المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌7 - باب الرجل يوصي عند موته بثلث ماله - التعليق الممجد على موطأ محمد - جـ ٣

[أبو الحسنات اللكنوي - محمد بن الحسن الشيباني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الدِّيات

- ‌1 - بَابُ الدِّيَةِ فِي الشَّفَتَيْن

- ‌2 - بَابُ دِيَةِ الْعَمْدِ

- ‌4 - بَابُ دِيَةِ الأَسْنَانِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يَرِثُ مِنْ دِيَةِ امْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةُ تَرِثُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا

- ‌8 - باب الجروح وما فيها من الأرش

- ‌9 - بَابُ دِيَةِ الْجَنِينِ

- ‌11 - بَابُ الْبِئْرِ جُبار

- ‌13 - بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌1 - بَابُ الْعَبْدِ يَسْرِقُ مِنْ مَوْلاهُ

- ‌7 - بَابُ الْمُخْتَلِسِ

- ‌أبواب الحُدودِ في الزنَاء

- ‌1 - باب الرجم

- ‌2 - باب الإِقرار بالزناء

- ‌5 - بَابُ الْحَدِّ فِي التَّعْرِيضِ

- ‌6 - بَابُ الحدِّ فِي الشُّرْبِ

- ‌7 - بَابُ شُرْبِ البِتْعِ والغُبَيْرَاء وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌8 - بَابُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَمَا يُكره مِنَ الأَشْرِبَةِ

- ‌11 - بَابُ نَبِيذِ الطِّلاء

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌1 - بَابُ مِيرَاثِ الْعَمَّةِ

- ‌2 - بَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَلْ يُورَثُ

- ‌3 - بَابُ لا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ

- ‌4 - بَابُ مِيرَاثِ الْوَلاءِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يُوصِي عِنْدَ مَوْتِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ

- ‌3 - بَابُ مَنْ جَعَل عَلَى نَفْسِهِ الْمَشْيُ ثُمَّ عَجَزَ

- ‌4 - بَابُ الاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ

- ‌5 - بَابُ الرَّجُلِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ

- ‌6 - بَابُ مَنْ حَلَفَ أَوْ نَذَرَ فِي مَعْصِيَةٍ

- ‌8 - بَابُ الرَّجُلِ يَقُولُ: مَالُه فيِ رِتَاج الْكَعْبَةِ

- ‌9 - بَابُ اللَّغْو مِنَ الأَيْمان

- ‌4 - بَابُ مَا يُكره مِنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ

- ‌5 - بَابُ مَا لَمْ يُقبض مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الشَّعِيرَ بِالْحِنْطَةِ

- ‌13 - بَابُ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ

- ‌14 - بَابُ شِرَاءِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ

- ‌15 - بَابُ الرَّجُلِ يُساوِمُ الرجلَ بِالشَّيْءِ فَيَزِيدُ عَلَيْهِ أَحَدٌ

- ‌16 - بَابُ مَا يُوجِبُ الْبَيْعَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي

- ‌20 - بَابُ الِاشْتِرَاطِ فِي الْبَيْعِ وَمَا يُفْسِده

- ‌22 - بَابُ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ وَلَهَا زَوْجٌ أَوْ تُهدى إِلَيْهِ

- ‌28 - بَابُ الْقَضَاءِ

- ‌29 - بَابُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ

- ‌30 - بَابُ النُّحْلَى

- ‌4 - بَابُ مَا يُكره مِنْ قَطْعِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ

- ‌10 - بَابُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَاتِ وَادِّعَاءِ النَّسَب

- ‌11 - بَابُ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ

- ‌13 - بَابُ الرَّهْن

- ‌14 - بَابُ الرَّجُلِ يَكُونُ عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطة

- ‌1 - باب الشفعة

- ‌1 - بَابُ المكاتَب

- ‌أَبْوَابُ السِّيَر

- ‌3 - بَابُ قَتْلِ النِّسَاءِ

- ‌4 - بَابُ الْمُرْتَدِّ

- ‌5 - بَابُ مَا يُكره مِنْ لُبْس الْحَرِيرِ والدِّيباج

- ‌8 - بَابُ نُزُولِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ وَمَا يُكره مِنْ ذَلِكَ

- ‌9 - بَابُ الرَّجُلِ يُقيم الرجلَ مِنْ مَجْلِسِهِ لِيَجْلِسَ فِيهِ وَمَا يُكره مِنْ ذَلِكَ

- ‌10 - بَابُ الرُّقَى

- ‌11 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْفَأْلِ وَالِاسْمِ الْحَسَنِ

- ‌12 - بَابُ الشُّرْبِ قَائِمًا

- ‌14 - بَابُ الشُّرْبِ وَالأَكْلِ بِالْيَمِينِ

- ‌17 - بَابُ فَضْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌22 - بَابُ الاسْتِئْذَانِ

- ‌25 - بَابُ النَّظَرِ إِلَى اللَّعِبِ

- ‌27 - بَابُ الشَّفَاعَةِ

- ‌28 - باب الطيب للرجل

- ‌29 - بَابُ الدُّعَاءِ

- ‌30 - بَابُ رَدِّ السَّلامِ

- ‌31 - بَابُ الدُّعَاءِ

- ‌34 - بَابُ مَا يُكره مِنْ أَكْلِ الثُّومِ

- ‌35 - بَابُ الرُّؤْيَا

- ‌36 - بَابُ جَامِعِ الْحَدِيثِ

- ‌27 - بَابُ الزُّهْدِ وَالتَّوَاضُعِ

- ‌38 - بَابُ الْحُبِّ فِي اللَّهِ

- ‌39 - بَابُ فَضْلِ الْمَعْرُوفِ وَالصَّدَقَةِ

- ‌40 - بَابُ حَقِّ الْجَارِ

- ‌41 - بَابُ اكْتِتَابِ الْعِلْمِ

- ‌42 - بَابُ الْخِضَابِ

- ‌45 - بَابُ النَّفْخِ فِي الشُّرْب

- ‌48 - بَابُ صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌49 - بَابُ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا يُستحب مِنْ ذَلِكَ

- ‌50 - بَابُ فَضْلِ الْحَيَاءِ

- ‌51 - بَابُ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ

- ‌52 - بَابُ حَقِّ الضِّيَافَةِ

- ‌56 - بَابُ النَّوَادِرِ

- ‌59 - بَابُ كَسْب الحَجّام

- ‌60 - بَابُ التَّفْسِيرِ

- ‌[خاتمة المعلق]

الفصل: ‌7 - باب الرجل يوصي عند موته بثلث ماله

لَيْلَتَيْنِ إلَاّ ووصيَّته عِنْدَهُ مكتوبةٌ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نأخذُ. هَذَا (1) حَسَنٌ جَمِيلٌ (2) .

‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يُوصِي عِنْدَ مَوْتِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ

734 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حدَّثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ سُلَيْمٍ الزُّرَقي (3) أَخْبَرَهُ (4) أَنَّهُ قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إنَّ هَهُنَا (5) غُلامًا يَفَاعاً مِنْ غَسَّان

بظاهر هذا الحديث مع ظاهر الآية على وجوب الوصية، وبه قال عطاء والزهري والظاهرية وابن جرير وغيره، وذهب الجمهور إلى استحبابها حتى نسبه ابن عبد البَرّ إلى الإِجماع سوى من شذَّ، كذا في "شرح الزرقاني".

(1)

أي نفس الوصية أو كتابتها.

(2)

أي مستحب ليس بواجب (قال الموفق: أجمع العلماء في جميع الأمصار والأعصار على جواز الوصية، ولا تجب الوصية إلَاّ على من عليه دَيْن أو عنده وديعة أو عليه واجب يوصي بالخروج منه، فإن الله تعالى فرض أداء الأمانات وطريقه في هذا الباب الوصية فتكون مفروضة عليه، فأما الوصية بجزء من ماله فليست بواجبة على أحد في قول الجمهور، وبذلك قال الشعبي والثوري ومالك والشافعي وأصحاب الرأي وغيرهم، كذا في الأوجز 12/316) .

(3)

بضم الزاء المعجمة وفتح الراء المهملة نسبة إلى بني زريق قبيلة من الأنصار.

(4)

هذه الرواية مرسلة، لأن عمرواً لم يلقَ عمر، قاله الطحاوي.

(5)

قوله: إنَّ ههنا، أي بالمدينة. غلاماً يفاعاً من غَسّان، - بفتح الغين وتشديد السين المهملة - قبيلة من الأزد، واليَفاع بفتح الياء المثناة التحتية بعدها فاء بمعنى اليافع، وهو الذي راهق البلوغ، ولم يحتلم، وجمعه أيفاع قاله في

ص: 147

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

"المغرب". وفي رواية أخرى لمالك المذكورة في "موطأ يحيى" عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن أبي بكر بن حزم أن غلاماً من غسّان حضرته الوفاة بالمدينة ووارثه بالشام، فذُكر ذلك لعمر، فقيل له: إن فلاناً يموت أفيوصي؟ قال: فليوصِ، قال يحيى: قال أبو بكر: وكان الغلامُ ابنَ عشر سنين أو اثنتي عشرة سنة، فأوصى ببئر جُشم (هي بئر بالمدينة) فباعها أهلها بثلاثين ألف درهم، وقال الزرقاني في "شرحه": فيه صحة وصية الصبي المميِّز، وبه قال مالك، وقيده بما إذا عقل ولم يخلط وأحمد وقيده بابن سبع وعنه بعشر، والشافعي في قول رجَّحه جماعة ومال إليه السبكي، ومنعها الحنفية والشافعي في الأظهر عنه، وذكر البيهقي عنه أنه علق القول به على صحة أثر عمر، وهو صحيح فإن رجاله ثقات وله شاهد. انتهى. وذكر العيني في "البناية" أن وصية الصبي جائزة عند الشافعي في قول ومالك وأحمد والشعبي والنَّخَعي وعمر بن عبد العزيز وشُريح وعطاء والزهري وإياس، وغير جائزة عندنا وعند الشافعي في قول وأصحاب الظواهر، وهو قول ابن عباس والحسن ومجاهد، وأجاب أصحابنا عن أثر عمر بوجوه: أحدها: ما ذكره في "الهداية" أن الغلام الذي أمره عمر بالوصية كان بالغاً وسمي يافعاً مجازاً تسميةً للشيء باسم ما كان عليه لقربه منه. وثانيهما: ما ذكره أيضاً أن وصية يفاع كانت في تجهيزه وأَمْر دفنه وذلك جائز عندنا. وردَّهما الإِتقاني في "غاية البيان" بأنَّ الراوي صرح بأنه أوصى لابنة عمٍّ له بمال، فكيف يحتمل أن يكون الإِيصاء في أمر التجهيز والدفن؟ وصح في الرواية أنه كان غلاماً لم يحتلم، ثم ذكر الإِتقاني في الجواب ما ملخَّصه: أن من أدرك عصر الصحابة كسعيد بن المسيّب والحسن والشعبي والنَّخَعي الذين يعتدّ بخلافهم في إجماع الصحابة رَوى عنهم أصحابنا أنهم قالوا: لا وصية لمراهق، فبقي رأي الصحابي. وهو ليس بحجة عند الخصم، فكيف يُحتج به على غيره والقياس يؤيِّده ما ذهبنا، فإن الوصية تبرع والصبي ليس من أهله. وذكر

ص: 148

ووارثُه (1) بِالشَّامِ، وَلَهُ مَالٌ، وَلَيْسَ هُنَا إلَاّ ابْنَةُ عَمٍّ لَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: مُروه، فليوصِ لها فأوصى لهابمال يُقَالُ لَهُ بِئْرُ جُشَم (2) . قَالَ عَمْرُو بْنُ سُلَيْم: فبعتُ ذَلِكَ المالَ بِثَلاثِينَ أَلْفًا بَعْدَ ذَلِكَ، وابنةُ عمِّه الَّتِي أَوْصَى لَهَا هِيَ أمُّ عَمْرِو بْنِ سُليم (3) .

735 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابن شهاب، عن عامر (4) ابن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أبي وقاص أنه قال (5) : جاءني

ابن حزم أن ابن عباس خالف عمر فيما ذهب إليه (وشدَّد ابن حزم كما هو دأبه في منع جواز وصية الصبي، وقال فيه: إن الرواية لا تصح عن عمر رضي الله عنه، وقد خالفه ابن عباس كذا في الأوجز 12/327) .

(1)

أي وهو مريض مرض الموت.

(2)

بضم الجيم وفتح الشين المعجمة.

(3)

راوي هذا الحديث.

(4)

قال في "التقريب" ثقة مات سنة 104.

(5)

قوله: قال، أخرج هذه القصة البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وابن أبي شيبة وابن خزيمة وأحمد والطيالسي وابن حبان وابن الجارود وغيرهم، ذكره السيوطي.

ص: 149

رسول الله صلى الله عليه وسلم عامَ حَجّة الوَداع (1) يَعُودُنِي (2) مِنْ وجعٍ (3) اشْتَدَّ بِي، فقلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَلَغَ مِنِّي الْوَجَعُ مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مَالٍ (4) وَلا يَرِثُنِي

(1) قوله: عام حجة الوداع، أي سنة عشر هكذا اتفق عليه أصحاب الزهري إلا ابن عيينة، فقال في فتح مكة أخرجه الترمذي وغيره، واتفقوا على أنه وهم منه، قال الحافظ ابن حجر: وجدت لابن عيينة مستنداً عند أحمد والبزار والطبراني والبخاري في "التاريخ" وابن سعد من حديث عمرو القاري: أن رسول الله قدم مكة فخلف سعداً مريضاً حيث خرج إلى حنين، قلما قدم من الجعرّانة معتمراً دخل عليه وهو مغلوب، فقال: يا رسول الله إن لي مالاً وإني أُرِث كلالة أَفَأُوصي بمالي، الحديث. فلعل ابن عيينة انتقل ذهنه من حديث إلى حديث ويمكن الجمع (لكن يشكل على هذا الجمع ما أخرجه الترمذي من رواية سفيان، عن الزهري بلفظ مرضت عام الفتح مرضاً، الحديث، وفيه ليس يرثني إلا ابنتي، ففيه ذكر البنت في عام الفتح، انظر أوجز المسالك 12/331 وفي هامش الكوكب الدري 3/110 أن مافي رواية الترمذي من قوله عام الفتح يقال: إنه وهموالصواب حجة الوداع وجمع بينهما باحتمال التعدد) بأنه وقع له ذلك مرتين، فعام الفتح لم يكن وارث من الأولاد وعام حجة الوداع كانت له بنت فقط.

(2)

من العيادة.

(3)

بفتحتين اسم لكل مرض.

(4)

التنوين للكثرة.

ص: 150

إلا ابنةٌ (1) لي، أ (2) فأتصدق بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: لا، قَالَ: فَبِالشَّطْرِ (3) ؟ قَالَ: لا، قَالَ: فَبِالثُّلُثِ؟ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الثلثَ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ (4) ، أَوْ كَبِيرٌ، إِنَّكَ (5) إِنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خيرٌ من أن تَذَرَهم عَالةً

(1) قوله: إلا ابنة لي، أي من الولد أو من خواصّ الورثة أو من النساء وإلا فقد كان له عصبات، فإنه من زهرة، وكانوا كثيراً، قاله النوري، وقال الحافظ في "فتح الباري" (5/368) : زعم بعض من أدركنا أن هذه البنت اسمها عائشة فإن كان محفوظاً فهي غير عائشة بنت سعد التي روت هذا الحديث عند البخاري وهي تابعية عُمِّرت حتى روى عنها مالك ماتت سنة 117 هـ. لكن لم يذكر أحد من النسّابين لسعد ابنة تسمّى بعائشة غير هذه، وذكروا أن أكبر بناته أم الحكم الكبرى، وله بنات أخرى متأخرات الإِسلام بعد الوفاة النبوية، فالظاهر أنها أم الحكم، ولم أرَ من جوّز ذلك.

(2)

الاستفهام للاستخبار.

(3)

بالفتح فسكون النصف.

(4)

قوله: كثير أو كبير، بالشك من بعض الرواة، قال الحافظ: والمحفوظ في أكثر الروايات بالمثلثة، وفيه أشار إلى أن الثلث رخصة والأحب الوصية بما دونها.

(5)

قوله: إنك، بكسر الهمزة استينافاً، وبالفتح أي لأنك. أنْ، بفتح الهمزة وسكون النون. تذر، بفتح الذال المعجمة أي تترك ورثتك أي البنت وعصباته أغنياء أي بما يرثونه منك خير من أن تذرهم عالةً - جمع عائل بمعنى المحتاج - يتكفَّفُون الناس أي يسألونهم بأكفّهم.

ص: 151

يتكفَّفُون الناسَ وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً (1) تَبْتَغِي بِهَا (2) وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى إِلا أُجِرْتَ (3) بِهَا حتى ما (4) تجعلُ في فيِ امْرَأَتِكَ، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُخلَّفُ (5) بَعْدَ أَصْحَابِي؟ قَالَ: إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ (6) فتعمَلَ عَمَلًا صَالِحًا تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى إِلا ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ (7) حَتَّى ينتفعَ (8) بِكَ أقوامٌ، ويُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ. اللَّهم أَمْضِ (9) لأَصْحَابِي هجرتَهم وَلا تردَّهم (10) على أعقابهم، لكن البائس (11)

(1) أي ولو قليلة.

(2)

أي تطلب بها رضاء الله.

(3)

بصيغة المجهول المخاطب أي أعطي لك أجرها.

(4)

أي اللقمة التي تجعلها في فم الزوجة.

(5)

قوله: أُخَلَّفُ، بصيغة المجهول المتكلِّم أي أبقى بسبب المرض خلفاً بمكة بعد أصحابي الذين معك فإنهم يرجعون إلى المدينة معك، ذكر ذلك تحسُّراً وكانوا يكرهون المقام بمكة بعد ما هاجروا منها وتركوها الله.

(6)

يعني أن كونك مخلَّفاً لا يضرك مع العمل الصالح.

(7)

أي بأن يطول عمرك.

(8)

قوله: حتى ينتفع، قد وقع ذلك الذي ترجَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فشُفي سعد من ذلك المرض، وطال عمره حتى انتفع به أقوام من المسلمين، واستضرّ به آخرون من الكفار، حتى مات سنة 55 على المشهور، وقيل غير ذلك.

(9)

من الإِمضاء أي أتمم لهم.

(10)

أي بترك الهجرة وعدم تمامها.

(11)

الذي عليه أثر البؤس وهو الحاجة.

ص: 152

سَعْدُ (1) بْنُ خَوْلَةَ. يَرْثِي (2) لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنْ ماتَ (3) بمكةَ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: الْوَصَايَا جَائِزَةٌ فِي ثُلُث مَالِ الْمَيِّتِ بَعْدَ قَضَاءِ (4) دَيْنه، وَلَيْسَ (5) لَهُ أَنْ يُوصي بأكثرَ

(1) ممن شهد بدراً.

(2)

قوله: يَرثي له، بفتح الياء وسكون الراء أي يتوجّع ويحزن. وهذا مُدرج من كلام سعد، وقيل من كلام الزهري ذكره السيوطي.

(3)

أي بسبب أنه مات بمكة في حجة الوداع (وجزم الليث بن سعد في تاريخه عن يزيد بن أبي حبيب بأن سعد بن خولة مات في حجة الوداع وهو الثابت في الصحيح. فتح الباري 5/364، وقيل: عام الفتح، وقيل: لم يهاجر.

(4)

لآن قضاءه فرض فهو مقدَّم على المستحب.

(5)

قوله: وليس له أن يوصي

إلخ، اختُلف في الوصية: فأكثر أهل العلم على أنها مشروعة مستحبة غير واجبة إلا لطائفة، فرُوي عن الزهري أنه جعل الوصية حقاً مما قلّ أو كثر وكذا حُكي عن أبي مجلز، وقال أصحاب الظاهر ومسروق وقتادة وابن جرير: هي واجبة في حق الأقربين الذين لا يرثون، قال بعضهم: هي واجبة في حق الوالدين والأقربين لقوله تعالى: (كتب عليكم إذا حضر أحدّكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالِدَيْن والأقربين بالمعروف)(سورة البقرة: الآية 180)، والجمهور على أنه منسوخ بآية المواريث وبحديث مشهور: إن الله أعطى كلَّ ذي حق حقه، ألاّ لا وصية لوارث، أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم، ثم اختلفوا في الزيادة على الثلث (قال الحافظ: واختلفوا أيضاً هل يُعتبر ثلث المال حال الوصية أو حال الموت؟ على قولين، وهما وجهان للشافعية أصحهما الثاني، فقال بالأول مالك وأكثر العراقيين وهو قول النخعي وعمر بن عبد العزيز، وقال بالثاني أبو حنيفة والباقون وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وجماعة من التابعين. فتح الباري 5/369) ، وذهب الشافعي ومالك وأحمد وابن شبرمة

ص: 153

مِنْهُ (1) ، فإنْ أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فأجازَتْه الْوَرَثَةُ بَعْدَ (2) مَوْتِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا بَعْدَ إِجَازَتِهِمْ، وَإِنْ رَدّوا (3) رَجَع ذَلِكَ إِلَى الثُّلُثِ لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الثُّلُثَ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، فَلا يَجُوزُ لأَحَدٍ وَصِيَّةٌ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ إِلا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ والعامة من فقهائنا، رحمهم الله تعالى.

والأوزعي وأصحاب الظاهر إلى أنه لا يجوز وإن لم يكن له وارث، وعندنا وبه قال الحسن وشَريك وإسحاق بن راهويه يجوز إذا لم يكن له وارث وكذا إذا كان وارث فأجازه بعد موته لأن الامتناع لحق الورثة فعند فقدهم أو إجازتهم يرتفع المنع، كذا حقق في "البناية".

(1)

أي من الثلث.

(2)

قوله: بعد موته، قُيّد به لأنه لا معتبر لإِجاتهم في حال حياته لأنها قبل ثبوت الحق يثبت بعد الموت، فكان لهم أن يردّوا بعد وفاته، وبه قال الشافعي وأحمد وأبو ثور والثوري والحسن بن صالح وشريح وطاوس والحكم والظاهرية، وروي عن ابن مسعود، وقال ابن أبي ليلى والزهري وعطاء وحماد وربيعة: ليس لهم أن يرجعوا عن الإِجازة سواء كان قبل الموت أو بعده، كذا ذكر العيني رحمه الله تعالى.

(3)

أي لم يجز الورثة بعد موته.

ص: 154

1 -

كِتَابُ الأَيْمان (1) وَالنُّذُورِ (2) وَأَدْنَى مَا يُجْزِئُ (3) فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ

736 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُكفِّر (4) عَنْ يَمِينِهِ بِإِطْعَامِ عَشَرَة مساكين، لكل إنسان مدٌّ (5) من حنطلة، وكان

(1) قوله: كان يكفرِّ، الأصل فيه قوله تعالى:(فكفّارَتُه إطعامُ عَشَرَةِ مساكين من أوسط ما تُطْعمون أَهليكم أو كِسْوَتُهم أو تحريرُ رقبة، فمن لم يجدْ فصيامُ ثلاثةِ أيام)(سورة المائدة: الآية 89) ، أي متتابعات كما في قراءة، فخيَّر الله بين الإِطعام والكسوة والتحرير، وأوجب على العاجز عنها الصيام، وهذا هو مذهب الجمهور، وكان ابن عمر يفعل بأنّ من حلف مؤكّداً ثم حنث فعليه عتق أو كسوة العشرة، ومن لم يؤكد فعليه الإِطعام، فإن عجز فالصيام، لكون التحرير والكسوة أكثر مؤنة وأعظم قيمة فيناسب الأعظم بالأعظم جُرماً، والأخفّ بالأخفّ، ولهذا كان إذا كفَّر عن يمينه غير مؤكد أطعم وإذا وكدّ أعتق، والمراد بالتأكيد تكرير اليمين مرة بعد أخرى في أمر واحد، ولعل هذا الحكم منه إرشادي مبني على مصلحة شرعية وإلا فظاهر الكتاب التخيير بين الثلاثة مطلقاً (قال الباجي: لعل ابن عمر رضي الله عنهما كان يعتقد الأمرين جميعاً فكان يرى في تأكيدها أن يأخذ ذلك بأرفع الكفارات وهو العتق أو يرفع عن أدنى الكفارات الذي هو الإطعام إلى ما هو أرفع وهو الكسوة، وإنما ذلك عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه. المنتقى 3/254.)

(2)

قوله: مُدّ (قال صاحب "المحلّى": قوله من حنظة وكذا غيرة من الطعام من غالب قوت البلد، وهو المأثور عن ابن عباس وزيد بن ثابت والقاسم وعطاء والحسن وإليه ذهب مالك والشافعي، وقال أحمد: يطعم لكل مسكين مُدّاً من البُرّ أو نصف صاع من غيره من الشعير والتمر، وقال أبو حنيفة: صاعاً من شعير أو تمر أو نصفه من بُر. أوجز المسالك 9/79) ، بضم الميم وتشديد الدال المهملة ربع الصاع، ووافقه في ذلك أسماء بنت أبي بكر أخرجه عنها ابن مردويه، وابن عباس، أخرجه عنه عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وزيد بن ثابت أخرجه عنه عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ وأبو هريرة أخرجه عنه ابن المنذر، وخالفهم في ذلك جماعة فقالوا: بنصف صاع من حنطة أو صاع من تمر أو شعير كصدقة الفطر، منهم عمر أخرجه عنه عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ وكذلك أخرجوه عن علي، وكذلك أخرجه عبد بن حميد، عن ابن عباس، وإليه ذهب أصحابنا والآثار مبسوطة في "الدر المنثور".

(3)

جمع جارية.

(4)

قوله: كان يكفرِّ، الأصل فيه قوله تعالى:(فكفّارَتُه إطعامُ عَشَرَةِ مساكين من أوسط ما تُطْعمون أَهليكم أو كِسْوَتُهم أو تحريرُ رقبة، فمن لم يجدْ فصيامُ ثلاثةِ أيام)(سورة المائدة: الآية 89) ، أي متتابعات كما في قراءة، فخيَّر الله بين الإِطعام والكسوة والتحرير، وأوجب على العاجز عنها الصيام، وهذا هو مذهب الجمهور، وكان ابن عمر يفعل بأنّ من حلف مؤكّداً ثم حنث فعليه عتق أو كسوة العشرة، ومن لم يؤكد فعليه الإِطعام، فإن عجز فالصيام، لكون التحرير والكسوة أكثر مؤنة وأعظم قيمة فيناسب الأعظم بالأعظم جُرماً، والأخفّ بالأخفّ، ولهذا كان إذا كفَّر عن يمينه غير مؤكد أطعم وإذا وكدّ أعتق، والمراد بالتأكيد تكرير اليمين مرة بعد أخرى في أمر واحد، ولعل هذا الحكم منه إرشادي مبني على مصلحة شرعية وإلا فظاهر الكتاب التخيير بين الثلاثة مطلقاً (قال الباجي: لعل ابن عمر رضي الله عنهما كان يعتقد الأمرين جميعاً فكان يرى في تأكيدها أن يأخذ ذلك بأرفع الكفارات وهو العتق أو يرفع عن أدنى الكفارات الذي هو الإطعام إلى ما هو أرفع وهو الكسوة، وإنما ذلك عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه. المنتقى 3/254.)

(5)

قوله: مُدّ (قال صاحب "المحلّى": قوله من حنظة وكذا غيرة من الطعام من غالب قوت البلد، وهو المأثور عن ابن عباس وزيد بن ثابت والقاسم وعطاء والحسن وإليه ذهب مالك والشافعي، وقال أحمد: يطعم لكل مسكين مُدّاً من البُرّ أو نصف صاع من غيره من الشعير والتمر، وقال أبو حنيفة: صاعاً من شعير أو تمر أو نصفه من بُر. أوجز المسالك 9/79) ، بضم الميم وتشديد الدال المهملة ربع الصاع، ووافقه

ص: 155

يُعتق الجوارِ (1) إِذَا وَكّد (2) فِي الْيَمِينِ.

737 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَلْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: أدركتُ النَّاسَ (3) وَهُمْ إِذَا أَعطَوْا الْمَسَاكِينَ في كفارة اليمين أَعْطَوْا مُدّاً من حنظلة بالمدّ الأصغر (4)

في ذلك أسماء بنت أبي بكر أخرجه عنها ابن مردويه، وابن عباس، أخرجه عنه عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وزيد بن ثابت أخرجه عنه عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ وأبو هريرة أخرجه عنه ابن المنذر، وخالفهم في ذلك جماعة فقالوا: بنصف صاع من حنطة أو صاع من تمر أو شعير كصدقة الفطر، منهم عمر أخرجه عنه عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ وكذلك أخرجوه عن علي، وكذلك أخرجه عبد بن حميد، عن ابن عباس، وإليه ذهب أصحابنا والآثار مبسوطة في "الدر المنثور".

(1)

جمع جارية.

(2)

من التأكيد وهو التكرير.

(3)

يعني الصحابة وأجلّة التابعين.

(4)

قوله: بالمُدّ الأصغر، قال القاري: وهو مُدُّ النبي صلى الله عليه وسلم كما صرّح به الإِمام مالك، والمدّ الأكبر (قال الباجي: واختلف أصحابنا في مقداره فمنهم من قال: مُدّان إلا ثلثاً بمُدّ النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من قال: مُدّان بمُدّ النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الصحيح عندي. انظر المنتقى 4/45) مُدُّ هشام بن إسماعيل المخزومي وكان عاملاً على المدينة لبني أمية.

ص: 156

وَرَأَوْا (1) أَنَّ ذَلِكَ يجزئُ (2) عَنْهُمْ.

738 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أخبرنا نافع أن عبد الله بن عمر قَالَ: مَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ (3) فَوَكَّدَهَا (4) ثُمَّ حَنَثَ (5) ، فَعَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ كِسْوَةُ (6) عَشَرَة مَسَاكِينَ، وَمَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ وَلَمْ يُؤَكِّدْهَا فَحَنَثَ، فَعَلَيْهِ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ (7) فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: إِطْعَامُ عَشَرَة مَسَاكِينَ غَدَاءً (8) وعَشَاءً (9) أَوْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ.

739 -

قَالَ مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنَا سلَاّم (10) بن سُلَيْم الحنفي (11) ، عن

(1) أي اعتقدوا.

(2)

أي يكفي.

(3)

المراد باليمين المقسم عليه أي حلف على أمر.

(4)

أي كرّر الحلف.

(5)

أي نقض يمينه.

(6)

لكل مسكين ثوب يستر عامّة بدنه.

(7)

أي لا يجد شيئاً من الثلاثة.

(8)

بفتح الغين طعام الصبح.

(9)

بفتح العين طعام المساء.

(10)

بتشديد اللام.

(11)

نسبة إلى بني حنيفة قبيلة.

ص: 157

أَبِي إِسْحَاقَ السَّبيعي، عَنْ يَرْفأ (1) مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا يَرْفَأُ إِنِّي أَنْزَلْتُ مالَ (2) اللَّهِ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ (3) مَالِ الْيَتِيمِ إِنِ احتجتُ أخذتُ مِنْهُ، فَإِذَا أيْسَرْتُ (4) ردَدْتُّه وَإِنِ استَغْنَيْتُ (5) استَعْفَفْتُ (6) ، وَإِنِّي قَدْ وُلِّيت (7) مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ أَمْرًا (8) عَظِيمًا، فَإِذَا (9) أنتَ سمعتَني أحلفُ على يمين، فلم أمضها (10) فأطعم عني

(1) بفتح الياء وسكون الراء.

(2)

أي مال بيت المال.

(3)

قوله: بمنزلة مال اليتيم، أي في حكمه الوارد في قوله تعالى:(من كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بالمعروف)(سورة النساء: الآية 6) . فإن وقعتْ لي حاجة أخذتُه لنفسي، ثم رددت فيه مثله إذا حصل لي الغناء وإن لم تقع استعففت عنه ولم آخذه فإنه مال المسلمين.

(4)

أي صرتُ موسِراً.

(5)

أي عن أخذه.

(6)

من الاستعفاف طلب العفّة.

(7)

مجهول من التولية.

(8)

أي أمر الخلافة.

(9)

قوله: فإذا أنت، أي قد ولِّيتُ أمراً عظيماً فربما أغفل بسبب كثرة أشغالي وشدة أفكاري فأحلف على شيء ولا أبره شغلاً بالأمور العظيمة، فإذا وقفتَ عليه فكفرِّ عني.

(10)

من الإِمضاء أي لم أفعل حسبه بل أحنث فيه.

ص: 158

عَشَرَةَ مَسَاكِينَ خَمْسَةَ أَصْوُع (1) بُرٍّ بَيْنَ كُلِّ مِسْكِينَيْنِ صَاعٌ (2) .

740 -

أَخْبَرَنَا يُونُسُ (3) بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ يَسَارِ (4) بْنِ نُمَيْر (5)، عن يرفاء غُلَامِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لَهُ: إِنَّ عَلَيَّ أَمْرًا مِنْ أَمْرِ النَّاسِ جَسِيمًا (6) فَإِذَا رأيتَني قَدْ حلفتُ (7) عَلَى شَيْءٍ فَأَطْعِمْ عَنِّي عَشَرَةَ مَسَاكِينَ، كُلُّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صاع من بُرّ (8) .

(1) بفتح الألف وضم الواو جمع الصاع.

(2)

أي لكل مسكين نصف صاع.

(3)

قوله: يونس بن أبي إسحاق، قال السَّمعاني في "كتاب الأنساب: عند ذكر السبيعي بعد ما ضبطه بفتح السين المهملة وكسر الباء الموحدة وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحت بآخره عين مهملة، نسبةً إلى سبيع بطن من هَمْدان، وبالكوفة محلة معروفة بالسبيع لنزول هذه القبيلة بها، ومن العلماء المنسوبين إلى هذه المحلة أبو إسحاق السَّبيعي واسمه عمرو بن عبد الله بن علي بن أحمد السبيعي الهمداني، مولده سنة 29 في خلافة عثمان رأى عليّاً وأسامة وابن عباس والبراء بن عازب وزيد بن أرقم وأبا جحيفة وابن أبي أوفى، وروى عنه الأعمش والثوري ومنصور، مات سنة 127. ابنه يونس بن أبي إسحاق السَبيعي كنيته أبو إسرائيل، يروي عن أبيه، مات سنة 159، وفي "التقريب": يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي أبو إسرائيل الكوفي صدوق يهم قليلاً، مات سنة 152 على الصحيح.

(4)

قوله: عن يَسار، بفتح الياء، قال الحافظ في "التقريب": يسار بن نُمير المدني مولى عمر بن الخطاب، ثقة، نزل الكوفة.

(5)

بضم النون مصغَّراً.

(6)

أي عظيماً.

(7)

أي ثم حنثت.

(8)

أي حنطة.

ص: 159

741 -

أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ يَسَارِ بْنِ نُمَيْرٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَمَرَ أَنْ يُكَفَّرَ (1) عَنْ يَمِينِهِ بنصفِ صاعٍ لِكُلِّ مسكينٍ.

742 -

أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينة، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ (2)، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْكَفَّارَاتِ (3) فِيهِ إِطْعَامُ الْمَسَاكِينِ نصفُ صاعٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ.

2 -

بَابُ الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ إِلَى بَيْتِ (4) اللَّهِ

743 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عمَّته (5) أَنَّهَا حدَّثَتْه عَنْ جَدَّتِهِ: أَنَّهَا كَانَت جعلتْ عَلَيْهَا مَشْيًا إلى مسجد

(1) بصيغة المجهول.

(2)

هو ابن مالك الجزري.

(3)

ككفارة الظهار وكفارة فطر رمضان وكفارة حلق الرأس في الإِحرام.

(4)

قوله: عن عمّته، قال الزرقاني: قال ابن الحذاء: هي عمرة بنت حزم عمّة جَدّ عبد الله بن أبي بكر، وقيل لها عمته: مجازاً، وتعقبه الحافظ بأن عمرة صحابية قديمة، روى عنها جابر الصحابي، فرواية عبد الله عنها منقطعة لأنه

ص: 160

قُبَاءَ (1) فَمَاتَتْ، وَلَمْ تَقْضِه، فَأَفْتَى ابْنُ عَبَّاسٍ ابْنَتَهَا أَنْ تَمْشيَ (2) عَنْهَا.

744 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا عبد الله (3) بن أبي حبيبة، قال:

لم يدركها، فالأظهر أن المراد عمته الحقيقية وهي أمّ عمرو أو أمّ كلثوم. انتهى. والأصل الحمل على الحقيقة، وعلى مدّعي العمة المجازية بيان الرواية التي دعواه فيها خصوصاً مع ما لزم عليها من انقطاع السند والأصل خلافه.

(5)

قوله: عن عمّته، قال الزرقاني: قال ابن الحذاء: هي عمرة بنت حزم عمّة جَدّ عبد الله بن أبي بكر، وقيل لها عمته: مجازاً، وتعقبه الحافظ بأن عمرة صحابية قديمة، روى عنها جابر الصحابي، فرواية عبد الله عنها منقطعة لأنه لم يدركها، فالأظهر أن المراد عمته الحقيقية وهي أمّ عمرو أو أمّ كلثوم. انتهى. والأصل الحمل على الحقيقة، وعلى مدّعي العمة المجازية بيان الرواية التي دعواه فيها خصوصاً مع ما لزم عليها من انقطاع السند والأصل خلافه.

(1)

بضم القاف وبالمد موضع معروف بقرب المدينة.

(2)

قوله: أن تمشي عنها، لأن الأصل أن الإِتيان إلى قباء مرغَّب فيه، ولا خلاف في أنه قربة لمن قرب منه، ومذهب ابن عباس قضاء المشي عن الميت، ولم يأخذ بقوله في المشي الأئمة الأربعة (قال الموفق: إن نذر إتيان مسجد سوى المساجد الثلاثة لم يلزمه إتيانه، وإن نذر الصلاة فيه لزمته الصلاة دون المشي، ففي أي موضع صلّى أجزأه لأن الصلاة لا تخص مكاناً دون مكان فلزمته الصلاة دون الموضع، ولا يُعلم في هذا خلافاً إلا عن الليث فإنه قال: لو نذر صلاةً أو صياماً بموضع لزمه فلعله في ذلك الموضع ومن نذر المشي إلى مسجد مشى إليه. قال الطحاوي لم يوافقه على ذلك أحد من الفقهاء المغني 9/15) ، ولذا قال مالك: لا يمشي أحد عن أحد، وقال ابن القاسم: أنكر مالك أحاديث المشي إلى قباء ولم يعرف المشي إلى قباء ولم يعرف المشي إلى مكة خاصة، قال ابن عبد البر: يعني لا يعرف إيجاب المشي للحالف والناذر، وأما المتطوع فقد روى مالك أنه صلى الله عليه وسلم كان يأتي إليها راكباً وماشياً وأن إتيانه مرغّب فيه، كذا ذكر الزرقاني.

(3)

قوله: عبد الله بن أبي حبيبة، المدني مولى زبير بن العوام، روى عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف وعن عثمان، ذكره البخاري عن ابن مهدي، وروى عنه بكير بن الأشجّ ومالك، وأبو حنيفة في "مسنده" عنه سمعت أبا الدرداء، فذكر الحديث في فضل من قال لا إله إلا الله، قال ابن الحذاء: هو من الرجال الذين اكتُفي في معرفتهم برواية مالك عنهم، كذا في "شرح الزرقاني".

ص: 161

قُلْتُ لِرَجُلٍ وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ (1)، لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ - يَقُولُ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ وَلا يُسَمِّي (2) نَذْرًا - شيءٌ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: هَلْ لَكَ إِلَى أنْ أُعْطِيكَ هَذَا الجرْو (3) لِجَرْوِ قثَّاءٍ (4) فِي يَدِهِ، وَتَقُولُ: عَلَيَّ مَشْيٌ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى؟ فقلتُ (5) نَعَمْ، فقلتُه، فمكثتُ حِينًا (6) حَتَّى عقلتُ (7)، فَقِيلَ لِي: إِنَّ عَلَيْكَ (8) مَشْيًا. فجئتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذلك

(1) قوله: وأنا حديث السنّ، قال الباجي: يريد أنه لم يكن فقه الحديث لحداثة سنّه،

وقال ابن حبيب عن مالك: كان عبد الله يومئذ قد بلغ الحلم، وأعتقد أنّ لفظ الالتزام إذا عرى عن لفظ النذر لم يجب عليه شيء.

(2)

أي لا يذكر لفظ النذر.

(3)

الجرو: بتثليث الجيم: الصغير من كل شيء كما في "القاموس".

(4)

بكسر القاف وتشديد الثاء المثلثة وقد يفتح القاف: خيار (والجملة في موضع الحال أي مشيراً بلفظ هذا الجرو إلى جرو قثاء كان (في يده) وفي نسخة: بيده، شُبّهت بصغار أولاد الكلاب للينها ونعومتها، كذا في الأوجز 9/18) .

(5)

قوله: فقلت نعم، قال الباجي: ما كان ينبغي ذلك للرجل فربما حمله اللجاج على أمر لا يمكنه الوفاء به وكان ينبغي أن يعلمه بالصواب، فإن قبل وإلا حضّه على السؤال، ولعله اعتقد فيه أنه إن لم يلزمه هذا القول ترك السؤال، وإن لزم دعته الضرورة إلى السؤال عنه.

(6)

أي زماناً.

(7)

أي صرت ذا عقل وفقه.

(8)

أي لزم عليك المشي إلى بيت الله بقولك.

ص: 162

فَقَالَ (1) : عَلَيْكَ مشيٌ. فَمَشَيْتُ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ. مَنْ جَعَلَ عَلَيْهِ الْمَشْيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ لَزِمَهُ (2) المشيُ إِنْ جَعَلَهُ نَذْرًا أَوْ غَيْرَ نَذْرٍ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةِ من فقهائنا رحمهم الله تعالى.

(1) قوله: فقال: عليك مشي، قال مالك: وهذا هو الأمر عندنا، وبه قال ابن عمر وطائفة، ورُوي مثله عن القاسم بن محمد، والمعروف عن سعيد بن المسيّب خلاف ما روى عنه ابن أبي حبيبة (أما رواية ابن أبي حبيبة، فقال الباجي: إن إسنادها إلى سعيد ضعيف. انظر: المنتقى 3/232. وقال الزرقاني: إن ثبت ما قال: إنه المعروف عنده فيكون رجع عن ذلك وإلا فالإِسناد إليه صحيح، مالك عن ابن أبي حبيبة عنه لا سيما وهو صاحب القصة. شرح الزرقاني 3/58) ، وأنه لا شيء عليه حتى يقول عليّ نذر المشي إلى بيت الله، كذا قال ابن عبد البر.

(2)

قوله: لزمه المشي، أي مع الحج أو العمرة سواء أطلق لفظ النذر أو لم يطلق وسواء قال عليّ المشي إلى بيت الله أو إلى الكعبة أو إلى مكة أو بمكّة، وسواء قال ذلك في مكة أو في خارجها، فيلزم في هذه الصور أحد النُّسُكين ماشياً لأنه تُعُورف إيجاب أحد النسكين به، فصار فيه مجازاً لغوياً حقيقةً عرفية مثل ما لو قال: عليّ حجة أو عمرة، بخلاف ما إذا قال عليّ الذهاب إلى مكة أو الذهاب لله أو عليّ السفر إلى مكة أو الركوب إليها أو المسير إليها أو نحو ذلك، فإنه لا يلزمه فيها شيء لعدم تعارف إيجاب النُّسُكين بهما، وعدم كون السفر ونحوه قربة مقصودة، وكذا إذا قال: عليّ المشي إلى بيت الله وأراد به مسجدا من المساجد وكذا في عليّ المشي إلى بيت المَقْدس، أو إلى المدينة المنورة، وكذا في عليّ الشدّ أو الهرولة أو السعي إلى مكة أو المشي إلى أستار الكعبة أو ميزابها

ص: 163