المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الدِّيات

- ‌1 - بَابُ الدِّيَةِ فِي الشَّفَتَيْن

- ‌2 - بَابُ دِيَةِ الْعَمْدِ

- ‌4 - بَابُ دِيَةِ الأَسْنَانِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يَرِثُ مِنْ دِيَةِ امْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةُ تَرِثُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا

- ‌8 - باب الجروح وما فيها من الأرش

- ‌9 - بَابُ دِيَةِ الْجَنِينِ

- ‌11 - بَابُ الْبِئْرِ جُبار

- ‌13 - بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌1 - بَابُ الْعَبْدِ يَسْرِقُ مِنْ مَوْلاهُ

- ‌7 - بَابُ الْمُخْتَلِسِ

- ‌أبواب الحُدودِ في الزنَاء

- ‌1 - باب الرجم

- ‌2 - باب الإِقرار بالزناء

- ‌5 - بَابُ الْحَدِّ فِي التَّعْرِيضِ

- ‌6 - بَابُ الحدِّ فِي الشُّرْبِ

- ‌7 - بَابُ شُرْبِ البِتْعِ والغُبَيْرَاء وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌8 - بَابُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَمَا يُكره مِنَ الأَشْرِبَةِ

- ‌11 - بَابُ نَبِيذِ الطِّلاء

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌1 - بَابُ مِيرَاثِ الْعَمَّةِ

- ‌2 - بَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَلْ يُورَثُ

- ‌3 - بَابُ لا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ

- ‌4 - بَابُ مِيرَاثِ الْوَلاءِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يُوصِي عِنْدَ مَوْتِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ

- ‌3 - بَابُ مَنْ جَعَل عَلَى نَفْسِهِ الْمَشْيُ ثُمَّ عَجَزَ

- ‌4 - بَابُ الاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ

- ‌5 - بَابُ الرَّجُلِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ

- ‌6 - بَابُ مَنْ حَلَفَ أَوْ نَذَرَ فِي مَعْصِيَةٍ

- ‌8 - بَابُ الرَّجُلِ يَقُولُ: مَالُه فيِ رِتَاج الْكَعْبَةِ

- ‌9 - بَابُ اللَّغْو مِنَ الأَيْمان

- ‌4 - بَابُ مَا يُكره مِنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ

- ‌5 - بَابُ مَا لَمْ يُقبض مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الشَّعِيرَ بِالْحِنْطَةِ

- ‌13 - بَابُ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ

- ‌14 - بَابُ شِرَاءِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ

- ‌15 - بَابُ الرَّجُلِ يُساوِمُ الرجلَ بِالشَّيْءِ فَيَزِيدُ عَلَيْهِ أَحَدٌ

- ‌16 - بَابُ مَا يُوجِبُ الْبَيْعَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي

- ‌20 - بَابُ الِاشْتِرَاطِ فِي الْبَيْعِ وَمَا يُفْسِده

- ‌22 - بَابُ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ وَلَهَا زَوْجٌ أَوْ تُهدى إِلَيْهِ

- ‌28 - بَابُ الْقَضَاءِ

- ‌29 - بَابُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ

- ‌30 - بَابُ النُّحْلَى

- ‌4 - بَابُ مَا يُكره مِنْ قَطْعِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ

- ‌10 - بَابُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَاتِ وَادِّعَاءِ النَّسَب

- ‌11 - بَابُ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ

- ‌13 - بَابُ الرَّهْن

- ‌14 - بَابُ الرَّجُلِ يَكُونُ عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطة

- ‌1 - باب الشفعة

- ‌1 - بَابُ المكاتَب

- ‌أَبْوَابُ السِّيَر

- ‌3 - بَابُ قَتْلِ النِّسَاءِ

- ‌4 - بَابُ الْمُرْتَدِّ

- ‌5 - بَابُ مَا يُكره مِنْ لُبْس الْحَرِيرِ والدِّيباج

- ‌8 - بَابُ نُزُولِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ وَمَا يُكره مِنْ ذَلِكَ

- ‌9 - بَابُ الرَّجُلِ يُقيم الرجلَ مِنْ مَجْلِسِهِ لِيَجْلِسَ فِيهِ وَمَا يُكره مِنْ ذَلِكَ

- ‌10 - بَابُ الرُّقَى

- ‌11 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْفَأْلِ وَالِاسْمِ الْحَسَنِ

- ‌12 - بَابُ الشُّرْبِ قَائِمًا

- ‌14 - بَابُ الشُّرْبِ وَالأَكْلِ بِالْيَمِينِ

- ‌17 - بَابُ فَضْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌22 - بَابُ الاسْتِئْذَانِ

- ‌25 - بَابُ النَّظَرِ إِلَى اللَّعِبِ

- ‌27 - بَابُ الشَّفَاعَةِ

- ‌28 - باب الطيب للرجل

- ‌29 - بَابُ الدُّعَاءِ

- ‌30 - بَابُ رَدِّ السَّلامِ

- ‌31 - بَابُ الدُّعَاءِ

- ‌34 - بَابُ مَا يُكره مِنْ أَكْلِ الثُّومِ

- ‌35 - بَابُ الرُّؤْيَا

- ‌36 - بَابُ جَامِعِ الْحَدِيثِ

- ‌27 - بَابُ الزُّهْدِ وَالتَّوَاضُعِ

- ‌38 - بَابُ الْحُبِّ فِي اللَّهِ

- ‌39 - بَابُ فَضْلِ الْمَعْرُوفِ وَالصَّدَقَةِ

- ‌40 - بَابُ حَقِّ الْجَارِ

- ‌41 - بَابُ اكْتِتَابِ الْعِلْمِ

- ‌42 - بَابُ الْخِضَابِ

- ‌45 - بَابُ النَّفْخِ فِي الشُّرْب

- ‌48 - بَابُ صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌49 - بَابُ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا يُستحب مِنْ ذَلِكَ

- ‌50 - بَابُ فَضْلِ الْحَيَاءِ

- ‌51 - بَابُ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ

- ‌52 - بَابُ حَقِّ الضِّيَافَةِ

- ‌56 - بَابُ النَّوَادِرِ

- ‌59 - بَابُ كَسْب الحَجّام

- ‌60 - بَابُ التَّفْسِيرِ

- ‌[خاتمة المعلق]

الفصل: ‌42 - باب الخضاب

دُرُوسَ (1) الْعِلْمِ وَذَهَابَ الْعُلَمَاءِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ وَلا نَرَى بِكَتَابَةِ الْعِلْمِ بَأْسًا (2) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله.

‌42 - بَابُ الْخِضَابِ

(3)

936 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنَا محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بن

والترمذي وغيرهما وكذا ما أخرجه البخاري وغيره في حديث طويل أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ خطبة بمكة فقال رجل من اليمن يقال له أبو شاه: اكتبه لي يا رسول الله فقال: اكتبوا لأبي شاه. وكذا ما أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وأخمد وغيرهم من أنه سُئِلَ عليٌّ: هل عندكم كتاب فقال: لا إلا كتاب الله أو ما في هذه الصحيفة فأخرج صحيفة فيها بعض أحكام الدية ونحو ذلك فنهذه الأخبار والآثار أجاز الجمهور كتابة العلم وتدوينه لا سيما إذا خاف ذهاب العلم فحينئذ يكون واجبا وقد كان الصحابة ومن قَرُبَ منهم مستغنين عن ذلك غير معتادين لذلك لاعتمادهم على حفظهم وكثرة حملة العلم فيهم فلما صار الأمر إلى ما صار احتيج إلى الكتابة إبقاءً للشريعة.

(1)

بالضم أي اندراس العلم بموت العلماء.

(2)

قوله بأسا وقد ورد عن أبي سعيد: استأذنّا عن رسول الله في الكتابة فلم يأذن لنا. وهو محمول على أول الأمر لما يُخاف باختلاطه بكتاب الله أو على عدم الضرورة بدليل ما عن أبي هريرة: كان رجل من الأنصار يجلس إلى رسول الله فيسمع منه الحديث فيعجبه ولا يحفظ فشكاه ذلك إليه فقال رسول الله: استعن بيمينك. وأومأ بيده للخط أخرجهما الترمذي.

ص: 461

عَبْدِ يغُوث كَانَ جَلِيسًا (1) لَنَا، وَكَانَ أَبْيَضَ (2) اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ، فَغَدَا (3) عَلَيْهِمْ ذَاتَ يَوْمٍ، وَقَدْ حَمَّرَهَا، فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ: هَذَا (4) أَحْسَنُ، فَقَالَ: إِنَّ أُمِّي (5) عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَتْ إِلَيَّ الْبَارِحَةَ (6) جاريتَها نُخَيْلةَ (7) فأقسمَتْ (8) عَلَيَّ لأَصْبِغَنَّ، فَأَخْبَرَتْنِي (9) أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه كان يصبغ (10) .

(3) جليسا: أي مجالساً ومصاحباً.

(1)

جليسا: أي مجالساً ومصاحباً.

(2)

أي كان شعر لحيته ورأسه أبيض.

(3)

قوله: فغدا عليهم، أي فمرّ عبد الرحمن عليهم يوماً من الأيام صباحاً، وقد جعلها أحمر وصبغها بالحمرة.

(4)

أي هذا اللون أحسن بالنسبة إلى البياض.

(5)

قوله: إن أمي، أطلق عليها أمّ لأنها أم المؤمنين، قال الله تعالى:(وأزواجه أمهاتهم) .

(6)

أي في الليلة الماضية.

(7)

قوله: نُخَيْلة، بضم النون وفتح الخاء معجمة عند يحيى وغيره، ومهملة عند البعض، وسكون التحتية، اسم جارية لعائشة، قاله الزرقاني.

(8)

أي عائشة أو نخيلة من جانب عائشة.

(9)

أي عائشة بواسطة أو نخيلة عنها.

(10)

قوله: كان يصبغ، قال الزرقاني: قال مالك: في هذا الحديث بيان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصبغ ولو صبغ لأرسلت بذلك عائشة إلى عبد الرحمن بن الأسود مع قولها إن أبا بكر كان يصبغ أو بدونه، وقد أنكر أنس كونه صلى الله عليه وسلم صبغ. وقال ابن عمر: إنه رآه يصبغ بالصفرة. وقال أبو رمثة: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه بردان أخضران وله شعر قد علاه الشيب وشيبه مخضوب بالحناء. رواه الحاكم وأصحاب السنن.

ص: 462

قَالَ مُحَمَّدٌ: لا نَرَى بِالْخِضَابِ بالوَسَمة (1) وَالْحِنَّاءِ (2) والصُّفْرة

وسئل أبو هريرة: هل خضب رسول الله؟ قال: نعم. رواه الترمذي. وجُمع بأنه صبغ في وقت وترك في معظم الأوقات فأخبر كلٌ بما رأى.

(1)

قوله: بالوَسَمة، بفتحتين، وبفتح الأول وسكون الثاني، وبكسره أيضاً على ما في "القاموس" و "المغرب"، هو ورق النيل، والخضاب به صرفاً لا يكون سواداً خالصاً بل مائلاً إلى الخضرة، وكذا إذا خلط بالحناء وخضب به، نعم لو خضب الشعر أوّلاً بالحنّاء صِرفاً ثم الوسمة عليه يحصل السواد الخالص فيكون ممنوعاً كما سيأتي ذكره.

(2)

قوله: والحِنّاء، بكسر الحاء وتشديد النون، ورق معروف يخضب النساء به أيديهن وأرجلهن، ويكون لونه أحمر. والصفرة بالضم أي غير الزعفران فإنه مكروه للرجال. بأساً أي خوفاً وضيقاً ففي "مسند أحمد" عن أبي أمامة مرفوعاً: يا معشر الأنصار حمِّروا أو صفِّروا وخالِفُوا أهل الكتاب. وإن تركه أبيض من غير خضاب فلا بأس، وأما الخضاب بالسواد الخالص فغير جائز لما أخرجه أبو داود (أخرجه أبو داود في سنن رقم 4212 باب الترجل، ويقول المنذري كما في درجات مرقاة الصعود ص 171: أخرجه النسائي وفي إسناده عبد الكريم ولم ينسبه أبو داود، ولا النسائي وذكر بعضهم أنه عبد الكريم بن أبي المخارق أبو أمية البصري والصواب أنه عبد الكريم بن مالك الجزري وهو من الثقات اتفق البخاري ومسلم على الاحتجاج بحديثه، فالحديث صحيح مختصراً) ، والنسائي وابن حبان، والحاكم وقال: صحيح الإِسناد عن ابن عباس مرفوعاً: يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام (دانه دان سينهائى كبوتران بالفارسية) ، لا يريحون رائحة الجنة. وجنح ابن الجوزي في "العلل المتناهية" إلى تضعيفه مستنداً بما رُوي أن سعداً والحسين بن عليّ كانا يخضبان بالسواد، وليس بجيد

ص: 463

بَأْسًا، وَإِنْ تَرَكَهُ أَبْيَضَ فَلا بَأْسَ بِذَلِكَ، كلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ (1) .

43 -

بَابُ الْوَلِيِّ (2) يَسْتَقْرِضُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ

937 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ (3) إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فَقَالَ لَهُ: إِنَّ لِي (4) يَتِيمًا وَلَهُ إِبِلٌ فَأَشْرَبُ (5) مِنْ لَبَنِ إِبِلِهِ؟ قَالَ لَهُ ابن عباس:

فلعله لم يبلغهما الحديث، والكلام في بعض رواته ليس بحيث يُخرجه عن حيز الاحتجاج به، ومن ثمَّ عدّ ابن حجر المكي في "الزواجر" الخضاب بالسواد من الكبائر ويؤيده ما أخرجه الطبراني عن أبي الدرداء مرفوعاً: من خضب بالسواد سودّ الله وجهه يوم القيامة، وعند أحمد: وغيِّروا الشيب ولا تقربوا السواد. وأما ما في "سنن ابن ماجه" مرفوعاً: إن أحسن ما اختضبتم به هذا السواد أرغب لنسائكم وأهيب لكم في صدور أعدائكم، ففي سنده ضعفاء فلا يُعارِض الروايات الصحيحة، وأخذ منه بعض الفقهاء جوازه في الجهاد.

(1)

أي من الخضاب والترك.

(2)

رجل: في رواية: أعرابي. قد أخرج هذه القصة سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والنحاس أيضاً.

(3)

رجل: في رواية: أعرابي. قد أخرج هذه القصة سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والنحاس أيضاً.

(4)

أي في تربيتي وحفظي.

(5)

قوله: فأشرب من لبن إبله، يحتمل أن يكون خبراً وأنْ يقدَّر استفهاماً (كما في نسخة يحيى: أفأشرب) وعلى كلّ تقدير فمراده الاستفتاء، قال له ابن عباس. إنْ كنت تبغي ضالة إبله، أي تطلب ما فقد من إبله وضاع من مال وتخدم في ما يتعلق بحاله. وتهنأ، أي تطلي

ص: 464

إِنْ كنتَ تَبْغِي ضالَّة إِبِلِهِ، وتَهْنَأ جَرْبَاها وَتَلِيطُ حَوْضَهَا، وَتَسْقِيهَا يَوْمَ وِرْدِها فَاشْرَبْ غَيْرَ مُضِرٍّ بنَسْلٍ، وَلا ناهكٍ فِي حَلبٍ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: بَلَغَنَا (1) أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه ذكر

يقال: هنأ الإِبل، إذ طلاه ودلك على جسده القَطران بالفتح وهو دواء يُطلى به الإِبل المبتلاة بالجرب وغيره. جرباها (والجربى: مؤنث أجرب، كذا في المحلى. أوجز المسالك 14/339) ، بالفتح إبله الجرباء بالقطران. وتليط حوضها، وفي نسخة تلوط أي تطيّنه وتصلحه، وليحيى: تلُطّ بضم اللام وتشديد الطاء. وتسقيها، أي الإِبل يوم ورودها بالكسر أي شربها، فاشرب من لبنه فإنك (في الأصل:"فإنه") تستحقه من خدمتك، غير مضرّ بالنصب أي حال كونك غير ضارّ، بنسل بفتحتين أي بالولد الرضيع، ولا ناهكٍ بكسر الهاء أي غير ضائع في حلب، يقال: نهكت الناقة أنهكها إذا لم يبق في ضروعها لبناً، والحَلَب بفتحتين اللبن المحلوب وبتسكين اللام الفعل، والمعنى غير مستأصل اللبن، كذا ذكره القاري وغيره (قال الباجي: وقوله: فاشرب غير مضر بنسل: والحديث على معنى إباحة له ليشرب من لبنها على شرطين: أحدهما: لا يضر بأولادها. والثاني: أن لا يستأصل في البن. المنتقى 7/238) .

(1)

قوله: بلغنا، هذا البلاغ أخرجه عبد الرزاق، وابن سعد وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا، وابن جرير وابن المنذر والنّحاس في "ناسخه" والبيهقي في سننه من طرق عن عمر، قال: إني أنزلت نفسي في مال الله بمنزلة والي اليتيم، إن استغنيتُ استعففت وإن احتجت أخذت منه بالمعروف، فإذا أيسرتُ قضيت. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عليّ، عن ابن عباس: ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف يعني القرض. وكذا أخرجه ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عنه، وأخرج عبد بن حميد والبيهقي من طريق

ص: 465

وَالِيَ الْيَتِيمِ، فَقَالَ: إِنِ اسْتَغْنَى استعفَّ، وَإِنِ افْتَقَرَ أَكَلَ بِالْمَعْرُوفِ قَرْضًا. بَلَغَنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فسرَّ هَذِهِ الآيَةَ (وَمَنْ كَانَ غنيّاً فلْيَسْتَعْفِفْ ومَن كان فقيراً ليأكل بالمَعْرُوفِ) قَالَ: قَرْضًا (1) .

938 -

أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2)، عَنْ صِلَة (3) بْنِ زُفَر: أَنَّ رَجُلا أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فَقَالَ: أَوْصِنِي (4) إِلَى يَتِيمٍ، فَقَالَ: لا تشتَرِيَنَّ (5) مِنْ مَالِهِ شَيْئًا وَلا تَسْتَقْرِضْ مِنْ

ابن جبير عنه قال: والي اليتيم إن كان غنياً فليستعفف ولا يأكل، وإن كان فقيراً أخذ من فضل اللبن، وأخذ بالقوت لا يجاوزه، وما يستر من عورته فإذا أيسر قضى، وإنْ أعسر فهو في حِلّ. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي عنه، قال: إذا احتاج والي اليتيم وضع يده فأكل من طعامهم ولا يلبس منه ثوباً ولا عمامة. وأخرج ابن المنذر والطبراني عنه قال: يأكل وليّ مال اليتيم بقدر قيامه على ماله، ومنفعته له ما لم يسرف أو يبذِّر. وفي الباب آثار أُخَر مبسوطة في "الدر المنثور" للسيوطي.

(1)

أي في معنى الأكل بالمعروف.

(2)

هو عمرو بن عبد الله بن علي السبيعي الهمداني الكوفي.

(3)

قوله: عن صلة، هو صلة بكسر الصاد وفتح اللام، بن زُفَر بضم الزاء وفتح الفاء أبو العلاء العبسي الكوفي، روى عن عمار وحذيفة وابن مسعود وعليّ، وابن عباس، وعنه أبو وائل، وأبو إسحاق السَّبيعي، وأيوب السختياني وغيرهم، قال الخطيب وابن خراش وابن حبان: ثقة، وكذا عن ابن معين والعِجلي وابن نمير، مات في خلافة مصعب بن الزبير، كذا في "تهذيب التهذيب".

(4)

أي انصحني في أمرِ يتيمٍ هو كفالتي.

(5)

بصيغة النهي مع النون المشددة.

ص: 466

مَالِهِ شَيْئًا (1) .

وَالاسْتِعْفَافُ (2) عَنْ مَالِهِ عِنْدَنَا أَفْضَلُ. وهو قول أبي حنيفة والعامَّة من فقهائنا.

44 -

بَابُ الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى عَورة (3) الرَّجُلِ.

939 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ: بَيْنَا (4) أَنَا أَغْتَسِلُ وَيَتِيمٌ كَانَ فِي حَجْر أَبِي، يَصُبُّ أَحَدُنَا عَلَى صَاحِبِهِ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا عَامِرٌ وَنَحْنُ كَذَلِكَ، فَقَالَ: يَنْظُرُ بَعْضُكُمْ إِلَى عَوْرَةِ بَعْضٍ؟ وَاللَّهِ إِنِّي كُنْتُ لأَحْسَبُكُمْ خَيْرًا مِنَّا. قلت (5) :

(1) قوله: ولا تستقرض من ماله شيئاً، هذا بظاهره دالّ على عدم جواز الاستقراض أيضاً وهو محمول على حالة الاستغناء وعدم الحاجة، وأما عند الحاجة فيجوز كما دلت الآثار السابقة فإن اضطر إلى الأكل جاز أكله.

(2)

هذا قول المؤلف أي الكفّ عن ماله ولو استقراضاً إذا لم يحتج إليه أفضل من غيره.

(3)

بينا: في نسخة: بينما. قوله: بَيْنَا أَنَا أَغْتَسِلُ وَيَتِيمٌ كَانَ فِي حَجْر - بالفتح - أبي، يعني كان في تربية أبي عامر. يصُبّ أحدنا، أي أحد منا، أنا واليتيم، وكانا يغتسلان عاريين في موضع واحد فيلقي الماء أحدهما على صاحبه الآخر. إذ طلع علينا، أي ظهر علينا جاء إلينا أبي عامر بن ربيعة ونحن واليتيم كذلك أي نغتسل ونصب الماء فقال أي عامر متعجباً وزاجراً: ينظر بعضكم إلى عورة بعض وهو حرام، والله إني كنت لأَحسبكم أي نظنكم خيراً مّنا أي في الديانة والتقوى، وقد ظهر خلاف ذلك حيث لا تخاف الله وتنظر إلى ما لا يحلّ النظر إليه.

(4)

بينا: في نسخة: بينما. قوله: بينا أنا أغتسل ويتيم كان في حَجْر - بالفتح - أبي، يعني كان في تربية أبي عامر. يصُبّ أحدنا، أي أحد منا، أنا واليتيم، وكانا يغتسلان عاريين في موضع واحد فيلقي الماء أحدهما على صاحبه الآخر. إذ طلع علينا، أي ظهر علينا جاء إلينا أبي عامر بن ربيعة ونحن واليتيم كذلك أي نغتسل ونصب الماء فقال أي عامر متعجباً وزاجراً: ينظر بعضكم إلى عورة بعض وهو حرام، والله إني كنت لأَحسبكم أي نظنكم خيراً مّنا أي في الديانة والتقوى، وقد ظهر خلاف ذلك حيث لا تخاف الله وتنظر إلى ما لا يحلّ النظر إليه.

(5)

قوله: قلت، أي في خاطري: قوم، أي هم قوم وُلدوا - مجهول - في الإِسلام أي وعُلِّموا الأحكام ولم يولدوا في شيء من الجاهلية ليكونوا معذورين في

ص: 467