الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ اللُّقَطة
(1)
848 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ: أَنَّ ضَوَالَّ الإِبل (2) كَانَتْ فِي زَمَنِ عُمَرَ رضي الله عنه إِبِلا مُرْسَلَةً (3) تَنَاتَجُ لا يَمَسّها
(1) قوله: أن ضوالّ الإِبل، جمع ضالّة (قال الخطابي: الضالة لا يقع على الدراهم والدنانير والمتاع ونحوها، وربّما اسم للحيوان الذي يضل عن أهلها كالإِبل والبقر والطير، كذا في الأوجز 12/301) ، مثل دابّة ودوابّ، والأصل في الضلال الغَيْبة، ومنه قيل للحيوان الضائع ضالّة، ويقال لغير الحيوان ضائع ولقطة يقال: ضلّ البعير إذا غاب وخفي عن موضعه، كذا ذكره الزرقاني نقلاً عن الأزهري.
(2)
قوله: أن ضوالّ الإِبل، جمع ضالّة (قال الخطابي: الضالة لا يقع على الدراهم والدنانير والمتاع ونحوها، وربّما اسم للحيوان الذي يضل عن أهلها كالإِبل والبقر والطير، كذا في الأوجز 12/301) ، مثل دابّة ودوابّ، والأصل في الضلال الغَيْبة، ومنه قيل للحيوان الضائع ضالّة، ويقال لغير الحيوان ضائع ولقطة يقال: ضلّ البعير إذا غاب وخفي عن موضعه، كذا ذكره الزرقاني نقلاً عن الأزهري.
(3)
قوله: إبلاً مرسلة، أي متروكة مهملة لا يتعرّضها أحد. تَنَاتَج، أي
أَحَدٌ، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ زَمَنِ (1) عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَمَرَ بِمَعْرِفَتِهَا وَتَعْرِيفِهَا، ثُمَّ تُباع فَإِذَا جَاءَ صاحبُها (2) أُعطي ثمنَها.
قَالَ مُحَمَّدٌ: كِلا (3) الْوَجْهَيْنِ حسنٌ. إِنْ شَاءَ الإِمام تَرَكَهَا حَتَّى يَجِيءَ أَهْلُهَا، فَإِنْ خَافَ عَلَيْهَا الضَّيْعة (4) أو لم يجد من يرعا (5) ها فباعها،
تتناتج بعضها بعضاً فحذف إحدى التائين. لا يمسّها أحد، أي لا يمسكها أحد، وذلك للنهي عن أخذ ضالّة الإِبل، فعن زيد الجُهني: جاء رجلٌ يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن اللقطة فقال: اعرف عفاصها ووكاءَها وعرِّفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك، قلت: فضالّة الغنم؟ قال: هي لك أو لأخيك أو للذئب - وفي رواية خذها - قلت: فضالة الإِبل؟ قال: ما لك ولها؟ معها سقاؤها ترد الماء وتأكل (في الأصل تروى، وهو خطأ) الشجر، فذرها حتى يجدها ربُّها، أخرجه الأئمة الستة وغيرهم، فظاهره أن ضالّة الإِبل لا ينبغي أخذُها لعدم خوف ضياعها، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد في البقر والإِبل والفرس، إن الترك أفضل، وقال أصحابنا وغيرهم: كان ذلك إذ ذاك لغلبة أهل الصلاح، وفي زمننا لا يأمن وصول يدٍ خائنة، ففي أخذه إحياؤها، فهو أولى. وقد بسط الكلام فيه ابن الهمام، ويؤيد ما قال أصحابنا ما ثبت في زمان عثمان لانقلاب الزمان حيث أمر بتعريفها بعد التقاطها خوفاً من الخيانة ثم يبيعها وإمساك ثمنها في بيت المال لأربابها.
(1)
في نسخة: زمان.
(2)
أي مالكها.
(3)
أي ما كان في زمن عمر وما كان في زمن عثمان.
(4)
بالفتح أي التَّلف والضياع.
(5)
من رعي الكلأ.
ووقَّف (1) ثَمَنَهَا حَتَّى يَأْتِيَ أَرْبَابُهَا فَلا بَأْسَ بِذَلِكَ.
849 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ: أَنَّ رَجُلا وَجَدَ لُقَطة (2) ، فَجَاءَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: إِنِّي وَجَدْتُ لُقَطَةً، فَمَا تَأْمُرُنِي فِيهَا؟ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: عَرِّفْهَا (3)، قَالَ: قَدْ فعلتُ، قَالَ: زِدْ، قَالَ: قَدْ فعلتُ، قَالَ: لا آمُرُكَ (4) أنْ تأكُلَها، لَوْ شئتَ (5) لَمْ تأخُذْها.
850 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يُحَدِّثُ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ ضحَّاكٍ (6) الأَنْصَارِيَّ حَدَّثَه: أَنَّهُ وَجَدَ بَعِيرًا بالحَرّة (7) فعَرَّفه، ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعَرِّفَه، قَالَ ثَابِتٌ لِعُمَرَ: قَدْ شَغَلَني عَنْهُ ضَيْعَتيِ (8) ، فقال
(1) بتشديد القاف من التوقيف، أي جعل ثمنها موقوفاً ومحفوظاً.
(2)
أي شيئاً ملتقطاً، بفتح القاف أو سكونها.
(3)
أي افعل فيه تعريفاً معروفاً في الشرع في المجامع والمجالس.
(4)
أي لا أجيزك أكلها.
(5)
أي كان لك بد من أخذها فإذا أخذتها وجب عليك حفظها لأنه أمانة.
(6)
قوله: أنّ ثابت بن ضَحّاك، بفتح الضاد وتشديد الحاء بن خليفة الأنصاري الأشبيلي، الصحابي الشهير، توفي سنة أربع وستين على الصواب، كما في الإِصابة وغيره.
(7)
بالفتح وتشديد الراء موضع قرب المدينة.
(8)
قوله: ضيعتي، بالفتح بمعنى العقار والمتاع أي شغلني عن تعريفه الاشتغال بعقاري فإني مشغول به لا أجد فرصة أن أُعرِّفها مرّة بعد مرة. وفي "موطأ يحيى": شغلني عن ضيعتي، أي منعني تعريفه عن عقاري.
لَهُ عُمَرُ: أرْسِلْه حَيْثُ وَجَدْتَه (1) .
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهِ نأخُذُ. مَنِ الْتَقَطَ (2) لُقطة تُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا عَرَّفَهَا حَوْلا (3) ، فَإِنْ عُرِفت وَإِلا تَصَدَّقَ بِهَا، فَإِنْ كَانَ (4) مُحْتَاجًا أَكَلَها (5) ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا (6) خَيَّره (7) بَيْنَ الأَجْرِ وَبَيْنَ أَنْ يَغْرِمها (8) له،
(1) أي في المكان الذي وجدته.
(2)
قوله: من التقط لقطة تساوي إلخ، الفرق بين لقطة العشرة فصاعداً وبين لقطة ما دونها مرويّ عن أبي حنيفة. وعنه إن كانت مائتي درهم يُعَرِّفها حولاً، وإن كانت أقلّ منها إلى عشرة يُعرّفها شهراً وإن كانت أقل من العشرة يُعَرِّفها على حسب ما يرى. وعنه أنه إن كان ثلاثة فصاعداً يُعَرِّفعا عشرة أيام، وإن كانت درهماً فصاعداً يعرّفها ثلاثة أيام وإن كانت دانقاً فصاعداً يعرفها يوماً، وشيء من هذا ليس بتقدير لازم. وقال الشافعي ومالك وأحمد بالتعريف بالحول من غير فصل بين القليل والكثير لحديث:"من التقط شيئاً فليُعَرّفه سنةً" أخرجه ابن راهويه، وفي الباب روايات كثيرة في التعريف بالحول وأجيب عنه بأنه ليس بتقدير لازم فورد في رواية: التعريف بثلاثة أعوام أخرجه البخاري من حديث أبيّ بن كعب، وظاهر الأحاديث أن الكثير يعرف فيه حولاً، والعشرة فما فوقها كثير عندنا بدليل تقدير نصاب السرقة والمهر به، وما دونه قليل. والمسألة مبسوطة بحذافيرها في "البناية" و "فتح القدير" وغيرهما.
(3)
أي سنة كاملة.
(4)
أي الملتقط.
(5)
قوله: أكلها، يشير إلى أنه لو كان غنياً لم يأكلها لعدم الضرورة بل يحفظ أو يتصدق على المساكين.
(6)
أي مالكها.
(7)
أي الملتقط من التخيير.
(8)
أي يضمنها له.
وَإِنْ كَانَ قِيمَتُهَا أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَرَّفَهَا عَلَى قَدْرِ (1) مَا يَرَى أَيَّامًا، ثُمَّ صَنَعَ بِهَا كَمَا صَنَعَ (2) بِالأُولَى، وَكَانَ الْحُكْمُ فِيهَا إِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا كَالْحُكْمِ فِي الأُولَى، وَإِنْ رَدَّهَا (3) فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ بَرِئَ مِنْهَا، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضَمَانٌ.
851 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَهُوَ مُسْنِدٌ (4) ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ: مَنْ أَخَذَ ضَالّة فَهُوَ ضَالٌّ (5) .
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نأخُذ. وَإِنَّمَا (6) يَعْنِي بذلك من أخذها ليَذهب
(1) أي حسب ما يظن أياماً معدودة أنه إذا عَرَّفَ فيها ظهر مالكها إنْ كان.
(2)
أي يتصدق أو يأكل.
(3)
أي اللقطة.
(4)
قوله: وهو مسند ظهره إلى الكعبة، فيه جواز الجلوس مستنداً بالكعبة وبجدار القبلة في المسجد، وجواز جعل الكعبة وجهتها خلفه، وهو ثابت بآثار أُخر أيضاً.
(5)
قوله: فهو ضالّ، أي عن طريق الصواب أو آثم أو ضامن إن هلكت عنده، عبر به عن الضمان للمشاكلة، وأصل هذا في حديث معروف أخرجه أحمد عنده، عبر به عن الضمان للمشاكلة، وأصل هذا في حديث معروف أخرجه أحمد ومسلم والنسائي عن زيد مرفوعاً:"من آروى ضالّة فهو ضالّ ما لم يُعَرِّفْها" فقيّد الضلال بمن لم يُعَرِّفها، فلا حجة لمن كره اللقطة مطلقاً في أثر عمر هذا، ولا في قوله صلى الله عليه وسلم:"ضالّة المسلم حرق النار" أخرجه النسائي بإسناد صحيح عن الجارود العبدي، لأن الجمهور حملوه على ما إذا أخذه من غير تعريف، كذا في "شرح الزرقاني".
(6)
قوله: إنما يعني بالمعروف، أي إنما يريد عمر رضي الله عنه بقوله: من