المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الدِّيات

- ‌1 - بَابُ الدِّيَةِ فِي الشَّفَتَيْن

- ‌2 - بَابُ دِيَةِ الْعَمْدِ

- ‌4 - بَابُ دِيَةِ الأَسْنَانِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يَرِثُ مِنْ دِيَةِ امْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةُ تَرِثُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا

- ‌8 - باب الجروح وما فيها من الأرش

- ‌9 - بَابُ دِيَةِ الْجَنِينِ

- ‌11 - بَابُ الْبِئْرِ جُبار

- ‌13 - بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌1 - بَابُ الْعَبْدِ يَسْرِقُ مِنْ مَوْلاهُ

- ‌7 - بَابُ الْمُخْتَلِسِ

- ‌أبواب الحُدودِ في الزنَاء

- ‌1 - باب الرجم

- ‌2 - باب الإِقرار بالزناء

- ‌5 - بَابُ الْحَدِّ فِي التَّعْرِيضِ

- ‌6 - بَابُ الحدِّ فِي الشُّرْبِ

- ‌7 - بَابُ شُرْبِ البِتْعِ والغُبَيْرَاء وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌8 - بَابُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَمَا يُكره مِنَ الأَشْرِبَةِ

- ‌11 - بَابُ نَبِيذِ الطِّلاء

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌1 - بَابُ مِيرَاثِ الْعَمَّةِ

- ‌2 - بَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَلْ يُورَثُ

- ‌3 - بَابُ لا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ

- ‌4 - بَابُ مِيرَاثِ الْوَلاءِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يُوصِي عِنْدَ مَوْتِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ

- ‌3 - بَابُ مَنْ جَعَل عَلَى نَفْسِهِ الْمَشْيُ ثُمَّ عَجَزَ

- ‌4 - بَابُ الاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ

- ‌5 - بَابُ الرَّجُلِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ

- ‌6 - بَابُ مَنْ حَلَفَ أَوْ نَذَرَ فِي مَعْصِيَةٍ

- ‌8 - بَابُ الرَّجُلِ يَقُولُ: مَالُه فيِ رِتَاج الْكَعْبَةِ

- ‌9 - بَابُ اللَّغْو مِنَ الأَيْمان

- ‌4 - بَابُ مَا يُكره مِنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ

- ‌5 - بَابُ مَا لَمْ يُقبض مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الشَّعِيرَ بِالْحِنْطَةِ

- ‌13 - بَابُ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ

- ‌14 - بَابُ شِرَاءِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ

- ‌15 - بَابُ الرَّجُلِ يُساوِمُ الرجلَ بِالشَّيْءِ فَيَزِيدُ عَلَيْهِ أَحَدٌ

- ‌16 - بَابُ مَا يُوجِبُ الْبَيْعَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي

- ‌20 - بَابُ الِاشْتِرَاطِ فِي الْبَيْعِ وَمَا يُفْسِده

- ‌22 - بَابُ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ وَلَهَا زَوْجٌ أَوْ تُهدى إِلَيْهِ

- ‌28 - بَابُ الْقَضَاءِ

- ‌29 - بَابُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ

- ‌30 - بَابُ النُّحْلَى

- ‌4 - بَابُ مَا يُكره مِنْ قَطْعِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ

- ‌10 - بَابُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَاتِ وَادِّعَاءِ النَّسَب

- ‌11 - بَابُ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ

- ‌13 - بَابُ الرَّهْن

- ‌14 - بَابُ الرَّجُلِ يَكُونُ عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطة

- ‌1 - باب الشفعة

- ‌1 - بَابُ المكاتَب

- ‌أَبْوَابُ السِّيَر

- ‌3 - بَابُ قَتْلِ النِّسَاءِ

- ‌4 - بَابُ الْمُرْتَدِّ

- ‌5 - بَابُ مَا يُكره مِنْ لُبْس الْحَرِيرِ والدِّيباج

- ‌8 - بَابُ نُزُولِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ وَمَا يُكره مِنْ ذَلِكَ

- ‌9 - بَابُ الرَّجُلِ يُقيم الرجلَ مِنْ مَجْلِسِهِ لِيَجْلِسَ فِيهِ وَمَا يُكره مِنْ ذَلِكَ

- ‌10 - بَابُ الرُّقَى

- ‌11 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْفَأْلِ وَالِاسْمِ الْحَسَنِ

- ‌12 - بَابُ الشُّرْبِ قَائِمًا

- ‌14 - بَابُ الشُّرْبِ وَالأَكْلِ بِالْيَمِينِ

- ‌17 - بَابُ فَضْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌22 - بَابُ الاسْتِئْذَانِ

- ‌25 - بَابُ النَّظَرِ إِلَى اللَّعِبِ

- ‌27 - بَابُ الشَّفَاعَةِ

- ‌28 - باب الطيب للرجل

- ‌29 - بَابُ الدُّعَاءِ

- ‌30 - بَابُ رَدِّ السَّلامِ

- ‌31 - بَابُ الدُّعَاءِ

- ‌34 - بَابُ مَا يُكره مِنْ أَكْلِ الثُّومِ

- ‌35 - بَابُ الرُّؤْيَا

- ‌36 - بَابُ جَامِعِ الْحَدِيثِ

- ‌27 - بَابُ الزُّهْدِ وَالتَّوَاضُعِ

- ‌38 - بَابُ الْحُبِّ فِي اللَّهِ

- ‌39 - بَابُ فَضْلِ الْمَعْرُوفِ وَالصَّدَقَةِ

- ‌40 - بَابُ حَقِّ الْجَارِ

- ‌41 - بَابُ اكْتِتَابِ الْعِلْمِ

- ‌42 - بَابُ الْخِضَابِ

- ‌45 - بَابُ النَّفْخِ فِي الشُّرْب

- ‌48 - بَابُ صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌49 - بَابُ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا يُستحب مِنْ ذَلِكَ

- ‌50 - بَابُ فَضْلِ الْحَيَاءِ

- ‌51 - بَابُ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ

- ‌52 - بَابُ حَقِّ الضِّيَافَةِ

- ‌56 - بَابُ النَّوَادِرِ

- ‌59 - بَابُ كَسْب الحَجّام

- ‌60 - بَابُ التَّفْسِيرِ

- ‌[خاتمة المعلق]

الفصل: ‌1 - باب العبد يسرق من مولاه

كتاب الحدود (1) في السرقة (2)

‌1 - بَابُ الْعَبْدِ يَسْرِقُ مِنْ مَوْلاهُ

681 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 45

عَبْدَ اللَّهِ (1) بْنَ عَمْرٍو الْحَضْرَمِيَّ جَاءَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بعبدٍ لَهُ، فَقَالَ: اقْطَعْ هَذَا فَإِنَّهُ سَرَقَ، فَقَالَ: وماذا سرق؟ فقال: سَرَقَ مِرْآةً (2) لامْرَأَتِي ثَمَنُهَا سِتُّونَ دِرْهَمًا، قَالَ عُمَرُ: أرسِلْه لَيْسَ (3) عَلَيْهِ قَطْعٌ، خَادِمُكُمْ سَرَقَ مَتَاعَكُمْ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا (4) نَأْخُذُ. أيَّما رَجُلٍ له عبد سرق من

(1) قوله: أن عبد الله بن عمرو، بفتح العين ابن الحَضرمي بفتح المهملة اسمه عبد الله بن عمَّار، وهو ابن أخي العلاء بن الحضرمي، قُتل أبوه في السنة الأولى من الهجرة كافراً، قال في "الإِصابة": ومقتضى موت أبيه أن يكون له عند الوفاة النبوية نحو تسع سنين، كذا ذكره الزقاني.

(2)

بكسر الميم وسكون الراء على وزن مفتاح: آلة نظر الوجه.

(1)

قوله: أن عبد الله بن عمرو، بفتح العين ابن الحَضرمي بفتح المهملة اسمه عبد الله بن عمَّار، وهو ابن أخي العلاء بن الحضرمي، قُتل أبوه في السنة الأولى من الهجرة كافراً، قال في "الإِصابة": ومقتضى موت أبيه أن يكون له عند الوفاة النبوية نحو تسع سنين، كذا ذكره الزقاني.

(2)

بكسر الميم وسكون الراء على وزن مفتاح: آلة نظر الوجه.

(3)

قوله: ليس عليه قطع، أي لا يجب عليه بسرقته قطع اليد، فإنه خادمكم سرق متاعكم، والخادم إذا سرق متاع مولاه لا يجب عليه القطع (وروى ابن الموّاز عن مالك أن عبد إذا سرق من متاع زوجة سيده من بيت أذن له في دخوله فلا قطع عليه، وإن سرقه من بيت لم يؤذَن له في دخوله فإنه يقطع، وكذلك عبد الزوجة يسرق من مال الزوجة. المنتقى 7/184. وقد أخرج هذا الأثر الشافعي أيضاً من طريق مالك والدارقطني من طريق سفيان عن الزهري، ذكره في "التلخيص".

(4)

قوله: وبهذا نأخذ، المسألة مختلف فيها بين الأئمة على ما هو مبسوط

ص: 46

ذِي رَحِمٍ (1) مُحَرَّمٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ مَوْلاهُ أَوْ مِنِ امْرَأَةِ مَوْلاهُ أَوْ مِنْ زَوْجِ مَوْلاتِهِ فَلا قَطْعَ عَلَيْهِ فِي مَا يَسْرِقُ وَكَيْفَ (2) يَكُونُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ فِيمَا سَرَقَ مِنْ أُخْتِهِ أَوْ أَخِيهِ أَوْ عمَّته أَوْ خَالَتِهِ، وَهُوَ (3) لَوْ كَانَ مُحْتَاجًا زَمِناً (4) أَوْ صَغِيرًا أَوْ كَانَتْ (5) مُحْتَاجَةً أُجبر عَلَى (6) نَفَقَتِهِمْ فَكَانَ لهم (7) في ماله نصيب،

في "الهداية" و"البناية"، فعندنا من سرق من أبويه أو ولده أو ذي رحم محرم منه كالأخ والأخت والعمّ والخال لا يُقطع، وقال مالك وأبو ثور وابن المنذر والخرقي من أصحاب أحمد: يقطع السارق من أبويه، وكذا من الجَدّ وإنْ علا، وكذا من الولد، وفي السرقة من ذي رحم محرم غير قرابة الولاد خلاف الأئمة الثلاثة، فعندهم يقطع، والوجه لنا أن في مثل هذه القرابات يكون بسط في الأموال، والدخول في الحرز بغير إذن بخلاف غيرها من القرابة البعيدة، وكذلك السرقة من مال سيّده أو سيدته أو زوجة سيده أو زوج سيدته، وقال مالك وأبو ثور وابن المنذر: يجب القطع بسرقة العبد من مال سيدته أو من زوجة سيده أو من زوج سيدته وقال داود يقطع بسرقة مال السيد أيضاً.

(1)

أي ذي قرابة للعبد ومحرمه.

(2)

أي كيف يجب عليه القطع.

(3)

أي والحال أن السارق.

(4)

الزَّمِن بفتح الأول وكسر الثاني، مرد برجامانده ومبتلاشده وآفت رسيده (في الفارسية) ، كذا في "المنتخب".

(5)

أي الأخت وغيرها.

(6)

الظاهر: أُجبروا على نفقته فكان له في مالهم نصيب.

(7)

أي لكل واحد من السارق ومن سرق منه ممن ذُكر في مال الآخر.

ص: 47

فَكَيْفَ يُقْطَعُ (1) مَنْ سَرَقَ مِمَّنْ لَهُ (2) فِي مَالِهِ (3) نَصِيبٌ؟! وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةِ مِنْ فُقَهَائِنَا.

2 -

بَابُ مَنْ سَرَقَ ثَمَرًا (4) أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُحْرَزْ (5)

682 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حدَّثنا عَبْدُ اللَّهِ (6) بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن

(1) قوله: فكيف يقطع

إلخ، يشير إلى أصل كلي، وهو أن السارق إذا سرق من مال له فيه نصيب أو شركة أو حق، والسارق من رجل له أي للسارق في ماله أي ذلك الرجل نصيب بوجه من الوجوه لا يجب القطع، ويتفرَّع عليه فروع كثيرة مذكورة في كتب الفقه، ويؤيده ما في "البناية" و "التلخيص" أن أبي شيبة أخرج عن وكيع، عن المسعودي، عن القاسم أنَّ رجلاً سرق من بيت المال، فكتب فيه سعد إلى عمر، فقال: لا قطع عليه، ما من أحد إلَاّ وله فيه حق. وأخرج عبد الرزاق في "مصنفه" أنَّ علياً أُتي برجل سرق من المغنم فقال: له فيه نصيب وهو خائن، فلم يقطعه، وكان قد سرق مِغْفراً. وفي سنن ابن ماجة بسند ضعيف عن ابن عباس أن عبداً سرق من الخُمس، فرُفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقطعه، وقال: مال الله يسرق بعضه بعضاً.

(2)

أي للسارق.

(3)

أي مال المسروق منه.

(4)

بالمثلثة.

(5)

قوله: مما لم يُحْرَزْ، أي لم يُحفظ، والحرز على نوعين: أحدهما: أن يكون بالمكان المعدّ لحفظ الأموال كالدور والصندوق والحانوت وغيرها، وثانيهما: أن يكون بصاحب المتاع، فإذا سرق مالاً محرزاً وجب القطع وإلَاّ لا.

(6)

قوله: حدثنا عبد الله

إلخ، هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين بن الحارث بن عامر بن نوفل المكي القرشي النوفلي، روى عن

ص: 48

أَبِي حُسَيْنٍ أَنّ (1) رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لا قَطْعَ (2) فِي ثَمَرٍ معلَّق (3) ، وَلا فِي حريسةِ جَبَل (4) ، فَإِذَا (5) آوَاهُ المُرَاحُ أو الجَرِيْنُ فالقطع في ما بلغ

أبي الطفيل وأبي بكر بن حزم، وعنه شعبة ومالك وأمم، ثقة، عالم بالمناسك، كذا في "كاشف الذهبي" و "التقريب".

(1)

قوله: أن، قال ابن عبد البَرّ: لم يختلف رواة الموطأ في إرسال (وفي "المحلى": مرسل في الموطأ ومسند عند الترمذي والنسائي بإسنادهما. الأوجز 13/285) هذا الحديث في " الموطأ " ويتصل معناه من حديث عبد الله بن عمرو وغيره.

(2)

لعدم كونه محرزاً.

(3)

أي على الشجر.

(4)

قوله: ولا في حريسة جبل (قال الباجي: حريسة جبل - والله أعلم - الماشية التي تحرس في الجبل راعية. المنتقى 7/159)، قال ابن الأثير الجزري في "النهاية": أي ليس فيما يحرس بالجبل إذا سُرق قَطْع، لأنه ليس بمحرز، والحريسة: فعلية بمعنى مفعولة أي أن لها من يحرسها ويحفظها، ومنهم من يجعل الحريسة السرقة نفسها، يقال: حرس يحرس حرساً إذا سرق أي ليس فيما يسرق من الماشية بالجبل قطع.

(5)

قوله: فإذا آواه، بمدّ الهمزة من الإِواء، والمُراح بضم الميم: مبيت الغنم والإِبل الذي تروح إليه في المساء، والجَرين - بفتح الجيم - موضع يجفَّف فيه الثمار، وفيه لفّ ونشر غيرُ مرتَّب أي فإذا جمعت الماشية في المراح والثمار بعد القطع في الجرين فسُرق منها شيء لزم القطع لوجود الحرز، قال ابن العربي: اتفقت الأمة على أن شرط القطع أن يكون المسروق مُحْرَزاً ممنوعاً من الوصول إليه

ص: 49

ثَمَنَ المِجَنّ (1) .

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ. مَنْ سَرَق ثَمَرًا فِي رَأْسِ النَّخْلِ أَوْ شَاةً فِي الْمَرْعَى (2) فَلا قَطْعَ عَلَيْهِ، فَإِذَا أُتِيَ (3) بِالثَّمَرِ الجرينَ أَوِ الْبَيْتَ وأُتي بِالْغَنَمِ المُرَاحَ، وَكَانَ لَهَا (4) مَنْ يَحْفَظُها، فَجَاءَ سَارِقٌ سَرَقَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا يُسَاوِي ثَمَنَ المِجَنِّ، فَفِيهِ القطعُ، والمِجنّ كان (5) يساوي يومئذٍ عَشَرَةَ (6)

بمانع خلافاً لقوله الظاهرية: لا قطع في كل فاكهة رطبة ولو بحرزها، وليس مقصود الحديث ما ذهبوا إليه بدليل قوله: فإذا آواه.

(1)

بكسر الميم وفتح الجيم وتشديد النون: التُّرْس، وبالفارسية سبر.

(2)

بفتح الميم أي موضع الرعي.

(3)

أي قُطع وجُمع في الجرين.

(4)

قوله: وكان لها من يحفظها، قال القاري: كذا في الأصل، والظاهر أنه أو كان لها أي لكل من المذكورات.

(5)

قوله: والمِجَنّ كان يساوي يومئذٍ، أي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال العيني في " البناية ": اختلفوا في ثمن المجن الذي قطع به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل: كان عشرة دراهم، وقيل: ثلاثة دراهم، وقيل: خمسة دراهم، فقال الشافعي ومالك: أقل ما نقل في تقديره ثلاثة دراهم، والأخذ بالمتيقن أولى غير أن الشافعي قال: كانت قيمة الدينار على عهد الرسول اثنا عشر درهماً، والثلاثة ربعها، واحتج بما روى الترمذي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقطع في ربع دينار، واحتج مالك بما روي عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع سارقاً في مِجَنّ، قيمته ثلاثة دراهم، ولنا أن الأخذ بالأكثر في هذا الباب أولى احتياطاً للدرء والحدود تندرئ بالشبهات.

(6)

قوله: عشرة دراهم، هذا منقول عن إبراهيم النَّخَعي وابن عباس

ص: 50

دَرَاهِمَ، وَلا يُقْطَعُ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ. وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا رحمهم الله.

683 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سعيد، عن (1) محمد بن

غيرهما، ففي "كتاب الآثار" للمصنف: أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قال: لا يُقطع يد السارق في أقل من ثمن المِجَنّ، وكان ثمنه عشرة دراهم. قال: قال إبراهيم أيضاً: لا يُقطع في أقلّ من ثمن المِجَنّ وكان ثمنه يومئذٍ عشرة دراهم، ولا يُقطع في أقلّ من ذلك. وأخرج الطحاوي في "شرح معاني الآثار" من طريق محمد بن إسحاق، عن أيوب، عن موسى، عن عطاء، عن ابن عباس قال: كان قيمة المِجَنِّ الذي قطع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة دراهم. وأخرج عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو مثله، وأخرج من طريق سفيان عن منصور، عن مجاهد وعطاء، عن أيمن الحبشي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أدنى ما يُقطع فيه السارق ثمن المجن. قال: وكان يقوَّم يومئذٍ بدينار. وأخرج من طريق شريك، عن منصور، عن عطاء، عن أيمن بن أمّ أيمن، عن أمّ أيمن قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقطع يد السارق إلَاّ في جحفة. وقُوّمت على عهد رسول الله ديناراً أو عشرة دراهم. ومثله مخرَّج عند النسائي وأبي داود والحاكم (أخرجه الحاكم بسنده عن ابن عباس وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم. وشاهده حديث أيمن، وأقرَّه عليه الذهبي. انظر الأوجز 13/284) عن ابن عباس، وعند النسائي عن أيمن، وعند ابن أبي شَيْبة وغيره، والبسط في "تخريج أحاديث الهداية" للزيلعي وابن حجر.

(1)

قوله: عن محمد بن يحيى بن حَبّان أن غلاماً

إلخ، في رواية الطحاوي من طريق سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبّان، عن عمِّه واسع بن حبان أن عبداً سرق، الحديث.

ص: 51

يَحْيَى بْنِ حَبّان أنَّ غُلامًا (1) سَرَقَ وَدِيّاً (2) مِنْ حَائِطِ (3) رَجُلٍ، فَغَرَسه (4) فِي حائطِ سيّدِه، فخَرَج صاحبُ الوَدِيّ يَلْتَمِسُ (5) وَدِيَّه فَوَجَدَهُ، فَاسْتَعْدَى (6) عَلَيْهِ مروانَ (7) بنَ الْحَكَمِ، فسجنَه وَأَرَادَ قطعَ (8) يَدِهِ، فَانْطَلَقَ سيِّدُ الْعَبْدِ (9) إِلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيج (10) ، فسأله (11) فأخبره أنه سمع

(1) أي عبداً وكان لعمِّه واسع بن حبان، واسمه فيل، كما في "التمهيد".

(2)

قوله: وَدِيّاً (قال الباجي: الوديّ الفسيل وهو صغار النخل. المنتقى 7/182)، بفتح الواو وكسر الدال وتشديد الياء: غصن من النخل يُقطع منه فيُغرس، كذا في "المغرب".

(3)

الحائط بمعنى البستان.

(4)

أي ذلك الودي.

(5)

أي يطلبه.

(6)

أي صاحب الوديّ على العبد عند مروان، يقال: استعدى فلان الأمير على فلان أي استعان، فأعداه عليه أي نصره، والاستعداء طلب المعونة، كذا في "المغرب".

(7)

وهو أمير المدينة من جهة معاوية.

(8)

أي حبس مروان ذلك العبد وقَصَد قَطْعَه.

(9)

أي واسع بن حَبّان، كما في رواية.

(10)

بفتح الخاء وكسر الدال.

(11)

أي عن حكم هذه الواقعة.

ص: 52

رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ (1) : لا قَطْعَ فِي ثمرٍ وَلا كَثَرٍ.

(1) قوله: يقول لا قطع

إلخ، هذا الحديث أخرجه أحمد والأربعة، وصححه ابن حبان من طرق عن مالك وغيره عن يحيى بن سعيد، قال ابن العربي: فإنْ كان فيه كلام فلا يُلتفت إليه. وقال الطحاوي: تلقت الأئمة متنه بالقبول. وقال أبو عمر (في الأصل: أبو عمرو، وهو تحريف) بن عبد البَرّ: هذا حديث منقطع، لأن محمداً لم يسمعه من رافع، وتابع مالكاً عليه سفيانُ الثوري والحمّادن وأبو عَوَانة ويزيد بن هارون وغيرهم. ورواه سفيان بن عيينة، عن يحيى بن محمد، عن عمّه واسع، عن رافع. وكذا رواه حماد بن دليل المدائني، عن شعبة، عن يحيى بن سعيد به، فإن صح هذا فهو متصل مسند صحيح، لكن قد خُولف ابن عيينة في ذلك، ولم يُتابَع عليه إلَاّ ما رواه حماد بن دليل، فقيل: عن محمد، عن رجل من قومه، وقيل: عنه، عن عمة له، وقيل: عنه، عن أبي ميمونة، عن رافع، وخولف عن حماد أيضاً، فرواه غيره عن شعبة، عن يحيى، عن محمد، عن رافع، والظاهر أنَّ مثل هذا الاختلاف غير قادح في ثبوت أصل الحديث، وله شاهد عند أبي داود من حديث عبد الله بن عمرو، وعند ابن ماجه من حديث أبي هريرة، وإسنادُ كلِّ منهما صحيح، كذا في "شرح الزرقاني"، وذكر الطحاوي في "شرح معاني الآثار" أنّ قوماً منهم أبو حنيفة ذهبوا إلى أن لا يُقطع في شيء من الثمر والكثر والفواكه الرطبة مطلقاً سواء أُخذ من حائط صاحبه أو منزله بعد ما قطعه وأحرزه فيه، وقالوا أيضاً: لا قطع في جريد النخل ولا في خشبه، لأن رافعاً لم يسأل عن قيمة الوديّ وعما كان فيه من الجريد والخشب، وخالفهم في ذلك آخرون منهم أبو يوسف، فقالوا: هذا الذي حكاه رافع محمول على الثمر والكثر المأخوذَيْن من الحوائط التي ليست بحرز، فأما ما كان من ذلك مما قد أُحرز فحكمه حكم سائر الأموال، يجب القطع على من سرق منه قدر المقدر الذي يجب فيه القطع واحتجوا في ذلك بحديث: فإذا آواه المُراح أو الجرين، وأجاب عنه صاحب " الهداية " من قِبَل أبي حنيفة أن

ص: 53

والكَثَر (1) الجُمّار. قَالَ الرَّجُلُ (2) : إِنَّ مَرْوَانَ أَخَذَ غُلامِي وَهُوَ يُرِيدُ قطعَ (3) يَدِهِ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تَمْشِيَ إِلَيْهِ (4) فَتُخْبِرَهُ بِالَّذِي سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَشَى (5) مَعَهُ حَتَّى أَتَى مَرْوَانَ، فَقَالَ لَهُ رَافِعٌ: أخذتَ (6) غلامَ هَذَا؟ فَقَالَ (7) : نَعَمْ، قَالَ: فَمَا أنت صانع (8) قال: (9) : أريد قطع يده،

قوله: فإذا آواه الجرين مخرج على العادة فإنَّ عادتهم كان على أنهم لا يضعون في الجرين إلَاّ اليابس، فلا قيد القطع إلَاّ في اليابس وهو كذلك عنده أيضاً لا في الفواكه الرطبة، وفيه نظر ظاهر.

(1)

قوله: والكَثَر، هو بفتحتين: الجُمّار - بضم الجيم وتشديد الميم في آخره راء مهملة - قال الجوهريّ: هو شحم النخل، وفي "المغرب": جمر شعره: جَمَعه على قفاه، ومنه الجُمّار للنخلة، وهو شيء أبيض ليِّن يخرج من النخلة، ومن قال: الجُمّار هو الوديّ، وهو التافه من النخل، فقد أخطأ. انتهى. قال الزرقاني: هذا التفسير مدرج، ففي رواية شعبة: قلت ليحيى بن سعيد: ما الكَثَر؟ فقال: الجُمّار.

(2)

هو واسع بن حبّان.

(3)

أي بسبب سرقته.

(4)

أي إلى مروان.

(5)

أي رافع مع واسع.

(6)

استفهام بحذف حرفه، وفي "موطأ يحيى" بذكره.

(7)

في نسخة: قال.

(8)

أي ما تفعل به؟.

(9)

أي مروان.

ص: 54

قَالَ (1) : فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلا كَثَر، فَأَمَرَ مَرْوَانُ بِالْعَبْدِ فأُرسل (2) .

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ. لا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ معلَّقٍ فِي شَجَرٍ وَلا فِي كَثَر - والكَثَر (3) الجُمَّار (4) - وَلا فِي وَدِيّ وَلا فِي شَجَرٍ (5) . وهو قول أبي حنيفة رحمه الله.

(1) أي رافع.

(2)

أي أُطلق من السجن.

(3)

إعادة للتفسير السابق تنبيهاً على الموافقة.

(4)

قال في "المنتخب": الجُمّار: مغز ميانه درخت خرمه كه آنرا شحم النخل كَويند.

(5)

أي ولا قطع في وديّ (فعطف الوديّ على الكثر، فالأوجه في الاستدلال ما قال الشيخ في "البذل" 17/336: وكتب مولانا يحيى المرحوم في "التقرير": أثبت الحكم في الودي مقايسة، والجامع عدم الإِحراز أو كونه مما يتسارع إليه الفساد أو كونه تافهاً. أوجز المسالك 13/322) ولا في شجر.

ص: 55

3 -

بَابُ الرَّجُلِ يُسرَق (1) مِنْهُ الشَّيْءُ يَجِبُ (2) فِيهِ القطع فيهبه (3) السارقَ بعد (4) ما يَرْفَعُهُ إِلَى الإِمَامِ

684 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حدَّثنا الزُّهْرِيُّ، عَنْ صَفْوَانَ (5) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمَيَّةَ: قَالَ: قِيلَ (6) لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ: إِنَّهُ (7) مَنْ لَمْ يُهاجر هَلَكَ، فَدَعَا (8) بِرَاحِلَتِهِ، فَرَكِبَهَا حَتَّى قَدِم (9) عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،

(1) قوله: عن صفوان، هو صَفوان - بالفتح - بن عبد الله بن صفوان بن أمية الجمحي المكي من التابعين. قال العجلي: ثقة، وجَدُّه صفوان صاحب القصة، هو ابن أمية بن خلف بن وهب بن قدامة بن جمح القرشي صحابي من المؤلَّفة، مات أيام قتل عثمان، كذا في"الإسعاف" و "التقريب".

(2)

قوله: قال: قيل لصفوان بن أمية، هو جدّ الراوي، قال ابن عبد البر: رواه جمهور أصحاب مالك هكذا مرسلاً، ورواه عاصم النبيل وحده عن مالك، عن الزهري، عن صفوان بن عبد الله، عن جدّه صفوان فوصله، ورواه شبابة بن سوار، عن مالك، عن الزهري، عن صفوان بن عبد الله، عن أبيه.

(3)

كأن قائله ظن أن الهجرة مفروضة، ولم يسمع بحديث: لا هجرة بعد الفتح.

(4)

أي صفوان.

(5)

قوله: عن صفوان، هو صَفوان - بالفتح - بن عبد الله بن صفوان بن أمية الجمحي المكي من التابعين. قال العجلي: ثقة، وجَدُّه صفوان صاحب القصة، هو ابن أمية بن خلف بن وهب بن قدامة بن جمح القرشي صحابي من المؤلَّفة، مات أيام قتل عثمان، كذا في"الإسعاف" و "التقريب".

(6)

قوله: قال: قيل لصفوان بن أمية، هو جدّ الراوي، قال ابن عبد البر: رواه جمهور أصحاب مالك هكذا مرسلاً، ورواه عاصم النبيل وحده عن مالك، عن الزهري، عن صفوان بن عبد الله، عن جدّه صفوان فوصله، ورواه شبابة بن سوار، عن مالك، عن الزهري، عن صفوان بن عبد الله، عن أبيه.

(7)

كأن قائله ظن أن الهجرة مفروضة، ولم يسمع بحديث: لا هجرة بعد الفتح.

(8)

أي صفوان.

(9)

أي في المدينة.

ص: 56

فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ قِيلَ لِي: إِنَّهُ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ارجعْ أَبَا وَهْبٍ (1) إِلَى أَبَاطِحِ (2) مَكَّةَ، فَنَامَ صَفْوَانُ فِي الْمَسْجِدِ (3) متوسداً (4) رداءَهُ فجاءه سارق فأخذ رداءَه (5) ،

(1) كنية له.

(2)

أي إلى واديها جمع أَبْطح بالفتح.

(3)

قوله: في المسجد، أي في المسجد النبوي كما قاله الزرقاني، وقال القاري: أي في المسجد المدينة أو مسجد مكة، والحديث رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد في مسنده من غير وجه عن صفوان: أنه طاف بالبيت وصلَّى ثم لفَّ رداءه فوضعه تحت رأسه فأخذه، فأتي رسولَ الله صلى الله عله وسلم فقال: إن هذا سرق ردائي، فقال: اذهب به، فاقطعه، فقال صفوان: ما كنت أريد أن تُقطع يده في ردائي، قال: فلو كان قبل أن تأتيني به. انتهى. أقول: قد راجعت السنن فليس في سنن أبي داود وابن ماجه ذكر لما ذكرَه بل فيهما نام في المسجد من غير ذكر الطواف وغيره، وكذا في روايات متعددة للنسائي، بل في بعضها تصريح بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم وما ذكره إنما هو رواية من طريق واحد للنسائي (قال شيخنا: قلت: والتصريح بمسجد النبي أيضاً في رواية واحدة للنسائي، لكن الظاهر من سياق جميع الروايات في هذه القصة كونها في المدينة المنورة، فالظاهر المسجد النبوي، وفي رواية للبيهقي عن عطاء قال: بينما صفوان مضطجع بالبطحاء إذ جاء إنسان فأخذ بُردة من تحت رأسه، وفي أخرى له عن مجاهد: كان صفوان رجلاً من الطلقاء، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأناخ راحلته، ووضع رداءه عليها ثم تنحّى يقضي الحاجة فجاء رجل، فسرق رداءه. الحديث. وهذا يخالف جميع الروايات الواردة في القصة. أوجز المسالك 13/297) .

(4)

أي جعله تحت رأسه كالوسادة.

(5)

قوله: رداءه، وفي رواية أبي داود وغيره: كنت نائماً في المسجد على خميصة لي ثمن ثلاثين درهماً.

ص: 57

فأَخذَ (1) السَّارِقَ فَأتى (2) بِهِ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالسَّارِقِ أنْ (3) تُقطعَ يَدُهُ، فَقَالَ صَفْوَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَمْ أُرِدْ (4) هَذَا (5) ، هُوَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فهلَاّ (6) قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا رُفع السَّارِقُ إِلَى الإِمَامِ أَوِ الْقَاذِفِ (7) ، فَوَهَبَ صاحبُ (8) الحدِّ حدَّه لَمْ يَنْبَغِ (9) للإِمام أَنْ يعطِّل الْحَدَّ، وَلَكِنَّهُ يُمْضِيْه (10) . وَهُوَ قولُ أَبِي حَنِيفَةَ والعامة من فقهائنا.

(1) معروف وما بعده مفعول به أو مجهول وما بعده مفعول ما لم يسمّ فاعله.

(2)

أي أتى صفوان بالسارق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(3)

أي بأن تقطع يده.

(4)

أي لم أقصد قطع يده عليه.

(5)

أي الرداء المسروق على السارق صدقة.

(6)

أي لولا تصدقتَ قبل أن ترفعه إليَّ فكان ذلك نافعاً وأما الآن فلا (إن وهبه قبل القضاء يسقط القطع بلا خلاف، وإن وهبه بعد القضاء قبل الإِمضاء يسقط عندهما. وقال أبو يوسف: لا يسقط وهو قول الشافعي، وأما هبة القطع لا تسقط الحدّ. انظر: بذل المجهود: 17/344) .

(7)

أي من قذف أحداً ووجب عليه حدّ القذف.

(8)

أي المسروق منه أو المقذوف.

(9)

أي لا يجوز له.

(10)

أي ينفِّذَه.

ص: 58

4 -

بَابُ (1) مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ

685 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عن ابن عمر: أن (2) النبي صلى الله عليه وسلم قَطَع (3) فِي مِجَنّ قِيمَتُهُ ثَلاثَةُ دراهم.

(1) قال ابن عبد البر: هذا الحديث أصحُّ حديثٍ رُوي في ذلك.

(2)

قال ابن عبد البر: هذا الحديث أصحُّ حديثٍ رُوي في ذلك.

(3)

أي أَمَر بقطع يده.

ص: 59

686 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ (1)، عَنْ عَمْرة بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (2) : أَنَّ عائشةَ زوجَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَتْ إِلَى مَكَّةَ، وَمَعَهَا (3) مَوْلاتَانِ لَهَا وَمَعَهَا غُلامٌ (4) لِبَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَأَنَّهُ (5) بُعِثَ مَعَ تَيْنِكِ الْمَرْأَتَيْنِ ببُردِ مَراجل قد خِيطت (6) عليه (7) خِرقةُ

(1) ابن محمد بن عمرو بن حزم.

(2)

هو ابن سعد بن زرارة.

(3)

قوله: ومعها مولاتان لها ومعها غلام، قال الزرقاني: لم أقف على اسم هؤلاء الثلاثة.

(4)

أي عبد.

(5)

قوله: وأنه بعث

إلخ، قال القاري: ضمير أنه للشأن، وبُعث بصيغة المجهول، وبُرد مَراجِل - بكسر الجيم وفتح الميم - نوع برد من اليمن. انتهى. وفي "موطأ يحيى"، فبعث مع المولاتين ببرد مرجّل (في "المجمع": عليه مرط مرحل أي نقش فيه تصاوير الرحال بحاء مهملة، وروي بجيم أي صور الرجال. والصواب الأول. الأوجز 13/289) ، وقال الزرقاني: هو بالجيم والحاء الذي عليه تصاوير الرجال أو الرحال كما أفاده أبو عبيد الهروي، ومنع تصوير الحيوان إنما هو إذا تمّ تصويره، وكان له ظل دائم، وهذا مجرد وَشْي في البرد لا ظل له وليس بتام. انتهى. وظاهره أن عائشة بعثت البرد مع المولاتين إلى المدينة أو عَمْرة ليدفع ذلك في المدينة إلى شخص.

(6)

أي كاللفافة له وجُعل البرد مخفيّاً فيها.

(7)

أي على البرد.

ص: 60

خَضْرَاءُ، قَالَتْ (1) : فَأَخَذَ الْغُلامُ البُرد فَفَتَقَ (2) عَنْهُ فَاسْتَخْرَجَهُ، وَجَعَلَ مَكَانَهُ لِبْداً (3) أَوْ فَرْوة، وَخَاطَ (4) عَلَيْهِ. فَلَمَّا (5) قَدِمنا الْمَدِينَةَ دَفَعْنَا ذَلِكَ البُرد إِلَى أَهْلِهِ (6) ، فَلَمَّا فَتَقُوا عَنْهُ وَجَدُوا ذَلِكَ الِلبْدَ وَلَمْ يَجِدُوا الْبُرْدَ، فَكَلَّمُوا الْمَرْأَتَيْنِ (7) فَكَلَّمَتَا عَائِشَةَ رضي الله عنها أَوْ كَتَبَتَا (8) إِلَيْهَا وَاتَّهَمَتَا (9) الْعَبْدَ، فسُئل عَنْ ذَلِكَ، فَاعْتَرَفَ (10) فأَمرت به عائشة

(1) أي عمرة.

(2)

أي شق ونقض خياطة الخرقة واستخرج البرد.

(3)

قوله: لِبْداً، بكسر فسكون، ما يتلبّد من شعر أو صوف، والفَرْوة بالفتح ما يُلبس من جلد الغنم، وهذا شك من الراوي، قاله الزرقاني.

(4)

أي الخرقة كما كانت.

(5)

قوله: فلما قدمنا، بصيغة المتكلم مع الغير وكذا دفعنا على ما في بعض النسخ، وهي التي شرح عليها القاري، وفي بعضها الأول بصيغة المتكلم مع الغير، والثانية دفعتا بصيغة الماضي الغائب بإرجاع الضمير إلى المولاتين، وفي "موطأ يحيى": فلما قدمتا المدينة دفعتا بصيغة الماضي الغائب المؤنث.

(6)

الذي بعث إليه.

(7)

أي المولاتين.

(8)

قوله: أو كتبتا إليها، أي إلى عائشة وظاهره أن عائشة لم تكن عند ذلك في المدينة ويحتمل أنهما لم يشافهاها، بل كتباها بالقضية مع كونها في المدينة و "أو" ههنا للشك من الراوي.

(9)

أي بالسرقة.

(10)

أي أقرّ بالسرقة.

ص: 61

فقُطعت (1) يَدُهُ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: الْقَطْعُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ (2) فَصَاعِدًا.

678 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ (3)، عَنْ عَمْرَة ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أنَّ سَارِقًا سَرَقَ فِي عَهْدِ (4) عُثْمَانَ أُتْرُجَّةً (5) فَأَمَرَ بِهَا عُثْمَانُ أَنْ تُقَوَّمَ (6) فقُوّمَتْ (7) بثلاثة دراهم من صَرْف (8)

(1) بصيغة المجهول.

(2)

أي من الذهب.

(3)

هو أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حزم.

(4)

أي في زمان خلافته.

(5)

قوله: أُتْرُجَّةً، قال القاري: بضم الهمزة وسكون التاء الفوقية وتشديد الجيم: أفضل الثمار المأكولة. وفيها لغات أترنجة بزيادة النون وأترجة بحذفها وترنجة بحذف الهمزة ذكره عياض. انتهى. وفي "التلخيص الحبير" للحافظ ابن حجر، قال مالك: الأترجة هي التي يأكلها الناس، وقال ابن كنانة: كانت أترجة من ذهب قدر الحمصة يجعل فيها الطيب، ورُدّ عليه بأنها لو كانت من ذهب لم تُقَوَّمْ.

(6)

من التقويم.

(7)

وكان الأُتْرُجّ في تلك الأيام غالي القيمة.

(8)

أي كان الصرف في تلك الأيام ما يكون الدينار واثنا عشر درهماً فيه متساويين، فيكون ثلاثة دراهم وربع دينار متساويين

ص: 62

اثني عَشَرَ دراهماً بِدِينَارٍ، فَقَطَعَ عثمانُ يدَه.

قَالَ مُحَمَّدٌ: قَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَا (1) يُقطع فِيهِ الْيَدُ: فَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ: رُبْعُ دِينَارٍ (2) ورَوَوْا هَذِهِ الأَحَادِيثَ (3)، وَقَالَ الْعِرَاقُ: لا تُقطع الْيَدُ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَرَوَوْا (4) ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،

(إن العبرة عند الإِمامين مالك وأحمد لربع دينار أو ثلاثة دراهم في الذهب والفضة، وأما في غيرهما فالتقويم بأقلهما عند أحمد في المشهور عنه وبثلاثة دراهم لا غير عند مالك في المشهور عنه، وأما عند الشافعي فالعبرة لربع دينار مطلقاً سواء كان المسروق من فضة أو غيرها، وعند الحنيفة العبرة بعشرة دراهم سواء كان المسروق ذهباً أو غيره. أوجز المسالك 13/291) .

(1)

أي في مقداره.

(2)

أي حقيقة أو حكماً كسرقة ما يبلغ ثَمَنُه ثلاثة دراهم.

(3)

المذكورة سابقاً عن عائشة وعثمان وابن عمر.

(4)

قوله: ورَوَوْا ذلك

إلخ، فمن ذلك ما أخرجه المصنف في كتاب "الآثار" قال: أخبرنا أبو حنيفة نا القاسم ابن عبد الرحمن عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود قال: لا يُقطع يد السارق في أقلّ من عشرة دراهم. وأخرج عن إبراهيم مثله كما مرّ ذكره. وأخرج الطحاوي في "شرح معاني الآثار: من طريق المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن أن عبد الله بن مسعود قال: لا يُقطع اليد إلا في الدينار أو عشرة دراهم. وأخرج عن ابن جريج قال: كان قول عطاء على قول عمرو بن شعيب، لا يُقطع اليد في أقل من عشرة دراهم. وفي "مسند الإِمام" الذي جمعه الحصفكي: أبو حنيفة، عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود قال: كان يُقطع اليد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في عشرة دراهم، وفي رواية: إنما كان القطع في عشرة دراهم. قال شارح "المسند": بهذا يظهر الرد على الترمذي حيث قال: قد روي عن ابن مسعود: لا قطع إلا في دينار أو عشرة دراهم، وهو مرسل رواه القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن مسعود، والقاسم لم يسمع من ابن مسعود. انتهى. فظهر من كلامه أمران: الأول أن في الحديث انقطاعاً، والثاني: أنه موقوف. والثابت في "المسند: ما ينفي كلا الأمرين ولو كان موقوفاً فله حكم الرفع. انتهى ملخصاً. ومن ذلك حديث أيمن أخرجه الطحاوي والنسائي والحاكم والبيهقي في"الخلافيات" وحديث ابن عباس في قيمة المِجَنّ

ص: 63

وَعَنْ عُمَرَ، وَعَنْ عُثْمَانَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ (1) . فَإِذَا (2) جَاءَ الاخْتِلافُ فِي الْحُدُودِ أُخِذَ فِيهَا بالثِّقة، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةِ مِنْ فقهائنا.

عند الطحاوي والحاكم وأبي داود، وقد مرّ ذكرهما. ومن ذلك ما أخرجه النسائي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان ثمن المِجَنّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عشرة دراهم، وفي رواية ابن أبي شيبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقطع يد السارق دون ثمن المِجَنّ، قال عبد الله بن عمرو: وكان ثمن المجنّ عشرة دراهم. وأخرجه أحمد من رواية عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعاً: لا تُقطع يد السارق في أقل من عشرة دراهم، وكذا إسحاق بن راهويه في "مسنده"، ومن ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب عن رجل من مزينة مرفوعاً: ما بلغ ثمنَ المجن قُطعت يد صاحبه، وكان ثمن المجن عشرة دراهم. وأخرج أيضاً عن القاسم قال: أُتي عمر برجل سرق ثوباً، فقال لعثمان: قوّمْه، فَقوَّمه ثمانية دراهم، فلم يقطعه (فدَرَأ الحدّ، فدلّ أنه كان ظاهراً معروفاً فيما بينهم أن النصاب يتقدر بعشرة دراهم. أوجز المسالك 13/288. والكلام في هذا المقام طويل مذكور في "البناية" و "فتح القدير" وغيرهما.

(1)

أي من الصحابة ومن بعدهم.

(2)

قوله: فإذا جاء الاختلاف، يعني لما جاء الاختلاف في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه بعده ولم يعرف المتقدم والمتأخر ليُعرف الناسخ والمنسوخ أخذنا فيه بالأحوط المعتمد الذي لا يشك فيه وهو عشرة دراهم لأن الحدود تندرئ بالشبهات ولا يثبت إلا بما لا شك فيه، وهذا التقرير أحسن من ردّ أحاديث ربع دينار وثلاثة دراهم، كما فعله بعض أصحابنا فإنه أمر مشكل جداً.

ص: 64

5 -

باب السارق يسرق و (1) قد قُطعت يدُه أَوْ يَدُهُ ورِجْلُه

688 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ (2) : أَنَّ رَجُلا (3) مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ أقطعَ (4) الْيَدِ والرِّجْل قَدِمَ (5)، فَنَزَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيق رضي الله عنه وَشَكَا إِلَيْهِ أنَّ عَامِلَ (6) الْيَمَنِ ظَلَمَهُ (7) قَالَ: فَكَانَ يصلِّي مِنَ اللَّيْلِ، فيقول أبو بكر: وأبيك (8)

(1) أي القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق.

(2)

أي القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق.

(3)

قوله: أن رجلاً، قال الحافظ ابن حجر في "تخريج أحاديث الهداية": هذه الرواية منقطعة، وقد رُوي موصولاً، أخرجه عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، وفيه: فشكى إليه أن يعلى بن أمية قَطع يدَه ورجلَه في سرقة وهذا على شرط البخاري، وفيه: قال ابن جريج: كان اسمه جبر أو جبير، وذكره في "التلخيص"(4/70) أن القصة رواها - مثل ما روى مالك - والدارقطنيُّ من طريق أيوب، عن نافع، وسعيدُ بن منصور من طريق موسى بن عقبة، عن نافع، عن صفية بنت أبي عبيد، وعبدُ الرزاق، عن معمر، عن نافع، عن ابن عمر.

(4)

أي مقطوع اليد اليمنى والرجل اليسرى.

(5)

أي المدينة.

(6)

هو يعلى بن أمية، كما في رواية عبد الرزاق

(7)

أي في قطعِهِ يدَه ورجلَه.

(8)

قوله: وأبيك، قال الزرقاني: قَسَم على معنى وربِّ أبيك أو كلمة جرت

ص: 65

مَا لَيْلُكَ بليلِ سارقٍ. ثُمَّ افْتَقَدُوا (1) حُلِيّاً لأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْس (2) امرأةِ أَبِي بَكْرٍ، فَجَعَلَ (3) يَطُوفُ (4) مَعَهُمْ، وَيَقُولُ (5) اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِمَنْ بيَّت أهلَ هَذَا الْبَيْتِ الصَّالِحِ، فَوَجَدُوهُ (6) عِنْدَ صائغٍ زَعَمَ (7) أَنَّ الأَقْطَعَ جَاءَهُ بِهِ، فَاعْتَرَفَ بِهِ الأقطع وأشُهِدَ (8) عليه. فأمر به أبو بكر، فقُطعت (9)

على لسان العرب ولا يقصدون به القسم، وكان أبو بكر يقول ذلك تعجُّباً: ما ليلُكَ أي ليس ليلك بليل سارق لأن قيام الليل ينافي السرقة.

(1)

في "موطأ يحيى" فقدوا عِقْداً لأسماء.

(2)

بالتصغير.

(3)

أي المقطوع.

(4)

أي يدور مع الذين بُعثوا لتفتيشه.

(5)

قوله: ويقول، أي كان ذلك الرجل وكان هو السارق في الواقع إظهاراً لبراءته داعياً: اللهم عليك أي خذ بالعقوبة من بيّت من التبييت أي أغار ليلاً على أهل هذا البيت الصالح، أي بيت أبي بكر الصديق.

(6)

أي الحُلِيّ المسروق.

(7)

أي قال الصائغ: إن الأقطع جاء به عنده.

(8)

بصيغة المجهول شكّ من الرواي.

(9)

قوله: فقطعت يده اليسرى، بهذا قال الشافعي: إنّ في الثالثة يُقطع اليد اليسرى، وفي الرابعة رجله اليمنى، وفي الخامسة يُعزّر ويُحبس. ويوافقه ما أخرجه أبو داود وغيره عن جابر: أن رسول الله جيء بسارق، فقال: اقتلوه، فقالوا: يا رسول الله إنما سرق، فقال: فاقطعوا، ثم جيء به في المرة الثانية فقال: اقتلوه فقالوا: إنما سرق فقال: اقطعوه فقطع ثم جيء به في الثالثة، فقال: اقتلوه، فقالوا: يا رسول الله إنما سرق، فقال: اقطعوا، وكذلك في الرابعة. فلما جيء به

ص: 66

يدُه الْيُسْرَى، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ لدُعاؤه (1) عَلَى نَفْسِهِ أشدُّ (2) عِنْدِي عَلَيْهِ مِنْ سَرِقَته.

قَالَ مُحَمَّدٌ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ: يُروى ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ (3) : إِنَّمَا كَانَ الذي سَرَق حُلِيَّ أسماءَ أقطع اليد

في الخامسة، قال: اقتلوه، فقتلناه واجتررناه وألقيناه في البئر، وقال النسائي: هو حديث منكر. وأخرج النسائي عن الحارث قال: أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بلصّ، فقال: اقتلوه، فقالوا: إنما سرق، فقال: اقطعوه، ثم سرق، فقطعت رجله، ثم سرق على عهد أبي بكر حتى قُطعت قوائمه الأربع، ثم سرق في الخامسة، فقال أبو بكر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بهذا حين قال: اقتلوه. قال ابن الهمام في "فتح القدير" ههنا طرق كثيرة متعددة لم تسلم من الطعن، ولذا قال الطحاوي: تتبّعنا هذه الآثار فلم نجد له أصلاً، وفي "المبسوط": الحديث غير صحيح وإلا لا احتج به أحد في مشاورة عليّ، ولئن سُلِّم يُحمل على الانتساخ لأنه كان في الابتداء تغليظ في الحدود (قال الشافعي: هذا الحديث منسوخ لا خلاف فيه عند أهل العلم. التلخيص الحبير 4/69) .

(1)

بقوله: اللهم عليك.

(2)

قوله: أشدّ، قال الزرقاني: لأن فيها حظّاً للنفس في الجملة بخلاف الدعاء عليها، أو لما في ذلك من عدم المبالاة بالكبائر.

(3)

قوله: أنها قالت، يخالف ما أخرج عبد الرزاق عنها من طريق معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قال: كان رجل أسود يأتي أبا بكر فيُدنيه ويقرئه القرآن حتى بُعث ساعياً أو قال سريّة، فقال: أرسِلْني معه، فقال: بل امكث عندنا، فأبى فأرسله واستوصى به خيراً، فلم يغب إلا قليلاً حتى جاء، وقد قُطعت يده، فلما رآه أبو بكر فاضت عيناه، فقال: ما شأنك؟ فقال: ما زدت على أنه كان

ص: 67

الْيُمْنَى (1) ، فَقَطَعَ أَبُو بَكْرٍ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَكَانَتْ تُنكر أنْ يَكُونَ (2) أَقْطَعَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ، وَكَانَ ابنُ شِهَابٍ أعلمَ (3) مِنْ غَيْرِهِ بِهَذَا (4) وَنَحْوِهِ مِنْ أَهْلِ بِلادِهِ (5) وَقَدْ بَلَغنا (6) عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُمَا لَمْ يَزِيدَا فِي الْقَطْعِ عَلَى قَطْعِ اليمنى أو الرجل اليسرى، فإن أُتي

يوليني شيئاً من عمله فخُنتُ فريضةً واحدة، فقطع يدي، فقال أبو بكر: تجدون الذي قطع هذا يخون أكثر من عشرين فريضة، والله لئن كنتَ صادقاً لأقيِّدنّك منه، ثم أدناه، فكان يقوم الليل، فإذا سمع أبو بكر صوته قال: بالله لَرَجُلٌ قَطَعَ يَدَ هذا لقد اجترأ على الله، قال: فلم يلبث إلا قليلاً حتى فَقَدَ آل أبي بكر حليّاً لهم ومتاعاً، فقال أبو بكر: طرق الحي الليلة، فقام الأقطع، فاستقبل القبلة ورفع يده الصحيحة فقال: اللهم أظهر من سَرَقهم، فما انتصف النهار حتى عثروا على المتاع عنده، فقال أبو بكر: إنك لقليل العلم بالله وأمر به فقُطعت يده، كذا ذكره في "التلخيص"(4/71) .

(1)

أي عند سرقة الحلي.

(2)

أي عن أن يكون الذي قطعه أبو بكر.

(3)

يشير إلى ترجيح رواية الزهري على عبد الرحمن.

(4)

أي بهذا الخبر.

(5)

هي المدينة وما حولها.

(6)

قوله: وقد بلغنا

إلخ، قال المصنف في "كتاب الآثار" أخبرنا أبو حنيفة، عن عمرو بن مُرّة، عن عبد الله بن سلمة، عن علي، قال: إذا سرق السارق قُطعت يده اليمنى، فإن عاد قُطعت رجله اليسرى، فإن عاد ضمنته السجن

ص: 68

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حتى يُحدث خيراً، إني أستحي على الله أن أدَعَه ليس له يد يأكل أو يستنجي بها ورجْل يمشي عليها. ومن طريقه رواه الدارقطني. وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن جابر، عن الشعبي، قال: كان عليّ لا يقطع إلا اليد والرجل. وإن سرق بعد ذلك سجنه. ورواه ابن أبي شيبة حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: كان عليّ لا يزيد على أن يقطع السارق يداً ورجلاً، فإذا أُتي بعد ذلك قال: إني أستحي أن أدعه لا يتطهر لصلاة، ولكن احبسوه. وأخرج البيهقي عن عبد الله بن سلمة، عن عليّ مثله. وأخرج ابن أبي شيبة أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله عن السارق فكتب إليه بمثل قول عليّ. وأخرج عن سماك أن عمر استشارهم في سارق فاجتمعوا على مثل قول عليّ. وأخرج عن مكحول أن عمر قال: إذا سرق السارق اقطعوا يده، ثم إن عاد فاقطعوا رجله، ولا تقطعوا يده الأخرى وذَروه يأكل بها، ويستنجي، ولكن احبسوه عن المسلمين. وقال سعيد بن منصور: نا أبو معشر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، قال: حضرت عليّاً أُتي برجل مقطوع اليد والرجل قد سرق، فقال لأصحابه: ما ترون في هذا؟ فقالوا: اقطعه يا أمير المؤمنين، قال: قتلته إذاً وما عليه القتل، بأيّ شيء يأكل الطعام، وبأيّ شيء يتوضأ للصلاة، بأيّ شيء يغتسل من الجنابة، بأيّ شيء يقوم إلى حاجته، فردّه إلى السجن أياماً، ثم استخرجه، فاستشار أصحابه، فقالوا له (في الأصل "لهم"، وهو خطأ) مثل قولهم الأول، فقال لهم مثل ما قال فجلده جلداً شديداً، ثم أرسله. وقال سعيد أيضاً: نا أبو الأحوص، عن سماك بن حرب، عن عبد الرحمن بن عائذ قال: أُتي عمر بأقطع اليد والرجل قد سرق، فأمر بقطع رجله، فقال عليّ: قال الله: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله)(سورة المائدة: الآية 33) الآية، فقُطعت يدُ هذا ورجلُه فلا ينبغي أن يقطع رجله فتدعه وليس له قائمة، إما أن تُعِزّروه، وإما أن تودعوه في السجن، فاستودعه السجن. قال ابن حجر: قد رواه البيهقي أيضاً وإسناده جيد، وإسناد رواية

ص: 69

بِهِ (1) بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَقْطَعَاهُ وَضَمَّنَاهُ (2) . وَهُوَ (3) قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا رحمهم الله.

6 -

بَابُ الْعَبْدِ يأبِقُ (4) ثُمَّ يَسْرِقُ (5)

689 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ: أَنَّ عَبْدًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ سَرَقَ وَهُوَ آبِقٌ، فَبَعَثَ بِهِ ابْنُ عُمَرَ إِلَى سَعِيدِ (6) بْنِ الْعَاصِ لِيَقْطَعَ يده،

سعيد الأولى ضعيف، قال ابن الهمام في "الفتح" (5/155) : هذا كله ثبت ثبوتاً لا مردّ له، فبعيد أن يقع فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مثل هذه الحوادث التي غالباً تتوفر الدواعي إلى نقلها ولا خبر بذلك عند عليّ وابن عباس وعمر من الأصحاب الملازمين، بل أقل ما في الباب أن كان يُنقل لهم أنهم غابوا بل لا بد من علمهم بذلك، وبذلك تقتضي العادة فامتناع عليّ بعد ذلك إما لضعف الروايات المذكورة في الإِتيان على أربعة وإما لعلمه أن ذلك ليس حداً مستمرّاً، بل هو على رأي الإِمام.

(1)

أي بعد قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى.

(2)

أي أخذاً منه ضمان المال.

(3)

قوله: وهو، أي عدم القطع بعد قطع اليد والرجل والتضمن عند عدم القطع وأما عند القطع فلا ضمان عليه عند أبي حنيفة خلافاً للشافعي وغيره، والمسألة مبرهنة في كتب الأصول.

(4)

كان أميراً على المدينة من جهة معاوية، وهو صحابي، وكان سنُّه يوم موت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين، وكانت وفاته سنة 53، قاله الزقاني.

(5)

أي أنكر وامتنع من قطع يده.

(6)

كان أميراً على المدينة من جهة معاوية، وهو صحابي، وكان سنُّه يوم موت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين، وكانت وفاته سنة 53، قاله الزقاني.

ص: 70

فَأَبَى (1) سَعِيدٌ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ، قَالَ: لا تُقْطَعُ يدُ الآبِقِ إِذَا سَرَقَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَفِي (2) كِتَابِ اللَّهِ وَجَدْتَ هَذَا: إِنَّ الْعَبْدَ الآبِقَ لا تُقْطَعُ يَدُهُ؟ فَأَمَرَ بِهِ (3) ابْنُ عُمَرَ فَقُطِعَتْ يدُه.

قَالَ مُحَمَّدٌ: تُقطع يَدُ الآبِقِ وَغَيْرِ الآبِقِ إِذَا سَرَقَ (4) وَلَكِنْ لا يَنْبَغِي أَنْ يَقْطَعَ السَّارِقَ أحدٌ إِلا الإِمام الَّذِي يَحْكُمُ (5) ، لأَنَّهُ حدٌّ لا يقوم به إلا

(1) أي أنكر وامتنع من قطع يده.

(2)

بهمزة الاستفهام للإِنكار والتوبيخ.

(3)

قوله: فأمر به ابن عمر، لعل سعيداً ظنّ أنّ العبد الآبق لا يُقطع يده من السرقة مطلقاً من سيّده سرق أو من غيره، وذلك لأن الغالب على العبد الآبق الجوع والهلاك، ولا قطع على من سرق زمن المجاعة، كما ورد به الخبر، ورأى ابن عمر خلافه، فأمر بقطع يده لقوة دليل ما ظنه من دون أمر سعيد، وهذا موافق لما اختاره الشافعي ومالك (قال صاحب "المحلّى": وبه أخذ مالك أنه يقطع يد الآبق ولكنه قال: لا يقطع السيد يد العبد إذا أبى السلطان أن يقطعه، كذا قال الشافعي في "الأمّ". قلت: لعل مسلك ابن عمر رضي الله عنه كان أن للسيد إقامة الحد على عبده بقطع اليد في السرقة كالشافعية وإلا فقد تقدم أن المرجّح من مسلك الإِمام أحمد وهو مذهب الإِمام مالك أنه ليس للسيد قطع يد عبده في السرقة، وليس ذلك إلا إلى الإِمام، وأما الحنفية فليس عندهم للسيد حق في إقامة الحد على عبده مطلقاً، أوجز المسالك 13/292) وغيرهما أن للسيد أن يقيم الحدّ على عبده بلا إذن الإِمام، وقال أصحابنا: ليس له ذلك، وقال الترمذي: القول الأول أصح، لموافقته حديثاً رواه.

(4)

أي من مال غيره، وأما إذا سرق من مال سيّده فلا، لما مرّ سابقاً.

(5)

في نسخة: إليه الحكم.

ص: 71