الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْفَرَائِضِ
(1)
721 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ قَبيصة (2) بْنِ ذُؤيب: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَرَضَ للجَدّ الَّذِي (3) يَفْرِضُ لَهُ النَّاسُ الْيَوْمَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا (4) نَأْخُذُ فِي الجَدّ. وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثابت وبه
(1) قوله: قبيصة، بالفتح، واسم أبيه مصغر، هو قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة الخزاعي المدني من أولاد الصحابة ولد في العهد النبوي وروى عن جمع من الصحابة، قال مكحول: ما رأيت أحداً أعلم منه بالشام، مات سنة 86، كذا في "جامع الأصول".
(2)
قوله: قبيصة، بالفتح، واسم أبيه مصغر، هو قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة الخزاعي المدني من أولاد الصحابة ولد في العهد النبوي وروى عن جمع من الصحابة، قال مكحول: ما رأيت أحداً أعلم منه بالشام، مات سنة 86، كذا في "جامع الأصول".
(3)
قوله: الذي يفرض، أي من مقاسمة الأخ الواحد النصف والاثنين بالثلث، فإن زادوا فله الثلث.
(4)
قوله: وبهذا نأخذ، لمّا كان الجد يشبه الأب في أحكام، ويشبه الأخ في أحكام، ولم يوجد نصّ يفيد تقدير سهم الجَدّ مع الإِخوة، وهل هو يحجب الإِخوة كالأب أم يقاسمهم؟ اختلف فيه الصحابة ومن بعدهم اختلافاً فاحشاً، فذهب أبو بكر الصديق إلى الحجب، ولم يُنقل عنه خلافه، ولهذا أخذ به أبو حنيفة، وهو مذهب ابن عباس وابن الزبير وابن عمر وحذيفة بن اليمان
يَقُولُ الْعَامَّةُ. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ (1) فِي الجَدّ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم، فَلا يورِّث (2) الإِخوة مَعَهُ شَيْئًا.
722 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُثْمَانَ (3) بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خَرَشَة، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤيب أَنَّهُ قال: جاءت (4) الجَدّة إلى
وأبي سعيد الخدري، وأُبيّ بن كعب ومعاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري وعائشة وأبي هريرة وعمران بن حصين، وبه قال قتادة وجابر بن زيد وشُريح وعطاء وعبد الله بن عتبة بن مسعود وعروة وعمر بن عبد العزيز والحسن وابن سيرين. وقال عليّ وابن مسعود وزيد بن ثابت: يرثون مع الجَدّ، وبه قال أبو يوسف ومحمد ومالك والشافعي وعلقمة والأسود والنخعي والثوري مع اختلاف فيما بينهم في كيفية القسمة، وروي عن عمر في هذه المسألة قضايا مختلفة يناقض بعضها بعضاً. والبسط في "ضوء السراج شرح الفرائض السراجية" وغيره من كتب الفرائض.
(1)
وبه يُفتى عند الحنيفة كما "السراجية" و "سكب الأنهر" وغيرهما وقال السرخسي: الفتوى على قولهما.
(2)
أي بل عندهم الجَدّ يحجب الإِخوة لأب وأُمّ أو الأب كالأب، وأما الإِخوة لأم، فيحجبهم الجد اتفاقاً.
(3)
قوله: عثمان بن إسحاق: هو من التابعين وثقه ابن معين، وخرشة القرشي العامري المدني بالخاء المعجمة بعدها راء مهملة، بعدها شين معجمة مفتوحات، كذا في "التقريب".
(4)
قوله: جاءت الجدة
…
إلخ، روى هذا الحديث معمر ويونس وأسامة بن زيد وابن عيينة وجماعة، عن ابن شهاب، عن قصيبة، لم يُدخلوا بينهما أحداً. والحق ما ذكره مالك، وقد تابعه عليه أبو أويس كذا قال ابن عبد البر. وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير": هذا الحديث أخرجه مالك وأحمد وأصحاب
أبي بكر تسأله (1) ميراثها، فقال: مالَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ (2) مِنْ شَيْءٍ، وَمَا عَلِمْنا (3) لكِ فِي سُنّة رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا، فَارْجِعِي حَتَّى أسأَل النَّاسَ (4)، قَالَ: فَسَأَلَ النَّاسَ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: حضرتُ (5) رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهَا (6) السُّدس، فَقَالَ (7) : هَلْ مَعَكِ غيرُك؟ فَقَالَ
السنن وابن حبان والحاكم من هذا الوجه، وإسناده صحيح لثقة رجاله إلا أن صورته مرسل، فإن قصيبة لا يصح له سماع من أبي بكر الصديق، ولا يمكن شهوده للقصة، قاله ابن عبد البَرّ. وقد اختُلف في مولده، والصحيح أنه وُلد عام الفتح، فيبعد شهوده القصة، وقد أعلّه عبد الحق تبعاً لابن حزم بالانقطاع، وقال الدارقطني في "العلل" بعد أن ذكر الاختلاف فيه عن الزهري: يشبه أن يكون الصواب قول مالك ومن تبعه. ثم ذكر القاضي حسين أنّ التي جاءت إلى الصّدِّيق أمُّ الأمّ، والتي جاءت إلى عمر أم الأب، وفي رواية ابن ماجه ما يدل عليه، وذكر أبو القاسم ابن منده في "المستخرج من كتب الناس للتذكرة" أن هذا الحديث رُوي أيضاً من حديث معقل بن يسار وبريدة وعمران بن حصين.
(1)
قوله: تسأله ميرثها، أي عن ولد ابنتها (في الأصل:"ابنته"، وهو خطأ) ، قال ابن عبد البر: فيه أن الصّدِّيق لم يكن له قاض بفصل الأحكام، بل كانت ترجع إليه، ويؤيده ما في "الوسائل إلى معرفة الأواءل، للسيوطي أن أول من مصّر الأمصار واستقضى القضاة في الأمصار عمر بن الخطاب.
(2)
أي ليس لكِ في كتاب الله مقدارُ سهم معيّن.
(3)
نفي العلم، لا الوجود الواقعي لانتشار الأخبار وتفرُّقها.
(4)
أي أسأل الصحابة عن ما يُحكم لك.
(5)
أي حضرتُ واقعةً أعطاها فيها السُّدُس.
(6)
أي الجَدّة.
(7)
أي أبو بكر قاصداً لزيارة الثبوت.
مُحَمَّدُ (1) بْنُ مَسْلَمَةَ: فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ. فَأَنْفَذَهُ (2) لَهَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ جَاءَتِ الجَدّة الآخُرَى (3) إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا (4)، فَقَالَ: مَالَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ وَمَا كَانَ الْقَضَاءُ الَّذِي قُضي (5) بِهِ إلَاّ لغَيْرِك وَمَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ هُوَ (6) ذَلِكَ السُّدُسُ، فَإِنِ اجْتَمَعْتُمَا (7) فِيهِ فَهُوَ (8) بَيْنَكُمَا وَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ (9) بِهِ فَهُوَ لَهَا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ. إِذَا اجْتَمَعَتِ الجَدّتان (10) أُمّ الأُم،
(1) هو من فضلاء الأنصار وأخبار الصحابة مات بعد الأربعين، ذكره في "التقريب".
(2)
من الإِنقاذ، بالذال المعجمة أي أعطى السدس لها.
(3)
للمتوفَّى السابق.
(4)
أي عن ولد ابنها.
(5)
قوله: قُضي به، بصيغة المجهول أو بصيغة المعلوم، أي ما كان القضاء الذي قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفته أبو بكر من السدس إلا لغيرك، وهو أمّ الأم، وما يجوز لي أن أزيد في السهام المقدّرة من عند نفسي حتى أزيد على السدس.
(6)
أي السهم المقدر.
(7)
قوله: فإن اجتمعتما
…
إلخ، قال السيوطي في "الوسائل إلى معرفة الأوائل": أول من ورَّث جَدّتين عمر بن الخطاب فجمع بينهما.
(8)
أي السدس مشترك عاى السويّة.
(9)
أي انفردت.
(10)
احتراز عن الجدّة الفاسدة أمّ أب لأمّ وإن علتْ فإنها من ذوي الأرحام.
وأُمّ الأَبِ فَالسُّدُسُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ خَلَتْ بِهِ إِحْدَاهُمَا فَهُوَ لَهَا، وَلا تَرِثُ (1) مَعَهَا جَدّة فَوْقَهَا. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةِ مِنْ فقهائنا رحمهم الله.
(1) قوله: لا ترث معها جدّة فوقها (قال الموفّق: إذا كانت إحدى الجدّتين أم الأخرى، فأجمع أهل العلم على أن الميراث للقربى وتسقط البعدى بها، وإن كانتا من جهتين والقربى من جهة الأمّ، فالميراث لها وتحجب البعدى في قول عامّتهم إلا ما روي عن ابن مسعود ويحيى بن آدم وشريك أن الميراث بينهما، وعن ابن مسعود إن كانتا من جهتين فهما سواء، وإن كانتا من جهة واحدة فهو للقربى يعني به أن الجدّتين من قبل الأب إذا كانت إحداهما أم الأب والأخرى أم الجد سقطت أم الجد، وسائر أهل العلم على أن القربى من جهة الأم تحجب البعدى من جهة الأب، فأما القربى من جهة الأب فهل تحجب البعدى من جهة الأم؟ فعن أحمد رويتان: إحداهما: أنها تحجبها ويكون الميراث للقربى، وهذا قول عليّ رضي الله عنه وإحدى الروايتين عن زيد، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وأهل العراق وهو قول الشافعي، والرواية الثانية عن أحمد هو بينهما وهي الرواية الثانية عن زيد، وبه قال مالك والأوزعي وهو قول الثاني للشافعي (المغني 6/209) ، لأن الجَدّة البُعْدى تُحجب بالقربى من أيّ جهة كانت أي من جهة الأب أو الأمّ. هذا هو مذهب عليّ، وإحدى الرواتين عن زيد بن ثابت، وفي رواية أخرى عنه أنّ القُربى إن كانت من قِبَل الأب والبُعدى من جهة الأم فهما سواء فيكون الحجب حينئذ في أقسام ثلاثة فقط، وبه قال مالك والشافعي في أصح قوليه، والأدلة مبسوطة في كتب الفرائض.