الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحكام نقل الخصيتين والمبيضين وأحكام
نقل أعضاء الجنين الناقص الخلقة
في الشريعة الإسلامية
إعداد
فضيلة الدكتور خالد رشيد الجميلي
أستاذ الفقه المقارن
بكلية الشريعة – جامعة بغداد
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد اطلعت على بحوث الأساتذة الأجلاء التي أرسلت إلينا فوجدتها بحوثاً طبية شرعية تدل والحمد لله على استقامة كاتبيها وهذا بفضل الله تعالى تم بفضل الوعي الإسلامي المقدس الذي اهتدى بهداه الأطباء المكرمون في دولة الكويت الغراء وكذلك المشاركون معهم فجزاهم الله تعالى أزكى الجزاء عن خدمة الشريعة الإسلامية السمحاء. وقد رأيت الضرورة تلجئني إلى الحديث عن حكم عموم نقل الأعضاء من شخص إلى شخص في الشريعة الإسلامية ثم الإتيان بحكم نقل الأنثيين والمبيضين وحكم نقل أعضاء الجنين الناقص دماغاً وحكم نقل الخلايا الدماغية لأن هذا فرع وحكم عموم نقل الأعضاء أصل وقد قسمنا مبحثنا إلى الفقرات الآتية:
ا - حكم نقل العضو الاصطناعي:
إذا اضطر المريض إلى إدخال العضو الاصطناعي داخل الجسم سواء أكان قلباً اصطناعياً أو صماماً أو أمعاء أو أي غدة ينوب منابها شيء مصنع ويقوم بعملها كعوض مادة البنكرياس أو الأذن الداخلية أو أي شيء آخر، فإن ذلك يتم بالجواز الشرعي اذا كان العضو طاهراً إن شاء الله تعالى لأن هذا من التطبب والمداواة وحكم التطبب جائز شرعاً، بل ربما يكون فرضاً وبمقتضى قوله تعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [سورة النساء: الآية 29]، وبمقتضى قوله تعالى:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [سورة البقرة: الآية 195] ، وترك التداوي إذا كان يفضي إلى الموت كان حكم التارك كالمتسبب في قتل نفسه.
قد ثبت في الحديث الشريف عن أسامة بن شريك: أنهم قالوا يا رسول الله هل علينا جناح أن لا نتداوى؟ قال: "تداووا عباد الله، فإن الله سبحانه لم يضع داء إلا وضع معه شفاء إلا الهرم "(1) وحكم زرع العضو الاصطناعي متسم بالوجوب بناء على تقرير الأطباء المختصين المتسمين بالاستقامة في الحياة لأن الطبيب المختص إذا كان غير مستقيم فضل عليه الطبيب المختص المستقيم إذ الاستقامة دليل الأمانة.
(1) أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي، وانظر الطب النبوي لابن قيم الجوزية: ص 8.
2 -
العضو غير الطاهر:
إذا أدخل عضو ليس بطاهر في الجسم فلا يمكن الإفتاء بالجواز إلا إذا تخطى حكمين:
الأول: حكم إباحة وجود النجاسة في الجسم وإباحة الصلاة معها.
الثاني: حكم إباحة بيع النجاسات شرعاً.
فإذا صدرت الفتوى بجواز الصلاة مع وجود العضو النجس في الجسم وإذا صدرت فتوى بيع وشراء ذلك الشيء النجس كان حكم استعمال الشيئ غير الطاهر جائزاً وإلا فلا.
أما جواز الصلاة مع وجود ذلك الشيء النجس في الجسم فهذا لا يجوز إلا عند الضرورة والحاجة لأن الضرورات تبيح المحظورات والحاجة تنزل منزلة الضرورة في الشريعة الإسلامية، وقد دلت الآيات القرآنية التي استنبط منها الفقهاء أحكام الضرورة على أن الضرورات الخمسة يجب حفظها وكل حكم لو لم يأخذ المسلم به لهلكت تلك الضرورة كان الأخذ به واجباً أو جائزاً حسب ظرف المضطر فالجائعون في الصحراء، قد يجب على أحدهم أن يأكل من لحم الخنزير أو يشرب الخمر وقد يكون ذلك مباحاً بالنسبة لصاحبه لأن الضرورة حكم استثنائي ليس خاضعاً إلى الفقيه في إصدار الفتوى، بل هو خاضع إلى ظرف المضطر الذي يقدر ضرورته قال تعالى:{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [سورة البقرة: الآية 173] .
{فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [سورة المائدة: الآية 3]، وقوله تعالى:{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [سورة النمل: الآية 180] . وقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [سورة الأنعام: الآية 145] .
وبناء على هذا فإن الضرورة إذا اقتضت استعمال عضو غير طاهر كان ذلك جائزاً شرعاً والحكم فيه حكم التداوي بالمحرمات ولا يجوز التداوي بالمحرمات إلا إذا اقتضت الضرورة القصوى ذلك وانتفى وجود غير الدواء المحرم شرعاً وهذا الحكم يمكن أن يتغير زماناً أو مكاناً لأنه يدور مع العلة وجوداً وعدماً إذ إن الإفتاء بجواز التداوي بدواء معين وهو محرم شرعاً أو الإفتاء بجواز استعمال العضو غير الطاهر بالجسم لا يجوز إذا اكتشف بعد حين دواء ينوب مناب ذلك الدواء المحرم شرعاً والجائز استعماله بمقتضى الضرورة يكون استعماله حراماً شرعاً إذا زالت الضرورة وهكذا دواليك في حرمة استعمال العضو غير الطاهر إذا ناب منابه عضو طاهر، ولهذا قلنا إن هذا الحكم متعلق وجوده وعدمه في العلة وقد اقتضت الضرورة جواز الصلاة مع وجود النجاسة على الجسم في بعض المسائل منها جواز الصلاة في الثوب الملطخ بطين الشارع مع احتمال كونه نجساً وقتها وجواز الصلاة مع النجاسة الغليظة على العورة عند من لم يبح كشفها ضرورة والنجاسة المخففة غير مبطلة للصلاة ما لم تبلغ أكثر من ربع الثوب أو ربع البدن والمبيح لذلك هو الضرورة ولهذا جاز قياس حكم زرع العضو غير الطاهر في الجسم على حكم النجاسة المعفو عنها بمقتضى الضرورة والحاجة، ولا فرق بين العضو الاصطناعي إذا غاب في الجسم أو إذا أظهر بعضه لأن الأول يقاس على النجاسة المستمرة في المعدة والثاني يقاس على النجاسة الظاهرة المباحة بسبب الضرورة وقد نقل الفقيه الكاساني جواز الصلاة مع وجود النجاسة الغليظة إذا كانت بقدر الدرهم (1) وحيث ان ما يحل الانتفاع به جاز بيعه عند أبي حنيفة وان كان نجساً إلا الخنزير، فقد جاز بيع وشراء العضو النجس إذا اقتضت الضرورة استعماله ولعل مقتضى الضرورة لا يعد هذا الحكم مخالفاً لقوله صلى الله عليه وسلم:((إن الله اذا حرم على قوم كل شيء حرم عليهم ثمنه)) (2) وقد أبيح بيع كلب الصيد المتخذ للحراسة وبيع السرجين بسبب الانتفاع به وحجتهم في ذلك ما روي عن جابر: ((نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب إلا كلب الصيد)) (3)
(1) انظر بدائع الصنائع، للكاساني: 1 /258- 259.
(2)
رواه أحمد وأبو داود، وانظر نيل الأوطار: 5/ 160 - 161.
(3)
رواه النسائي، وانظر نيل الأوطار: 5/163.
قال الكاساني: ولا نعقد بيع جلد الخنزير كيف ما كان لأنه نجس العين بجميع أجزائه وقيل ان جلده لا يحتمل الدباغ، وأما عظم الميتة وعصبها وشعرها وصوفها ووبرها وريشها وخفها وظلفها وحافرها يجوز بيعها والانتفاع بها عندنا (1)
3 -
حكم نقل أعضاء من الحيوان إلى الإنسان:
ثبت عن الإمام مالك طهارة الحيوان ما دام حياً وإلى هذا ذهب أبو حنيفة باستثناء الخنزير وأضاف الإمام الشافعي وأحمد بن حنبل الكلب إذ هو باق على نجاسته والحيوان البري الذي يباح أكله يعد حياً إذا مات حتف أنفه دون تذكية، وقال أبو حنيفة بطهارة العظم والقرن والسن وإن مات الحيوان بلا تذكية وإذا ذكي الحيوان الذي لا يؤكل تثبت طهارته عند أبي حنيفة وهو على نجاسته عند الجمهور ويعني بالطهارة طهارة العظم والقرن والسن لأن باقي الأجزاء لا تؤكل فلا تطهر بالتذكية عند كافة الفقهاء وإذا فصل العضو عن الحيوان قبل ذكاته كان نجساً وإن كان الحيوان مأكولاً بمقتضى قوله صلى الله عليه وسلم:((ما قطع من البهيمة وهي حية فهوميتة)) (2)
وبناءً على هذا يجوز استعمال عضو الحيوان المأكول بعد تذكية لأن هذا طاهر بحكم التداوي بالدواء الطاهر، فإن فصل عنه بدون تذكية فلا يجوز ذلك وحيث إن أبا حنيفة قال بطهارة الحيوان غير المأكول بعد التذكية فيجوز استعمال أعضائه بعد تذكية وبناء على هذا فلا يجوز استعمال عضو الحيوان غير الطاهر عند الفقهاء الأخرين إلا إذا اقتضت الضرورة اذ الحكم يكون بعد ذلك "كحكم التداوي بالمحرمات إذ لا يجوز إلا إذا اقتضت الضرورة والحاجة، قال الفقيه النووي رحمه الله:(إذا انكسر عظمه فينبغي أن يجبره بعظم طاهر)(3)
(1) انظر بدائع الصنائع للكاساني: 6/ 3004.
(2)
رواه أبو داود: ص 24، والترمذي: ص 112، وابن ماجه: ص 8.
(3)
انظر المجموع للنووي: 3/ 145.
قال أصحابنا: ولا يجوز أن يجبره بنجس مع قدرته على طاهر يقوم مقامه، فإن جبر بنجس ينظر، فإن كان محتاجاً إلى الجبر ولم يجد طاهراً يقوم مقامه فهو معذور وان لم يحتج إليه أو وجد طاهراً يقوم مقامه أثم ووجب تركه إن لم يخف تلف نفسه ولا تلف عضو ولا سبباً من الأعذار المذكورة في التيمم، فإن لم يفعل أجبره السلطان ولا تصح صلاته معه ولا يعذر بالألم الذي يحدثه إن لم يخف منه وسواء اكتسى العظم لحما أم لا وهذا هو المذهب وبه قطع الجمهور، لأنها نجاسة أجنبية حصلت من غير معدته ومنه وجه ضعيف شاذ أنه إذا اكتسى اللحم لا ينتزع وإن لم يخف الهلاك حكاها الرافعي ومال إليه إمام الحرمين والغزالي وهو مذهب أبي حنيفة ومالك، فإن خاف في النزع هلاك النفس أو هلاك العضو أو فوات منفعة لم يجب النزع على الصحيح في الوجهين.
وقد قاس الفقيه الشيرازي حكم جواز استعمال العضو النجس بسبب الخوف من التلف على حكم جواز أكل المضطر من لحم الميتة والخنزير لاتحاد العلة. ومن الحنابلة قال الفقيه ابن قدامة رحمه الله: إذا أجبر عظمه بعظم نجس فجبر لم يلزمه قلعه إذا خاف الضرر وأجزأته صلاته لأنها نجاسة باطنة يتعزر بإزالتها فأشبهت دماء العروق وقيل: يلزمه قلعه ما لم يخف التلف) (1) واستعمال هذه الأعضاء مقرون بالضرورة إذ لو وجد البديل الطاهر لكان أولى ولكن استئصاله ليس بواجب على الأرجح إذا كان الاستئصال غير ممكن إلا بعملية جراحية فيها احتمال الفشل، قال الإمام النووي في استئصال الوشبم:(الموضع الذي وشم يصير نجساً، فإذا أمكن إزالته بالعلاج وجبت ازالته وإن لم يمكن إلا بالجرح، فإن خاف منه التلف أو فوات عضو أو منفعة عضو أو شيئاً فاحشا في عضو ظاهر لم تجب إزالته، فإذا تاب لم يبق عليه إثم وإن لم يخف شيئاً من ذلك ونحوه لزمته إزالته)(2) وبناء على هذا يجوز استعمال أجزاء الحيوان في عملية ترقيع الجلد أو استئصال أمعائه أو استئصال أجزائه في تخيط العمليات الجراحية صرح النووي بأن ذلك كحكم التجبير بعظم الحيوان غير الطاهر والفيصل في ذلك الحاجة والضرورة التي يقدرها الأطباء المشهورون بالاستقامة.
(1) انظر المغني لابن قدامة: 1/ 729.
(2)
انظر صحيح مسلم لشرح النووي: 14/106، الطبعة الثانية، دار الفكر، بيروت، لبنان.
4 -
استعمال أعضاء الإنسان:
إذا نقل عضو الإنسان أو جزء من جسمه منه وإليه كنقل بعض أوردة الرجلين إلى القلب أو كنقل بعض لحم الجسم إلى الوجه أو الأنف أو غير ذلك مما يقدره الأطباء المستقيمون فهذا جائز شرعاً بناء على قاعدة درء الضرر الأشد بالضرر الأخف وفي هذا يقول النووي رحمه الله: (لو أراد المضطرأن يقطع قطعة من نفسه من فخذه أو غيرها ليأكلها، فإن كان الخوف منه كالخوف في ترك الأكل أو أشد حرم القطع بلا خلاف وإلا ففيه وجهان أصحهما جوازه والثاني لا والصحيح الأول وإذا جوزناه فشرطه أن لا يجد شيئاً غيره، فإن وجد حرم القطع بلا خلاف)(1) والى هذا ذهب الحلي من الشيعة إذ قال: (وإذا لم يجد المضطر إلا ادميا ميتاً حل له إمساك الرمق من لحمه ولو كان حياً محقون الدم لم يحل ولو كان مباح الدم، حل له منه ما يحل من الميتة ولو لم يجد المضطر ما يمسك رمقه سوى نفسه قيل: يأكل من المواضع اللحمة كالفخذ وليس شيئاً إذ فيه دفع الضرر بالضرر ولا كذلك جواز قطع الأكلة لأن الجواز هناك إنما هو لقطع السراية الحاصلة وهنا أحداث)(2) وإذا كان الإنسان يجوز له أن يأكل شيئاً من لحمه بمقتضى الضرورة فإن استعمال جزء منه في جزء آخر أولى بالجواز.
5 -
حكم نقل الأعضاء من إنسان إلى إنسان آخر:
وهو على صورتين، الصورة الأولى: نقل عضو واحد لا ثاني له في البدن أو ليس له بديل، وهذا كير جائز سواء أفضى إلى الموت كنقل القلب أولم يفض إلى ذلك ذلك كنقل اللسان أو الذكر ولا ضرورة تبيح للإنسان أن ينقذ نفسه على حساب هلاك نفس أخرى إذ لو أوشك أمرؤ أن يموت جوعاً فلا يجوز له أن يقتل غيره ليأكل من لحمه لأن الضرورة لا تبيح له ذلك البتة وكذلك لا يجوز له أن يأخذ من غيره عضوا لا بديل له كشراء لسانه أو إحدى يديه أو إحدى رجليه هذا ما ذهب إليه زميلنا الأستاذ الدكتور هاشم جميل ونحن نميل إلى هذا الرأي بتحفظ إذ لو شاءت الأقدار أن تقطع يد امرىء فإن هذه الإصابة مفضية إلى الموت البطىء، فإذا تبرع والده أو أخوه أو غير ما له بإحدى يديه فإن كلاً من المتبرع والمتبرع له لا يصاب بالمعاناة المميتة إذ الإنسان قادر على الحياة بيد واحدة أما اللسان والذكر فلا يجوز نقلهما أبداً من الحي إذ لا بديل لهما ولا يجوز لرجل أن يسعد نفسه على حساب هلاك غيره وإن كان ذلك النقل بإرادة المنقول منه قال تعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [سورة النساء: الآية 29]، وقال تعالى:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [سورة البقرة: الآية 195] .
(1) انظر المجموع للنووي: 9/23.
(2)
انظر شرائع الإسلام للمال: 3/ 231.
6 -
إذا نقل عضو له بديل يقوم مقامه:
كالكلية والعين جاز ذلك إذا اقتضت الضرورة القصوى اعتماداً على الأدلة الآتية:
(أ) قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [سورة المائدة: الآية 2] . وهل يوجد بر أجل وأزكى وأعظم ممن يريد انقاذ نفس مؤمنة أوشكت أن تهلك لولا ذلك التبرع.
(ب) قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [سورة المائدة: الآية 32] . فالكلية قد تكون سبباً بالإحياء إذا نقلت إلى جسم العليل.
(ج) قوله صلى الله عليه وسلم: ((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)) (1) وهل ثم كربة أشد من كربة الموت لولا نقل تلك الكلية.
(د) قوله صلى الله عليه وسلم (("على كل مسلم صدقة " قالوا: فإن لم يجد، قال: "فيعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق " قالوا: فإن لم يستطع أو لم يفعل، قال: "يعين ذا الحاجة الملهوف ")) (2)
(هـ) ما ذهب إليه لا يتعارض مع حرمة إضرار الإنسان بجسده اذ الجهاد فرض وقد يحدث ما يحدث من إضرار بالنفس أو بالجسد والضرر في الله نفع لأن الأجر أعظم منه عند الله وقد يتضرر المتبرع ضرراً جزئياً أو معنوياً ومع ذلك فإن هذا الضرر أهون أمام ضرر السقيم الذي يفارق الحياة أو يفارق البصر جملة وتفصيلاً لولا نقل عضو المتبرع إليه.
(و) ما ذهبنا إليه لا يتعارض مع قول الشافعية الأجلاء: (لا يجوز للمضطر أن يقطع لنفسه جزءاً من إنسان غير معصوم الدم بلا خلاف وليس للغير أن يقطع من أعضائه شيئاً ليدفعه إلى المضطر بلا خلاف)(3)
(1) أخرج المحدثون هذا الحديث بألفاظ متقاربة: البخاري (مظالم 3) ، مسلم (بر 59) ، أبو داود (أدب 38) ، الترمذي (حدود 3) ، ابن ماجه (مقدمة 17) .
(2)
البخاري (زكاة 0 3)(أدب 33) ، مسلم (زكاة 5 5) ، النسائي (زكاة 6 5) ، الدارمي (رفاق 34)، أحمد بن حنبل: 4 /395- 1 1 4.
(3)
انظر المجموع للنووي: 9/43.
ونحن نسلم للشافعية بحرمة ذلك لأن الجائع المشرف على الهلاك يجد في جسده مثلما يجد في أجسام الآخرين، فإذا أشرف على الهلاك حرم عليه الأكل من أجسام الآخرين لأنه تعد لا مبرر له بسبب قدرته على الأكل من جسده. أما من فقد عينه أو كليته فلا يجد في جسده البديل لهذا جاز له نقل ما يحتاجه من أجساد الآخرين.
(ز) ما ذهبنا إليه لا يتعارض مع نجاسة العضو إذا فصل من الحي لأن هذه المسألة حكمها كحكم التداوي بالمحرمات إذ يجوز ذلك بمقتضى الضرورة وقد نقلنا عن النووي ما يدل على جواز التجبير بالعظم الطاهر وجواز إبقاء العظم النجس إذا كان إخراجه يفضي إلى ضرر بالغ.
(ح) ما ذهبنا إليه لا يتعارض مع حرمة بيع أجزاء الإنسان لأن المقتضى المبيح لذلك هي الضرورة والضرورات تبيح المحظورات، قال تعالى:{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [سورة الأنعام: الآية 119] .
ونحن نعلم أن بيع المصحف حرام شرعاً إلا أن الضرورة القصوى اقتضت إباحة بيعه كما جاء في الشرح الكبير (1) وليست أعضاء الإنسان بأحل من المصحف الكريم ولهذا جاز أن يدفع المضطر لصاحب العضو المنقول منه ثمناً إما على سبيل الشراء أو على سبيل المكافأة إذ الجعل مشروع في مثل هذه الأعمال المباركة العظيمة التي تكون سبباً في إحياء نفس تعدل إحياء الناس جميعاً عند الله تعالى وقد ذكر ابن عابدين (2) أن لو سأل رجلاً عن مكان فإن أشار إليه لم يستحق الأجر وإن مشى معه استحق الأجر فالأجر بالمشي بسبب الكلفة حل، وهل ثم كلفة أقصى من أن يتحمل الإنسان عملية جراحية يستأصل بموجبها عضو من أعضائه لعليل لولاه لفارق الحياة والنور؟
7 – الدم يجوز نقله وإن كان نجساً:
لأن المضطر إذا أكل النجاسة لا يجب بعد ذلك أن يستخرجها بعد استقرارها في معدته والمضطر إلى الدم يجوز له أن يعتمد على دم غيره ولا يجب عليه استخراجه بعد نقله لأنه استقر في أوردته ويجوز بمقتضى التبرع أو دفع الجعل لمن يتبرع أو بالشراء إذا أغلقت نوافذ الإباحة بناء على قاعدة الضرورات تبيح المحظورات وقد جوز بيع المصحف بناء على هذه القاعدة كما ذكرنا آنفاً.
(1) انظر الشرح الكبير: 4/12.
(2)
انظر رد المحتار: 4/ 281.
8 -
هذا ما يتعلق بأعضاء الحي أما أعضاء الميت:
فإذا نظرنا إلى الحكم بلا ضرورة وجدنا الحرمة متجلية حفظاً على كرامة المؤمن، جاء في الفتاوى الهندية: الانتفاع بأجزاء الحي لم يجز، قيل للنجاسة وقيل للكرامة وهو الصحيح وفي موضع آخر نقلت الكراهة وهذا نص العبارة: قال محمد رحمه الله لا بأس بالتداوي بالعظم إذا كان عظم شاة أو بقرة أو فرس أو غيره من الدواب إلا عظم الخنزير والآدمي فإنه يكره التداوي بهما (1)
تحليل ذلك أن عظم الخنزير نجس لا يتطهر ولا يستعمل وهو باق على نجاسته وان ذكي، أما عظم الإنسان فهو طاهر إلا أن امتهانه حرام شرعأ، بهذا يجب مواراته حتى قلامة أظفاره يجب أن توارى لشرفها هذا ما ذهب إليه الفقهاء الآخرون.
جاء في الحديث الشريف: "كسر عظم الميت ككسره حياً"(2) وهذا المنهج سديد لأنه مؤيد بالحديث الشريف ولكنه لا علاقة له بالضرورة لأن الضرورة حكم استثنائي يكون الحرام الذي ثبتت حرمته بالدليل القاطع مباحاً بحدود الضرورة المنجية من التلف ولو وجد إنسان أوشك أن يموت جوعاً إنساناً ميتاً أما يجوز له أن يأكل من أجزائه بحدود ما ينقذ نفسه من التلف؟.
روي عن الإمام مالك وعن الإمام المبجل أحمد بن حنبل وأكثر أصحابهما والظاهرية وأكثر الحنفية، وبعض فقهاء الشافعية لا يجوز أن يأكل ولو مات.
وذهب الفقهاء الآخرون إلى جواز أكل المضطر من لحم الميت هذا رأي الشافعية الراجح عندهم، وإلى هذا ذهب الإمامية وبعض فقهاء الحنفية ورجحه ابن العربي من فقهاء المالكية وإلى هذا ذهب ابن قدامة وأبو الخطاب من فقهاء الحنابلة ولعلى هذا هو الراجح عند الزيدية كما قال المرتضى، وقد احتج المانعون بالحديث المذكور آنفاً إلا أن أبا الخطاب قال: المراد بالحديث التشبيه في أصل الحرمة لا في مقدارها، بدليل اختلافهما في الضمان، والقصاص، ووجوب صيانة الحي بما لا يجب به صيانة الميت.
(1) انظر الفتاوى الهندية: 5/ 354.
(2)
أخرجه المحدثون بألفاظ متقاربة انظر الموطاً جنائزه 4) ، أبو داود (جنائز 60) ، ابن ماجه (جنائز 63) ، أحمد بن حنبل 6/58، 0 0 1، 05 1، 169، 0 20، 264.
أما ابن حزم فإن حجته مجملها أن مواراة الميت وجب بالنص ومن أكله فقد خالف النص ومخالفة النص عصيان، والذي نراه أن الضرورة قد تكون سبباً في مخالفة حكم المواراة فلو مات رجل في سفينة لجاز تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ثم رميه في البحر ليستقر في بطن الحوت بلا مواراة ثم العضو الذي ينقل من الميت إلى الحي ستدب فيه الحياة، وبهذا لا تجب مواراته، وللمالكية حجة أخرى خلاصتها أن الميت يجب أن يصان وأخذ أعضائه هتك لصيانته إلا أن الفقيه النووي قال: هذا ليس بشيء، وعلل قوله هذا: بأن حرمة الحي آكد من حرمة الميت وصفوة القول أن صيانة الميت واجبة إلا أن صيانة الحي بأخذ عضو من أعضاء الميت جائزة بناءاً على مقتضى الضرورة: قال الألوسي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [سورة البقرة: الآية 173] .
استدل بعموم الآية على جواز أكل المضطر ميتة الخنزير والآدمي خلافاً لمن منع ذلك (1) وإذا كان الأكل جائز من الإنسان الميت بمقتضى الضرورة فإن نقل أعضائه إلى الإنسان الحي أولى بالجواز لأن الأكل فيه شيء من الامتهان بينما نقل عضو الميت إلى جسم الحي فيه عزة له إذ الحياة ستدب فيه ووجوده في جسم الحي أولى من وجوده في التراب وللشريعة الإسلامية تيسير ورفع حرج في جواز جرح الميت إذا اقتضت الضرورة. من ذلك قول الشيرازي في المهذب: "وإن ماتت امرأة وفي جوفها جنين حي شق جوفها، لأنه استبقاء حي بإتلاف جزء من الميت فأشبه ما إذا اضطر إلى أكل جزء من الميت"(2)
(1) انظر الخلاف في هذه المسألة في تفسير القرطبي: 1/608، طبعة الشعب.
(2)
أحكام القرآن لابن العربي: 1/58، روح المعاني: 2/ 42، فغ القدير: 1/473، المحلى: 7 /399- 426، حاشية الدسوقي مع شرح الدردير: 1/429، 2 /161، القوانين الفقهية: ص 1 5 1، المجموع 9/ 1 4، 2 5، المغني: 4 1 1/ 79، شرائع الإسلام: 3/ 231، البحر الزخار: 5/ 333.
وقال الكمال بن الهمام وفي التجنيس من علاقة النوازل: امرأة حامل ماتت واضطرب في بطنها شيء وكان رأيهم أنه ولد حي شق بطنها - فرق بين هذا وبين ما إذا ابتلع الرجل درة فمات ولم يدع مالاً عليه القيمة ولا يشق بطنه لأن في المسألة الأولى إبطال حرمة الميت لصيانة حرمة الحي فيجوز أما في المسألة الثانية إبطال حرمة الأعلى وهي الآدمي لصيانة حرمة الأدنى وهو المال ولا كذلك في المسألة الأولى وتوضيحه الاتفاق على أن حرمة المسلم ميتاً كحرمته حياً ولا يشق بطنه حياً لو ابتلعها إذا لم يخرج مع الفضلات فكيف ميتاً؟ بخلاف شق بطنها لإخراج الولد إذ علمت حياته وفي "الاختيار": جعل عدم شق بطنه عن محمد، ثم قال وروى البرجاني عن أصحابنا أنه يشق لأن حق الآدمي مقدم على حق الله تعالى ومقدم على حق الظالم المتعدي (1)
9 -
وصفوة القول:
أن انتزاع أحد أعضاء الميت لا يجوز إلا إذا تيقن الأطباء المختصون المستقيمون من موته، أما طريقة اليقين من الموت النهائي فهي متروكة للأطباء المختصين في ذلك إذ قد يعرف الموت النهائي عن طريق توقف دورة الدم أو توقف القلب عن النبض أو توقف الدماغ أو جذع الدماغ والطريقة المثلى في معرفة الموت النهائي تعود إلى لجنة طبية مختصة. قال تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [سورة النمل: الآية 43] .
وإذا أخطأت اللجنة وكان الطبيب الذي استأصل العضو عالماً ببقاء أثر الحياة كان قاتلاً يجب الاقتصاص منه لأن الكبير يقتص منه وإن قتل صبياً بلغ من العمر دقيقة أو دون ذلك وكذلك يقتص منه إذا قتل من رد إلى أرذل العمر إذ الصغر والمرض والهرم ظواهر لا تؤثر البتة على حرمة الإنسان المعصوم الدم.
(1) انظر فتح القدير: 1/473.
10 -
ولا يستأصل عضو المتوفى إلا إذا تبرع بذلك قبل وفاته أو وافق ورثته:
لأن حقوقه تنتقل إلى ورثته وهم مسؤولون عن ما يجب أن يفعل به شرعاً بعد وفاته وأما ما نسمعه عن استئصال قرنية المحكوم عليه بالإعدام بعد الموت، فهذا لا نقرهم عليه ما لم يتبرع أو يوافق الورثة لأن النصوص الشرعية والقانونية أوجبت القصاص في النفس ولم تنص على استئصال الأعضاء ويجب إبدال نصوص القانون الوضعي إذ تضاف إلى عقوبة الإعدام استئصال القرنية أو بعض الأعضاء وقد يكون ذلك يسيراً عند رجال القانون الوضعي، أما عند الفقهاء فهو أمر عسير اذ لا عقوبة إلا بنص ونحن نخشى أن يتجراً الأطباء بحجة الإنسانية والرأفة بالأحياء فيستأصلوا أعضاء المتوفى جملة وتفصيلاً هذا غير جائز شرعاً.
11 -
إذا أبيح نقل العضو من إنسان إلى إنسان أخر:
فهذا جائز بشرط عدم تأثير المنقول منه إلى المنقول إليه، وبناء على ذلك لا يجوز البتة الإفتاء بنقل الخصيتين أو المبيضين، لأن الخصيتين والمبيضين فيها سر الوراثة وفيها سر الإمناء فالوليد الذي يأتي من المنقول إليه يعد آتياً من المنقول منه وهذا يؤثر على الإنسان تأثيراً مباشراً، ولا فرق بينه وبين الزنى والبغاء إذ العلة ذاتها بين الزاني وبين المنقول إليه وكذلك الحال الإفتاء بحرمة نقل المبيض لأن المبيض فيه سر الخلق والوراثة إذ الجنين لا يتكون إلا من اجتماع الحيمن والبيضة التي تكون أمشاجاً بعد اختلاطها بالحيامن المنوية فكأن البيضة التي خرجت من المنقول إليها قد خرجت من المنقول منها وهي أجنبية لا زوجة، ولهذا يتحقق الزنا والبغاء بسبب اختلاط الأنساب ومن هنا قلنا بتحريم نقل الخصيتين والمبيضين تحريماً قطعياً.
وقد سرني بحث الأستاذة الفاضلة الدكتورة صديقة العوضي وبحث الأستاذ الفاضل الدكتور كمال محمد نجيب إذ أثبتا بأسلوب علمي أثر الخصيتين والمبيضين على اختلاط الأنساب إذا نقلت هذه الأعضاء من شخص لآخر وجعلت بحثيهما من الأدلة العلمية التي اعتمدتها في إثبات حرمة نقل الأعضاء التناسلية، إذ ليس كل عضو يمكن أن نفتي بنقله لأن الأحكام الشرعية تتعلق بعللها إذ حيثما تحققت العلة تحقق المعلول والزنا حرام ومن أسباب حرمته خلط الأنساب ولما كانت هذه العلة متحققة في نقل الخصيتين أو المبيضين، فقد ثبتت الحرمة بدليل قطعي الدلالة وأشكر الله تعالى إذ يسر الأستاذة الفاضلة صديقة العوضي والأستاذ الفاضل الدكتور كمال محمد نجيب إذ أظهرا هذه الحقيقة ولم يجاملا أحداً، ونشكر الأستاذ الفاضل الدكتور محمد علي البار إذ أكد خلط الأنساب بعد نقل الخصية بقوله:(إذ زرع الخصية من شخص لآخر يعني انتقال الحيوانات المنوية من المتبرع إلى المتلقي) .
12 -
أما نقل جزء من الأعضاء التناسلية:
فإذا لم تتحقق فيه علة خلط الأنساب كان جائزاً كنقل قناة فالوب، وإن كان هذا لم يثبت علمياً لدقة خلق هذه الأعضاء العجيبة:{فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [سورة المؤمنون: الآية 14] .
أما نقل الرحم فإن كان من الناحية العلمية يؤثر على خلط الأنساب فهذا ليس بجائز البتة، وإن كان مجرد وعاء ينمو الجنين فيه فهذا جائز شرعاً إلا أن الرحم إذا كان يؤثر على جسم الجنين كأثر لبن المرضعة ربما جعلت المتبرعة حكما كحكم المرضعة والأمر محتاج إلى رأي العلم المختص في ذلك.
13 -
ما يتعلق بزراعة خلايا الدماغ:
لا يهمنا إن ثبتت إمكانية ذلك على الصعيد العلمي أو أن ذلك ضرب في الخيال وإنما الذي يهمنا الحكم الفقهي، وقد افترض فقهاؤنا الأقدمون رحمهم الله مسائل شتى لم تقع في عصرهم بل وقعت في عصرنا، لهذا فإننا نميل إلى بحث هذه الأمور التي لم تثبت علميا حقيقتها، فإن ثبتت فإن حكمها ثابت قبلها، والفتوى التي نتحمل مسؤوليتها أمام الله تعالى متعلقة بعلة ومعلول لأن الدماغ له تأثير مباشر على مدركات الإنسان كما نعلم إلا أن علمنا ليس كعلم الأطباء المختصين، فإن قال الأطباء المختصون المستقيمون بأن نقل الدماغ أو نقل أجزاء من خلاياه يؤثر على مدركات المنقول إليه فهذا ليس بجائز والفتوى المعتمد عليها هي الحرمة في نقل الدماغ أو نقل أجزاء منه كما أفتينا في نقل الخصيتين أو المبيضين لأن المسلم قد يصير كافرا إذا نقل دماغ كافر إليه أو جزء منه. العذراء الطاهرة قد تصير عاهرة إذا نقل إليها جزء من خلايا دماغ امرأة فاجرة، وهكذا دواليك كلما كان لنقل العضو أثر مباشر على تفكير الإنسان كان ذلك النقل حراماً، وإذا كان نقل الدماغ أو نقل أجزاء من خلاياه كنقل الأذن أو العين أو اليد بلا أثر على المدركات فهذا يعد جائزاً شرعاً والفيصل الأطباء المستقيمون، {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} ، ولا يجوز البتة الإفتاء بنقل الدماغ من الحي لأن هذا ضرر محض بالمتبرع أو البائع والإضرار المقصود بالنفس أو بالجسد لا يجوز البتة أبداً، وإن كان بموافقة المتضرر شرعا ولهذا كان المنتحر أشد اثما من قاتل غيره وإتلاف المال حرام واتلاف الجسد أشد حرمة لأنه أعز منه. وقد اطلعنا على بحث الأستاذ الدكتور مختار المهدي ومع توجيه شكرنا له نتمنى لو أبدى آثار نقل الدماغ على مدركات الإنسان كما فعلت الأستاذة الفاضلة الدكتورة صديقة العوضي إذ بينت آثار نقل الخصيتين والمبيضين على اختلاط الأنساب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الدكتور خالد رشيد الجميلي