المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الدِّيات

- ‌1 - بَابُ الدِّيَةِ فِي الشَّفَتَيْن

- ‌2 - بَابُ دِيَةِ الْعَمْدِ

- ‌4 - بَابُ دِيَةِ الأَسْنَانِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يَرِثُ مِنْ دِيَةِ امْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةُ تَرِثُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا

- ‌8 - باب الجروح وما فيها من الأرش

- ‌9 - بَابُ دِيَةِ الْجَنِينِ

- ‌11 - بَابُ الْبِئْرِ جُبار

- ‌13 - بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌1 - بَابُ الْعَبْدِ يَسْرِقُ مِنْ مَوْلاهُ

- ‌7 - بَابُ الْمُخْتَلِسِ

- ‌أبواب الحُدودِ في الزنَاء

- ‌1 - باب الرجم

- ‌2 - باب الإِقرار بالزناء

- ‌5 - بَابُ الْحَدِّ فِي التَّعْرِيضِ

- ‌6 - بَابُ الحدِّ فِي الشُّرْبِ

- ‌7 - بَابُ شُرْبِ البِتْعِ والغُبَيْرَاء وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌8 - بَابُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَمَا يُكره مِنَ الأَشْرِبَةِ

- ‌11 - بَابُ نَبِيذِ الطِّلاء

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌1 - بَابُ مِيرَاثِ الْعَمَّةِ

- ‌2 - بَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَلْ يُورَثُ

- ‌3 - بَابُ لا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ

- ‌4 - بَابُ مِيرَاثِ الْوَلاءِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يُوصِي عِنْدَ مَوْتِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ

- ‌3 - بَابُ مَنْ جَعَل عَلَى نَفْسِهِ الْمَشْيُ ثُمَّ عَجَزَ

- ‌4 - بَابُ الاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ

- ‌5 - بَابُ الرَّجُلِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ

- ‌6 - بَابُ مَنْ حَلَفَ أَوْ نَذَرَ فِي مَعْصِيَةٍ

- ‌8 - بَابُ الرَّجُلِ يَقُولُ: مَالُه فيِ رِتَاج الْكَعْبَةِ

- ‌9 - بَابُ اللَّغْو مِنَ الأَيْمان

- ‌4 - بَابُ مَا يُكره مِنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ

- ‌5 - بَابُ مَا لَمْ يُقبض مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الشَّعِيرَ بِالْحِنْطَةِ

- ‌13 - بَابُ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ

- ‌14 - بَابُ شِرَاءِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ

- ‌15 - بَابُ الرَّجُلِ يُساوِمُ الرجلَ بِالشَّيْءِ فَيَزِيدُ عَلَيْهِ أَحَدٌ

- ‌16 - بَابُ مَا يُوجِبُ الْبَيْعَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي

- ‌20 - بَابُ الِاشْتِرَاطِ فِي الْبَيْعِ وَمَا يُفْسِده

- ‌22 - بَابُ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ وَلَهَا زَوْجٌ أَوْ تُهدى إِلَيْهِ

- ‌28 - بَابُ الْقَضَاءِ

- ‌29 - بَابُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ

- ‌30 - بَابُ النُّحْلَى

- ‌4 - بَابُ مَا يُكره مِنْ قَطْعِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ

- ‌10 - بَابُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَاتِ وَادِّعَاءِ النَّسَب

- ‌11 - بَابُ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ

- ‌13 - بَابُ الرَّهْن

- ‌14 - بَابُ الرَّجُلِ يَكُونُ عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطة

- ‌1 - باب الشفعة

- ‌1 - بَابُ المكاتَب

- ‌أَبْوَابُ السِّيَر

- ‌3 - بَابُ قَتْلِ النِّسَاءِ

- ‌4 - بَابُ الْمُرْتَدِّ

- ‌5 - بَابُ مَا يُكره مِنْ لُبْس الْحَرِيرِ والدِّيباج

- ‌8 - بَابُ نُزُولِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ وَمَا يُكره مِنْ ذَلِكَ

- ‌9 - بَابُ الرَّجُلِ يُقيم الرجلَ مِنْ مَجْلِسِهِ لِيَجْلِسَ فِيهِ وَمَا يُكره مِنْ ذَلِكَ

- ‌10 - بَابُ الرُّقَى

- ‌11 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْفَأْلِ وَالِاسْمِ الْحَسَنِ

- ‌12 - بَابُ الشُّرْبِ قَائِمًا

- ‌14 - بَابُ الشُّرْبِ وَالأَكْلِ بِالْيَمِينِ

- ‌17 - بَابُ فَضْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌22 - بَابُ الاسْتِئْذَانِ

- ‌25 - بَابُ النَّظَرِ إِلَى اللَّعِبِ

- ‌27 - بَابُ الشَّفَاعَةِ

- ‌28 - باب الطيب للرجل

- ‌29 - بَابُ الدُّعَاءِ

- ‌30 - بَابُ رَدِّ السَّلامِ

- ‌31 - بَابُ الدُّعَاءِ

- ‌34 - بَابُ مَا يُكره مِنْ أَكْلِ الثُّومِ

- ‌35 - بَابُ الرُّؤْيَا

- ‌36 - بَابُ جَامِعِ الْحَدِيثِ

- ‌27 - بَابُ الزُّهْدِ وَالتَّوَاضُعِ

- ‌38 - بَابُ الْحُبِّ فِي اللَّهِ

- ‌39 - بَابُ فَضْلِ الْمَعْرُوفِ وَالصَّدَقَةِ

- ‌40 - بَابُ حَقِّ الْجَارِ

- ‌41 - بَابُ اكْتِتَابِ الْعِلْمِ

- ‌42 - بَابُ الْخِضَابِ

- ‌45 - بَابُ النَّفْخِ فِي الشُّرْب

- ‌48 - بَابُ صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌49 - بَابُ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا يُستحب مِنْ ذَلِكَ

- ‌50 - بَابُ فَضْلِ الْحَيَاءِ

- ‌51 - بَابُ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ

- ‌52 - بَابُ حَقِّ الضِّيَافَةِ

- ‌56 - بَابُ النَّوَادِرِ

- ‌59 - بَابُ كَسْب الحَجّام

- ‌60 - بَابُ التَّفْسِيرِ

- ‌[خاتمة المعلق]

الفصل: ‌45 - باب النفخ في الشرب

قَوْمٌ وُلِدوا فِي الإِسلام لَمْ يُوْلَدوا فِي شَيْءٍ مِنَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَاللَّهِ لأظنَّكم الخَلْفَ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: لا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ (1) أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عَوْرَةِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ (2) إلَاّ مِنْ ضَرُورَةٍ لمُداواة وَنَحْوِهِ (3) .

‌45 - بَابُ النَّفْخِ فِي الشُّرْب

(4)

940 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ (5) بْنُ حَبِيبٍ مَوْلَى سَعْدِ بْنِ

الجهل ببعض الآداب الدينية: والله لأظنكم الآن الخَلْف بفتح الخاء وسكون اللام لا بفتحها، ففي "المصباح" هو خلف صدق من أبيه إذا قام مقامه، وهو خَلْف سوء بالسكون هذا أكثر كلامهم، ومنهم من يجيز الفتح والسكون في النوعين، وعلى السكون جاء التنزيل (فخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمِ خَلْفٌ أضَاعُوا الصَّلاة) سورة مريم: الآية 59) ، كذا ذكره القاري.

(1)

وكذا للصبي المراهق.

(2)

وكذا الكافر.

(3)

قوله: إلَاّ من ضرورة لمداواة، بالضم ونحوه (في نسخة: ونحوها) فإن الضرورات تُبيح المحظورات فيجوز النظر إلى عورة الرجل والمرأة للاحتقان، والختان، والخفض أي ختان المرأة، وموضع القرحة وغير ذلك، ومن مواضع الضرورة حالة الولادة فيجوز للقابلة النظر إلى فرج المرأة، ومنها النظر إلى موضع البكارة إذا احتيج إليه في مسألة العِنِّين. والبسط في كتب الفقه.

(4)

قوله: أخبرنا أيوب بن حبيب، قال الذهبي في "الكاشف": أيوب بن حبيب المدني، عن أبي المثنّى، وعنه مالك وفليح وثقه النسائي، وقال أيضاً في "الكنى": أبو المثنى الجهني، عن سعد وأبي سعيد، وعنه أيوب ومحمد بن أبي يحيى ثقة. انتهى. وقال ابن عبد البر: لم أقف على اسمه.

(5)

قوله: أخبرنا أيوب بن حبيب، قال الذهبي في "الكاشف": أيوب بن

ص: 468

أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى الْجُهَنِيِّ (1) قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مَرْوان بْنِ الْحَكَمِ فَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ (2) الخُدري عَلَى مَرْوَانَ، فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ (3) : أسمعتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَهَى عَنِ النَّفْخِ فِي الشَّرَابِ؟ قال: نعم (4) ، فقال

حبيب المدني، عن أبي المثنّى، وعنه مالك وفليح وثقه النسائي، وقال أيضاً في "الكنى": أبو المثنى الجهني، عن سعد وأبي سعيد، وعنه أيوب ومحمد بن أبي يحيى ثقة. انتهى. وقال ابن عبد البر: لم أقف على اسمه.

(1)

بالضم نسبة إلى جهينة.

(2)

سعد بن مالك.

(3)

استخبار.

(4)

قوله: قال نعم، سمعته نهى عن النفخ في الشراب، وروي النهي عنه أيضاً من حديث ابن عباس عند أحمد، وزيد بن ثابت عند الطبراني، وزاد ابو سعيد الخُدري على الجواب ذاكراً سؤال رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوابه عند نهيه عن النفخ في الشراب، فقال: فقال له أي لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل ممن حضر ذلك المجلس: إني لا أَرْوَى - بفتح الألف وسكون الراء - من نَفَس - بفتحتين - واحد، يعني لا يحصل لي الريّ من الماء في تنفُّس واحد، فلا بدَّ لي أن أتنفَّس في الشراب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبِنْ - أمرٌ من الإِبانة - القَدَح - بالفتح - أي قدح الشراب عن فيك ثم تنفس، قال ذلك الرجل: فإني أرى القَذَاة - بالفتح - عود أو شيء في الشراب يتأذى به الشارب فيه أي الماء، فلا بدَّ لي أن أنفخ في الشُرب ليذهب ذلك القذاة. قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأهرقها بسكون الهاء من الإِراقة بزيادة الهاء أي فأرق تلك القذاة عن الشراب، ولا تنفخ فيه. وإنما نهى عن النفخ في الشراب لئلا يقع من ريقه فيه شيء فيقذِّره، وقد يتغير الماء بالنفخ (والأطباء الروميون في هذا الزمان يشدِّدون في النهي عن النفخ أشد النهي، ويزعمون أن النفس تخرج الأبخرة الحارة السمية المشتملة على الجراثيم فتختلط بالشراب فإذا شربه أحد عن ذلك ترجع هذه الجراثيم إلى الجوف فتحدث أمراضاً كثيرة، كذا في الأوجز 14/265) ، وفي

ص: 469

لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لا أرْوَى مِنْ نَفَس وَاحِدٍ، قَالَ: فأبِنْ القَدَحَ عَنْ فِيكَ ثُمَّ تنفَّس، قَالَ: فَإِنِّي أَرَى الْقَذَاةَ فِيهِ، قَالَ: فأهرِقْها.

46 -

بَابُ مَا يُكْرَهُ (1) مِنْ مُصَافَحَةِ النِّسَاءِ

941 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ اُمَيْمَة (2) بِنْتِ رُقَيْقَة أَنَّهَا قَالَتْ: أتيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في نسوة تُبَايِعُه (3) فقلنا:

الحديث دليل على إباحة الشرب من نَفَس واحد لأنه لم ينه الرجل عنه، بل قال له ما معناه: إنْ كنت لا تروى من واحد فأبِن القدح، حكاه ابن عبد البر عن مالك، وورد النهي عن ذلك أيضاً، ومجرد الجواز لا ينفي الكراهة، فعند الترمذي: لا تشربوا واحدة كشُرب البعير، ولكن اشربوا مثنى وثُلاث وسَمُّوا إذا أنتم شربتم.

(1)

قوله: عن أُمَيْمة، بضم الهمزة وفتح الميم وتحتية ساكنة ثم ميم، بنت رُقَيْقَة بقافين على وزن أميمة، وهي أخت خديجة أم المؤمنين بنت خويلد بن أسد، فخديجة خالة أميمة، وأبوها نجاد بن عبد الله بن عمير، وقيل: عبد الله بن نجاد القرشي، كذا في "الاستيعاب" وغيره.

(2)

قوله: عن أُمَيْمة، بضم الهمزة وفتح الميم وتحتية ساكنة ثم ميم، بنت رُقَيْقَة بقافين على وزن أميمة، وهي أخت خديجة أم المؤمنين بنت خويلد بن أسد، فخديجة خالة أميمة، وأبوها نجاد بن عبد الله بن عمير، وقيل: عبد الله بن نجاد القرشي، كذا في "الاستيعاب" وغيره.

(3)

في نسخة: نبايعه. قوله: في نسوة تبايعه، قال القاري: صفة لجماعة النسوة، ويحتمل أن يكون بنون المتكلم، وتُسمّى هذه البيعة بيعة النساء

ص: 470

يَا رَسُولَ اللَّهِ، نُبايُعك عَلَى أَنْ لا نُشرك بِاللَّهِ شَيْئًا (1) ، وَلا نَسْرِقَ، وَلا نَزْنِيَ، وَلا نَقْتُلَ (2) أَوْلادَنَا، وَلا نَأْتِيَ بِبُهْتانٍ نَفْتريه (3) بَيْنَ أَيْدِينَا (4) وَأَرْجُلِنَا، وَلا نَعْصِيَكَ فِي مَعْرُوفٍ (5)، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فِيمَا استطعتُنَّ (6) ، وأطقْتُنَّ، قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَرْحَمُ بنا (7) منَّا بأنفسنا،

(قال الباجي: هذه البيعة التي ذكرتها أميمة كانت بالمدينة بعد الحديبية، المنتقى 7/307)، قال الله تعالى:(يَا أيُّهَا النَّبِيُ إذا جَاءَك المؤمناتُ يُبَايِعْنَكَ على أن لا يُشْرِكْنَ بالله شَيْئاً ولا يَسْرِقْنَ، ولا يَزْنِينَ، ولا يَقْتُلْنَ أولادَهن ولا يَأتِيْنَ بِبُهتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أيدِيهِنَّ، وأَرْجُلِهِنَّ ولا يَعْصِيْنَكَ في معروفٍ فَبَايِعْهُنَّ واستَغْفِر لَهُنَّ الله) سورة الممتحنة: الآية 12) .

(1)

عامّ لكونه في سياق النفي.

(2)

كما كانت عادة أهل الجاهلية يقتلون أولادهم خشية إملاق.

(3)

أي نختلقه.

(4)

قوله: بين أيدينا وأرجلنا، قال الزرقاني: أي من قِبَل أنفسنا فكنّى بالأيدي والأرجل عن الذات، لأن معظم الأفعال بهما، أو أن البهتان ناشئ عما يختلقه القلب الذي هو بين الأيدي والأرجل ثم يبرزه بلسانه.

(5)

قوله: معروف، أي في ما عُرف شرعاً وفيه إشارة إلى أن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

(6)

أي هذا كله بحسب طاقتكن.

(7)

قوله: أرحم، أي حيث قال الله:(فاتَّقوا الله مَا اسْتَطَعْتُم) سورة التغابن: الآية 16) ، وقال رسوله: فيما استطعتُنَّ، فأوجبا الامتثال بحسب الطاقة البشرية ولم يُكَلِّفا بما ليس في الوسع.

ص: 471

هَلُمَّ (1) نُبايعك يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: إنِّي لا أُصافِحُ النساءَ (2) ، إِنَّمَا قُولِي لِمِائَةِ امْرَأَةٍ كَقَوْلِي (3) لامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ (4) مِثْلَ قولي لامرأة واحدة.

(1) قوله: هلُمَّ، أي تعال نبايعك باليد كما تبايع الرجل بالمصافحة، وعند النسائي فقلن: ابسُطْ يدك نصافحك.

(2)

قوله: إني لا أصافح النساء، فيه دليل على أنه لا ينبغي المصافحة عند البيعة بالنساء، وأن بيعة النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء لم تكن بأخذ اليد، وهو مُفاد قول عائشة: ما مست يدُ رسول الله يدَ امرأة قط إلَاّ امرأةً يملكها، أخرجه البخاري، وفي رواية له عنها:"ما مسَّت يده يد امرأة قط في مبايعة، ما يبايعهن إلَاّ بقوله: قد بايعتُكِ على ذلك". وأخرج أبو نعيم في "كتاب المعرفة" من حديث نُهَيَّةَ بنت عبد الله البكرية قالت: وفدت مع أبي على النبي صلى الله عليه وسلم فبايع الرجال وصافحهم، وبايع النساء ولم يصافحهن. وعند أحمد من حديث ابن عمر: أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يصافح النساء. وجاءت اخبار ضعيفة بمصافحته النساء عند البيعة أحياناً، فعند الطبراني من حديث معقل بن يسار: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصافح النساء في بيعة الرضوان من تحت الثوب، وأخرج ابن عبد البر، عن عطاء وقيس بن أبي حازم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بايع لم يصافح النساء إلَاّ على يده ثوب (وضع الثوب على يده كان في أول الأمر، كذا في الأوجز 15/262) ، كذا ذكره ابن حجر والزرقاني، ولعله محمول على مصافحة العجائز، وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الباب "لا أصافح النساء" الثابت بالطرق الصحيحة صريح في عدم مصافحته.

(3)

أي في حصول البيعة ووجوب الطاعة.

(4)

شكّ من الراوي في اللفظ والمعنى واحد.

ص: 472

47 -

بَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ (1) رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

942 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وقَّاص يَقُولُ: لَقَدْ جَمَعَ لِي (2) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَوَيْه يَوْمَ أُحُد.

943 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْثاً (3) فأمَّر (4) عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَطَعَنَ (5) النَّاسُ (6) فِي إِمْرَته، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: إنْ تَطْعَنُوا فِي إمْرَته فَقَدْ كُنْتُمْ تطعنون (7) في إمْرَة أبيه من قبلُ،

(1) قوله: لقد جمع لي، أي قال يوم غزوة أُحد ارْمِ فداك أَبي وأمّي، وكذا جمع للزبير بن العوام كما عند الترمذي وغيره، وفيه منقبة عظيمة لهما.

(2)

قوله: لقد جمع لي، أي قال يوم غزوة أُحد ارْمِ فداك أَبي وأمّي، وكذا جمع للزبير بن العوام كما عند الترمذي وغيره، وفيه منقبة عظيمة لهما.

(3)

بالفتح، أي أرسل جيشاً (قال الحافظ: هو البعث الذي أمر بتجهيزه في مرض وفاته. فتح الباري 7/87) .

(4)

أي جعله أميراً عليهم.

(5)

قوله: فطعن الناس في إمرته، قال القاري: بكسر الهمزة أي في إمارته وولايته لكونه صغير القوم وحقيرهم في الصورة، ولأنه من الموالي، وكان في القوم أبو بكر وعمر.

(6)

أي المنافقون أو أجلاف العرب.

(7)

قوله: فقد كنتم تطعنون، أي قبل ذلك في إمارة أبيه زيد بن حارثة متبنَّى رسول الله وحِبِّه.

ص: 473

وأيْمُ (1) اللَّهِ إنْ (2) كَانَ (3) لخَليقاً (4) للإِمْرة، وإنْ كَانَ (5) لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ مِنْ بَعْدِهِ (6) .

944 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (7) بْنِ معْمَر، عَنْ عُبَيد (8) يَعْنِي ابْنَ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر (9) فقال: إن عبداً (10)

(1) بهمزة مفتوحة بمعنى القسم.

(2)

مخففَّة من مثقّلة مكسورة.

(3)

أي أسامة.

(4)

أي لائقاً.

(5)

أي أسامة.

(6)

أي بعد أبيه زيد.

(7)

في نسخة عبيد الله.

(8)

قال ابن حجر في "التقريب": عبيد بن حُنين بنونين مصغَّراً، أبو عبد الله المدني ثقة، قليل الحديث، مات سنة خمس ومائة.

(9)

أي للخُطبة.

(10)

قوله: إن عبداً، وصف نفسه بالعبودية لأنها المرتبة الكاملة اقتداءً بقوله تعالى في حقه:(سُبْحَان الَّذِي أَسرَى بِعَبْدِه لَيلاً) سورة الإِسراء: الآية 1) ، وبقوله تبارك:(الذي نَزَّلَ الفُرقَان علَى عَبْدِه) سورة الفرقان: الآية 1) ، وبقوله تعالى:(أرأيت الَّذِي ينهى * عبداً إذا صلى)

ص: 474

خيَّره اللع تَعَالَى بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَه مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا (1) مَا شَاءَ، وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ (2) ، فَاخْتَارَ الْعَبْدُ مَا عِنْدَهُ، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ (3) رضي الله عنه، وَقَالَ: فَدَيْناك بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، قَالَ: فَعَجِبْنَا (4) له، وقال الناس: انظروا إلى هذا

سورة العلق: الآية 9 - 10) ، وبقوله تعالى:(وأنَّه لَمَّا قَام عَبْدُ الله يَدْعُوه كَادوا يَكُونُوا عَلَيْهِ لِبَداً) سورة الجِنّ: الآية 19) فإن المراد بالعبد في هذه الآيات هو النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أبهم الأمر، ولم يعيِّن نفسه من بدو الأمر إحالةً على إفهام حُذّاق الصحابة وامتحاناً لفهمهم، ولئلا يحصل لهم الملال دفعة بسماع خبر مصيبةٍ عظيمة.

(1)

قوله: من زَهرة الدنيا، بالفتح أي بهجتها وزينتها، قال النووي في "شرح صحيح مسلم": المراد بزهرة الدنيا نعيمها وأعراضها وحدودها، شبَّهها بزهرة الروض.

(2)

أي ما عنده من لَذَّة العقبى والدرجات العلى.

(3)

قوله: فبكى أبو بكر، لما أنه كان من أفقه الصحابة وأعلمهم بالأسرار النبوية، ففهم أن مراده بالعبد المخيَّر المختار ما عند الله هو نفسه، فبكى حزناً على فراقة، وقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا أي أنت عندي بآبائنا معاشرَ المسلمين، وأمهاتنا، فإن بقاءك خير لنا من بقاء آبائنا وأمهاتنا.

(4)

قوله: قال فعجبنا، أي قال أبو سعيد الخُدْري: فتعجبنا - نحن حُضَّارَ الصحابة - من بكاء أبي بكر، وقال الحاضرون بعضهم لبعض على سبيل الاستعجاب: انظروا إلى هذا الشيخ مع كِبَر سنِّه ووفور علمه يخبر رسول الله بخبر عبد من عباد الله، وهو يَفْدي الآباء والأمهات عليه. وهذا التعجب إنما كان لعدم وصول الأفهام إلى ما فهمه أبو بكر، ثم ظهر لهم ما ظهر له أن العبد الذي أخبر عنه رسولُ الله كان نفسَه.

ص: 475

الشَّيْخِ يُخبر رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَبَرِ عبدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ يَقُولُ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ المُخَيَّر (1)، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه أعلَمنا بِهِ (2) . وَقَالَ (3) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أمنَّ النَّاسِ (4) عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ متَّخَذاً (5) خَلِيلا لاتَّخذتُ أبا بكر

(1) أي بين الأمرين الدنيا والعقبى.

(2)

أي بهذا الأمر، أو بالنبي صلى الله عليه وسلم وبسرّه، وفيه منقبة عظيمة لأبي بكر بإقرار الصحابة.

(3)

أي في تلك الخطبة.

(4)

قوله: إن أمنَّ الناس، قال ذلك تسلية لأبي بكر، ودفعاً لحزن حصل له بخبر الرحلة النبوية، وإظهاراً لفضله على سائر الصحابة، ومعناه أن أمنَّ الناس اسم تفضيل من المنّ يعني كثير المنَّة والإِحسان عليّ في صحبته وماله أبو بكر حيث صحبه إذا لم يصحبه غيره فكان رفيقه في الغار، وأسلم حين لم يسلم أحد من الرجال، وكان له عند ذلك على ما رُوي أربعون ألفاً أنفقها كلَّها على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعند الترمذي وغيره من حديث أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لأحدٍ عندنا يدٌ إلَاّ قد كافأناه ما خلا أبا بكر فإنَّ له عندنا يداً يكافئه الله بها يوم القيامة (قال الحافظ: فإن ذلك يدل على ثبوت يد لغيره إلَاّ أن لأبي بكر رجحاناً، فالحاصل أنه حيث أطلق أراد أنه أرجحهم في ذلك. فتح الباري 7/13) ، وما نفعني مال أحد قطٌّ ما نفعني مال أبي بكر.

(5)

قوله: ولو كنت متخذاً، قال النووي في "شرح صحيح مسلم": قال القاضي: أصل الخلَّة الافتقار والانقطاع، فخليل الله المنقطع إليه، وقيل: الخلَّة الاختصاص، وقيل: الخلَّة الاصطفاء، وقيل: الخليل من لا يسع قلبه غيره، والمعنى أن حبّ الله لم يُبْقِ في قلبه موضعاً لغيره.

ص: 476

خَلِيلا وَلَكِنْ أُخُوَّةُ (1) الإِسلام، وَلا يُبْقَيَنَّ (2) فِي الْمَسْجِدِ خَوخة إلَاّ خَوْخَةُ أَبِي بَكْرٍ.

945 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ (3) بْنِ

(1) أي الإِخوة الحاصلة بيني وبينه بسبب الإِسلام كافية، وفي رواية: ولكن أخي وصاحبي، وفي رواية لمسلم والترمذي: إلَاّ أني أبرأ إلى كلٍّ خلٍّ من خلِّه، ولو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، إنَّ صاحبكم خليل الله.

(2)

قوله: ولا يُبْقَيَنَّ، بصيغة المجهول في المسجد. خَوْخَة، بالفتح باب صغير إلى المسجد يدخل منه، إلَاّ خوخة أبي بكر، وفيه منقبة عظيمة لأبي بكر، وإشارة إلى استخلافه لكونه الخليفة محتاجاً إلى المسجد في كل وقت، وقد ورد نظير ذلك لعليّ من قوله صلى الله عليه وسلم:"سُدُّوا الأبواب كلَّها إلَاّ باب علي"، أخرجه أحمد والنسائي في "السنن الكبرى" والضياء في "المختارة" والحاكم والترمذي الطبراني وغيرهم بألفاظ متقاربة متعددة، وقد أخطأ ابن الجوزي حيث حكم بوضعه زعماً منه أنه معارِضٌ لما في الصحاح من حديث خوخة أبي بكر، وليس كذلك فإن عليّاً لم يكن له باب إلَاّ إلى المسجد، وكان الأصحاب لهم بابان باب إلى المسجد وباب إلى خارجه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بسدِّ الأبواب إلَاّ باب عليّ ثم أحدث الناس الخوخة إلى المسجد، فأمر الناس بسدِّها إلَاّ خوخة أبي بكر، وكانت القصة الأولى قبل غزوة أحد، والثانية في مرض الوفاة النبوية، كذا حققه الحافظ ابن حجر في "القول المسدد في الذب عن مسند أحمد"(وكذا في فتح الباري 7/15) والسيوطي في "شد الأثواب في سد الأبواب".

(3)

هو إسماعيل بن محمد بن ثابت بن قيس بن شَمَّاس الأنصاري المدني، ذكره ابن حبان في "ثقات التابعين".

ص: 477

مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّ ثَابِتَ (1) بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاس (2) الأَنْصَارِيَّ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ خَشِيْتُ أَنْ أكونَ قَدْ هلكتُ قَالَ: لِمَ (3) ؟ قَالَ: نَهَانَا اللَّهُ أَنْ نُحِبَّ أَنْ نُحْمَدَ (4) بِمَا لَمْ نَفْعَلْ، وَأَنَا امْرُؤٌ أُحِبّ الحمدَ، (5) ، وَنَهَانَا عَنِ الخُيَلاء (6) ، وَأَنَا امْرُؤٌ أحِبُّ الجمالَ (7) ، ونهانا الله

(1) هو من أعلام الأنصار شهد أحداً وما بعدها، وكان خطيب الأنصار، استُشهد يوم اليمامة سنة 12 هـ، كذا في "جامع الأصول".

(2)

بفتح الشين المعجمة وتشديد الميم.

(3)

في نسخة: ثم قال: بِمَ، أي لأيِّ شيء هلكتَ.

(4)

قوله: نهانا الله أن نُحِبَّ أن نُحْمَدَ، بصيغة المجهول. بما لم نفعل، أي بقوله تعالى:(ولا تَحْسَبنَّ الذين يَفْرَحُونَ بمَا أُتُوا ويُحِبُّون أن يُحمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا)(سورة آل عمران: الآية 188) الآية نزلت في شأن المنافقين.

(5)

أي ثناء الناس لي.

(6)

بضم الخاء وفتح الياء، الكبر.

(7)

قوله: وأنا امرؤ أحب الجمالَ، كأنه ظنَّ أن مجرد حبِّ الجمال من الخُيلاء، وقد نهي عنه بقوله تعالى:(إنَّ الله لا يُحِبُّ كلِّ مُخْتَالٍ فَخُوْر) سورة النساء: الآية 36) ، وقد روى الترمذي عن ابن مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرَّةٍ من كبر، فقال رجل: إنه يعجبني أن يكون ثوبي حسناً ونعلي حسناً، فقال: إن الله يحب الجمال، ولكن الكِبْر مِنْ بَطَرَ الحق، وغَمَص الناس، أي احتقرهم وافتخر عليهم.

ص: 478