الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها
إعداد
سعادة الدكتور عبد الله إبراهيم
عضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد عبد الله ورسوله وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم على نهجهم إلى يوم الدين.
1-
مقدمة:
هذا البحث موضوعه هام جدا وهو التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها وهو موضوع تطلع إليه – ولا يزال يتطلع إليه – المجمع الإسلامي في كل مكان إلى حل أو حلول عادلة نزيهة من أية شبهة بالربا للمسألة التي تتعلق بإحدى حاجاته الأساسية وهي المسكن اللائق المناسب للفرد ومن يعولهم من أفراد أسرته، فقد اضطر المجتمع الإسلامي – بل الإنساني – في كل مكان إلى مواجهة هذه المشكلة مع جهات التمويل القائمة والتي تطبق في تعاملها مع أفراد المجتمع النظام المستورد من النظام الرأسمالي القائم على الربا ـ لاشتماله على معاملات تعتمد على فرض فائدة ربوية على خدمات التمويل التي تقدمها لمن يحتاج إلى التمويل للحصول على أية حاجة من الحاجات الأساسية كقطعة أرض ومسكن وسيارة ومكائن وأدوات زراعية وصناعية وغيرها وكذلك الحاجات الاستثمارية من رأس المال وغيره.
على أن مما يبعث على الحيرة والأسى للمجتمع الإسلامي أنه توجد هناك بين حين وآخر فتوى من أشخاص أو جهات معينة لها مكانتها في المجتمع بأن هذه الفائدة المفروضة على القروض لشراء الحاجات الاستهلاكية أو لاستخدامها في أوجه الاستثمارات المختلفة ليست بربا محرم بل هي أجرة خدمة أو خدمات تقوم بها جهات التمويل سواء كانت عامة حكومية كوزارة المالية والإسكان والزراعة وما إليها من المؤسسات الحكومية أو أهليه خاصة كالبنوك التجارية والجمعيات التعاونية ونحوها.
كما توجد هناك فتوى بأن هذه الفائدة الربوية ما هي إلا ربح حلال يعود لصاحب المال نتيجة استخدام ماله ووضعه بعيدا عن متناول يديه في أغراضه مدة من الزمن.
وجدت كل هذه الفتاوى مع إغماض العين عن أوجه التفرقة بين الربا وكل من أجرة الخدمات والربح، وهي أوجه تفرقة ظاهرة واضحة لا تقبل الجمع بين الربا وكل من أجرة الخدمات والربح، في حال من الأحوال.
وقد ذكر العلماء الكثيرون – علماء الشريعة وعلماء المال والاقتصاد – مع الأدلة والحجج الواضحة أن هذه الفائدة ربا محرم سواء كانت على القروض بنوعيها الاستهلاكية والاستثمارية أو على الودائع الثابتة في البنوك وأمثالها.
ولهذا كله اتفق المسئولون في عالمنا الإسلامي وغيره في أوروبا وأمريكا على إقامة البنك الإسلامي الذي تجرى المعاملات فيه طبقا لقواعد الشريعة ومبادئها في المعاملات وقدمت حلول كثيرة لتكون بديلة عن تلك المعاملات الربوية التي تتبعها البنوك الربوية خاصة في التمويل لمختلف الأغراض الاستهلاكية والاستثمارية معا وغير ذلك من خدمات كانت تتضمن الربا أو شبهة منه وأغرقت الأسواق والمكتبات بالكتب التي تبحث عن هذه الحلول البديلة للمعاملات الربوية.
إذن فلا يصح أن تعتبر تلك الفائدة أجرة خدمات كما لا يصح أن تعتبر ربحا لما بين الربا وكل من أجرة الخدمات والربح من فروق واضحة، ولسنا هنا في موضع بيان لتلك الفروق، وأكتفي هنا بأن نركز مناقشتنا في الحلول الإسلامية لمسألة التمويل الربوي المذكور واختيار الأوجه الصالحة لتطبيقها في تمويل بناء المساكن وشرائها ونحوها من الحاجات الأساسية الاستهلاكية مع التركيز على نقطة من النقاط التي لم تنل حظا وافرا من العناية من كثير من الباحثين في موضوعات التمويل.
2-
تعريف للموضوع:
والموضوع هو التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها، وتعني كلمة التمويل قيام الجهة المالكة للمال – بنكا كان أو مؤسسة مالية عامة أو خاصة – بتقديم المال اللازم للمتعامل معها من أجل الحصول على حاجة ما أساسية أو غيرها كالمسكن ونحوه، وليس المراد قصر ذلك على بناء المساكن وشرائها فحسب، فإن غيرها من الأغراض مثلها، إلا أن الغرض من البحث هنا الاقتصار على التمويل لبناء المساكن وشرائها نظرا لأهميتها باعتبار أن المسكن من الحاجات الأساسية للإنسان في كل مكان وزمان، ومع هذا يجوز أن يقاس غيره من الحاجات على المسكن كالسيارة وماكينة زراعية أو صناعية وغيرها.
هذا والمفروض في مثل هذا البحث أن يتناول الباحث كالعادة ذكر أوجه التمويل الصالحة المناسبة وبيان التعريف عن كل وجه من جميع جوانبه، إلا أني أرى في هذا البحث أن أقتصر وأركز على بعض النقاط التي تراءى لي أنها تحتاج إلى المناقشة وبت الحكم الشرعي فيها حيث إنها لم يسبق أن اتخذ قرار بشأنها وأترك بقية الجوانب التي كثر النقاش في شأنها ووضح أمرها وأحكامها الشرعية وذلك حتى لا يتكرر النقاش خاصة إذا كانت قد سبق أن اتخذ في شأنها قرار أو قرارات من قبل في مجمعنا في دورة من دوراته.
3-
أوجه التمويل الصالحة:
بعد النظر إلى مختلف التمويل التي قامت بها مختلف بنوكنا الإسلامية نجد أن هناك عدة أوجه صالحة لأن تكون أوجه تمويل لبناء المساكن وشرائها وذلك لأنها قد قدمت على أنها حلول بديلة لأوجه التمويل الربوي التي تطبقها البنوك الربوية.
وهذه الأوجه هي البيع بثمن آجل والمرابحة للآمر بالشراء والمشاركة المنتهية بالتمليك والتأجير المنتهي بالتمليك إلى جانب القرض الحسن.
ويمكن إجمال التعريف عن هذه الأوجه بأنها جميعا تجمع معنى المرابحة للآمر بالشراء، وذلك لأن الأول يعني قيام الجهة الممولة بشراء مسكن عينه العميل بمواصفات خاصة والتزم بشرائه منها بقيمة التكلفة مضافا إليها ربح معين يدفعها في أقساط خلال مدة متفق عليها.
والوجه الثاني كذلك كما هو واضح، إلا أن القيمة المتفق عليها بين الطرفين (وهي مكونة طبعا من قيمة التكلفة والربح) ، قد تدفع في الحال، إلا أن الغالب أنها تدفع في أقساط خلال مدة معلومة أيضا.
وأما الثالث فهو مبني أيضا على المرابحة للآمر بالشراء، إلا أن التمويل في المرحلة الأولى هنا لا يكون كليا بل جزئيا حيث يشترك الطرفان في شراء المسكن، ثم تبيع الجهة الممولة نصيبها للعميل بقيمة التكلفة مضافا إليها الربح أيضا ويدفع العميل هذه القيمة في أقساط خلال مدة متفق عليها.
وأما الأخير وهو التأجير المنتهي بالتمليك فكذلك بناء على اختيار وطلب من العميل للمسكن وبمواصفات خاصة، سواء كان مسكناً جاهزاً أو غير جاهز ولم يتم بناؤه بعد والمطلوب بناؤه وتأجيره بهذه الصفة، وسواء كان المسكن المذكور من أملاك الممول أو من غيرها فيتملكه الممول ويؤجره له بهذه الصفة أيضا.
ومهما كان الأمر فإن هذا التأجير يعقبه تمليك للممول بالبيع – كما هو الغالب الواقع عملا – بقيمة التكلفة المضاف إليها الربح وبناء على أمر من العميل في بداية الأمر إلا أنه يختلف من الأوجه الأولى في أنه لابد أن يشتمل على عقدين مستقلين الأول عقد إجارة والثاني عقد بيع بعد انتهاء مدة الإجارة أو في خلال المدة على أن يسري مفعوله بعد انتهاء مدة الإجارة أو بعد العقد مباشرة إذا اتفق الطرفان على فسخ الإجارة.
على أن يراعى في جميع هذه الأوجه القيمة المناسبة وإن أضيف إليها مقدار معين من الربح، وفي مسألة الإجارة يكون ثمن الإيجار مناسبا للمسكن طبقا لنظام العرض والطلب في المكان والزمان الذين تم فيهما عقد إجارته ومناسبا أيضا لحجمه والمنفعة المستفادة منه ويقترن بهذا العقد وعد بالبيع من قبل الممول المؤجر ووعد بالشراء من قبل العميل المستأجر بعد انتهاء مدة الإجارة وإتمام دفع إيجاراته حسب المتفق عليه، ويتفق الطرفان حول اعتبار قيمة الإيجار المدفوعة أو جزء منها قسما من قيمة البيع، كما أن للطرفين الاتفاق على إضافة مقدار معين إلى ثمن الإيجار حين عقد الإجارة مقابل البيع الموعود به، ويودع هذا المبلغ – وهو يدفع على أقساط من ثمن الإيجار الشهري طول مدة الإجارة – في حساب الودائع الاستثمارية في البنك الإسلامي ليكون ضمانا للممول ويستفيد منه بأرباحه بعد إتمام عقد البيع مباشرة ويتسلمه عاجلا باعتبار أنه جزء من قيمة البيع الذي تم العقد عليه، لا على أنه ربح من قبل أن يتم عقد البيع عليه، ويدفع العميل بقية القيمة مخصوما منها الإيجار السابق الذي دفعه أو جزءا منه تبعا للاتفاق بين الطرفين، في أقساط خلال مدة معينة، وتتخذ جميع الإجراءات اللازمة الأخرى على حسب قوانين البلاد.
وأحيلكم بعد هذا إلى قراءة بحثي عن موضوع التأجير المنتهي بالتمليك لمعرفة بقية التفاصيل عنه وهو مقدم أيضا إلى مجمعنا هذا.
هذا ويوجد هناك بعض البنوك الإسلامية يمارس ما يسمى باسم: (الإقراض برسم التمليك) كوجه من أوجه التمويل، ويعنى أن البنك يتملك أشياء منقولة أو غير منقولة ويؤجرها للعميل مقابل تعهد الأخير بدفع أقساط متساوية في آجال معينة ولمدة يتفق عليها في حساب توفير يفتحه البنك لهذه الغاية ويعطي البنك تفويضا بحق استثمار موجودات الحساب ويمكن إضافة الأرباح إلى هذا الحساب وعندما تتكامل الأقساط يلغى العقد وتنتهي الإجارة وتنتقل الملكية من البنك إلى العميل. (بحث د. أوصاف أحمد موضوعه: الأهمية النسبية لطرق التمويل المختلفة في النظام المصرفي الإسلامي: أدلة عملية من البنوك الإسلامية، مقدم إلى المؤتمر السنوي السادس للمجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية (مؤسسة آل البيت)، عمان 18 – 21 /6 /1987 ص6) ذكره الدكتور أوصاف أحمد بعد ذكر الإجارة مباشرة وقال عنه:(هذه طريقة أخرى من التعامل تقوم بها البنوك الإسلامية، وهي وجه آخر من أسلوب الإجارة السابق) ، ثم عرفه كما نقلت عنه أعلاه.
فالدكتور شحاته – ذكر ضمن العناصر والأسس والقواعد السليمة في عملية بيع المرابحة – ذكر حول الربحية أمرين:
ملاءمة الربحية لذات السلعة أو النشاط في ضوء أسعار السوق أو العمليات السابقة.
مدى الالتزام بالقرارات الخاصة بنسب تحديد نسب الربح، وقوانين الاستيراد واللوائح التنفيذية (بحثه المقدم إلى ندوة خطة استراتيجية الاستثمار في البنوك الإسلامية، الجوانب التطبيقية والقضايا والمشكلات في عمان، الأردن 18/6/1987 ص17) .
وتناولها الدكتور محمد عبد الحليم عمر بشيء من التفصيل حول عنصر الربح كأحد عناصر الثمن الثلاثة: الثمن الأساسي أو الأول، المصروفات ثم الربح، فقال:" إن هذا العنصر هو مقصود العملية " وقال: " والعلم به وذكره في العقد شرط من شروط المرابحة "، وذكر عن بعض البنوك الإسلامية:" فإن بعض البنوك تذكره والبعض الآخر لا يذكره بل يذكر الثمن إجماليا متضمنا الربح دون إشارة إلى ذلك ".
فقال عن هذا: " وهذا أمر يجب تعديله بضرورة ذكر الربح في عقد البيع حتى يحقق شرط العلم بالربح كأحد شروط المرابحة ".
وقال: " ولا يكفي في ذلك ذكره في عقد الوعد حتى ولو أشير إليه صراحة في عقد البيع على هذه الحالة، أولا لأن عقد الوعد لا ينعقد به بيع. . . وثانيا لأنه ربما يتم تغيير الربح بين مرحلة المواعدة ومرحلة البيع لأية ظروف مثل صدور قوانين أو قرارات من الدولة تنظم ذلك) .
وتناول كيفية حساب الربح فذكر أولا اختلاف البنوك الإسلامية في كيفية حسابه فقال: " يحسب الربح كنسبة مئوية من ثمن الشراء وجميع المصروفات في بعض البنوك، ومصروفات محددة في بنوك أخرى ".
ويلفت النظر بعد ذلك إلى " أن نسبة الربح يجب أن تختلف بحسب نوع البضاعة وأجل السداد بما يؤثر على إجمالي الثمن الذي يريد في البيع الآجل عنه في البيع النقدي. . مع ضرورة الإشارة إلى أن ذلك يجب أن يكون محددا بصفة قاطعة عند إبرام عقد البيع ولا يقال مثلا إن نسبة الربح لسعلة ما 5 % إذا كان السداد على شهرين، و7 % إذا كان السداد على أربعة شهور) .
وقال: " فإذا كان يجوز أن يكون هذا واضحا قبل التعاقد فإذا تم العقد على نسبة 5 % مثلا والسداد لمدة شهرين ثم تأخر المشتري عن السداد في الموعد المحدد أن لا تزاد نسبة الربح مقابل الأجل في هذه المرة، بل يعالج الموقف بأحد الإجراءات المقررة للتوقف عن الدفع ".
على أن بعض البنوك تلتزم في تحديد الربح بالنسب المقررة بالدولة عندما تحدد الدولة بقرارات نسب الربح لكل سلعة مستوردة أو محلية لكل من المستورد أو تاجر الجملة والتجزئة.
وذكر أن بعض البنوك تحدد الربح بنسب ثابتة على جميع أنواع السلع (18 % مثلا) مسترشدة في ذلك بسعر الفائدة الربوي السائد في السوق.
وهي بذلك تفرغ عملية المرابحة من مضمونها الاقتصادي والشرعي وتصبح كأنها عملية إقراض الثمن للمشتري مرابحة خاصة إذا علمنا أنها توكل العملية كلها – شراء أول وبيع مرابحة للمشتري – (بحثه المقدم إلى المؤتمر السنوي السادس للمجمع الملكي بالأردن 18-21/6/1987 في موضوع التفاصيل العملية لعقد المرابحة في النظام المصرفي الإسلامي ص 26-27) .
هذا وتحدد بعض البنوك الإسلامية نفس الطريقة التي اتبعتها البنوك الربوية في تحديد مقدار الفائدة المطلوبة على القروض وذلك بضرب نسبة الفائدة السنوية في عدد السنوات المتفق عليها لدفع أقساطها خلال أشهرها، مثلا 6 % ×10 سنوات =60 % من قيمة التكلفة.
بينما سلكت بعض مؤسسات التمويل سلوك التخفيف والرحمة فاكتفت بمقدار ما يساوي 10 % من الربح مضافا إلى قيمة التكلفة بدون ضربها في عدد السنوات ولكن يوجد البعض الآخر يزيد على قيمة التكلفة مبلغا كبيرا من الربح بدون ضابط مثل أن يكون المقدم في بيع بثمن آجل للغسالة: 15 دولار والقسط الشهري 24 دولار في 36 شهرا = 864 دولار مع أن قيمتها نقدا 414 دولار فقط. ويكون الفرق 450 دولار أي مقدار الربح المضاف إلى قيمة التكلفة أكثر من مائة في المائة.
ضمانات:
هذا ومع اختلاف طرق تحديد الربح – كما رأينا – يختلف مقدار الربح المضاف إلى قيمة التكلفة تبعا لاختلاف طريقة تحديده من بنك إلى آخر.
وإن هناك اختلافا ثالثا بين البنوك الإسلامية فيما أخذت من ضمانات.
فإن هذه الضمانات تتكون من أمور – وإن اختلف في الأخذ بها جميعًا من بنك إلى آخر – منها ما يمثل مجرد توثيق لحق الممول ولا يأتي بمزيد الربح إليه، ومنها ما هو أكثر من مجرد توثيق لحقه، بل يأتي بمزيد الربح إلى الممول فوق الأرباح المضاعفة التي جاءت بها طريقة تحديدها.
فالمجموعة الأولى هي:
الضمان الشخصي المتعلق بسمعة العميل ومركزه المالي.
الحصول على رهن بقيمة الثمن أو رهن البضاعة ذاتها رهنا تأمينيا.
طلب كفالة شخص آخر مليء لضم ذاته إلى ذمة المشتري.
الحصول على سندات إذنية للتحصيل أو سندات إذنية بالاطلاع.
تحفظ البنك على وديعة للمشتري طرف البنك.
توقيع المشتري على إيصال أمانة أو شيكات مؤجلة السداد بقيمة المبلغ.
إعطاء البنك حق امتياز البائع على السلعة المباعة.
إلى غير ذلك من ضمانات من هذا القبيل.
والمجموعة الثانية هي:
1تقديم المشتري خطاب ضمان مصرفيًا بقيمة البضاعة للبنك.
التأمين على البضاعة محل العقد من كافة الأخطار لصالح البنك.
3-
عقد البيع مرابحة ذاته (1)(1) .
4-
إيداع ما بين 3-6 أقساط مثلا من أول مدة سريان مفعولية العقد في حساب الودائع الاستثمارية في البنك الذي يقوم بالتمويل، وتقتسم فيه الأرباح بين الطرفين الممول والعميل مضاربة.
إلى غير ذلك من ضمانات من هذا القبيل: الذي يمكن أن يأتي بمزيد الربح إلى الممول.
(1) د. محمد عبد الحليم عمر، بحثه المقدم إلى المؤتمر السنوي السادس للمجمع الملكي عمان، الأردن، موضوعه: التفاصيل العملية لعقد المرابحة في النظام المصرفي الإسلامي بتاريخ 18-21/6/1987، ص 28.
الطريقة المختارة:
ولهذا كله أرى أن علينا أن نركز في مناقشة طرق تحديد الربح وما يجوز أخذه كضمان حتى لا يأتي هو الآخر بمزيد الربح فوق الأرباح المضاعفة التي قد أضيفت إلى قيمة التكلفة تبعا لطريقة تحديد هذه الأرباح، وهي في أحيان كثيرة قد أثقلت كاهل العميل المسكين المحتاج إلى مسكن يقيه هو وأهله من مخاطر الجو وأعين الناس، مع أن البنك الإسلامي ما أنشئ إلا وكان من أوائل أهدافه هو أن يكون بديلا للبنوك الربوية التي طالما أثقلت كواهل الناس بما فرضت من فوائد ربوية وغيرها.
هذا وإذا كان لي أن أختار من تلك الطرق المختلفة لتحديد الربح فالطريقة التي تنبئ عن الإنصاف والرحمة والتوسط في جمع الأرباح هي الأفضل وهي الطريقة التي لا يمكن أن تأتي بربح أكثر من الثمن الحالي للفائدة في السوق المحلي، من غير ضربه في عدد السنوات المتفق عليها لدفع الأقساط، وذلك حتى لا تأتي بأضعاف مضاعفة من الربح الذي يشبه الربا الجاهلي المطبق على الناس في عهد نزول القرآن الكريم بتحريم الربا.
ومن ناحية الضمانات نرى أن نختار من الضمانات كذلك ما لا يمكن أن يأتي بمزيد الربح والمكاسب لطرف الممول دون غيره خاصة إذا كان يتم بالشرط المفروض على العميل.
وبهذا أكتفي. وصلى الله وسلم على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
الدكتور عبد الله ابراهيم