المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بيع التقسيطإعدادفضيلة الدكتور إبراهيم فاضل الدبور - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٦

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد السادس

- ‌كلمةمعالي الأمين العاملمنظمة المؤتمر الإسلاميالدكتور حامد الغابد

- ‌كلمةمعالي رئيس مجمع الفقه الإسلاميالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدوليالدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌كلمةصاحب السمو الملكيالأمير ماجد بن عبد العزيز

- ‌كلمةمعالي الأستاذ خالد أحمد الجسار

- ‌كلمةمعالي الدكتور حامد الغابد

- ‌كلمةمعالي الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائهاإعدادسماحة الشيخ الدكتور محمد سيد طنطاوي

- ‌التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائهاإعدادسعادة الدكتور عبد الله إبراهيم

- ‌التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائهاإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌الطرق المشروعة للتمويل العقاريإعدادفضيلة القاضي محمد تقي العثماني

- ‌بيع التقسيطإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌بيع التقسيطإعدادفضيلة الدكتور محمد عطا السيد

- ‌بيع التقسيطإعدادفضيلة الدكتور إبراهيم فاضل الدبور

- ‌البيع بالتقسيط: نظرات في التطبيق العمليإعدادفضيلة الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌تقسيط الدين في الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الدكتور محمد رضا عبد الجبار العاني

- ‌بيع التقسيط: تحليل فقهي واقتصاديإعدادسعادة الدكتور رفيق يونس المصري

- ‌حكم زيادة السعرفي البيع بالنسيئة شرعًاإعدادفضيلة الدكتور نظام الدين عبد الحميد

- ‌القبضصوره، وبخاصة المستجدة منها وأحكامهاإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌القبض:صوره، وبخاصة المستجدة منها، وأحكامهاإعدادفضيلة الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌القبض:أنواعه، وأحكامه في الفقه الإسلامىإعدادفضيلة الدكتور محمد رضا عبد الجبار العاني

- ‌القبض:صوره وبخاصة المستجدة منها، وأحكامهاإعدادسعادة الدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌القبض:صوره، وبخاصة المستجدة منها، وأحكامهاإعدادفضيلة الدكتور علي محيي الدين القره داغي

- ‌القبضتعريفه، أقسامه، صوره وأحكامهاإعدادفضيلة الدكتور سعود بن مسعد الثبيتي

- ‌حُكم قبض الشيكوهل هو قبض لمحتواه؟إعدادفضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌القبض الحقيقي والحكمي: قواعده وتطبيقاتهمن الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ نزيه كمال حماد

- ‌حكم إجراء العقود بوسَائل الاتصَال الحَديثةفي الفقه الإسلامي (موازَنًا بالفقه الوضعي)إعدادسعادة الدكتور إبراهيم كافي دونمز

- ‌الإسلام وإجراء العقودبآلات الاتصال الحديثةإعدادفضيلة الشيخ محمد الحاج الناصر

- ‌الأسواق المالية وأحكامها الفقهيةفي عصرنا الحاضرإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌أحكام السوق الماليةإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد الغفار الشريف

- ‌السوق الماليةإعدادفضيلة الدكتور وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌الأسواق المالية والبورصة والتجربة التونسيةإعدادسعادة الدكتور مصطفى النابلي

- ‌السوق المالية ومسلسل الخوصصةإعدادسعادة الدكتور الحسن الداودي

- ‌الأدوات المالية الإسلاميةإعدادسعادة الدكتور سامي حسن حمود

- ‌الأدوات المالية الإسلاميةإعدادفضيلة الدكتور حسين حامد حسان

- ‌الأسواق الماليةمن منظور النظام الاقتصادي الإسلامي(دراسة مقارنة)إعدادسعادة الدكتور نبيل عبد الإله نصيف

- ‌الأدوات المالية الإسلاميةوالبورصات الخليجيةإعدادسعادة الدكتور محمد فيصل الأخوة

- ‌الأدوات المالية التقليديةإعدادسعادة الدكتور محمد الحبيب جراية

- ‌الأسواق الماليةإعدادسعادة الدكتور محمد القري بن عيد

- ‌تجلي مرونة الفقه الإسلاميأمام التحديات المعاصرةإعدادفضيلة الأستاذ محمد الأزرق

- ‌وثائقندوة الأسواق الماليةالمنعقدة بالرباط

- ‌زراعة خلايا الجهاز العصبي وبخاصة المخإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌زراعة خلايا الجهاز العصبي وخاصة المخإعدادفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي

- ‌زراعة الأعضاء وحكمه في الشريعة الإسلاميةإعدادفضيلة الشيخ الشريف محمد عبد القادر

- ‌زراعة خلايا المخمجالاته الحالية وآفاقه المستقبليةإعدادسعادة الدكتور مختار المهدي

- ‌إجراء التجارب علىالأجنة المجهضة والأجنة المستنبتةإعدادسعادة الدكتور محمد علي البار

- ‌الاستفادة من الأجنة المجهضة أو الزائدة عن الحاجةفي التجارب العلمية وزراعة الأعضاءإعدادسعادة الدكتور مأمون الحاج علي إبراهيم

- ‌حكم الاستفادة من الأجنة المجهضةأو الزائدة عن الحاجةإعدادفضيلة الدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌الاستفادة من الأجنة المجهضة والفائضةفي زراعة الأعضاء وإجراء التجاربإعدادسعادة الأستاذ الدكتور عبد الله حسين باسلامة

- ‌(أ) استخدام الأجنة في البحث والعلاج(ب) الوليد عديم الدماغمصدراً لزراعة الأعضاء الحيويةإعدادالدكتور حسان حتحوت

- ‌(أ) حقيقة الجنين وحكم الانتفاع به في زراعة الأعضاء والتجارب العلمية.(ب) حكم زراعة خلايا الدماغ والجهاز العصبي.إعداد فضيلة الدكتور محمد نعيم ياسين

- ‌حكم الانتزاع لعضومن مولود حي عديم الدماغإعدادفضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌الاستفادة من الأجنة المجهضةأو الزائدة عن الحاجةفي التجارب العلمية وزراعة الأعضاءإعدادفضيلة الدكتور عمر سليمان الأشقر

- ‌زراعة الأعضاء من الأجنة المجهضةإعدادفضيلة الشيخ محمد عبده عمر

- ‌حكم إعادة ما قطع بحد أو قصاصإعدادفضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌زراعة عضو استؤصل في حد أو قصاصإعدادفضيلة حجة الإسلام محمد علي التسخيري

- ‌زراعة عضو استؤصل في حدإعدادفضيلة القاضي محمد تقي العثماني

- ‌زراعة عضو استؤصل في حدإعدادفضيلة الدكتور وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌حكم إعادة اليدبعد قطعها في حد شرعيإعدادفضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌هل يجوز إعادة يد السارقإذا قطعت بصفة شرعية أم لا؟إعدادفضيلة الشيخ مولاي مصطفى العلوي

- ‌زراعة الأعضاء البشريةالأعضاء المنزوعة من الأجنة المجهضة.الغدد والأعضاء التناسلية.زراعة عضو استؤصل في حد كإعادة اليد التي قطعت في حد السرقة.زراعة خلايا الجهاز العصبي.إعدادسعادة الأستاذ أحمد محمد جمال

- ‌إمكانية نقل الأعضاء التناسلية في المرأةإعدادسعادة الدكتور طلعت أحمد القصبي

- ‌أحكام نقل الخصيتين والمبيضين وأحكامنقل أعضاء الجنين الناقص الخلقةفي الشريعة الإسلاميةإعدادفضيلة الدكتور خالد رشيد الجميلي

- ‌نقل وزراعة الأعضاء التناسليةإعدادفضيلة الدكتور محمد سليمان الأشقر

- ‌زرع الغدد التناسلية والأعضاء التناسليةإعدادسعادة الدكتور محمد علي البار

- ‌زراعة الغدد التناسلية أو زراعةرحم امرأة في رحم امرأة أخرىإعدادالدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين

- ‌زراعة الأعضاء التناسلية والغدد التناسليةللمرأة والرجلإعدادسعادة الدكتورة صديقة علي العوضي

الفصل: ‌بيع التقسيطإعدادفضيلة الدكتور إبراهيم فاضل الدبور

‌بيع التقسيط

إعداد

فضيلة الدكتور إبراهيم فاضل الدبور

الأستاذ بكلية الشريعة بجامعة بغداد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد الأمين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وبعد:

من القضايا التي تواجه الإنسان على الدوام، المعاملات المالية، والبيوع من أكثر ميادين التعامل تداولًا إذ لا يستغني عنها الإنسان في أغلب حياته اليومية، لذا نراها قد حظيت باهتمام فقهائنا القدامى والمحدثين.

ومن البيوع التي تعامل بها الناس في الماضي والحاضر ما عرف ببيوع الآجال، وهي التي يكون فيها أحد العوضين مؤخرا عن مجلس العقد خروجًا عن الأول المقررة التي تفترض وجود البدلين عندما تتوجه إرادة طرفين لإبرام العقد، والبيوع المذكورة تيسر على الناس سبل التعامل فيما بينهم، والبيع بالتقسيط أحد تلك البيوع. وحرصًا من فقهاء أئمتنا الأعلام في مراعاة مصلحة الناس والتيسير عليهم، فقد تناولت كتبهم تلك البيوع بالبحث، وها أنا في بحثي هذا المتواضع أستعرض أقوال أئمتنا – رحمهم الله تعالى – بغية الوقوف على ما قالوه في هذه الصورة من صور التعامل المالي، مختارًا ما هو الأوجه دليلًا والأقوى حجة.

والله حسبي وهو نعم المولى ونعم الوكيل.

التقسيط لغة:

يطلق التقسيط في اللغة على معان منها:

(أ) التفريق وجعل الشيء أجزاء، يقال قسط الشيء، بمعنى فرقه وجعله أجزاء، والدين جعله أجزاء معلومة تؤدي في أوقات معينة (1)

(ب) الاقتسام بالسوية، يقول الليث: " تقسطوا الشيء بينهم أي اقتسموه بالسوية وفي العباب على القسط والعدل، وفي اللسان على العدل والسواء (2) .

(ج) التقتير، يقال: قسّط على عياله النفقة تقسيطًا إذا قترها عليهم، قال الطرماح:

" كفاه كف لا يرى سبيها

مقسطًا رهبة إعدامها

(3)

(د) والقسط الحصة والنصيب، يقال تقسطنا الشيء بيننا، أي أخذ كل حصته ونصيبه، ويقال وفاه قسطه أي نصيبه وحصته.

(1) لسان العرب، لابن منظور الإفريقي – مادة قسط

(2)

تاج العروس، لمرتضى الزبيدي – مادة قسط

(3)

تاج العروس، لسان العرب، المعجم الوسيط.

ص: 131

التقسيط في الاصطلاح الفقهي:

إن البيع بالتقسيط وصيغته المعهودة حاليًا من البيوع الحديثة، لذا لم يرد في كتب الفقهاء القدامى – رحمهم الله تعالى – تعريف نستطيع أن نحدد بموجبه هذا النوع من البيوع، لأن البيع كما ورد عندهم إما أن يكون حالًّا بمعنى تسليم الثمن في مجلس العقد أو مؤجلًا، بمعنى تسليمه في وقت لاحق يحدده المتعاقدان في العقد، سواء كان تسديد الثمن جملة واحدة أم على دفعات.

إلا أن بعض الفقهاء المحدثين قد أعطوا مفهومًا للتقسيط يمكن أن نعتبره بيانًا للمراد، جاء في درر الحكام شرح مجلة الأحكام (التقسيط: تأجيل أداء الدين مفرقًا إلى أوقات معينة) (1)

وعرّفه الأستاذ منير القاضي بقوله: (الثمن المقسط هو: ما اشترط أداؤه أجزاء معلومة في أوقات معينة)(2) .

بيع التقسيط في القانون الوضعي:

عرف رجال القانون البيع بالتقسيط بعدة تعاريف منها: " أنه أحد ضروب البيع الائتماني الذي يشترط فيه أن يكون سداد الثمن على أجزاء متساوية ومنتظمة خلال فترة معقولة من الزمن "(3)

ومنها: " أنه العقد الذي يكون موضوعه الاستيلاء على شيء في مقابل دفع أقساط معينة في مدة معينة يصبح المشتري في نهايتها مالكًا للشيء (4)

صورة هذا البيع:

تتم صورة بيع التقسيط بالشكل التالي: يقصد المستهلك إلى صاحب متجر بقصد شراء حاجة ما فيخيره صاحب السلعة بثمنها إذا أراد أن يدفعه حالًّا وثمنها إذا أراد دفعه مجزءًا، وهو بطبيعة الحال أعلى من الثمن الحالّ، لأن البائع في هذه الحالة يحسب لتأخير الثمن حسابه، بمعنى أنه يزيد في ثمن السلعة مقابل تأجيل دفع الثمن، ودوافع ذلك معروفة، منها:

(أ) خوف البائع من إفلاس المشتري في المستقبل أو وفاته، وعندئذ يفوت عليه رأس المال، وخسارته في هذه الحالة محققة.

(ب) أن عدم دفع الثمن في الحال يفوت عليه استغلاله في أعماله التجارية مما يحرمه من فوائد ربح هذا الجزء من المال.

(1) شرح مجلة الأحكام: 1/280

(2)

شرح المجلة للأستاذ: منير القاضي 1/280

(3)

البيع بالتقسيط والبيوع الائتمانية الأخرى للدكتور إبراهيم أبو الليل: ص 19 نقلًا عن حكم البيع بالتقسيط بحث للدكتور محمد عقله الإبراهيم والمنشور في مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية التي تصدرها كلية الشريعة والقانون في جامعة الكويت العدد السابع السنة الرابعة.

(4)

العقود المسماة شرح عقدي البيع والمقايضة للدكتور أنور سلطان: ص 28، نقلًا عن المصدر السابق أيضا.

ص: 132

مظان مسألة بيع التقسيط في الفقه الإسلامي:

إن أصل مسألة بيع التقسيط يرد في كتب الفقه تحت عنوان (البيوع الفاسدة) أو (البيوع المنهي عنها) في كتب البيوع أو في باب بيوع الآجال، وقد استدل الفقهاء على فساد بعض البيوع التي تناولوها في كتبهم بما صح لديهم من الآثار الواردة بهذا الخصوص.

ومن أجل الوقوف على معرفة رأيهم في البيع، يجدر بنا أن نتلمس مظان بيع التقسيط في الأحاديث النبوية الشريفة التي لها صلة بهذا البيع، لنقف على الدليل الذي استندوا عليه في تحريمهم لمثل هذه البيوع، وما إذا كان هذا النوع من البيوع يدخل ضمن هذه الآثار أم لا؟

أولًا – النهي عن شرطين في بيع:

ومن الآثار الواردة عن النهي لهذا البيع حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك)) (1)

وقد اختلف شراح الحديث في صورة هذا البيع، فمنهم من قال: " هو أن يقول البائع للمشتري: بعتك هذا بألف إن كان نقدًا وبألفين إن كان نسيئة.

وقيل هو أن يقول بعتك هذا الثوب بكذا وعلي صباغته وخياطته، وقيل معنى الشرطين في بيع، هو أن يشترط حقوق البيع ويشترط شيئًا خارجًا منها، مثل أن يشترط البائع على المشتري لقاء بيعه المبيع أن يهبه شيئًا أو أن يشفع له إلى فلان، أو أن احتاج إلى بيعه لم يبع إلا منه ونحو ذلك، فهذان شرطان في صفقة واحدة.

والتفسير الأخير يبدو لي هو الصحيح لهذا البيع، لأنه عقد بيع شرط فيه شرطان (2)

(1) أخرج الحديث أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وصححه، وكذلك صححه ابن خزيمة والحاكم. انظر الروضة الندية شرح الدرر البهية لأبي الطيب صديق القنوجي البخاري: 1/100.

(2)

انظر المصدر السابق أيضًا: 1/101، وسبل السلام شرح بلوغ المرام: 3/16

ص: 133

ثانيًا – النهي عن بيعتين في بيعة:

ومن الآثار الواردة عن هذا البيع ما يلي:

(أ) ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا)) (1) وفي لفظ ((نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة)) (2) وعن سماك، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه قال:((نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة)) قال سماك: هو الرجل يبيع البيع فيقول: هو بنسأ بكذا وهو بنقد بكذا وكذا (3)

شرح الحديث: لقد فسر سماك راوي الحديث بما ورد في متن الحديث وقد وافقه على مثل ذلك الشافعي فقال: " بأن يقول بعتك بألف نقدًا أو ألفين إلى سنة فخذ أيهما شئت أنت وشئت أنا "(4) . فالمسألة مفروضة على أن المشتري قبل البيع على الإبهام، أما لو قال: قبلت بألف نقدًا أو بألفين بالنسيئة صح ذلك (5) .

ونقل صاحب الروضة الندية شرحًا مماثلًا عن بعض شراح الحديث حيث قال: " فسروا البيعتين في بيعة على وجهين، أحدهما: أن يقول بعتك هذا الثوب بعشرة نقدًا أو بعشرين نسيئة إلى سنة فهو فاسد عند أكثر أهل العلم، فإذا باعه على أحد الأمرين في المجلس فهو صحيح لا خلاف فيه (6) وبهذا المعنى فسره كثير من شراح الحديث، منهم النسائي والبيهقي والمناوي أيضًا (7)

(1) أخرج الحديث أبو داود. انظر نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار للشوكاني: 5/248

(2)

رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه. المصدر السابق أيضًا.

(3)

رواه أحمد. الشوكاني في المصدر السابق أيضًا

(4)

مختصر المزني للإمام إبراهيم المزني الشافعي بهامش كتاب الأم: 2/204.

(5)

نيل الأوطار: 5/249

(6)

الروضة الندية شرح الدرر البهية: 2/101.

(7)

فيض القدير شرح الجامع الصغير لعبد الرءوف المناوي: 6/308

ص: 134

وقد فسر الشافعي المسألة بتفسير آخر، فقال: هو أن يقول: بعتك هذه الأرض بألف على أن تبيعني دارك بكذا (1) . ومثل هذا البيع فاسد أيضا لأنه جعل ثمن الأرض الفا وشرط بيع الدار وهذا شرط لا يلزم وإذا لم يلزم ذلك، بطل بعض الثمن فيصير ما بقي من المبيع في مقابلة الباقي مجهولًا وهذا غير جائز.

وقد حكى صاحب الروضة الندية عن بعض شراح الحديث شرحًا مماثلًا لما قاله الشافعي في تفسيره الآخر للرواية مدار البحث (2) .

إلا أن التفسير الأخير لحديث البيعتين في بيعة أمر لا يتفق مع منطوق رواية أبي هريرة الأولى، فإن قوله عليه الصلاة والسلام ((فله أوكسهما)) يدل كما قال الشوكاني: " على أنه باع الشيء الواحد بيعتين بيعة بأقل وبيعة بأكثر، وإنما يصلح تفسيرًا للرواية الأخرى من حديث أبي هريرة لا للأولى (3)

وقيل في تفسير البيعتين في بيعة (هو أن يسلف الرجل صاحبه دينارًا في قفيز حنطة إلى شهر، فلما حل الأجل وطالبه بالحنطة، قال: " بعني القفيز الذي لك على إلى شهرين بقفيزين، فصار ذلك بيعتين في بيعة، لأن البيع الثاني قد دخل على الأول فيرد إليه أوكسهما وهو الأول " وقد أسند الشوكاني هذا التفسير لابن رسلان، وعقب على ذلك بقوله: إن هذا التفسير يتمشى مع ظاهر الحديث لأن الحكم للمشتري بالأوكس، يعني الأنقص والأقل، يستلزم صحة البيع به، أو يكون المتعاقدان قد دخلا في الربا المحرم إذا لم يأخذ المشتري وهو المسلف الأوكس بل أخذ الأكثر (4)

مما تقدم من تفسير لحديث البيعتين في بيعة، يتضح أن أكثر المعاني شيوعًا له، هو أن يذكر البائع للمشتري ثمنين أحدهما عاجل والآخر آجل أكثر منه مقدارًا، وهذه الصورة هي الأساس لبيع التقسيط.

(1) انظر نيل الأوطار / 5/249، وسبل السلام: 3/17

(2)

انظر: 2/101

(3)

نيل الأوطار: 5/249

(4)

المصدر نفسه أيضًا.

ص: 135

تفسير الفقهاء لحديث البيعتين في بيعة:

بعد أن ذكرنا تفسير بعض شراح الحديث لمعنى بيعتين في بيعة، يجدر بنا أن نقف على وجهة نظر فقهائنا الأقدمين – رحمهم الله تعالى – في معنى الرواية مدار الكلام، وفيما إذا كانت تنطبق على مسألة البيع بالتقسيط. فأقول: " اتفق الفقهاء على تفسير هذا البيع الوارد في الحديث بما فسره بعض شراح الحديث، من أن صورته أن يقول البائع للطرف المقابل: أبيعك هذه السلعة بالثمن الحالّ بكذا أو بالنسيئة بكذا، جاء ذلك في العديد من كتب الفقه فقد ذكر الكاساني الحنفي من جملة البيوع الفاسدة ما إذا قال بعتك هذه الدابة بمائة درهم إلى سنة وبمائة وخمسين إلى سنتين، وذلك للجهالة في الثمن، وقيل هو الشرطان في بيع (1) . وإلى هذا المعنى ذهب الشيخ الدردير المالكي ذكر ذلك عند كلامه عن البيوع الفاسدة حيث قال: وكبيعتين في بيعة، أي عقد واحد، وذلك بأن يبيع السلعة بإلزام بعشرة نقدًا أو أكثر لأجل، ويأخذها المشتري على السكوت ولم يعين أحد الأمرين ويختار بعد ذلك الشراء بعشرة نقدًا أو بأكثر لأجل، وإنما منع للجهل بالثمن حال البيع (2)

وبهذا المعنى فسرها الخطيب الشربيني الشافعي، فقد عد من البيوع المنهي عنها، بيعتين في بيعة، ومثل لها بما لو قال: بعتك هذا بألف نقدًا أو ألفين إلى سنة، وخير البائع المشتري، فهذا باطل للجهالة (3)

وحكى ابن قدامة الحنبلي مثل ذلك عن الحنابلة أيضًا، فقد ذكر في تفسير بيعتين في بيعة، وجهين، أحدهما، أن يقول الرجل لصاحبه: بعتك هذا الشيء بعشرة نقدًا أو بخمسة عشر نسيئة أو بعشرة مكسرة أو تسعة صحاحًا، ومثل هذا البيع باطل، لجهالة الثمن.

والوجه الآخر لصورة هذا البيع، أن يقول: بعتك هذه السلعة بكذا بشرط أن آخذ منك الثمن دنانير سعرها كذا أقل من سعرها الحقيقي، أو باعه بذهب على أن يأخذ عوضها دراهم بصرف يتفقان عليه في هذا العقد (4) .

وحكى ابن قدامة عن الثوري وإسحاق تفسير البيع المنهي عنه مدار البحث تفسيرًا مشابهًا لما ذكره أولًا (5)

وبهذا المعنى أيضًا فسره الظاهرية (6) . والإمامية (7) . والإباضية (8) والزيدية (9) .

(1) انظر بدائع الصنائع: 6/3041، وفتح القدير لابن الهمام المطبوع مع الهداية: 5/84

(2)

انظر الشرح الكبير: 3/58، وكذا حاشية الدسوقي على الشرح المذكور بنفس الموضع أيضًا.

(3)

مغني المحتاج: 2/31، وانظر الروضة: 3/397

(4)

انظر المغني: 4/177

(5)

المصدر السابق أيضًا.

(6)

المحلى لابن حزم الظاهري: 9/627

(7)

المختصر النافع لأبي القاسم جعفر بن الحسن الحلي: ص146

(8)

شرح النيل وشفاء العليل: 8/128

(9)

البخر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار: 4/294

ص: 136

علة النهي عن هذا البيع:

مما مضى يتبين لنا أن الفقهاء متفقون على أن علة النهي عن بيعتين في بيعة هو:

(أ) الجهالة بالثمن، وهذا يتحقق فيما إذا افترق المتعاقدان دون أن يحدد أحد البيعتين وثمن المبيع المتعاقد عليه، فأشبه في هذه الناحية البيع بالرقم المجهول.

(ب) عدم الجزم في بيع واحد، فأشبه ما لو قال: بعتك هذا أو هذا.

(ج)(ولأن أحد العوضين غير معين ولا معلوم فلم يصح (1) . وصار بمثابة ما لو قال: بعتك أحد داري هاتين.

حكم البيع بهذه الصورة:

لقد تبين لنا من خلال تفسير الفقهاء لحديث بيعتين في بيعة – المنهي عنها – بطلان البيع بالصيغة المذكورة، أعني بها صورة عدم الجزم ببيع معين، وينفض المجلس دون أن يحدد المتعاقدان نوعًا معينًا منه.

وقد حكى ابن قدامة وغيره من الفقهاء اتفاق وجهة نظر الجمهور هذه، حيث قال من قال لغيره، بعتك هذا الثوب بعشرة نقدًا أو بخمسة عشر نسيئة، فالبيع باطل وهو قول الجمهور (2) وقد روي عن طاوس والحكم وحماد من فقهاء السلف أنهم أجازوا مثل هذه الصورة من البيع. إلا أن ابن قدامة نفسه وجه قولهم هذا بأنه يحمل على أنه قد جرى بين المتعاقدين ما يجري في العقد، فكأن المشتري قال: أنا آخذه بالنسيئة بكذا، فقال خذه أو قد رضيت ونحو ذلك، فيكون عقدًا كافيًا، أما إذا لم يصدر من المشتري ما يقوم مقام الإيجاب صراحة أو دلالة، فلا يصح العقد عندئذ، لأن ما مضى من القول لا يصلح أن يكون إيجابًا (3)

وذهب الإباضية في رأي لهم إلى جواز ذلك أيضًا، فقد ذكر صاحب شرح النيل أن المختار منع البيع في الصورة مدار الكلام، وهو قول أبي الحسن، لأنه لم يقع عن ثمن معين ولا على أجل مقطوع به أو نقد أو عاجل مقطوع به، ثم أضاف قائلًا: وجوز البيع في هذه الصورة وفي غيرها من الصور الأخرى المشابهة لها مثل الجمع في عقد واحد بين شرط وبيع، واختار ذلك صاحب المنهاج (4)

وما ذهب إليه الجمهور هو المختار لما ذكروه من تدليل.

(1) ابن قدامة في المغني: 4/177

(2)

المغني: 4/177، وانظر الكاساني في البدائع: 6 / 3041، روضة الطالبين: 3/397، الشرح الكبير: 3/58، الروض النضير: 3/484.

(3)

انظر المغني في المرجع والموضع السابقين

(4)

انظر: 8/130

ص: 137

حكم الزيادة في الثمن نظير الأجل:

ذكرنا قبل قليل رأي الفقهاء في مسألة بيعتين في بيعة الوارد النهي عنها في الحديث النبوي الشريف، ووقفنا على تفسير المحدثين والفقهاء لهذا البيع، ونريد أن نتعرف على رأيهم هنا في مسألة الزيادة في ثمن السلعة نظير تأخير الدين، وهي مسألة البيع بالتقسيط مدار البحث، وفي هذه الحالة نستبعد الصورة الأولى للبيع، وهي صورة التردد وعدم الجزم لإحدى البيعتين، حيث سنوضح هنا موقفهم فيما لو انصرفت إرادة المتعاقدين إلى بيع معين مما ورد في الإيجاب وقد اتفق على الزيادة لقاء تأخير الثمن سواء اتفق على دفعه مرة واحدة في المستقبل أو على دفعات، وقد تم ذلك بقبول الموجه إليه العرض إحدى الصفقتين، فيكون هذا بمثابة الإيجاب من المشتري، فإذا حصل القبول من البائع، هل يتم العقد عندئذ؟ وهل يصح الاعتياض عن الأجل بالمال؟

أقول: للفقهاء رأيان في هذه المسألة:

1-

ذهب أصحاب الرأي الأول إلى القول: إن الزيادة في الثمن نظير الأجل، كالزيادة في الدين نظير الأجل، فكما أن الزيادة الأخيرة تعتبر ربا، كذلك الأولى.

هذه وجهة نظر زين العابدين علي بن الحسين والناصر والمنصور بالله والهادوية والإمام يحيى (1) وبهذا قال أبو بكر الجصاص من الحنفية أيضًا (2)

وقد استدل أصحاب هذا الرأي بأدلة من الكتاب والسنة والقياس والمعقول.

(أ) فمن الكتاب عموم قوله تعالى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [سورة البقرة: الآية 275] فالآية أفادت تحريم البيوع التي يؤخذ فيها زيادة مقابل الأجل لدخولها في عموم كلمة الربا، وهي تقيد الإباحة في قوله تعالى:{إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [سورة النساء: الآية 29] .

فإن كل العقود الربوية مقيدة لهذه الإباحة.

وأضاف أصحاب هذا الرأي قائلين: لو قيل إن البيوع بأثمان مؤجلة داخلة في معنى قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} ، إذ هي بيع.

فالجواب على هذا: أنها تحتمل الاثنين، فكما أنها تحتمل أن تكون داخلة في عموم البيع، تحتمل أيضًا أن تكون داخلة في عموم الربا، وعند الاحتمال من غير ترجيح يقدم احتمال الحظر على احتمال الإباحة، وخصوصًا أن إحلال البيع ليس على عمومه، بل خرجت منه البيع الربوية، والبيع محل النزاع منها (3)

(ب) واستدلوا بالروايات التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم في نهيه عن بيعتين في بيعة والتي فصلنا الكلام فيها مسبقًا.

(1) نيل الأوطار للشوكاني: 5/250

(2)

أحكام القرآن: 2/186، وقد نص الجصاص فيه على ما يلي:" ولا خلاف أنه لو كان عليه ألف درهم حالّة فقال له: أجلني وأزيدك فيها مائة درهم لا يجوز، لأن المائة عوض من الأجل كذلك الحط في معنى الزيادة إذ جعله عوضًا من الأجل، وهذا هو الأصل في امتناع جواز أخذ الأبدال عن الآجال ".

(3)

الإمام زيد للأستاذ محمد أبو زهرة: ص 290، حكم بيع التقسيط للدكتور محمد عقلة الإبراهيم ص 168.

ص: 138

(ج) إن البيع مع زيادة في الثمن، يعتبر من قبيل بيع المضطر، وهو منهي عنه، ولا يصدق عليه قوله تعالى:{إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}

(د) إن هذه الزيادة بسبب الأجل، والزيادة لهذا السبب خالية عن العوض فتنطبق عليها كلمة الربا الذي يعني الزيادة بدون عوض، فتندرج تحت التحريم.

(هـ) قاس أصحاب هذا الرأي زيادة الثمن مقابل زيادة المدة، على إنقاص الدين عن المدين مقابل تعجيل الدفع، فلا فرق بين أن تقول سدد الدين أو نزد في نظر الأجل، وأن تبيع بزيادة في الثمن لأجل التأجيل، فالمعنى فيهما جميعًا أن الأجل له عوض وهو بمعنى الربا، قال الجصاص: " حظر أن يؤخذ للأجل عوض، فإذا كانت عليه ألف درهم مؤجلة فوضع عنه على أن يعجله، فإنما جعل الحط بحذاء الأجل فكان هذا هو معنى الربا الذي نص الله تعالى على تحريمة (1)

وقد دلل الجصاص على تحريم أخذ العوض مقابل الأجل بما قاله أبو حنيفة فيمن دفع إلى خياط ثوبًا فقال له: إن خطته اليوم فلك دينار مثلًا وإن خطته غدًا فلك نصف دينار، أن الشرط الثاني باطل. فإن أجل خياطته لليوم الثاني، فله أجر مثله، لأنه جعل الحط بحذاء الأجل والعمل في الوقتين على صفة واحدة فلم يجزه، لأنه بمنزلة بيع الأجل وذلك غير جائز (2)

مما تقدم يتبين لنا أن عمدة أدلة القائلين بعدم جواز بيع التقسيط هو أن ذلك ضرب من الربا المحرم، ومستندهم الرئيسي في ذلك أن الزيادة في ثمن هي في مقابل الأجل، والأجل ليس بالشيء الذي يستحق عوضًا فتكون زيادة بلا عوض وهو عين الربا الذي نهى الشرع عنه وحرمه.

2-

أجاز جمهور الفقهاء الزيادة في ثمن العرض مقابل تأجيل دفعة، فعلى هذا تصح على رأيهم صورة البيع مدار البحث - البيع بالتقسيط – وذلك عند انصراف إرادة المتعاقدين إلى صيغة معينة من البيعتين، وهي صيغة زيادة ثمن السلعة مقابل تأجيل دفع ثمنها، على أن يكون الدفع على وجبات يتفق عليها الطرفان عند إبرام العقد.

(1) أحكام القرآن: 2/186

(2)

المصدر السابق أيضًا

ص: 139

هذا ما ذهب إليه المالكية، جاء في الشرح الكبير بعد ذكره لصورة البيعتين في بيعة وفسادها عند أخذ المشتري السلعة دون أن يعين إحدى البيعتين ويختار ذلك بعد انفضاض المجلس، قال الشيخ الدردير بعد هذا: فإن وقع العقد لا على الإلزام، بل أعطي الخيار للمشتري، وقال: اشتريت بكذا، فلا منع (1) . وقد عقب الشيخ العدوي على ما قاله الخرشي ببطلان البيع على وجه يتردد النظر فيه في مسألة بيعتين في بيعة، قال " احترز بذلك عن أن يقول البائع ذلك ويقول المشتري: اشتريت بكذا فإنه لا منع حينئذ. (2) . وهذا ما ذهب إليه الحنفية، فقد ذكر الكاساني أن العلة في تحريم بيعتين في بيعة، هي الجهالة في الثمن، فإذا علم ورضي به جاز البيع، لأن سبب الفساد قد زال في المجلس وله حكم حالة العقد، فأصبح كأنه معلوم عند العقد (3) وبجواز البيع في هذه الحالة قال الشافعية أيضًا،: نص على ذلك النووي في الروضة حيث قال: " لو قال: بعتك بألف نقدًا وبألفين نسيئة أو قال بعتك نصفه بألف ونصفه بألفين، فيصح العقد "(4) .

معنى هذا، أن المشتري رضي بإحدى صورتي البيع في المجلس، وانفض المجلس عن تراضٍ من المتعاقدين على نوع معين من البيع. وهذا ما صرح به الحنابلة في كتبهم، فقد نص الشيخ ابن النجار على ما يلي:" ولا بعشرة نقدًا أو عشرين نسيئة، إلا إن تفرقا فيهما على أحدهما "(5) .

وفي فتوى لابن تيمية – رحمه الله تعالى – أنه سئل عن رجل عنده فرس شراه بمائة وثمانين درهمًا، فطلبه منه إنسان بثلاثمائة درهم إلى مدة ثلاثة شهور، فهل يحل ذلك؟ فأجاب:" الحمد لله، إن كان الذي يشتريه لينتفع به أو يتجر به، فلا بأس في بيعه إلى أجل، لكن المحتاج لا يربح عليه الربح المعتاد، لا يزيد عليه لأجل الضرورة وأما إذا كان محتاجًا إلى دراهم، فاشتراه ليبيعه في الحال ويأخذ ثمنه، فهذا مكروه في أظهر قولي العلماء"(6)

(1) انظر: 3/58

(2)

انظر حاشية الشيخ العدوي على شرح الخرشي لمختصر سيدي خليل: 5/73

(3)

انظر البدائع: 6/3042.

(4)

انظر: 3/396

(5)

انظر منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات: 1/346

(6)

انظر مجموعة فتاوى ابن تيمية: 29/501.

ص: 140

وكذا أجاز الإمامية الزيادة في ثمن العرض مقابل تأجيل دفعه بشرط أن يكون الأجل محددًا، ذكر ذلك صاحب المراسم بقوله:" وما علق بأجلين، وهو أن يقول بعتك هذه السلعة إلى عشرة أيام بدرهم وإلى شهرين بدرهمين، باطل لا ينعقد، وما علق بأجل واحد صحيح، ويلزم الشرط الذي يشترط المتبايعان في النسيئة، حتى لا يكون ضمان المال مدة الأجل على المبتاع "(1) وهذه وجهة نظر الزيدية أيضًا، فقد حكى صاحب الروض النضير عن الإمام زيد، أن بيع الشيء بأكثر من سعر يومه لأجل النساء جائز، بدليل أنه قد أثبت للمشتري الآخر الخيار في المرابحة فيمات لو اشترى رجل سلعة إلى أجل ثم باعها مرابحة، والمشتري لا يعلم أنه اشتراها إلى أجل ثم علم بعد ذلك، فله في هذه الحالة الخيار إن شاء أخذ وإن شاء رد، إذ لولا زيادة الثمن في شراء الأجل، لم يظهر لإثبات الخيار وجه (2)

وقد أكد صاحب الروضة الندية ذلك حيث قال: " إن بيع الشيء بأكثر من سعر يومه مؤجلًا ليس من الربا في ورد ولا صدر (لأن الربا زيادة أحد المتساويين على الآخر ولا تساوي بين الشيء وثمنه مع اختلاف جنسهما فلا يصح أن يكون تحريم هذه الصورة لكونها ربا "(3)

وبخصوص مسألة البيع بالتقسيط قال: لو تعاقد المتبايعان على أحد الأمرين – النقد أو النسيئة – في المجلس فهو صحيح لا خلاف فيه (4) . وهذه وجهة نظر الإباضية أيضًا، جاء في شرح النيل ما نصه:" وإن قطع المشتري للبائع بواحد مما ردد فيه البائع في حينه جاز "(5)

وقد دلل هؤلاء الفقهاء – رحمهم الله تعالى – على وجهة نظرهم هذه بما يلي:

1-

إن صورة البيع مدار البحث داخلة في عموم كثير من الآيات الطريقة التي تقضي بجواز هذه البيوع، منها قوله تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} . وهو نص عام يدل على جواز البيوع بأجمعها إلا التي ورد النص بتحريمها، فإنها تصبح حرامًا بالنص مستثناة من العموم، ولم يرد نص يقضي بتحريم جعل ثمنين للسلعة ثمن معجل وثمن مؤجل، فيكون حلالًا أخذًا من عموم الآية (6) .

ومنها قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} . وإن من أعمال التجارة البيع بالنسيئة، ولا بد من أن تكون له ثمرة، وتلك الثمرة داخلة في باب التجارة، وليست داخلة في باب الربا، والرضا ثابت، لأن البيع بالمؤجل طريق من طرق ترويج التجارة، فهو إجابة لرغبة وليس اضطرارًا، إذ قصد البائع من هذه الزيادة تلافي ما قد يصيب الدين من آفات، كما أن المشتري قد تسلم العين دون أن يدفع ثمنًا مقابلها في الحال، فهو قد تسلم عينًا مغلة منتفعًا بها وهي موضع اتجار، فما يأخذه البائع من زيادة في الثمن بسبب التأجيل، إنما يأخذ ثمن غلة (7)

(1) انظر: ص 174، والمراسم تأليف حمزة بن عبد العزيز الديليمي

(2)

انظر: 3/525

(3)

انظر: 2/101

(4)

انظر: 2/101

(5)

انظر: 8/129

(6)

الشوكاني في نيل الأوطار: 5/173، الدكتور محمد عقلة في بحثه حكم البيع بالتقسيط ص 173

(7)

الأستاذ عقلة في بحثه السابق أيضًا.

ص: 141

2-

واستدلوا ببعض الأحاديث والآثار المروية التي دلت على جواز جعل المدة عوضًا عن المال، وأن الزيادة في الثمن المؤجل جائزة، منها:

(أ) ما روي ((أن رسول الله صلى الله علية وسلم أمر عبد الله بن عمرو بن العاص أن يجهز جيشًا فكان يشتري البعير بالبعيرين إلى أجل)) (1) ، والدليل واضح هنا على جواز أخذ زيادة على الثمن نظير الأجل.

(ب) لقد سوغ الشارع صلى الله عليه وسلم جعل المدة عوضًا عن المال وذلك فيما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم ((لما أمر بإخراج بني النضير جاء ناس منهم إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقالوا: يا نبي الله إنك أمرت بإخراجنا ولنا على الناس ديون لم تحل فقال عليه الصلاة والسلام: (ضعوا وتعجلوا)) (2)

يقول السيّاغي بعد ذكره لهذه الرواية: " لما كان الوضع لأجل التعجيل ثبت أنه في مقابل عدم استيفاء مدة الأجل، فيكون تأخير الأجل في مقابل الزيادة في المال مثله سواء لا بأس به "(3)

3-

واستدل الجمهور بالمعقول أيضًا، حيث قالوا: إن الأصل في الأشياء والعقود والشروط الإباحة متى ما تمت برضا المتعاقدين الجائزي التصرف فيما تبايعا، وإلا ما ورد عن الشرع ما يبطله، ولما لم يرد دليل قطعي على تحريم البيع بالتقسيط، فيبقى على الأصل وهو الإباحة، ومن ادعى الحظر فعليه الدليل. بل قد ورد العكس من ذلك، فقد نص الشارع على الوفاء بالعهود والشروط والمواثيق، وإذا كان جنس الوفاء ورعاية العهد مأمورًا به، علم أن الأصل صحة العقود والشروط، إذ لا معنى للصحيح إلا ما ترتب عليه أثره وحصل به مقصوده، ومقصود العقد هو الوفاء به، فإذا كان الشارع قد أمر بمقصود العقود، دل على أن الأصل فيها الصحة والإباحة (4)

4-

ومن استدلالهم بالمعقول أيضًا، أن الزيادة لا تتعين عوضًا عن الزمان، بدليل أن بعض الناس قد يبيع سلعته بالأجل بأقل مما اشتراها به لقلة الطلب على البضاعة وللخوف من كسادها ورخصها، بل قد يضطر لبيعها أحيانًا بأقل من قيمتها الحقيقية بالآجل أو بالعاجل، فعلى هذا لا تتعين الزيادة للزمان، بل الزيادة في أكثر الأحيان غير متعنية (5)

5-

وفوق ذلك أن العقود في الشريعة الإسلامية ينظر إليها غير موازنة بغيرها، فالعقد مع تأجيل الثمن عقد قائم بذاته ينظر إليه من حيث سلامة العقد وليس فيه أي شائبة للربا من غير نظر إلى غيره من العقود الأخرى.

وهذه النظرة تجعل العقد صحيحًا بذاته، وكون البيع معجلًا بعقد آخر بثمن أقل لا يؤثر في العقد الأول، لأنها عقدان متغايران يتميز كل واحد منهما عن صاحبه (6)

(1) رواه أحمد وأبو داود والدارقطني.

(2)

رواه الحاكم في المستدرك وابن ماجه. انظر الروض النضير: 3/527

(3)

الروض النضير: 3/527

(4)

مجموعة فتاوى ابن تيمية: 29/ 126

(5)

الأستاذ أبو زهرة في مؤلفه الإمام زيد: ص 291

(6)

المصدر السابق أيضًا

ص: 142

مناقشة أدلة المانعين زيادة الثمن مقابل تأجيل دفعه:

أجاب الجمهور عن أدلة الفريق القائل: بعدم جواز زيادة ثمن السلعة مقابل تأجيله، وبالتالي يترتب على هذا القول، عدم جواز البيع بالتقسيط، بما يلي:

1-

إن قولهم هذا البيع يعتبر من قبيل الربا للزيادة في الثمن، يجاب عليه: أن الشارع صلى الله عليه وسلم نص فيما يحرم من الربا على الأجناس الستة، فبعض الفقهاء اقتصر عليها، وبعضهم ألحق بها غيرها مما يظن أنها داخلة تحت عموم العلة، وهي محل خلاف بين الفقهاء. والمسألة محل النزاع خارجة عن المنصوصة وعما ألحق بها قياسًا، إذ هي مفروضة في مبيع اختلف فيه الجنس والتقدير، وجوازه لا ينبغي أن يخالف فيه أحد الفريقين (1)

ومن هنا جاء اعتراض بعض فقهاء الزيدية على الترجمة للمسألة مدار البحث، إذ يرى المعترض أن الترجمة الصحيحة للمسألة هي:" لا يجوز بيع الشيء بأكثر من سعر يومه لأجل النساء بما اختلفا جنسًا وتقديرًا ". لأن ما اتفق فيه العوضان جنسًا مع التقدير أو الطعم أو القوت على خلاف الفقهاء في موضوع العلة، يحرم فيه التفاضل والنساء، وما اختلفا فيه كذلك يجوز فيه التفاضل والنساء (2)

والمسألة مدار البحث من القسم الثاني وهو موضوع اتفاق.

2-

أما الاحتجاج بآية الربا من حيث أنه لغةً الزيادة، والزيادة في الثمن لأجل النساء داخلة تحت هذا العموم فيسري عليها التحريم، فالجواب على هذا من عدة وجوه.

(أ) إن الزياة لا يكاد يخلو منها كل بيع، فالآية على هذا تصبح مجملة في تعيين الأنواع المحظورة، وقد بينتها السنة في الأشياء الستة المنصوصة، أو فيها وما ساواها في العلة، والمسألة محل النزاع خارجة عن كل منهما.

(ب) إن الزيادة المعتبرة ما كانت فرع الاشتراك في المزيد كالصاع بالصاعين، ولا يتحقق في مختلف الجنس والتقدير.

(ج) وأيضًا ليس للسعر استقرار كالتقدير بالكيل والوزن لما فيه من التفاوت بحسب الغلاء والرخص والرغبة وعدمها وداعي الحاجة وعدمه، فعلى هذا لا يصلح أصلًا ومناطًا يرجع إليه في تعليق الحكم به.

(د) إن الزيادة المحظورة في مقابلة المدة إنما منعها الشارع إذا كانت ابتداء كما كان عليه أمر الجاهلية في قولهم: (إما أن تقضي وإما أن تربي) . وأما إذا كانت تابعة للعقد كما في مسألتنا هذه فهو من البيوع المباحة ولو زاد على سعر يومه.

قال في المنار: " وليس هناك زيادة محققة إذ المجموع يقابل البدل الآخر وإنما جعل البدل أكثر لغرض هو تأخير الثمن، كما يفعل مثله لأي غرض من الأغراض العارضة ولا مساواة بينهما وبين ربا النسيئة التي استقل فيها رأس المال وانفصل عن الربا، ونظيره البيع بأقل من سعر سوقه، هل يقسم المبيع في ذلك إلى زيادة ومزيد عليه، ويقال: لم يقابل الزيادة شيء "(3)

(1) الروض النضير: 3/526

(2)

المصدر السابق أيضًا

(3)

الروض النضير: 3/527

ص: 143

3-

أما الاحتجاج بقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} ، فيجاب عليه: أن الرضا في البيع مدار البحث أمر لا ينكر (وهو باعث عليه وبمثله لا يصير البائع مكرها وإلا لزم مثله في كل بيع وشراء) ، إذ لابد من حامل له كحاجة المشتري إلى المبيع والبائع إلى الثمن والفرق بين الباعث والمكره ، أن الأول أمر متعلق بما يوجبه العقد من آثاره ،والثاني أمر متعلق بالعقد فقط إذ الإكراه إنما يتحقق على العقد ، والإكراه معارض للباعث. فمتى غلبه صار مغيِّرا للاختيار فيكون البيع لا عن فلا حكم له (1) .

4-

وأما استدلالهم بحديث النهي عن صفقتين في صفقة وتفسير سماك له بما يفيد منعه، فيجاب عنه: أن هذا الحديث يحتمل أكثر من تفسير، فكما يحتمل أن يكون المراد به أبيعك هذه السلعة بألف نقدًا، وبألفين نسيئة، يحتمل أن يراد به بعتك هذه الدابة على أن تبيعني عربتك بكذا مثلا أو أن يسلف دينارا في قفيز حنطة إلى شهر فلما حلّ الأجل وطالبه بالحنطة قال بعني القفيز الذي لك عليّ إلى شهرين بقفيزين فصار بيعتين في بيعة، واحتمال الحديث لتفسير خارج عن محل النزاع يقدم في الاستدلال به على المتنازع فيه.

على أن غاية ما في الحديث من دلالة هو المنع من البيع إذا وقع على صورة أبيعك نقدًا بكذا ونسيئة بكذا، لا إذا تم البيع نسيئة من أول العقد وكان أكثر من سعر يومه، مع أن المتمسكين بهذه الرواية يمنعون من هذه الصورة ولا يدل الحديث على ذلك، فالدليل أخص من الدعوى.

ومن جهة أخرى، فالنهي في الحديث محلّه فيما إذا قبل المشتري على الإبهام دون أن يعين أحد الثمنين، أما لو قال قبلت بألف نقدًا أو بألفين نسيئة صح ذلك (2) .

أما استدلالهم بقوله صلى الله عليه وسلم ((من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا)) . وأنه يفيد أن من باع بثمن مؤجل أكثر من الثمن الحالّ فعليه أن يأخذ بالأقل منهما، وإلا دخل في الربا المحرم، فجوابه: أن في إسناده محمد بن عمرو بن علقمة وقد تكلم فيه غير واحد، والمشهور عنه أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة (3)

ومن جهة أخرى، فإن ابن القيم قد فسر الحديث بأن يبيع الرجل السلعة بمائة مؤجلة ثم يشتريها منه بمائتين حالّة، فإن أخذ بالثمن الزائد أخذ بالربا، وإن أخذ بالناقص أخذ بأوكسهما وهو من أعظم الذرائع إلى الربا. وأنه لا يعني النهي عن البيع بخمسين حالّة أو بمائة مؤجلة، فهي ليست قمارًا ولا جهالة ولا غررًا ولا شيئًا من المفاسد، فإن خُيِّر المشتري بين أي الثمنين شاء، وليس هذا بأبعد من تخييره بعد البيع بين الأخذ والإمضاء ثلاثة أيام (4)

(1) المصدر السابق أيضًا

(2)

الشوكاني في نيل الأوطار: 5/249

(3)

انظر المصدر السابق أيضًا

(4)

أعلام الموقعين: 2/149

ص: 144

الرأي المختار:

بعد هذا العرض لرأي الفريقين في مسألة البيع بالتقسيط ومناقشة أدلة القائلين بعدم صحة هذا البيع، يترجح لنا رأي الجمهور القائلين بجوازه لقوة أدلتهم من جهة ولوجاهة رأيهم من جهة أخرى، إذ المصلحة تقضي بالأخذ برأيهم، فمن المعروف أن كثيرًا من الناس يتعذر عليه شراء بعض السلع لا سيما ذات الأسعار العالية إلا عن هذا الطريق، فلو أخذنا برأي القائلين بالمنع، لألحقنا الضرر بفئة كبيرة من المجتمع وهم أصحاب الدخل المحدود، وربما تكون هي الفئة الغالبة فيه، فمن الأولى أن نجيز مثل هذا التعامل دفعًا للحرج عنهم ولتذليل سبل العيش أمامهم. والله أعلم.

تحديد الأجل شرط لجواز البيع بالتقسيط:

إن القائلين بجواز البيع بالتقسيط من الفقهاء – رحمهم الله تعالى – اشترطوا لجوازه أن يكون دفع القسط محدد الوقت ومعلومًا عند المتعاقدين، لأن جهالة الوقت تفضي إلى المنازعة، فيفسد البيع. قال الكاساني: اشترط في البيع المؤجل الثمن، أن يكون الأجل فيه معلومًا، لأن جهالته تفسد البيع، سواء كانت الجهالة فاحشة كهبوب الريح ومطر السماء مثلًا، أو متقاربة كالحصاد والدياس وقدوم الحاجّ. وذكر، أن العقد لو تم بثمن دين إلى أجل مجهول جهالة متقاربة، ثم أبطل المشتري الأجل قبل محله وقبل أن يفسخ العقد بينهما لأجل الفساد جاز العقد عند أبي حنيفة والصاحبين، وعند زفر لا يجوز.

ولو مضى العاقدان في العقد ولم يبطل المشتري الأجل حتى حل وأخذ الناس في الحصاد ثم أبطله، لا يجوز العقد باتفاق أئمة المذهب.

ولو أن الجهالة في الأجل كانت فاحشة فأبطل المشتري الأجل قبل الافتراق من المجلس ونقد الثمن، جاز البيع عند الإمام وصاحبيه، وعند زفر لا يجوز، ولو افترق المتعاقدان قبل إبطال الأجل، لا يجوز باتفاق فقهاء المذهب (1)

وبفساد العقد عند جهالة موعد تسديد الثمن قال المالكية أيضًا، فقد عد الدردير من جملة البيوع الفاسدة ما لو اشترى شيئًا بنقد كذا وأجل ثمنه لحين ولادة الجنين الذي في بطن ناقته (2) . وهذه وجهة نظر الشافعية أيضًا (3) . وبه قال الحنابلة، ذكر ذلك ابن قدامة عند كلامه عن شرط الخيار إلى مدة مجهولة كقدوم زيد أو هبوب ريح ونحو ذلك (4) وتأجيل دفع الثمن لمثل ما ذكرنا يفسد العقد للجهالة أيضًا.

وحكى صاحب الروض النضير عن الزيدية مثل هذا الرأي، حيث نقل عن زيد بن على عن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنه أنه قال:"لا يجوز البيع إلى أجل لا يعرف " وقال في موضع آخر: لا يجوز البيع إلى الحصاد ولا إلى الدياس للعلة نفسها (5) . وإلى هذا ذهب الإمامية (6) والإباضية (7) . والظاهرية.

فعلى هذا يكون الاتفاق قد حصل بين القائلين بجواز البيع بالتقسيط بوجوب تحديد الأجل بوقت يتفق عليه الطرفان، وأن لا يكون الأجل مجهولًا كهبوب الريح ونزول المطر وما أشبه ذلك.

(1) البدائع: 7/3092

(2)

انظر الشرح الكبير: 3/57

(3)

انظر روضة الطالبين: 3/396

(4)

انظر المغني: 3/501

(5)

انظر: 3/519

(6)

الديلمي في المراسم: ص 174

(7)

انظر شرح النيل: 9/45

ص: 145

رأي القانون في البيع بالتقسيط:

وكما أجاز جمهور الفقهاء البيع بالتقسيط والزيادة في الثمن مقابل تأجيله، أجازه رجال القانون أيضًا.

فقد جاء في المادة (245) من مجلة الأحكام العدلية، أن البيع مع تأجيل الثمن وتقسيط صحيح (1)

وقد ذكر المرحوم منير القاضي في شرحه للمجلة أن الثمن الحالّ ما يجب أداؤه عقب إبرام العقد، والأصل في الثمن أن يكون حالًّا ولهذا لو أطلق العقد ولم يذكر فيه تعجيل الثمن أو تأجيله، يكون حالًّا إلا إذا كان العرف يقضي بخلاف ذلك فيصار إليه. والمؤجل (ما يتأخر وجوب أدائه زمنًا معينًا) . ولا يتأجل الثمن إلا إذا نص عليه في العقد أو بعده أو قضى العرف بذلك.

أما المقسّط فهو ما اتفق على أدائه بصورة دفعات في أوقات محدودة.

ولو اشترط البائع على المشتري عند العقد، أنه إذا تأخر عن دفع أي قسط، فإن الأقساط الأخرى تحل، صح الشرط، ووجب العمل به. وإذا لم يشترط ذلك وتأخر المشتري عن أداء قسط في موعده لاتحل بقية الأقساط.

وكذا أجاز المقنن العراقي تأجيل ثمن المبيع بشرط أن يكون الأجل معلومًا، كما أجاز للمتعاقدين أن يتفقا على تقسيطه بأقساط معلومة تدفع في مواعيد معينة، وأجاز الاشتراط في العقد على أن المشتري إذا أخل بالتزامه في تسديد أقساط الثمن في موعدها المحدد، فإنه ملزم بتسديد جميع الثمن، بذلك قضت الفقرة (1) من المادة (574) من القانون المدني. والتي نصت على ما يلي:(1- يصح البيع بثمن حالّ أو مؤجل إلى أجل معلوم، ويجوز اشتراط تقسيط الثمن إلى أقساط معلومة تدفع في مواعيد معينة، كما يجوز الاشتراط بأنه إن لم يوف القسط في ميعاده يتعجل كل الثمن) .

والمرحوم الأستاذ السنهوري قد وافق الجمهور أيضًا في المسألة مدار البحث فقد نص في الوسيط على ما يلي: (يقع كثيرًا أن يبيع شخص عينًا بثمن مقسط. . . وأكثر ما يقع ذلك في بيع السيارات والآلات الميكانيكية. . .وفي بيع المحلات التجارية والأراضي والدور. . . فيجمع إلى أصل الثمن فوائده، ويقسم المجموع أقساطًا على عدد الشهور أو السنين، إذا وفّاها المشتري جميعها خلصت له ملكية المبيع)(2)

أفاد النص المذكور جواز إضافة فوائد على الثمن الحال عند تأجيله، وتضاف الفوائد على أصل الثمن ويقسم المجموع أقساطًا على عدد الشهور أو السنين.

وإذا كانت الفوائد هي ما تستعمله القوانين الوضعية من اصطلاح للتعبير عن الفرق بين الثمن المعجل والمؤجل بسبب إقرارها لمبدأ الفائدة الربوية، فإن ما يقابل ذلك في اصطلاح الشرع هو زيادة الثمن بالنسيئة عنه في النقد مقابل الأجل. ومن هنا يتضح لنا أن القانون يوافق الشرع في أصل الفكرة وهي زيادة الثمن نظير الأجل، وإن كان الشرع لا يوافق القانون في التسمية والحكم (3) .

(1) ومجلة الأحكام العدلية هي القانون المدني المعمول به سابقًا في بعض الأقطار الإسلامية.

(2)

4/172

(3)

الأستاذ محمد عقلة في بحثه السابق حكم البيع بالتقسيط

ص: 146

شروط صحة العقد بالأجل أو التقسيط في القانون:

حذا المقنن في المجلة حذو فقهاء المسلمين عند اشتراطه لصحة البيع بالأجل أو التقسيط تحديد مدة الأجل، وإذا أبرم العقد بدون ذكر مدة، ففي هذه الحالة تكون المدة شهرًا واحدًا، فتصبح مدة التأجيل بهذه الصورة معلومة. أما إذا ذكر للأجل مدة مجهولة، فالبيع فاسد، بذلك قضت المادة (249) من المجلة والتي نصت على ما يلي:(إذا باع نسيئة بدون بيان مدة تنصرف المدة إلى شهر واحد فقط) . وقد ذكر المرحوم منير القاضي عند شرحه لهذه المادة، أن الجهالة في الأجل على نوعين، يسيرة متقاربة، أو فاحشة متفاوتة، والمتقاربة على حد قوله، إن الأجل فيها معلوم ولكن تعيين حلوله فيها مجهول ، أو بعبارة أخرى (أن لا يمكن حصول الأجل في أي زمن بعد العقد، بل له وقت محدود معلوم كالتأجيل إلى الحصاد) . فالحصاد لا يحصل في كل الأوقات بل في مدة من الزمن محدودة يتردد وقوعه بين أولها وآخرها. أما المتفاوتة فالأجل فيها مجهول، وبعبارة أخرى (ما يمكن حصوله في كل وقت بعد العقد) . وذلك كالتأجيل بهبوب الريح وأمطار السماء (1)

ويجنح الأستاذ إلى القول: إن الجهالة اليسيرة لا تفسد العقد بخلاف الفاحشة فإنها تفسده إلا إذا ألغي التأجيل بها في مجلس العقد وقبل أن يفترق المتعاقدان.

والأستاذ في رأيه هذا يخالف رأي جمهور الفقهاء الذين لم يفرقوا بين فساد العقد بالجهالة اليسيرة أو الفاحشة إذا ذكرت في صلب العقد كما تبين لنا ذلك من خلال ما حكيناه عنهم.

ويمضي المرحوم القاضي في قوله: إذا حصل التأجيل بعد العقد فإن كانت مدة دفع الثمن مجهولة جهالة يسيرة فلا يضر ويعتبر، أما لو كانت فاحشة، فلا يعتبر التأجيل ولا يختل العقد، والظاهر من إطلاق المجلة كما يقول الأستاذ الجري على هذا الرأي، حيث إن المادة (248) التي عالج المقنن فيها هذه المسألة لم تفصل، بل جاءت مطلقة حيث نصت على ما يلي:(تأجيل الثمن إلى مدة غير معينة كإمطار السماء يكون مفسدًا للبيع) .

(1) انظر شرح المجلة للأستاذ القاضي 1/281

ص: 147

وبخصوص بداية الأجل، فإن المدة تبتدئ من وقت تسليم المبيع إن لم يحدد لبدايتها أو نهايتها تاريخ معين كأن يقول إلى شهر أو سنة، وذلك بغية إعطاء المشتري الفرصة الكافية ليحصل على الفائدة المرجوة من التأجيل، وهو الانتفاع بالمبيع في مدة الأجل، فإن تأخر البائع عن تسليم المبيع طول المدة المذكورة لسبب ما فللمشتري حق التأجيل لمدة أخرى تبتدئ عقب التسليم.

أما لو تعذر التسليم بسبب من جهة المشتري كامتناعه من التسلم، فالمدة تحتسب عندئذ من وقت الامتناع دفعًا للضرر.

ولو أن المتعاقدين قد حددا للمدة بداية ونهاية، كأن يقول البائع لصاحبه: بعتك هذه العربة بألف دينار إلى شهر يبتدئ من كذا أو ينتهي بيوم كذا أو إلى عيد الفطر المقبل أو نحو ذلك، فمتى حلّ الأجل وجب أداء الثمن، سواء قبض المشتري المبيع أم لا، وسواء كان المتسبب في عدم القبض هو البائع أو هو المشتري، لأن المدة متى تعينت فليس له غيرها. والأجل يحلّ بأحد أمرين، إما بانتهاء المدة على الوجه المذكور أو بموت المشتري (1)

وحذا المقنن العراقي حذو المجلة عندما اعتبر ابتداء مدة الأجل والقسط في عقد البيع من وقت تسليم المبيع، وذلك بموجب الفقرة (2) من المادة (574) من القانون المدني التي نصت على ما يلي:

(2- ويعتبر ابتداء مدة الأجل والقسط المذكورين في عقد البيع من وقت تسليم المبيع ما لم يتفق على غير ذلك) .

وما جاء في المجلة والقانون المدني العراقي بخصوص تحديد مواعيد للأقساط معلومة لدى المتعاقدين وعند عدم دفع القسط في ميعاده، يجب تعجيل كل الثمن واعتبار ابتداء المدة من وقت تسليم المبيع، يتفق مع وجهة نظر الفقهاء، كما رأينا.

والله أعلم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

(1) انظر شرح المجلة أيضًا: 1/283.

ص: 148

خلاصة البحث

التقسيط: بعني تأجيل أداء الدين مفرّقًا إلى أوقات معينة.

مظانّ مسألة بيع التقسيط في الفقه الإسلامي:

إن أصل مسألة بيع التقسيط يرد في كتب الفقه تحت عنوان (البيوع الفاسدة أو البيوع المنهي عنها، أو في باب بيوع الآجال) ، وقد استدل الفقهاء على فساد بعض البيوع بما صح لديهم من الآثار الواردة بهذا الخصوص.

ومن أجل الوقف على معرفة رأيهم في هذا البيع، يجدر بنا أن نتلمس مظانّ بيع التقسيط في الأحاديث النبوية الشريفة التي لها صلة بهذا البيع، لنقف على الدليل الذي استندوا عليه في تحريمهم لمثل هذه البيوع، وما إذا كان هذا النوع من البيوع يدخل ضمن هذه الآثار أم لا؟

أولًا – النهي عن شرطين في بيع: ومن الآثار الواردة عن النهي لهذا البيع حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك)) . وقد اختلف شرّاح الحديث في صورة هذا البيع، وقد اخترت التفسير الذي يعني: أن يشترط البائع حقوق البيع ويشترط شيئًا خارجًا منها، كأن يشترط لقاء المبيع أن يهبه شيئًا أو أن يشفع له إلى فلان، ونحو ذلك فهذان شرطان في صفقة واحدة.

ثانيًا – النهي عن بيعتين في بيعة: ومن الآثار الواردة عن النهي لهذا البيع حديث سماك الذي قال فيه: ((نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة، قال سماك: هو الرجل يبيع البيع فيقول هو بنسأ بكذا، وهو بنقد بكذا وكذا)) .

وقد فسر الشرّاح الحديث بتفاسير عديدة، وأوجه التفاسير عندي هو تفسير سماك راوي الحديث. وهذه الصورة هي الأساس لبيع التقسيط.

ص: 149

تفسير الفقهاء لحديث البيعتين في بيعته:

اتفق الفقهاء على تفسير هذا البيع الوارد في الحديث بما فسره بعض شراح الحديث، من أن صورته أن يقول البائع للطرف المقابل: أبيعك هذه السلعة بالثمن الحالّ بكذا وبالنسيئة بكذا. وعلّة النهي عن هذا البيع: هي:

(أ) الجهالة بالثمن، وهذا يتحقق فيما إذا افترق المتعاقدان دون أن يحدد أحد البيعتين وثمن المبيع المتعاقد عليه، فأشبه من هذه الناحية البيع بالرقم المجهول.

(ب) عدم الجزم في بيع واحد، فأشبه ما لو قال: بعتك هذا أو هذا.

(ج) ولأن أحد العوضين غير معين ولا معلوم.

وحكم البيع بالصيغة المذكورة، البطلان، أعني بها صورة عدم الجزم ببيع معين وينفض المجلس دون أن يحدد المتعاقدان نوعًا معينًا من البيع.

حكم الزيادة في الثمن نظير الأجل

لو انصرفت إرادة المتعاقدين إلى بيع معين مما ورد في الإيجاب، وقد اتفقا على الزيادة لقاء تأخير الثمن، سواء اتفق على دفعه مرة واحدة في المستقبل أو على دفعات، وقد تم ذلك بقبول الموجه إليه العرض إحدى الصفقتين، فيكون هذا بمثابة الإيجاب من المشتري فإذا اقترن ذلك بقبول البائع، فهل يتم العقد عندئذ وهل يصح الاعتياض عن الأجل بالمال؟

للفقهاء رأيان في المسألة:

1-

ذهب أصحاب الرأي الأول إلى القول: إن الزيادة في الثمن نظير الأجل، كالزيادة في الدين نظير الأجل، فكما أن الزيادة الأخيرة تعتبر ربا كذلك الأولى. هذه وجهة نظر زين العابدين علي بن الحسين والهادوية والإمام يحيى وأبو بكر الجصاص

. وقد استدل أصحاب هذا الرأي بأدلة من الكتاب والسنة والقياس والمعقول.

(أ) فمن الكتاب عموم قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} ، فالآية أفادت تحريم البيوع التي يؤخذ فيها زيادة مقابل الأجل، لدخولها في عموم كلمة الربا وهي تفيد الإباحة في قوله تعالى:{إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} . فإن كل العقود الربوية مقيدة لهذه الإباحة.

(ب) واستدلوا بالروايات التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم في نهيه عن بيعتين في بيعة والتي فصلنا الكلام فيها مسبقًا.

(ج) قاس أصحاب هذا الرأي زيادة الثمن مقابل زيادة المدة على إنقاص الدين عن المدين مقابل تعجيل الدفع فلا فرق بين أن تقول سدد الدين أو تزد في نظير للأجل وأن تبيع بزيادة في الثمن لأجل التأجيل، فالمعنى فيهما جميعًا أن الأجل له عوض، وهو بمعنى الربا.

ص: 150

(د) أن هذه الزيادة بسبب الأجل، والزيادة لهذا السبب خالية عن العوض فتنطبق عليها كلمة الربا الذي يعني الزيادة بدون عوض فتندرج تحت التحريم.

الرأي الثاني، وهو رأي الجمهور، وقد أجازوا فيه الزيادة في ثمن العرض مقابل تأجيل دفعه، فعلى هذا تصح على رأيهم صورة البيع مدار البحث وذلك عند انصراف إرادة المتعاقدين إلى صيغة معينة من البيعتين وهي صيغة زيادة ثمن السلعة مقابل تأجيل دفع ثمنها على أن يكون الدفع على وجبات يتفق عليها الطرفان عند إبرام العقد، وهذه وجهة نظر المالكية والشافعية والحنفية والحنابلة والزيدية والإمامية والإباضية.

ومن أدلة الجمهور على جواز هذا البيع:

(أ) أن صورة البيع مدار البحث داخلة في عموم كثير من الآيات الكريمة التي تقضي بجواز هذه البيوع، منها قوله تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} . وقوله تعالى {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} .

(ب) واستدلوا ببعض الأحاديث والآثار المروية التي دلت على جواز جعل المدة عوضًا عن المال وأن الزيادة في الثمن المؤجل جائزة. منها: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمرو بن العاص أن يجهز جيشًا فكان يشتري البعير بالبعيرين إلى أجل)) . ومنها، أن النبي عليه الصلاة والسلام لما أمر بإخراج بني النضير، جاء ناس منهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا نبي الله إنك أمرت بإخراجنا، ولنا على الناس ديون لم تحل، فقال لهم صلى الله عليه وسلم:((ضعوا وتعجلوا)) .

(ج) واستدلوا كذلك بالمعقول، حيث قالوا: إن الزيادة لا تتعين عوضًا عن الزمان بدليل أن بعض الناس قد يبيع سلعته بالأجل بأقل مما اشتراها به لقلة الطلب على البضاعة وللخوف من كسادها ورخصها.

وقالوا أيضًا: إن الأصل في الأشياء والعقود والشروط الإباحة متى تمت برضا المتعاقدين الجائزي التصرف فيما تبايعا إلا ما ورد عن الشرع ما يبطله، ولما لم يرد دليل قطعي على تحريم البيع بالتقسيط، فيبقى على الأصل وهو الإباحة، ومن ادعى الحظر فعلية الدليل.

وقد أجاب الجمهور على أدلة القائلين بعدم جواز الزيادة في الثمن مقابل الأجل بأجوبة مقنعة فصلتها في البحث، مما دعاني لترجيح مذهبهم.

وجوب تحديد الأجل عند البيع بالتقسيط:

حصل الاتفاق بين القائلين بجواز البيع بالتقسيط بوجوب تحديد الأجل بوقت يتفق عليه المتعاقدان وأن لا يكون الأجل مجهولًا كهبوب الريح ونزول المطر وما أشبه ذلك.

هذا وإن رجال القانون قد نحوا منحى جمهور الفقهاء عندما أجازوا البيع بالتقسيط والزيادة في الثمن مقابل تأجيله. والله أعلم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الدكتور إبراهيم فاضل الدبو

ص: 151

أهم مراجع البحث

بعد القرآن الكريم:

1-

سنن أبي داود – للإمام سليمان بن الأشعث بن إسحاق الإزدي السجستاني، المتوفي سنة 275 هـ. طبع بمطبعة البابي الحلبي 1371 هـ – 1952 م.

2-

سنن ابن ماجه – أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني، المتوفى سنة 275 هـ.

3-

نبيل الأوطار – للشوكاني محمد بن على بن محمد، المتوفى سنة 1250 هـ. مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، الطبعة الثالثة 1380هـ 1961م.

4-

بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع – لعلاء الدين أبي بكر بن مسعود الكساني، المتوفي 587هـ ، مطبعة الإمام بالقاهرة.

5-

الدر المختار شرح تنوير الأبصار – للشيخ علاء الدين الحصكفي، المتوفى سنة 1088 هـ. مطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر، 1386 هـ – 1966 م.

6-

رد المحتار على الدر المختار – للشيخ محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز الدمشقي، الشهير بابن عابدين، المتوفى سنة 1252 هـ. طبع مع الدر المختار.

7-

المهذب – لأبي إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروز أبادي الشيرازي، المتوفى سنة 476 هـ. مطبعة عيسى البابي الحلبي، بمصر.

8-

مغني المحتاج إلى معاني ألفاظ المنهاج – للشيخ محمد بن أحمد الشربيني الخطيب، المتوفى سنة 977هـ. مطبعة مصطفى البابي الحلبي، سنة 1377 هـ – 1958 م.

9-

شرح الخرشي على مختصر سيدي خليل – لأبي عبد الله محمد الخرشي، المتوفى سنة 1101هـ. المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق- مصر، الطبعة الثانية 1317 هـ، ومعه حاشية الشيخ العدوي.

10-

الشرح الكبير – لأبي البركات أحمد بن محمد الشهير بالدردير، المتوفى سنة 1201 هـ. مطبعة عيسى البابي الحلبي.

11-

حاشية الدسوقي – للشيخ محمد عرفة الدسوقي، والمطبوع مع الشرح الكبير.

12-

المغني – لابن قدامة: أبي محمد عبد الله أحمد بن محمد بن قدامة، المتوفى سنة 620 هـ، على مختصر أبي القاسم عمر بن حسين بن عبد الله أحمد الخرقي المتوفى سنة 334 هـ. مطابع سجل العرب.

13-

منتهى الإرادات – لابن النجار تقي الدين محمد بن أحمد الفتوحي الحنبلي، المتوفى سنة 972 هـ. عالم الكتب.

14-

الفتاوى الكبرى لابن تيمية – أحمد بن عبد الحليم أبي العباس تقي الدين بن تيمية، الإمام المتوفى سنة 728 هـ دار الكتب الحديثة، 14 شارع الجمهورية، مطبعة دار الجهاد، القاهرة 1385 هـ – 1965 م.

ص: 152

15-

مجموع الفتاوى – لابن تيمية أيضًا. الطبعة الأولى، مطابع الرياض – السعودية.

16-

المحلي – للإمام ابن محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، المتوفى سنة 456 هـ. منشورات المكتب التجاري للطباعة والتوزيع – بيروت.

17-

أحكام القرآن – لأبي بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص. تحقيق محمد الصادق قمحاوي، الناشر: دار المصحف، شركة مكتبة ومطبعة عبد الرحمن محمد، القاهرة، الطبعة الثانية.

18-

شرح النيل وشفاء العليل – للعلامة محمد بن يوسف أطفيش. مكتبة الإرشاد بجدة- المملكة العربية السعودية، الطبعة الثانية.

19-

البحر الزخام الجامع لمذهب علماء الأمصار – للإمام المهدي لدين الله أحمد بن يحيى بن المرتضى، المتوفى 804 هـ. مطبعة السنة المحمدية بمصر، 1368 هـ – 1949 م.

20-

لسان العرب – لأبي الفضل جمال الدين محمد مكرم بن منظور الإفريقي، المتوفي سنة 711 هـ. دار بيروت للطباعة.

21-

شرح المجلة – للأستاذ منير القاضي. الطبعة الأولى مطبعة العاني ببغداد 1949 م.

22-

الروض النضير شرح مجموع الفقة الكبير – للعلامة شرف الدين الحسين بن أحمد السياغي. مكتبة المؤيد بالطائف – السعودية، الطبعة الثانية 1968 م.

23-

المراسم في الفقه الإمامي – تأليف حمزة بن عبد العزيز الديلمي. تحقيق محمود البستاني، دار الزهراء للطباعة والنشر – بيروت.

24-

الروضة الندية شرح الدرر البهية – للعلامة أبي الطيب صديق بن حسن بن على الحسيني القنوجي البخاري – دار الندوة الجديدة بيروت، الطبعة الأولى، سنة 1404هـ- 1984 م.

25-

الإمام زيد – تأليف محمد أبو زهرة. دار الفكر العربي، شارع بور سعيد – القاهرة.

26-

الوسيط – للأستاذ المرحوم السنهوري.

27-

متن القانون المدني العراقي.

28-

حكم بيع التقسيط في الشريعة والقانون بحث منشور في مجلة الشرعية والدراسات الإسلامية التي تصدر عن جامعة الكويت. تأليف الدكتور محمد عقلة الإبراهيم.

ص: 153