الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَذَا هُوَ المُحْصَنُ فَإِنْ كَانَ لَمْ يُجامعها (1) إِنَّمَا تزوَّجها وَلَمْ يدخُل بِهَا أَوْ كَانَتْ تَحْتَهُ (2) أَمَةٌ يَهُودِيَّةٌ (3) أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ لَمْ يَكُنْ بِهَا مُحْصَناً، وَلَمْ يُرجَمْ وضُرِبَ (4) مِائَةً. وَهَذَا هُوَ قولُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله والعامَّة من فقهائنا.
2 - باب الإِقرار بالزناء
694 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ: أنَّهما أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ (5) اخْتَصَمَا إِلَى رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَحَدُهُمَا (6) : يَا نبيَّ اللَّهِ اقضِ (7) بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَقَالَ الآخر - وهو (8) أَفْقَهُهُمَا - أجل (9)
(1) أي المنكوحة قبل.
(2)
وكذا تزوج يهودية أو نصرانية.
(3)
في نسخة: أو يهودية.
(4)
أي مائة جلدة.
(5)
لم يعرف الحافظ اسمهما، وكذا اسم العسيف ومزنيَّته، قاله الزرقاني.
(6)
قوله: فقال أحدهما، وفي رواية للشيخين: فقام رجل من الأعراب فقال: أنشدك الله إلَاّ قضيتَ بيننا بكتابِ الله.
(7)
أي احكم بيننا بما حكم به الله في الكتاب.
(8)
قوله: وهو أفقههما، قال الحافظ زين الدين العراقي: يُحتمل أن الراوي كان عارفاً بهما قبل أن يتحاكما فوصف الثاني بأنه أفقه من الأول مطلقاً، ويحتمل في هذه القصة الخاصة بحسن أدبه في استئذانه أولاً وترك رفع صوته إن كان الأول رافعه.
(9)
أي نعم أنا راضٍ به.
يَا رسولَ اللَّهِ، فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَائْذَنْ لِي فِي أَنْ أتكلَّم (1) ، قَالَ تكلَّمْ، قَالَ: إنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفاً عَلَى هَذَا (2) - يَعْنِي أَجِيرًا (3) - فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ (4) . فأَخْبَرُوني (5) أنَّ عَلَى (6) ابني جلدَ (7) مائةٍ، فافتديتُ (8) منه
(1) أي فأُبيِّن القصة بحضرتك.
(2)
أي عنده.
(3)
قوله: يعني أجيراً، هذا تفسير مدرج من مالك كما يفصح عنه "موطأ يحيى: فإن فيه بَعد سَوْق الحديث من غير هذا التفسير: قال مالك: والعسيف: الأجير.
(4)
أي امرأة الرجل الحاضر الذي تكلَّم أولاً.
(5)
قوله: فأخبروني، أي بعض أهل العلم، وفي رواية يحيى وابن القاسم: فأخبروني، بالإِفراد. قال ابن عبد البر: هو الصواب.
(6)
قوله: أنَّ على ابني جلد مائة، هكذا في بعض النسخ، وعليها شرح القاري حيث قال: فأخبروني - أي بعض أهل العلم - أنَّ على ابني جلد مائة أي لأنه غير محصن. فافتديتُ منه بمائة شاة وجارية لي، أي بعتقها أو بتسليمها إلى خصمه. ثم إني سألتُ أهل العلم، أي الكُبراء منهم عن جواز الافتداء. أن على ابني جلدَ مائة، أي حدّاً. وتغريب عام، أي سياسة. انتهى. وفي كثير من النسخ المصحَّحة: فأخبروني أن على ابني الرجم، فافتديتُ منه، وهو مقتضى قوله ثم سألت أهل العلم فإنه يقتضي أن المُخْبِر الأول كان حَكَم بالرجم فافتدى منه ثم سأل عن أهل العلم فأخبروه بالجلد، وتأويل أن سؤاله عنهم كان عن الافتداء لا يوافقه السَّوْق، وفي الحديث دليل على أن الصحابة كانوا يُفتون في زمنه صلى الله عليه وسلم، وفي بلده، وذكر ابن سعد من حديث سهل: أن الذين كانوا يفتون على عهده صلى الله عليه وسلم عمرُ وعثمان وعليّ وأبيّ ومعاذ وزيد بن ثابت. وفيه أن الحدَّ لا يَقْبل الفداء، وهو مجمع عليه في الزناء والسرقة والشُّرب، قاله القسطلاني.
(7)
في نسخة: الرجم.
(8)
ظناً منه أن الفداء ينوب عن الحد.
بِمِائَةِ شَاةٍ وجاريةٍ لِي، ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي إِنَّمَا عَلَى ابْنِي جلدَ مِائَةٍ وتغريبَ (1) عَامٍ، وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ (2)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَمَا (3) وَالَّذِي (4) نَفْسِي بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمْ بكتابِ اللَّهِ تَعَالَى (5) : أمَّا غَنَمك وَجَارِيَتُكَ فردٌّ (6) عَلَيْكَ. وجَلَد (7) ابْنَهُ مِائَةً وغَرَّبَه (8) عَامًا، وَأَمَرَ أُنَيْساً (9) الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر، فإن
(1) أي نفيَه من البلد وإخراجَه.
(2)
أي لأنها محصَنة.
(3)
بالتخفيف: حرف تنبيه.
(4)
قَسَمٌ للتأكيد.
(5)
قوله: بكتاب الله، قال النووي: يُحتمل أن المراد: بحكم الله، وقيل: هو إشارة إلى قوله تعالى: (أو يجعل الله لهنَّ سبيلا)(سورة النساء: الآية 15) وفسَّر رسول الله السبيل بالرجم في المحصن في حديث عبادة عند مسلم، وقيل: هو إشارة إلى آية (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما) ، وهو مما نُسخت تلاوته وبقي حكمه، كذا في "تنوير الحوالك) .
(6)
أي مردود عليك لا ينوب عن الحدّ.
(7)
لأنه كان غير محصن. قوله: وجَلَد ابنه، قال الزرقاني: هذا يتضمَّن أن ابنه كان بكراً وأنه اعترف بالزناء فإنَّ إقرار الأب لا يُقبل، وقرينة اعترافه حضوره مع أبيه كما في رواية أخرى: إن ابني هذا وابني لم يُحصن.
(8)
أي أخرجه من البلد.
(9)
قوله: وأمر أُنَيْساً، هو أُنَيْس - بضم الهمزة - بن الضاحك الأسلمي،
اعترقَتْ (1) رَجَمَهَا (2) ، فاعترفَتْ فَرَجَمَهَا.
695 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا (3) يَعْقُوبُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكة أَنَّهُ (4) أخبره: أن
وقال ابن عبد البر: ويقال إنه أُنيس بن مرثد، قال ابن الأثير: الأول أشبه بالصحة لكثير الناقلين له، ولأنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقصد لا يؤمَّر (في الأصل: يأمر، وهو تحريف) في القبيلة إلَاّ رجلاً منهم لنفورهم من حكم غيرهم، وكانت المرأة أسلمية، كذا في "تهذيب الأسماء واللغات" للنوري.
(1)
قوله: فإن اعترفت، قال النووي: هو محمول عند العلماء على إعلام المرأة بأن هذا الرجل قذفها بابنه وأن لها عنده حدّ القذف، فتطلب أو تعفو إلَاّ أن تعترف بالزناء (وفي رواية البخاري: فغدا عليها فاعترفت فرجمها. قال الحافظ: كذا للأكثر، ووقع في رواية الليث، فاعترفت فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرُجمت وهي تشعر بأن أُنيساً أعاد جوابها على النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر حينئذٍ برجمها، فيحتمل أن يكون المراد أمره الأول المعلق على اعترافها مع رواية الأكثر وهو أولى. فتح الباري 12/140) .
(2)
أي حكم رسول الله برجمها أو رجمها أُنيس بعد ما أخبره به.
(3)
قوله: أخبرنا يعقوب، هو يعقوب بن زيد بن طلحة القرشي التيمي الصدوق المدني، وأبو زيد بن طلحة تابعي صغير، وظنه الحاكم صحابياً، وليس كذلك، كما بسطه الحافظ في "الإِصابة"، وجده عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة بالتصغير، ويقال: اسمه زهير التيمي المدني، ثقة من التابعين، مات سنة 117، كذا قال الزرقاني.
(4)
قوله: أنه أخبره، قال ابن عبد البر: هكذا قال يحيى، فجعل الحديث
امْرَأَةً (1) أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا زَنَتْ وَهِيَ حامِلٌ (2)، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اذْهَبِي (3) حتى تَرضَعِي، فَلَمَّا وضعَتْ (4) أَتَتْهُ، فَقَالَ لَهَا: اذْهَبِي حَتَّى تُرضعي، فَلَمَّا أرضَعَتْ (5) أَتَتْهُ فَقَالَ لَهَا: اذْهَبِي حَتَّى تَسْتَودِعيْه (6) فاستودَعَتْه، ثُمَّ جَاءَتْهُ فَأَمَرَ بِهَا فأُقيم عليها الحدّ (7) .
لعبد الله بن أبي مليكة مرسلاً عنه وقال القاسم وابن بكير: مالك، عن يَعْقُوبُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ زَيْدِ بْنِ طلحة بن عبد الله بن أبي مليكة، فجعلوا الحديث لزيد مرسلاً (قال ابن عبد البر: هذا هو الصواب إن شاء الله. أوجز المسالك 13/210) .
(1)
قوله: أن امرأة، أي من جُهَينة، كما في سنن أبي داود، ولمسلم من غامِد وهو بطن من جهينة بكسر الميم.
(2)
أي من الزنا، كما في رواية مسلم.
(3)
لعدم جواز رجم الحُبلى.
(4)
عند مسلم: فلما وضعت أتته بالصبي في خرقة وقالت: هذا ولدتُه.
(5)
أي فرغت من الرضاعة.
(6)
أي اجعليه عند مَنْ يحفظه (وفي رواية مسلم: فحُفر لها إلى صدرها وأمر الناس فرجموها، فأقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها، فنضح الدم على وجه خالد، فسبّها، فسمعه عليه السلام، فقال: مهلاً يا خالد، فو الذي نفسي بيده، لقد تابت توبة لو تابها صاحب مُكْس لغفر له، ثم أمر بها فصلى عليها، ثم دُفنت، ورُوي أنه عليه السلام صلى عليها. شرح الزرقاني 4/141) .
(7)
أي الرجم، كما في رواية مسلم.
696 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ (1) : أنَّ رَجُلا (2) اعترف بالزنى عَلَى نَفْسِهِ عَلَى عَهْدِ (3) رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وشهد (4) على نفسه.
(1) هذا مرسل وهو موصول في "الصحيحين: وغيرهما.
(2)
قوله: رجلاً، قال الزرقاني: هو ماعز بن مالك الأسلمي باتفاق، وبه صرح في كثير من طرق الحديث، واسم المرأة التي زنا بها فاطمة فتاة هزّال، وقيل: منيرة، وحكى ابنُ سعد في "طبقاته: أن اسمها مهيرة.
(3)
أي في زمانه.
(4)
قوله: وشهد على نفسه
…
إلخ، هذه القصة أي قصة رجم ماعز مخّرجة في الصحيحين والسنن وغيرها بطرق متفرّقة بألفاظ مختلفة، ففي بعضها أنه شهد على نفسه أربع شهادات فأعرض عنه ثلاثة، ثم قال له النبي عليه السلام بعد الرابعة: أبك جنون؟ ثم قال لأهله: أيشتكي أم به جِنَّة؟ فقالوا: لا، وإنما قال ذلك لما اشتبه عليه الحال، فإنه دخل منتفش (في الأصل منتفس، وهو خطأ) الشعر ليس عليه رداء يقول: زنيتُ فارجمني، كما عند مسلم عن جابر، وعنده من حديث بُرَيدة: جاء ماعز فقال: يا رسول الله طهّرني، فقال: ويحك، ارجع فاستغفر الله، وتُبْ، فرجع غير بعيد، ثم جاء فقال: يا رسول الله طهّرني، فقال مثل ذلك، حتى إذا كانت الرابعة قال: فيم أطهِّرك؟ قال: من الزناء. فسأل: أبه جنون؟ فأخبر أنه ليس بمجنون، فقال: أَشَرِب خمراً؟ فقام رجل فاستنكهه، فلم يجد منه ريحَ خمر، فقال رسول الله: أزنيت؟ قال: نعم. والروايات عند البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي وأحمد وإسحاق وابن أبي شيبة وغيرهم متوافقة على ذكر أربع شهادات في قصة ماعز، وكذا عند البزار عن عبد الرحمن بن أبي بكرة في قصة الغامدية الجهنية أنها أقرّت أربع مرات، فقال رسول الله: اذهبي حتى تلدي. وقد بسط كل ذلك الزيلعي وابن حجر في "تخريج أحاديث الهداية".
أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ فَأَمَرَ بِهِ فحُدَّ (1) . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فمِنْ أجْلِ ذَلِكَ يُؤخذ الْمَرْءُ (2) بِاعْتِرَافِهِ (3) عَلَى نَفْسِهِ
697 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: أَنَّ رَجُلا (4) اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بِالزِّنَاءِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَعَا (5) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بسَوْط فَأُتِيَ بسَوْطٍ مَكْسُورٍ، فَقَالَ: فَوْقَ (6) هَذَا، فأُتيَ بسوطٍ جَدِيدٍ لَمْ تُقْطَعْ (7) ثَمَرَته، فَقَالَ: بَيْنَ (8) هَذَيْنِ، فأُتِيَ بسوطٍ قَدْ رُكب (9) به فَلَانَ، فِأمر به
(1) أي رُجم.
(2)
أي إذا كان مكلَّفاً عاقلاً بالغاً غير محجور عليه.
(3)
أي على الزناء أو غيره.
(4)
قوله: أن رجلاً، قال ابن عبد البر: هكذا رواه جماعة الرواة مرسلاً، ولا أعلمه يُسْنَد بهذا اللفظ من وجه من الوجوه، وقد روى معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثلَه سواء، أخرجه عبد الرزاق. وأخرج ابن وهب في موطّئه عن كُريب مولى ابن عباس مرسلاً نحوَه، كذا في "التنوير".
(5)
أي طلبه ليجلده لأنه كان غير مُحْصَن.
(6)
أي في الإِيلام والإِيذاء فإن المكسور يخفّ به الإِيلام.
(7)
قوله: لم تُقطع ثمرته، بفتح الثاء المثلثة والميم والراء أي طرفه، قال الجوهري: وثمرة السياط عقد أطرافها، وقال أبو عمر (في الأصل: أبو عمرو، وهو خطأ والصواب ما اثبتناه) : أي لم يُمتهن ولم يُلَيَّنْ، والثمرة الطرف.
(8)
أي لا المكسور ولا الجديد بل الوسط.
(9)
قوله: قد رُكب به، بصيغة المجهول أي استعمل ذلك السَّوْط في
فجُلِدَ (1)، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ (2) لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ الله، فمن أصابه من هذه (3) القاذورات شيئاً فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ (4) مَنْ يُبْدِ لَنَا صفحتَه نُقِمْ (5) عَلَيْهِ كتابَ (6) اللَّهِ عز وجل.
689 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، أَنَّ صفيّةَ (7) بنتَ أَبِي عُبَيد حَدَّثَتْهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصدِّيق رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: أنَّ رَجُلا وَقَعَ عَلَى جاريةٍ بكْرٍ، فأَحْبَلها (8) ، ثُمَّ اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ زَنَى وَلَمْ يَكُنْ أُحْصِن (9) ، فَأَمَرَ به
الركوب. فَلَان، من اللين فإن السوط إذا استُعمل ورُكب به ذهب طرفه.
(1)
أي مئة جلدة.
(2)
أي حان وجاء وقته.
(3)
قوله: هذه القاذورات، جمع قاذورة: كل فعل أو قول يُستقبح كالزناء وشرب الخمر وغيرهما، أي هذه السيئات.
(4)
ضمير الشان. قوله: فإنه من يُبْدِ، وفي بعض نسخ "موطأ يحيى": يُبْدي بحذف الياء وإثباتها من الإِبداء وهو الإِظهار. والصفحة، بالفتح: الجانب والوجه والناحية، أي من يُظهر لنا معاشر الحكّام ما فعله أقمنا عليه حدّاً وفيه إشارة ألى أنّ الأحبّ لمن ارتكب السيئات ذواتِ الحدود أن يستر ولا يظهر ويتوب إلى الله، فإذا أظهر عند الحكام وجب عليهم إنفاذ الحدّ ولا تنفع عند ذلك شفاعة الشافعين.
(5)
من الإِقامة.
(6)
أي حدّه الوارد فيه أو في سُنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم فإنه أيضاً منه.
(7)
هي زوجة ابن عمر
(8)
أي جعلها حاملة.
(9)
بل كان بِكْراً.
أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، فجُلِدَ الحدَّ ثُمَّ نُفِيَ إلى فَدَك (1) .
(1) قوله: فَدَك، بفتح الفاء المهملة وكاف، بلدة بينها وبين المدينة يومان، وبينها وبين خيبر دون مرحلة، قاله الزرقاني. وبهذا وبما مرّ في حديث العسيف: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم غرّبه عاماً، وبما سيأتي عن عمر: أنه جلد الزاني وغرّب: استند جمع من العلماء، فقالوا بالجمع بين الجلد والنفي في غير المحصن: وأن النفي جزء من حدّه، وحدّه مجموعهما (انظر الأوجز 13/222) ، وبه قال الشافعي وأحمد والثوري والأوزعي والحسن بن صالح وابن المبارك وإسحاق، وهذا في الحرّ وفي العبد ثلاثة أقوال للشافعي: في قول يغرب ستة أشهر وفي قول سنة، وفي قول لا يغرّب أصلاً، بل يُجلد خمسين، وقال مالك: يُجمع بينهما في الرجل دون المرأة والعبد، كذا ذكر العيني. ويوافقهم ما أخرجه مسلم من حديث عبادة مرفوعاً: البكر بالبكر مائة جلدة وتغريب عام. وللبخاري من حديث زيد بن خالد: أن النيّ عليه السلام أمر فيمن زنى ولم يحصن بجلد مائة وتغريب عام. وأخرج الترمذي وغيره عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب وغرّب، وأن عمر ضرب وغرب، وأن أبا بكر ضرب وغرّب. وعند ابن أبي شيبة عن مولى عثمان أن عثمان (قال في التلخيص الحبير 4/61: رواه ابن أبي شيبة بإسناد فيه مجهول) جلد امرأة في زناء، ثم أرسل بها إلى مولى يقال له المهديّ إلى خيبر نفاها إليه. وفي الباب أخبار أُخر أيضاً مبسوطة في "تخريج أحاديث الهداية" و" التلخيص الحبير" وغيرهما. ومذهب الحنفية في ذلك أن النفي أمراً ليس بداخل في الحدّ، بل هو سياسة مفوَّضة إلى رأي الإِمام، إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل، ولهم في الجواب عن هذه الأخبار مسالك: الأول: القول بالنسخ ذكره صاحب "الهداية" وغيره، وهو أمر لا سبيل إلى إثباته بعد ثبوت عمل الخلفاء به مع أن النسخ لا يثبت بالاحتمال. والثاني: أنها محمولة على التعزير بدليل ما روى عبد الرزاق، عن معمر، عن الزّهري، عن ابن المسيّب: أنّ عمر غرَّب ربيعة بن أمية بن خلف في الشراب إلى خيبر فلحق بهرقل فتنصّر، فقال عمر:
699 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: إِنَّ رَجُلا (1) مِنْ أسلمَ أَتَى أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: إِنَّ الآخِرَ (2) قَدْ زَنَى، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَلْ ذَكَرْتَ هَذَا لأَحَدٍ غَيْرِي؟ قَالَ: لا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: تُبْ إِلَى اللَّهِ عز وجل، وَاسْتَتِرْ (3) بِسِتْرِ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِه. قَالَ سَعِيدٌ (4) : فَلَمْ تقَرّ (5) بِهِ نَفْسُه حَتَّى أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ لأَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ عمر (6) كما قال
لا أغرِّب بعده مسلماً. وأخرج محمد في كتاب "الآثار" وعبد الرزاق، عن ابراهيم قال: قال ابن مسعود في البكر يزني بالبكر: يُجلدان ويُنْفَيَان سَنَة، قال: وقال عليّ: حَسْبُهما من الفتنة أن يُنْفَيَا. فإنه لو كان النفي حدّاً مشروعاً لما صدر عن عمر، وعن عليّ مثله، فعُلم أنه أمر سياسة منوط بمصلحة. والثالث: أنها أخبار آحاد لا تجوز بها الزيادة على الكتاب وهو موافق لأصولهم لا يُسكت خصمهم، وبسطه في "فتح القدير" وغيره.
(1)
قال السيوطي: هو ماعز بن مالك باتفاق من الحفاظ.
(2)
بكسر الخاء وقصر الهمزة: أي الأرذل الدنيّ يريد به نفسه ويعيبه، قاله ابن عبد البر.
(3)
أي ولا تُظهر لأحد.
(4)
أي ابن المسيّب.
(5)
بفتح التاء وكسر القاف وتشديد الراء: أي لم تطمئن نفسه بكلام الصديق، كذا قاله القاري. وفي "موطأ يحيى": فلم تُقرره (بقول عمر رضي الله عنه أيضاً. (فلم تُقْرِره) بضم الفوقية وسكون القاف وكسر الراء الأولى أي لم تمكنه. أوجز المسالك 13/202) نفسه.
(6)
من الأمر بالتوبة والستر.
أَبُو بَكْرٍ. قَالَ سَعِيدٌ: فَلْم تقَرّ بِهِ نَفْسُهُ حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ (1) : الآخِرُ قَدْ زَنَى، قَالَ سَعِيدٌ (2) : فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فقَالَ (3) لَهُ (4) ذَلِكَ مِرَارًا، كلُّ ذَلِكَ يُعرض عَنْهُ حَتَّى إذَا أَكْثَرَ (5) عَلَيه، بَعَث إلى أهله،
(1) لشدة خوفه من ربه.
(2)
ابن المسيّب.
(3)
أي ذلك الصحابي.
(4)
أي للنبي عليه السلام.
(5)
قوله: إذا أكثر عليه، أي المرة الرابعة، فعند الطحاوي من طريق الشعبي، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبي بكر: أن النبي صلى الله عليه وسلم ردّ ماعزاً أربع مرات. وفي رواية أخرى عنده عن عكرمة، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لماعز: أحقٌّ ما بلغني عنك؟ قال: وما بلغك عني؟ (في الأصل: "وما بلغني؟ "، وهو خطأ. انظر شرح معاني الآثار 20/82) قال: بلغني أنك أتيتَ جاريةَ آل فلان، فأقر على نفسه أربع شهادات، فأمر به فرُجم. وفي رواية له عن جابر: أنّ رجلاً من أسلم أتى رسول الله وهو في المسجد فناداه فحدّثه أنه قد زنى، فأعرض عنه رسول الله فتنحّى بشقه الذي أعرض قبله، فأخبره أنه زنى وشهد على نفسه أربع مرات فدعاه رسول الله فقال: هل بك جنون؟ قال: لا، قال: فهل أُحصنت؟ قال: نعم. فأمر به، فرُجم بالمصلّى، فلما أذلقته الحجارة فرّ حتى أُدرك بالحرَّة فقُتل بها رجماً. وعنده من حديث بُريدة نحوه، وفي آخره قال بريدة: كنا أصحابَ رسول الله نتحدّث أنّ ماعزاً لو جلس في رحله بعد اعترافه ثلاث مرات لم يطلبه، وإنما رجمه عند الرابعة. قال الطحاوي: فثبت بذلك كلِّه أنّ الإِقرار بالزناء الذي يوجب الحدّ أربع مرات، فمن أقرّ كذلك حُدّ ومن أقرّ أقل من ذلك لم يُحَدّ، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وقد عمل بذلك عليٌّ في شراحة الهَمْدانية حيث ردّها أربع مرات، وأجاب الطحاوي، عن حديث العَسيف وقوله صلى الله عليه وسلم فيه لأنيس: اغْدُ يا أُنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها حيث لم يذكر فيه أربع مرات بأنه يجوز أن يكون أنيس قد علم الاعتراف الذي يوجب
فقال: أَيَشْتَكِي؟ (1) أَبِه جِنَّةٌ (2) ؟ قالوا: يارسول اللَّهِ، إِنَّهُ لَصَحِيحٌ (3) . قَالَ: أبِكْرٌ (4) أَمْ ثَيِّب (5) قال: ثيبٌ. فَأَمَرَ بِهِ فرُجِمَ.
700 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا يحيى بن سعيد أنه (6) بلغه: أنّ
حدَّ الزناء على المعترف مما علّمهم النبي صلى الله عليه وسلم في ماعز وغيره، فخاطبه بعد علمه أنه قد علم الاعتراف الذي يُوجب الحدّ.
(1)
أي هو مبتلى بشكاية ومرض أذهب عقله أم به الجِنّة بكسر الجيم وتشديد النون أي الجنون.
(2)
قوله: أبه جِنَّة، قال ابن عبد البر: فيه أن المجنون لا حدّ عليه وهو إجماع، وأن إظهار الإِنسان ما يأتيه من الفواحش جنون لا يفعله إلا المجانين، وأنه ليس من شأن ذوي العقول كشف ذلك والاعتراف به عند السلطان وغيره، وأن حدّ الثيب غير حدّ البكر، ولا خلاف فيه، لكن قليل من العلماء رأى على الثيب الجلد والرجم معاً، رُوي ذلك عن عليّ وعُبادة، وتعلّق به داود وأصحابه، والجمهور على أنه يُرجم ولا يُحَدّ، وقال الخوارج: لا رجم مطلقاً وإنما الحدّ الجلد للثيب والبكر، وهو خلاف إجماع أهل السنة والجماعة، كذا ذكره الزرقاني.
(3)
أي في عقله وبدنه.
(4)
أي غير محصن.
(5)
أي محصن.
(6)
قوله: أنه بلغه، هكذا وجدناه في النسخ الحاضرة، وفي "موطأ يحيى": مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيّب أنه قال: بلغني أنّ رسول الله قال لرجل من أَسْلَم (بفتح فسكون: اسم قبيلة قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسلم سالمها الله)
…
إلخ، وقال ابن عبد البر في شرحه: لا خلاف
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ يُدعَى (1) هَزَّالاً (2) : يَا هَزَّال لَوْ سَتَرْتَه بردائِك لَكَانَ خَيْرًا لَكَ، قَالَ يَحْيَى: فحدَّثتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ يزيدُ بْنُ نُعيم بْنِ هَزَّال، فَقَالَ: هَزَّالٌ جَدِّي، وَالْحَدِيثُ صحيحٌ حقٌّ (3) .
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ. وَلا يُحَدَّ الرجلُ بِاعْتِرَافِهِ بِالزِّنَى حَتَّى يُقِرَّ أَرْبَعَ مراتٍ فِي أَرْبَعِ مَجَالِسَ مختلفة (4)، وكذلك جاءت السُّنَّة (5) :
في إسناده في "الموطأ" كما ترى وهو مسند من طرق صحاح، ثم أخرجه من طريق النسائي عن عبد الله بن صالح، عن الليث، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن المنكدر، عن ابن هزّال، عن أبيه.
(1)
أي يسمى بهزال.
(2)
قوله: هزّالاً، هو بفتح الهاء وتشديد الزاء المعجمة بعد الألف لام، ابن ذئاب بن زيد بن كليب الأسلمي، وهو الذي كانت له جارية وقع عليها ماعز، فقال له هزّال: انطلق إلى رسول الله فأخبره فعسى أن ينزل قرآن، فأتاه، فكان ما كان فقال له النبي عليه السلام: يا هزالُ، لو سترتَه (قال الباجيّ: وكان ستره بأن يأمره بالتوبة وكتمان خطيئته، وإنما ذُكر فيه الرداء على وجه المبالغة. المنتقى 7/135) بثوبك أي لم تحرّضه على إفشاء السرّ لكان خيراً. وابنه نُعيم بن هزّال - بضم النون - قيل: له صحبة، وقيل: لا، وابنه يزيد تابعي ثقة، كذا ذكره ابن الأثير في "أسد الغابة"، و "جامع الأصول".
(3)
أي ثابت بلا شبهة.
(4)
قُيّد به لأن المجلس الواحد له أثر في توحّد المتعدّد.
(5)
المرفوعة وكذا الموقوفة كما مرّ.
لا يُؤْخَذ الرجل باعترافه على نفسه بالزنى حَتَّى يُقِرّ أَرْبَعَ مرّاتٍ وَهُوَ (1) قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةِ مِنْ فُقَهَائِنَا. وَإِنْ أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ رَجَعَ (2) قُبِلَ رجوعُه (3) وخُلِّيَ (4) سبيلُه.
3 -
باب الاستكراه (5) في الزناء
701 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ: أَنَّ عَبْدًا كَانَ (6) يَقُومُ عَلَى رَقِيقِ الخُمس، وَأَنَّهُ اسْتَكره جَارِيةً من ذلك الرقيق، فوقع (7) بها،
(1) قوله: وهو قول أبي حنيفة، وكذا أحمد في التربيع (مع الاختلاف بينهما في اشتراط تعدّد المجالس كما قال به الحنيفة، أو يكفي الإِقرار أربعاً في مجلس واحد، كما قال به الإمام أحمد. انظر أوجز المسالك 13/241) ، وخالف فيه الشافعي ومالك فقالا باكتفاء الإِقرار مرة اعتباراً بسائر الحقوق، وفي اشتراط اختلاف المجالس خلاف أحمد وابن أبي ليلى، ولنا ما ورد في بعض طرق قصة ماعز من التربيع في أربع مجالس، كذا في "البناية".
(2)
أي قبل حدّه أو في وسطه.
(3)
قوله: قُبِل رجوعه (أي يُقبل من المُقِرّ الرجوع عن الإِقرار ويسقط عنه الحدّ، وإلى ذلك ذهب أحمد والشافعية والحنفية وهو قول لمالك ورواية عنه. انظر هامش الكوكب الدري 2/241) ، لأنه وقع فيه شبه والحدود تندرئ بالشبهات، وفيه خلاف الشافعي، والتفصيل في كتب الفقه.
(4)
بصيغة المجهول من التخلية أي تُرك دونه.
(5)
قوله: كان يقوم، أي يخدم رقيق الخُمس الذي هو حق الإِمام من الغنيمة، ويدبّر حوائجهم بتولية من عمر بن الخطاب.
(6)
قوله: كان يقوم، أي يخدم رقيق الخُمس الذي هو حق الإِمام من الغنيمة، ويدبّر حوائجهم بتولية من عمر بن الخطاب.
(7)
أي وطئها.
فَجَلَدَهُ (1) عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَنَفَاهُ (2) ، وَلَمْ يَجْلِدِ الْوَلِيدَةَ (3) مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا (4) .
702 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ: أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ (5) بْنَ
(1) لأنه كان غير مُحْصَن (جلده عمر بن الخطاب خمسين جلدة، فإنه حدّ العبد سواء كان بكراً أو ثيباً عند الجمهور، منهم الأئمة الأربعة خلافاً لبعض الصحابة والظاهرية، كذا في الأوجز 13/255، والمغني 9/174) .
(2)
أي أخرجه من البلد زجراً (أي غرّبه نصف سنة لأنّ حده نصف حد الحرّ، ويستفاد منه عمر رضي الله كان يرى أن الرقيق يُنفى كالحر. قال الزرقاني: لم يأخذ به مالك. شرح الزرقاني 4/149) .
(3)
أي الجارية.
(4)
فإنه لا حدّ على المُكْرَهة (قال الموفق: لا حدّ على مكرهة في قول عامة أهل العلم، وإن أُكره الرجل فزنى فقال أصحابنا: عليه الحدّ، وبه قال محمد بن الحسن، وقال أبو حنيفة: إنْ أكرهه السلطان فلا حدّ عليه وإن أكرهه غيره حُدَّ استحساناً، وقال الشافعي: لا حدّ عليه. انظر المغني 8/187) ، إنما هو بالرضا.
(5)
قوله: أن عبد الملك، هو أحد خلفاء بني أمية، ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص، بُويع له بالخلافة يوم موت أبيه، وذلك سنة 65 خمس وستين، وهو أول من سُمِّي بعبد الملك في الإِسلام، وكانت في زمن خلافته وقائع مذكورة في "مرآة الجنان" لليافعي وغيره، وكانت وفاته على ما في "حياة الحيوان" سنة 86 ست وثمانين.
مَرْوَانَ قَضَى فِي امرأةٍ أُصيبت (1) مُسْتَكْرَهَةً بصَدَاقها (2) عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا استُكْرِهَتْ الْمَرْأَةُ (3) فَلا حَدَّ عَلَيْهَا، وَعَلَى مَنِ اسْتَكْرَهَهَا الْحَدُّ، فَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ (4) الْحَدُّ بَطَلَ الصَّدَاقُ، وَلا يَجِبُ (5) الْحَدُّ وَالصَّدَاقُ فِي جِمَاعٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ دُرِئَ عَنْهُ الحدُّ بِشُبْهَةٍ (6) وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالْعَامَّةِ مِنْ فُقَهَائِنَا.
4 -
بَابُ حَدِّ الْمَمَالِيكِ في الزناء (7) وَالسُّكْرِ (8)
703 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حدَّثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أن سليمان بن
(1) أي وطئت بالإِكراه.
(2)
أي بمهر مثلها.
(3)
أي بالزناء.
(4)
أي على المكره.
(5)
قوله: وَلا يَجِبُ الْحَدُّ وَالصَّدَاقُ فِي جِمَاعٍ وَاحِدٍ، احتراز عما إذا وقع جِماع ثانٍ، ولم يحدّ فيه بشبهة يجب فيه مهر المثل لعِظَم خطر منافع البضع، وأما إذا وجب الحدّ فلا يجب شيء من الضمان كما مع القطع في السرقة الضمان، وتفصيله في كتب الفقه.
(6)
سواء كانت الشبهة في المحلّ أو في الفعل، كما هو مفصّل في كتب الفروع.
يَسَارٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (1) بْنَ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ قَالَ (2) : أَمَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي فِتْيَةٍ (3) مِنْ قُرَيْشٍ، فَجَلَدْنَا ولائدَ (4) مِنْ وَلائِدِ الإِمارة خَمْسِينَ (5) خَمْسِينَ فِي الزناء (6) .
(7) قوله: عبد الله بن عَياش، بشد تحتيّة وشين معجمة، بن أبي ربيعة: اسمه عمرو بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي القرشي الصحابي بن الصحابي، كذا قال الزرقاني.
(8)
قوله: قال أمرني
…
إلخ، كذا رواه ابن جريج وابن عيينة وغيرهما، عن يحيى بن سعيد به، وروى معمر، عن الزهري أنَّ عمر بن الخطاب جلد ولائد من الخمس أبكاراً في الزناء، وهذا كله أصح وأثبت مما رُوي عن عمر أنه سئل عن الأمة كم حدُّها؟ فقال: ألقتْ فروتَها وراء الدار. وأراد بالفروة القناع أي ليس عليها قناع ولا حجاب لخروجها إلى كلّ موضع يرسلها أهلها إليه، لا تقدر على الامتناع منه، فلا تكاد تقدر على الامتناع من الزناء، فلا حدّ عليها إذا لا حجاب لها ولا قناع، وإنما عليها الأدب، وتُجلد دون الحد، وهكذا قال طائفة: لا حد على الأمة حتى تُزوَّج، وعليه تأوَّلوا حديث زيد وأبي هريرة: إذا زنت ولم تحصن، كذا ذكره ابن عبد البر.
(1)
قوله: عبد الله بن عَياش، بشد تحتيّة وشين معجمة، بن أبي ربيعة: اسمه عمرو بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي القرشي الصحابي بن الصحابي، كذا قال الزرقاني.
(2)
قوله: قال أمرني
…
إلخ، كذا رواه ابن جريج وابن عيينة وغيرهما، عن يحيى بن سعيد به، وروى معمر، عن الزهري أنَّ عمر بن الخطاب جلد ولائد من الخمس أبكاراً في الزناء، وهذا كله أصح وأثبت مما رُوي عن عمر أنه سئل عن الأمة كم حدُّها؟ فقال: ألقتْ فروتَها وراء الدار. وأراد بالفروة القناع أي ليس عليها قناع ولا حجاب لخروجها إلى كلّ موضع يرسلها أهلها إليه، لا تقدر على الامتناع منه، فلا تكاد تقدر على الامتناع من الزناء، فلا حدّ عليها إذا لا حجاب لها ولا قناع، وإنما عليها الأدب، وتُجلد دون الحد، وهكذا قال طائفة: لا حد على الأمة حتى تُزوَّج، وعليه تأوَّلوا حديث زيد وأبي هريرة: إذا زنت ولم تحصن، كذا ذكره ابن عبد البر.
(3)
بالكسر: جمع فتى أي في جماعة أحداث من قريش (قال الموفق: يجب أن يحضر الحدّ طائفة من المؤمنين، قال أصحابنا: الطائفة واحد فما فوقها، وقال مالك: أربعة لأنه العدد الذي يثبت به الزنا، وللشافعي قولان كقول الزهري ومالك. انظر المغني 8/170) .
(4)
جمع وليدة بمعنى الجارية.
(5)
هو نصف حدّ الحر.
(6)
أي بسببه.
704 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ (1) ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهنيّ: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عَنِ الأَمَةِ، إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَن (2) ؟ فَقَالَ: إِذَا زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا (3) ، ثُمَّ إِذَا زَنَتْ (4) فَاجْلِدُوهَا، ثم إذا
(1) محمد بن مسلم الزهري.
(2)
قوله: ولم تُحْصَن، قال النووي: قال الطحاوي: لم يذكر هذه اللفظة أحد من الرواة غير مالك. وأشار بذلك إلى تضعيفها، وأنكر الحفاظ عليه، وقالوا: بل روى هذه اللفظة أيضاً ابن عيينة ويحيى بن سعيد، عن ابن شهاب كما قال مالك، فحصل أن هذه اللفظة صحيحة وليس فيها حكم مخالف لأن الأَمَة تُجلد نصف جلد الحرة سواء أحصنت أو لم تحصن، كذا في "التنوير". وقال القسطلاني في "إرشاد الساري" تقييد حدِّها بالإحصان ليس بقيد، وإنما هو حكاية حال والمراد بالإِحصان ههنا ما هي عليه من عِفَّة، لا الإحصان بالتزوّج لأن حدها الجلد سواء تزوجت أم لا.
(3)
قوله: فاجلدوها، أي نصف جلد الحرة لقوله تعالى في كتابه:(فإذا أُحصِنّ)، أي الفتيات (فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) (سورة النساء: الآية 25) . وقد اختلف السلف ومَنْ بعدهم في تفسير الإِحصان الواقع في الآية: فجَمْعٌ منهم فسَّروه بالإِسلام، منهم ابن مسعود، فأخرج عبد الرزاق وعبد بن حُمَيد وابن جرير والطبراني أنه سئل عن أمةٍ زنت وليس لها زوج؟ قال: اجلدها خمسين، قال: إنها لم تحصن، قال: إسلامها إحصانها. ومنهم ابن عمر، أخرج عبد الرزاق عنه أنه قال: إذا كانت الأمة ليست بذات زوج فزنت جُلدت نصف ما على المحصنات. وأخرج نحوه ابن جرير، عن إبراهيم. وجَمْع فسَّروه بالتزوُّيج، منهم
زنت فاجلدوها، ثم بيعوها (1) ولو
ابن عباس ومجاهد وغيرهما، فإنَّ عندهما لا تُحَدّ الأمة حتى تتزوج، أخرجه ابن المنذر ابن جرير وسعيد بن منصور والبيهقي وابن خزيمة وابن أبي شيبة وعبد الرزاق. والبسط في "الدرّ المنثور".
(4)
قوله: ثم إذا زنت فاجلدوها، ظاهر الحديث أنَّ الخطاب إلى الملاك، فيفيد جواز إقامة السيد على عبده وأمته الحدّ، وبه قال مالك والشافعي وأحمد والجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم خلافاً للحنفية، واستثنى مالك القطع في السرقة، كذا في "إرشاد الساري". ومما يوافق الجمهور ما أخرجه الترمذي مرفوعاً: يا أيها الناس أقيموا الحدود على أرقّائكم، من أُحصن منهم ومن لم يُحصن. وأخرج أيضاً مرفوعاً: إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها بكتاب الله. وفي رواية لأبي داود: أقيموا الحدود على ما ملكت أَيْمانكم، وأجاب أصحابنا عن هذه الأحاديث على ما في "غاية البيان" وغيره بأنها محمولة على التسبّب بأن يكون المَوْلى سبباً في حدّ عبده بالمرافعة إلى الإِمام، واستدلوا على ما ذهبوا إليه بما أخرجه ابن أبي شيبة عن الحسن، قال: أربعة إلى السلطان، الصلاة والزكاة والحدود والقصاص. وأخرج عن عبد الله بن جرير قال: الجمعة والحدود والزكاة والفيء إلى السلطان. وكذا عن عطاء الخرساني (قال في الأوجز 13/252: إن الحدّ خالصُ حقّ الله تعالى فلا يستوفيه إلَاّ نائبه وهو الإِمام. وما رُوي عن الصحابة الذين تقدمت آثارهم في مباشرتهم الحدود من ابن عمر وعائشة وغيرهما تُحمل على إذن الإِمام) . وادعى بعضهم في هذا الرفعَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس بصحيح كما بسطه العيني في "البناية". ولعل المنصف بعد إحاطة الكلام من الجوانب يعلم أن قول الجمهور قول المنصور.
(1)
قوله: ثم بيعوها، الأمر للندب عند الشافعية والحنفية والجمهور، وزُعم أنه للوجوب ولكنه نسخ، ذكره القسطلاني.
بضَفِير (1) . قال ابن شهاب: لا أدري (2) أ (3) بعد الثَّالِثَةِ أَوِ (4) الرَّابِعَةِ. وَالضَّفِيرُ (5) : الْحَبْلُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ. يُجلد الْمَمْلُوكُ وَالْمَمْلُوكَةُ فِي حَدِّ الزِّنَا نِصْفَ حَدِّ الحرَّة خَمْسِينَ جَلْدَةً، وَكَذَلِكَ الْقَذْفُ (6) وَشُرْبُ الْخَمْرِ وَالسُّكْرِ (7) . وَهُوَ قولُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةِ مِنْ فُقَهَائِنَا.
705 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا أبو الزناد، عن عمر (8) بن
(1) قوله: ولو بضفير، فعيل بمعنى المفعول، وهو الحبل المضفور، أي وإن كان البيع بحبل، وذكره للمبالغة في التنفير عن الأمة الزانية لما في ذلك من الفساد، كذا في "إرشاد الساري".
(2)
قد ورد في "جامع الترمذي: وغيره من حديث أبي هريرة ذكره بعد الثالثة.
(3)
بهمزة الاستفهام، أي هل ذكرتم "بيعوها ولو بضفير" بعد الثالثة أو الرابعة.
(4)
في نسخة: أو بعد.
(5)
قوله: والضفير، الحبل، قال القاري: يُحتمل أن يكون من كلام الزهري أو من تفسير غيره. انتهى. أقول: لا بل هو من كلام مالك كما يشهد به "موطأ يحيى".
(6)
أي يُحدّ فيه نصف حد الحرّ أربعون جلدة.
(7)
هو إما بالضم معطوف على شرب الخمر أي في السكر الحاصل من غير الخمر، فإن الخمر شربه مطلقاً موجِب للحدّ أسْكَر أو لم يُسْكر، وإما بفتحتين معطوف على الخمر أي شرب شراب مسكر مطلقاً أو نوعاً خاصّاً كما مرَّ.
(8)
قوله: عن عمر بن عبد العزيز، هو أحد الخلفاء الراشدين أبو حفص
عَبْدِ الْعَزِيزِ: أنَّه جَلَدَ عَبْدًا فِي فِرْيَةٍ (1) ثمانين (2) . قال أبو زناد: فسألتُ عبدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، فَقَالَ: أدركتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَالْخُلَفَاءَ هَلُمْ (3) جَرّاً، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا ضَرَبَ عَبْدًا فِي فِرْيَة أكثر (4) من أربعين.
قال محمد: وبهذذا نَأْخُذُ، لا يُضرب الْعَبْدُ فِي الفِرْية إلَاّ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً نِصْفَ (5) حَدِّ الْحُرِّ. وَهُوَ قَوْلُ أبي حنيفة والعامة من فقهائنا.
عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي، كان على صفة من العلم والزهد والتقى والعدل والعفَّة وحُسْن السيرة لا سيما في أيام ولايته، ولي الخلافة بعد سليمان بن عبد الملك بن مروان سنة تسع وتسعين، ومات سنة إحدى ومائة، ومناقبه كثيرة، وقد عُدَّ من المجدِّدين على رأس المائة، كذا في "جامع الأصول".
(1)
قوله: فِرْية، بكسر الفاء وسكون الراء بمعنى الكذبة والافتراء، يُقال: هذا فرية بلا مرية، والمراد به القذف.
(2)
قوله: ثمانين، أخذاً من ظاهر قوله تعالى:(والذين يَرْمُون المُحْصَنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة)(سورة النور: الآية 4) ، فإنه ليس فيه تفصيل بين الحرّ والعبد.
(3)
أي من عهد عثمان إلى عهد عمر بن عبد العزيز.
(4)
قوله: أكثر من أربعين، لأنهم خصَّصوا الآية بالأحرار لقوله تعالى في حد الزناء:(فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب)(سورة النساء: الآية 25) ، ومن المعلوم أن العبد كالأمة وأن حدّ القذف كحد الزناء.
(5)
أي هو نصفه وهو ثمانون جلدة.