الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ، وَهُوَ قولُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةِ مِنْ فُقَهَائِنَا.
1 - بَابُ الدِّيَةِ فِي الشَّفَتَيْن
663 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شهابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيِّب أنَّه قَالَ: فِي الشَّفَتَيْنِ (1) الدِّيَةُ، فَإِذَا قُطِعَتِ السُّفْلَى، فَفِيهَا (2) ثُلُثُ الدِّيَةِ.
قَالَ محمدٌ: ولَسْنا نَأْخُذُ بِهَذَا (3) ، الشَّفَتَانِ سَوَاءٌ (4) ، فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ، أَلا تَرَى أَنَّ الْخِنْصَرَ وَالإِبْهَامَ سَوَاءٌ وَمَنْفَعَتُهُمَا مُخْتَلِفَةٌ. وَهَذَا قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَأبي حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةِ مِنْ فُقَهَائِنَا.
2 - بَابُ دِيَةِ الْعَمْدِ
(5)
664 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، قَالَ: مَضَتِ (6) السُّنَّةُ
(1) قوله: في الشفتين الدية، أي دية النفس كاملة، وقد جاء ذلك مرفوعاً عند النسائي في رواية كتاب عمرو بن حزم.
(2)
قوله: ففيها ثلث الدية، قال الزرقاني: لأن النفع بها أقوى بالنسبة إلى العليا. لكن لم يأخذ بهذا مالك ولا الشافعي ومن وافقهما، قالوا: فيهما نصف الدية.
(3)
أي بالتفريق.
(4)
في حكم الدية مع أن منفعتهما مختلفة، فإن منفعة الخنصر اقلّ، فعلم أنه لا اعتبار - لها.
(5)
قوله: مضت السُنَّة، أي السنة النبوية وسنَّة الصحابة. وقد روي ذلك موقوفاً ومرفوعاً، فأخرج الدارقطني والبيهقي من حديث عمر موقوفاً: العمد والعبد والصلح والاعتراف لا تعقله العاقلة. وفي إسناد عبد الملك بن حسين، وهو ضعيف، قال البيهقي: المحفوظ أنه عن عامر الشعبي قوله. وروي أيضاً عن ابن عباس، وروى البيهقي، عن أبي الزنَّاد عن الفقهاء من أهل المدينة نحوه، وأخرج الدارقطني والطبراني في " مسند الشاميين" من حديث عبادة مرفوعاً: لا تجعلوا على العاقلة من دية المعترف شيئاً. وإسناد واهٍ، فيه محمد بن سعيد المصلوب كذّاب، والحارث بن نبهان منكر الحديث، كذا في " تلخيص الحبير".
(6)
قوله: مضت السُنَّة، أي السنة النبوية وسنَّة الصحابة. وقد روي ذلك
أَنَّ الْعَاقِلَةَ لا تَحْمِلُ (1) شَيْئًا مِنْ دِيَة العَمْد إلَاّ أَنْ تَشَاءَ (2) .
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ.
665 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ (3) بْنُ أَبِي الزِّناد، عَنْ أَبِيهِ (4) ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتبة (5) بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لا تَعقِل (6) الْعَاقِلَةُ عَمْدًا، وَلا صُلْحًا، وَلا اعْتِرَافًا وَلا مَا جَنَى الْمَمْلُوكُ.
موقوفاً ومرفوعاً، فأخرج الدارقطني والبيهقي من حديث عمر موقوفاً: العمد والعبد والصلح والاعتراف لا تعقله العاقلة. وفي إسناد عبد الملك بن حسين، وهو ضعيف، قال البيهقي: المحفوظ أنه عن عامر الشعبي قوله. وروي أيضاً عن ابن عباس، وروى البيهقي، عن أبي الزنَّاد عن الفقهاء من أهل المدينة نحوه، وأخرج الدارقطني والطبراني في " مسند الشاميين" من حديث عبادة مرفوعاً: لا تجعلوا على العاقلة من دية المعترف شيئاً. وإسناد واهٍ، فيه محمد بن سعيد المصلوب كذّاب، والحارث بن نبهان منكر الحديث، كذا في " تلخيص الحبير".
(1)
أي لا تجب عليهم أداؤها، بل هي على القاتل.
(2)
أي تشاء العاقلة تحمُّل الدية (بأن يتبرعوا بإعطاء الجاني شيئاً) .
(3)
هو صدوق، فقيه، مدني، تغيَّر في حفظه لمّا قدم بغداد، مات سنة 74، كذا في "التقريب" (في نسخة: أخبرنا مالك، أخبرنا عبد الرحمن
…
إلخ) .
(4)
هو أبو الزِّناد - بكسر الزاي - عبد الله بن ذكوان.
(5)
بضم العين.
(6)
قوله: لا تعقل العاقلة عمداً، أي لا تحمل العاقلة دية القتل العمد كما
قَالَ مُحَمَّدٌ وَبِهَذَا نَأْخُذُ وَهُوَ قولُ أَبِي حنيفة والعامة من فقهائنا.
إذا قتل عمداً يجب فيه القصاص، وسقط فيه القصاص لشبهةٍ مثل ما إذا قتل الأب ابنه، وكذا لا تعقل العواقل الدية التي وجبت على القاتل بسبب الصلح بل هي في مال القاتل، وكذا لا تعقل دية قتل اعتراف به القاتل، وكذا ما جنى المملوك لا يعقل عنه عاقلة مولاه، بل هو على رقبته (قال الموفق: العاقلة لا تحمل العبد يعني إذا قتل العبدَ قاتلٌ وجبت قيمته في مال القاتل ولا شيء على عاقلته خطأ كان أو عمداً، وهذا قول ابن عباس والثوري ومكحول والنخعي ومالك والليث وإسحاق وأبي ثور، وقال عطاء والزهري والحكم وحماد وأبو حنيفة تحمله العاقلة، لأنه آدمي يجب بقتله القصاص والكفارة فحملت العاقلة بدله كالحر. وعن الشافعي كالمذهبين ووافقنا أبو حنيفة في دية أطرافه. وفي "المحلى": قال أبو حنيفة: إذا جنى الحر على العبد فقتله خطأ كان على عاقلته لأنه بدل النفس، وما دون النفس من العبد لا يتحمله العاقلة لأنه يسلك مسلك الأموال، كذا في " الهداية". انظر أوجز المسالك 13/88. وقال صاحب "القاموس": قول الشعبي: لا تعقل العاقلة عبداً ولا عمداً، وليس بحديث، كما توهم الجوهري. ومعناها أن يجني الحرّ على العبد لا العبد على الحرّ كما توهم أبو حنيفة لأنه لو كان المعنى كما توهمه لكان الكلام لا تعقل العاقلة عن العبد، ولم يكن ولا تعقل عبداً. قال الأصمعي: كلَّمت في ذلك أبا يوسف، وكان بحضرة الرشيد فلم يفرِّق بين عَقَلْتُه وعقلتُ عنه حتى فهَّمته. انتهى. وردَّه القاري بأن عقلته يُستعمل بمعنى عقلت عنه، وسياق الحديث وهو قوله: لا تعقل العاقلة عمداً ولا عبداً، وسياقه وهو قوله: ولا صلحاً ولا اعترافاً يدلاّن على ذلك، فإنَّ معناه عن عمد وعن صلح وعن اعتراف، وبأنَّ قول ابن عباس: ولا ما جنى المملوك، صريح في الأمر الذي فيه الإِمام. والأحاديث يفسر بعضها بعضاً، وبأنَّ قوله ليس بحديث مردود عليه بأنَّ المقطوع والموقوف أيضاً من أقسام الحديث وهو موقوف، له حكم الرفع إذ لا يُقال مثله بالرأي.
3 -
بَابُ دِيَةِ (1) الْخَطَأِ
666 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا (2) ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ كَانَ يقول: في دية (3) الخطأ عشرون (4) بنتَ
(1) قوله: أخبرنا ابن شهاب، هكذا في نسخ عديدة، والذي في "موطأ يحيى": مالك أن ابن شهاب وسليمان بن يسار وربيعة بن أبي عبد الرحمن كانوا يقولون: دية الخطأ
…
إلخ.
(2)
قوله: أخبرنا ابن شهاب، هكذا في نسخ عديدة، والذي في "موطأ يحيى": مالك أن ابن شهاب وسليمان بن يسار وربيعة بن أبي عبد الرحمن كانوا يقولون: دية الخطأ
…
إلخ.
(3)
قوله: دية، هي واجبة على العاقلة عندنا وعند الشافعي وأحمد والثوري وإسحاق والنخعي وحماد والشعبي وغيرهم، وعن ابن سيرين وابن شبرمة وأبي ثور وقتادة والزهري والحارث وأحمد في رواية أنه على القاتل، كذا ذكره العيني في "البناية".
(4)
قوله: عشرون بنت مخاض، هي الناقة التي طعنت في السنة الثانية سُمِّيت بها، لأن أمها في الغالب يصير ذات مخاض بالفتح وهو وجع الولادة، والتي دخلت في السنة الثالثة تسمى بنت لبون - بفتح اللام - لأن أمها في الغالب تصير ذات لبن مرّة أخرى، والحِقَّة - بكسر الحاء وتشديد القاف التي دخلت في الرابعة، لكونها مستحقة للحمل والركوب، والجذعة - بفتحات - التي دخلت في الخامسة.
مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بنتَ لَبون، وَعِشْرُونَ ابنَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ حِقَّة، وَعِشْرُونَ جَذَعة.
قَالَ محمدٌ: وَلَسْنَا (1) نأخذُ بِهَذَا، ولكنَّا نأخذُ بِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. وَقَدْ رَوَاهُ (2) ابْنُ مَسْعُودٍ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: دِيَةُ الْخَطَأِ أَخْمَاسٌ، عِشْرُونَ (3) بِنْتَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ ابْنَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ حِقّة وعشرون جَذَعة أخماس، وإنما خَالَفَنا (4)
(1) قوله: لسنا نأخذ بهذا، أي بما ذكره سليمان، ذكر صاحب "الهداية" والعيني في " شرحها " أن الصحابة أجمعوا على أن دية الخطأ مائة من الإبل، واختلفوا في أسنانها، فقال بعضهم: خمس وعشرون حِقَّة، وخمس وعشرون جذعة، وخمس وعشرون ابن لبون، وخمس وعشرون بنت مخاض. وقال عثمان وزيد: ثلاثون جذعة وثلاثون بنات لبون، وعشرون بنت مخاض وعشرون ابن لبون. ذكر ذلك أبو يوسف في "كتاب الخَراج": وإنما أخذنا بقول ابن مسعود لأنه أخفّ وأنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
(2)
قوله: وقد رواه، أخرج روايته أحمد، وأصحاب السنن، والبزار والدارقطني والبيهقي، وبسط الدارقطني في "السنن" الكلام في طرقه، ورواه من طريق أبي عبيدة، عن أبيه عبد الله بن مسعود، وفيه عشرون بني لبون، وقال: هذا إسناد حسن، وقواه بما أخرجه عن إبراهيم النخعي عنه على وفقه، وتعقبه البيهقي بأن الدارقطني وهم فيه، وقد رأيته في "جامع الثوري"، عن المنصور، عن إبراهيم، عنه، وعن أبي إسحاق، عن علقمة عنه، وعن عبد الحمن بن مهدي، عن يزيد بن هارون، عن سليمان التيمي، عن أبي مخلب، عن أبي عبيدة، عنه، وعند الجميع بنو مخاض، كذا ذكره الحافظ في "التلخيص".
(3)
بيان للأخماس.
(4)
قد وافقته رواية عن ابن مسعود، وإليه ذهب الشافعي.