الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأسواق المالية
من منظور النظام الاقتصادي الإسلامي
(دراسة مقارنة)
إعداد
سعادة الدكتور نبيل عبد الإله نصيف
عضو مجلس الإدارة المنتدب
بمصرف فيصل الإسلامي البحريني
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إن الاقتصاد الإسلامي بفروعه المختلفة جزء من كل لا يمكن أن يقوم منفردا عن النظام الإسلامي الشامل المرتبط ارتباطا وثيقا بالعقيدة، والملتزم بشريعة الخالق سبحانه وتعالى القائل:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} ، فهو دين الشمولية والعدل والتوسط، فهو يجمع بين مادية الدنيا وروحانية الآخرة في نظام متكامل يغطي جوانب الحياة التي يحتاجها بنو البشر.
ورغم الفترة القصيرة للتطبيق العملي للاقتصاد الإسلامي في العصر الحديث من خلال المؤسسات المالية الإسلامية في أقل من العقدين الأخيرين من الزمن إلا أن تلك المرحلة الأولى التي خاضت فيها المؤسسات المالية معركة التأسيس وإثبات الذات حيث كان من نتائجها انتشار المؤسسات المالية الإسلامية على المستوى الدولي فقد بلغ عددها أكثر من مائة مؤسسة مالية إسلامية في أنحاء العالم الإسلامي وغير الإسلامي وكذلك الاعتراف الدولي بهذه المؤسسات وقبول النظام لإسلامي في المعاملات المصرفية العصرية حيث أنشأت كبرى المؤسسات المالية الدولية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وسويسرا وغيرها أقساما متخصصة لدراسة هذه الظاهرة الجديدة وكان من نتائجها قيامهم بتسويق منتجات وعمليات جديدة تراعي الضوابط الإسلامية، وذلك بهدف اجتذاب رءوس الأموال الإسلامية، التي يرغب أصحابها في توظيف أموالهم في استثمارات وعمليات حلال ضمن إطار أحكام الشريعة الإسلامية.
أما المرحلة الثانية التي تمر بها هذه المؤسسات فهي مرحلة الثبوت، والتي تتطلب مواكبة التغيرات التي تمر بها الصناعة المصرفية في العصر الحديث، وهي تغيرات سريعة قائمة على التقنية والتفكير والاختراع والإبداع والخيال الواسع المتجدد الذي يعمل باستمرار في تقديم المنتجات الجديدة ويقوم بتطوير الخدمات المساندة التي تناسب كل عميل حسب احتياجاته، وبما أن المصارف تلعب دورا أساسيا في حركة السوق المالية وتطورها حيث تقوم بدور الوسيط بين أصحاب رءوس الأموال الفائضة وبين المؤسسات التي تحتاج لتلك الأموال، لذا فإن المرحلة الثالثة من حياة البنوك الإسلامية هي العمل على تطوير الأدوات المالية لتنافس جنبا إلى جنب البنوك التقليدية العريقة في السوق على تطوير الأدوات المالية لتنافس جنبا إلى جنب البنوك التقليدية العريقة في السوق المالية المعاصرة. ونظرا للأهمية القصوى لهذا الموضوع قامت مؤسسات إسلامية ومؤسسات مالية أخرى بجهود كريمة لدفع هذه العجلة حتى تتكامل هذه الأعمال لتعلن ميلاد السوق المالية الإسلامية. وحيث إن موضوع الأسواق المالية من منظور النظام الإسلامي موضوع واسع مترامي الأطراف، فهو يقتضي البحث والمقارنة في الأسواق المالية المعاصرة والتي شهدت نموا مذهلا في غضون السنوات العشر الأخيرة، نتيجة لتحررها من القيود الحكومية، وقيام المؤسسات المالية الدولية.
إن موضوع الأسواق المالية في نطاق الاقتصادي الإسلامي موضوع واسع ومترامي الأطراف، فهو يقتضي – بادئ ذي بدء – البحث في أسواق المال المعاصرة التي شهدت نموا مذهلا في غضون السنوات العشر الأخيرة نتيجة لتحريرها من القيود الحكومية، وقيام المؤسسات المالية الدولية التي تلعب دورا حيويا كوسطاء في تلك الأسواق بتعميم خدماتها على الصعيد العالمي، فضلا عن التقدم الهائل في الاتصالات وتقنيات نقل المعلومات. ولعل استعراض عمل تلك الأسواق بإيجاز يوفر أساسا لتحليلها من وجهة نظر الاقتصاد الإسلامي.
بالرغم من الحرية القصوى الممنوحة للسوق من السلطات النقدية إلا أنه لا يمكن إغفال الحاجة الماسة لوجود أجهزة حكومية إشرافية تراقب وتنظم عمل تلك الأسواق، مثالا لذلك دور البنك المركزي في الإشراف على شئون الوسطاء (المصارف وبيوت الأوراق المالية، والسماسرة
…
إلخ) ، ونتناول بالدراسة أيضا دور البنوك المركزية فيما يتعلق بالمؤسسات المالية الإسلامية، حتى نستكشف مدى مساهمتها في تقدم تلك المؤسسات بصورة منظمة ومنسقة.
ولسوف نحاول أيضا وصف عمليات المؤسسات المالية الإسلامية في الأسواق المعاصرة بغية تقويم الإمكانيات المتاحة لها للاستفادة من البنية الأساسية الحالية للأسواق التقليدية. ونعرض في هذا الصدد بعض المقترحات الرامية إلى تطوير عدد من الأدوات أو المنتجات القابلة للتسويق والتي تتمشى مع أحكام الشريعة الإسلامية من جهة، والتي يمكن من جهة أخرى توفيرها في الأسواق المعاصرة شأنها شأن الأدوات الأخرى التي تتنافس فيما بينها على أساس مزايا الأداء لكل منها.
وقد تناولنا أيضا في هذه الدراسة الحاجة إلى أن تقييم المؤسسات الإسلامية سوقا فيما بين البنوك للوفاء بمتطلبات السيولة العارضة أو لغير ذلك من الأسباب، والسماح لتلك المؤسسات بتخصيص بعض الأموال الموضوعة في عهدتها في شكل استثمارات طويلة الأجل نسبيا. وفي هذه الحالة أيضا ذكرنا بعض الأسباب التي تهدف إلى تأكيد أهمية هذه المسألة.
-2-
الأسواق المالية المعاصرة
2-
1 تعريف:
توفر الأسواق المالية شأنها شأن الأسواق الأخرى نظاما لتبادل الخدمات أو المنتجات أوكليهما عن طريق الجمع بين طرفين – الطرف المحتاج للخدمة و/أو المنتج والطرف الذي يقدمهما، ويقصد بالمنتجات في الأسواق المالية الموارد المالية والخدمات الاستشارية المالية وتحمل مسئولية الالتزامات الطارئة والوكالة والسمسرة
…
إلخ. فالأسواق المالية بوجه عام هي الوسيط الذي يعرض المدخرون الراغبون في الاستثمار من خلال مدخراتهم – إما مباشرة أو من خلال وسطاء – على مؤسسات الأعمال وأصحاب المشروعات والأشخاص الذين يحتاجون إلى اقتراض هذه الأموال، ويضم هؤلاء الوسطاء كافة أنواع المصارف وشركات التأمين ومؤسسات المعاشات التقاعدية، وشركات الاستثمار، وشركات استثمار الأموال المشتركة بالوحدات، ومؤسسات الاستثمار والسمسرة والإصدار
…
إلخ وتحقق الأسواق المالية من خلال هؤلاء الوسطاء توازنا بين الأموال المتاحة للاستثمار وسبل الاستثمار التي توفرها الفرص المتاحة في مجال النشاط الاقتصادي.
2-
2 الأهداف والأغراض:
يتمثل الهدف الرئيسي للأسواق المالية في تخصيص وتوزيع الموارد المالية المتاحة في السوق من خلال المدخرين – سواء مباشرة أو بطريق غير مباشر من خلال الوسطاء – على المقترضين بأكثر الطرق كفاءة عن طريق تحديد أسعار لتلك الأموال سعيا إلى تحقيق التوازن مع مراعاة حالة الطلب على الأموال والمعروض منها والمخاطر الائتمانية المتعلقة بالمقترض والوضع الضريبي السائد في السوق والسياسات النقدية المعمول بها وسائر الاعتبارات الاقتصادية الكلية والجزئية، فالغاية إذن هي تخصيص الموارد لعروض الاستثمار التي تتوافر فيها وقت معين أفضل نسبة بين المخاطرة والعائد، ويتم ذلك عن طريق خلق سوق تتسم بالكفاءة مما يستدعي الإحاطة الكاملة بالمعلومات اللازمة لتقويم أو تعديل عوامل المخاطرة المتعلقة بعروض الاستثمار الحالية والجديدة وسرعة توافر تلك المعلومات.
2-
3 وصف الأسواق:
وتشمل الأسواق المالية عدة قطاعات مختلفة لكل منها هدفه الخاص وغرضه المحدد في إطار التعريف والهدف العامين السابقين بيانهما.
2-
3-1 سوق النقد: وهي على سبيل المثال التي تيسر توظيف أدوات التمويل القصير الأجل (أقل من سنة) القابلة للتداول والتي تصدرها الجهات المقترضة المختلفة كالحكومات، والشركات المعروفة وذات الأهلية الائتمانية العالية والهيئات العامة، وغيرها، والغرض الأساسي من سوق المال هو المواءمة بين الاحتياجات التمويلية قصيرة الأجل للمقترضين الممتازين، وبين الأموال التي يوفرها المستثمرون ذوو الميول و/أو الموارد قصيرة الأجل.
2-
3-2 سوق رأس المال: أنها تفي من ناحية أخرى بأغراض التمويل الأطول أجلا، حيث يتم تدبير الأموال اللازمة إما من خلال إصدار سندات قروض مدتها أكثر من سنة مثل سندات الشركات، والأوراق المالية المضمونة برهن أو عن طريق إصدار أسهم في رأس المال كالأسهم العادية والأسهم الممتازة وغيرها، أو خليط من هاتين الأداتين في صورة سندات قابلة للتحويل، أو سندات تشمل الحق في شراء أسهم وغيرها.
2-
3-3 سوق النقد الأجنبي: هي المثال الحقيقي الذي يجسد السوق الدولية التي تعمل الآن على مدار الساعة، فقبل إقفال سوق الشرق الأقصى تفتح سوق الشرق الأوسط التي تتداخل مواعيدها مع مواعيد السوق الأوربية بينما تنقل السوق الأوربية المعاملات التجارية مع الساحل الشرقي للولايات المتحدة (نيويورك) . وحتى بعد أن تقفل سوق نيويورك فإن سوق الساحل الغربي تبدأ التعامل وتستمر المعاملات من هناك إلى نيوزيلندا وأستراليا، بالإضافة إلى هذا النشاط والتعامل المستمر لمدة 24 ساعة يوميا فإن وسائل الاتصالات السريعة والحجم الهائل للمعاملات الناشئة عن النشاط التجاري / الاستثماري بالإضافة إلى نشاطات المضاربات قد جعلت هذه السوق حساسة وقابلة للتفاعل حتى مع أصغر قدر من المعلومات.
2-
4 الحدود الجغرافية:
تناول القسم السابق بالاستعراض مختلف المهام التي تقوم بها الأسواق، وفي هذا القسم سوف ندرس هذه الأسواق من النواحي الجغرافية، على هذا الأساس فإن الأسواق المالية يمكن تقسيمها بشكل عام إلى ثلاث فئات وهي كما يلي بالتحديد:
2-
4-1 الأسواق المحلية: وهي الأسواق التي تعمل في بلد معين وتستخدم في معظم عملياتها الموارد المحلية للوفاء بالاحتياجات التمويلية المحلية.
2-
4-2 الأسواق الأجنبية: حيث يحصل المقترض على التمويل اللازم له في بلد أجنبي وبعملة ذلك البلد.
2-
4-3 سوق المال الأوربية: فإذا ما استخدمت شركة ما مركزا ماليا لتدبير الأموال اللازمة لها بعملة بلد ثالث، كأن تطرح سندات مقومة بالدولار الأمريكي أو المارك الألماني في لندن أو لكسمبورج لحساب مقترض ياباني قيل إن العملية تجري في إطار (سوق المال الأوربية) . وبالمثل يطلق مصطلح (العملات الأوربية) على الأموال المودعة بعملة ما في بنوك تقع خارج البلد المصدر لتلك العملة، وأسواق المال الأوربية لا تقتصر على القارة الأوربية، بل يمكن أن تنشأ مثل هذه الأسواق في أي بلد تسمح قوانينه بمزاولة أنشطة خارجية، وتعد لندن في الوقت الحاضر أهم مراكز سوق المال الأوربية، وإن كانت تلك الأسواق تمتد إلى مختلف بقاع العالم، من اليابان وسنغافورة وهونج كونج والبحرين وسويسرا إلى جزر البهاما وجزيرة كايمان وكندا.
ولا تخضع أسواق المال الأوربية للقيود التنظيمية التي تفرضها السلطات المصرفية وغيرها من السلطات، وقد تطورت تلك الأسواق على مر السنين حتى بلغت عملياتها مستوى راقيا من النضج والكفاءة.
وكان لتطور أفكار المسئولين عن التمويل في الشركات، والزيادات التي طرأت على أسعار النفط في منتصف السبعينات، وإقدام كثير من الحكومات على إلغاء القيود التنظيمية فضلا عن الرغبة الدائمة في إقامة سوق حرة حقا الفضل الأكبر في تنمية هذا القطاع الهام من السوق الدولية، حيث يمكن طرح كل من الأدوات المالية القصيرة الأجل (سوق النقد) والأدوات الأطول أجلا (سوق رأس المال) وحصول مختلف فئات المقترضين الدوليين على الموارد المالية اللازمة لهم، سواء في ذلك البنك الدولي أو مملكة السويد أو الشركات اليابانية أو سلطنة عمان، وغيرها.
2 -
5 الوسائل:
تعمل الأسواق المالية من خلال عدد من الوسطاء من الكيانات والأشخاص كالبورصات والمؤسسات المالية وغيرها (المصارف وبيوت الأوراق المالية وشركات السمسرة والمستشارين) وتخضع أعمال هؤلاء الأطراف لعقود محددة يوقعونها بينما تخضع في حالات أخرى للمبادئ العامة والأعراف السوقية المستقرة.
2-
5-1 الوسطاء: أصبحوا يمثلون عاملا مهما في الأسواق المالية، وصاروا يؤدون دورا محوريا في تطوير تلك الأسواق، وفي أعقاب إلغاء القيود، وما ترتب على ذلك من تعميم لنشاط الأسواق المالية على الصعيد العالمي لعب الوسطاء دورا أساسيا في تصميم (منتجات) جديدة ومبتكرة، وأدى استحداث تلك الأدوات بما في ذلك الجمع بين خيارات مختلفة، والشراء والبيع الآجل للأوراق المالية لضمان توافر السمات المرغوبة في شكل حدود قصوى وحدود دنيا
…
إلخ – أدى إلى زيادة مذهلة في عدد (المنتجات) المالية.
2-
5-2 يسر تطوير البورصات تسوية عمليات بيع وشراء الأوراق المالية وساعد على تحقيق طفرة هائلة في السوق عن طريق إتاحة التعامل في (الأدوات المالية القابلة للتسويق) على الصعيد الدولي. وتكفي الآن محادثة هاتفية بسيطة مع أحد الوسطاء المتصلين بإحدى البورصات التي تتعامل في نوع معين من (المنتجات) كسندات الخزانة الأمريكية أو السندات المضمونة من الحكومة البريطانية أو عقود النقد الأجنبي والسلع لإتمام عملية البيع أو الشراء. ومن ثم أصبح في مقدور المستثمر أن يتعامل في عدد من الأسواق المالية الدولية البعيدة عن مكان عمله، مثلما يتعامل مع السوق المحلية في بلده بل وربما بسهولة أكبر.
2-
5-3 يكفل توافر القوى العاملة المدربة ذات المؤهلات الجامعية المناسبة والخبرة المكتسبة لهذه الأسواق أفضل السبل لعملها ولإحراز مزيد من التقدم في مجال التمويل. والواقع أن توافر هذه الموارد البشرية المدربة والمؤهلة والمقدامة بالقرب من ساحة النشاط الرئيسية هو الذي ساعد على اغتنام الفرص الجديدة التي أتاحتها بعض التطورات الحديثة، مثل رفع القيود التنظيمية والتقدم في مجال معالجة البيانات وتكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصال من أجل استحداث أدوات مالية جديد للوفاء بمتطلبات السوق.
2-
5-4 وقد ساعدت التطورات الحديثة التي وفرت وسائل قليلة التكلفة في مجال نظم الاتصالات وتخزين ونقل المعلومات على إنجاز عمليات بالغة التعقيد كانت منذ بضع سنوات تعد من قبيل الإمكانيات النظرية فحسب.
2-
5-5 أدى تطور نظم الحاسبات القوية إلى تيسير عمليات تحليل البيانات ودراسات السوق وإعداد الرسوم البيانية ودراسات الأرقام القياسية وتحليل الرقم القياسي للقوة النسبية، واستخراج المتوسط المرجح المتحرك لفترة طويلة من الزمن وغير ذلك من أساليب التحليل الإحصائي، فأصبحت هذه العمليات لا تحتاج إلى أكثر من الضغط على مفتاح أو اثنين من لوحة مفاتيح الحاسب. وهناك كثير من البرامج الجاهزة للاستعمال بواسطة الحاسبات الشخصية العادية والتي تتيح عن طريق الإدخال المباشر للمعلومات تحديد فرص المرابحة والمضاربة. وقد أدى تزايد عدد الأشخاص الذين يستخدمون هذه الأدوات في الأسواق المالية إلى التقليل من فرص المضاربة في (المنتجات) التقليدية. غير أن حركة السوق الدائبة واستحداث منتجات جديدة باستمرار يخلق عددا من فرص المضاربة الجديدة. وقد ساعدت هذه النظم على التعرف على فرص تحقيق الربح بالاستفادة من أبسط صور القصور في شروط السوق الكاملة. غير أن تلك النظم ذاتها جعلت من السهل القضاء على أوجه القصور تلك عن طريق التعريف بها على نطاق واسع. ومن ثم أصبحت مدة قصور السوق من ذي قبل. وباتت الأسواق أقرب إلى تحقيق شروط السوق الكاملة.
2-
6 دور المؤسسات المالية الكبرى:
لقد شهد التطور الهائل للأسواق المالية على الصعيد العالمي ظهور عدد ضخم من المؤسسات المالية التي عملت كوسطاء ما بين المستثمرين والمستفيدين من الأموال. وتتباين هذه المؤسسات من حيث حجمها بالإضافة إلى الوظائف والمهام التي تقوم بها في السوق. ونتيجة لحدة المنافسة فإن الاستمرار لا يكتب إلا لهذه المؤسسات المالية القادرة على تقديم خدمات تتسم بكفاءتها مع الاحتفاظ بسجل للأداء الطيب.
وكما سبق أن ذكرنا فإن الأسواق المالية تساعد على تحقيق التوازن ما بين الطلب والعرض من رءوس الأموال. ويمكن تحقيق هذه الغاية عن طريق عمل المؤسسات المالية في هذه الأسواق بواسطة:
(1)
تسهيل وتوزيع الأموال باستخدام عدد من الوسائل الآلية السريعة للدفع/ قبض الأموال.
(2)
التعامل الكفء في السندات القابلة للتداول للمحافظة على التوازن ما بين قوى السوق.
(3)
تقديم خدمات إدارة المحافظ وبالتالي إتاحة إمكانية توفير الخبرة للمستثمرين دون الحاجة إلى الوسائل المتقدمة للدراسة والتحليل.
(4)
إنشاء الأسواق الرئيسية عن طريق ضمان الإصدارات الرئيسية وبالتالي العمل كجهة محايدة ما بين المستثمرين والجهات التي تستخدم الأموال.
(5)
مساعدة المستثمرين على تنويع المخاطر.
(6)
تجميع الأموال الصغيرة لتحسين العائدات وتقليل نفقات المعاملات.
(7)
تخفيض الالتزام الضريبي عن طريق الاستثمار من خلال أكثر الأنظمة الضريبية فاعلية.
وما تقدم هو إيضاح عام وشامل للأدوار التي تقوم بها المؤسسات المالية عن طريق بلوغ التخصيص في مجال واحد أو في عدة مجالات من النشاطات التي يستخدم فيها المستثمرون الوسطاء الماليين لاستغلال أموالهم، ومنها على سبيل المثال شركات التأمين ومؤسسات وحدات الائتمان والصناديق التبادلية والمؤسسات الاستثمارية وبنوك الادخار وجمعيات المباني وغيرها. من ناحية أخرى فإن بيوت الأوراق المالية ومؤسسات السمسرة وبنوك التجارة والاستثمار تقوم بأداء بعض المهام المذكورة أعلاه عن طريق إعطاء الأسواق المالية مزيدا من العمق وقدرة أكبر على العمل بتقديم خدماتها لتحمل المخاطر وخلق الأسواق لمختلف الأدوات الاستثمارية.
2-
7 الحواجز:
تتسم الأسواق المالية بدرجة عالية من المنافسة. وقد أعطى تخفيف القيود التنظيمية دفعة جديدة للتنافس بين الأسواق المالية. ومن المعروف أن (الفرقعة الكبيرة) التي تعرضت لها سوق الأوراق المالية في المملكة المتحدة وما أعقبها في غضون بضع سنوات من حالات الهبوط الشديد كانت راجعة إلى تكبد بعض الأسماء اللامعة في عالم المال لخسائر كبيرة. والواقع أن هذه الخسائر إنما حدثت نتيجة لصفقات مختلفة اتسمت بتقليص شديد لهوامش الربح إلى الحد الذي أدى إلى انصراف الكثيرين عن السوق بما في ذلك كبار المتعاملين.
وبينما تعد حرية العمل التي تسود بعض الأسواق المالية الكبرى نعمة بالنسبة للعملاء فإنها تؤدي إلى التفرقة بين المتعاملين الأواسط والأدنى كفاءة وبين مؤسسات الخدمات المالية التي تتميز بالتجديد والابتكار والحركة السريعة والقدرة على المنافسة. ويعد هذا أيضا من الحواجز الفعالة التي تقف في وجه الوحدات التي تفتقر إلى الكفاءة. وإذا أمعنا النظر في المزايا والمساوئ التنافسية للوسطاء في الأسواق المالية ولا سيما في أسواق الأوراق المالية المدرجة في التسعيرة الرسمية (سواء في البورصات أو في حالات التعامل المباشرة) وجدنا أن هؤلاء الوسطاء يصطدمون بعدد من الحواجز التي تمنع دخول السوق كما تمنع الخروج منها.
ومن تلك الحواجز وفورات الحجم الكبير التي تتمتع بها بيوت الإصدار الضخمة (نتيجة لنفقاتها الثابتة في بعض المجالات مثل البحوث الاقتصادية وتطوير النظم وغيرها، وما تتمتع به من أسعار خاصة فيما يتعلق بتجهيزات الاتصالات – واستئجارها لبعض خطوط الاتصال وحصولها على أسعار مخفضة من وكالة رويتر وتليريت، وقدرتها على اجتذاب مديرين أكفاء يريدون تكريس حياتهم العملية لهذا النوع من النشاط
…
إلخ) . فضلا عن قدرتها على تخصيص موارد مالية كبيرة وموقفها القوي في التفاوض مع كل من المستثمرين والمقترضين نظرا لإمكانياتها الضخمة في مجال تجميع الأموال وتوظيفها.
وثمة حواجز أخرى تفرضها السياسات الحكومية لحماية بعض المشاركين في الأسواق والتي قد تؤدي إلى الإضرار بسائر المشاركين، مثل فرض ضرائب من المنبع أو غير ذلك من الرسوم. بيد أن عمليات سوق المال الأوربية قد قللت كثيرا من تأثير تلك الحواجز.
2-
8 التحليل:
يعتبر العائد الذي يحصل عليه المستثمر من أهم القوى المحركة للأسواق المالية. فالسوق المالية إنما تقوم على توافر أموال المدخرين الذين يقل استهلاكهم عن حجم التدفقات النقدية التي تحت تصرفهم، واستخدام هذه الأموال بواسطة مستخدمي تلك الأموال الذين تفوق احتياجاتهم المالية حجم التدفقات النقدية التي تصلح، أي أن المدخر يريد التضحية بالاستهلاك العاجل في سبيل الحصول على مبلغ أكبر للاستهلاك الآجل.
وربما كان المدخر لا يحتاج إلى هذه الأموال إلا في المستقبل، ويلعب مستوى العائد دورا هاما في تخصيص تلك الأموال المتاحة على أساس تنافسي. ومن هنا يعتبر سعر الفائدة أو مقدار العائد المحرك الأول لتخصيص الأموال للاستثمار. فالمدخر يطلب أن يرد إليه في المستقبل مبلغ أكبر في مقابل السماح باستخدام أمواله في الحاضر.
والواقع أن المبلغ الأكبر إنما يمثل القيمة الزمنية للنقود والمخاطرة التي يتحملها المدخر عندما يترك ماله لغيره وتناقص القوة الشرائية للنقود إلى حين استردادها. وقد تزايدت أهمية هذا العامل مؤخرا نتيجة لارتفاع مستويات التضخم في عدد من الدول الصناعية الكبرى بعد الأزمة النفطية التي شهدتها في منتصف السبعينات. وكان من نتيجة ذلك تزايد أهمية مفهوم معدل العائد في جوهره المعدل الاسمي (سعر الفائدة) مع تعديله مراعاةً لمعدل التضخم. فإذا كان معدل التضخم 5 % والمعدل الاسمي لعائد استثمار معين 7 % بلغ معدل العائد الحقيقي 2 % ومن هنا فإن معدل العائد الحقيقي يعطي صورة أكثر واقعية للزيادة في القوة الشرائية للمدخرات.
بيد أن دور الأسواق المالية لا يقتصر على توزيع الموارد المالية بين الأطراف المختلفة التي تتنافس على الحصول عليها. بل إنها تساعد أيضا على تنويع المخاطر من وجهة نظر المستثمر.
ويتحقق هذا التوزيع نتيجة للاتساع الجغرافي لتلك الأسواق، وتعاملها مع عدد كبير من الصناعات والشركات والمقترضين الحكوميين، والقطاعات الأخرى.
*
**
-3-
الأسواق المالية من منظور النظام الاقتصادي الإسلامي
3-
1 النموذج الاقتصادي الإسلامي
الإسلام أسلوب شامل للحياة لا فيما يتعلق بأمور الدنيا فحسب، وإنما أيضا في الأمور الاقتصادية، ويقوم النموذج الاقتصادي الإسلامي على الأسس التالية:
- الإنصاف والعدل في التعامل مع أموال الغير.
- كسب الربح باستخدام وسائل عادلة.
- كشف جميع المعلومات المتعلقة بالمعاملة.
- احترام المشروع الحر والملكية الخاصة.
- احترام حقوق الآخرين في المجتمع وخاصة الفقراء والمحرومين.
ومن تعاليم الإسلام أن كل عوامل الإنتاج إنما هي ملك الله سبحانه وتعالى، إلا أنه استخلف فيها البشر ليتمتعوا بمنافعها. وقد بلغ من احترام الإسلام للملكية الخاصة أن من يقتل دفاعا عن ماله (الذي ناله بطرق شرعية) يعد من الشهداء. كما يعتبر الكشف عن كل ما يتصل بالمعاملة والأمانة والاستقامة في التعامل مع الآخرين من الأركان الأساسية التي يشترطها الإسلام لمزاولة أي نشاط اقتصادي.
ومن جهة أخرى يؤكد الإسلام على التوازن العادل بين مصلحة المجتمع ومصلحة الفرد. فمع أن النموذج الاقتصادي الإسلامي يقوم على أساس الملكية الخاصة المستمدة من قاعدة الاستخلاف في الأرض إلا أنه يلزم الفرد بألا يهمل استثمار الموارد المملوكة عن طريق الإحياء. فإهمال الأرض الزراعية قد يضر بالاقتصاد القومي، لذلك تقضي الشريعة الإسلامية في شأن من يهمل استعمال أرضه ولا يقوم بزارعتها لمدة ثلاث سنوات بنقل الدولة ملكيتها إلى شخص غيره يستطيع استغلالها لمصلحته ومصلحة المجتمع بالتالي عن طريق زراعتها من جديد.
ويتضح مما سبق أن ثمة تشابها بين الاقتصاد الإسلامي ومفهوم الاقتصاد الحر، فيما عدا مبدأ الحرية المطلقة الذي تأخذ به المجتمعات الرأسمالية والذي يجيز لمن يملك موارد إنتاجية أن يتركها دون استغلال إذا شاء، بغض النظر عن تأثير ذلك على المجتمع. فمثل هذه الممارسات لا تقرها المبادئ الاقتصادية الإسلامية.
ونجد هذا المفهوم الإسلامي ذاته في الزكاة. فبالرغم أن من الهدف الأساسي من فرض الزكاة في الإسلام هو إلزام الأغنياء والأثرياء بإعطاء نسبة محددة من ثروتهم للفقراء والمحتاجين فإن تأدية الزكاة شجع بطريق غير مباشر على خلق ثروات جديدة وعلى النشاط الاقتصادي من حيث إن القادر الذي يؤدي الزكاة يتعين عليه أن ينمي ثروته، بعد اقتطاع نفقات استهلاكه بمعدل 2.5 % سنويا على الأقل حتى تظل القيمة الصافية لثروته دون نقصان من حول إلى حول.
أما تحريم الإسلام للربا عند إقراض المال فإنه مبنى على مبدأ الإسلامي الأساسي الذي يقضي بالعدل في كل المعاملات. فرغم أن المقترض يستفيد في نشاطه من المال الذي يقترضه ويحقق منه ربحا فإنه من الثابت أيضا أنه يتحمل وحده جميع مخاطر فشل ذلك النشاط ويتعين عليه أن يرد رأس المال كاملا مضافا إليه الفائدة المتفق عليها إلى المقرض بغض النظر عن نتيجة استثماره للمال. ومن هنا فإن المقرض يحصل على العائد المستحق له لدى المقترض دون أن يشارك أية مشاركة حقيقية في مخاطر المشروع. أما إذا اعتبرنا أن مالك رأس المال الذي أقرض المال إلى صاحب المشروع قد تحمل المخاطرة فإن نفس الحجة تنطبق عليه عكسيا، لأنه عندئذ يكون له (أي المقرض) الحق في المشاركة في الأرباح التي حققها المشروع لا في نسبة معلومة من أصل القرض. ومن ذلك يتبين أن تحريم الإسلام للفائدة إنما ينبع من الرغبة في إقامة نظام عادل وعدم استغلال ظروف المحتاج أو أي طرف في أي تعامل مالي.
وفي ضوء ما سلف ذكره وبعد أن أوضحنا الكيفية التي تستخدم بها أسعار الفائدة لتخصيص الموارد للمشاريع التي تستحقها نتناول الآن من وجهة النظر العملية تطبيق هذا المفهوم النظري. إذ ينبغي أن توجه الأموال للمشاريع التي تقدم أعلى معدل للمخاطر بالنسبة إلى العائد. ومع هذا وفي الواقع العملي وإذا كانت جميع الظروف مواتية فإن المقرضين يبدون اهتماما أكبر بالملاءة الائتمانية للمقترض وعندئذ تصبح للمشروع أهمية ثانوية. ففي هذه الحالة ينظر المقرض بعين الاهتمام إلى المشروع الذي يتمتع المقترض بوضع ائتماني أفضل حتى إذا كانت عائدات هذا المشروع أقل من مشروع آخر قد يحقق عائدا أفضل لنفس الاعتبارات أو لاعتبارات أخرى خاصة بالمخاطرة. وبالتالي فإن النظام التقليدي الذي يعتمد على العائد بسعر الفائدة المحدد لا يؤمن بالضرورة تخصيص الموارد بطريقة عادلة للمشاريع على أساس من جدواها وعائداتها.
3-
2 عمليات السوق في الإسلام وضوابطها:
يجيز الإسلام بل ويشجع قيام السوق على المبادئ التالية:
(1)
المنافسة الحرة والعادلة.
(2)
تحديد الأسعار بناء على قوى السوق من خلال آلية العرض والطلب.
(3)
توافر معلومات كاملة للمشترين والبائعين عن مختلف جوانب المعاملة التي هم بصددها ولا سيما إذا كانت تلك المعلومات تؤثر على سعر السلعة (وهو ما يطابق مفهوم كفاءة السوق في الأسواق المعاصرة) .
(4)
عدم السماح للقوى الاحتكارية بالتعامل في السوق تجنبا للاستغلال.
(5)
العمل قدر المستطاع على تجنب (الوسطاء) في المعاملات إلا إذا كانوا يؤدون بحسن نية خدمات تساعد على سلاسة التعامل في السوق.
(6)
عدم السماح للمضاربات بتجاوز دورها الاقتصادي في الترجيح من حيث الوقت والمكان ويصبح غاية في حد ذاته وبالتالي تصبح العملية كلها لعبة حظ تلعب من أجل كسب المال. ومثل هذه المضاربات لا تلقى التشجيع حيث أنها تضر بالاستثمار الحقيقي وحيث يتم بسببها تجميد موارد ضخمة بعيدا عن الأنشطة الاقتصادية المفيدة للمجتمع.
ويلاحظ أن هذه المبادئ نفسها تطبق في تنظيم وظائف الأسواق المالية المعاصرة. ففي السوق الاقتصادية الإسلامية تترك الحرية لقوى السوق كي تؤدي دورها في تحديد الأسعار في حالة الاستقرار. أما إذا ظهرت في السوق تأثيرات احتكارية يحتمل أن تؤدي إلى تشويه آلية التحديد الحر للأسعار فإنه يجوز للدولة أن تتدخل حتى تعيد العدل إلى السوق.
ونظرا للطابع الخاص للتمويل الإسلامي الذي يقتضي من المؤسسة أو عملائها الذي يودعون أموالهم لدى البنك أن يتحملوا المخاطر التجارية للأعمال التي يستثمر فيها البنك أمواله فإنه ينبغي للبنك أن يتخذ بعض التدابير الإضافية للتحكم في عناصر المخاطرة حتى يحتفظ بمكانته في الأسواق ويكفل للمستثمرين الأمان والحصول على عائد مناسب.
والواقع أن المؤسسات الإسلامية ليست مطالبة فحسب – شأنها شأن المؤسسات التقليدية- بأن تتوخى الحيطة فيما يتعلق بمعايير الاستثمار بل إنها يجب عليها أن تتأكد أيضا من عدم الإخلال في أي وقت من الأوقات بتعهدها بالالتزام، بأحكام الشريعة الإسلامية. ولذا كان من الضروري القيام بمتابعة مستمرة لضمان الالتزام التام بالشريعة وتحمل مسئولياتها في هذا الصدد ومن هنا تخضع المؤسسات المالية الإسلامية لمراجعة إضافية من جانب هيئة الرقابة الشرعية فضلا عن المراجعة العادية من جانب مراقبي الحسابات الخارجين.
إن الأسواق المالية تخضع لقواعد ولوائح مختلفة تصدرها السلطات والهيئات المحلية كما تلتزم في الوقت نفسه بمبادئ توجيهية داخلية ونظم صارمة تفرضها على نفسها. ومن بين السلطات التي تشترك عادة في الإشراف على نشاط تلك الأسواق السلطات النقدية المركزية ووزارات المالية والسلطات المعنية بقانون الشركات وغيرها. وتشمل السلطات المحلية مجلس البورصة أو سوق الأوراق المالية وهيئة سوق الأوراق المالية. كما أن التوجيهات الصادرة عن اتحادات البنوك والهيئات المماثلة تساعد على تحقيق الانضباط الذي تتوخاه تلك المؤسسات من تلقاء نفسها.
3-
3 الأسواق المعاصرة والمؤسسات الإسلامية:
يتخذ تدخل المؤسسات في الأسواق المالية الوساطة في المقام الأول. ويلاحظ أن تجنب المؤسسات المالية الإسلامية الواضح للفائدة قد حد من أنشطتها ووظائفها في الأسواق التقليدية المعاصرة وجعلها تقصر معاملاتها على عدد محدود من الأدوات المالية.
ومن ذلك الحصص والأسهم في رءوس أموال الشركات المدرجة في البورصات في البلدان الصناعية والتي تعمل وفقا لمبادئ اقتسام الأرباح والخسائر، مع وجود سوق جيدة تقوم على مبادئ العرض والطلب، وغيرها. ويتوخى المستثمرون المسلمون الحرص الشديد فيما يتعلق بأنشطة تلك الشركات في تلك البلدان وعلاقتها بالفائدة (دفع فوائد على القروض أو تقاضي فوائد على فوائض الأموال) . ومن المجالات الأخرى التي تستطيع المؤسسات الإسلامية المشاركة فيها عمليات شراء السلع المادية ثم إعادة بيعها أو توزيعها، وشراء بعض الشركات الصغيرة أو المتوسطة وإعادة تشكيل هياكلها التمويلية بما يتفق مع المبادئ الإسلامية، والمشاركة في رءوس أموال المشروعات الجديدة والاستثمارات العقارية الممولة بالكامل بمساهمات نقدية دون اللجوء إلى الاقتراض وتكوين شركات الاستثمار المشترك بناء على استثمارات مشروعة من وجهة النظر الإسلامية مع إدراجها في البورصات والتعامل فيها.
وبديهي أن دخول وسطاء إسلاميين في هذا المجال سيكون بمثابة تجربة جديدة. ومن ثم فإن قيامهم بدور محسوس في هذه السوق الواسعة لا بد وأن يتم بطريقة تدريجية. وربما كان الأسلوب الأمثل في البداية هو التعاون مع بعض شركات الاستثمار الغربية في التعامل مع عدد (المنتجات) المشروعة إسلاميا حتى تكتسب المؤسسات الإسلامية خبرة في هذه المجالات. ويتعين على المؤسسات الإسلامية لكي تحقق هذه الغاية أن تجتذب الكفاءات المناسبة وتحافظ عليها. وعلى الرغم من أنه يمكن للمؤسسات الإسلامية أن تطرح في الأسواق المالية المعاصرة عددا من الأدوات المالية الإسلامية القابلة للتسويق بل واشتراك بعض المؤسسات التقليدية فيها، فإنه من الأهمية بمكان أن تكون المؤسسات الإسلامية على وعي تام بالفرص والمخاطر التي ينطوي عليها التعامل بنشاط في تلك الأسواق.
*
**
-4-
البنوك المركزية ودورها في الأسواق
4-
1 الوظائف الأساسية:
إن البنك المركزي للدولة هو المسئول عن التأكد من أن الأساس الذي يقوم عليه النظام المالي يتمشى مع أهداف سياساتها ومع احتياجاتها ومتطلبات تقدم مؤسساتها المالية، ويستلزم ذلك من البنك المركزي أداء الوظائف التالية:
(1)
تنفيذ السياسات النقدية.
(2)
تنظيم عملية دخول الأسواق المالية عن طريق الإجراءات الخاصة بالترخيص.
(3)
التفتيش الدوري (المادي وعن طريق البيانات الإلزامية المختلفة) على المؤسسات المالية.
(4)
تحديد الضوابط المختلفة وضمان الالتزام بها (نسبة السيولة ونسبة كفاية رأس المال
…
إلخ) .
والبنوك المركزية في الدول الصناعية لا تحتاج إلى القيام بدور نشط في النهوض بالأسواق المالية، لأن تطور اقتصادياتها قد أدى بالفعل إلى قيام أسواق متقدمة للنقد ورءوس الأموال. أما في البلدان النامية فإن هذه الأسواق لم تبلغ بعد مرحلة التطور الكامل مما يحد بصورة خطيرة من إمكانيات النمو الاقتصادي في تلك الدول ومن التطور القطاعات المالية بها. ولذا يتعين على البنوك المركزية في البلدان النامية أن تضطلع بدور هام في تطوير أسواقها المالية حتى يكتب لها الخروج من هذه الحلقة المفرغة.
ولما كانت معظم البلدان الإسلامية لا تزال في طور (النمو) ، فإنها تفتقر إلى الأسواق المالية المتقدمة. ويلاحظ في هذا الصدد أن إنشاء عدد من المؤسسات المالية الإسلامية خلال العقدين الماضيين قد استلزم إيجاد معاملة خاصة بها وتم إدخال بعض التعديلات على قوانين البنوك في البلدان الإسلامية لمعالجة بعض الشؤون الأخرى.
المتعلقة بها. بيد أن هذه التعديلات كانت تستهدف إزالة بعض العقبات التي كانت تعرقل قيام المؤسسات الإسلامية بأعمالها أكثر مما تستهدف ضمان معاملة خاصة من قبل البنوك المركزية.
2-
4 البنوك المركزية في البلدان الإسلامية والنشاط المصرفي الإسلامي:
تشكل البلدان الإسلامية الأسواق الطبيعية التي يمكن فيها للمؤسسات المالية الإسلامية أن تنمو بحيث يمكنها حجم عملياتها من التنافس على قدم المساواة مع سائر المؤسسات التقليدية العاملة في الأسواق المالية الدولية.
ومن المعروف أن المؤسسات الإسلامية لا تزال في أطوارها الأولى وتحتاج من البنوك المركزية في الدول الإسلامية التي تعمل فيها إلى إطار يكفل لها النمو حتى يشتد عودها.
وقد شكلت في 1981م في أعقاب المناقشات التي دارت في اجتماعات محافظي البنوك المركزية للبلدان الإسلامية لجنة من الخبراء لدراسة وإعداد المبادئ التوجيهية اللازمة للنهوض بالنشاط المصرفي الإسلامي وتنظيمه والإشراف عليه. وتضمنت توصيات اللجنة التوصية إلى البنوك المركزية بتوفير الموارد المالية اللازمة للبنوك الإسلامية لتمكينها من دخول السوق المصرفية للتعامل بين البنوك في الأوقات التي تواجه فيها البنوك الإسلامية نقصا في السيولة. كما أوصت اللجنة بأن تعمل البنوك المركزية على استحداث صكوك بدون فائدة تساعد المصارف الإسلامية على الوفاء بمتطلبات السيولة القانونية واستخدام تلك الصكوك في توظيف فائض السيولة بما يعود عليها بالربح.
وقد اعتمدت هذه التوصيات الصادرة عن لجنة الخبراء من قبل محافظي البنوك المركزية والسلطات النقدية في البلدان الإسلامية. ومع ذلك نجد أن فيما يتعلق بتنفيذ هذه التوصيات فإنه من المؤسف أن ما أحرز من تقدم في هذا المضمار قد كان بطيئا. وكانت أكبر ميزة لتشكيل لجنة الخبراء تتمثل في إجراء الاتصالات الدورية ما بين البنوك الإسلامية وممثلي البنوك المركزية للبلدان الإسلامية عن طريق عقد الاجتماعات المنتظمة. وفي وقت سابق من العام الحالي (1989م) عقد الاجتماع الخامس على مستوى الخبراء للبنوك الإسلامية في أبو ظبي برعاية البنك المركزي لدولة الإمارات العربية المتحدة. وقد تم في هذا الاجتماع بحث العديد من القضايا الهامة التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على السياسات النقدية نتيجة لعمليات البنوك الإسلامية مثل (تأثير الأنماط الإسلامية للتمويل على التوسع النقدي) ، ووضع نظام محاسبي موحد للبنوك الإسلامية وتطوير الآلية المناسبة لإعداد التقارير عن أنشطة البنوك الإسلامية لتقديمها إلى البنوك المركزية. ومن جديد، فقد نوقشت بالتفصيل مسألة تطوير الأدوات الاستثمارية ذات السيولة العالية لتلبية متطلبات السيولة مع الاحتفاظ في نفس الوقت بالأرباح. ومن الأمور التي نوقشت في الاجتماع كان دعم التعاون ما بين البنوك الإسلامية والبنوك المركزية. ومن المقرر أن يعقد الاجتماع القادم من البحرين.
وبالنسبة للبنوك الإسلامية، فإن أهمية التعاون مع البنوك المركزية لا يمكن تقدير علو مكانتها. ولقد كانت هذه البنوك الإسلامية تعتمد على مواردها الخاصة من أجل الاحتفاظ بالسيولة النقدية الضرورية، لعدم قدرتها إلى الالتجاء إلى الأسواق المالية وكذلك عدم حصولها على وعد قاطع من البنوك المركزية بدعمها عند الحاجة، قد حد كثيرا من عملياتها. ذلك أن اعتبارات السيولة تجعل المؤسسات الإسلامية تحجم عن الاستثمار في أية عمليات طويلة الأجل نسبيا ومن ثم تجد نفسها مضطرة إلى استخدام مواردها في أصول تدر عوائد غير تنافسية، فضلا عن أن هذه العوامل تعرقل التقدم نحو إقامة سوق مالية إسلامية متطورة. وبالتالي فإن أية مساعدة ودعم يقدمان من البنوك المركزية، في البلدان الإسلامية، إلى البنوك الإسلامية سوف تكونان بالتأكيد من التطورات الإيجابية.
4-
3 العمل المصرفي الإسلامي في ظل البنوك المركزية التقليدية:
لا يجوز للمصارف الإسلامية في ظل العمل المصرفي الإسلامي قبول الودائع على أساس ضمان عائد محدد مسبقا للعميل. فالمصرف الإسلامي يتلقى الأموال من العميل في إطار اتفاق بين الطرفين لإدارة تلك الأموال. ويحيل إلى العميل ما ينتج من ربح أو خسارة عن استثمار الأموال في أوجه الاستثمار المشروعة إسلاميا بعد اقتطاع الأتعاب المستحقة له عن إدارتها. وهذا الأسلوب في التعامل أقرب إلى أسلوب صناديق الاستثمار التبادلي. أما في ظل النظام المصرفي التقليدي فإن ودائع العملاء تعد التزامات مباشرة على المصرف ومن ثم تدرج في باب الخصوم. ويلتزم المصرف بدفع العائد الذي تعهد به إلى صاحب الوديعة أيا كانت نتيجة استخدام تلك الودائع. وقد كان من نتيجة هذا الفرق الواضح في أسلوب التعامل أن البنوك المركزية في مراكز المال الرئيسية في العالم لا تدرج المصارف الإسلامية في عداد (البنوك) . بيد أنه إذا قامت المصارف الإسلامية بضمان الودائع (دون وعد بأي ربح) في ظل مفهوم (الأمانة) الإسلامي، فإن تلك الودائع يمكن أن تعتبر من قبيل الالتزامات المباشرة على المصارف الإسلامية، بالاستناد إلى هذا الأساس فقد تقدمت بعض البنوك الإسلامية العاملة في إطار النظام المالي الغربي بطلبات للحصول على رخص للعمل كمصارف.
في إنجلترا، تشترط الأنظمة المصرفية ضرورة قيام (البنك) بضمان المبلغ الأصلي المودع من أحد العملاء لديه. وعلى البنوك الإسلامية، الراغبة في العمل في النظام المالي الغربي، أن تستفيد من هذه الفكرة عند تقديم طلباتها للحصول على ترخيص للعمل في هذه البلاد.
بيد أن النظام الإسلامي القائم على العدل والذي يقضي بمكافأة المدخر على أساس المشاركة في الربح والخسارة. يمكن أن يطبق في البلدان الصناعية في ظل نظام تراخيص الاستثمار. ويلاحظ في هذا الصدد أن قوانين الولايات المتحدة الأمريكية تفرق بوضوح بين النشاط المصرفي التجاري الذي تقوم به البنوك التقليدية والنشاط المصرفي الاستثماري الذي تمارسه المؤسسات المالية الأخرى وذلك طبقا لقانون البنوك الصادر عام 1933م، والمعروف باسم قانون جلاس – ستيجال.
وترجع بعض العقبات الأخرى التي تعترض سبيل المصارف الإسلامية في ظل النظم المصرفية التقليدية إلى ما درجت عليه البنوك المركزية من استخدام آلية أسعار الفائدة، للتحكم في سياسات التوسع في الائتمان ولجوئها إلى عمليات (السوق المفتوحة) ، ومن هنا تحجم البنوك المركزية في تلك الدول عن منح صفة (البنوك) لتلك المؤسسات التي يحتمل أن يكون لها تأثير على سياسات التحكم في التوسع النقدي دون أن تخضع لرقابة البنوك المركزية بسبب عدم احتسابها أية فوائد على الأموال التي تتدفق منها في اقتصاد تلك الدول. غير أن هذا الاعتبار يغلب عليه الطابع النظري في الوقت الحاضر نظرا لضآلة حجم النشاط المصرفي الإسلامي بالمقارنة بالنشاط المصرفي التقليدي في تلك البلدان.
أما عن الاشتراطات الأخرى لمزاولة العمل المصرفي مثل تقديم كشوف المعلومات الإلزامية ونسبة السيولة ونسبة كفاية رأس المال
…
إلخ، فإنه يسهل على المصارف الإسلامية العاملة في ظل النظم المالية التقليدية الوفاء بها.
*
**
-5-
تطور الأدوات المالية الإسلامية
5-
1 مقدمة:
في ضوء المعلومات التي جاءت في الأبواب الأربعة السابقة فإنه من المناسب بحث خصائص وتطور الأدوات المالية والاستثمارية الإسلامية التي تستعملها المؤسسات المالية الإسلامية. وينظر إلى هذه الأدوات من وجهة نظر دولية أكثر من وجهة النظر في نطاق الاقتصاد الإسلامي البحت. وهذا الأسلوب الشامل يعتبر أكثر تناسقا في الظروف الاستثمارية العامة السائدة حاليا في العالم حيث يجد الاتجاه إلى العالمية والتدويل في الخدمات المالية إقبالا كبيرا. مع هذا قبل أن نتناول مختلف الأدوات المالية فلن يكون من غير المناسب أن نبحث عددا من العقبات التي تواجه المؤسسات الإسلامية في جهودها لتحقيق تقدم سريع في هذا المجال.
5-
2 القيود المفروضة على تطوير السندات الإسلامية القابلة للتداول:
نتيجة للقيود التالية التي تواجه المؤسسات المالية الإسلامية، فإن عدد السندات المالية القابلة للتداول التي قامت هذه المؤسسات حتى الآن بتطويرها ليس كبيرا:
(1)
الحداثة النسبية للمؤسسات الإسلامية.
(2)
دخول عنصر الفائدة بشكل أو آخر في معظم الأدوات المتوفرة في السوق التقليدية المعاصرة.
(3)
نقص الخبرة في الأعمال المصرفية الاستثمارية
…
إلخ.
ويتحتم على المؤسسات الإسلامية أن تدرك الحاجة إلى تطوير الأدوات القابلة للتداول لكي تدخل غمار المنافسة في الأسواق المالية. وهذه الأدوات سوف تساعد في اجتذاب مزيد من القبول لهذه المؤسسات على نطاق واسع في عالم المال والاقتصاد إذا كانت نوعية هذه الأدوات مقبولة لدى البنك المركزي في القطر الذي تباشر فيه المؤسسة أعمالها فقد تستعمل هذه الأدوات لتلبية متطلبات الاحتياطات المفروضة من قبل البنك المركزي.
فعلى سبيل المثال إذا كانت المؤسسة قد شاركت في إصدار قصير الأجل لأحد الأدوات القابلة للتداول في إحدى صفقات المرابحة – فرضا – لإحدى الدول، عندئذ فإنه إذا كانت مخاطر تلك الدول المدينة مقبولة من البنك المركزي للقطر الذي يوجد فيه مقر المؤسسة المشاركة فإنه يمكن للمؤسسة أن تقدم إلى البنك المركزي شهادة المشاركة للوفاء بمتطلبات السيولة.
وبالتالي فإن تطوير الأوراق المالية القابلة للتداول سوف يساعد المؤسسات الإسلامية في اكتساب سيولة أفضل على مستوى عملياتها في الأسواق المالية بالإضافة إلى الاستفادة من الأوراق المالية القابلة للتداول بالنسبة للمخاطر المقبولة لكي تفي بالمتطلبات الأخرى.
5-
3 العملية التطويرية للخدمات المالية الإسلامية:
- المرحلة التمهيدية:
5-
3-1 خلق العوامل التي تدعو إلى الثقة: أخذت البنوك الإسلامية والمؤسسات الاستثمارية التي نشطت في التعامل في أموال واستثمارات المسلمين الراغبين في الابتعاد عن الأدوات الاستثمارية الربوية تعمل على تطوير أدواتها التي حرصت على أن تكون خالية تماما من عنصر الفائدة وأن تؤمن أيضا تقديم عائدات أكبر بعد أن تضع في اعتبارها معدلات المخاطر بالنسبة إلى الربح. مع هذا فنظرا لأن هذه المؤسسات لا تقدم ضمانا حتى للمحافظة على رأس المال ناهيك عن أي عائد على هذه الاستثمارات فإن دخولها مجال المعاملات المالية لم يكن يسيرا من حيث وضعها التنافسي في مواجهة المؤسسات المالية التقليدية على أساس اعتبارات السلامة.
وبالنسبة للمسلم الحريص على اتباع تعاليم الدين الحنيف فإن اهتمامه الأول ينصب على تفادي المعاملات الربوية. مع هذا فإن هذا الحرص لا يعني أن يعرض نفسه لمخاطر لا داعي لها لا سيما وأن اختيار الاحتفاظ بالأموال على شكل مبالغ نقدية في الحسابات الجارية متوفر دائما. وبالتالي ومن وجهة النظر التنافسية العامة فإنه تعين على المؤسسات المالية الإسلامية أن تخلق أسبابا تدعو إلى الوثوق بها حتى قبل أن يبدي المسلم الذي يتبع مبادئ الشريعة اهتماما بإعطاء مدخراته التي كسبها في حياته بصعوبة إلى هذه المؤسسات لإدارتها.
وقد شهد القطاعات المالية في جميع الاقتصاديات الغربية المتقدمة تغيرات هائلة خلال العقد الماضي. وبينما كانت هناك العديد من حالات الإفصاح عن المعلومات عن معاملات ومصالح الوسطاء كما أمكن تحقيق درجة كبيرة من العالمية الشاملة فقد زادت الجهود للحفاظ عليها وحماية حقوق المستثمرين. وفي ظل هذه الظروف فقد تعرضت البنوك الإسلامية لضغوط متزايدة لخلق العوامل القوية التي تدعو إلى الثقة وإعطاء (شعور ضمني بالأمان) للمستثمرين على أساس الخبرة السابقة بالنظر إلى عدم وجود التزام كتابي وتعاقدي لتقديم الضمان للأموال المستثمرة.
5-
3-2 الاستراتيجية الاستثمارية المبدئية: إن الحاجة إلى خلق العوامل التي تدعو إلى الثقة في البنوك الإسلامية تفرض عليها ضرورة اتباع الاستراتيجيات الإسلامية الحريصة وانتهاج السياسات الحكيمة في استغلال أموال المستثمرين وقد توجه اهتمام خاص للمحافظة على نسبة عالية من السيولة من أجل المحافظة على ثقة المستثمرين في جميع الظروف حتى إذا أرادوا سحب أموالهم قبل مواعيد الاستحقاق. ومن الواضح أن هذا الأسلوب قد حقق نتائج طيبة في دعم ثقة المستثمرين بالمؤسسات المالية الإسلامية. مع هذا فقد أمكن تحقيق هذا على حساب تقديم عائدات صافية إلى المستثمرين خاصة وأنها قد كانت عائدات متواضعة نسبيا بالمقارنة بالودائع المصرفية العادية.
5-
3-3 التطورات الأخيرة: انتقلت المؤسسات الإسلامية المالية في الآونة الأخيرة إلى المرحلة الثانية في نشاطاتها الاستثمارية بعد خلق عوامل الثقة المثيرة للإعجاب بتوفير السلامة والأمان وبالمحافظة على أموال المستثمرين خاصة مع عدم وجود أي التزام تعاقدي بالقيام بذلك. وقد اكتسبت عوامل الثقة هذه مزيدا من الأهمية وأصبحت ملموسة أكثر بالنظر إلى تجارب العديد من المؤسسات الاستثمارية التقليدية التي عانت كثيرا نتيجة (لانهيار بورصة الأوراق المالية في أكتوبر 1987م) والتقلبات الأخرى في بعض الأسواق المالية الدولية.
5-
4 المرحلة الثانية للتطوير:
ينطوي الانتقال إلى المرحلة الثانية في نشاطاتها الاستثمارية أن تتجه المؤسسات الإسلامية إلى الجمع ما بين حاجتها إلى تقديم فرص استثمارية مأمونة ومضمونة مع فترات استحقاق أطول نسبيا. ويعني هذا أن عامل السلامة سوف يظل في صدارة الاعتبارات لكن العائد سوف يتحسن بدرجة هائلة على حساب قدر معين من السيولة وبالتالي سوف يصبح أداء هذه المؤسسات تنافسيا أكثر من المؤسسات المالية التقليدية الأخرى.
*
**
-6-
الأدوات المالية الإسلامية
يتضح من الأبواب السابقة مدى أهمية الدور الذي تقوم به المؤسسات المالية في تطوير السوق. وفي عالمنا الراهن حيث لا يمكن للمؤسسات التجارية أن تستمر في العمل في معزل عن غيرها وفي وسط احتدام المنافسة يعني هذا أن البقاء للأصلح ومن ثم فإنه من الممكن بالنسبة للمؤسسات المالية الإسلامية أن تواصل المحافظة على الزخم الذي حققته حركتها خلال العقدين الماضيين والعمل بأسلوب جديد من أجل مواجهة الضغوط التنافسية التي تفرضها عليها الأسواق المالية التقليدية ويكون ذلك فقط عن طريق تطوير سوق مالية إسلامية تدار بكفاءة باستخدام أدوات أعدت وصممت بطرق جيدة.
وتوجد لدى المؤسسات المالية الإسلامية أدوات يمكن لها عن طريقها خلق سندات قابلة للتداول. وباستخدام آلية (سوق المعاملات الأوربية) فإن هذه الأدوات يمكن أن تدرج في أية بورصات تقبل إدراج (إصدارات السندات الأوربية) ولأغراض المقاصة فإنه يمكن الاستفادة من خدمات مؤسسات مثل يوروكلير أوسيديل.
هذا ويمكن تصنيف الخدمات المقدمة من المؤسسات المالية الإسلامية على الصعيد الدولي بشكل عام إلى مجالين – تمويل الخدمات المقدمة إلى العملاء الذين وطدت علاقة العمل معهم عن طريق تقديم الأموال إليهم بشكل أو بآخر وتقديم الخدمات الاستثمارية إلى المستثمرين الذين توجد لديهم أموال الاستثمار في الفرص المقبولة إسلاميا. ونوضح فيما يلي هذين النوعين من الخدمات بالتفصيل:
6 -
1 أدوات التمويل الإسلامية:
تلعب المؤسسات المالية دور الوسيط مثلها في ذلك مثل المؤسسات التقليدية الأخرى. فمن ناحية فإنها تقدم تسهيلات التمويل إلى عملائها – المؤسسات والأفراد – ومن ناحية أخرى فإنها تجتذب الأموال من المستثمرين الذين تتوفر لديهم أموال فائضة للاستثمار. والدور الذي تقوم به المؤسسات يتمثل في توجيه هذه المدخرات إلى وسائل التمويل المسموح بها بموجب الشريعة الإسلامية والتي يجب أيضا أن تفي بالمعايير الاستثمارية للمستثمرين. من أجل تلبية متطلبات التمويل لعملائها في السوق الدولية فإن المؤسسات المالية الإسلامية كانت قد استخدمت أدوات التمويل التالية:
6-
1-1 المرابحة والتسهيلات الأخرى ذات العلاقة بالتجارة:
من البديهي أن الله سبحانه وتعالى قد حرم الربا في قرآنه الكريم وفي نفس الوقت فقد أحل التجارة وطلب من المؤمنين ضرورة التفرقة بينهما. وتنطوي المرابحة أساسا على تقديم التسهيلات إلى أحد العملاء للحصول على البضاعة لأغراض المتاجرة و/أو الاستهلاك مع السماح له بسداد مقابلها بما في ذلك الربح إلى المؤسسة المالية التي تقدم التمويل في المستقبل حسب الجدول الزمني المتفق عليه. ويقوم البنك بهذه العملية بالضرورة لامتلاك البضاعة أولا (تنتقل ملكية هذه البضاعة إلى البنك) ثم يقوم البنك ببيع هذه البضاعة إلى العميل.
وعلى المستوى الدولي فإن هذه المعاملات قد استعملت في البلدان الإسلامية لاستيراد البضائع من دول أخرى (مثل استيراد زيت النخيل لمصر من ماليزيا) وامتلاك البضائع قبل تصديرها حيث تتحقق الأرباح للمؤسسة المالية من حصيلة التصدير (مؤسسة تصدير الأرز الباكستانية ومؤسسة تصدير القطن الباكستانية قد استفادتا من هذا النوع من التمويل بفعالية بالغة) .
بيع السلم: وهو إحدى الوسائل للتعامل التجاري وفقا لمبادئ الشريعة الإسلامية. وفي الأصل كانت الفكرة تطبق على الإنتاج الزراعي لكنه امتدت فيما بعد بحيث شملت مجال الصناعة والمجالات الأخرى. وبالضرورة وفي نطاق نظام بيع السلم، فإن التمويل يقدم إلى أحد المنتجين لكي يقوم بتسليم بضائع ذات مواصفات محددة في وقت معين في المستقبل. وبالتالي فإن بيع السلم هو عبارة عن شراء البضاعة بالدفع مقدما مع تحديد موعد للتسليم في وقت لاحق. يمكن للبنوك أن تستفيد من هذه الفكرة في تطوير أسلوب لتمويل المنتوجات مع الدفع مقابلها مقدما إلى المنتجين مقابل شراء بضائعهم بعد السماح بالمدة الزمنية المعينة المطلوبة لتصنيعها وعندئذ بيع هذه البضاعة إلى الغير بسعر أعلى لاسترداد المبلغ المدفوع مقدما من البنك (باعتباره سعر الشراء) بالإضافة إلى الأرباح. ويمكن أن تستعمل هذه التسهيلات بطريقة فعالة في تمويل المرحلة السابقة للتصدير والمراحل السابقة للإنتاج بوجه عام وذلك من قبل البنوك الإسلامية لتوفير التمويل اللازم للمنتجين لإنتاج البضائع القابلة للتصدير أو البضائع المطلوبة في السوق المحلية والتي قد توجد طلبيات مؤكدة لشرائها من الغير وتغطيها عادة خطابات الاعتماد المفتوحة بالفعل لشراء هذه البضائع. وخطابات الاعتماد هذه قد تكون مفتوحة بالفعل لصالح البنك الذي اشترى البضاعة، بموجب نظام بيع السلم حيث إن البنك هو المالك الفعلي للبضاعة، متى تم توفيرها له في التاريخ المحدد بمقتضى نظام بيع السلم. من أجل تغطية وضعه من إساءة استخدام الأموال من قبل البائع، فإن البنك يتوخى الحذر البالغ في اختيار الطرف الذي يعتزم إبرام اتفاقية بيع السلم معه. وبدلا من ذلك، فإنه يمكن للبنك أن يطلب ضمانا أو نوعا آخر من الضمان الإضافي لحماية نفسه من المخاطرة حتى يتم تسليم البضائع الموعودة.
والمبدأ الآخر الخاص بالاستصناع يمكن توجيه تقديم طلب لصناعة صنف محدد من السلع مقابل، أو بدون، دفع سعر الشراء مقدما، يمكن اختيار هذا الأسلوب كوسيلة للتمويل، وذلك لأنه بموجب نظام الاستصناع لا يتم تحديد أجل زمني معين بشأن تسليم البضائع المطلوبة.
وتكون تسهيلات المرابحة في التجارة الدولية عادة لمدد قصيرة تصل إلى سنة واحدة. مع هذا فقد طلب في الآونة الأخيرة تطويل هذه المدد لبلدان معينة مثل الجزائر لفترات أطول. ويمكن سداد السعر بما في ذلك الربح بمبلغ مقطوع أو بأقساط على أساس السيولة النقدية المتوقع أن يحققها العميل. بالرغم أن ملكية البضاعة بموجب معاملات المرابحة تنتقل إلى العميل فإنه يمكن للمؤسسة المالية أن تحتفظ لديها برهن على البضاعة أو على موجودات أخرى بصفة ضمان فعلي وملموس لسداد المديونية المستحقة لها.
ومن أجل دعم عملية امتلاك البضاعة بموجب تسهيلات المرابحة على المستوى الدولي فقد يطلب من البنك الإسلامي فتح خطاب اعتماد نيابة عن العميل لأغراض الاستيراد. كما يمكن للمؤسسة المالية أن تقدم الخدمات التكميلية الإضافية مثل خدمات النقد الأجنبي وتداول المستندات وغيرها.
6-
1-2 الإجارة والاقتناء:
(1)
الإغراء بالنسبة للمؤسسات المالية: توفر الإجارة في المعاملات على المستوى الدولي فرصا جيدة للمؤسسة المالية الإسلامية للعمل مع كبرى الشركات الدولية عن طريق توفير تسهيلات التأجير للبضائع والأصناف ذات القيمة المالية الكبيرة. فمن وجهة نظر المؤسسة المالية فإن هذه الأنشطة تؤمن أسلوبا للتمويل ينطوي على مخاطر محدودة وضمانا يتمثل في الموجودات التي يجري التعامل فيها (التي تظل ملكيتها محفوظة باسم المؤجر) بالإضافة إلى معدل ربح طيب. وبالنسبة للمستأجر فإن المنتوج يكون معروفا جيدا ومن السهل فهم طبيعته، والمزايا الأخرى التي يحققها المستأجر تتمثل في تفادي الإنفاق الاستثماري الضخم واعتبار الإيجار المدفوع من وجهة النظر الضريبية بأنه مصروفات.
(2)
الأنواع الرئيسية: يوجد نوعان رئيسيان من الإجارة (أ) إجارة التمويل و (ب) إجارة التشغيل.
بمقتضى إجارة التمويل فإن المؤجر يملك بعض الموجودات وفقا لحاجة المستأجر ويؤجرها له مقابل أجرة تحتسب على أساس تكلفة الموجودات بالإضافة إلى ربح المؤجر ويكون ذلك عادة لمدة أقل من العمر التشغيلي للموجودات. وبالتالي فإنه بموجب إجارة التمويل لا يتحمل المؤجر خطر القيمة المتبقية من الموجودات أو الخطر الناشئ عن عدم استغلال الموجودات وهي نوع من المعاملة المتكاملة حيث يكون العائد المقدم من الإجارة بالتمويل محددا بدرجة كبيرة ومتوقعا منذ البداية. مع هذا فقد أعرب بعض العلماء المسلمين عن تحفظاتهم تجاه شرعية الإجارة بالتمويل بسبب الحقيقة القائمة بأن المؤجر لا يتحمل الأخطار المالية الكاملة للمعاملة.
وبموجب إجارة التشغيل فإن الموجودات التي يقوم المؤجر باستقنائها تعتمد على تقويمه للطلب عليها في السوق وحاجة المؤسسات إليها في ذلك الوقت. وبالتالي فإن الموجودات التي تشملها إجارة التشغيل تؤجر إلى أحد المستأجرين لمدة محددة من الوقت قد تعادل أحد كسور العمر التشغيلي للموجودات. ومتى يكون المستأجر قد استعمل الموجودات في ذلك الوقت فإنه يمكنه إعادتها إلى المؤجر. عندئذ فإن الموجودات تبقى في انتظار مستأجر آخر لكي يستأجرها. وحتى يحين الوقت الذي يأتي فيه مستأجر آخر فإن الموجودات تظل بدون استعمال مع المؤجر وبدون إنتاج أي إيراد إيجاري. وفي نطاق إجازة التشغيل فإن على المؤجر أن يتحمل خطر تقادم المعدات. وتنطوي إجارة التشغيل على مخاطر أكبر ومن الحتمي ضرورة تقويم جميع الجوانب ذات العلاقة قبل تأجير أحد الموجودات بموجب إجارة التشغيل.
ومن أجل التعويض عن الأخطار الأكبر والنفقات الإدارية فإن معدل الإيجار يحدد بمستوى أكبر بموجب إجارة التشغيل عنه في حالة إجارة التمويل، كذلك فإن طبيعة الموجودات المؤجرة بموجب هذه الأنواع من الإجارات تتباين. فبينما تميل الموجودات المؤجرة بموجب إجارة التمويل إلى أن تكون متخصصة أكثر ومن نوع أكثر تحديدا فإن الموجودات التي تؤجر بموجب إجارة التشغيل تكون ذات نوع أكثر شمولية.
(3)
اختيار الموجودات: من أجل مواجهة مخاطر إخلال المستأجر بالوفاء بالتزامه فإنه من الضروري أيضا المشاركة في الإجارة بالنسبة لهذه الموجودات التي تتمتع بقابلية جيدة للتسويق على المستوى الدولي. وكما سبق أن ذكرنا فإن عمليات الإجارة على المستوى الدولي قد تكون مناسبة للمواد والأصناف ذات القيمة العالية. وفي هذا الصدد فإن الإقبال الكبير على هذا النوع من التمويل للطائرات قد خلق ظروفا تنافسية للغاية.
وقد أثبتت الطائرات أنها عبارة عن استثمارات مجزية على مر السنين. فعلى الرغم من التطورات والتحسينات التقنية فإن الطلب على الطائرات القديمة قد ظل عاليا بسبب الزيادة في الحركة الجوية بالإضافة إلى الوقت الطويل اللازم لإنتاج الطائرات الجديدة. والموجودات الأخرى هي السفن القديمة التي شهدت طلبا متزايدا عليها في أعقاب الارتفاع الهائل في أسعار السفن الجديدة وعدم استعداد شركات الملاحة في الوقت الحاضر لتقديم طلبات لشراء سفن جديدة. والموجودات التي قد تكون مناسبة للتأجير (تفضل أن تكون على أساس إجارة التمويل) هي أنظمة الكمبيوتر المتكاملة والأجهزة الطبية مثل أجهزة الفحوص الداخلية وغيرها.
6-
1-3 تمويل المشاريع:
(1)
المبدأ الإسلامي: يمكن للمؤسسة الإسلامية المالية أن تشارك في تمويل أحد المشاريع على أساس (المشاركة في الربح) مع أحد العملاء بموجب نظام المشاركة.
ويتطلب هذا النوع من التمويل أن يحتفظ العميل بالسجلات المحاسبية للمشروع على أساس منفصل تماما من أنشطة الأعمال الأخرى حتى يمكن تحديد النسبة العادلة من الربح العائدة إلى المشاركين في التمويل بعد مواجهة أتعاب الإدارة المتفق عليها. ولن يكون هذا الأمر صعبا إذا أمكن معاملة المشروع على أساس (الوضع المنفرد) خاصة إذا لم يكن هناك تداخل ما بين المشروع والأعمال الأخرى للعميل.
(2)
مصدر السيولة: إن الاعتبار الهام من وجهة نظر الممول هو المصدر الذي سيتم منه توفير السيولة لتمويله. وسوف يكون هذا بالضرورة إما عن طريق التصرف في المشروع بعد استكماله أو عن طريق تشغيل السيولة النقدية للسداد للتدريجي للممول بالإضافة إلى دفع حصته من الأرباح. ومن الواضح أن ملاءمة طريقة ما بالمقارنة مع طريقة أخرى سوف تتوقف على طبيعة المشروع. وسوف يحدد هذا أيضا المدة الإجمالية للتسهيلات.
(3)
فصل أداء المشروع عن النشاطات الأخرى: في تمويل المشاريع سوف يتوقف ربح المؤسسة المالية على أداء المشروع أكثر من النشاطات الأخرى للشركة التي تقوم بالترويج للمشروع. ولذا فإنه يمكن أن تحقق الشركة خسائر إجمالية لكن إذا كان المشروع مربحا فإن المؤسسة الممولة سوف تستفيد من المشاركة في أرباح المشروع. من ناحية أخرى إذا فشل المشروع ونجم عن ذلك خسارة عندئذ وحتى إذا حققت الشركة ربحا إجماليا فلن يكون للممول الحق في الحصول على هذه الأرباح. وهذا يبرز مدى الحاجة إلى تقويم كل مشروع بدقة بالاستناد على مزاياه بصرف النظر عن الوضع المالي للمؤسس.
(4)
الفرق عن التمويل التقليدي للمشاريع: فيما يختص بالنقطة التي ذكرت في الفقرة السابقة فإن الأعمال الإسلامية مختلفة بالمقارنة بالأعمال المصرفية التقليدية بشأن تمويل المشاريع. إذ يتيح التمويل الإسلامي للمشاريع للأموال فرصة التدفق إلى المشاريع الجديرة بالتمويل فيما يبدي الممول اهتمامه الرئيسي في نطاق التمويل التقليدي للمشاريع بالمجالات التي تعود عليه بفوائد ثابتة بينما يلعب الوضع المالي لمؤسسي لمشروع دورا هامشيا فقط.
6-
1- 4 التمويل بالمشاركة في الأرباح والخسائر:
يجوز توفير التمويل على أساس المشاركة في الأرباح والخسائر لإحدى الشركات لتلبية المتطلبات العامة للتمويل لمدة محددة من الوقت وذلك مقابل أجر محدد أو متغير يتم تقاضيه على موجودات الشركة. ويستند هذا النوع من التمويل أيضا على مبادئ المشاركة. فيجوز للمؤسسة الممولة أن تأخذ حصة من الأرباح مقابل قيامها بتوفير التمويل. وتسدد نسبة مئوية متفق عليها مقدما إلى البنك الذي يقدم التمويل (بحيث تختلف عن سعر الفائدة) ناشئة من مبلغ الربح الذي تحققه المؤسسة باستخدام أسلوب التمويل بالمشاركة في الأرباح والخسائر. ويمكن احتساب توزيع الربح لمبلغ التمويل عن طريق القيام أولا باقتطاع دفعه مقابل خدمات الإدارة المقدمة من العميل في إدارة المؤسسة. عندئذ يقسم المبلغ الباقي بالنسبة المباشرة للتمويل بالمشاركة في الأرباح والخسائر إلى إجمالي الموارد المالية الموظفة في أعمال المؤسسة والتي تؤهل للمشاركة في الأرباح.
إذا تكبدت الشركة خسائر فإن هذه الخسائر يتم تغطيتها أولا من الاحتياطات المتوفرة وإذا لم يمكن تغطيتها فإن الممول يجب أن يتحملها في حدود مشاركته في التمويل الإجمالي.
6-
1-5 إنشاء سوق التعامل القصير الأجل ما بين البنوك:
يمكن للبنوك الإسلامية استخدام معاملات المرابحة لتطوير سوق للتعامل قصير الأجل ما بين البنوك (من يوم واحد إلى 30 يوما) . ويعني هذا بالضرورة بيع أو شراء مشاركة لآجال معينة ضمن مجموعة من معاملات المرابحة يمكن أن يقدر له سعر تقريبي للعائد بالاستناد على المعاملات التي تشملها مجموعة أعمال المرابحة. وباستخدام هذا السعر بصفة مرحلية فإنه يمكن للمؤسسات الإسلامية أن تعمل مع بعضها الآخر لتغطية السيولة القصيرة الأجل. ومن الأهمية بمكان أن العائد المدفوع نظير هذه المشاركة ينبغي أن يخضع للتسوية النهائية في تاريخ إجراء التقويم الدوري التالي للأرباح. وإذا قامت محفظة بتقويم ربحيتها (عن طريق تثمين الموجودات المشمولة أو باستخدام طريق أخرى) بصفة يومية، عندئذ يمكن احتساب العائد من المشاركة على أساس المشاركة الفعلية في الأرباح والخسائر بدلا من احتسابها بصفة مؤقتة. مع هذا فليست هناك العديد من المؤسسات التي تقوم بتقويم مركزها بصفة يومية. كما أنه من الحتمي، إذا استلم أحد البنوك دفعة على الحساب ثم تبين فيما بعد أن الأرباح الفعلية كانت أقل أو أنه حدثت خسارة في الواقع، خلال الفترة التي قدم فيها التمويل، عندئذ يتعين على البنك المستثمر أن يعيد المبلغ الزائد المدفوع على سبيل الأرباح، وفي حالة الخسارة فإنه يجب عليه أن يشترك في الخسارة. ومع هذا فإن هذا الأسلوب في العمل يفترض أن البنوك الراغبة في التعامل مع بعضها البعض على هذا الأساس سوف تحتفظ بحجم مماثل من محافظ معاملات المرابحة ويكون لديها معدل مماثل من الربحية في هذه المحافظ.
ويتطلب هذا بالضرورة وجود المنافسة الشريفة ما بين البنوك بحيث إن البنك الذي يحقق عائدا أفضل سوف يجتذب السيولة عندما يكون بحاجة إلى الأموال على الأجل القصير بينما سوف يواجه البنك الذي يعاني من سوء الأداء أوقاتا عصيبة في محاولة تلبية متطلباته ومن ثم فإنه سوف يضطر إلى اتباع أسلوب صارم في مباشرة شئونه.
ويستدعي تنفيذ هذا النظام إلى عدم الإشارة إلى أسعار التعامل المتعارف عليها في المعاملات بين البنوك التقليدية.
ومن المسلم به أن هذا الاقتراح الداعي إلى إنشاء سوق للمعاملات بين البنوك الإسلامية قد يتطلب مزيدا من الدراسة من الناحية الفقهية والعملية.
6-
1-6 المعاملات الدولي المشتركة للمضاربة:
(1)
التطوير: مع زيادة الوعي بالأسلوب الإسلامي طلبت بعض الشركات الكبرى في البلدان الإسلامية من المؤسسات المالية الإسلامية أن تلبي متطلباتها التمويلية بمبالغ ضخمة من المال. وقد كان حجم هذه التسهيلات من الضخامة بحيث بحثت المؤسسات المالية إمكانية تقديم التمويل المطلوب على شكل مرابحة بتكوين صندوق خاص للمضاربة لهذا الغرض المحدد بموجب المشاركة ما بين مجموعة من المؤسسات المالية التي تشارك في تلبية المتطلبات التمويلية لذلك الغرض المحدد. وفي الوقت الحاضر فقد استخدمت المعاملات المشتركة لتوفير التمويل للنشاطات ذات العلاقة بالتجارة والتي استخدمت المرابحة كوسيلة إسلامية للتمويل.
وبالتالي فإن أداة (المضاربة) تستعمل لتجميع الأموال بينما تجري الاستثمارات على أساس (المرابحة) . وفي بادئ الأمر أبدت المؤسسات المالية الإسلامية اهتمامها بهذه الأداة التمويلية. ومع هذا وبعد أن تبين نجاح هذه المعاملات المشتركة فإنه حتى المصارف التقليدية التي تتمتع بسمعة دولية طيبة انضمت للمشاركة في هذا النوع من المعاملات. وهذه المعاملات الدولية المشتركة التي تعلقت حتى الآن بنشاطات تمويل التجارة شملت كلا من المرحلة السابقة للتصدير بالإضافة إلى استيراد البضائع من قبل دولة ما وذلك من دولة أخرى. والسبب الذي يجعل هذه المعاملات المشتركة محدودا حتى الآن ومقتصرا فقط على النشاطات ذات العلاقة بالتجارة حسب الموضح في القسم التمهيدي أعلاه هو قصر أجل هذه النشاطات والاحتمالات الطيبة لتحقيق الربح وعوامل السيولة وسهولة فهم المعاملة من قبل الأطراف المشاركة فيها.
وقد كان مصرف فيصل الإسلامي في البحرين رائدا في تقديم هذا النوع من التمويل وقد قام حتى الآن بإجراء عمليات بلغت قيمتها 600 مليون دولار أمريكي مع مؤسسة تصدير الأرز الباكستانية ومؤسسة توبراس التركية والمؤسسة الباكستانية لتصدير القطن.
وفيما بعد قامت إحدى المؤسسات مثل بيت التمويل السعودي التونسي في تونس باتباع نفس مبادئ المعاملات التي أبرمت مع الجزائر، وقام بيت التمويل الكويتي بترتيب معاملة مشتركة انطوت على تأجير عدد من ناقلات النفط.
(2)
المقارنة مع المعاملات المشتركة التقليدية: إن معاملات المضاربة الإسلامية المشتركة تختلف عن المعاملات المشتركة التي تقوم بها البنوك التقليدية من حيث إنه بموجب المعاملة الإسلامية للمضاربة يجري الاستثمار المشترك مع أحد المضاربين الذي يتعهد بدوره بالقيام بالمعاملة ذاتها التي قد تكون بشكل مرابحة أو إجارة أو مشاركة أو غيرها. وبالتالي فإن المشاركين يتحملون المخاطرة بالضرورة في المقام الأول على المضارب وعلى قدرته على إجراء الاستثمارات بطرق سليمة. وبينما يتم تحمل قدر من المخاطرة على البنك الوكيل في المعاملات المشتركة للتسهيلات التقليدية فإن هذه المخاطر تعتبر مخاطرة في نطاق العمليات.
(3)
الطابع الدولي: كانت لمصرف فيصل الإسلامي بالبحرين الريادة في ابتكار الأدوات المالية الإسلامية للمعاملات المشتركة، وحظيت هذه الأدوات بدعم من المؤسسات الإسلامية الأخرى والمؤسسات المالية التقليدية. وتمتعت هذه المعاملات المشتركة بالطابع الدولي فيما جاء المشاركون فيها والمضارب والعميل من بلدان مختلفة وعملوا معا بموجب اتفاقية أعدت بموافقة من هيئة الرقابة الشرعية التي اعتمدت أسلوب التمويل الدولي.
(4)
المجال الآخر للأدوات الأخرى: بعد نجاح تطبيق مبدأ المعاملات المشتركة للمرابحات فقد يكون الوقت مناسبا لدراسة استعمال هذه الفكرة بالنسبة للأدوات الإسلامية الأخرى التي يمكن بموجبها وضع مضاربات خاصة على أساس مشترك لأغراض إنشاء المشاركة مثلا ومع هذا فسوف يعتمد هذا على الجاذبية المميزة لكل معاملة على حدة. وعلى سبيل المثال فإنه يمكن ترتيب مضاربة مشتركة لامتلاك أسطول من الطائرات لتأجيره لإحدى شركات الطيران.
وبالضرورة سوف تكون معاملة مضاربة الإجارة هذه لمدة تزيد عن عشر سنوات بالنسبة للطائرات الجديدة. وبينما قد يكون الضمان المقدم بواسطة المعاملة ممتازا بسبب القدرة على تسويق هذه الطائرات فإن العائد قد يزيد قليلا عن السعر المعروض من قبل البنوك نتيجة للمنافسة الشديدة في قطاع تمويل الطائرات. وبالتالي فإنه من المفهوم أنه بينما يشمل مبدأ تقديم التسهيلات الإسلامية على أساس المضاربة المشتركة جميع أساليب التمويل فإنه حتى تكتشف المؤسسات المالية الإسلامية مشاريع جيدة للشركة أو الإجارة فإن تطبيق أسلوب المشاركة لن يحقق تقدما طيبا.
6-
2 الأدوات الاستثمارية:
بالإضافة إلى اجتذاب أموال من المدخرين في مختلف التجمعات المحددة بغرض تقديم التمويل لعملائها على أساس الترتيبات التمويلية المذكورة أعلاه فإنه يمكن للمؤسسات المالية الإسلامية أيضا أن تقدم أدوات استثمارية تتلاءم خصيصا مع متطلبات المستثمرين من حيث المخاطر والعائد والسيولة والتنويع الجغرافي وغيرها. وبالنسبة للعملاء من أصحاب رءوس الأموال الكبيرة والذين تتوفر لديهم مبالغ ضخمة من المال فإن هذه الخدمات تشمل إدارة المحافظة الاستثمارية الخاصة باستخدام الأسس الشاملة المقدمة من العملاء فيما يتعلق بالمخاطر والمدة والسيولة وغير ذلك.
أما بالنسبة للمبالغ الصغيرة: تقوم المؤسسات الإسلامية بتجميع الأموال (مضاربات) وبعد تجميع عدد كبير من الحسابات الصغيرة فإنها تقوم بالأنشطة الاستثمارية على أساس الحرية التقديرية الكاملة. ويتم المشاركة في الربح الذي تحققه المؤسسة على أساس نسبة محددة سلفا ومتفق عليها مع المستثمرين. وبالنظر إلى وجود عدد من المستثمرين الراغبين في الاستثمار والذين يتركون أموالهم لاستثمارها حتى تاريخ الاستحقاق المتفق عليها (وفي الأحوال الاستثنائية يترك البعض معاملة الاستثمار قبل الموعد المحدد) فإن يجري تقويم دوري من قبل المؤسسة المالية للتنازل عن قيمة الوحدة للمشتركين الجدد وتسدد الدفعات المستحقة للراغبين في الخروج من هذه المعاملات الاستثمارية. وهذا يساعد المؤسسات على تحقيق معاملة عادلة للموجودات التي تجري إدارتها في هذه التجمعات.
وبالنسبة لتمويل الأدوات الاستثمارية حسب ما سلف ذكره فإن المؤسسة المالية قد تستعمل رأسمالها بالإضافة إلى الأموال الخاضعة لإدارتها في مختلف الصناديق الجماعية طالما أن القيام بهذا لا يتناقض مع التعليمات الاستثمارية المقدمة من المستثمرين.
وبالإضافة إلى ذلك فإن هذه الأدوات التمويلية قد تكون بشكل أوراق مالية بحيث إنها تقدم للمستثمرين المشاركة المباشرة في الأخطار عن طريق خلق سندات قابلة للتداول يمكن أن تنشأ السوق للتعامل فيها. وتنطوي عملية إنشاء الأوراق المالية طرح موجودات إحدى المؤسسات المالية مباشرة على المستثمرين على شكل سند مالي قابل للتداول. وفي الأعمال المصرفية الإسلامية يمكن تحقيق هذا عن طريق تحويل الموجودات إلى وحدات ثم بيع هذه الوحدات بعد ذلك إلى المستثمرين. ويمكن تعديل قيمة الوحدات بصفة دورية ويمكن إنشاء سوق للتعامل المباشر فيها أو على أساس إدراجها في إحدى البورصات.
ويمكن أن تقدم الأدوات العديدة القائمة و/أو المحتملة والمقبولة وفقا لأحكام الشريعة وتقدمها المؤسسات المالية الإسلامية إلى عملائها باعتبارها أدوات استثمارية وفقا للمبين أدناه.
6 -
2-1 الأسهم:
(1)
التنظيم: تمثل الأسهم مصلحة ملكية في شركة تباشر أنشطة ينبغي أن تكون من وجهة نظر المستثمر المسلم متمشية مع مبادئ الشريعة الإسلامية. وهي بالضرورة عبارة عن مشاركة مستمرة في جميع أنشطة الشركة بالمقارنة بتمويل المشاريع الذي قد يكون قاصرا على نشاطات معينة للشركة لمدة محددة أو لتمويل المشاركة في الأرباح والخسائر الذي يكون لمدة محددة. بالإضافة إلى ذلك بالنسبة لأسهم فإن كل الأرباح لا توزع بل إن حصة منها تجنب من أجل مواجهة متطلبات التمويل المستقبلية للأعمال بالرغم أن تأثيرها ينتج عنه زيادة في قيمة السهم.
(2)
القيود: إن معظم الشركات ذات الأسهم المدرجة في أسواق الأوراق المالية الدولية حتى تلك التي لا تتعامل في منتجات مثل المشروبات الكحولية ولحم الخنزير والقمار وغيرها والمحظور وفقا للشريعة الإسلامية تتعامل بالفوائد إما بدفعها على قروضها أو بقبضها على ودائع فوائض أموالها. وبالرغم من أن هذه الأنشطة ذات العلاقة بالفائدة قد تشكل في كثير من الحالات نسبة ضئيلة من مصاريفها أو إيراداتها الإجمالية فقد كانت الهيئات الإشرافية الشرعية تبدي اعتراضها على السماح بالتعامل في أسهم هذه الشركات. وهذا القيد من شأنه أن يفرض حظرا على التعامل في جزء كبير من السوق في الأسهم العادية المدرجة في البورصات من أنشطة الصناديق الاستثمارية الإسلامية.
(3)
تأسيس شركة الإسلامية: إذ أرادت المؤسسات الإسلامية أن تستثمر أموالها في الأسهم فإنه يتعين عليها أن تجد الشركات التي يشترط أولا ألا تباشر نشاطات اقتصادية محظورة بموجب الشريعة الإسلامية ويجب كذلك ألا تكون لها معاملات بالفائدة. ويعني هذا القيد أن الاستثمار في هذا القطاع من قبل المؤسسات الإسلامية ممكن فقط إذا أجري في شركات أسست خصيصا لكي تلتزم من جميع النواحي بمبادئ الشريعة الإسلامية. وتوجد بالفعل بعض هذه الشركات على المستوى الدولي مثل مجموعة شركات دي أم آي وغيرها. مع هذا فإن العدد الإجمالي لهذه الشركات ليس كافيا بدرجة بحيث يجتذب المبالغ الضخمة من الأموال المتوفرة لدى المستثمرين من المسلمين. بالإضافة إلى ذلك ولما كانت الأسهم في كل هذه الشركات تقريبا يجري التعامل فيها بصفة مباشرة فإنه لا توجد سوق ذات سيولة كبيرة لهذه الأسهم. مع هذا فإن هذا يجب ألا يمنع المؤسسات الإسلامية من بذل الجهود لتطوير سوق منظمة للشركات الإسلامية. ويجب توجيه هذه الجهود في بادئ الأمر نحو إنشاء الشركات الإسلامية وعندئذ إقامة سوق نشطة في التعامل في أسهمها. ويكون هذا الأمر ممكنا إذا كان أساس إنشاء وتطوير هذه الشركات سليما ليس من حيث التقيد بأحكام الشريعة الإسلامية فقط ولكن أيضا من حيث جاذبيتها التجارية.
(4)
تطوير الأسواق في الأسهم الشركات الإسلامية: لهذا الغرض قد يكون من المناسب اقتراح شراء بعض الشركات الصغيرة إلى المتوسطة الحجم ذات الإدارة الجيدة في قطاعات التصنيع والتجارة والخدمات وإعادة تنظيم أوضاعها المالية بما يتمشى مع المبادئ والأسس المقبولة وفقا للشريعة الإسلامية.
ومع زيادة عدد الشركات المؤسسة / المعدلة وفقا للمبادئ الإسلامية والتي تدار شئونها بالاستناد إلى أسس مهنية وتجارية لتحقيق أرباح طيبة فسوف توجه المؤسسات المالية الإسلامية استثماراتها نحو الحصول على حصص في هذه الشركات. ومتى يتم تأسيس عدد معقول من الشركات الإسلامية الناجحة على الصعيد الدولي عندئذ يمكن إدراج أسهم هذه الشركات في بورصات متخصصة منظمة وفقا للمبادئ الإسلامية في دولة مثل البحرين أو لوكسمبورج أو في إحدى بورصات الأوراق المالية القائمة بالفعل. وقد يستغرق الأمر بضع سنوات لتحقيق هذا الهدف.
مع هذا إذا لم تسعَ المؤسسات المالية الإسلامية إلى تحقيق هدفها ودعم حركتها فإنها سوف تظل تعاني من نقص في الأدوات الكافية اللازمة لاستثمار أموالها وسوف تبقى معتمدة على المؤسسات الاستثمارية الغربية لكي توجه مستثمريها من المسلمين نحو أدوات مثل التعامل في السلع على أساس الحصول على أدوات استثمارية جاهزة بالفعل.
6-
2-2 صندوق رأسمال المشاريع:
(1)
طابع المخاطر الكبيرة: قد يستثمر جزء معقول من أية محفظة استثمارية إسلامية (لا تتجاوز 10 % لكن تتراوح بين 2و5 % إذا كانت المحفظة الاستثمارية كبيرة الحجم) في صناديق رءوس أموال المشاريع لأغراض إجراء البحوث والتطوير التجاري للاختراعات في التقنية المتقدمة والمجالات الطبية التي تحقق عائدات كبيرة بالنظر إلى أنها ذات طابع ينطوي على مخاطر كبيرة. مع هذا وبالإضافة إلى كونها مصدرا محتملا للربح المجزي في حالة تحقيق نجاح باهر فإن المجالات المختارة يمكن أن تكون مفيدة للإنسانية ويعتبر هذا أحد جوانب الأعمال المصرفية الإسلامية المختلفة في طبيعتها عن الأعمال المصرفية التقليدية حيث يكون المعيار الوحيد لأي تمويل هو الدافع إلى تحقيق الربح.
وعندما تعطي الإمكانية للمستثمرين من المسلمين للاختيار من بين إمكانيات مختلفة للاستثمار حسب رأيهم من مساوئ المخاطر فإنه يجب أن يعطي لهم حق الخيار لكي يحددوا أيضا صندوق المشروع المرغوب. مع هذا فإنه يجب توعيتهم بالكامل بحجم الأخطار التي ينطوي عليها وضع مدخراتهم في هذه الصناديق كما ينبغي إرشادهم إلى ضرورة استثمار جزء صغير فقط من إجمالي استثماراتهم في هذه المحفظة الاستثمارية.
(2)
التنويع: من أجل الجمع ما بين هدف تحقيق المنفعة والأداء المالي وتنويع المخاطر فإنه من الحكمة توزيع الاستثمارات في صناديق رءوس أموال المشاريع على عدد من المشاريع بحيث تزيد فرص النجاح بالإضافة إلى دعم عدد أكثر من مجالات البحوث.
(3)
الاعتبار الحاسم: يعتمد موضوع تمويل المشاريع بالكامل على الالتزام من جانب المؤسسة. ويتطلب المعرفة التامة بالأشخاص المشاركين في البحوث ومجالات تخصصاتهم وفرص نجاحهم واحتمالات معدلات المخاطر/العائد المتوقع تحقيقها والنتائج المتوقعة والتكلفة الإجمالية للفشل.
(4)
طرح الحصص في المشاريع الناجحة: بعد أن تحقق إحدى الشركات النجاح في تطوير منتوج معين باستخدام رأسمال المشروع وذلك في تحقيق النتائج المرجوة وترغب في الشروع في الإنتاج التجاري فإنها قد تريد اجتذاب مزيد من الأموال. وقد يكون هذا هو الوقت المناسب للتوجه إلى سوق رأس المال لطرح حصصها. وفي هذا الوقت يمكن للمؤسسة الإسلامية التي تكون قد شاركت في تطوير المنتوج من خلال صندوق رأسمال المشاريع أن تحصل على جزء من إصدار الحصص باعتبارها أحد المؤسسين. وبالتالي وبعد أن تنجح الشركة ويرتفع سعر حصصها فإنه يمكن للمؤسسة المالية أن تحقق ربحا ماليا كبيرا يستفيد منه مستثمروها.
6-
2-3 شهادة المشاركة لأجل:
(1)
تعريف: شهادات المشاركة لأجل هي بالضرورة تمويل الحصص في الأرباح والخسائر لأجل محدد. وقد تعتبر هذه الشهادات بصفة سندات ذات تاريخ استحقاق معروف حيث يكون سداد رأس المال بصفة (تجريبية) أو بصفة دورية بموجب جدول زمني متفق عليه.
ومع هذا وبالمقارنة بإصدار السندات التقليدية فإن شهادات المشاركة لأجل تنطوي على المشاركة في الربح والخسائر الإجمالية للأعمال على أساس نسبة مئوية متفق عليها، فعلى سبيل المثال إذا كان التمويل بشهادات المشاركة لأجل يمثل 30 % من إجمالي التمويل عندئذ فقد يتفق على إعطاء حاملي شهادات المشاركة لأجل 25 % من حصة من الدخل الصافي للأعمال. مع هذا إذا تعرضت الأعمال لخسارة عندئذ تكون حصة الممول من الخسارة 30 % يعني هذا أن مدير الأعمال سوف يحتفظ بجزء من الربح مقابل خدماته للإدارة لكن الخسارة بكاملها سوف تشترك المؤسسة المالية في تحملها على أساس النسبة المستحقة عليها.
وقد استعمل هذا النوع من التمويل في باكستان لتوفير التمويل لمؤسسات تعمل في قطاع التصنيع للأجل المتوسط. وبالضرورة فإن هذا يحل محل القروض المتوسطة الأجل في نطاق النظام المصرفي التقليدي. ومن وجهة نظر العميل فإن هذا النوع من التمويل يوفر الأموال اللازمة للمساعدة على إنشاء المشروع بدون إلزامه باستمرار مشاركة المؤسسة المالية على المدى الطويل. وبالتالي فإن العميل يتمتع بالفوائد الحقيقية للملكية المطلقة.
من ناحية أخرى وبعد أن تجري المؤسسة المالية تقويما وافيا للمشروع وبعد أن تدرس بدقة مدة السداد والجوانب الأخرى المشابهة للتمويل فإنها تتأكد من أن مساهمتها في المشروع سوف تستمر لسنوات قليلة فقط. ويمكِّن هذه المؤسسة المالية من استغلال أموالها التي يفرج عنها من استثمار معين لكي تستخدم في فرصة استثمارية أخرى. وبالنظر إلى هذه الاعتبار فإن البنك يمكن أن يخصص مبلغا أكبر لأحد المشاريع في نطاق هذه الطريقة للتمويل بدلا من الدخول في مشاركة دائمة.
(2)
القابلية للتسويق: بالرغم أن شهادات المشاركة لأجل هي بالضرورة مثل تمويل المشاركة في الربح والخسارة فإن الفرق يمكن في شكل إصدارها بموجب شهادات. فإذا كان مبلغ الشهادة ضخما فإنه يمكن تطوير سوق للتعامل في هذه الشهادة فيما بين المؤسسات المالية فضلا عن المستثمرين من الأفراد. وهذه السندات القابلة للتداول تتمتع بفرصة أفضل للنجاح بالنسبة للشركات الكبيرة والمؤسسات المعروفة التي قد تعتبر مخاطرها جيدة وقد تتمتع بمكانة ائتمانية جيدة إذا طبقت عليها المعايير الدولية في هذا المجال.
(3)
حق خيار التحويل الممكن: يمكن أن تضاف خصائص إضافية مثل التحويل إلى أسهم في رأس المال في نهاية المدة وفقا لما يختاره المستثمر وذلك لكي تصبح هذه الأداة أكثر جاذبية بالنسبة للمستثمرين.
6-
2-4 المضاربات الخاصة:
مثل وحدات الائتمان التقليدية أو الصناديق التبادلية فإنه يمكن إنشاء المضاربات التي تنظم للأغراض الخاصة التي تعتمد على الاستثمارات في المجال المسموح به في الشريعة الإسلامية لتجميع الأموال من المستثمرين. وتتمثل ميزة هذه المضاربات الخاصة في أن الاستثمارات يمكن أن تجري لتحقيق غرض محدد بوضوح. وقد تتاح الفرصة للمستثمر لتقويم المخاطر وأوضاع السيولة لضمان ما إذا كانت تتلاءم أو لا تتلاءم مع متطلباته قبل الالتزام بتخصيص الأموال لها. وأحد الاعتبارات الهامة لأغراض السيولة هو تحديد ما إذا كانت المضاربة ذات (رأسمال مفتوح) أو ذات (رأسمال مقفل) . ويجوز التعامل في جميع المضاربات ذات رأس المال المفتوح إما في بورصات الأوراق المالية المعترف بها أو على أساس (مباشر) . إذا كان المبلغ ضخما عندئذ يكون هناك مبرر لتحمل نفقات التسجيل في البورصات وإلا فقد يتبين أن تكلفة إدراج الإصدار باهظة. وعلى أية حال فإن مباشرة هذه الإصدارات تكون أفضل على أساس تسجيلها لعدد كبير من المستثمرين الذين قد يبدون اهتماما بهذا النوع من الاستثمارات. وقد تثبت مشاركتهم بموجب شهادة المشاركة التي سوف تصدر من قبل المضارب ويمكن متابعتها بكفاءة باستخدام أنظمة الكمبيوتر للتحكم في التكاليف وللمحافظة على الدقة.
ويمكن إنشاء عدد من الأنواع التقليدية للمضاربات التي تتوفر للمستثمرين من الشركات التجارية وحتى المؤسسات للاستثمار في مجالات محددة أو متنوعة. وبشكل أو بآخر فإن هذه المضاربات قد طرحت من قبل عدد من المؤسسات المالية في باكستان وعدد من الدول الأخرى. فعلى سبيل المثال أنشأت الشركة الإسلامية للاستثمار الخليجي مضاربات عامة ومحددة بعد تأسيسها بوقت قصير في عام 1979م بينما يوجد لدى مصرف فيصل الإسلامي البحرين 17 مضاربة يتولى إدارتها وهي مقومة بالدولار الأمريكي والريال السعودي. وهذه المضاربات مقسمة حسب مدة الاستثمار (عامل السيولة) ومعدل المخاطر (منخفض ومتوسط وعال) الذي يرغب المستثمر أن يتحمله. ومن الواضح فإن العائدات تتمشى مع نسبة المخاطر ومتطلبات السيولة.
وتوجد مضاربات محددة طرحها بنك (كريندليز) على أساس تأجير المنشآت والمعدات الصناعية، كما أنه توجد مضاربات أخرى طرحت من قبل مؤسسات (بي آر آر انفستمنت وناشيونال ديفلوبمنت فينانس كوربوريشان)(أن دي أف سي) ومؤسسة (آدمجي) وغيرها في باكستان. وقام بيت التمويل الكويتي بعمل صندوق لتمويل معاملات ناقلات النفط بالاشتراك مع (سيتي بنك) . وتوجد أنواع أخرى من المضاربات تتعلق بالعقارات والاستثمار التجاري طرحت من الشركة الفرعية التابعة لبنك البركة وهي صناديق الأمين والتوفيق في البحرين. وقد لقيت هذه المضاربات إقبالا طيبا للغاية من المستثمرين كما حققت نتائج طيبة، وفيما يلي نعرض المجالات العامة للمضاربات التي لقيت اهتماما عاما من المستثمرين:
(أ) المضاربة العقارية غالبا ما تستثمر الأموال في الأنشطة العقارية بالنسبة للعقارات التي قد تحقق الدخل. مع هذا فإذا كان مبلغ الأموال ضخما عندئذ يمكن القيام بأنشطة أخرى مثل إنشاء البنايات لأغراض خاصة وغير ذلك على أساس تنفيذ المشاريع وتضاف أية أرباح بعد استكمال وبيع المشروع إلى المضاربة. بالإضافة إلى ذلك قد تقوم المضاربة بالتعامل في الموجودات العقارية في السوق ذات المعاملات السريعة. وفي هذه الحالة من الضروري تحذير المستثمرين من انخفاض معدل السيولة وطابع المضاربة لهذا النوع من الاستثمار.
(ب) مضاربة تمويل الطائرات: لقد تكررت الإشارة إلى موضوع تأجير الطائرات في ورقة البحث هذه. ويمكن تنفيذ هذه المضاربة عن طريق اللجوء إلى المضاربة ذات الغرض الخاص التي سوف تقوم بتأجير الطائرات. ولعله من المناسب طرح مضاربة واحدة لطائرة واحدة على أساس معاملة واحدة فقط. وتكون مدة المعاملة طويلة بالضرورة لكن معدلات العائد والمخاطرة ستكون مجزية للغاية بالنسبة للمستثمر الذي يكون مستعدا لتخصيص الأموال للمدة بكاملها.
(ج) مضاربة السفن / الناقلات: بالنظر إلى الأوضاع الحالية في سوق الناقلات والسفن حيث شهدت أسعار التأجير انتعاشا طيبا في الآونة الأخيرة فلعل الوقت قد حان لإنشاء مضاربة لامتلاك ناقلة / سفينة بغرض تأجيرها للمستعملين. ومن المتوقع أن تظل سوق الناقلات منتعشة لبعض الوقت فقد لا تكون هناك ناقلات عديدة تحت الإنشاء بحيث تلبي متطلبات النقل المستقبلية في العالم.
(د) ملاحظات عامة: قد تكون هناك عدة مضاربات أخرى تعتمد على أداة تكون قد ثبتت جدواها التجارية وتتمشى مع أحكام الشريعة الإسلامية، وحتى تكون المضاربة ناجحة فإنه من الضروري أن تدرس جميع المعلومات ذات العلاقة والعوامل المؤثرة عليها بعمق فيها يتعلق بالنشاطات المؤثرة عليها (سوق العقارات وإيجارات ومبيعات البنايات التجارية والتثمين وغير ذلك من العوامل) لتحقيق أفضل النتائج من الاستثمار. لهذا السبب فإنه من الحتمي الاستفادة من خدمات المتخصصين في هذه المجالات. وبالرغم أن تكاليف بعض هؤلاء المتخصصين عالية فإنه قد لا يكون هناك بديل لخبرتهم وعلى المدى البعيد فإن المزايا الناجمة عن الاستفادة من خدماتهم سوف تساوي أضعاف ما دفعت لهم من أتعاب.
*
**
-7-
خاتمة
لقد اكتسبت المؤسسات المالية الإسلامية قوة دفع لا يستهان بها خلال فترة قصيرة من الزمن. ولا شك أن البلدان الإسلامية هي السوق الطبيعية لتلك المؤسسات. بيد أن هذا الاعتبار لا ينبغي أن يؤدي إلى اقتصار نشاطها على تلك البلدان دون غيرها.
ولقد اتسعت الأسواق المعاصرة حتى تجاوزت الحدود المحلية بعد أن انتشر مفهوم (سوق المال الأوربية) . ويعتمد نمو هذه الأسواق على التجديد وكفاءة الخدمات والاستجابة لاحتياجات المتعاملين في تلك الأسواق، وسرعة الاتصالات وتوافر أكبر قدر من المعلومات للمشتركين في السوق مما يزيل أوجه قصور السوق التي تستفيد منها قلة من المتعاملين. ويخضع السوق لقلة العرض والطلب، وكل هذه السمات تتفق مع البنية التي ينبغي أن تكون عليها السوق المالية القائمة على مبادئ الإسلام.
وسيكون على المؤسسات الإسلامية فيما تحافظ على قوة الدفع التي اكتسبتها، أن توسع أنشطتها على غرار ما يحدث في الأسواق المالية المعاصرة. ويقتضي ذلك منها أن تستحدث (منتجات) جديدة موافقة لأحكام الشريعة وتعمل على استحداث أدوات مالية يسهل تسويقها عن طريق تقسيم الاستثمارات المالية إلى وحدات وإدراجها في التسعيرة الرسمية للبورصات، سواء في ذلك الاستثمارات التي تديرها تلك المؤسسات أو الأموال الإضافية التي تجمعها بناء على معاملات حقيقية تدعمها استثمارات عقارية تدر دخلا منتظما، بالإضافة إلى أسهم الشركات ذات الهياكل الإسلامية، وعمليات التمويل بنظام المرابحة والمشاركات والتأجير
…
إلخ.
ومما لا شك فيه أن استبعاد الأدوات المالية التي تنطوي على عنصر الفائدة يقلل من عدد الأدوات التي يمكن للبنوك الإسلامية المشاركة فيها في الأسواق المالية، بيد أنه لا ينبغي أن يغرب عن البال أن هذا هو أحد الاعتبارات التي تميز المؤسسات المالية الإسلامية عن المؤسسات المالية التقليدية، ولذا فإن التحدي الرئيسي الذي يتعين على المؤسسات المالية الإسلامية أن تتصدى له هو استحداث أدوات مالية تمكنها من تبوء المكانة اللائقة بها في هذه الأسواق.
إن المؤسسات المالية الإسلامية لا تزال في المراحل الأولى من حياتها، على خلاف المؤسسات التقليدية. وقد وصلت المؤسسات التقليدية إلى حالتها الراهنة بعد تطور استمر قرونا طويلة واعتمدت على الابتكار في تلبية متطلبات العملاء.
ولهذا الغرض أنفقت هذه المؤسسات التقليدية مبالغ طائلة من المال على البحوث والتطوير. هذا بينما نشأت حركة البنوك الإسلامية وحدها في وسط ظروف تشهد منافسة شديدة، ويعتمد بقاؤها في الأغلب على المحافظة على ثقة المستثمرين، وتتطلب هذه الثقة بعد الحصول على الدعم من المستثمرين من المؤسسات المالية أن تحصل أموال المستثمرين على عائدات طيبة ومجزية. ويتطلب هذا بدوره القيام بالبحوث في التعرف على الأدوات التي لا تقدم فقط معدلا مقبولا من المخاطر لكن يجب أيضا أن تتمشى مع أحكام الشريعة الإسلامية. ولهذا الغاية فإنه يتعين على المؤسسات الإسلامية أن تخصص الموارد اللازمة للاستعانة بالخبراء الذين تتوفر لديهم الدراية والمعرفة بالأسواق المالية والمخلصين لقضية الخدمة المصرفية والمالية الإسلامية وإنفاق الوقت والجهد في إجراء البحوث وتطوير الأدوات الجديدة.
وكان للسلطات النقدية الحكومية والبنوك المركزية دور حيوي في ذلك التطور من خلال التوجيه والدعم وتوفير الموارد لتلك البنوك. وما زالت المؤسسات الإسلامية بحاجة إلى دعم السلطات المختصة لا سيما وأن حركتها ما زال يتوجب عليها أن تطور البنية الأساسية الضرورية للعمل مثل إقامة سوق للمعاملات ما بين البنوك بالاعتماد على نظام يخلو من تقاضي الفائدة، ولهذا الغرض فإن دعم البنوك المركزية في البلدان الإسلامية هو أمر حتمي ولا غنى عنه. وإن استمرار التنسيق ما بين البنوك الإسلامية والبنوك المركزية في البلاد الإسلامية عن طريق اجتماعات هيئة من الخبراء قد أتاح الفرصة لإقامة الحوار وإجراء البحوث المتعلقة بالمسائل الجوهرية وهذا بدوره من شأنه توفير دعم قيم للنظام المالي الإسلامي. وفي الاجتماع الأخير الذي عقد في شهر مارس 1989م في أبو ظبي اتخذت قرارات بالغة الأهمية سوف يتبين جدواها وفاعليتها بالنسبة لحركة التمويل الإسلامي وذلك عند تنفيذ هذه القرارات. وتشمل هذه وضع الأنظمة المناسبة لإشراف البنوك المركزية على البنوك الإسلامية وزيادة التعاون ما بين البنوك الإسلامية والبنوك المركزية وتطوير أدوات السيولة التي تكون مقبولة للبنوك المركزية للوفاء بمتطلبات السيولة اللازمة.
ورغم أن حل تلك المشكلات لن يتسنى بين يوم وليلة، فإن الوعي المتزايد من جانب المؤسسات الإسلامية بالمشكلات العملية التي تعرقل مسيرتها، واهتمامها بإيجاد حلول لتلك المشكلات سوف يفتح أمامها سبلا وآفاقا جديدة لدعم قضية الأسواق الإسلامية، والاشتراك في عدد من الأدوات المالية التي تتداول في الأسواق التقليدية.
وينبغي للمؤسسات المالية الإسلامية، في سبيل بلوغ الأهداف السابق بيانها أن تبذل جهودا متضافرة في مجال البحث المكثف الذي يرمي إلى تصميم أدوات مالية مقبولة والاستعانة بالخبراء المخلصين الذين يهتمون اهتماما صادقا بالدعوة إلى قيام أسواق مالية إسلامية والذين يتوفر لديهم في الوقت ذاته المعرفة بدقائق الأسواق التقليدية وعملياتها. كما ينبغي لتلك المؤسسات أيضا أن توحد جهودها للتأثير على البنوك المركزية في العالم الإسلامي لحثها في معاونة المؤسسات المالية الإسلامية على إنشاء سوق للتعامل فيما بينها بدعم من تلك البنوك.
وما اكتسبته المؤسسات المالية الإسلامية من خبرة خلال العقد الماضي ما هو إلا المرحلة الأولى فقط في عملية تطويرها. ويسير القطاع المالي بخطى سريعة جدا من حيث تصميم الأدوات المالية للوفاء بمتطلبات العملاء. ويتوجب على المؤسسات المالية الإسلامية أن تسير بنفس الخطى السريعة للمحافظة على قوة الدفع التي حققتها في الماضي.
الدكتور نبيل عبد الإله نصيف
-8-
بيان المراجع
1-
AHMAD DR. ZIAUDIN: Central Banks and Islamic Banking.
2-
DUSEBERG، Hourst: Foreign Curency Loans and Eurocurrency Markets.
3-
EDMISTER، ROBERT O.: Financial Institutions – Markets and Management.
4-
AL-ASHKAR، Ahmaed Abdul-Fattah: The Islamic Business Enterprise.
5-
KORTH. Christopher M.: International Financial Market.
6-
SIDDIQUI، Nejatullah: Issues in Islamic Banking.
7-
SIDDIQUI، Nijatullah: Islamic Banking – Theory and practice.
8-
Wilson، Rodeny: Recent Developments and Scope for Further Financial Innovation.