الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ مُحَمَّدٌ: يُكره لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْكُلَ بِشِمَالِهِ، وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصمَّاء، وَاشْتِمَالُ الصمَّاء أَنْ يَشْتَمِلَ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ (1) ، فَيَشْتَمِلُ بِهِ (2) فَتَنْكَشِفُ عَوْرَتُهُ مِنَ النَّاحِيَةِ الَّتِي تُرفع (3) مِنْ ثَوْبِهِ، وَكَذَلِكَ الاحتباءُ (4) فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ.
27 - بَابُ الزُّهْدِ وَالتَّوَاضُعِ
(5)
924 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْتِي قُبَاءَ (6) رَاكِبًا وماشياً.
(1) أي واحد.
(2)
بحيث يستر بدنه كله.
(3)
أي تنكشف وتظهر.
(4)
قوله: وكذلك الاحتباء، بأن يقعد على ألْيَتَيْه، وينصب ساقيه ملتفّاً بثوب أو بيده (كذا في شرح الزرقاني 4/277) .
(5)
قوله: كان يأتي قباء، بضم القاف ممدوداً ومقصوراً أي مسجد قباء - وهو أول مسجد أُسِّس على التقوى - راكباً، أحياناً، وماشياً، أحياناً وهذا من تواضعه صلى الله عليه وسلم فإنه كان قادراً على الركوب كل مرة فترك ذلك واختار المشي مع بعد المسافة تواضعاً.
(6)
قوله: كان يأتي قباء، بضم القاف ممدوداً ومقصوراً أي مسجد قباء - وهو أول مسجد أُسِّس على التقوى - راكباً، أحياناً، وماشياً، أحياناً وهذا من تواضعه صلى الله عليه وسلم فإنه كان قادراً على الركوب كل مرة فترك ذلك واختار المشي مع بعد المسافة تواضعاً.
925 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حدَّثه هَذِهِ الأَحَادِيثَ الأَرْبَعَةَ، قَالَ أَنَسٌ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يومئذٍ (1) أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ رَقَّع بَيْنَ كَتِفَيْهِ برقاعٍ ثَلاثٍ، لَبَّد بعضَها فَوْقَ بَعْضٍ، وَقَالَ أَنَسٌ: وَقَدْ رأيتُ يُطْرَحُ (2) لَهُ صاعُ تمرٍ فَيَأْكُلُهُ (3) حَتَّى يَأْكُلَ حَشَفَه (4)، قَالَ أَنَسٌ: وَسَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يوماً، و (5) خرجت معه (6) حتى دخل
(1) قوله: وهو يومئذٍ، أي يوم رؤيتي على الحالة المذكورة. أمير المؤمنين وخليفة رسول الله في الأرضين، ومع هذا السلطان والجاه اختار التواضع والزهد في اللبس وغيره لله. رأيته قد رقَّع من الترقيع ماضٍ معروف كما اختاره القاري، أو كنفع أي جعل رقعة مكان قطع الثوب كما اختاره الزرقاني (4/279، وفي المحلى: وروي أنه رضي الله عنه خطب وهو خليفة وعليه إزار فيه اثنتا عشرة رقعة. كذا في الأوجز 14/208) . بين كتفيه، أي في ثوبه وقميصه في المقام الذي بين كتفيه برقاع ثلاث بالكسر، وفي بعض الروايات برُقَع بالضم ثم الفتح كل منها جمع رقعة بالضم، وهي قطعة من الثوب وغيره تخاط أو تلزق مكان قطع الثوب. لبَّد، من التلبيد أي ألزق بعضها ببعض وجعل فوق بعض لأن المقصود كان هو الستر لا الفخر حتى تصلح الخياطة وترفق الرقعة.
(2)
بصيغة المجهول أي يلقي بين يديه.
(3)
لكمال تواضعه وحذره عن صنيع أرباب الفخر من أكل النقيّ، وترك الرديء.
(4)
بفتحتين أي رديء التمر ويابسه.
(5)
حالية.
(6)
أي عمر.
حائطاً (1)، فسمعته يقول (2) : و (3) بيني وَبَيْنَهُ جِدَارٌ وَهُوَ فِي جَوْفِ الْحَائِطِ: عُمر بْنُ الْخَطَّابِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بخٍ بخْ وَاللَّهِ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ لتتَّقِيَنَّ اللَّهَ أَوْ ليُعذِّبنَّك، قَالَ أَنَسٌ: وَسَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وسلَّم (4) عَلَيْهِ رَجُلٌ، فردَّ عليه السلام، ثُمَّ سَأَلَ (5) عُمَرُ الرجلَ: كَيْفَ أَنْتَ؟ قَالَ الرَّجُلُ: أحمَد اللَّهَ إِلَيْكَ، قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: هذه أردتُ منك.
(1) أي بستاناً.
(2)
قوله: فسمعته يقول: أي يخاطب نفسه ويعاتبها، فيقول عمر بن الخطاب أمير المؤمنين وخليفتهم ورأسهم وناظم أمورهم، بَخٍ بَخْ، أي عظم الأمر، وفخم، الأول منون، والثاني مسكَّن - وجاء تسكينهما وتشديدهما - كلمة تقال عند الرضى والتعجب بالشيء كذا في "القاموس". والله يا ابن الخطاب خاطَبَ نفسه، لتتقيَنَّ الله أي تخافه، وتحذر عقابه، في أمور نفسه ومن هو أميره، أو ليعذبَنَّك الله، فلا تغترَّ بالخلافة فإنها ناجية إذا اتصلت بالتقوى وهالكة إذا انضمت مع الهوى (وفي المحلى: إذا كان مثل عمر رضي الله عنه يقول ذلك من الخوف، فغيره أولى بذلك فلا يأمن مكر الله إلَاّ القوم الخاسرون. كذا في الأوجز 15/315) .
(3)
أي والحال أن بيني وبينه جدار البستان أنا خارجه وهو داخله.
(4)
جملة حالية.
(5)
قوله: ثم سأل عمر الرجل، من كمال تواضعه وحسن خُلُقه: كيف أنت؟ أي كيف حالك؟ فقال الرجل: أحمد الله إليك أي حمداً منتهياً إليك، قال عمر: هذه أي هذه الكلمة المتضمنة لحمد الله أردت منك بسؤالي عنك. قال الزرقاني: قد وافق عمر المصطفى في ذلك، فأخرج الطبراني بسند حسن عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل: كيف أصبحتَ يا فلان؟ فقال: أحمد الله إليك يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك الذي أردتُ منك.
926 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الخطاب يبعث (1) إلينا بأحِظَّائنا من الأَكارع والرؤوس.
927 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ (2) يَقُولُ: سَمِعْتُ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَقُولُ: خَرَجْتُ (3) مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ يُرِيدُ الشَّامَ (4) ، حَتَّى إِذَا دَنَا (5) مِنَ الشَّامِ أَنَاخَ عمر، وذهب
(1) قوله: كان عمر بن الخطاب يبعث إلينا، أي إلى أمهات المؤمنين.
بأحظَّائنا، أي حظوظنا وأنصبائنا. من الأكارع والرؤوس، أي أكارع الغنم ورؤوسها عند ذبحها. والمعنى أنّا نأكل منها ولا نرغب عنها لزهدنا في الدنيا ورغبتنا في العقبى، كذا قال القاري. والأكارع بفتح الهمزة جمع كُراع بالضم، وهي أطراف الشاة من الأيدي والأرجل، والحظ بالفتح والتشديد جمعه حظوظ، وحِظّاء بالكسر والتشديد ذكره في "القاموس" وغيره.
(2)
أي ابن محمد بن أبي بكر الصديق.
(3)
أي في زمان خلافته.
(4)
أي يقصد عمر بلاد الشام ويسافر إليه.
(5)
قوله: حتى إذا دنا، أي قرب من الشام أناخ أي أجلس عمر بعيره. وذهب لحاجته، قضاء حاجته، قال أسلم: فطرحت فَرْوتي - بالفتح - أي ألقيت فروتي الذي كنت ألبسه. بين شِقَّيْ، بالكسر طَرَفَيْ رَحْلي، بالفتح أي رحل بعيري، فلما فرغ عمر من قضاء الحاجة عمد أي قصد لغاية تواضعه إلى بعيري الذي كان عليه الفروة، فركبه على الفرو الذي كان عليه، وركب أسلم مولاه على بعيره أي سيده عمر، فخرجا يسيران إلى الشام على تلك الهيئة حتى لقيهما
لِحَاجَةٍ (1)، قَالَ أَسْلَمُ: فَطَرَحْتُ فَرْوَتي بَيْنَ شِقَّي رَحْلي، فَلَمَّا فَرَغَ عُمَرُ عَمَدَ إِلَى بَعِيرِي فَرَكِبَهُ عَلَى الْفَرْوَةِ وَرَكِبَ أَسْلَمُ بعيرَه، فَخَرَجَا يَسِيرَانِ حَتَّى لَقِيَهُمَا أَهْلُ الأَرْضِ، يتلقَّوْن (2) عُمَرَ، قَالَ أَسْلَمُ: فَلَمَّا دنَوْا مِنَّا أشَرْتُ لَهُمْ إِلَى عُمَرَ، فَجَعَلُوا يَتَحَدَّثُونَ بَيْنَهُمْ، قَالَ عُمَرُ: تطمَحُ أبصارُهم إِلَى مراكبِ مَن لا خَلاقَ لَهُمْ، يُرِيدُ (3) مَرَاكِبَ الْعَجَمِ.
928 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَأْكُلُ خُبْزًا مَفْتُوتًا (4) بِسَمْنٍ، فَدَعَا (5) رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَجَعَلَ (6) يَأْكُلُ ويتَّبعُ (7) بِاللُّقْمَةِ وَضَرَ الصحفة، فقال له عمر:
أهل الأرض أي سُكَّان الشام يستقبلونه ويلاقونه، فلما دَنَوْا أي قربوا منا أشرت لهم إلى عمر أنه هو الراكب على الفرو لئلا يظنوا المولى عبداً والعبد سيداً لاختلاف المركبين، فجعلوا أي أهل الشام يتحدَّثون بينهم تعجُّباً من صنيع عمر وتواضعه وهو أمير المؤمنين. قال عمر لمّا رأى تحدّثهم وتعجبهم: تطمح أي تقع وتطرح أَبْصَارُهُمْ إِلَى مَرَاكِبِ مَنْ لا خَلاقَ لَهُمْ أي لا نصيب لهم من ملوك العجم الكفرة ككسرى، وقيصر، فكانوا يظنون أن مركب أمير المؤمنين مثل مراكبهم في الفخر والزينة والشهرة.
(1)
في نسخة: لحاجته.
(2)
في نسخة: يبتغون.
(3)
أي يقصد عمر من قوله: من لا خلاق لهم.
(4)
من فتّ الخبز إذا كُسر إلى قطعات.
(5)
أخبرنا مالك، ليأكل معه.
(6)
ذلك الرجل.
(7)
قوله: ويتّبع، بشد الفوقية باللقمة أي لقمة الخبز. وَضَر الصحفة