الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 - بَابُ المكاتَب
(1)
855 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ (2) مِنْ مُكَاتَبَتِهِ شَيْءٌ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ. وَهُوَ (3) قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ العَبْد (4) فِي شَهَادَتِهِ (5) وَحُدُودِهِ وَجَمِيعِ أمره (6) ، إلا أنه لا سبيل
(1) قوله: ما بقي عليه من مكاتبته، أي مال كتابته شيء ولو قلّ، وعند ابن أبي شيبة عنه قال: المكاتب عبدٌ ما بقي عليه درهم، وورد مرفوعاً عند أبي داود والنسائي والحاكم عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً: العبد مكاتب ما بقي عليه من مكاتبته درهم، قاله الزرقاني.
(2)
قوله: ما بقي عليه من مكاتبته، أي مال كتابته شيء ولو قلّ، وعند ابن أبي شيبة عنه قال: المكاتب عبدٌ ما بقي عليه درهم، وورد مرفوعاً عند أبي داود والنسائي والحاكم عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً: العبد مكاتب ما بقي عليه من مكاتبته درهم، قاله الزرقاني.
(3)
قوله: وهو قول أبي حنيفة، وبه قال مالك والشافعي وأحمد وجمهور السلف والخلف، وكان فيه اختلاف الصحابة، فعند ابن عباس يُعتق المكاتب بنفس عقد الكتابة، وهو غريم المولى بما عليه من بدل الكتابة، ففي "مصنف ابن أبي شيبة" عنه قال: إذا بقي عليه خمس أوراق أو خمس ذَوْد أو خمس أوسق فهو غريم. وعند ابن مسعود: بعتق إذا أدَّى قدر قيمتهة نفسه، فأخرج عبد الرزاق عنه قال: إذا أدَّى قدر ثمنه فهو غريم. وعند زيد بن ثابت: لا يعتق وإن بقي عليه درهم، أخرجه عنه الشافعي وابن أبي شيبة والبيهقي. ومثله أخرجه ابن أبي شيبة عن عمر وعثمان، وعبد الرزاق عن أم سلمة وعائشة وابن عمر، وهو مؤيَّد بالأحاديث المرفوعة الثابتة، كذا ذكره العيني في "البناية".
(4)
أي المكاتب.
(5)
أي في باب الشهادات، وحدود الزنا أو السرقة وغيره.
(6)
أي جملة أحكامه.
لِمَوْلاهُ (1) عَلَى مَالِهِ مَا دَامَ مُكَاتَبًا.
856 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ الْمَكِّيُّ: أَنَّ مُكَاتَبًا (2) لابْنِ الْمُتَوَكِّلِ هَلَكَ (3) بِمَكَّةَ وَتَرَكَ عَلَيْهِ (4) بَقِيَّةً (5) مِنْ مُكَاتَبَتِهِ، وَدُيُونِ النَّاسِ، وَتَرَكَ ابْنَةً (6) ، فَأَشْكَلَ (7) عَلَى عَامِلِ مَكَّةَ الْقَضَاءُ فِي ذَلِكَ، فَكَتَبَ (8) إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ أَنِ ابْدَأْ (9) بِدُيُونِ النَّاسِ فاقْضِها، ثُمَّ اقْضِ (10) مَا بقي عليه مُكَاتَبَتِهِ، ثُمَّ اقْسِمْ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ بين ابنته ومواليه.
(1) أي لا يجوز له التصرف في كسبه لأنه مالك في يده.
(2)
قال الزرقاني: اسمه عبّاد.
(3)
أي مات.
(4)
أي على ذمّته ومات قبل الأداء.
(5)
أي قدراً من مال كتابته الذي كاتبه مولاه عليه.
(6)
أي من ورثته.
(7)
قوله: فأشكل، أي وقع الإِشكال على أمير مكة وعاملها من جانب عبد الملك بن مروان الخليفة إذ ذاك الحكم في هذه الصورة لعدم علمه بذلك وتردُّده في أنه مات حرّاً أم عبداً.
(8)
قوله: فكتب، أي كتب ذلك العامل إلى ابن مروان، وكان بالشام يسأله عن الحكم في هذه الصورة.
(9)
أي أدِّ أوّلاً ديون الناس على المكاتب من ماله.
(10)
أي إلى مولاه.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ (1) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةِ مِنْ فُقَهَائِنَا أَنَّهُ (2) إِذَا مَاتَ بُدِئ بدُيُونِ النَّاسِ ثُمَّ بِمُكَاتَبَتِهِ (3) ، ثُمَّ مَا بَقِيَ كَانَ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ الأَحْرَارِ مَن كَانُوا (4) .
857 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عِنْدِي: أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ سُئِلا عَنْ رَجُلٍ كاتبَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى وَلَده ثُمَّ هلك (5)
(1) قوله: وبهذا نأخذ، تفصيله على ما في "الهداية"، وشروحها، أنه إذا مات المكاتب من غير أداء جميع بدل كتابته أدّى بعضه أو لم يؤد شيئاً، فإن كان له مال لم تنفسخ الكتابة، وقضى ما عليه من بدل الكتابة وحُكم بعتقه في آخر جزء من أجزاء حياته، وما بقي فهو ميراث لورثته وتعتق أولاده المولودون في الكتابة والمشترون فيها، فإن كان عليه دَيّنَ للناس بُدِئ بأدائه. وهو المرويّ عن عليّ، أخرجه ابن شيبة وعبد الرزاق، وابن مسعود أخرجه البيهقي، وبه قال الحسن وابن سرين والنخعي والشعبي والثوري وعمرو بن دينار وإسحاق بن راهوية، وأهل الظاهر. وعند الشافعي تبطل الكتابة ويحكم بموته عبداً، وما ترك فهو لمولاه لا لورثته، وبه قال أحمد وقتادة وعمر بن عبد العزيز، وإمامهم فيه زيد بن ثابت أخرجه البيهقي عنه. وإن لم يترك وفاءً وترك ولداً مولوداً في الكتابة يبقى في كتابة أبيه على نجوم أبيه لدخوله في كتابته، فإذا أدى حُكم بعتق أبيه قبل موته، وعُتق الولد. والمسألة مبسوطة بذيولها في موضعها بدلائلها.
(2)
أي المكاتب.
(3)
أي بأدائها إلى المولى.
(4)
رجالاً أو نساءاً من أصحاب الفرائض أو العصبات.
(5)
أي مات.
الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ بَنِينَ، أيسعَوْن فِي مُكَاتَبَةِ أَبِيهِمْ أَمْ هُمْ عَبِيدٌ (1) ؟ فَقَالَ: بَلْ يَسْعَون (2) فِي كِتَابَةِ أَبِيهِمْ، وَلا يُوضَعُ (3) عَنْهُمْ لِمَوْتِ أَبِيهِمْ شَيْءٌ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ. وَهُوَ قَوْلُ أبي حنيفة فإذا أدَّوْا عَتِقوا جميعاً.
858 -
أخبرنامالك أَخْبَرَنَا مخبرٌ أَنَّ أمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ تُقَاطِعُ (4) مُكَاتَبِيْها بِالذَّهَبِ والوَرِق. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
1 -
بَابُ السَّبَق (5) فِي الْخَيْلِ
859 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سعيد قال: سمعت
(1) أي أرقّاء خالصون لا يسعَوْن.
(2)
لكونهم مكاتبين.
(3)
أي لا يحطّ عنهم ولا ينقص شيء.
(4)
قوله: كانت تقاطع، أي تأخذه منهم عاجلاً في نظير ما كاتبهم عليه. مكاتبيها بالذهب والوَرِق، بكسر الراء أي الفضة وكانت قد كاتبت عدة، منهم سليمان وعطاء وعبد الله وعبد الملك، كلهم أبناء يسار، وكلهم أخذ العلم عنها، وعطاء أكثرهم حديثاً، وسليمان أفقههم، وكلهم ثقات، وكاتبت أيضاً نبهان ونفيعاً، كذا في "شرح الزرقاني".
(5)
ليس بِرِهان الخيل باس: أي لا بأس بما يتراهن عليها عند المسابقة.
سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: لَيْسَ برهانِ (1) الْخَيْلِ بَأْسٌ، إِذَا أَدْخَلُوا فِيهَا محلِّلاً (2) إِنْ سَبَق (3) أخَذّ السَّبَقَ (4) ، وَإِنْ سُبق (5) لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ (6) .
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ. إِنَّمَا يُكْرَهُ (7) من هذا أن يضيع كل واحد
(1) ليس بِرِهان الخيل باس: أي لا بأس بما يتراهن عليها عند المسابقة.
(2)
بكسر اللام هو من يكون باعثاً على حِلّ العقد.
(3)
أي ذلك المُحَلِّل.
(4)
أي ذلك المال الذي وُضع عند ذلك.
(5)
بالمجهول أي سبقه غيره.
(6)
أي لم يغرَّم شيئاً.
(7)
قوله: إنما يُكره إلخ، تفصيله على ما في "المحيط" و "الذخيرة" وغيرهما، أن المسابقة إن كانت بغير شرط وعوض فهو جائز، وإن كان بعوض وشرط فإن كان من الجانبين بأن يقول الرجل لآخر إن سبق فرسك أو إبلك أو سهمك أعطيتك كذا، وإن سبق فرسي وغير ذلك أخذت منك كذا، أو يضع كل منهما مالاً بشرط أن السابق أيهما كان يأخذهما، فهو غير جائز لأنه من صور القمار والميسر المنهيّ عنه، وفيه تعليق التمليك بالخطر، فأما إذا كان المال من أحدهما بأن يقول: إن سبقتني فلك كذا، وإن سبقناك فلا شيء لنا، أو كان المال من اثنين لثالث، بأن يقولا إن سبقتَنا فالمالان لك، وإن سبقناك فلا شيء عليك، فهو جائز، وإنما جازت المسابقة في غير صورة القمار لاشتماله على التحريض لا سيما في آلات الحرب كالفرس والسهم وغير ذلك، والمراد بالجواز في صورة الجواز حلّ أخذ المال لا الاستحقاق، فإنه لا يستحق بالشرط شيءٌ لعدم العقد والقبض، صرحّ به في "الفتاوي البزازية"، وهكذا الحال في المسابقة بالأقدام، والشرط في المسائل، قال في "الذخيرة": لم يذكر محمد في "الكتاب" المخاطرة في الاستباق بالأقدام،
مِنْهُمَا سَبَقاً (1) ، فَإِنْ سَبَقَ أحدُهما أَخَذَ السَّبقَينْ (2) جَمِيعًا، فَيَكُونُ هَذَا كَالْمُبَايَعَةِ (3) ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ السَّبق مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ كَانُوا (4) ثَلاثَةً والسَّبق مِنِ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ، وَالثَّالِثُ لَيْسَ مِنْهُ سَبْقٌ، إِنْ سَبَق (5) أخَذَ (6) وَإِنْ لَمْ يسبقْ لَمْ يَغْرَمْه (7) ، فَهَذَا لا بَأْسَ بِهِ أَيْضًا. وَهُوَ
ولا شك أن المال إذا كان مشروطاً من الجانبين لا يجوز، وإن كان كان من جانب واحد يجوز لحديث الزهري: كانت المسابقة بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخيل، والركاب، والأرجل. ولأن الغزاة يحتاجون إلى رياضة أنفسهم كما يحتاجون إلى رياضة الدوابّ. وحُكي عن الشيخ الإِمام أبي بكر محمد بن الفضل: أنه إذا وقع الخلاف في المتفقِّهَيْن في مسألةٍ فأرادا الرجوع إلى الأستاذ وشرط أحدهما لصاحبه أنه إن كان الجواب كما قلت أعطيتك كذا، وإن كان الجواب كما قلت فلا آخذ منك شيئاً ينبغي أن يجوز وإن كان من الجانبين لا يجوز.
(1)
أي مالاً للغالب (السبق - بفتحتين - ما يجعل من المال رهناً على المسابقة، وهو الذي يسمى جُعْلاً، بضم الجيم وسكون العين، ويشترط عند المالكية أن يكون مما يصح بيعه، كذا في الأوجز 8/397) .
(2)
سَبَق نفسه وسَبَق غيره.
(3)
أي كالقمار.
(4)
أي المتسابقون.
(5)
أي الثالث.
(6)
أي ذلك المال.
(7)
أي لم يضمن لغيره شيئاً.
المحلِّل (1) . الَّذِي قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ.
860 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: إِنَّ القَصْواءَ (2) نَاقَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ تَسْبق (3) كُلَّمَا وَقَعَتْ فِي سَبَاق (4) ، فَوَقَعَتْ (5) يَوْمًا فِي إِبِلٍ، فسُبقت (6) ، فَكَانَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (7) كَآبَةٌ (8) أَنْ سُبِقَتْ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّ الناس (9) إذا
(1) أي الثالث.
(2)
قوله: إن القصواء، بالفتح هي الناقة المقطوعة الأذن في الأصل، والعضباء في الأصل مشقوقة الأذن، وكان لرسول الله ناقة تسمّى بهذين الاسمين، وكان ذلك لقباً لها، ولم تكن مشقوقة الأذن ولا مقطوعتها، كذا في "فتح الباري" وغيره.
(3)
أي على غيرها من النُّوق.
(4)
أي مسابقة.
(5)
قوله: فوقعت، في رواية البخاري عن أنس: كالنبي صلى الله عليه وسلم ناقةٌ تسمَّى العضباء لا تُسْبَق، فجاء أعرابي على قَعُوْدٍ - وهو بالفتح: ما استحق للركوب من الإِبل - فسبقها، فشق ذلك على المسلمين حتى عرفه، فقال: حقٌّ على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وَضَعَه.
(6)
أي صارت مسبوقة.
(7)
في نسخة: المؤمنين.
(8)
بمدّ الألف أي حزن وملال بسبب أن صارت الناقة النبوية مسبوقة.
(9)
قوله: إن النَّاسَ، قال القاري: يشير إلى مفهوم قوله تعالى: (وهو القاهر فوق عباده) ومفهوم الحديث أنهم إذا خفضوا أو أرادوا خفض شيء رفعه الله نقضاً عليهم وتنبيهاً لهم أنه هو الرافع الخافض لا رافعَ لما خفضه، ولا خافض لما
رَفَعُوا (1) شَيْئًا، أَوْ أَرَادُوا رَفْعَ شَيْءٍ وَضَعَه اللَّهُ (2) .
قال محمد: وبهذا نأخُذُ. لا بأس (3) بالسَّبْقِ في النَصْل والحافر والخُفِّ.
رفعه، وأنهم لو اجتمعوا على شيء لم يقدِّره الله لم يقدروا عليه، ولم يصلوا إليه، وإن كان من جملتهم الأنبياء والأولياء.
(1)
أي في زعمهم.
(2)
أي خَفَضَه وأظهر فيه نقضاً.
(3)
قوله: لا بأس بالسبق، بالفتح والسكون: مصدر، أي المسابقة في النَصْل هو بالفتح، حديدة السهم أي في المسابقة في السهام. والحافر، أي حافر الخيل والبغال والحمير. والخُفّ، أي خفُّ الإِبل. وقد ورد:"لا سبق إلا في نَصْل أو خف أو حافر" أخرجه الترمذي وحسّنه وابن حبان وصححه عن ابي هريرة مرفوعاً. وبه قَصَر مالك والشافعي جواز المسابقة بهذه الأشياء، وخصّه بعض العلماء بالخيل. وأجازه عطاء في كل شيء قاله الزرقاني.