الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
59 - بَابُ كَسْب الحَجّام
987 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا حُميد الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: حَجم (1) أَبُو طَيْبة رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَاهُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَأَمَرَ أَهْلَهُ (2) أَنْ يُخَفِّفُوا (3) عَنْهُ مِنْ خَرَاجِه (4) .
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ. لا بَأْسَ أَنْ يُعطى الْحَجَّامُ أَجْرًا عَلَى حِجَامَتِهِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ (5) .
(1) قوله: حجم أبو طيبة، اسمه نافع، وقيل: ميسرة، وقيل: دينار، ذكره السيوطي. وفي "جامع الأصول": أبو طيبة نافع الحجام مولى محيصة بن مسعود الأنصاري صحابي معروف، وطَيْبة بفتح الطاء وسكون الياء وبالباء الموحدة.
(2)
أي موالِيَه.
(3)
من التخفيف.
(4)
قوله: من خَراجه، بالفتح هو ما يجعل العبد على نفسه لسيِّده في كل يوم.
(5)
قوله: وهو قول أبي حنيفة، وبه قال الجمهور (كذا في الأوجز 15/201 أخذا من أحاديث حجامة النبي صلى الله عليه وسلم وإعطائه أجره وقال ابن عباس: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأخدعين وبين الكتفين وأعطى الحجام أجره ولو كان حراما لم يعطه. أخرجه الترمذي في الشمائل وروي: كسب الحجام خبيث أخرجه الترمذي وغيره وعند أحمد وأصحاب السنن عن محيصة: أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن كسب الحجام فنهاه فذكر له الحاجة فقال: أعلفه نواضحك. وحمله الجمهور على النهي للتنزيه ومنهم من قال محل الجواز ما إذا كانت الأجرة معلومة والمنع ما إذا كانت مجهولة وجنح
988 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: الْمَمْلُوكُ وَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ (1) وَلا يصلُح (2) لِلْمَمْلُوكِ أَنْ يُنفق مِنْ مَالِهِ شَيْئًا بِغَيْرِ إِذْن سَيِّدِهِ إِلا أنْ يأْكُلَ (3) أَوْ يَكْتَسيَ (4) أَوْ يُنْفِقَ (5) بِالْمَعْرُوفِ (6) .
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ إِلا أَنَّهُ يرخَّص لَهُ فِي الطَّعَامِ الَّذِي يُوَكَّلُ أَنْ يُطْعِمَ (7) مِنْهُ، وَفِي عَارِيَةِ الدَّابَّةِ وَنَحْوِهَا (8) . فَأَمَّا هِبَةُ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ أَوْ كِسْوَةُ ثَوْبٍ فَلا. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله.
989 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زيد بن أسلم، عن أبيه قال: كنت لعمر بن الخطاب تسعُ صِحاف (9)
الطحاوي إلى نسخ حديث المنع بحديث الجواز كذا في" جمع الوسائل شرح الشمائل" لعلي القاري) .
(1)
لكونه مالكاً لرقبته ويده.
(2)
أي لا يجوز.
(3)
أي المملوك.
(4)
في نسخة: أو يلبس. والمعنى واحد.
(5)
من الإِنفاق أي في بعض ضرورياته أو المراد به التصدُّق بما يعلم رضى مولاه.
(6)
قَيْد للأخير أو للكلّ.
(7)
أي يطعم منه غيره فقيراً أو جليساً.
(8)
من المنافع.
(9)
قوله: تسع صِحاف، بكسر الصاد جمع صَحفة بالفتح وهي القصعة الواسعة.
يَبْعَثُ (1) بِهَا (2) إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، إِذَا كَانَتِ الظُّرفَةُ (3) أَوِ الفاكهةُ أَوِ القَسْم، وَكَانَ يَبْعَثُ بآخِرهن (4) صَفْحَةً إِلَى حَفْصَةَ (5) ، فَإِنْ كَانَ (6) قِلَّةٌ أَوْ نُقْصَانٌ كَانَ بِهَا.
990 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ (7) : وَقَعَتِ (8) الْفِتْنَةُ - يَعْنِي فِتْنَةَ (9) عُثْمَانَ - فَلَمْ يَبْقَ مِنْ أهل بدر (10) أحد، ثم وقعت
(1) أي في عهد خلافته.
(2)
أي بواحدة منها إلى واحدة منهن.
(3)
قوله: إذا كانت الظُّرَفة، بالضم أي إذا وجدت بالتحفة من المأكول والمشروب. أو الفاكهة أو القَسْم، بالفتح أي القسمة من اللحم وغيره، قاله القاري.
(4)
أي بعد أن يرسل إلى سائر الأزواج.
(5)
لكونها بنته فلا تضرّ القلة ولا تحزنها.
(6)
قوله: فإن كان، أي فإن وُجدت قلة في كمية ذلك الشيء المبعوث أو نقصان في كيفيته كان ذلك بحصة حفصة لكونها آخر الحصص، والنقصان إنما يظهر في الآخر.
(7)
قوله: يقول، مقصوده الإِشارة إلى ارتفاع البركة بوقوع الفتنة، وأنّ الفتن معدن المحن، وأنه لا يأتي زمان إلا وبعده شرٌّ منه.
(8)
أي في سنة 35 هـ.
(9)
أي فتنة شهادته.
(10)
أي من الأصحاب الذين كانوا في غزوة بدر.
فِتْنَةُ (1) الحَرَّة فَلَمْ يَبْقَ مِنْ أَصْحَابِ (2) الْحُدَيْبِيَةِ أَحَدٌ، فَإِنْ وَقَعَتِ الثَّالِثَةُ لَمْ يبقَ بِالنَّاسِ طِباخٌ (3) .
991 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كلُّكُم راعٍ (4) وكلُّكم مسؤولٌ عن رَعِتَّته (5) ، فَالأَمِيرُ (6) الَّذِي عَلَى النَّاسِ راعٍ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ مسؤول عنهم (7) ، والرجل راعٍ على أهله (8) وهو مسؤول عَنْهُمْ، وامرأةُ الرجلِ راعيةٌ عَلَى مَالِ زَوْجِهَا، وهي مسؤولة عَنْهُ (9) ، وَعَبْدُ الرَّجُلِ راعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وهو
(1) قوله: ثم وقعت فتنة الحرّة، بفتح الحاء وتشديد الراء المهملة أرض ذات حجارة سود بقرب المدينة الطيبة وكانت الفتنة هناك زمن يزيد سنة 63 ابتُلي بها أهل المدينة ابتلاءً شديداً.
(2)
أي الذين حضروا الحديبية مع الرسول وبايعوه تحت الشجرة.
(3)
قوله: لم يبق بالناس طِباخ، بالكسر بمعنى العقل، يعني إنْ وقعت فتنة ثالثة لا يبقى في الناس عقل ولا خير ويذهب بركة وجود الصحابة الذين هم زينة الدنيا والدين مطلقاً.
(4)
قوله: كلكم راعٍ، من الرعاية بمعنى الحفاظة أي كلكم راعٍ لرعيته وناظم لأمور من يتبعه، فيُسأل كل عن رعيته عما وقع منه في حقهم من العدل والظلم.
(5)
بالفتح ثم الكسر ثم التشديد مع الفتح.
(6)
أي السلطان ومن ينوب منابه.
(7)
أي عمّا صدر منه فيهم.
(8)
أي زوجته وأولاده وخوادمه وغيرهم ممن يَعُوله.
(9)
أي عن مال زوجها أنفقت في محله أم في غيره؟.
مسؤول عنه (1) ، فكلُّكُمْ راعٍ (2) وكُلُّكُمْ مسؤولٌ عن رعيّته.
992 -
أخبرنا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إن الغادر (3) يقوم يوم القيمة يُنصب لَهُ لواءٌ، فَيُقَالُ هَذِهِ غُدرة فُلَانٍ.
993 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا (4) الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القيمة.
994 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عن ابن عمر:
(1) من جهة أمانته وخيانته.
(2)
قوله: فكلكم راع، قال القاري: هذا تأكيد لما قبله مُجْمَلاً ومفصَّلاً في صورة النتيجة، ولا يبعد أن يقال: إن الرجل وحده مسؤول عن رعيته من أعضائه وهي السمع والبصر واليد والرجل واللسان والأذن ونحو ذلك كما يشير إليه قوله تعالى: (إنَّ السَمْعَ والبَصَرَ والفُؤادَ كُلّ أولئك كَانَ عنه مسؤُولاً)(سورة الإِسراء: الآية 36) والحديث رواه الشيخان وأحمد وأبو داود والترمذي عن ابن عمر.
(3)
قوله: إن الغادر، أي من يغدر بعهده ويخلف في وعده من الكفار وغيرهم، يقوم يوم القيامة على رؤوس الأشهاد. يُنصَب، بصيغة المجهول أي يُرفع له. لواء، بالكسر يكون علامة على غدرته يطلع عليها الناس فيُقال من جانب الملائكة هذه غُدرة فلان بالضم.
(4)
قوله: في نواصيها، جمع ناصية مقدّم الرأس إشارة إلى فضل الخيل لكونه آلة الجهاد. وكون الخير في ناصيته إلى يوم القيامة إشارة إلى دوام فتح أهل الإِسلام وغلبتهم بخيلهم.
أَنَّهُ رَآهُ (1) يَبُولُ قَائِمًا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: لا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَالْبَوْلُ جَالِسًا أَفْضَلُ.
995 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ذَرُونِي (2) مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ من
(1) قوله: أنه رآه، أي رأى عبدُ الله بن دينار ابنَ عمر يبول قائماً، ولعله كان أحياناً اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان من أشد الناس اقتداءً به حتى في المباحات والاتفاقيات، وقد روى حذيفة أنه صلى الله عليه وسلم أتى سُباطة قوم فبال قائماً، أخرجه أبو داود وغيره. وروى الحاكم والبيهقي عن أبي هريرة: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم بال قائماً من جُرح كان بمأْبضه، وهو بهمزة ساكنة: عرق في باطن الركب. وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" عن مجاهد قال: ما بال رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً إلا مرة في كثيب أعجبه. وعن الشافعي: كانت العرب تستشفي وجع الصلب بالبول قائماً. فلعله كان به إذ ذاك وجع صلب، وقيل لم يكن هناك موضع القعود فبال قائماً. وأخرج الطبراني عن سهل بن سعد: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يبول قائماً. وهذا كله لبيان الجواز وإلا فالعادة المستمرة للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هو البول قاعداً حتى قالت عائشة: مَنْ حَدّثكم أنّ رسول الله بال قائماً فلا تصدِّقوه، أخرجه النسائي والترمذي وقال: إنه أحسن شيء في الباب، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين، كذا فصله السيوطي في "مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود" و "زهر الرُّبى على المجتبى" وغيرهما.
(2)
قوله: ذروني، أي اتركوني ما تركتكم ولا تتعرضوا بالتفتيش والسؤال، فإنما هلك من كان قبلكم من الأمم السابقة كبني إسرائيل بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم كما ذكر الله في كتابه في قصة البقرة وسؤال رؤية الله ودخول قرية الجبّارين وغير ذلك. فما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما لم أنه عنه فاسكتوا عنه ولا تتعرّضوا له بالسؤال والتشديد فيشدد الله عليكم. وفيه إشارة إلى أن الأصل في الأشياء الإِباحة ما لم يرد دليل المنع، وفي رواية ابن جرير وأبي الشيخ وابن مردويه عن
كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَمَا نهيتُكم عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ.
996 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزنَّاد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَرَأَيْتَ ابنَ أَبِي قُحافة (1) نَزع ذَنوباً أَوْ ذَنوبين (2) ، فِي نَزْعه ضَعْفٌ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ (3) ، ثُمَّ قَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَاسْتَحَالَتْ (4) غَرْباً، فلم أرَ عبقريّاً (5) من الناس ينزع
أبي هريرة: خَطَبنَا رسولُ لله فقال: يا أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فقام عكاشة بن مِحصن الأسدي فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ فقال: أما إني لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت ثم تركتم لضللتم، اسكتوا عني ما سكّت عنكم فإنما هلك مَنْ قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فأنزل الله:(يا أيّها الَّذِيْنَ آمنوا لا تسألوا عن أشياءَ إن تُبْدَ لكم تسُؤْكُم)(سورة المائدة: الآية 101) . وفي الباب عن أبي أمامة الباهلي عند ابن جرير والطبراني وابن مردويه، وابن عباس عند ابن مردويه، وابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما كما بسطه السيوطي في "الدر المنثور".
(1)
أي أبا بكر، وأبو قُحافة بالضم كنية والده.
(2)
بالفتح: الدلو الكبير، أي أخرج من البئر.
(3)
أي يتجاوز عنه ولا يأخذه بضعفه لعدم تقصيره.
(4)
بالفتح: الدلو الكبير من الذنوب أي فصارت تلك الدلو دلواً عظيماً أخرج به ماءً كثيراً.
(5)
بفتح العين وسكون الباء وفتح القاف وكسر الراء وشدّ الياء: أي شديداً قوياً.