الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 - بَابُ نَبِيذِ الطِّلاء
720 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حِينَ قَدِم (1) الشام: شكى إِلَيْهِ أَهْلُ الشَّامِ وباءَ (2) الأَرْضِ أَوْ ثِقَلَهَا (3)، وَقَالُوا: لا يَصْلُحُ لَنَا إلَاّ هَذَا الشَّرَابُ (4) قَالَ: اشْرَبُوا (5) الْعَسَلَ، قَالُوا: لا يُصْلِحُنَا الْعَسَلُ (6) . قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ (7) : هَلْ لَكَ أَنْ أَجْعَلَ لَكَ مِنْ هَذَا الشَّرَابِ شَيْئًا لا يُسْكِرُ، قَالَ: نَعَمْ. فَطَبَخُوهُ (8) حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ، وَبَقِيَ ثُلُثُهُ، فأَتَوْا (9) بِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَدْخَلَ أُصْبُعَهُ فِيهِ، ثُمَّ رفع يده فتبعه يتمطط (10) ،
(1) في عهد خلافته.
(2)
الوباء كل مرض عام من طاعون وغيره.
(3)
في رواية"يحيى": وثقلها بالواو أي ثقل مائها.
(4)
إشارة إلى نبيذ معهود فيما بينهم.
(5)
لأن فيه شفاء من كل داء بنص القرآن.
(6)
أي لتخالفه أمزجتهم.
(7)
أي أرض الشام.
(8)
أي النبيذ.
(9)
ليعرضوه عليه.
(10)
أي يتمدَّد.
فَقَالَ: هَذَا الطِّلاء مثلُ (1) طِلاء (2) الإِبِل، فَأَمَرَهُمْ (3) أن يشربوه (4) .
(1) أي في الغِلَظ.
(2)
أي القطران الذي يُطلى به الإِبل للجرب.
(3)
قوله: فأمرهم أن يشربوه، هذا صريح في حل الطلاء، وهو العصير العنبي الذي طُبخ، فذهب ثلثاه وصار غليظاً ما لم يسكر، وقد رُوي عنه بطرق كثيرة وعن غيره شربه وإباحته، فأخرج ابن أبي شيبة، عن أبي الأحوص، عن إسحاق، عن عمر بن ميمون قال: قال عمر: إنا نشرب هذا الشراب الشديد ليقطع به لحوم الإِبل في بطوننا أن يؤذينا. ورُوي عن معمر، عن عاصم، عن الشَّعبي: كتب عمر إلى عماله: أما بعد، فإنّا جاءنا أشربة من الشام كأنها طلاء الإِبل، قد طُبخ، فذهب ثلثاه فآمر من قبلك أن يصطنعوه. وروي من طريق أخر نحوه. وأخرج عن أنس: أن أبا عبيدة ومعاذ بن جبل وأبا طلحة كانوا يشربون من الطلاء ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه. وأخرج عن أنس وعلي وغيرهما شربه. وبهذه الآثار ذهب أبو حنيفة ومحمد في رواية، وغيرهما. وقال محمد في رواية ومالك والشافعي وأحمد وأبو عبيد وأبو ثور وإسحاق وعمر بن عبد العزيز ومجاهد وقتادة وغيرهم بحرمته أخذاً من حديث ما أسكر كثيره فقليله حرام، وهو حديث مخرَّج في كتب متعمدة بألفاظ متقاربة من رواية جمع من الصحابة، منهم عبد الله بن عمر وحديثه عند النسائي وابن ماجه وعبد الرزاق، وجابر حديثه عند أبي داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان، وسعد بن أبي وقاص حديثه عند النسائي وابن حبان، وعليّ حديثه عند الدارقطني، وعائشة حديثها عند أبي داود والترمذي وابن حبان وأحمد والدارقطني، وعبد الله بن عمر حديثه عند إسحاق بن راهويه والطبراني، وخوّات بن جبير حديثه عند الحاكم والطبراني والدارقطني والعقيلي، وزيد بن ثابت حديثه في "معجم الطبراني". والتفصيل في "نصب الراية" و "البناية".
(4)
قال الزرقاني: كان عمر اجتهد في تلك الحالة، ثم رجع عنه حيث حدَّ ابنه في الطِّلاء كما مرَّ
فَقَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ: أحللتَها وَاللَّهِ، قَالَ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا أحللتُها (1) ، اللَّهُمَّ إِنِّي لا أُحل لَهُمْ شَيْئًا حرَّمتَه عَلَيْهِمْ، وَلا أُحرِّم عَلَيْهِمْ شَيْئًا أحللتَه لَهُمْ. قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا (2) نَأْخُذُ. لا بَأْسَ بِشُرْبِ الطِّلاءِ الَّذِي (3) قَدْ ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ، وَهُوَ لا يُسكر (4) ، فَأَمَّا كلُّ معتَّق (5) يُسكر فَلا خَيْرَ فِيهِ (6) .
(وفي الأوجز 13/363 قلت ليس كذلك بل أثر الباب عند الأئمة الثلاثة والجمهور غير الشيخين من الحنفية محمول على أنه لم يكن مسكرا وما تقدم من حده رضي الله عنه إبنه فيه تصريح بقوله: "وَأَنَا سَائِلٌ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ يُسْكِرُ جَلَدْتُهُ" ولذا حمل الباجي الأثر السابق على المسكر وحُمل أثر الباب على أنه لم يبق مسكرا وحكى فيه خلاف أبي حنيفة وعليه حمله الإمام محمد انتهى مختصرا) .
(1)
أي ما أحللتُ ما هو حرام، بل حكمتُ بحِلّ ما هو حلال.
(2)
قوله: وبهذا نأخذ، هكذا ذكر في كتاب "الآثار" أيضاً، والمشهور في كتب أصحابنا أنه كرهه، وعنه أنه توقَّف، وقال: لا أحرمه، ولا أبيحه لتعارض الأخبار والآثار.
(3)
قوله: الذي قد ذهب
…
إلخ، قيد به لأن الطلاء الذي ذهب أقل من ثلثيه لا يحل كما قال في "الجامع الصغير": محمد، عن يعقوب، عن أبي حنيفة، قال: الخمر حرام قليلها وكثيرها، والسكر، وهو الني من ماء التمر ونقيع الزبيب، إذا اشتَّد حرام، والطلاء وهو الذي ذهب أقل من ثلثيه من ماء العنب، وما سوى ذلك من الأشربة فلا بأس به. انتهى. وبه يظهر أن لا تدافع بين كلمات الفقهاء حيث حكم بعضهم على الطلاء بالحرمة، بعضهم بالحلة، فإن الطلاء يُطلق على أمرين: أحدهما حلال، والآخر حرام، كما حققه الفقيه حسن الشرنبلالي في رسالته "نزهة ذوي النظر لمحاسن الطلاء والثمر".
(4)
أي مطلقاً قليله وكثيره، كذا قال القاري.
(5)
قال القاري: بتشديد الفوقية المفتوحة أي قديم.
(6)
أي لا يَحِلّ.