المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الدِّيات

- ‌1 - بَابُ الدِّيَةِ فِي الشَّفَتَيْن

- ‌2 - بَابُ دِيَةِ الْعَمْدِ

- ‌4 - بَابُ دِيَةِ الأَسْنَانِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يَرِثُ مِنْ دِيَةِ امْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةُ تَرِثُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا

- ‌8 - باب الجروح وما فيها من الأرش

- ‌9 - بَابُ دِيَةِ الْجَنِينِ

- ‌11 - بَابُ الْبِئْرِ جُبار

- ‌13 - بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌1 - بَابُ الْعَبْدِ يَسْرِقُ مِنْ مَوْلاهُ

- ‌7 - بَابُ الْمُخْتَلِسِ

- ‌أبواب الحُدودِ في الزنَاء

- ‌1 - باب الرجم

- ‌2 - باب الإِقرار بالزناء

- ‌5 - بَابُ الْحَدِّ فِي التَّعْرِيضِ

- ‌6 - بَابُ الحدِّ فِي الشُّرْبِ

- ‌7 - بَابُ شُرْبِ البِتْعِ والغُبَيْرَاء وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌8 - بَابُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَمَا يُكره مِنَ الأَشْرِبَةِ

- ‌11 - بَابُ نَبِيذِ الطِّلاء

- ‌كِتَابُ الْفَرَائِضِ

- ‌1 - بَابُ مِيرَاثِ الْعَمَّةِ

- ‌2 - بَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَلْ يُورَثُ

- ‌3 - بَابُ لا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ

- ‌4 - بَابُ مِيرَاثِ الْوَلاءِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يُوصِي عِنْدَ مَوْتِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ

- ‌3 - بَابُ مَنْ جَعَل عَلَى نَفْسِهِ الْمَشْيُ ثُمَّ عَجَزَ

- ‌4 - بَابُ الاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ

- ‌5 - بَابُ الرَّجُلِ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ

- ‌6 - بَابُ مَنْ حَلَفَ أَوْ نَذَرَ فِي مَعْصِيَةٍ

- ‌8 - بَابُ الرَّجُلِ يَقُولُ: مَالُه فيِ رِتَاج الْكَعْبَةِ

- ‌9 - بَابُ اللَّغْو مِنَ الأَيْمان

- ‌4 - بَابُ مَا يُكره مِنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ

- ‌5 - بَابُ مَا لَمْ يُقبض مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ

- ‌7 - بَابُ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الشَّعِيرَ بِالْحِنْطَةِ

- ‌13 - بَابُ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ

- ‌14 - بَابُ شِرَاءِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ

- ‌15 - بَابُ الرَّجُلِ يُساوِمُ الرجلَ بِالشَّيْءِ فَيَزِيدُ عَلَيْهِ أَحَدٌ

- ‌16 - بَابُ مَا يُوجِبُ الْبَيْعَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي

- ‌20 - بَابُ الِاشْتِرَاطِ فِي الْبَيْعِ وَمَا يُفْسِده

- ‌22 - بَابُ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ وَلَهَا زَوْجٌ أَوْ تُهدى إِلَيْهِ

- ‌28 - بَابُ الْقَضَاءِ

- ‌29 - بَابُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ

- ‌30 - بَابُ النُّحْلَى

- ‌4 - بَابُ مَا يُكره مِنْ قَطْعِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ

- ‌10 - بَابُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَاتِ وَادِّعَاءِ النَّسَب

- ‌11 - بَابُ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ

- ‌13 - بَابُ الرَّهْن

- ‌14 - بَابُ الرَّجُلِ يَكُونُ عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطة

- ‌1 - باب الشفعة

- ‌1 - بَابُ المكاتَب

- ‌أَبْوَابُ السِّيَر

- ‌3 - بَابُ قَتْلِ النِّسَاءِ

- ‌4 - بَابُ الْمُرْتَدِّ

- ‌5 - بَابُ مَا يُكره مِنْ لُبْس الْحَرِيرِ والدِّيباج

- ‌8 - بَابُ نُزُولِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ وَمَا يُكره مِنْ ذَلِكَ

- ‌9 - بَابُ الرَّجُلِ يُقيم الرجلَ مِنْ مَجْلِسِهِ لِيَجْلِسَ فِيهِ وَمَا يُكره مِنْ ذَلِكَ

- ‌10 - بَابُ الرُّقَى

- ‌11 - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْفَأْلِ وَالِاسْمِ الْحَسَنِ

- ‌12 - بَابُ الشُّرْبِ قَائِمًا

- ‌14 - بَابُ الشُّرْبِ وَالأَكْلِ بِالْيَمِينِ

- ‌17 - بَابُ فَضْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌22 - بَابُ الاسْتِئْذَانِ

- ‌25 - بَابُ النَّظَرِ إِلَى اللَّعِبِ

- ‌27 - بَابُ الشَّفَاعَةِ

- ‌28 - باب الطيب للرجل

- ‌29 - بَابُ الدُّعَاءِ

- ‌30 - بَابُ رَدِّ السَّلامِ

- ‌31 - بَابُ الدُّعَاءِ

- ‌34 - بَابُ مَا يُكره مِنْ أَكْلِ الثُّومِ

- ‌35 - بَابُ الرُّؤْيَا

- ‌36 - بَابُ جَامِعِ الْحَدِيثِ

- ‌27 - بَابُ الزُّهْدِ وَالتَّوَاضُعِ

- ‌38 - بَابُ الْحُبِّ فِي اللَّهِ

- ‌39 - بَابُ فَضْلِ الْمَعْرُوفِ وَالصَّدَقَةِ

- ‌40 - بَابُ حَقِّ الْجَارِ

- ‌41 - بَابُ اكْتِتَابِ الْعِلْمِ

- ‌42 - بَابُ الْخِضَابِ

- ‌45 - بَابُ النَّفْخِ فِي الشُّرْب

- ‌48 - بَابُ صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌49 - بَابُ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا يُستحب مِنْ ذَلِكَ

- ‌50 - بَابُ فَضْلِ الْحَيَاءِ

- ‌51 - بَابُ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ

- ‌52 - بَابُ حَقِّ الضِّيَافَةِ

- ‌56 - بَابُ النَّوَادِرِ

- ‌59 - بَابُ كَسْب الحَجّام

- ‌60 - بَابُ التَّفْسِيرِ

- ‌[خاتمة المعلق]

الفصل: ‌9 - باب اللغو من الأيمان

مَا يقُوْتُه (1) ، فَإِذَا (2) أَفَادَ مَالا تصدَّق بِمِثْلِ مَا كَانَ أَمْسَكَ. وَهُوَ قولُ أَبِي حَنِيفَةَ والعامَّة مِنْ فُقَهَائِنَا.

‌9 - بَابُ اللَّغْو مِنَ الأَيْمان

755 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أبيه، عن عائشة رضي الله عنها أنها قَالَتْ: لَغْوُ الْيَمِينِ: قَوْلُ الإِنسان: لا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ. اللَّغْوُ (3) ما حلف عليه الرجل، وهو يرى

(1) أي قدر ما يكفيه لئلا يحتاج إلى المذلة والمسألة.

(2)

أي حصل مالاً آخر كافياً.

(3)

قوله: اللغو

إلخ، اختلفوا في تفسير اللغو المذكور في قوله تعالى:(لا يؤاخذكم الله بالغو في أَيْمانكم، ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم)(سورة البقرة: الآية 225) على أقوال: الأول: أنه أن تحلف على شيء وأنت غضبان، أخرجه سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس. الثاني: هو الحلف على المعصية مثل أن لا يصلِّيَ ولا يصنع الخير، أخرجه وكيع وعبد الرزاق وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير. الثالث: أن تحرِّم ما أحل الله لك، أخرجه ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس. الرابع: أن تحلف على الشيء، ثم تنسى فلا يؤاخذ الله فيه، ولكن يجب الكفارة إذا تذكَّر، أخرجه عبد الرزاق وابن أبي حاتم، عن النخعي. الخامس: وهو مختار أصحابنا أن اللغو هو أن تحلف على الشيء ظانّاً أنه صادق وهو في الواقع كاذب (واختلفوا في لغو اليمين، فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد في رواية، هو أن يحلف بالله على أمر يظنه على ما حلف عليه ثم يتبين أنه بخلافه، سواء قصده فسبق على لسانه إلَاّ أن أبا حنيفة ومالكاً قالا: يجوز أن يكون في الماضي وفي الحال، وقال أحمد: هو في الماضي، ثم اتفقوا ثلاثتهم على أنه لا إثم ولا كفارة، وعن مالك: أن لغو اليمين أن يقول: لا والله وبلى والله على وجه المحاورة من غير قصد إلى عقدها. وقال الشافعي: لغو اليمين ما لم يعقده، وإنما يُتَصَوَّر ذلك عنده في قوله: لا والله وبلى والله عند المحاورة والغضب واللجاج من غير قصد سواء كانت على ماضٍ أو مستقبل وهو رواية عن أحمد. رحمة الأمة ص 301) ، فلا مؤاخذة فيه،

ص: 177

أَنَّهُ حقٌ، فاستَبَان (1) لَهُ بَعْدُ أَنَّهُ عَلَى غير ذلك، فهذا (2) من اللغو عندنا.

لا كفارة ولا إثماً وهو المروي عن إبراهيم، أخرجه عبد بن حميد، عن ابن عباس أخرجه ابن جرير وابن المنذر عن عائشة أخرجه ابن أبي حاتم والبيهقي وعن أبي هريرة أخرجه ابن جرير. السادس: هو كلام الرجل في بيته وفي المزاح والهزل: لا والله وبلى والله، من غير قصد اليمين، أخرجه وكيع والشافعي وعبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي عن عائشة، وسعيد بن منصور والبيهقي عن ابن عباس، وأبو الشيخ عن ابن عمر وروى نحوه مرفوعاً من حديث عائشة، أخرجه ابن جرير وابن حبان وابن مردويه والبيهقي، والآثار مبسوطة في "الدر المنثور".

(1)

أي ظهر.

(2)

قوله: فهذا من اللغو، فلا يجب فيه كفارة ولا إثم، وأما إذا حلف على ماضٍ كاذباً عمداً ففيه الإِثم دون الكفارة، وفيه خلاف الشافعي، وإذا حلف على مستقبل ولم يبرّ عمداً ففيه الكفارة والإِثم، وهو المسمى باليمين المنعقدة.

(1)

رخّص: أي أجاز له.

(2)

بخرَصها: بالفتح بمعنى التقدير والتخمين.

(3)

رخّص: أي أجاز له.

(1)

رخّص: أي أجاز له.

(2)

بخرَصها: بالفتح بمعنى التقدير والتخمين.

(3)

بالفتح فسكون فضمّ، جمع وَسَق - بفتحتين - وهو مقدار ستّين صاعاً.

ص: 178

كِتَابُ (1) البُيوع فِي التِّجَارَاتِ والسَّلَم (2)

1 -

بَابُ بَيْعِ (3) الْعَرَايَا

756 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ الله بن عمر، عن

(1) في نسخة: أبواب

(2)

بفتحتين: نوع من أنواع البيوع: بيع آجلٍ بعاجلٍ بشروط مذكورة في موضعها

(3)

ص: 179

زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ (1) لِصَاحِبِ العَرِيَّة أَنْ يبيعَها بِخِرْصِهَا (2) .

757 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رخَّص فِي بَيْعِ الْعَرَايَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ (3) أَوْ في خمسة أوسق (4) . شكَّ

(1) أي أجاز له

(2)

بالفتح بمعنى التقدير والتخمين

(3)

بالفتح فسكون فضم جمع وَسَق - بفتحتين - وهو مقدار ستين صاعا

(4)

قوله: وفي خمسة أوسق، قال شارح المسند: اختلفوا في أن هذه الرخصة يقتصر على مورد النص، وهو النخل أم يتعدى إلى غيرها على أقوال:

أحدها: اختصاصها بالنخل، وهو قول أهل الظاهر على قاعدتهم في ترك القياس.

الثاني: تعدِّيها إلى العنب بجامع ما اشتركا فيه من إمكان الخرص، فإن ثمرتها متميِّزة مجموعة في عناقيدها بخلاف سائر الثمار فإنها متفرقة مستترة بالأوراق، وبهذا قال الشافعي.

الثالث: تعدّيها إلى كل ما ييبس ويُدَّخر من الثمار، وهذا هو المشهور عند المالكية، وجعلوا ذلك علَّة في محل النص، وأناطوا به الحكم.

ص: 180

دَاوُدُ (1) لا يَدْرِي أَقَالَ خَمْسَةً أَوْ فِيمَا دُونَ خَمْسَةٍ؟

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ. وَذَكَرَ (2) مالك بن أنس أن العرية إنما

الرابع: تعديتها إلى كل ثمرة مدَّخر وغير مدَّخرة، هذا قول محمد بن الحسين، وهو قول للشافعي. ووقع في حديث أبي هريرة عند البخاري أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رخَّص في بيع العرايا فيما دون الخمسة أوسق أو خمسة أوسق، فاعتبر من قال بجواز العرايا بمفهوم العدد، ومنعوا ما زاد عليه، واختلفوا في جواز الخمسة للشك المذكور، والراجح عند المالكية الجواز في الخمسة فما دونها، وعند الشافعية فيما دونها لا في خمسة وهو قول الحنابلة وأهل الظاهر. فمأخذ المنع أن الأصل التحريم، وبيع العرايا رخصة، فيؤخَذ بما يتيقّن ويُلغَى ما وقع فيه الشكّ، والسبب فيه أن النهي عن بيع المزابنة هل وقع متقدِّماً، ثم وقعت الرخصة في العرايا، أو النهي عن المزابنة وقع مقروناً مع الرخصة، فعلى الأول لا يجوز في الخمسة للشك في رفع التحريم، وعلى الثاني يجوز للشك في قدر التحريم، ويرجح الأول بما عند البخاري: قال سالم: أخبرني عبد الله، عن زيد بن ثابت أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رخَّص بعد ذلك لصاحب العرية، قال ابن عبد البر: وقال آخرون لا يجوز إلَاّ في أربعة أوسق لوروده في حديث جابر فيما أخرجه الشافعي وأحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين أذن لصاحب العرايا أن يبيعوها بخرصها يقول: الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة. قال الحافظ: يتعَّين المصير إليه، وأما حدّاً، فلا يجوز تجاوزه فليس بالواضح. انتهى. وهذا كله عند غيرنا، وأما عند أصحابنا الحنفية فذكر العدد في الحديث واقع اتفاقاً، وهو خلاف الظاهر.

(1)

أي شيخ مالك: أيَّ ذلك قال أبو سفيان؟.

(2)

قوله: وذكر مالك

إلخ، تفصيل المقام وتنقيحه على ما في "فتح الباري" وشرح "مسند الإِمام" للحصكفي وغيره أنهم اختلفوا في تفسير العرية المرخَّص بها على أقوال: الأول: أن العريَّة عطية تمر النخل دون الرقبة، وقد كانت العرب إذا دهمتهم سَنَة تطَوَّع أهل النخل بمن لا نخل معه، ويعطيهم من تمر

ص: 181

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النخلة، فإذا وهب رجل ثمرة نخله، ثم تأذّى بدخوله عليه رُخِّص للواهب أن يشتري رطبها من الموهوب له بتمرٍ يابس بمثل كيله خرصاً. هذا هو المشهور من مذهب مالك، وشرطه عنده أن يكون البيع بعد بدوِّ الصلاح، وأن يكون بثمن مؤجَّل إلى الجُذاذ لا حالٍّ لئلا يلزم الربا بالنسيئة، وأن لا تكون هذه المعاملة إلَاّ مع المعُرِي المالك خاصة. قال ابن دقيق العيد: يشهد لهذا التفسير أمران: أحدهما: أن العريَّة مشهورة في ما بين أهل المدينة متداوَلَة بينهم، وقد نقل مالك هكذا، الثاني: ما وقع في بعض طرق رواية زيد رخّص لصاحب العرية، فإنه يُشعر باختصاصه بصفة تميِّزها عن غيره. القول الثاني: أن يكون لرجل نخلة أو نخلتان في حائط رجل له نخل كثير، فيتأذّى صاحب النخل الكثير من دخول صاحب القليل، فيقول له: أنا أعطيك خرص نخلك تمراً، فرُخِّص لهما ذلك، وهذا رواية عن مالك. والقول الثالث: أنها نخل كانت توهَب للمساكين فلا يستطعون أن ينتظروا بها، فرُخِّض لهم أن يبيعوها بما شاؤوا من التمر، رواه أحمد من حديث زيد، وهو وإن خالف فيما ذكره مالك من أن المراد بصاحب العرية واهبها، لكنه محتمل، فإن الموهوب له صار بالهبة صاحباً لها، وعلى هذا لا يتقيد البيع بالواهب، بل هو وغيره سواء، وحُكي عن الشافعي تقييد الموهوب له بالمسكين وهو اختيار المزني تلميذ الشافعي، ومستنده ما ذكره الشافعي في "مختلف الحديث"، عن محمود بن لبيد قال: قلت لزيد بن ثابت: ما عراياكم هذه؟ قال: فلان وفلان وأصحابه شكَوْوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرطب يحضر، وليس عندهم ذهب ولا فضة يشترون بها منه، وعندهم فضل تمر، فرخّص لهم أن يشتروا العرايا بخرصها من التمر يأكلونها رطباً. قال الشافعي: قوله: يأكلونها رطباً، يدل على أن مشتري العريَّة يشتريه ليأكلها رطباً، وأنه ليس له رطب يأكلها غيرها، ولو كان المراد من صاحب العرية صاحب الحائط كما قال مالك لكان لصاحب الحائط في حائطه رطب غيره، ولم يفتقر إلى بيع العرية، قال ابن المنذر: هذا لا أعرف أحداً ذكره غير الشافعي، وقال السبكي: لم يذكر الشافعي إسناده وكل من حكاه إنما حكاه عن

ص: 182

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الشافعي ولم يجد البيهقي له سنداً، قال: ولعلَّ الشافعي أخذه من "سِيَر الواقديّ"، وعلى تقدير صحته فليس قيد الفقير في كلام الشارع. واعتبرت الحنابلة هذا القيد منضماً إلى ما اعتبره مالك فعندهم لا يجوز بيع العرية إلَاّ لحاجة صاحب الحائط إلى البيع أو لحاجة المشتري إلى الرطب. والقول الرابع: ما قاله الشافعي أن العرايا أن يشتري الرجل ثمر النخلة أو أكثر بخرصه من التمر بأن يخرص الرطب ويقدر كم ينقص إذا يبس، ثم يشتري بخرصه تمراً، فإن تفرَّقا قبل أن يتقابضا فسد البيع. وللعرية صور، منها: أن يقول رجل لصاحب الحائط: بعيني ثمر هذه النخلة أو نخلات معينة، فيخرصها ويبيعه ويقبض منه الثمن ويسلِّم إليه النخلات، فينتفع برطبها. ومنها: أن يهب صاحب الحائط فيتضرَّر الموهوب له بانتظار صيرورة الرطب تمراً، أو لا يحب أكلها رطباً فيبيع ذلك الرطب من الواهب أو غيره بخرصه بتمرٍ يأخذه معجَّلاً، وجميع هذه الصور صحيحة عند الشافعي والجمهور. ومنع أبو حنيفة ومن تبعه صور البيع كلها، وقصر العرية على الهبة، وهي أن يعري الرجل رجلاً ثمر نخل من نخيله ولا يسلِّمه، ثم يظهر له ارتجاع تلك الهبة، فرخص له أن يحبس ذلك، ويعطيه بقدر ما وهب له من الرطب بخرصه تمراً. وحمله على ذلك أخذاً لعموم النهي عن المزابنة وعن بيع الثمر بالتمر، قال ابن نجيم في "البحر الرائق": أصحابنا خَرَجوا عن الظاهر بثلاثة أوجه: الأول: إطلاق البيع على الهبة، والثاني: قوله رخّص خلاف ما قرروه لأن الرخصة إنما تكون بعد ممنوع، والمنع إنما كان في البيع دون الهبة، الثالث: التقيد بخمسة أوسق أو ما دونها، لأنه على مذهبنا لا فائدة له، فإن الهبة لا تتقيد، وقيل: لأنهم لم يفرِّقوا في الرجوع بالهبة بين ذي رَحِم وغيره، وبأنه لو كان الرجوع جائزاً فليس إعطاؤه التمر بدل الرطب، بل هو تجديد هبته، لأنَّ الهبة الأولى لم تكمل بعدم القبض. ومنهم من قال: إذا تعارض المُحرِّم والمبيح قُدِّم المحَرِّم، وهو مردود بأنَّ الرخصة متصلة بالنهي، وقد ثبت في البخاري: أنه نهى عن بيع المزابنة ثم رخَّص بعد ذلك في بيع العرايا، فبطل القول بالنسخ.

ص: 183

تَكُونُ أَنَّ الرَّجُلَ يَكُونُ لَهُ النَّخْلُ، فيُطْعِمُ (1) الرجلَ مِنْهَا ثَمَرَةَ نَخْلَةٍ أَوْ نَخْلَتَيْنِ يلقُطُها (2) لِعِيَالِهِ، ثُمَّ يثقُل (3) عَلَيْهِ دخولُه حائطَه، فَيَسْأَلُهُ (4) أَنْ يَتَجَاوَزَ لَهُ عَنْهَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ بِمَكِيلَتِهَا تَمْرًا عِنْدَ (5) صِرام النَّخْلِ، فَهَذَا (6) كلُّه لا بَأْسَ بِهِ عِنْدَنَا، لأَنَّ التمرَ كلَّه كان للأول (7) وهو يعطي

(1) أي فيهب رجلاً ثمرة واحدة فما فوقها.

(2)

بضم القاف يأخذها الرجل الموهوب له لعياله.

(3)

أي يشق على مالك النخل دخول الموهوب له الثمر في بستانه مرة بعد أخرى لصرم الثمر الموهوب.

(4)

قوله: فيسأله، أي فيسأل الواهب الموهوب له أن يتجاوز الموهوب له عن تلك الثمرة للواهب على أن يعطيه الواهب بقدر كيليها ثمراً عند الصِّرام - بالكسر - أي قطع ثمر النخل.

(5)

قوله: عند، متعلق بالإِعطاء وهذا قيد احترازيّ، فإنه لو أعطى من التمر مقدار كيلها في الحال لا يجوز.

(6)

قوله: فهذا كله لا بأس به عندنا، حمل كلام مالك على ما اختاره أبو حنيفة أن العرية ليست ببيع، بل هو فروع الهبة (مما لا شك فيه أن مذهب الحنفية في ذلك قريب من مذهب الإِمام مالك، لأن كونها موهوبة شرط عند مالك أيضاً، وكذا يُشترط جواز بيعها بالوهب، وحاصل الاختلاف أنها رجوع الواهب في هبته بالبدل عند الحنفية، وشراء الواهب هبته عند المالكية، وقال الشافعي وأحمد: خمسة أوسق مستثنى من نهي المزابنة، فيجوز بيعها من الواهب وغيره مع اختلافهم في شروط الجواز. انظر لامع الداري 6/128) ، وليس كذلك فإن مذهب مالك في ذلك معروف من أنه قائل بالرخصة في بعض صور المزابنة وهو بيع العرية، وهو بيع عنده حقيقةً لا مجازاً، والدليل عليه تقييده بقوله عند صرام النخل، فإن صورة العطية غير مقيدة عنده بهذا القيد ولا عند غيره.

(7)

أي لصاحب النخلة.

ص: 184

مِنْهُ مَا شَاءَ (1) فَإِنْ شَاءَ سلَّم لَهُ (2) تَمْرَ النَّخْلِ وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهَا بَمَكِيلَتِهَا مِنَ التمر، لأن هذا (3) لا يُجعل بيعاً،

(1) أيْ أيّ قدرٍ شاء.

(2)

أي للموهوب له.

(3)

أي هذا العطاء ليس ببيع حقيقةً، بل مجازاً.

(1)

قوله لو جعل بيعاً

إلخ، قد شيّد الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/213 - 215) أركانه، فإنه بعد ما خرَّج طرقه من حديث زيد بن ثابت وابن عمر وجابر وسهل بن أبي حثمة وأبي هريرة النهي عن المزابنة، والرخصة في بيع العرايا، قال: فقد جاءت هذه الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتواترت الرخصة في بيع العرايا، وقَبِلها أهل العلم جميعاً، ولم يختلفوا في صحة مجيئها، وتنازعوا في تأويلها، فقال قوم: العرايا أن الرجل يكون له النخل والنخلتان في وسط النخل الكثير لرجل آخر. قالوا: وقد كان أهل المدينة إذا كان وقت الثمار خرجوا بأهليهم إلى حوائطهم، فيجيء صاحب النخلة والنخلتين بأهله، فيضُرّ ذلك بأهل النخل الكثير، فرخّص رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل النخل الكثير أن يعطي صاحب النخلة أو النخلتين خَرْص ماله من ذلك تمراً لينصرف هو وأصحابه، ويخلص تمر الحائط كله لصاحب النخل الكثير، وقد روي هذا القول عن مالك، وكان أبو حنيفة في ما سمعتُ أحمدَ بنَ أبي عمران يذكر أنه سمعه عن محمد بن سماعة، عن أبي يوسف، عنه، قال: معنى ذلك عندنا أن يعري الرجل ثمر نخلة من نخله، فلا يسلم ذلك إليه حتى يبدوَ له، فرخّص له أن يحبس ذلك ويعطيه مكانه خرصه تمراً، وكان هذا تأويل أشبه

ص: 185

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وأولى مما قال مالك، لأن العرية إنما هي العطية. انتهى. وفيه ما لا يخفى، فإن العرية وإن كان يستعمل بمعنى العطية إلَاّ أنه ليس بمقتصر عليه، فقد ذكروا أن العرية فعيلة بمعنى مفعولة، أو بمعنى فاعلة، فمن جعلها مفعولة، قال هي من عري النخل إذا أفردها عن النخل ببيع ثمارها رطباً، وقيل: من عراه يعروه إذا أتاه، وتردد إليه لأن صاحبها يتردد إليها، ومن جعلها فاعلة جعلها مشتقة من قولهم: عريت النخلة، بفتح العين وكسر الراء، فكأنها عريت عن حكم أخواتها على أنه لو سلّم أن العرية معنى العطية ليس إلا فهو لا يستلزم أن يكون بيع العرايا عبارة عن العطية بل العرية بنفسها بمعنى العطية، وبيعها غير الهبة، كما مرَّ في القول الأول من الأقوال المذكورة سابقاً، ثم قال الطحاوي: فإن قال قائل: ذكر في حديث زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر بتمر، ورخَّص في العرايا، فصارت العرايا في هذا الحديث أيضاً هي بيع ثمر بتمر، قيل له: ليس في الحديث من ذلك شيء، إنما فيه ذكر الرخصة في العرايا مع ذكر النهي عن بيع الثمر بالتمر، وقد يقرن الشيء بالشيء، وحكمهما مختلف. انتهى. وفيه أن هذا التقرير إن يمشي في خصوص هذه العبارة، فماذا يقول فيما أخرجه عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر حتى يطعم، وقال: لا يباع منه شيء إلَاّ بالدراهم والدنانير إلَاّ العرايا، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخَّص فيها، وما أخرجه عن عمرو بن دينار الشيباني قال: بعتُ ما في رؤوس نخلي بمائة وسق، إن زاد فلهم، وإن نقص فعليهم، فسألت ابن عمر عن ذلك؟ فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر بالتمر إلَاّ أنه رخَّص في العرايا. وما أخرجه عن جابر: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة إلَاّ أنه أرخص في العرايا.

وما أخرجه عن سهل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر بالتمر إلَاّ أنه رخَّص في العرية أن يُباع بخرصها من التمر يأكلها أهلها رطباً. فهذه العبارات وأمثالها صريحة في أن بيع العرايا داخل في المزابنة وبيع الثمر بالتمر، وأن الرخصة فيه بعد النهي عن المزابنة مطلقاً، والتزام أن الاستثناء في هذه منقطع، فمع عدم صحته في بعضها التزم أمر غير ملتزم، ومُفْضٍ إلى إخلال الكلم، ثم قال الطحاوي: فإن قال

ص: 186

وَلَوْ جُعل (1) بَيْعًا مَا حلَّ (2) تَمْرٌ بِتَمْرٍ إلى أجل.

قائل: قد ذُكر التوقيف في حديث أبي هريرة على خمسة أوسق، وفي ذكر ذلك ما ينفي أن يكون حكم ما هو أكثر من ذلك كحكمه، قيل له: ما فيه ما ينفي شيئاً، وإنما يكون كذلك لو قال: لا يكون العرية إلَاّ في خمسة أوسق، إنما فيه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رخَّص في خمسة أوسق وفي ما دون خمسة أوسق فذلك يحتمل أن يكون رسول الله قد رخص فيه لقوم في عرية لهم هذا مقدارها، فنقل أبو هريرة ذلك، وأخبر بالرخصة فيما كانت. انتهى. وفيه أنَّ مثل هذا الاحتمال المحض لا يُسمع ما لم يدل عليه دليل، وإلَاّ لفسدت الأحكام واختَلَّ النظام، ولا ريب في أن الظاهر الذي يجب المصير إليه إلَاّ إذا خالفه دليل معارض له ما قاله القائل، ثم قال: فإنْ قال قائل: ففي حديث ابن عمر وجابر: أنه رخص في العرايا، فصار ذلك مستثنًى من بيع الثمر بالتمر، قيل له: قد يجوز أن يكون قصد بذلك إلى المُعْرِي فرخَّص له أن يأخذ تمراً بدلاً من الثمر في رؤوس النخل لأنه يكون في معنى البائع، وذلك له حلال، فيكون الاستثناء لهذه العلة. انتهى. وفيه أن هذا عدول عن الحقيقة الظاهرة من غير حجة، وأمثال هذه التأويلات قبولها كبناء بيت وهدم قصر، ثم قال: فإن قال قائل: لو كان تأويل هذه الآثار ما ذهب إليه أبو حنيفة لما كان لذكر الرخصة معنى؟ قيل له: قد اختُلف فيه، فقال عيسى بن أبان: معنى الرخصة في ذلك أن الأموال كلها لا يملك بها أبداً إلَاّ من كان مالكها، لا يبيع رجل ما لا يملك ببدل، فالمُعري لم يكن مَلَكَ العرية لأنه لم يكن قبضها، والتمر الذي يأخذه بدلاً منها قد جُعل طيّباً له، فهذا هو الذي قصد بالرخصة إليه. انتهى. وفيه أن هذا تكلُّف تستبشعه الطبائع السليمة، فإن ملك المعري للبدل على التقرير المذكور ليس على سبيل البيع لا حقيقةً ولا حكماً، لا شرعاً ولا عرفاً، بل ليس له ملكه، لكون الهبة مشروطة بالقبض، فلا يذهب وهم أحد إلى عدم جوازه، فضلاً عن أن يذكر لفظ الرخصة فيه. هذا ما ظهر في الوقت وفي المقام كلام لا يسعه المقام.

(2)

لدخول الربا فيه من جهة النسيئة واحتمال عدم التساوي.

ص: 187

2 -

بَابُ مَا يُكره مِنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبدُوَ (1) صَلاحُهَا

758 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حدَّثنا نَافِعٌ، عن عبد الله بن عمر: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يبدوَ (2) صلاحُها. نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ.

759 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو الرِّجَالِ (3) مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرة: أَنَّ (4) رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن بيع الثمار حتى ينجوَ مِنَ الْعَاهَةِ (5) .

قَالَ مُحَمَّدٌ: لا يَنْبَغِي (6) أَنْ يُباع شَيْءٌ مِنَ الثِّمَارِ عَلَى أَنْ يُترك في

(1) حتى يبدو صلاحها: بأن يصلح لتناول الناس وعَلْف الدوابّ.

(2)

حتى يبدو صلاحها: بأن يصلح لتناول الناس وعَلْف الدوابّ.

(3)

لُقِّب به لأنه كان له عشرة أولاد رجال وكنيته في الأصل أبو عبد الرحمن، كذا قال الزرقاني.

(4)

هذا مرسل، وصله ابن عبد البَرّ من طريق خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبي الرِّجَالِ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عن عائشة، ذكره السيوطي في "التنوير".

(5)

أي الآفة.

(6)

قوله: لا ينبغي أن يُباع شيء

إلخ، لا خلاف للعلماء في جواز بيع الثمار بعد بدوّ الصلاح، واختلفوا في تفسيره، فعندنا هو أن يأمن العاهة والفساد،

ص: 188

النَّخْلِ حَتَّى يبلغَ (1) ، إلَاّ أَنْ يحمَرَّ أَوْ يصفَرَّ أَوْ يبلغَ بعضُه، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ (2) فَلا بَأْسَ بِبَيْعِهِ عَلَى أَنْ يُترك حَتَّى يبلغَ (3) ، فَإِذَا لَمْ يَحْمَرَّ أَوْ يَصْفَرَّ أَوْ كان أخضر أو كان كُفَرَّى (4) فلا

وعند الشافعي ظهور الصلاح بظهور النضج ومبادئ الحلاوة، وقيل: بدوّ الصلاح إذا اشتراها مطلقة يجوز عندنا، وعند الشافعي ومالك وأحمد لا يجوز البيع بشرط القطع قبل بدوّ الصلاح، يجوز فيما ينتفع به اتفاقاً، وبشرط الترك لا يجوز بالاتفاق. والبيع بعد بدوّ الصلاح على ثلاثة أوجه: أحدها: أن يبيعها قبل أن تصير منتَفَعاً بها بأن لم يصلح لتناول بني آدم وعَلْف الدوابّ، فقال شيخ الإسلام: لا يجوز، وذكر القُدُوري والأسبيجابي يجوز. والثاني: ما إذا باعه بعد ما صار منتفعَاً به، إلَاّ أنه لم يتناه عِظَمُها فالبيع جائز إذا باع مطلقاً أو بشرط القطع، وبشرط الترك فاسد لأنه شرط لا يقتضيه العقد، وفيه نفع لأحد المتعاقدين. والثالث: ما إذا باعه بعد ما تناهى عِظَمه، فالبيع جائز عند الكل إذا باعه مطلقاً أو بشرط القطع، وبشرط الترك لا يجوز في القياس، وهو قولهما ويجوز في الاستحسان وهو قول محمد والشافعي ومالك وأحمد. واختلف أصحابنا في البيع قبل بدوّ الصلاح، فعامَّة مشائخنا على أنه لا يجوز، وهو قول شمس الأئمة السرخسي وجواهر زاده والجمهور، وقال بعضهم: يجوز لكونه منتفعاً به في الحال أو المال إلَاّ أن يشترط تركه على الشجر. والتفصيل في "البناية" وغيره.

(1)

أي إلى أن يُدرك.

(2)

أي أحد من الصور المذكورة.

(3)

أي إلى كماله.

(4)

بضم الكاف والفاء المفتوحة وبالراء المشددة المفتوحة: طلع النخل

ص: 189

خَيْرَ (1) فِي شِرَائِهِ عَلَى أَنْ يُترك حَتَّى يَبْلُغَ. وَلا بَأْسَ بِشِرَائِهِ عَلَى أَنْ يُقطع

(والكُفَرّى: وعاء الطلع وقشره الأعلى، وقيل: هو الطلع حين ينشق. المنتقى 4/222) .

(1)

قوله: فلا خير في شرائه، أي لا يجوز شراؤه بهذا الشرط، وهذا بالاتفاق. وإنما الخلاف في البيع قبل بدو الصلاح مطلقاً من غير اشتراط قطع ولا تبقية، فمقتضى الأحاديث المذكورة البطلان (قال العيني: مذهب الشافعي ومالك وأحمد وإسحاق عدم جواز بيع الثمار على الأشجار، وبه قال مالك في رواية وأحمد في قول. لامع الدراري 6/132) ، وبه قال الشافعي وأحمد وجمهور العلماء، وهو قولٌ لمالك، ووافق في قوله الثاني أبا حنيفة في جواز البيع، قال في "شرح المسند": استدل أبو حنيفة فيما ذهب إليه بما أخرجه مرفوعاً: من باع نخلاً مؤبَّراً فثمرته للبائع إلَاّ أن يَشترط المبتاع. فجعله للمشتري بالشرط، فدلَّ على جواز بيعه مطلقاً، وقال: لا يصلح لأصحاب الشافعي الاستدلال بأحاديث الباب فإنهم تركوا ظاهرها في إجازة البيع قبل بدوّ الصلاح بشرط القطع ولم يُفهم ذلك من الحديث مع أن له معارضات أخر، وحديث التأبير لا معارض له، فتعين العمل به. ويقال في أحاديث النهي إنه للإِرشاد على العزيمة بدليل ما في "صحيح البخاري" عن زيد قال: كان الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتاعون الثمار، فإذا جَدَّ (في الأصل أخذ، وهو تحريف، وسقطت كلمة (عاهات) بعد قشام فزدناها، أخرجه البخاري في باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها 3/33) الناس وحضر تقاضيهم قال المبتاع: إنه أصاب الثمر الدَّمَانُ ((الدَّمَان) : بفتح الدال وتخفيف الميم: عفن يصيب النخل فيسوَدُّ ثمره، وجاء في غريب الخطابي بالضم) ، أصابه مُراضٌ ((مُراض) : داء في الثمرة فتهلك) ، أصابه قُشَام ((قُشام) : هو أن ينتقص ثمر النخل قبل أن يصير بلحاً) ، عاهات يحتجُّون بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كثرت الخصومة عنده: لا تبايعوا حتى يبدو صلاح الثمر كالمشُوْرَة.

ص: 190

ويُباع (1) . وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أنَّه قَالَ: لا بَأْسَ بِبَيْعِ الكُفَرَّى عَلَى أَنْ يُقطع، فَبِهَذَا نَأْخُذُ.

760 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّناد (2) ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّهُ كَانَ لا يَبِيعُ ثمارَه حَتَّى يَطْلُعَ (3) الثُرَيَّا يَعْنِي بَيْعَ (4) النَّخْلِ.

3 -

بَابُ الرَّجُلِ يبيعُ بَعْضَ الثمرَ (5) وَيَسْتَثْنِي بَعْضَهُ

761 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي بكر، عن

(1) قوله: ويباع، قال القاري: هذا قيد اتفاقي لكثرة وقوعه.

(2)

عبد الله بن ذكوان.

(3)

قوله: حتى يطلع الثُرَيّا، بضم المثلثة وفتح الراء المهملة وتشديد الياء المثناة التحتية النجم المعروف لأنها تنجو من العاهة حينئذٍ، وعند أبي داود من حديث أبي هريرة مرفوعاً: إذا طلع النجم صباحاً رُفعت العاهة عن كل بلدة، والنجم الثريّا. وعند أحمد والطهاوي والبيهقي، عن ابن عمر: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يُؤْمَن عليها العاهة، قيل: متى ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: إذا طلعت الثريّا (انظر جامع الأصول 1/468) . قال الزرقاني: طلوعها صباحاً يقع في أول فصل الصيف، وذلك عند اشتداد الحرّ وابتداء نضج الثمار، وهو المعتبر في الحقيقة وطلوع النجم علامة له.

(4)

أي بيع ثماره.

ص: 191

أَبِيهِ (1) : أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ بَاعَ حَائِطًا (2) لَهُ يُقَالُ لَهُ الأفْراق (3) بِأَرْبَعَةِ آلافِ دِرْهَمٍ، وَاسْتَثْنَى مِنْهُ بِثَمَانِي (4) مِائَةِ دِرْهَمٍ تَمْرًا.

762 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو الرِّجال، عَنْ أُمِّهِ عَمْرة بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهَا كَانَتْ تَبِيعُ ثِمَارَهَا، وَتَسْتَثْنِي (5) مِنْهَا.

763 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ: أَنَّهُ كَانَ يَبِيعُ (6) وَيَسْتَثْنِي مِنْهَا.

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ. لا بَأْسَ بِأَنْ يبيع الرجل ثمره، ويستثني

(5) قوله: عن أبيه، هو أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حزم الأنصاري، وقد مرت تراجم عمرو بن حزم وأبي بكر وابنه عبد الله وغيرهم في مواضع متفرقة. وصاحب القصة محمد بن عمرو بن حزم جدّ عبد لله، قال ابن حبان في "الثقات": كنيته أبو عبد الملك، وُلد سنة عشر في العهد النبوي، ومات يوم الحرّة سنة ثلاث وستين، روى عنه ابنه أبو بكر وغيره.

(1)

قوله: عن أبيه، هو أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حزم الأنصاري، وقد مرت تراجم عمرو بن حزم وأبي بكر وابنه عبد الله وغيرهم في مواضع متفرقة. وصاحب القصة محمد بن عمرو بن حزم جدّ عبد لله، قال ابن حبان في "الثقات": كنيته أبو عبد الملك، وُلد سنة عشر في العهد النبوي، ومات يوم الحرّة سنة ثلاث وستين، روى عنه ابنه أبو بكر وغيره.

(2)

أي بستاناً.

(3)

بفتح الهمزة وسكون الفاء (الأفراق: بفتح فسكون ورابعه ألف، وهو بغير الألف في "شرح الزرقاني" وهو تحريف، قال البكري: الأفراق: بفتح أوله، وبالراء والقاف: على وزن أفعال: كأنه جمع فرق: وهو موضع بالمدينة: فيه حوائط نخل، وذكر هذا الحديث عن مالك. معجم ما استعجم 1/176) .

(4)

أي بمقدارها تمر.

(5)

أي بعضاً معيّناً منها.

(6)

في نسخة: يبيع ثمارها.

ص: 192