الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا شَيْءَ (1) ، وَاللَّهِ إِنِّي لَقَلِيلُ الصِّيَامِ وَالصَّلاةِ وَإِنِّي لأحبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قَالَ (2) : إِنَّكَ مَعَ مَنْ أحببتَ.
39 - بَابُ فَضْلِ الْمَعْرُوفِ وَالصَّدَقَةِ
930 -
أَخْبَرَنَا مالك، أخبرنا أبو الزِّناد (3) ، عن الأعرج، عن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ الْمِسْكِينُ (4) بالطّوَّاف الَّذِي
(1) أي ما هيّهات لها شيئاً من الطاعات.
(2)
قوله: قال، أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك مع من أحببت، يعني إن حبَّك في الله بلّغك إلى مرافقة من تُحِبُّه، وإن كنتَ قليل العمل، وفي معناه ما ورد: "المرء مع من أحبّ: أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم، وشاهده قوله تعالى:(ومن يُطع الله والرسولَ فأولئكَ مَعَ الذِين أنْعَمَ الله عَليهِم مِن النَّبِيِّين والصِّدِيقين والشُّهَداءِ والصَّالِحِين وحَسُنَ أولئك رَفِيْقَا) سورة النساء: الآية 69) .
(3)
عبد الله بن ذكوان.
(4)
قوله: ليس المسكين (قيل: في الحديث حجة لما ذهب إليه أبو حنيفة ومالك أن المسكين هو الذي لا يملك شيئاً وأنه أسوء حالاً من الفقر، كذا في الأوجز 14/254) ، أي المسكين الكامل في المسكنة الذي يربو الصدقة عليه ويضاعف لها ثواباً. ليس بالطّوَّاف، بصيغة المبالغة أي كثير الطواف والدور على الناس للسؤال فيعطيه واحد لقمة وآخر لقمتين فيرجع، بل الكامل في المسكنة هو الذي ليس عنده ما يكفيه ويغنيه إلاّ أنه لتعفُّفه وترك سؤاله وإلحاحه. لا يُفطن، أي لا يُعلم مسكنته. ولا يقوم يسأل الناس، بل هو مُنْزَوٍ في بيته قانع صابر معتمد على ربه، فهذا المسكين الذي إذا أُعطي أصاب المعطي ثواباً مضاعفاً.
يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ، تردُّه اللقمةُ وَاللُّقْمَتَانِ، وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، قَالُوا (1) : فَمَا (2) الْمِسْكِينُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذِي مَا عِنْدَهُ مَا يُغْنيه وَلا يُفطَن (3) لَهُ فيُتصدَّق عَلَيْهِ (4) ، وَلا يَقُومُ (5) فَيَسْأَلُ النَّاسَ (6) .
قَالَ مُحَمَّدٌ: هَذَا (7) أحقُّ بِالْعَطِيَّةِ، وَأَيُّهُمَا أعطيتَه زَكَاتَكَ أَجْزَاكَ ذَلِكَ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةِ مِنْ فُقَهَائِنَا.
931 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا زيد بن أسلم، عن معاذ (8) بن
(1) أي الصحابة الحاضرون.
(2)
في رواية: فمن.
(3)
بصيغة المجهول.
(4)
أي لا يعلم أنه مسكين حتى يُتصدَّق عليه - بصيغة المجهول - لعدم اطلاع الناس على حاله.
(5)
أي من بيته.
(6)
قوله: فيسأل الناس، برفع المضارع في الموضعين عطفاً على المنفي أي لا يفطن فلا يتصدق عليه، ولا يقوم فلا يسأل الناس، أو بالنصب فيهما بأن مضمرةً جواباً للنفي، قاله بعض شراح "المصابيح".
(7)
قوله: هذا، يعني ليس الغرض من الحديث نفي المسكنة عن السائل الطوّاف وحصره على المتعفف حتى لا يجزئ أداء الزكاة وغيرها إلى الطوّاف، بل الغرض منه أن هذا أحق بالعطية، وثواب الصدقة عليه أكثر، وأيّهما - طوّافاً كان أو غيره - أعطيت زكاته أجزأ لكون كل منهما من أفراد مطلق المسكين.
(8)
قوله: عن معاذ بن عمرو بن سعيد، عن معاذ، عن جدّته، هكذا في نسخ متعددة، والصواب ما في "موطأ يحيى" وشرحه: مالك عن زيد بن أسلم العدوي، عن عمرو - بفتح العين - بن سعد بن معاذ نسبة إلى جدّه، إذ هو
عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُعَاذٍ؟، عَنْ جَدَّتِهِ: أن رضي الله عنه صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَا نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ (1) ، لا تحقِرَنّ (2) إِحْدَاكُنَّ لِجَارَتِهَا وَلَوْ كُراع شاة مُحرق.
932 -
أخبرنا مالك، أخبرنا زيد بن أسلم، عن أبي بُجَيْد (3)
عمرو بن معاذ بن سعد بن معاذ الأشهلي، المدني يكنى أبا محمد، وقلبه بعضهم فقال: معاذ بن عمرو وهو تابعي، ثقة، عن جدّته، قال ابن عبد البر: قيل اسمها حواء بنت يزيد بن السكن، وقيل: إنها جدة ابن بجيد أيضاً صحابية مدنية.
(1)
قوله: يا نساء (وروي بضم الهمزة منادى مفرد، والمؤمنات: صفة له، فيُرفع على اللفظ وبنصب بالكسر على المحل، ولا تحقرن: نهي يحتمل أن يكون للمهدية أو المهدي إليها. والكراع بالضم: ما دون العقب من الرجل للمواشي والدواب وهو مؤنث. ولعل تذكيره لغة "شرح الزرقاني " 4/421) المؤمنات، بإضافة العام إلى الخاص، وفي رواية يا نساء المؤمنات بالرفع. لا تحقرن إحداكن، يُحتمل أن يكون نهياً للمُهْدى إليها، وأن يكون نهياً للمهدية لجارتها أي لا تستنْكِفَنّ من إهداء شيء حقير أو قبوله. ولو كان كُراع شاة بالضم ما دون العقب من المواشي والدواب. محرق، نعت لكراع، والمراد به المبالغة في إهداء شيء وقبوله من غير استنكافه بسبب قِلّته أو حقارته، كذا في "شرح الزرقاني" وغيره.
(2)
بنون التوكيد.
(3)
قوله: عن أبي بُجَيد، بضم الباء وفتح الجيم، وفي نسخة ابن بجيد، وهو الموافق لما في "موطأ يحيى" وغيره، الأنصاري، ثم الحارثي نسبة إلى بني حارثة بطن من الخزرج من الأنصار عن جدّته هي أم بجيد مشهورة بكنيتها، واسمها حَوّاء بفتح الحاء وتشديد الواو، بنت يزيد بن السكن، قال ابن حجر في "تعجيل المنفعة في رجال الأربعة": اتفق رواة الموطأ على إبهام ابن بجيد إلا يحيى بن
الأَنْصَارِيِّ ثُمَّ الْحَارِثِيِّ، عَنْ جَدَّتِهِ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: رُدُّوا (1) الْمِسْكِينَ وَلَوْ بظِلْفٍ (2) مُحرقٍ.
933 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا سُمَيّ (3) عَنْ أَبِي صَالِحٍ (4) السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينما رجل (5) يمشي
بكير فقال: عن محمد بن بجيد، وبه جزم ابن البرقي فيما حكاه أبو القاسم الجوهري في "مسند الموطأ"، ووقع في أطراف المِزِّي أن النسائي أخرجه من وجهين: عن مالك عن زيد، عن عبد الرحمن بن بجيد ولم يترجم في "التهذيب" لمحمد بل جزم في "مبهماته" أنه عبد الرحمن، وليس بجيد فإن النسائي إنما رواه غير مسمّى كأكثر رواة الموطأ، ومستند من سمّاه عبد الرحمن ما في السنن الثلاثة عن الليث عن سعيد المقبري عن عبد الرحمن بن بجيد، ولا يلزم من كون شيخ المقبري عبد الرحمن أن لا يكون شيخ زيد بن أسلم فيه آخر اسمه محمد، كذا في "شرح الزرقاني ".
(1)
أي أعطوه.
(2)
قوله: ولو بظِلف (قال الباجي: حضّ بذلك صلى الله عليه وسلم على أن يعطي المسكين شيئاً، ولا يرده خائباً، وإن كان ما يعطاه ظلفاً محرقاً، وهو أقل ما يمكن أن يعطي، ولا يكاد أن يقبله المسكين، ولا ينتفع به إلا وقت المجاعة والشدة. المنتقى 7/234)، قال القاري: بالكسر للبقر والغنم، كالحافر للفرس والبغل، والخف للبعير. محرق، على النعت، والمراد به المبالغة على إعطاء السائل أو محمول على أيام القحط الكامل.
(3)
بالتصغير.
(4)
اسمه ذكوان، وكان بائع السمن فلقب سمّاناً بالفتح وتشديد الميم.
(5)
قال الحافظ: لم يسم.
بِطَرِيقٍ (1) فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا، فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ (2)، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ (3) يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ فَقَالَ (4) : لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ (5) الَّذِي بَلَغَ بِي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلأَ (6) خُفّه (7) ثُمَّ أَمْسَكَ (8) الخُفَّ بِفِيه حَتَّى رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ الله له
(1) قوله: بطريق، وعند الدارقطني يمشي بطريق مكة، وفي رواية له: يمشي بفلاة.
(2)
أي من البئر.
(3)
قوله: يلهث يأكل الثرى، بفتح الأول مقصوراً التراب النديّ، واللهث شدة توتر النفس من تعب وغيره، ويقال: لهث الكلب لسانه إذا أخرجه من شدة العطش، كذا في "النهاية" وغيره.
(4)
أي ذلك الرجل في نفسه.
(5)
قوله: مثل الذي، ضبطه بعضهم بالنصب، وفاعل بلغ الكلب أي بلغ مبلغاً مثل الذي بلغ بي، وبعضهم بالرفع على أنه فاعل والكلب مفعول.
(6)
أي من الماء.
(7)
بالضم وتشديد الفاء "موزه"(باللغة الأردية) .
(8)
قوله: ثم أمسك الخف، أي رأسه بفمه ليصعد من البئر لعُسر الرقيّ من البئر، حتى رَقِيَ - بفتح الراء وكسر القاف - أي صعد من البئر، فسقى الكلب أي ذلك الماء، زاد في رواية الصحيحين: فأرواه أي جعله ريّاناً. فشكر الله له، أي قبل عمله واستحسنه، ورضي منه، فغفر له تجاوز عن سئاته وأدخله الجنة. واستشكل سقيه الكلب من خفِّه بأن سؤر الكلب ولعابه نجس فيلزم تنجُّس خفّه