المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الدِّيات

- ‌1 - بَابُ الدِّيَةِ فِي الشَّفَتَيْن

- ‌2 - بَابُ دِيَةِ الْعَمْدِ

- ‌4 - بَابُ دِيَةِ الأَسْنَانِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يَرِثُ مِنْ دِيَةِ امْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةُ تَرِثُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا

- ‌8 - باب الجروح وما فيها من الأرش

- ‌9 - بَابُ دِيَةِ الْجَنِينِ

- ‌11 - بَابُ الْبِئْرِ جُبار

- ‌13 - بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌1 - بَابُ الْعَبْدِ يَسْرِقُ مِنْ مَوْلاهُ

- ‌7 - بَابُ الْمُخْتَلِسِ

- ‌أبواب الحُدودِ في الزنَاء

- ‌1 - باب الرجم

- ‌2 - باب الإِقرار بالزناء

- ‌5 - بَابُ الْحَدِّ فِي التَّعْرِيضِ

- ‌6 - بَابُ الحدِّ فِي الشُّرْبِ

- ‌7 - بَابُ شُرْبِ البِتْعِ والغُبَيْرَاء وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌8 - بَابُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَمَا يُكره مِنَ الأَشْرِبَةِ

- ‌11 - بَابُ نَبِيذِ الطِّلاء

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌1 - بَابُ مِيرَاثِ الْعَمَّةِ

- ‌2 - بَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَلْ يُورَثُ

- ‌3 - بَابُ لا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ

- ‌4 - بَابُ مِيرَاثِ الْوَلاءِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يُوصِي عِنْدَ مَوْتِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ

- ‌3 - بَابُ مَنْ جَعَل عَلَى نَفْسِهِ الْمَشْيُ ثُمَّ عَجَزَ

- ‌4 - بَابُ الاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ

- ‌5 - بَابُ الرَّجُلِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ

- ‌6 - بَابُ مَنْ حَلَفَ أَوْ نَذَرَ فِي مَعْصِيَةٍ

- ‌8 - بَابُ الرَّجُلِ يَقُولُ: مَالُه فيِ رِتَاج الْكَعْبَةِ

- ‌9 - بَابُ اللَّغْو مِنَ الأَيْمان

- ‌4 - بَابُ مَا يُكره مِنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ

- ‌5 - بَابُ مَا لَمْ يُقبض مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الشَّعِيرَ بِالْحِنْطَةِ

- ‌13 - بَابُ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ

- ‌14 - بَابُ شِرَاءِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ

- ‌15 - بَابُ الرَّجُلِ يُساوِمُ الرجلَ بِالشَّيْءِ فَيَزِيدُ عَلَيْهِ أَحَدٌ

- ‌16 - بَابُ مَا يُوجِبُ الْبَيْعَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي

- ‌20 - بَابُ الِاشْتِرَاطِ فِي الْبَيْعِ وَمَا يُفْسِده

- ‌22 - بَابُ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ وَلَهَا زَوْجٌ أَوْ تُهدى إِلَيْهِ

- ‌28 - بَابُ الْقَضَاءِ

- ‌29 - بَابُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ

- ‌30 - بَابُ النُّحْلَى

- ‌4 - بَابُ مَا يُكره مِنْ قَطْعِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ

- ‌10 - بَابُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَاتِ وَادِّعَاءِ النَّسَب

- ‌11 - بَابُ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ

- ‌13 - بَابُ الرَّهْن

- ‌14 - بَابُ الرَّجُلِ يَكُونُ عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطة

- ‌1 - باب الشفعة

- ‌1 - بَابُ المكاتَب

- ‌أَبْوَابُ السِّيَر

- ‌3 - بَابُ قَتْلِ النِّسَاءِ

- ‌4 - بَابُ الْمُرْتَدِّ

- ‌5 - بَابُ مَا يُكره مِنْ لُبْس الْحَرِيرِ والدِّيباج

- ‌8 - بَابُ نُزُولِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ وَمَا يُكره مِنْ ذَلِكَ

- ‌9 - بَابُ الرَّجُلِ يُقيم الرجلَ مِنْ مَجْلِسِهِ لِيَجْلِسَ فِيهِ وَمَا يُكره مِنْ ذَلِكَ

- ‌10 - بَابُ الرُّقَى

- ‌11 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْفَأْلِ وَالِاسْمِ الْحَسَنِ

- ‌12 - بَابُ الشُّرْبِ قَائِمًا

- ‌14 - بَابُ الشُّرْبِ وَالأَكْلِ بِالْيَمِينِ

- ‌17 - بَابُ فَضْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌22 - بَابُ الاسْتِئْذَانِ

- ‌25 - بَابُ النَّظَرِ إِلَى اللَّعِبِ

- ‌27 - بَابُ الشَّفَاعَةِ

- ‌28 - باب الطيب للرجل

- ‌29 - بَابُ الدُّعَاءِ

- ‌30 - بَابُ رَدِّ السَّلامِ

- ‌31 - بَابُ الدُّعَاءِ

- ‌34 - بَابُ مَا يُكره مِنْ أَكْلِ الثُّومِ

- ‌35 - بَابُ الرُّؤْيَا

- ‌36 - بَابُ جَامِعِ الْحَدِيثِ

- ‌27 - بَابُ الزُّهْدِ وَالتَّوَاضُعِ

- ‌38 - بَابُ الْحُبِّ فِي اللَّهِ

- ‌39 - بَابُ فَضْلِ الْمَعْرُوفِ وَالصَّدَقَةِ

- ‌40 - بَابُ حَقِّ الْجَارِ

- ‌41 - بَابُ اكْتِتَابِ الْعِلْمِ

- ‌42 - بَابُ الْخِضَابِ

- ‌45 - بَابُ النَّفْخِ فِي الشُّرْب

- ‌48 - بَابُ صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌49 - بَابُ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا يُستحب مِنْ ذَلِكَ

- ‌50 - بَابُ فَضْلِ الْحَيَاءِ

- ‌51 - بَابُ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ

- ‌52 - بَابُ حَقِّ الضِّيَافَةِ

- ‌56 - بَابُ النَّوَادِرِ

- ‌59 - بَابُ كَسْب الحَجّام

- ‌60 - بَابُ التَّفْسِيرِ

- ‌[خاتمة المعلق]

الفصل: ‌52 - باب حق الضيافة

‌52 - بَابُ حَقِّ الضِّيَافَةِ

952 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ المَقْبُرِي، عَنْ أَبِي شُرَيح (1) الْكَعْبِيِّ: أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: من كَانَ يُؤْمِنُ (2) بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ (3) فلْيُكْرِم (4) ضَيْفَهُ، جَائِزَتُهُ (5) يومٌ ولَيلة، وَالضِّيَافَةُ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا كان بعد

(1) قوله: عن أبي شُريح، بضم الشين مصغّراً. الكعبي، نسبةً إلى كعب بن عمرو بطن من خزاعة، اسمه خويلد بن عمرو على الأشهر، أو عمرو بن خويلد، أو هانئ، أو كعب بن عمرو أو عبد الرحمن، أسلم قبل الفتح مات بالمدينة سنة 68 هـ، كذا في "الاستعاب" وغيره.

(2)

أي إيماناً كاملاً.

(3)

ذكره إشارة إلى أنه يوم الثواب والعذاب، فمن آمن به إيماناً كاملاً طلب الأعمال الحسنة وتجنّب عن السيئة.

(4)

قوله: فليُكْرم، قال الزرقاني: الأمر بالإِكرام للاستحباب عند الجمهور لأن الضيافة من مكارم الأخلاق لا واجبة لقوله جائزة، والجائزة تفضُّل وإحسان، هكذا استدل به الطحاوي وابن بطال وابن عبد البر، وقال الليث وأحمد: تجب الضيافة ليلةً واحدةً للحديث المرفوع: "ليلة الضيف واجبة على كل مسلم" وأجاب الجمهور عن هذا وما أشبهه أن هذا كان في صدر الإِسلام حين كانت المواساة واجبة وبأنه محمول على ضيافة المضطرِّين.

(5)

قوله: جائزته، بالرفع مبتدأ أي منيحته وعطيّته وإتحافه بأفضل ما يُقْدر عليه يوم وليلة، بالرفع خبر للمبتدأ ويُروى جائزته بالنصب فيكون مفعولاً ثانياً، والمعنى وهي يوم وليلة. والضيافة ثلاثة أيام يعني من غير تكلُّف، كالتكلف الذي في اليوم الأول، فإذا مضت الثلاث فقد مضى حق الضيف، فما كان بعد ذلك فهو صدقة. في التعبير عنه إشارة إلى التنفير عنه، ولا يحل له أي للضيف أن يثوي بفتح الياء وسكون الثاء المثلثة وكسر الواو أي يقيم عنده من أضافه حتى

ص: 486

ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ، وَلا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوي عِنْدَهُ حَتَّى يُحرِجَه.

53 -

بَابُ تَشْمِيتِ (1) الْعَاطِسِ

953 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ (2) : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنْ عَطَس (3) فشمِّتْه (4) ، ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ، ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ ثُمَّ إِنْ عطس فقل له: إنك

يُحْرِجَه بضم الياء وكسر الراء أي يوقعه في الحرج والضيق، كذا في "شرح الزرقاني".

(1)

أبيه: هو أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حزم الأنصاري.

(2)

أبيه: هو أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حزم الأنصاري.

(3)

بفتح الطاء.

(4)

قوله: فشمّته، ظاهر الأمر للوجوب (قال النووي في "الأذكار": قال أصحابنا: التشميت سنّة على الكفاية لو قال بعضهم أجزأ عنهم، لكن الأفضل أن يقول كل واحد منهم، واختلف أصحاب مالك، فقال القاضي عبد الوهاب سنّة كفاية، وقال ابن مزين: يلزم كلِّ واحد منهم، واختاره أبو بكر بن العربي، والصحيح من مذهب الحنفية أنها تجب على الكفاية، وفي رواية يستحب، وفي "سفر السعادة" ظاهر الأخبار الصحيحة الافتراض عيناً. 1 هـ. أوجز المسالك 15/134) ، وبه قال أصحابنا وغيرهم: إن جواب العطسة واجب إلا أنه مقيّد بما إذا حَمِدَ لحديث: إذا عطس أحدكم فحمد الله، فشمّتوه، وإذا لم يحمد فلا تشمّتوه، أخرجه البخاري في "الأدب المفرد".

ص: 487

مضنوكٌ (1) . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: لا أَدْرِي (2) أَبَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا عَطَس فشمِّتْه، ثُمَّ إِنْ عَطَسَ فشمِّتْه، فَإِنْ لَمْ تُشَمِّتْهُ حَتَّى يَعْطُسَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا أَجْزَاكَ (3) أَنْ تُشَمِّتَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً.

54 -

بَابُ الفِرار مِنَ (4) الطَّاعُونِ

954 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ (5) بْنُ الْمُنْكَدِرِ، أَنَّ عَامِرَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ (6) أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: إن هذا الطاعون (7)

(1) قوله: إنك مضنوك، بضاد معجمة أي مزكوم، والضُّناك بالضم الزكام، والقياس مضنك ومزكم، لكنه جاء على ضنك وزكم، قاله ابن الأثير في "النهاية".

(2)

قوله: لا أدري، أي لا أحفظ قوله إنك مضنوك هل قال بعد العطسة الثالثة أو الرابعة، وعند أبي داود وأبي يعلى وابن السُّنِّي من حديث أبي هريرة مرفوعاً: إذا عطس أحدكم فليشمِّتْه جليسه، فإن زاد على ثلاث فهو مزكوم ولا يشمِّت بعد ثلاث.

(3)

أي يكفي التشميت الواحد لأن العبادات المتجانسة تتداخل.

(4)

محمد: في رواية يحيى: وأبو النضر.

(5)

محمد: في رواية يحيى: وأبو النضر.

(6)

في رواية يحيى: أن عامراً سمع أباه يسأل عن أسامة: هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطاعون شيئاً: فقال أسامة سمعتُه يقول الحديث.

(7)

قوله: إن هذا الطاعون، فسره كثير من أصحاب الغريب، وشرّاح الحديث بالوباء وهو كل مرض عام بسبب فساد الهواء، وليس بجيد، بل هو أخص

ص: 488

رِجْزٌ (1) أُرْسِل عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، أَوْ أُرْسِل (2) عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ - شَكَّ (3) ابْنُ الْمُنْكَدِرِ فِي أَيِّهِمَا قَالَ - فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ (4) بِأَرْضٍ فلا تدخلوا

منه بدليل أنه ورد في الحديث أن الطاعون لا يدخل المدينة، وورد أن المدينة كان فيها (في الأصل:"فيه"، وهو خطأ) وباء الحُمّى، ولذا قال القاضي عياض: أصل الطاعون القروح الخارجة في الجسد، والوباء عموم الأمراض، وقال النووي: هو بثر وورم مؤلم جدّاً يخرج مع لهب يحصل مع خفقان القلب والقيء، ويخرج في الآباط والأيدي والأصابع وسائر الجسد، وقد بسط الكلام في تحقيق معناه، وذكر الاختلاف فيه وإيراد الأخبار الواردة فيه الحافظ ابن حجر في رسالته "بذل الماعون في فضل الطاعون".

(1)

بكسر الراء أي عذاب (الرجز: بالزاي. العذاب، وبالسين: الخبث أو النجس أو القذر، وقد يرد بمعنى العذاب أيضاً، قال الحافظ: المحفوظ بالزاي أي عذاب، كذا في الأوجز 14/82) .

(2)

قوله: أو أرسل على بني إسرائيل، أخرج قصة نزوله على قوم فرعون وعلى بني إسرائيل عبدُ بن حميد والطبري وابن أبي حاتم وإبراهيم الحربي وغيرهم، وقد ورد أنه مات من قوم موسى بالطاعون في يوم واحد سبعون ألفاً، وورد أيضاً عند أحمد والبخاري أن الطاعون كان عذاباً على الأمم السابقة، وهو رحمة وشهادة لهذه الأمة. وورد أيضاً عند أحمد والطبراني وابن خزيمة وأبي يعلى وغيرهم أنّ الطاعون وخزُ أعدائكم من الجنّ، وهو - بالفتح - الطعن غير (في الأصل الغير، وهو تحريف) النافذ. وقد بسط الكلام على هذه الأخبار مع فوائد شريفة الحافظ في "بذل الماعون".

(3)

أي في أنّ أيّ هذين اللفظين قال.

(4)

أي بوقوعه ببلد أنتم خارجون عنه.

ص: 489

عَلَيْهِ (1) وَإِنْ وَقَعَ فِي أَرْضٍ فَلا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ (2) .

قَالَ مُحَمَّدٌ: هَذَا حَدِيثٌ مَعْرُوفٌ (3) قد رُوي عن غير واحد (4) ،

(1) قوله: فلا تدخلوا عليه، قال ابن دقيق العيد: الذي يترجّح عندي في النهي عن الفرار، وعن الدخول أن الإِقدام عليه تعرُّض للبلاء ولعله لا يصبر عليه، وربما كان فيه ضرب من الدعوى لمقام الصبر أو التوكّل، فمنع ذلك لاغترار النفس، وأما الفرار فقد يكون داخلاً في باب التوغل في الأسباب متصوراً بصورة من يحاول النجاة مما قدر عليه فيقع التكليف في القدوم كما يقع في الفرار فأمر بترك التكلُّف فيهما.

(2)

قوله: فراراً منه، أي لأجل الفرار عن الطاعون، فإن قضاء الله لا يُرَدّ:(ولو كنتم في بروج مشيّدة)(سورة النساء: الآية 78) ، وفيه إشارة إلى أنه لو خرج لا لهذا القصد بل لحاجته فلا بأس به، وقد أخرج الطبري في تفسير قوله تعالى:(أَلَم تَرَ إلي الذِّينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِم وَهُم ألُوفٌ حَذَرَ المَوتِ فَقَالَ لَهُمُ الله الله مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ)(سورة البقرة: الآية 243) ، من طريق محمد بن إسحاق، عن وهب بن منبِّه قال: كان حزقيل بن بورى، ويقال له ابن العجوز هو الذي دعا للقوم الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت، قال ابن إسحاق: فبلغني أنهم خرجوا من بعض الأوباء من الطاعون أو من سقم كان يصيب الناس، حذراً من الموت، الحديث. ونحوه عند عبد الرزاق، وابن أبي حاتم وغيرهم.

(3)

أي مشهور.

(4)

أي عن كثير من الصحابة بطرق متعددة.

ص: 490

فَلا بَأْسَ إِذَا وَقَعَ (1) بِأَرْضٍ أَنْ لا يَدْخُلَهَا اجْتِنَابًا لَهُ.

55 -

بَابُ الغِيبة (2) والبُهْتان (3)

955 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ (4) بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيَّادٍ، أَنَّ الْمُطَّلِبَ (5) بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَب المخزومّي: أخبره أن رجلاً سأل

(1) أي الطاعون (وقد وقع النهي عن القدوم عليه وعن الفرار عنه، فالنهي الأول لبيان الحذر عن التعرض للتلف، والثاني لبيان لزوم التوكل والرضا بقضاء الله ولبيان أن العذاب الواقع لسبب المعصية لا يدفعه الفرار، وإنما يدفعه التوبة والاستغفار، كذا في الأوجز 14/76) وكذا الحكم في كل وباء عامّ.

(2)

قوله: أخبرنا الوليد بن عبد الله بن صيّاد: هو أخو عمارة بن عبد الله بن صيّاد، قال الزرقاني: لم يذكره البخاري في "تاريخه" ولا ابن أبي حاتم، ولا ترجم له ابن عبد البر، لكن ذكره ابن حبان في "الثقات" وكفى برواية مالك عنه توثيقاً.

(3)

قوله: أن المطّلب بن عبد الله بن حنطب، وقع في "موطأ يحيى": حويطب، وهو غلط وهو أبو الحكم المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حَنْطَب بفتح الحاء المهملة وسكون النون وفتح الطاء المهملة بعدها باء موحَّدة ابن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم المخزومي، القرشي، المدني من ثقات التابعين، كذا في "جامع الأصول". وذكر الحافظ أن روايته هذه مرسلة وهو كثير الإِرسال، ولعله أخذه من عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبي هريرة، وقد أخرجه مسلم والترمذي من طريق العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة.

(4)

قوله: أخبرنا الوليد بن عبد الله بن صيّاد: هو أخو عمارة بن عبد الله بن صيّاد، قال الزرقاني: لم يذكره البخاري في "تاريخه" ولا ابن أبي حاتم، ولا ترجم له ابن عبد البر، لكن ذكره ابن حبان في "الثقات" وكفى برواية مالك عنه توثيقاً.

(5)

قوله: أن المطّلب بن عبد الله بن حنطب، وقع في "موطأ يحيى": حويطب، وهو غلط وهو أبو الحكم المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حَنْطَب بفتح الحاء المهملة وسكون النون وفتح الطاء المهملة بعدها باء موحَّدة ابن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم المخزومي، القرشي، المدني من ثقات التابعين، كذا في "جامع الأصول". وذكر الحافظ أن روايته هذه مرسلة وهو كثير الإِرسال، ولعله أخذه من عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبي هريرة، وقد أخرجه مسلم والترمذي من طريق العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة.

ص: 491

رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما الْغِيبَةُ (1) ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أنْ تَذْكُرَ (2) مِنَ الْمَرْءِ مَا يَكْرَهُ أَنْ يَسْمَعَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا (3) ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إذا قلتَ باطلاً (4) فذلك

(1) قوله: ما الغيبة، أي ما حقيقتها وما هيتها التي أمرنا الله تعالى بالاجتناب عنها بقوله:(ولا يَغْتَب بعضُكم بَعضاً أيُحِبُّ أحَدُكُم أنْ يَأكُلَ لَحْمَ أخِيْهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوه)(سورة الحجرات: الآية 12) .

(2)

قوله: أنْ تذْكُرَ، أي هو ذكرك من المرء مسلماً كان أو كافراً، بالغاً كان أو صبياً، متّقياً كان أو فاجراً، سواء كان الذكر كتابةً أو نطقاً، أو رمزاً أو إشارةً أو محاكاةً، ونحو ذلك، لكن يُشترط أن يكون في الغيبة فإن كان في حالة الحضرة فهو ليس بغيبة بل من أنواع السب مشافهة. ما يكره أن يسمع، أي شيئاً يكرهه ويحزن منه إن سمعه المغتاب في دينه أو دنياه أو خُلُقه أو أهله، أو خادمه أو ثوبه أو حركته أو طلاقته إلى غير مما يتعلق به. وقد استثنى الفقهاء صوراً (قال عيسى بن دينار: لا غيبة في ثلاث: إمام جائر، وفاسق معلن فسقه، وصاحب بدعة المنتقى 7/312) من الغيبة حكموا بجوازها لضرورة أو لمصلحة، بسطها الغزالي في "إحياء العلوم"، وقد شرعت في تأليف رسالة طويلة في هذا الباب مشتملة على الأحاديث والحكايات مع ذكر ما يجوز منها، وما لا يجوز منها، في السنة الثانية والثمانين بعد الألف والمائتين من الهجرة وكتبت منها أجزاء كثيرة ثم وقعت عوائق عن إتمامها وأسأل الله أن يوفقني لاختتامها.

(3)

أي وإن كان ما ذكره حقاً صادقاً كأنه ظن أن الغيبة لا يكون إلا بالكذب فاستفسر عن حقيقة الأمر.

(4)

أي قولاً كاذباً في حقه.

ص: 492

الْبُهْتَانُ (1) .

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ. لا يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ لأَخِيهِ الْمُسْلِمِ (2) الزِّلّةَ (3) تَكُونُ مِنْهُ مِمَّا يَكْرَه، فَأَمَّا صَاحِبُ الْهَوَى (4) المُتَعَالِنُ بِهَوَاهُ المتعرِّف (5) بِهِ، وَالْفَاسِقُ الْمُتَعَالِنُ بِفِسْقِهِ فَلا بَأْسَ (6) ، أَنْ تَذْكُرَ هَذَيْنِ بِفِعْلِهِمَا. فَإِذَا ذكرتَ مِنَ الْمُسْلِمِ مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ الْبُهْتَانُ، وَهُوَ الكذب (7) .

(1) أي هو قسم آخر، وهو الافتراء والبهتان وهو أعظم من الغيبة معصيةً (قال الباجي: لما فيه من الباطل. أوجز المسالك 15/284) .

(2)

قوله: المسلم، تقييده اتفاقي كما قيد في بعض الروايات بالأخ وإلا فالغيبة تعم الكافر، وتحرم غيبة الذِّمِّيّ كالمسلم، وفي غيبة الكافر الحربي قولان.

(3)

قوله: الزّلة، بفتح الزاء وتشديد اللام أي المعصية على سبيل الغفلة.

(4)

أي من يتبع هو نفسه ويبتدع برأيه.

(5)

أي الطالب الشهرة به.

(6)

قوله: فلا بأس أن تذكر، لكن لا لغرض التحقير بل ليحذر الناس منهما، ويحصل الزجر والحياء لهما، وقد ورد:"أترغبون عن ذكر الفاجر بما فيه اهتكوه حتى يعرفه الناس، اذكروه بما فيه حتى يحذره الناس، اذكروه بما فيه حتى يحذره الناس". وعند أبي الشيخ: "من ألقى جلباب الحياء فلا غِيبة له".

(7)

أي نوع منه هو الافتراء والكذب على الغير.

ص: 493