المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌8 - باب تحريم الخمر وما يكره من الأشربة - التعليق الممجد على موطأ محمد - جـ ٣

[أبو الحسنات اللكنوي - محمد بن الحسن الشيباني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الدِّيات

- ‌1 - بَابُ الدِّيَةِ فِي الشَّفَتَيْن

- ‌2 - بَابُ دِيَةِ الْعَمْدِ

- ‌4 - بَابُ دِيَةِ الأَسْنَانِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يَرِثُ مِنْ دِيَةِ امْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةُ تَرِثُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا

- ‌8 - باب الجروح وما فيها من الأرش

- ‌9 - بَابُ دِيَةِ الْجَنِينِ

- ‌11 - بَابُ الْبِئْرِ جُبار

- ‌13 - بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌1 - بَابُ الْعَبْدِ يَسْرِقُ مِنْ مَوْلاهُ

- ‌7 - بَابُ الْمُخْتَلِسِ

- ‌أبواب الحُدودِ في الزنَاء

- ‌1 - باب الرجم

- ‌2 - باب الإِقرار بالزناء

- ‌5 - بَابُ الْحَدِّ فِي التَّعْرِيضِ

- ‌6 - بَابُ الحدِّ فِي الشُّرْبِ

- ‌7 - بَابُ شُرْبِ البِتْعِ والغُبَيْرَاء وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌8 - بَابُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَمَا يُكره مِنَ الأَشْرِبَةِ

- ‌11 - بَابُ نَبِيذِ الطِّلاء

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌1 - بَابُ مِيرَاثِ الْعَمَّةِ

- ‌2 - بَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَلْ يُورَثُ

- ‌3 - بَابُ لا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ

- ‌4 - بَابُ مِيرَاثِ الْوَلاءِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يُوصِي عِنْدَ مَوْتِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ

- ‌3 - بَابُ مَنْ جَعَل عَلَى نَفْسِهِ الْمَشْيُ ثُمَّ عَجَزَ

- ‌4 - بَابُ الاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ

- ‌5 - بَابُ الرَّجُلِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ

- ‌6 - بَابُ مَنْ حَلَفَ أَوْ نَذَرَ فِي مَعْصِيَةٍ

- ‌8 - بَابُ الرَّجُلِ يَقُولُ: مَالُه فيِ رِتَاج الْكَعْبَةِ

- ‌9 - بَابُ اللَّغْو مِنَ الأَيْمان

- ‌4 - بَابُ مَا يُكره مِنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ

- ‌5 - بَابُ مَا لَمْ يُقبض مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الشَّعِيرَ بِالْحِنْطَةِ

- ‌13 - بَابُ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ

- ‌14 - بَابُ شِرَاءِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ

- ‌15 - بَابُ الرَّجُلِ يُساوِمُ الرجلَ بِالشَّيْءِ فَيَزِيدُ عَلَيْهِ أَحَدٌ

- ‌16 - بَابُ مَا يُوجِبُ الْبَيْعَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي

- ‌20 - بَابُ الِاشْتِرَاطِ فِي الْبَيْعِ وَمَا يُفْسِده

- ‌22 - بَابُ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ وَلَهَا زَوْجٌ أَوْ تُهدى إِلَيْهِ

- ‌28 - بَابُ الْقَضَاءِ

- ‌29 - بَابُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ

- ‌30 - بَابُ النُّحْلَى

- ‌4 - بَابُ مَا يُكره مِنْ قَطْعِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ

- ‌10 - بَابُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَاتِ وَادِّعَاءِ النَّسَب

- ‌11 - بَابُ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ

- ‌13 - بَابُ الرَّهْن

- ‌14 - بَابُ الرَّجُلِ يَكُونُ عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطة

- ‌1 - باب الشفعة

- ‌1 - بَابُ المكاتَب

- ‌أَبْوَابُ السِّيَر

- ‌3 - بَابُ قَتْلِ النِّسَاءِ

- ‌4 - بَابُ الْمُرْتَدِّ

- ‌5 - بَابُ مَا يُكره مِنْ لُبْس الْحَرِيرِ والدِّيباج

- ‌8 - بَابُ نُزُولِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ وَمَا يُكره مِنْ ذَلِكَ

- ‌9 - بَابُ الرَّجُلِ يُقيم الرجلَ مِنْ مَجْلِسِهِ لِيَجْلِسَ فِيهِ وَمَا يُكره مِنْ ذَلِكَ

- ‌10 - بَابُ الرُّقَى

- ‌11 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْفَأْلِ وَالِاسْمِ الْحَسَنِ

- ‌12 - بَابُ الشُّرْبِ قَائِمًا

- ‌14 - بَابُ الشُّرْبِ وَالأَكْلِ بِالْيَمِينِ

- ‌17 - بَابُ فَضْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌22 - بَابُ الاسْتِئْذَانِ

- ‌25 - بَابُ النَّظَرِ إِلَى اللَّعِبِ

- ‌27 - بَابُ الشَّفَاعَةِ

- ‌28 - باب الطيب للرجل

- ‌29 - بَابُ الدُّعَاءِ

- ‌30 - بَابُ رَدِّ السَّلامِ

- ‌31 - بَابُ الدُّعَاءِ

- ‌34 - بَابُ مَا يُكره مِنْ أَكْلِ الثُّومِ

- ‌35 - بَابُ الرُّؤْيَا

- ‌36 - بَابُ جَامِعِ الْحَدِيثِ

- ‌27 - بَابُ الزُّهْدِ وَالتَّوَاضُعِ

- ‌38 - بَابُ الْحُبِّ فِي اللَّهِ

- ‌39 - بَابُ فَضْلِ الْمَعْرُوفِ وَالصَّدَقَةِ

- ‌40 - بَابُ حَقِّ الْجَارِ

- ‌41 - بَابُ اكْتِتَابِ الْعِلْمِ

- ‌42 - بَابُ الْخِضَابِ

- ‌45 - بَابُ النَّفْخِ فِي الشُّرْب

- ‌48 - بَابُ صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌49 - بَابُ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا يُستحب مِنْ ذَلِكَ

- ‌50 - بَابُ فَضْلِ الْحَيَاءِ

- ‌51 - بَابُ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ

- ‌52 - بَابُ حَقِّ الضِّيَافَةِ

- ‌56 - بَابُ النَّوَادِرِ

- ‌59 - بَابُ كَسْب الحَجّام

- ‌60 - بَابُ التَّفْسِيرِ

- ‌[خاتمة المعلق]

الفصل: ‌8 - باب تحريم الخمر وما يكره من الأشربة

711 -

أخبرنا مالك، أخبرنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار: أن النبي (1) صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الغُبَيْراء (2) ؟ فَقَالَ: لا (3) خَيْرَ فِيهَا، وَنَهَى (4) عَنْهَا. فَسَأَلْتُ (5) زَيْدًا مَا الغُبَيْراء؟ فَقَالَ: السُكُرْكَة (6) .

‌8 - بَابُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَمَا يُكره مِنَ الأَشْرِبَةِ

712 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا زَيْدُ بن أسلم، عن أبي وَعْلة (7)

(1) قوله: أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن عبد البر: أسنده ابن وهب، عن مالك، عن زيد، عن عطاء، عن ابن عباس، وما علمتُ أحداً أسنده عن مالك غيره.

(2)

قوله: عن الغبيراء، قال الزرقاني: بضم الغين المعجمة وفتح الباء الموحدة وسكون التحتية، فراء، فألف ممدودة نبيذ الذرة، وقيل: نبيذ الأرز، وبه جزم ابن عبد البر.

(3)

أي لأنه مسكر.

(4)

أي تحريماً.

(5)

السائل هو مالك كما صرح به في "موطأ يحيى".

(6)

قال في "جمع البحار"(3/93. وفي غريب الحديث 2/488 لابن الجوزي: السُّكْرُكَة: خمر الحبشة، قال أبو عبيد: هي من الذرة، قال الأزهري: ليست عربية) السكركة: بضم سين وكاف أولاً وسكون راء، هو الغبيراء، وهو نوع من الخمر يُتَّخذ من الذرة وهي خمر الحبشة، وهو لفظ حبشي فعُرِّبت، وقيل: السفرقع.

(7)

قوله: عن أبي وَعْلة، هكذا وُجد في نسخ عديدة، وهو ابن وعلة كما في "موطأ يحيى" وفي رواية ابن وهب عن مالك، عن زيد، عن عبد الرحمن بن

ص: 110

الْمِصْرِيِّ، أنَّه سُئل ابْنُ عَبَّاسٍ عَمَّا (1) يُعصرَ مِنَ الْعِنَبِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَهْدَى رَجُلٌ (2) لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَاوِيَةَ (3) خمرٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: هَلْ علمتَ (4) أنَّ اللَّهَ عز وجل حرَّمها (5) ؟ قال: لا (6) ،

وعلة السَّبائي من أهل مصر، وفي "جامع الأصول": ابن وعلة هو عبد الحمن بن وعلة السبائي، تابعي، ووَعْلة بفتح الواو وسكون العين وفتح اللام. انتهى. وذكر السمعاني في "الأنساب" السبائي نسبة إلى سّبا بفتح السين المهملة والباء المنقوطة من تحت بواحدة وفتحها. وهو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وهم رهط ينتسبون إليه عامَّتهم من أهل مصر، ثم قال: منهم عبد الرحمن بن أُسْمَيْفع بن وعلة، يروي عن ابن عمر وابن عباس كان شريفاً بمصر. انتهى. وفي "إسعاف السيوطي": وثقةه النسائي وابن معين والعجلي.

(1)

أي عن حلَّه وحرمته.

(2)

قال الزرقاني: هو كيسان الثقفي، كما رواه أحمد من حديثه.

(3)

بكهال (بالفارسية) . قوله: رواية خمر: أي مزادة. وأصل الراوية البعير يَحمل الماء، والهاء فيه للمبالغة، ثم أطلقت على كل دابَّة يُحمل عليها الماء، ثم على المزادة فقط، وهو وعاء كبير من الجلد يُحمل على البعير والثور. وفي رواية أحمد كان يتَّجر في الخمر، وأنه أقبل من الشام، فقال: يا رسول الله، إني جئتك بشراب جيَّد. وعنده أيضاً من حديث ابن عباس: كان للنبي صلى الله عليه وسلم صديق من ثقيف أو دوس فلقيه يوم الفتح برواية خمر يهديها إليه، فظاهره أن تحريم الخمر كان سنة ثمان قبل الفتح، وقيل: كان سنة أربع، وقيل سنة ست، ثم لا يظن أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب الخمر قبل تحريمه، فإن الله قد صانه عنه، وهو لم يشرب خمر الجنَّة في ليلة المعراج، بل كان يُهدي ما أُهدي إليه أو يتصدق، كذا في "فتح الباري" وغيره.

(4)

في رواية يحيى: أما علمتَ؟.

(5)

أي بآية المائدة.

(6)

أي ما علمت بحرمته، فأهديتهُ إليك لجهلي بذلك.

ص: 111

فسارَّه (1) إِنْسَانٌ إِلَى جَنْبِهِ، فَقَالَ لَهُ (2) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: بِمَ ساررتَه (3) ؟ قَالَ: أَمَرْتُهُ بِبَيْعِهَا، فَقَالَ: إِنَّ الَّذِي حرَّم شُرْبَهَا حرَّم بَيْعَهَا. قَالَ (4) : فَفَتَحَ (5) الْمَزَادَتَيْنِ (6) حَتَّى ذَهَبَ ما فيهما.

(1) سر كَوشي كرد (بالفارسية) قوله: فسارَّه، أي كلَّم هذا المُهدي إنسانٌ حاضرٌ عند ذلك شيئاً سرّاً، وفي رواية أحمد عن ابن عباس: فأقبل الرجل على غلامه، فقال: بِعْها، ولابن وهب: فسارّ إنساناً.

(2)

أي للرجل السارّ أو المهدي وهو الموافق لرواية ابن عباس عند ابن مردويه.

(3)

أي بأي شيء تكلمته خُفية (قال الباجي: لما قال المهدي لا إظهاراً لعذره سارَّه إنسان إلى جانبه بما ظن أنه يرشده به إلى منفعته، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من مسارته ولم يثق بعلمه وتوقَّع أن يأمره بمثل ما أظهره بعد ذلك سأله عما سارَّه به، فإن كان صواباً أقرَّه عليه وثبَّته فيه، وإن كان خطأً حذَّره منه.

قال النووي: فيه دليل لجواز سؤال الإِنسان عن بعض أسرار الإِنسان، فإنْ كان مما يجب كتمانه كتمه وإلَاّ فيذكره. انظر أوجز المسالك 13/358) .

(4)

أي الراوي.

(5)

يستفاد منه وجوب إراقة الخمر ونحوه (قال النووي: في الحديث دليل لمذهب الشافعي والجمهور أن أواني الخمر لا تُكسر، ولا تشقّ، بل يراق ما فيها، وعن مالك رويتان: إحدهما: كالجمهور، والثانية: يُكسر الإِناء ويُشقّ السِّقاء، وهذا ضعيف لا أصل له. وأما حديث أبي طلحة أنهم كسروا الدِّنان فإنهم فعلوا ذلك بأنفسهم من غير أمر النبي صلى الله عليه وسلم. كذا في الأوجز 13/358) .

(6)

قال في "النهاية: بفتح الميم: ظرف يُحمل فيه الماء كالقِربة والراوية.

ص: 112

713 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أنَّ رَجُلا (1) مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: إنَّا نَبْتَاعُ (2) مِنْ ثَمَرِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَالْقَصَبِ (3)، فَنعصره خَمْرًا فَنَبِيعَهُ (4) ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ (5) عَلَيْكُمْ وملائكتَه وَمَنْ سَمِعَ مِنَ الجنِّ والإِنس أَنِّي لا آمُرُكُمْ أَنْ تَبْتَاعُوهَا (6) ، فَلا تَبْتَاعُوهَا (7) ، وَلا تَعْصِرُوهَا، وَلا تَسْقُوهَا، فَإِنَّهَا رِجْسٌ (8) مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ. ما كرهنا (9) شُربَه من الأشربة الخمر

(1) في "موطأ يحيى": أن رجلاً من أهل العِراق قالوا له: يا أبا عبد الرحمن. وهو بالكسر إقليم معروف منه الكوفة والبصرة وغيرهما.

(2)

أي نشتري.

(3)

أي قصب السُّكّر.

(4)

قوله: فنبيعه، لعلهم كانوا حديثي عهد بالإسلام، فلم يبلغهم تحريم الخمر أو بلغهم ذلك وظنّوا أن المحرم إنما هو الشرب دون البيع، فليس كل ما لا يحل أكله وشربه يحرم بيعه.

(5)

أتى بذلك لزيادة التأكيد.

(6)

أي الخمر. وفي رواية يحيى: لا آمركم أن تبيعوها.

(7)

أي لا تشتروا.

(8)

بالكسر أي نجس، وفيه اقتباس من الآية (والآية هي: (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجْسٌ من عمل الشيطان

) ، سورة المائدة: الآية 90) .

(9)

أي حرَّمنا.

ص: 113

وَالسُّكْرِ (1) وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلا خَيْرَ (2) فِي بَيْعِهِ ولا أكل ثمن.

714 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا (3) حُرِمَها (4) فِي الآخِرَةِ فَلَمْ يُسْقَها.

(1) قوله: والسكر، قال العيني في "البناية" عند قول صاحب "الهداية": ومن أقرَّ بشرب الخمر والسكر

إلخ: هو بفتحتين، نقيع التمر إذا غلا واشتد ولم يُطبخ، كذا فسره الناطفي في "الأجناس"، وقال في "ديوان الأدب": السكر خمر النبيذ، وقال في "المجمل": السكر شراب أسكر، وقال في "المغرب": السكر عصير الرُّطَب. والمراد ههنا ما ذكره الناطفي، وإنما خصه بالذكر مع أن الحكم في سائر الأشربة كذلك لأن السكر كان الغلب في بلادهم.

(2)

بنفي الجنس فيدل على حرمته.

(3)

أي مِنْ شُربها.

(4)

قوله: حُرِمَها، بصيغة المجهول من الحرمان، قال البغوي والخطابي: معناه لا يدخل الجنة لأن الخمر شراب أهل الجنة، فإذا حُرِمَ شربها عُلم أنه لا يدخلها، وقال ابن عبد البر: هذا وعيد شديد يدل على حرمان دخول الجنة، لأن الله أخبر أن في الجنة أنهاراً من خمر لَذَّة للشاربين، وأنهم لا يُصدَّعون عنها ولا ينزفون، فلو دخلها وقد علم أن فيها خمراً وأنه حُرِمها عقوبةً له لزم وقوع الهمّ والحزن له، والجنة لا حزن فيها، وإن لم يعلم بذلك لم يكن عليه ألم، فلا يكون عقوبة، فلهذا قال بعض من تقدم: إن شارب الخمر لا يدخل الجنة أصلاً، وهو مذهب غير مرضي. ويحمل الحديث عند أهل السنَّة على أنه لا يدخلها

ص: 114

715 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الأنصَاريّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: كنتُ أَسْقِي أَبَا عُبَيْدَةَ (1) بْنَ الجرَّاح وَأَبا طَلْحَةَ (2) الأَنْصَارِيَّ وَأُبَيَّ (3) بْنَ كَعْبٍ شَرَابًا مِنْ فَضِيْخ (4) وَتَمْرٍ، فَأَتَاهُمْ (5) آتٍ، فَقَالَ: إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمت، فَقَالَ أَبُو طلحة:

(إنما هو إذا استحلها لأنه إذا أدمنها فكثيراً ما لا يبقى في قلبه حرمتها، أو النفي غير مؤبَّد أي لم يشربها إلى حين انقضاء أيام الجزاء الذي قدِّر له، كذا في الكوكب الدريّ 4/31)، ولا يشرب الخمر فيها إلَاّ أن يعفو الله عنه كما في سائر الكبائر. فمعناه: جزاؤه أن يُحْرمَ دخول الجنة إلَاّ أن يُعفى عنه، وجائز أن يدخل الجنة بالعفو ولا يشرب فيها خمراً ولا تشتهيها نفسه، وإن علم وجوده فيها، كذا في " فتح الباري".

(1)

أحد العشرة.

(2)

قوله: أبا طلحة، هو زوج أم أنس أم سُلَيم، اسمه زيد بن سهل ابن الأسود الأنصاري النجّاري، مشهور بكنيته من كبار الصحابة شهد بدراً وما بعدها، مات سنة أربع وثلاثين كذا في "التقريب".

(3)

قوله: أُبيّ، - بضم الهمزة وفتح الباء الموحدة وشد الياء المثناة التحتية - بن كعب بن قيس الأنصاري النجّاري، أبو المنذر، من فضلاء الصحابة وسيِّد القراء، مات سنة تسع عشرة أو سنة اثنتين وثلاثين، وقيل غير ذلك، كذا في "التقريب".

(4)

قوله: من فضيح، قال الكرماني في "الكواكب الدراري شرح صحيح البخاري": الفضح: الشدخ، والفضيخ: شراب يُتخذ من البُسر من غير أن تمسَّه النار، وقيل: أن يُفضخ البسر ويُصب عليه الماء ويُترك حتى يغلي، وقيل: هو شراب يؤخذ من البسر والتمر كليهما. ويؤيد هذا التفسير الأخير ما في "صحيح البخاري" عن أنس: أن الخمر حُرِّمت والخمر يومئذٍ البسر والتمر. وعند مسلم: كنت أسقيهم من مزادة فيها خليط بسر وتمر.

(5)

قوله: فأتاهم آتٍ، قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمه.

ص: 115

يَا أَنَسُ (1) ، قُمْ (2) إِلَى هَذِهِ الْجِرَارِ، فَاكْسِرْهَا (3) فقمتُ إِلَى مِهْراس (4) لَنَا فضربتُها (5) بِأَسْفَلِهِ حَتَّى تَكَسَّرَتْ (6) .

(1) في رواية للبخاري: قم يا أنس فأهرقها، قال: فأهرقتُها.

(2)

قوله: قم إلى هذه الجرار، بكسر الجيم جَمْع جَرَّة بالفتح وتشديد الراء، هو الظرف من الخَزَف والطين يوضع فيه الماء وغيره من الأشربة. وفيه دلالة إلى أن خبر الواحد حجة فإنهم أخذوا به في نسخ الحكم السابق، وهو حِلّ الخمر، وعملوا على وفقه من دون انتظار تعدُّد المُخْبرين.

(3)

أي لينصبَّ ما فيها.

(4)

قوله: إلى مِهْراس، قال الزرقاني: بكسر الميم وسكون الهاء فراء فألف فسين مهملة، حجر مستطيل ينقر ويدق فيه، ويتوضأ به، وقد استعير للخشبة التي يدق فيها الحب، فقيل له مهراس على التشبيه بالمهراس من الحجر أو الصخر الذي يُهرس فيه الحبوب، وغيرها. انتهى. وفي "مجمع البحار": هو حجر يشاد (هكذا في الأصل، والصواب يشال به لتعرف به شدة الرجال كما في غريب الحديث لابن الجزري (2/496)) به شدة الرجال سُمِّي به لأنه يُهراس به أي يُدَقّ. وأراد ههنا حجرا كان لهم يدقون به ما يحتاجون إليه، وهو في غير هذا الموضع صخرة منقورة يكون فيها الماء ولا يقلّه الرجال، يسع كثيراً من الماء (انظر: مجمع بحار الأنوار 4/633. ويقال له بالفارسية الجواز وبالهندية (أوكهلى) .

قال الحافظ: المهراس - بكسر الميم - إناء يتخذ من صخر وينقر وقد يكون كبيراً كالحوض، وقد يكون صغيراً بحيث يتأتى الكسر به وكأنه لم يحضره ما يكسر به غيره أو كسر بآلة المهراس التي يدق بها فيه كالهاون، فأطلق عليه مجازاً. فتح الباري 10/38. قال شيخنا في الأوجز 13/360، قلت: أو باعتبار المعنى اللغوي فإن الهرس لغة الدق فالمهراس آلته) .

(5)

أي الجرار.

(6)

في نسخة: انكسرت.

ص: 116

قَالَ مُحَمَّدٌ: النَّقِيعُ (1) عِنْدَنَا مَكْرُوهٌ (2) . وَلا يَنْبَغِي (3) أَنْ يُشرب مِنَ البُسرْ (4) وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ جَمِيعًا. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله إِذَا (5) كَانَ شَدِيدًا يُسْكِر.

9 -

بَابُ (6) الْخَلِيطَيْنِ

716 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ (7) عِنْدِي، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (8) بْنِ حُبَاب الأسلمي، عن

(1) قوله: النقيع، قال في "المُغرب": أنقع الزبيب في "الخابية" ونقعه ألقاه فيها ليبطل، وتخرج منه الحلاوة، وزبيب منقع بالفتح مخفَّفاً، واسم الشراب نقيع. انتهى. وفي "النهاية حاشية الهداية": ما يتخذ من الزبيب شيئان نقيع ونبيذ، أما النقيع فهو ما يُتَّخَذ بأن يُترك في الماء أياماً حتى يستخرج الماء حلاوته، فما دام حلواً يحلّ بالإِجماع، وإن غلا فاشتد وقذف بالزبد ففيه خلاف، وأما النبيذ فهو الذي من ماء الزبيب إذا طبخ أدنى طبخة.

(2)

أي حرام غير مشروع فإنَّ عند محمد كل مكروه حرام.

(3)

أي لا يحل.

(4)

بضم الباء وسكون السين التمر قبل إطابه، وبعد ما نضج يسمى رُطَباً، بضم الراء وفتح الطاء.

(5)

وإن لم يسكر لا يحرم.

(6)

قوله: أخبرنا الثقة عندي، قال الزرقاني: قيل: هو مخرمة بن بكير أو ابن لهيعة، فقد رواه الوليد بن مسلم عن عبد الله بن لهيعة.

(7)

قوله: أخبرنا الثقة عندي، قال الزرقاني: قيل: هو مخرمة بن بكير أو ابن لهيعة، فقد رواه الوليد بن مسلم عن عبد الله بن لهيعة.

(8)

قوله: عن عبد الرحمن بن حُبَاب، - بضم الحاء المهلة وخفة الباء -

ص: 117

أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ: أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ شُرْبِ (1) التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ جَمِيعًا، والزَّهْو (2) والرُّطَب جَمِيعًا.

717 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى (3) أن ينبذ البسر والتمر جميعاً، والتمر والزبيب جميعاً.

الأسلمي المدني الأنصاري، وثقه ابن حيان، كذا في "التقريب" و " الإسعاف".

(1)

في رواية يحيى: نهى أن يشرب.

(2)

قال القاري: بالفتح وسكون الهاء، الملَّون من البُسر، على ما في "المُغرب")

(3)

قوله: نهى أن يُنبذ، قد روى البخاري ومسلم هذا الحديث من وجه آخر عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يجمع بين التمر والزهور والتمر والزبيب، ولينبذ كل واحد منهما على حدة. وعند مسلم عن أبي سعيد مرفوعاً: من شرب منكم النبيذ فليشربه زبيباً فرداً، أو تمراً فرداً أو بسراً فرداً. وبظاهر هذه الأحاديث ذهب مالك وأحمد والشافعي في أحد قوليه إلى تحريم النبيذ الذي جُمع فيه بين الخلطين، وإن لم يكن المتخذ منهما مسكراً، وقال أبو حنيفة والشافعي في قوله الآخر: لا يحرم (في "تنسيق النظام" ص 202: الخليطان: قد حَرَّمهما محمد من أصحابنا، وبه يُفتى عند الحنفية) ما لم يسكر، كذا ذكره القاري وفي "البناية" وغيره: أن هذا النهي إرشادي، كان في زمن الجدب والقحط، فأما في زمان السعة فلا بأس به لما أخرجه ابن عدي في "الكامل" عن أم سليم وأبي طلحة: أنهما كانا يشربان نبيذ البسر والزبيب يخلطانه، فقيل لأبي طلحة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك فقال: إنما هو ذلك الزمان، كما نهى عن الإِقران

ص: 118

10 -

بَابُ نَبِيذِ (1) الدُّبَّاء والمُزَفَّت

718 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نافع، عن ابن عمر: أنَّ

بين التمرين. وأخرج أبو داود عن عائشة: أن رسوا الله صلى الله عليه وسلم كان يُنبذ له بنبيذ يُلقى فيه تمر فيلقى فيه زبيب. وفي الباب آثار وأخبار أُخر.

ص: 119

النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ (1) . قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فأقْبَلْتُ نحوَه (2) فَانْصَرَفَ (3) قَبْلَ أَنْ أبلُغَه فَقُلْتُ (4) : مَا قَالَ؟ قَالُوا (5) نَهَى أَنْ يُنْبَذَ (6) فِي الدُّبّاءِ والمزفَّت.

719 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ أَخْبَرَنَا الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُنْبَذَ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ.

(1) في بعض مغازيه: أي في بعض غزواته.

(1)

في بعض مغازيه: أي في بعض غزواته.

(2)

أي توجَّهتُ إليه لأسمع خطبته.

(3)

أي فراغ من الخطبة قبل أن أصل إليه.

(4)

أي سألت عن حاضري الخطبة.

(5)

أي الأصحاب الحاضرون.

(6)

بصيغة المجهول.

ص: 120