكون حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالتوراة خلاف شرعه لأنها صارت منسوخة وإنما سألهم إلزاماً عليهم، فالصواب أن يُقال إن هذه القصة دلَّت على عدم اشتراط الإسلام، والحديث المذكور دلَّ عليه، والقول مقدم على الفعل، مع أن في اشتراطه احتياطاً، وهو مطلّوب في باب الحدود، كذا حققه ابن المهام في "فتح القدير" وهو تحقيق حسن إلَاّ أنه موقوف على ثبوت المذكور من طريق يُحتجّ به.
(1)
لأي اليهودي الزاني.
(2)
قوله: يجنأ، في" موطأ يحيى" يَحْنِي بفتح الياء وإسكان الحاء المهملة وكسر النون أي: يميل، قال ابن عبد البر: كذا رواه أكثر شيوخنا، وقال بعضهم: يجني بالجيم. والصواب عند أهل العلم يجنأ بالجيم والهمز: أي يميل.
(3)
أي يحفظها من حجارة الرمي أن تقع عليها حبّاً لها (قال الباجي: قال مالك: لا يُحفر للمرجوم، ولا سمعتُ أحداً ممن يجب ذلك، وبهذا قال أبو حنيفة، وقال الشافعي: يُحفر للمرأة، قال مالك: دل قوله فرأيت الرجل يحني على المرأة أنه لا يحفر له. المنتقى 7/134) .
(4)
الواو حالية.
(5)
أي حرة مسلمة.
(6)
أي قبل الزنا.
(7)
أي المنكوحة لو مرَّة.