المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الدِّيات

- ‌1 - بَابُ الدِّيَةِ فِي الشَّفَتَيْن

- ‌2 - بَابُ دِيَةِ الْعَمْدِ

- ‌4 - بَابُ دِيَةِ الأَسْنَانِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يَرِثُ مِنْ دِيَةِ امْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةُ تَرِثُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا

- ‌8 - باب الجروح وما فيها من الأرش

- ‌9 - بَابُ دِيَةِ الْجَنِينِ

- ‌11 - بَابُ الْبِئْرِ جُبار

- ‌13 - بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌1 - بَابُ الْعَبْدِ يَسْرِقُ مِنْ مَوْلاهُ

- ‌7 - بَابُ الْمُخْتَلِسِ

- ‌أبواب الحُدودِ في الزنَاء

- ‌1 - باب الرجم

- ‌2 - باب الإِقرار بالزناء

- ‌5 - بَابُ الْحَدِّ فِي التَّعْرِيضِ

- ‌6 - بَابُ الحدِّ فِي الشُّرْبِ

- ‌7 - بَابُ شُرْبِ البِتْعِ والغُبَيْرَاء وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌8 - بَابُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَمَا يُكره مِنَ الأَشْرِبَةِ

- ‌11 - بَابُ نَبِيذِ الطِّلاء

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌1 - بَابُ مِيرَاثِ الْعَمَّةِ

- ‌2 - بَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَلْ يُورَثُ

- ‌3 - بَابُ لا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ

- ‌4 - بَابُ مِيرَاثِ الْوَلاءِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يُوصِي عِنْدَ مَوْتِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ

- ‌3 - بَابُ مَنْ جَعَل عَلَى نَفْسِهِ الْمَشْيُ ثُمَّ عَجَزَ

- ‌4 - بَابُ الاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ

- ‌5 - بَابُ الرَّجُلِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ

- ‌6 - بَابُ مَنْ حَلَفَ أَوْ نَذَرَ فِي مَعْصِيَةٍ

- ‌8 - بَابُ الرَّجُلِ يَقُولُ: مَالُه فيِ رِتَاج الْكَعْبَةِ

- ‌9 - بَابُ اللَّغْو مِنَ الأَيْمان

- ‌4 - بَابُ مَا يُكره مِنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ

- ‌5 - بَابُ مَا لَمْ يُقبض مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الشَّعِيرَ بِالْحِنْطَةِ

- ‌13 - بَابُ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ

- ‌14 - بَابُ شِرَاءِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ

- ‌15 - بَابُ الرَّجُلِ يُساوِمُ الرجلَ بِالشَّيْءِ فَيَزِيدُ عَلَيْهِ أَحَدٌ

- ‌16 - بَابُ مَا يُوجِبُ الْبَيْعَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي

- ‌20 - بَابُ الِاشْتِرَاطِ فِي الْبَيْعِ وَمَا يُفْسِده

- ‌22 - بَابُ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ وَلَهَا زَوْجٌ أَوْ تُهدى إِلَيْهِ

- ‌28 - بَابُ الْقَضَاءِ

- ‌29 - بَابُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ

- ‌30 - بَابُ النُّحْلَى

- ‌4 - بَابُ مَا يُكره مِنْ قَطْعِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ

- ‌10 - بَابُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَاتِ وَادِّعَاءِ النَّسَب

- ‌11 - بَابُ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ

- ‌13 - بَابُ الرَّهْن

- ‌14 - بَابُ الرَّجُلِ يَكُونُ عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطة

- ‌1 - باب الشفعة

- ‌1 - بَابُ المكاتَب

- ‌أَبْوَابُ السِّيَر

- ‌3 - بَابُ قَتْلِ النِّسَاءِ

- ‌4 - بَابُ الْمُرْتَدِّ

- ‌5 - بَابُ مَا يُكره مِنْ لُبْس الْحَرِيرِ والدِّيباج

- ‌8 - بَابُ نُزُولِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ وَمَا يُكره مِنْ ذَلِكَ

- ‌9 - بَابُ الرَّجُلِ يُقيم الرجلَ مِنْ مَجْلِسِهِ لِيَجْلِسَ فِيهِ وَمَا يُكره مِنْ ذَلِكَ

- ‌10 - بَابُ الرُّقَى

- ‌11 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْفَأْلِ وَالِاسْمِ الْحَسَنِ

- ‌12 - بَابُ الشُّرْبِ قَائِمًا

- ‌14 - بَابُ الشُّرْبِ وَالأَكْلِ بِالْيَمِينِ

- ‌17 - بَابُ فَضْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌22 - بَابُ الاسْتِئْذَانِ

- ‌25 - بَابُ النَّظَرِ إِلَى اللَّعِبِ

- ‌27 - بَابُ الشَّفَاعَةِ

- ‌28 - باب الطيب للرجل

- ‌29 - بَابُ الدُّعَاءِ

- ‌30 - بَابُ رَدِّ السَّلامِ

- ‌31 - بَابُ الدُّعَاءِ

- ‌34 - بَابُ مَا يُكره مِنْ أَكْلِ الثُّومِ

- ‌35 - بَابُ الرُّؤْيَا

- ‌36 - بَابُ جَامِعِ الْحَدِيثِ

- ‌27 - بَابُ الزُّهْدِ وَالتَّوَاضُعِ

- ‌38 - بَابُ الْحُبِّ فِي اللَّهِ

- ‌39 - بَابُ فَضْلِ الْمَعْرُوفِ وَالصَّدَقَةِ

- ‌40 - بَابُ حَقِّ الْجَارِ

- ‌41 - بَابُ اكْتِتَابِ الْعِلْمِ

- ‌42 - بَابُ الْخِضَابِ

- ‌45 - بَابُ النَّفْخِ فِي الشُّرْب

- ‌48 - بَابُ صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌49 - بَابُ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا يُستحب مِنْ ذَلِكَ

- ‌50 - بَابُ فَضْلِ الْحَيَاءِ

- ‌51 - بَابُ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ

- ‌52 - بَابُ حَقِّ الضِّيَافَةِ

- ‌56 - بَابُ النَّوَادِرِ

- ‌59 - بَابُ كَسْب الحَجّام

- ‌60 - بَابُ التَّفْسِيرِ

- ‌[خاتمة المعلق]

الفصل: ‌56 - باب النوادر

‌56 - بَابُ النَّوَادِرِ

(1)

956 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ (2) الْمَكِّيُّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أَغْلِقُوا الباب (3) ، وأَوْكُوا السِّقاء،

(1) أبو الزبير: محمد بن مسلم بن تَدْرُس.

(2)

أبو الزبير: محمد بن مسلم بن تَدْرُس.

(3)

قوله: أغلقوا الباب، بفتح الهمزة من الإِغلاق، أي حراسةً للنفس والمال من أرباب الفساد والشيطان. وأَوْكُوا، بفتح الهمزة وسكون الواو من الإِيكاء أي اربطوا. السِّقاء، بكسر السين القِرْبة التي يُسقى منها أي شُدّوا رأسها بالوِكاء وهو بالكسر الخيط الذي يُشدُّ به فم القِرْبة، وهذا للمنع من الشيطان واحتراز عن الوباء الذي ينزل في ليلة من السَّنةَ كما ورد به في الأخبار. وأكْفِئُوا الإِناء، بقطع الهمزة وكسر الفاء، وبوصلها وضمّ الفاء الأولى رُباعي، والثاني ثلاثي أي اقلبوه ولا تتركوا للعق الشيطان والهوامّ المؤذية. أو خمِّروا، من التخمير بمعنى تغطية الإِناء، قيل: إنه شك من الراوي، وقيل: هو من الحديث أي أكفوه إن كان خالياً وخمّروه إن كان شاغلاً، وأطفئوا المصباح، من الإِطفاء أي عند الرُّقاد. فإن الشيطان لا يفتح غَلَقاً بفتحتين أي باباً مُغْلَقاً إذا ذُكر اسم الله عليه. ولا يَحلّ، بفتح حرف المضارع وضم الحاء. وِكاءً، خيطاً رُبط به. ولا يكشف إناءً، إذا خُمِّر أو أُكفي. وإن الفويسقة تصغير الفاسقة أي الفأرة. تَضْرِمُ (قال القاري: بضم التاء وكسر الراء المخففة، وفي نسخة: بتشديدها أي توقد النار وتحرق. مرقاة المفاتيح 8/231) بفتح حرف المضارع وكسر الراء من الضرم أي تُوقِد على الناس بيتهم بأن تجرّ الفتيلة المشتعلة فتلقيها على ثوب أو غيره، وهذه الأوامر إرشادية (ويحتمل أن تكون للندب لا سيما فيمن ينوي امتثال الأمر. كذا في المرقاة) ، وفيها منافع دينية ودنيوية، كذا في "شرح الزرقاني" وغيره.

ص: 494

وأَكفئوا الإِناء - أَوْ خمِّروا الإِناء - وَأَطْفِئُوا الْمِصْبَاحَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لا يَفْتَحُ غَلَقاً، وَلا يَحُلّ وِكاءً، وَلا يَكْشِفُ إِنَاءً، وَإِنَّ الفُوَيْسِقَة تَضْرِم عَلَى النَّاسِ بيتَهم (1) .

957 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الْمُسْلِمُ يَأْكُلُ فِي مِعى وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سبعة أمعاء (2) .

(1) في نسخة: بيوتهم.

(2)

قوله: في سبعة أمعاء، جمع مِعًى بالكسر مقصوراً وهو الأشهر، وفيه الفتح والمد، وجمع المقصور أمعاء، كعنب وأعناب، والممدود أمعية كحمار وأحمرة. وقد رُوِي هذا الحديث في الصحيحين وغيرهما بطرق عديدة، واختلفوا في معناه لما أن الحسِّ يرفعه فرُبَّ كافر يأكل قليلاً والمسلم كثيراً، فقيل: إن اللام عهدية، والمراد خاص، وهو ما في "صحيح البخاري" عن أبي هريرة: أن رجلاً كان يأكل كثيراً، فأسلم، فكان يأكل قليلاً فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن المؤمن يأكل في مِعًى واحد، الحديث. وبهذا جزم ابن عبد البَرّ وقال: لأنَّ المعانية وهي أصحّ علوم الحواسّ تدفع أن يكون ذلك في كل مؤمن وكافر، وقيل: ليست حقيقية العدد مرادة بل المراد قلة أكل المؤمن، وكثرة أكل الكافر، وقيل: المؤمن لقلة حرصه يشبعه ملأ معى واحد، والكافر لا يشبعه إلَاّ ملأ أمعائه السبعة، وقيل: المؤمن إذا أكل سمّى، والكافر لم يسمّ فيشترك معه الشيطان، فيأكل كثيراً. والحكم على هذه الأقوال غالبيّ، وقيل غير ذلك، كما بسطه الزرقاني في "شرحه"

ص: 495

958 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا صَفْوَانُ بْنُ سُلَيم (1) يَرْفَعُهُ (2) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: السَّاعِي (3) عَلَى الأَرْمِلَةِ (4) وَالْمِسْكِينِ، كَالَّذِي (5) يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ (6) كَالَّذِي يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ.

959 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنِي ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ الدِّيلِيُّ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ (7) مَوْلَى أَبِي مُطِيعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مثلَ ذَلِكَ.

(وبسط شيخنا في الأوجز 14/259) .

(1)

بالتصغير.

(2)

أي يجعل صفوان هذا الخبر مرفوعاً.

(3)

أي بالخدمة والنفقة (قال الحافظ: معنى الساعي الذي يذهب ويجيء في تحصيل ما ينفع الأرملة والمسكين. فتح الباري 9/499) .

(4)

قوله: على الأرْمِلة، بفتح الهمزة وسكون الراء وكسر الميم، المرأة التي مات زوجها وهي فقيرة وجمعها الأرامل، والحديث مخرَّج عند الشيخين والنسائي وأحمد والترمذي وابن ماجه من رواية أبي هريرة، ذكره القاري.

(5)

أي في الثواب.

(6)

قال القاري للشك أو للتنويع.

(7)

قوله: عن أبي الغيث (أبو الغيث: مولى ابن مطيع لا أبي مطيع كما في التقريب (1/281) واسم أبي الغيث سالم المدني ثقة من الثالثة) مولى أبي مطيع، ذكر في "تهذيب التهذيب" و "التقريب" مولى ابن مطيع، وأنّ اسم أبي الغيث سالم المدني، ذكره ابن حبان في "الثقات" (قال ابن حبان: أبو الغيث، مولى عبد الله بن مطيع بن الأسود القرشي، عداده في أهل المدينة يروي عن أبي هريرة، روى عنه ثور بن يزيد. كتاب الثقات (4/306)) وثقه ابن سعد وابن معين.

ص: 496

960 -

أخبرنا مالك، أخبرنا محمد بن عبد الله بْنِ صَعْصعة، أَنَّهُ سَمِعَ سعيدَ بْنَ يَسَار (1) أَبَا الحُباب (2) يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: من يُرِيد اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ (3) .

961 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ وَحَمْزَةَ (4) ابنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ الشُّؤْمَ (5) فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالْفَرَسِ.

(1) بفتح الياء والسين.

(2)

بضم الأول.

(3)

قوله: يُصِبْ منه، قال القاري: أي ابتلاه بالمصائب والأمراض وهو بضم أوله وكسر ثانيه، وفاعله ضمير راجع إلى الله، وضمير "منه" راجع إلى "مَنْ"، والرواية بالبناء للفاعل في الأشهر على ما ذكره السيوطي، والحديث رواه البخاري وأحمد.

(4)

هو شقيق سالم بن عبد الله، مدني ثقة كذا في "التقريب".

(5)

قوله: إن الشؤم، بضم الشين، وواوه همزة خُفِّفَت فصارت واواً وهو ضد اليُمْن. في المرأة والدار والفرس، أي كائن فيها، وقد اختلفوا في معناه لكونه مخالفاً لظاهر الأحاديث الواردة بنفي الطِّيَرة ونفي الشؤم على أقوال، منها: ما أشار إليه صاحب الكتاب من أن أصل الحديث إن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس، فليس فيه إثباته فيها بل معناه إنْ كان في شيء ففي هذه الأشياء لكنه ليس فيها ولا في غيره، وهذا اللفظ أخرجه مالك وأحمد والبخاري وابن ماجه من حديث سهل بن سعد، والشيخان من حديث ابن عمر، ومسلم والترمذي من حديث جابر، وفيه أن بعض طرق الحديث مصرِّحة بوجود الشؤم في هذه الأشياء ففي بعضها عند الشيخين "لا عدوى وطِيَرة، إنما الشؤم في ثلاثة". ومنها: أنه إخبار عما كان يعتقده أهل الجاهلية، وقد أنكرت عائشة على أبي هريرة حين سمعت أنه يروي ذلك،

ص: 497

قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنَّمَا بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ.

962 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: كنت مع عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِالسُّوقِ عِنْدَ دَارِ خَالِدِ (1) بْنِ عُقْبَةَ، فَجَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ (2) أَنْ يُناجِيَه، وَلَيْسَ مَعَهُ أحدٌ غَيْرِي وَغَيْرُ الرَّجُلِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يُناجِيَه، فَدَعَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَجُلا آخَرَ حَتَّى كُنَّا أَرْبَعَةً (3) قال (4) : فقال لي

وقالت: ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما قال: إن أهل الجاهلية كانوا يطيِّرون بذلك. وفيه أنه لا معنى لإِنكاره فقد وافق أبا هريرة جمعٌ من الصحابة بروايته من غير ذكر الجاهلية. ومنها: وهو أرجحها أن الشؤم يكون في هذه الثلاثة غالباً بحسب العادة لا بحسب الخلقة ولا يكون شيء من ذلك إلا بقضاء الله وقدره، فمن وقع شيء من هذه الأشياء أبيح له تركه، وهناك أقوال أُخَر أيضاً مبسوطة، في" فتح الباري"(6/61، وفي بذل المجهود 16/251، أن الطيرة بمعنى الشؤم الذاتي والنحوسة الذاتية منتفية حيث أوردها بلفظ إن الشرطية الدالة على أنه غير واقع، فالمعنى لو تحقق الشؤم في شيء بهذا المعنى لكان في هذه الثلاثة لكنه غير متحقق فيها فلا يتحقق في شيء، وأما الشؤم بمعنى ما يلحق من المضار أحياناً أو قلة الجدوى في بعض أفرادها نسبة إلى البعض الآخر منها فغير منفي بل أثبته بعد قوله الشؤم في الدار إلى آخره) وغيره.

(1)

قوله: خالد بن عُقْبة، بضم العين وسكون القاف ابن أبي معيط القريشي الأموي، صحابي من مُسلمة الفتح وداره كانت بسوق المدينة، ذكره الزرقاني.

(2)

أي يقصد أن يُسارِرَ ابن عمر.

(3)

أي صرنا أربعة أنا وابن عمر والمناجي وآخر.

(4)

أي ابن دينار.

ص: 498

وَلِلرَّجُلِ الَّذِي دَعَا: اسْتَرْخِيَا (1) شَيْئًا فَإِنِّي سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يَتَنَاجَى (2) اثْنَانِ دُونَ وَاحِدٍ (3) .

963 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ (4) : إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لا يسقط ورقُها، وإنها

(1) أي استأخرا عن هذا الموضع قليلاً بحيث لا يسمعان التناجي.

(2)

بألف مقصورة.

(3)

قوله: اثنان دون واحد، لأنه يُوقع الحزن والملال في قلبه، وقد يخطر بباله أن التناجي في ما يتعلق بحاله فيتأذّى به، وهو منافٍ لحُسْن العِشرة والمودَّة، وخصه بعضهم بالسفر لأنه مظنة الخوف وليس بجيِّد، بل العلة عامة والحكم يعُمُّ بعمومها.

(4)

قوله: قال، في رواية للبخاري: قال ابن دينار: صحبت ابن عمر إلى المدينة فقال: كنّا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأُتي بجُمَّارة، فقال: إن من الشجر أي من جنسه شجرةً بالنصب اسم لإِنّ وخبرها مقدم، والتنوين للتنويع أي نوعاً لا يسقط بضم القاف معروف، فاعله وَرَقُها بفتحتين أي في أيام سقوط أوراق الأشجار. وإنها، بكسر الهمزة أي تلك الشجرة. مثل، بكسر الميم أو بفتحتين. المسلم، أي حاله العجيب الغريب، وصفته كصفة تلك الشجرة، ووجه الشبه أنه كما لا يسقط ورقها، وكذلك لا يذهب نور إيمانه ولا تسقط دعوته كما هو عند الحارث ابن أبي أسامة عن ابن عمر: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال: إن مثل المؤمن كمثل شجرة لا يسقط لها أنملة، أتدرون ما هي؟ قالوا: لا، قال: هي النخلة، لا يسقط لها أنملة (في الأصل أبلمة، وهو تحريف والصواب أنملة كما في فتح الباري 1/145) ولا يسقط لمؤمن دعوة فحدِّثوني ما هي؟ خطاب إلى الحاضرين من الصحابة، واستُفيد منه جواز اختبار العالم حُضَّار مجلسه. قال فوقع

ص: 499

مَثَلُ الْمُسْلِمِ فحدِّثوني مَا هِيَ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي، فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، قَالَ: فاستحييتُ، فَقَالُوا: حَدِّثْنا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هِيَ؟ قَالَ: النَّخْلَةُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فحدَّثتُ (1) عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِالَّذِي وَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ لأَنْ تَكُونَ (2) قُلْتَها أحبُّ إليَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي كَذَا وَكَذَا.

964 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: غِفار (3) غَفَرَ اللَّهُ لَهَا، وَأَسْلَمُ: سَالَمَهَا اللَّهُ وعُصَيَّةُ: عصتِ الله ورسولَه.

الناس في شجر البوادي، أي ذهبت أفكارهم إلى أشجار البادية دون النخلة. فوقع في نفسي أنها النخلة، أي ظننت أن هذه التي شُبِّه بها المسلم هي النخلة. فاستحييت، من أن أتكلم بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أبو بكر وعمر وغيرهما من أكابر الصحابة توقيراً لهم وهيبةً. فقالوا: حدَّثنا، بصيغة الأمر، كذا في "فتح الباري" وغيره.

(1)

أي أخبرته بأنه وقع في قلبي ولم أذكره حياءً.

(2)

أي أن قولك إنها النخلة في الحضرة النبوية عند اختباره كان أحبَّ لي من كذا وكذا من الدنيا لأنه منقبة عظيمة.

(3)

قوله: غِفار، قال القاري: منوَّناً، وغير منوَّن: رهطٌ منهم أبو ذر الغِفاري. غفر الله لها، أي أقول ذلك في حقهم، وكان بنو غفار يسرقون الحُجَّاج فدعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما أسلموا ليذهب عنهم ذلك العار. وأسلم، بالفتح قبيلة أخرى. سالمها الله، أي صنع الله ما يوفقهم ولا يؤذيهم. وإنما دعا لهما لأنهما دخلا في الإِسلام بغير حرب. وعُصَيَّة، يالتصغير جماعة قتلوا قُرَّاء بئر معونة عصت الله ورسوله.

ص: 500

965 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا حِينَ نُبَايِعُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على السَّمْعِ (1) وَالطَّاعَةِ (2) يَقُولُ لَنَا: فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ (3) .

966 -

أَخْبَرَنَا مالك، أخبرنا عبد الله بن دينار، عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِ (4) الحِجْر: لا تَدْخلوا عَلَى هَؤُلاءِ الْقَوْمِ المعذَّبين (5) إلَاّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلا تَدْخُلُوا عليهم أنْ يصيبكم (6) مثلَ ما أصابهم.

(1) أي سمع الأوامر والنواهي.

(2)

أي طاعة الله ورسوله وأولي الأمر.

(3)

بكمال شفقته (قال صاحب المحلى: أي يلقن أحدهم أن يقول: "فيما استطعت" لئلا يدخل في بيعته ما لا يطيقه، قاله النووي، كذا في الأوجز 15/257) .

(4)

قوله: لأصحاب الحِجْر، بكسر الحاء وسكون الجيم أي في حقهم، وهم ثمود قوم صالح المذكورون في قوله تعالى:(ولَقَدْ كَذَّبَ أصْحَابُ الحِجْرِ المُرْسَلِين)(سورة الحجر: الآية 80) وحِجْر مدينتهم بين المدينة النبوية وبين الشام، وكان مروره صلى الله عليه وسلم عليها في سنة غزوة تبوك، ولمّا مرّ به قال: لا تدخلوا مسكن الذين ظلموا إلَاّ أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل ما أصابهم، وتقنَّع بردائه وأسرع السير حتى جاز الوادي، ذكره البغوي في "تفسيره".

(5)

بصيغة المفعول.

(6)

أي كراهة أن يصيبكم مثله أو لئلّا يصيبكم مثله.

ص: 501

967 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي مُحَيريز (1) قَالَ: أدركتُ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ: مِنْ (2) أَشْرَاطِ (3) السَّاعَةِ الْمَعْلُومَةِ الْمَعْرُوفَةِ (4) أَنْ تَرَى (5) الرَّجُلَ يَدْخُلُ الْبَيْتَ لا يشُكُّ مَنْ رَآهُ أَنْ يَدْخُلَهُ لِسُوءٍ (6) غَيْرَ أَنَّ الجُدُر (7) تُوارِيه.

968 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنِي عَمِّي أَبُو سُهَيْلٍ (8) قَالَ: سمعتُ أَبِي (9) يَقُولُ: مَا أَعْرِفُ (10) شَيْئًا مِمَّا كَانَ النَّاسُ عَلَيْهِ إلَاّ النداء بالصلاة.

(1) قوله: عن أبي مُحَيْريز، بضم الميم وفتح الحاء وسكون الياء وكسر الراء ثم سكون الياء ثم زاء معجمة. وفي نسخة ابن محيريز وهو أبو محيريز عبد الله بن محيريز بن جنادة المكي، من رهط أبي محذورة كان يتيماً في حَجره، روى عن أبي محذورة وأبي سعيد الخُدري ومعاوية وعبادة بن الصامت، وأمّ الدرداء وغيرهم، تابعي ثقة من خيار المسلمين، كذا في "التهذيب التهذيب".

(2)

تبعيضية، والغرض منه بيان فساد الزمان وشيوع العصيان.

(3)

جمع شرط بالفتح بمعنى العلامة.

(4)

صفة للساعة أو للأشراط.

(5)

بصيغة الخطاب.

(6)

أي لمعصية من زنا أو سرقة.

(7)

بضمتين، جمع جدار يعني أن الجدر تستره.

(8)

اسمه نافع.

(9)

هو مالك بن أبي عامر الأصبحي جدّ الإِمام مالك.

(10)

قوله: ما أعرف شيئاً مما أدركت الناس، أي الصحابة. عليه إلَاّ النداء

ص: 502

969 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنِي (1) مُخْبِرٌ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنِّي (2) أُنَسىَّ لأَسُنَّ.

بالصلاة، أي الأذان فإنه باقٍ على ما كان عليه، لم يدخل فيه تغيُّر ولا تبديل بخلاف غيره حتى الصلاة فقد أُخِّرت عن أوقاتها، كذا قال الباجي، ومما يوافقه قول أبي الدرداء حيث دخل على أمّ الدرداء مُغْضَباً فقالت: ما أغضبك؟ فقال: والله ما أعرف من أمة محمد صلى الله عليه وسلم شيئاً إلَاّ أنهم يصلون جميعاً. وهذا بالنسبة إلى زمان الصحابة والتابعين، فكيف لو رأيا زماننا هذا الذي شاعت فيه البدعات وراجت المنكرات أو اتُّخذت البدعة سنة، والسنَّة بدعة، وصار المنكر معروفاً والمعروف منكراً، فإنا لله وإنّا إليه راجعون.

(1)

قوله: أخبرني مخبر، قال ابن عبد البر: لا أعلم هذا الحديث روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسنداً ولا مقطوعاً من غير هذا الوجه، وهو أحد الأحاديث الأربعة التي لا توجد في غير "الموطأ" مسندة ولا مرسلة ومعناه صحيح في الأصول. انتهى. قال الزرقاني: وما وقع في "فتح الباري" أنه لا أصل له فمعناه يُحتجُّ به لأنَّ البلاغ من أقسام الضعيف وليس معناه أنه موضوع إذ ليس البلاغ بموضوع عند أهل الفن لا سيَّما من مالك.

(2)

قوله: إني أُنَسّى، قال القاري: بتشديد السين بمعنى على المفعول أي يرد عليَّ النسيان. لأَسُنَّ، بفتح فضم فتشديد أي لأبين طريقاً يسلك في الدين فهو سبب لإِيراد النسيان وعروضه. انتهى. ووقع في "موطأ يحيى": إني لأَنْسَى أو أُنَسَّى لأسُنَّ، الأول بصيغة المعروف والثاني بصيغة المجهول، وأو للشك عند بعضهم، وقال عيسى بن دينار، وابن نافع: ليست للشك، بل معنى ذلك أنسى أنا أو يُنسِّني الله، ووجهه أن يُراد: إني لأَنْسَى في اليقظة وأُنَسّى في النوم فأضاف النسيان في اليقظة إليه، لأنها حالة التحرُّز، والنسيان في النوم إلى الله لما كانت حالاً لا يقبل التحرز، ويحْتمل أن يراد: إني أنسى حسب ما جرت به العادة من النسيان مع السهو والذهول، أو أُنَسّى مع تذكُّر الأمر، فأضاف الثاني إلى الله كذا

ص: 503

970 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، بْنُ أَنَسٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَادَةَ (1) بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ عُتْبَةَ: أَنَّهُ رَأَى (2) رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُسْتَلْقِيًا (3) فِي الْمَسْجِدِ (4) ، وَاضِعًا إِحْدَى يديه (5) على الأخرى.

ذكره الباجي. وذكر القاضي عياض في "الشفا" أنه رُوي: إني لا أنسى ولكني أُنَسَّى لأسنّ، وروي: لست أنسى ولكني أُنَسَّى لأسن.

(1)

قوله: عَنْ عُبَادَةَ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ عُتْبَةَ، هكذا وجدنا في نسخ عديدة. والذي في "موطأ يحيى": مالك، عن عباد عن تميم المازني، عن عمه، وهكذا أخرجه البخاري في أبواب المساجد، وأبواب اللباس، وأبواب الاستئذان، ومسلم في أبواب اللباس، وأبو داود في الأدب، والترمذي في الاستئذان، وقال: حسن صحيح، والنسائي في الصلاة: كلهم من طريق مالك. ونص الترمذي على أن عمّ عباد بن تميم المازني هو عبد الله بن زيد المازني، وكذا نص عليه شُرّاح صحيح البخاري: ابن حجر في "فتح الباري"، والعيني في "عمدت القاري"، والكرماني في "الكواكب الدراري"، والقسطلاّني في "إرشاد الساري". وذكروا أيضاً أن عَبّاد بفتح العين وتشديد الباء، وأن عبد الله بن زيد عَمُّه أخو أبيه لأمه، وقد مرَّ منا ذكرهما في ما سبق.

(2)

فيه جواز الاستلقاء والاتكاء وأنواع الاستراحة في المسجد.

(3)

حال.

(4)

أي المسجد النبوي.

(5)

قوله: واضعاً إحدى يديه على الأخرى، قال الخطّابي: فيه بيان جواز هذا الفعل، والنهي الوارد فيه، وهو ما رُوي عن جابر: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضع الرجل إحدى يديه على الأخرى وهو مستلقٍ، أخرجه مسلم وغيره منسوخ، وبه جزم ابن بطّال، وقال الحافظ ابن حجر: الظاهر أنه فعل ذلك لبيان الجواز، وكان ذلك في وقت الاستراحة لا في مجتمع الناس لما عُرف من عادته صلى الله عليه وسلم من الجلوس بينهم

ص: 504

971 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَا يَفْعَلانِ ذَلِكَ (1) .

قَالَ مُحَمَّدٌ: لا نَرَى بِهَذَا بَأْسًا. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله.

972 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: قِيلَ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها: لَوْ دُفِنْتِ (2) مَعَهُمْ قَالَ: قَالَتْ: إِنِّي إِذًا لأَنا (3) الْمُبْتَدِئَةُ بِعَمَلِي.

973 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ قَالَ: قَالَ سَلَمَةُ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: مَا شَأْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ لَمْ يُدْفن مَعَهُمْ (4) ؟ فَسَكَتَ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ قَالَ: إِنَّ النَّاسَ كانوا يومئذٍ متشاغلين (5) .

بالوقار التام. وجمع البيهقي والبغوي بأن النهي حيث يخشى بدوّ العورة والجواز حيث يُؤمَن ذلك. وهو أولى من دعوى أن النهي منسوخ لأن النسخ لا يثبت بالاحتمال.

(1)

قوله: كانا يفعلان ذلك، وكذا نُقل فعل ذلك أي الاستلقاء واضعاً إحدى رجليه على الأخرى عن ابن مسعود وابن عمر وأسامة بن زيد وعثمان وانس، أخرجه ابن أبي شيبة، وبه قال الحسن البصري والشعبي وابن المسيِّب ومحمد بن الحنفية وغيرهم. ورُوي عن محمد بن سيرين ومجاهد وطاووس والنخعي وابن عباس وكعب بن عجرة الكراهة، كذا في "عمدة القاري".

(2)

أي لو وَصَّيْتِ بأن تدفني مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر في الحجرة لكان أحسن.

(3)

أي إني حينئذٍ لمستأنفة بعملي في المستقبل، ويحبط عملي الماضي، يعني لو فعلتُ ذلك لحبط عملي كأنها قالته تواضعاً وأدباً.

(4)

أي مع نبيِّه وضجيعَيْه.

(5)

أي في أمر الفتنة فلم يتيسِّر لهم ذلك ودفنوه بقرب البقيع.

ص: 505

974 -

أخبرنا مالك، أخبرنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار (1) : أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ وُقِيَ (2) شَرَّ اثْنَيْنِ وَلَجَ (3) الجنَّة - وَأَعَادَ (4) ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ - مَنْ وُقِيَ شَرَّ اثْنَيْنِ وَلَجَ الْجَنَّةَ مَا بَيْنَ لحَيَيْه وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ.

975 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عِيسَى (5) بْنَ مَرْيَمَ عليه السلام كَانَ يَقُولُ: لا تُكثروا (6) الْكَلامَ بِغَيْرِ ذِكْرِ الله، فتقسُوَ (7) قلوبُكم

(1) قوله: عن عطاء بن يسار، مرسلاً بلا خلاف أعلمه عن مالك، قاله ابن عبد البر. قال الزرقاني: ورواه البخاري والترمذي موصولاً من حديث سهل بن سعد، والعسكري وابن عبد البر وغيرهما عن جابر، والترمذي والحاكم وابن حبان عن أبي هريرة، والبيهقي والديلمي عن أنس.

(2)

مجهول أي حُفظ.

(3)

من الولوج بمعنى الدخول.

(4)

قوله: وأعاد، أي أعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا القول ثلاث مرات، وقال له رجل في كل مرة ألا تخبرنا؟ فسكت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرة الرابعة مفسِّراً "من وُقي شرّ إثنين ولج الجنة". ما بين لَحْيَيْه - بفتح اللام: هما العظمان النابتتان في جانب الفم اللتان عليهما شعر اللحية وما بينهما هو اللسان - وما بين رجليه يعني فرجه، ووقع في "موطأ يحيى" تكرارها العبارة ما بين لحييه وما بين رجليه ثلاث مرات، قال ابن بطال: دل الحديث على أن أعظم البلايا على المرء في الدنيا لسانه وفرجه فمن وُقِيَ شرَّهما وُقِيَ أعظم الشرّ.

(5)

خاتم أنبياء بني إسرائيل.

(6)

أي بل أكثروا ذكر الله.

(7)

بالنصب أي بسبب الغفلة عن الله.

ص: 506

فَإِنَّ الْقَلْبَ (1) الْقَاسِيَ بَعِيدٌ مِنَ (2) اللَّهِ تَعَالَى وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ (3) وَلا تَنْظُرُوا فِي ذُنُوبِ النَّاسِ كَأَنَّكُمْ أَرْبَابٌ (4) وَانْظُرُوا فِيهَا كَأَنَّكُمْ (5) عَبِيدٌ، فَإِنَّمَا النَّاسُ (6) مُبتَلًى (7) ومُعافىً فَارْحَمُوا (8) أَهْلَ الْبَلاءِ (9) واحمدوا الله تعالى على العافية (10) .

(1) تعليل للنهي.

(2)

أي من رحمته ولطفه.

(3)

قوله: ولكن لا تعلمون، أي هذا الأمر أنَّ كثرة الكلام بغير الذكر يُقسي القلب، وأنه بعيد من الله، وورد مثل هذا عن نبينا صلى الله عليه وسلم: لا تُكثر الكلام بغير ذكر الله، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوةٌ للقلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي، أخرجه الترمذي.

(4)

جمع رب أي لا تنظروا إلى المذنبين بنظر الحقارة كما ينظر الربّ إلى عبده.

(5)

ليحصل لكم الخشية والخوف.

(6)

أي لا يخلو الناس عن أحد هذين.

(7)

أي بالذنوب (أو العاهات والمصائب كذا في الأوجز 15/280) .

(8)

بالدعاء لهم، وستر عيبوهم.

(9)

أي المبتلين بالذنوب.

(10)

من الذنوب.

ص: 507

976 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنِي سُمَيٌّ (1) مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (2) السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: السَّفَرُ قِطْعَةٌ (3) مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أحدَكم نومَه وطعامَه وشرابه، فإذا قضى

(1) قوله: حدَّثني سمّي، هكذا عند جميع رواة الموطأ إلَاّ أنَّ عند بعضهم:"عن سُمَيّ" بدون ذكر التحديث، وشذّ خالد بن مخلد، فقال: مالك، عن سهيل أخرجه ابن عدي، وذكر الدارقطني أن ابن الماجشون رواه عن مالك، عن سهل وأنه وهم فيه، والمحفوظ عن مالك عن سمّي، ورواه عتيق بن يعقوب، عن مالك عن أبي النضر، أخرجه الدارقطني والطبراني ووهم فيه أيضاً على مالك، ورواه روّاد بن الجراح، عن مالك، عن ربيعة، عن القاسم، عن عائشة، وعن سمّي، عن السمّان إلخ، فزاد إسناداً آخر أخرجه الدارقطني، وقال: أخطأ فيه روّاد وليس ممن يُحتجّ به، والمعروف أنّّ مالكاً تفرَّد بهذا الإِسناد بهذه الرواية عن سمّي حتى قال عبد الملك الماجشون، قال مالك: ما لأهل العراق يسألوني عن حديث "السفر قطعة من العذاب؟ " فقيل: لم يروه عن سُمَيّ غيرك، فقال: لو عرفت ما حدَّثت به. وكذا تفرد سُمَيّ بروايته عن أبي صالح ولا يُحفظ عن غيره، وروى أبو مصعب عن عبد العزيز الدراوردي، عن سهيل، عن أبيه مثله. وهذا يدلُّ على أنَّ له في حديث سهيل أصلاً، وأما أبو صالح فلم يتفرَّد به بل رواه عن أبي هريرة سعيد المقبري عند أحمد وجمهان عند ابن عدي ولم ينفرد به أبو هريرة أيضاً، فرواه الدارقطني والحاكم بإسناد جيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. وفي الباب عن ابن عباس وابن عمر وأبي سعيد وجابر عند ابن عدي بأسانيد ضعيفة. هذا ملخص ما بسطه ابن عبد البر وابن حجر.

(2)

اسمه ذكوان.

(3)

قوله: قطعة، بالفتح، أي جزء من العذاب، وبيَّن وجهه بقوله: يمنع أحدكم أي في السفر نومه وطعامه وشرابه بنصب أواخرها بنزع الخافض أو على أنه مفعول ثانٍ، والأول أحدكم أي يمنع السفر أحدكم معتاده في النوم وغيره. وسئل

ص: 508

أحدُكم نَهمته (1) مِنْ وَجْهِهِ (2) فَلْيُعَجِّلْ (3) إِلَى أَهْلِهِ.

977 -

أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: لَوْ علمتُ أَنَّ أَحَدًا (4) أَقْوَى عَلَى هَذَا الأَمْرِ مِنِّي لَكَانَ أنْ أُقدِّم (5) فيُضرب عُنُقِي أهونُ عليَّ (6) ،

إمام الحرمين حين جلس موضع أبيه: لِمَ كان السفر قطعة من العذاب؟ فأجاب على الفور لأن فيه فراقَ الأحباب، قال ابن بطال: ولا تعارض بينه وبين حديث ابن عمر مرفوعاً: "سافروا تصحّوا"، لأنه لا يلزم من الصحة بالسفر لما فيه من الرياضة أن لا يكون قطعة من العذاب. انتهى. وفي "شرح الزرقاني" ورد عليَّ سؤال من الشام هل ورد السفر قطعة من سقر كما هو دارجٌ على الألسنة فأجبت لم أقف على هذا اللفظ، ولم يذكره الحافظان السخاوي والسيوطي في الأحاديث المشهورة على الألسنة، فلعل هذا اللفظ حدث بعدهما، ولا تجوز روايته بمعنى الحديث الوارد إذ من شرط الرواية بالمعنى أنْ يُقطع بأنه أُدِّي بمعنى اللفظ الوارد، وقطعة من سقر لا يؤدِّي معنى قطعة من العذاب بمعنى التألم من المشقة لأن لفظ سقر يقتضي المشقة جداً. انتهى. وفي "شرح القاري": ما اشتهر على الألسنة أن السفر قطعة من السقر فليس بمحفوظ، وإنما يُحكى عن عليّ (الحديث أخرجه البخاري في باب العمرة تحت باب السفر قطعة من النار) .

(1)

بفتح النون أي حاجته.

(2)

أي مقصده، وعند ابن عدي: فإذا قضى أحدكم وطره من سفره.

(3)

من التعجيل: أي فليرجع إلى أهله عاجلاً لينجو من العذاب والمشقة.

(4)

أي أحد من الصحابة أقوى على إقامة الخلافة وانتظامها.

(5)

أي بين يدي الناس.

(6)

أي أسهل عليَّ من تحمُّل هذا الأمر الخطير.

ص: 509

فَمَنْ وَليَ هَذَا الأَمْرَ بَعْدِي (1) فَلْيَعْلَمْ أَنْ سَيَرُدُّهُ عَنْهُ (2) القريبُ والبعيدُ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كنتُ لأُقَاتِلُ النَّاسَ عَنْ نَفْسِي.

978 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنِي مُخْبرٌ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عنه، قال: كان الناس (3) وَرَقاً (4) لا شَوْكَ فِيهِ، وَهُمُ الْيَوْمَ شَوْكٌ (5) لا وَرَقَ فِيهِ، إِنْ تركتَهم (6) لَمْ يَتْرُكُوكَ وَإِنْ نقدتَهم نَقَدُوكَ.

979 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: كَانَ إِبْرَاهِيمُ (7) عليه السلام أَوَّلَ النَّاسِ ضيَّف الضيف،

(1) أي من صار وليّاً للخلافة بعد موتي.

(2)

قوله: فليعلم أن سيردَّه عنه، أي عن نفسه باللطف والعنف. القريب والبعيد، أي أهل بلده وغيرهم، أو الأقارب والأجانب. وأيم الله قسم. إن كنت، أي قد كنت لأقاتل الناس خاصة وعامة عن نفسي حتى لا يكون لأحد عليَّ اعتراض في ديني ودنياي وعرضي، كذا ذكره القاري.

(3)

أي السابقون الأولون.

(4)

يفتحتين: أي كورق من أوراق الأشجار الخالية عن الشوك، أي لم يكن ضرر في مصاحبتهم.

(5)

أي يضرّ مجالستهم ويصل النقصان منهم.

(6)

قوله: إن تركتهم، أي إن تركتهم على حالهم ولم تتعرَّضْ منهم لا يتركونك بل يبحثون عن حالك، وإن نقدتهم بأن تكلَّمت في حقهم ما هو حق، وتعرضت بأحوالهم، وميَّزت بين حقهم وباطلهم نقدوك، وتكلموا في حقك عوضاً ولو بالباطل. وأشار بذلك إلى فساد الزمان وأهله وهذا بالنسبة إلى عصره فما باله من عصرنا هذا؟.

(7)

قوله: كان إبراهيم، الخليل على نبينا وعليه السلام. أول الناس ضيّف

ص: 510

وَأَوَّلَ النَّاسِ (1) اخْتَتَنَ، وَأَوَّلَ النَّاسِ قصَّ شَارِبَهُ، وَأَوَّلَ النَّاسِ رَأَى الشَّيْبَ، فَقَالَ: يَا رَبِّ مَا هَذَا؟ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَارٌ يَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: ربِّ زِدْنِي وَقَارًا.

980 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يُحَدِّثُه عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ (2) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كأني

الضيفَ، وكان له فيه اهتمام بليغ حتى كان لا يأكل بغير ضيف. وأول الناس اختتن، من الاختتان وهو ابن ثمانين سنة بالقَدوم بالفتح كما أخرجه الشيخان وهو بالفتح - اسم آلة النجّار - يعني الفاس، وقيل هو اسم موضع وقع اختتانه فيه، وفي رواية لابن حبان وغيره: أنه اختتن وهو ابن مائة وعشرين وعاش بهده ثمانين. وأول الناس قص شاربه، أي قطعه. وأول الناس رأى الشيب، أي بياض الشعر، فقال: يا رب ما هذا؟ سأله تعجُّباً لمّا لم يكن له سابقة به. فقال الله: وقار، أي باعث وقار وعزة بين الناس، فقال: رب زدني وقاراً. وكذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تنتفوا الشيب فإنه نور الإِسلام". ومن أوليات إبراهيم أنه أول من قصَّ أظفاره واستحدَّ، ذكره ابن أبي شيبة، عن أبي سعيد، وأول من تَسَرْوَل، وأول من فرق كما عند ابن أبي شيبة عن أبي هريرة، وأول من خضب بالحِنّاء والكتم، أخرجه الديلمي عن أنس مرفوعاً، وأول من خطب على المنبر أخرجه ابن أبي شيبة، عن سعد بن إبراهيم عن أبيه، وأول من قاتل في سبيل الله أخرجه ابن عساكر عن جابر، وأول من رتب العسكر ميمنة وميسرة، أخرجه ابن عساكر عن حسان بن عطية، وأول من عمل القسي، أخرجه ابن أبي الدنيا، عن ابن عباس، وأول من عانق، أخرجه ابن أبي الدنيا عن تميم الداري، وأول من ثرّد الثريد، أخرجه ابن سعد عن الكلبي، وأول من اتخذ الخبز المبلقس أخرجه الديلمي عن نبيط بن شريط، وأول من راغم، أخرجه أحمد، عن مطرف، كذا ذكره السيوطي.

(1)

في نسخة: من.

(2)

في بعض أسفاره حين رأى موسى يذهب إلى مكة ملبِّياً.

ص: 511

أَنْظُرُ (1) إِلَى مُوسَى عليه السلام يَهْبِطُ (2) مِن ثنيَّة (3) هَرْشي مَاشِيًا، عَلَيْهِ ثَوْبٌ أَسْوَدُ.

981 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الأَنْصَارَ ليُقطِع (4) لَهُمْ بالبَحرين (5)، فَقَالُوا: لا وَاللَّهِ إلَاّ أَنْ تُقْطِع (6) لإِخوانِنا مِنْ قُرَيْشٍ مِثْلَهَا، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، فَقَالَ: إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي (7) أَثَرَة فَاصْبِرُوا حَتَّى تلقَوْني.

(1) فيه إثبات حياة الأنبياء وأنهم يحجّون ويصلّون.

(2)

أي ينزل.

(3)

بفتح الثاء المثلثة وكسر النون وتشديد الياء. وهَرْشي، يفتح الهاء وسكون الراء بعدها شين مفتوحة مقصورة موضع بين مكة والمدينة، كما في "النهاية".

(4)

أي من إقطاع الأراضي بالبحرين.

(5)

بلد قريب البصرة.

(6)

قوله: إلَاّ أن تقطع، أي لا نرضى بأن تقطع لنا إلَاّ أن تقطع لنا مرتين أو ثلاث مرات لإِخواننا من قريش المهاجرين، فإن لهم علينا فضلاً. وهذا من كمال زهد الأنصار ومواساتهم للمهاجرين.

(7)

قوله: إنكم سترون بعدي، أي بعد موتي أَثَرة (قال الحافظ: أشار بذلك إلى أن الأمر يصير في غيرهم فيختصون دونهم بالأموال وكان الأمر كما وصف صلى الله عليه وسلم، وهو معدود فيما أخبر به من الأمور الآتية فوقع كما قال. فتح الباري 7/118) بفتحتين أي يستأثر عليكم غيركم في ما تستحقونه من المناصب العلية كالإِمارة والقضاء فاصبروا حتى

ص: 512

982 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلْقَمَةَ (1) بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ (2) يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول (3) : إنما

تلقَوْني أي يوم القيامة. ورواه أحمد والشيخان والترمذي والنسائي بلفظ إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض، كذا في "شرح القاري".

(1)

هكذا في نسخ عديدة وفي نسخة علقمة بن وقاص وهو الصحيح الموافق لروايات كثيرين، قال في "التقريب" علقمة بن وقّاص بتشديد القاف الليثي المدني، ثقة ثبْت. أخطأ من زعم أن له صحبة، وقيل: إنه وُلد في العهد النبوي، مات في خلافة عبد الملك.

(2)

في نسخة: ابن وقّاص.

(3)

قوله: يقول، هذا الحديث أحد أركان الإِسلام قد أخرجه جمع من العظام، فرواه البخاري في "صحيحه" في مواضع (انظر رقم: 1، 54، 2529، 3898، 5070، 6689، 6953) : في باب الوحي بلفظ: "إنما الأعمال بالنيات" وفي كتاب النكاح بلفظ: "العمل بالنية"، وفي كتاب العتق بلفظ:"الأعمال بالنية"، وكذا في الهجرة، وفي كتاب الأيمان بلفظ إنما الأعمال بالنية، وكذا في كتاب الحِيَل. وعند مسلم في الجهاد "إنما الأعمال بالنية"، وكذا أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والترمذي، وعند ابن حبان والحاكم "الأعمال بالنيات". وهذه الطرق كلها تدور على يحيى بن سعيد، عن التيمي، عن علقمة، عن عمر. وذكر ابن دحية أنه أخرجه مالك في "الموطأ" ونسبه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" وفي "التلخيص الحبير" إلى الوهم، وقال: صدر هذا الوهم من الاغترار بتخريج الشيخين له والنسائي من طريق مالك، وردّه السيوطي في "تنوير الحوالك" بقوله في "موطأ محمد بن الحسن"، عن مالك أحاديث يسيرة زائدة على

ص: 513

الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لامرئٍ (1) مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هجرتُه (2) إِلَى اللَّهِ ورسولهِ فَهِجْرَتُهُ (3) إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصيبُها أَوِ امرأةٍ (4) يتزوَّجُها فهجرتُه إِلَى مَا

ما في سائر الموطآت، منها حديث إنما الأعمال بالنية، وبذلك يتبين صحة قول من عزى روايته إلى "الموطأ" ووهم من خطأه في ذلك. انتهى. وهذا الحديث لم يصح إلَاّ من هذا الطريق الفرد، فلم يصح عن رسول الله إلَاّ عن عمر، ولا عن عمر إلَاّ من رواية علقمة، ولا عن علقمة إلَاّ من رواية التيمي، ولا عن روايته إلَاّ من رواية يحيى، وانتشر عنه وصار مشهوراً، فرواه أكثر من مائتي إنسان، وقد وردت لهم متابعات لا يخلو أسانيدهم عن شيء كما حققه الحافظ في "شرح النخبة" وغيره.

(1)

قوله: وإنما لامرئ ما نوى، ذكر القرطبي وغيره أنه تأكيد للجملة الأولى، والأَوْلى ما ذكره النووي أنها تفيد اشتراط تعيين المنوي كمن عليه فائتة لا يكفيه أن ينوي الفائتة فقط حتى يعيَّنها. والجملة الأولى تفيد اشتراط مطلق النية، ومعناه إنما ثواب الأعمال بالنية وهذا متفق عليه، أو صحة الأعمال بالنية، وفيه خلاف مشهور بين الحنفية والشافعية في العبادات الغير (هكذا جاء في الأصل:(الغير المقصودة) وهو استعمال خاطئ، وغلط شائع، لما جمع فيه من إدخال "ال" عل "غير" مع الإِضافة إلى ما فيه "ال" وصوابه أن يقال (العبادات غير المقصودة) المقصودة.

(2)

أي كان قصده من هجرته وتركه دار الحرب طاعةَ الله ورسوله ورضاه.

(3)

أي فهي موجبة للثواب ولرضاء الله ورسوله.

(4)

قوله: أو امرأة، ذكرها على حدة مع دخولها تحت دنيا للزيادة في التحذير لأن الافتتان بها أشدّ، وقيل: خصّها (في الأصل: "خصه"، وهو خطأ) بالذكر لما أن رجلاً هاجر من مكة إلى

ص: 514

هَاجَرَ (1) إِلَيْهِ.

57 -

بَابُ الْفَأْرَةِ (2) تَقَعُ فِي السَّمْن

983 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبيد اللَّهِ (3) بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ (4) : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئل (5) عن فأرة وقعت

المدينة ليتزوج امرأة تسمَّى أم قيس، وكان يقال له مهاجر أم قيس، فلهذا خَصَّ في الحديث ذكر المرأة، قال الحافظ في "فتح الباري": قصة مهاجر أم قيس، رواها سعيد بن منصور والطبراني، لكن ليس فيه أن هذا الحديث سيق لأجله.

(1)

أي من أمور الدنيا لا خلاق له في العقبى.

(2)

عبيد الله: نسبة إلى جَدِّهِ فإنه عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة - بالضم - بن مسعود.

(3)

عبيد الله: نسبة إلى جَدِّهِ فإنه عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة - بالضم - بن مسعود.

(4)

قوله: عن عبد الله بن عباس، ظاهره أن الحديث من مسند ابن عباس، وكذا رواه القعنبي وغيره، ورواه أشهب وغيره عنه بترك ابن عباس، وذكر ميمونة بعد عبيد الله، وأبو مصعب ويحيى بن بكير عنه بإسقاطها، والصواب ما في "موطأ يحيى": مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن ميمونة، واختَلف فيه أصحاب ابن شهاب أيضاً، فرواه ابن عيينة ومعمر عنه على الصواب، والأوْزاعي بإسقاط ميمونة، وعقيل مرسلاً بإسقاطهما، كذا ذكره ابن عبد البر.

(5)

قوله: سئل، السائل هو ميمونة كما رواه الدارقطني من طريق يحيى القطان وجويرية كلاهما، عن مالك به أن ميمونة استفتت عن الفأرة تقع في السمن أي الجامد، كما في رواية ابن مهدي، عن مالك، وكذا ذكرها أبو داود الطيالسي

ص: 515

فِي سَمْنٍ فماتتْ؟ قَالَ: خُذُوهَا (1) وَمَا حَوْلَهَا مِنَ السَّمْن فَاطْرَحُوهُ (2) .

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ. إِذَا كَانَ السَّمْنُ (3) جَامِدًا (4) أُخذت الفأرةُ وَمَا حَوْلَهَا مِنَ السَّمْنِ فرُمِيَ بِهِ، وأُكل (5) مَا سوى ذلك، وإن كان

في "مسنده" عن سفيان بن عيينة، عن ابن شهاب وزاد البخاري عن ابن عيينة، عن ابن شهاب فماتت، وعند أبي داود وغيره من حديث أبي هريرة سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن الفأرة تقع في السمن قال: إذا كان جامداً فألقوها وما حولها (قال الباجي: هذا يقتضي أنه سئل عن سمن جامد ولو كان ذائباً لم يتميز ما حولها من غيره ولكنه لما كان جامداً نجس ما جاورها بنجاستها، وبقي الباقي على ما كان عليه من الطهارة. المنتقى 7/292) ، وإن كان مائعاً فلا تقربوها، وبه أخذ الجمهور في الجامد والمائع، إن المائع ينجس كله دون الجامد، وخالف في المائع جمع منهم الزهري والأَوْزاعي، كذا في "شرح الزرقاني ".

(1)

أي الفأرة.

(2)

أي ألقوه، وكلوا الباقي (في البذل: فيه دليل على المسألة الفقهية، وهي أن النجاسة إذا لم يُعلم وقت وقوعها يحكم بوقوعها بالنسبة إلى الوقت الحادث إلى أقرب الأوقات كأنها وقعت في هذا الوقت، فإن الفأرة لم يُعلم بأنها متى وقعت في السمن، وهل كان السمن وقت وقوعها سائلاً أو جامداً أو كان بين بين، فاعتبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوعها في الحال. انظر أوجز المسالك 15/ 185) .

(3)

وكذا نحوه من الأشربة.

(4)

في بعض النسخ جامساً وهو بمعناه.

(5)

لعدم وصول النجاسة إليه بسبب جموده.

ص: 516

ذَائِبًا (1) لا يُؤكل مِنْهُ (2) شَيْءٌ، واسْتُصبحَ (3) بِهِ. وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا.

58 -

بَابُ دِبَاغِ (4) الْمَيْتَةِ

984 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حدَّثنا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي وَعلة (5) الْمِصْرِيِّ، عَنْ عبد الله بن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا دُبِغ الإِهَاب (6) فقَدْ طهُر (7) .

985 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا (8) يَزِيدُ بن عبد الله بن قُسيط (9) ،

(1) أي مائعاً سائلاً.

(2)

لتنجسه كله.

(3)

قوله: استُصبح، مجهول من الاستصباح أي استُعمل في السراج وغيره، وقيَّده الفقهاء في كتبهم بغير المسجد فلا يجوز فيه الاستصباح بالسمن والدهن النجس.

(4)

عبد الرحمن بن وَعلة بالفتح.

(5)

عبد الرحمن بن وَعلة بالفتح.

(6)

هو بالكسر الجلد الغير المدبوغ، وجمعه أُهُب بضمتين وفتحتين، كذا في "المصباح" و "المغرب".

(7)

بضم الهاء.

(8)

في كثير من النسخ زيد وليس بصواب.

(9)

على صيغة التصغير.

ص: 517

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَان، عَنْ أمَّه (1)، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَنْ يُستمتع (2) بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبغت.

986 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شهاب، عن عبيد الله بن

(1) قال الزرقاني: هي تابعية مقبولة لا يُعرف اسمها.

(2)

قوله: أمر أن يُستمتع، أي يُنتفع على أيّ وجه كان، وفي رواية للنسائي وابن حبان، عن عائشة مرفوعاً: دباغ جلود الميتة طهورها، وفي رواية للنسائي: ذكاة الميتة دباغها، وعند الدارقطني والبيهقي عنها: طهور كلِّ أديم دباغه. وفي الباب عن زيد مرفوعاً: دباغ جلود الميتة طهورها، وسلمة بن المحبَّق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى في غزوة تبوك على بيت فإذا قِرْبة معلقة فسال الماء فقالوا: يا رسول الله إنها ميتة، فقال: دباغها ذكاتها، وبهذه الأحاديث ونظائرها ذهب الجمهور إلى الطهارة بالدباغة مطلقاً إلَاّ أنهم استَثنَوْا من ذلك جلد الإِنسان لكرامته وجلد الخنزير لنجاسة عينه، واستثنى أيضاً جلدَ الكلب مَنْ ذهب إلى كونه نجس العين، وهو قول جمع من الحنيفة وغيرهم، ولم يدل عليه دليل قويّ بعد، ومنهم من ذهب إلى طهارة جلد مأكول للحم بالدبغ دون غيره أخذاً من قصة شاة ميمونة، قال النووي: هو مذهب الأَوْزاعي وابن المبارك وإسحاق بن راهويه. انتهى. والأحاديث المطلقة العامة حجة عليهم، ومنهم من قال: لا يطهر شيء من الجلود بالدباغ، قال النووي: رُوي هذا عن عمر وابنه عبد الله وعائشة وهو أشهر الروايتين عن أحمد، وإحدى الروايتين عن مالك. انتهى. والأحاديث الواردة في الطهارة بالدباغة حجة عليهم، وقال أحمد في القديم: لا يطهر جلد الميتة بالدباغ، ثم رجع عنه لمّا رأى قوة الأخبار الواردة فيه

ص: 518

عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ (1) : مرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بساة كَانَ أَعْطَاهَا مَوْلًى لِمَيْمُونَةَ (2) زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَيْتَةٍ (3) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَلا (4) انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا مَيْتَةٌ، قَالَ: إِنَّمَا حُرِّم أَكْلُهَا (5) .

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ. إِذَا دُبِغَ إِهَابُ الْمَيْتَةِ فَقَدْ طَهُرَ، وَهُوَ (6) ذَكَاتُهُ وَلا بَأْسَ بِالانْتِفَاعِ (7) بِهِ، وَلا بَأْسَ بِبَيْعِهِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةِ مِنْ فقهائنا رحمهم الله.

(بسط شيخنا مذاهب العلماء في دباغ الجلود الميتة وطهارتها بالدباغ في الأوجز، فارجع إليه 9/187) .

(1)

قوله: قال: مرَّ، هكذا رواه جمع من رواة الموطأ عن عبيد الله مرسلاً كابن بكير والقعبني، والصحيح وصله عن ابن عباس كما رواه يحيى وابن وهب وابن القاسم وجماعة معمر ويونس والزبيدي، وعقيل من أصحاب ابن شهاب، كذا قال ابن عبد البر.

(2)

قوله: كان أعطاها مولى لميمونة، في رواية يحيى: أعطاها مولاة لميمونة. وظاهرهما أن تلك الشاة قد أعطاها مولى أو مولاة لأحد. والذي في عامة الكتب: صحيح مسلم وسنن النسائي وسنن أبي داود وغيره: أنها تصدَّقَ بها على مولاة لميمونة.

(3)

صفة لشاة.

(4)

حرف تحضيض وفي رواية: أفلا.

(5)

قوله: إنما حُرِّم أكلها، مجهول من التحريم أو معروف ثلاثي بضم الراء أي لم يحرم إلَاّ أكل الميتة لا الانتفاع بأجزائها وجلدها، واستدل بظاهره الزهري كما حكاه أبو داود وأحمد عنه أن جلود الميتة طاهرة ينتفع بها بغير الدباغة، وردّه الجمهور بأنه ورد التقييد بالدباغ في رويات أخرى صحيحة فوجب القول به، كذا في "فتح الباري".

(6)

أي ذبحُه كذكاته بالفتح أي ذبحه.

(7)

وأما قبل الدبغ فلا يجوز البيع ولا الانتفاع.

ص: 519