المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أحكام السوق الماليةإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد الغفار الشريف - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٦

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد السادس

- ‌كلمةمعالي الأمين العاملمنظمة المؤتمر الإسلاميالدكتور حامد الغابد

- ‌كلمةمعالي رئيس مجمع الفقه الإسلاميالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدوليالدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌كلمةصاحب السمو الملكيالأمير ماجد بن عبد العزيز

- ‌كلمةمعالي الأستاذ خالد أحمد الجسار

- ‌كلمةمعالي الدكتور حامد الغابد

- ‌كلمةمعالي الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائهاإعدادسماحة الشيخ الدكتور محمد سيد طنطاوي

- ‌التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائهاإعدادسعادة الدكتور عبد الله إبراهيم

- ‌التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائهاإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌الطرق المشروعة للتمويل العقاريإعدادفضيلة القاضي محمد تقي العثماني

- ‌بيع التقسيطإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌بيع التقسيطإعدادفضيلة الدكتور محمد عطا السيد

- ‌بيع التقسيطإعدادفضيلة الدكتور إبراهيم فاضل الدبور

- ‌البيع بالتقسيط: نظرات في التطبيق العمليإعدادفضيلة الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌تقسيط الدين في الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الدكتور محمد رضا عبد الجبار العاني

- ‌بيع التقسيط: تحليل فقهي واقتصاديإعدادسعادة الدكتور رفيق يونس المصري

- ‌حكم زيادة السعرفي البيع بالنسيئة شرعًاإعدادفضيلة الدكتور نظام الدين عبد الحميد

- ‌القبضصوره، وبخاصة المستجدة منها وأحكامهاإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌القبض:صوره، وبخاصة المستجدة منها، وأحكامهاإعدادفضيلة الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌القبض:أنواعه، وأحكامه في الفقه الإسلامىإعدادفضيلة الدكتور محمد رضا عبد الجبار العاني

- ‌القبض:صوره وبخاصة المستجدة منها، وأحكامهاإعدادسعادة الدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌القبض:صوره، وبخاصة المستجدة منها، وأحكامهاإعدادفضيلة الدكتور علي محيي الدين القره داغي

- ‌القبضتعريفه، أقسامه، صوره وأحكامهاإعدادفضيلة الدكتور سعود بن مسعد الثبيتي

- ‌حُكم قبض الشيكوهل هو قبض لمحتواه؟إعدادفضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌القبض الحقيقي والحكمي: قواعده وتطبيقاتهمن الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ نزيه كمال حماد

- ‌حكم إجراء العقود بوسَائل الاتصَال الحَديثةفي الفقه الإسلامي (موازَنًا بالفقه الوضعي)إعدادسعادة الدكتور إبراهيم كافي دونمز

- ‌الإسلام وإجراء العقودبآلات الاتصال الحديثةإعدادفضيلة الشيخ محمد الحاج الناصر

- ‌الأسواق المالية وأحكامها الفقهيةفي عصرنا الحاضرإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌أحكام السوق الماليةإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد الغفار الشريف

- ‌السوق الماليةإعدادفضيلة الدكتور وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌الأسواق المالية والبورصة والتجربة التونسيةإعدادسعادة الدكتور مصطفى النابلي

- ‌السوق المالية ومسلسل الخوصصةإعدادسعادة الدكتور الحسن الداودي

- ‌الأدوات المالية الإسلاميةإعدادسعادة الدكتور سامي حسن حمود

- ‌الأدوات المالية الإسلاميةإعدادفضيلة الدكتور حسين حامد حسان

- ‌الأسواق الماليةمن منظور النظام الاقتصادي الإسلامي(دراسة مقارنة)إعدادسعادة الدكتور نبيل عبد الإله نصيف

- ‌الأدوات المالية الإسلاميةوالبورصات الخليجيةإعدادسعادة الدكتور محمد فيصل الأخوة

- ‌الأدوات المالية التقليديةإعدادسعادة الدكتور محمد الحبيب جراية

- ‌الأسواق الماليةإعدادسعادة الدكتور محمد القري بن عيد

- ‌تجلي مرونة الفقه الإسلاميأمام التحديات المعاصرةإعدادفضيلة الأستاذ محمد الأزرق

- ‌وثائقندوة الأسواق الماليةالمنعقدة بالرباط

- ‌زراعة خلايا الجهاز العصبي وبخاصة المخإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌زراعة خلايا الجهاز العصبي وخاصة المخإعدادفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي

- ‌زراعة الأعضاء وحكمه في الشريعة الإسلاميةإعدادفضيلة الشيخ الشريف محمد عبد القادر

- ‌زراعة خلايا المخمجالاته الحالية وآفاقه المستقبليةإعدادسعادة الدكتور مختار المهدي

- ‌إجراء التجارب علىالأجنة المجهضة والأجنة المستنبتةإعدادسعادة الدكتور محمد علي البار

- ‌الاستفادة من الأجنة المجهضة أو الزائدة عن الحاجةفي التجارب العلمية وزراعة الأعضاءإعدادسعادة الدكتور مأمون الحاج علي إبراهيم

- ‌حكم الاستفادة من الأجنة المجهضةأو الزائدة عن الحاجةإعدادفضيلة الدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌الاستفادة من الأجنة المجهضة والفائضةفي زراعة الأعضاء وإجراء التجاربإعدادسعادة الأستاذ الدكتور عبد الله حسين باسلامة

- ‌(أ) استخدام الأجنة في البحث والعلاج(ب) الوليد عديم الدماغمصدراً لزراعة الأعضاء الحيويةإعدادالدكتور حسان حتحوت

- ‌(أ) حقيقة الجنين وحكم الانتفاع به في زراعة الأعضاء والتجارب العلمية.(ب) حكم زراعة خلايا الدماغ والجهاز العصبي.إعداد فضيلة الدكتور محمد نعيم ياسين

- ‌حكم الانتزاع لعضومن مولود حي عديم الدماغإعدادفضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌الاستفادة من الأجنة المجهضةأو الزائدة عن الحاجةفي التجارب العلمية وزراعة الأعضاءإعدادفضيلة الدكتور عمر سليمان الأشقر

- ‌زراعة الأعضاء من الأجنة المجهضةإعدادفضيلة الشيخ محمد عبده عمر

- ‌حكم إعادة ما قطع بحد أو قصاصإعدادفضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌زراعة عضو استؤصل في حد أو قصاصإعدادفضيلة حجة الإسلام محمد علي التسخيري

- ‌زراعة عضو استؤصل في حدإعدادفضيلة القاضي محمد تقي العثماني

- ‌زراعة عضو استؤصل في حدإعدادفضيلة الدكتور وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌حكم إعادة اليدبعد قطعها في حد شرعيإعدادفضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌هل يجوز إعادة يد السارقإذا قطعت بصفة شرعية أم لا؟إعدادفضيلة الشيخ مولاي مصطفى العلوي

- ‌زراعة الأعضاء البشريةالأعضاء المنزوعة من الأجنة المجهضة.الغدد والأعضاء التناسلية.زراعة عضو استؤصل في حد كإعادة اليد التي قطعت في حد السرقة.زراعة خلايا الجهاز العصبي.إعدادسعادة الأستاذ أحمد محمد جمال

- ‌إمكانية نقل الأعضاء التناسلية في المرأةإعدادسعادة الدكتور طلعت أحمد القصبي

- ‌أحكام نقل الخصيتين والمبيضين وأحكامنقل أعضاء الجنين الناقص الخلقةفي الشريعة الإسلاميةإعدادفضيلة الدكتور خالد رشيد الجميلي

- ‌نقل وزراعة الأعضاء التناسليةإعدادفضيلة الدكتور محمد سليمان الأشقر

- ‌زرع الغدد التناسلية والأعضاء التناسليةإعدادسعادة الدكتور محمد علي البار

- ‌زراعة الغدد التناسلية أو زراعةرحم امرأة في رحم امرأة أخرىإعدادالدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين

- ‌زراعة الأعضاء التناسلية والغدد التناسليةللمرأة والرجلإعدادسعادة الدكتورة صديقة علي العوضي

الفصل: ‌أحكام السوق الماليةإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد الغفار الشريف

‌أحكام السوق المالية

إعداد

فضيلة الدكتور محمد عبد الغفار الشريف

أستاذ بكلية الشريعة جامعة الكويت

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أمر عباده المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} . [سورة البقرة: الآية 172] ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، فبين شرائع الحق، ومعالم الحلال والحرام

وبعد:

فإن الله تعالى أنزل آدم عليه الصلاة والسلام إلى الأرض ليكون خليفته فقال: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [سورة البقرة: الآية 30] ، والاستخلاف في الأرض عن الله تعالى يعني تعميرها وتطبيق شرع الله فيها، وقد أرشد الرب بني آدم إلى ذلك في كتابه الكريم فقال:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [سورة الملك: الآية 15] .

وتعمير الأرض يحتاج إلى الصناعة والزراعة والتجارة والتعليم، والصناعة والزراعة يحتاجان إلى التجارة، كما تحتاج هي إليهما، والكل بحاجة إلى العلم، لينير لهم الطريق المستقيم.

ومعاملات الناس فيما بينهم تختلف شكلًا وصورة، فهي سهلة ميسرة في المجتمعات البدائية، معقدة ومتعددة في المجتمعات الراقية.

وكذلك الأمر بالنسبة للأسواق، جاء في الموسوعة العربية الميسرة (1) :

سوق: قبل أن تنتشر وسائل النقل، ويتطور تسويق البضائع لم تكن فرص التعامل في الأسواق مواتية إلا في الأعياد والاجتماعات الدينية، حين يجتمع الناس من مختلف البلدان والأقطار. وعرف عند العرب سوق عكاظ، كما كانت الأسواق معروفة عند اليونان والرومان، وفي أوروبا إبان القرون الوسطى. ولا سيما القرنين 13، 14، ثم تقلصت هذه الأسواق وزالت مع سهولة المواصلات وانتشار المتاجر، ولم يبق منها في أوروبا إلا القليل، مثل سوق (ليبزج ونزني نفجورد) . وفي أمريكا سوق في (كونكتيكت) ، وهي من نوع خاص للمنتجات الزراعية والمنزلية التي ينتخبها محكمون. وهو أيضًا المكان الذي يلتقي فه البائعون والمشترون لسلعة معينة، غير أن وحدة المكان ليست شرطًا أساسيًّا لقيام السوق، ويكفي وجود صلة بين البائعين والمشترين، بحيث يكون الثمن الذي يقتضيه أو يدفعه أحدهم، يؤثر في الثمن الذي يقتضيه أو يدفعه الآخرون، وقد تتحقق هذه الصلة بالبرق أو بالبريد أو بأية طريقة أخرى، ولكل سلعة سوق، فإذا كانت السلعة متماثلة الوحدات، نشأت السوق المنظمة التي تعرف بالبورصة، كذلك توجد سوق للنقود تجمع بين المقرضين والمقترضين، فإذا كان القرض لأجل قصير لا يتجاوز عادة مدة سنة، سميت بالسوق النقدية، وتتداول فيها الأوراق التجارية، مثل الكمبيالات والسندات الإذنية، فإذ كان القرض لأجل يتجاوز سنة، سميت بالسوق المالية، وتتداول فيها الأوراق المالية، مثل الأسهم والسندات، ويوجد أيضًا ما يسمى أحيانًا بسوق العمل حيث يتلاقى عرض وطلب عمل معين.

والذي يهمنا – هنا – هو الكلام على السوق المالية، أو ما يسمى بسوق الأوراق المالية، أو بورصة الأوراق المالية (2) .

(1) الموسوعة: 15/1034، وانظر: موجز القاموس الاقتصادي: ص264.

(2)

انظر: بورصة الأوراق المالية الكويتية: ص5.

ص: 961

-1-

البورصة (1) ، نشأتها وأعمالها

البورصة: سوق يتم التعامل فيها على سلعة معينة، أو على أوراق مالية، فبورصة القطن يلتقي فيها بائعو القطن ومشتروه، وبورصة الأوراق المالية يلتقي فيها بائعو الأسهم والسندات ومشتروها.

ولا تتمتع السلعة ببورصة خاصة بها، إلا إذا كانت متماثلة الوحدات، معروفة الأوصاف، بحيث يتم بيعها وشرؤاها دون حاجة إلى معاينة، وعلى ذلك فلا توجد بورصة للسيارات، لأنها غير متماثلة الوحدات، ولكن توجد بورصة للقطن أو القمح أو النحاس، لأنها ذات رتب متفق عليها عالميًّا، وهناك بورصة للبضاعة الحاضرة حيث يتم تسليم السلعة وتسلمها بعد عقد الصفقة، وبورصة العقود حيث يكون التعامل على سلعة غير موجودة حاليًا، ولكنها توجد مستقبلا.

وقد عرفها قانون التجارة الفرنسي (مادة 71) بأنها مجتمع التجار وأرباب السفن والسماسرة والوكلاء بالعمولة تحت رعاية الحكومة. وهي من النظامات الاقتصادية اللازمة لكل دولة متمدينة إذ هي للتجار، بمثابة مقياس الحرارة ينبئ بالأسعار، ومقدار المطلوب والمعروض، ويمكن بواسطتها جس نبض السوق، والاحتراس من الوقوع في الأزمات.

ويرجع تاريخ نشأة هذه الأسواق إلى الرومان الذين كانوا أول من عرف الأسواق المالية في القرن الخامس قبل الميلاد، وفي العصور الوسطى اعتبرت كل من بروج وأنفير وليون وأمستردام ولندن، من المراكز المالية المهمة حيث قامت فيها (البورصات) إلى جانب الأسواق التجارية، وتم التبادل فيها على السلع والنقود والحوالات وأسهم الشركات التجارية وظهرت أول قائمة لأسعار الأسهم في أنفير 1592، وبعدها على التوالي في كل من أمستردام وباريس ولندن، ومنذ بداية القرن السابع عشر كان يجتمع في أمستردام بين الساعة الثانية عشرة والثانية بعد الظهر آلاف المتعاملين لعرض آخر أسعار أسهم شركة الهند الشرقية.

ثم جاء دور باريس كمركز لبيع وشراء الأوراق المالية في القرن التاسع شعر، وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر احتلت لندن الدور المالي الأول في العالم، ولكن بين الحربين العالميتين تقلصت أهمية لندن وإن كان ما زال مركز لندن المالي يحتفظ بفعاليته.

ثم نمت وول ستريت، ورغم أن أزمة 1929 أثرت على العديد من المصارف والشركات، إلا أن السوق الأمريكية سرعان ما عرفت الثقة والاطمئنان، ثم التوسع نتيجة الدور المتعاظم للدولار الأمريكي، ويشكل حجم التثمير البورصي فيها 850 مليون دولار، وهو يمثل 7 أضعاف التثمير في لندن و 8 أو 9 أضعاف التثمير في باريس.

ومما لا ينكر أن هذه السوق ساهمت في نقل اقتصاد الدول الكبرى من المرحلة البدائية والزراعية، إلى المرحلة الصناعية. (2) .

*

**

(1) اشتقت كلمة (بورصة) من: (أ) فندق في مدينة (بروج) ببجليكا، كانت تزين واجهته شعار عملة عليها ثلاثة أكياس، كان يجتمع فيه عملاء مصرفيون ووسطاء ماليون لتصريف أعمالهم. (ب) أو من أحد صيارفة مدينة (بروج) اسمه – (فان دييربورسيه) كان تجار المدينة يجتمعون في قصره. وكان شعار أسرته ثلاثة أكياس من الذهب. (عمل) شركات الاستثمار الإسلامية: ص89) .

(2)

انظر: الموسوعة العربية: 1/430؛ دائرة معارف القرن العشرين: 2/393، بورصة الأوراق المالية: ص9، عمل شركات الاستثمار: ص89، القاموس الاقتصادي: ص67، 68.

ص: 962

الأوراق المالية (1) 2المتداولة في السوق المالية

يمكن حصر الأوراق المالية التي يجري التعامل بها في السوق المالية بما يلي: (2) .

(أ) السندات.

(ب) الأسهم.

(ت) حصص التأسيس.

(أ) السندات:

* التعريف اللغوي: السندات جمع سند، والسند في اللغة ما قابلك من الجبل، وعلا من السفح، ومعتمد الإنسان، وضرب من البرود (3) .

* التعريف الاصطلاحي: ونقصد به اصطلاح الاقتصاديون، وهو المستعمل في سوق الأوراق المالية (4) . وهو: صك قابل للتداول يمثل قرضًا يعقد عادة بوساطة الاكتتاب العام، وتصدره الشركات أو الحكومة وفروعها، ويعتبر حامل سند الشركة دائنًا للشركة، له حق دائنيه في مواجهتها، ولا يعد شريكًا فيها، على خلاف حامل السهم.

ويعطى حملة السندات فائدة ثابتة سنويًّا ولهم الحق في استيفاء قيمتها عند حلول أجل معين (5) .

* خصائص السندات:

للسندات خصائص مميزة لها، وهي:

1-

يمثل السند دينًا على الشركة، فإذا أفلست أو قامت بأعمال تضعف التأمينات الخاصة الممنوحة من قبلها لحملة السند سقط أجل الدين، واشترك حامل السند مع باقي الدائنين للشركة.

2-

يستوفي حامل فائدة ثابتة سواء ربحت الشركة أم خسرت، ويجوز أن يشترط حامل السند نسبة مئوية في الأرباح، ولا يعتبر مساهمًا لأنه لا يحق له التدخل في إدارة الشركة.

3-

لحامل السند حق الأولوية في استيفاء قيمة السند عند التصفية قبل السهم.

4-

لا يشترك حامل السند في الجمعيات العامة للمساهمين، ولا يكون لقراراتها أي تأثير بالنسبة له، إذ لا يجوز للجمعية أن تعدل التعاقد ولا أن تغير ميعاد استحقاق الفوائد.

5-

يكون السند طويل الأجل.

6-

يكون السند قابلًا للتداول كالسهم.

7-

قرض السندات قرض جماعي، فالشركة تتعاقد مع مجموع المقرضين لأن القرض مبلغ إجمالي مقسم إلى أجزاء متساوية هي السندات (6)

(1) تجدر الإشارة إلى أن الأوراق المالية تختلف عن الأوراق التجارية، إذ أن الأخيرة تعتبر صكوكًا تمثل نقودًا، وتقوم مقامها، في وفاء الديون بسبب سهولة تداولها بطريقة التظهير والمناولة، وهي واجبة الدفع في وقت معين، وتطلق على الكمبيالة والسند الإذني والشيك، لأنه يغلب استعمال هذه الأوراق في محيط التجارة، وهذه التسمية من شأنها أن تميزها عن الأوراق المالية كالأسهم والسندات: انظر: عمل شركات الاستثمار: ص97، الموسوعة العربية: 2/1948.

(2)

الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية: 2/241، القاموس الاقتصادي: ص68، الموسوعة العربية: 2/1948، عمل شركات الاستثمار: ص97.

(3)

لسان العرب: 3/220، محيط المحيط: ص433، معجم متن اللغة: 3/222.

(4)

انظر تعريفه عند علماء الحديث في: تدريب الراوي: 1/41، المجموع المذهب: 1/341، وعند علماء المنطق في التعريفات: ص127، محيط المحيط: ص433.

(5)

الموسوعة العربية: 1/1022، القاموس الاقتصادي: ص259، شركة المساهمة في النظام السعودي: ص386.

(6)

الشركات في الشريعة الإسلامية: 2/102، عمل شركات الاستثمار: ص101.

ص: 963

* حقوق حاملي السندات:

لحامل السند حقان أساسيان:

1-

الحصول على فائدة قانونية ثابتة في مواعيدها المتفق عليها، سواء ربحت الشركة أم خسرت.

2-

استيفاء قيمة السند في الأجل المضروب، وقد يكون ذلك عن طريق الاستهلاك بالقرعة.

وما عدا ذلك فله حقوق الدائن تجاه مدينة وفقًا للأحكام القانونية (1) .

* طريقة إصدار السندات:

الإصدار هو العملية التي تمكن الشركة من طرح سنداتها على الجمهور، ويتم ذلك بطريق الاكتتاب العام، ويكون عادة بواسطة البنوك، وتعلن الشركة كل المعلومات المتعلقة بالسندات، وأهمها الوفاء بالمبلغ الذي تعهد به ومقدار الفائدة القانونية (2) .

* أنواع السند:

وهي خمسة أنواع:

1-

السند المستحق الوفاء بعلاوة إصدار، وهو السند الذي تصدره الشركة بمبلغ معين يسمى (سعر الإصدار) ، ولكنها تتعهد برد المبلغ في ميعاد الوفاء بسعر أعلى، مضافًا إليه علاوة تسمى (علاوة إصدار) ، فمثلًا تصدر الشركة سهم الإصدار بمبلغ (50) دينارًا، ولكنها توقعه بمبلغ (60) دينارًا أي بعلاوة إصدار قدرها عشرة دنانير.

2-

سند النصيب، وهو السند الذي يصدر بقيمة إسمية وحقيقية، أي تستوفي الشركة القيمة المعنية في السند، وتحدد لصاحبه فائدة ثابتة بتاريخ استحقاق معين، ولكنها تجري القرعة في كل عام لإخراج عدد من السندات، وتدفع لأصحابها مع قيمتها مكافأة جزيلة، وتجري قرعة لتعيين السندات التي تستهلك بدون فائدة، وهذا السند نوع من أنواع اليانصيب.

وقد منعت القوانين إصدار هذا النوع إلا بقانون خاص، أو بإذن من الحكومة.

3-

سند النصيب بدون فائدة، وهو السند الذي يسترد حامله رأس ماله في حالة خسارة، بخلاف سند النصيب ذي الفائدة (النوع الثاني) ، فإنه لا يسترد حامله شيئًا في حالة الخسارة.

4-

السند ذو الاستحقاق الثابت الصادر بسعر الإصدار، وهو السند العادي، إلا أن مدته تكون عادة قصيرة، ويعطي فائدة مرتفعة.

5-

السند المضمون، وهو السند الذي تقدم الشركة ضمانًا عينيًّا للوفاء به، بأن ترهن عقاراتها في مقابل السندات المضمونة، أو ترهن عقارًا أو مالًا عينيًّا لكل سند، وتلجأ الشركة إلى إصدار مثل هذه السندات إذا كانت بحاجة إلى اجتذاب رجال المال لإقراضها بالنقد، لكي تتلافى سوء أحوالها المادية، ويعرف هذا النوع في إنجلترا باسم (السندات العادية)(3) .

(1) الشركات: 2/106، عمل شركات الاستثمار: ص101.

(2)

الشركات: 2/106، شركة المساهمة: ص 388.

(3)

الشركات: 2/104، شركة المساهمة: ص391، عمل شركات الاستثمار: ص102.

ص: 964

هذه هي أنواع السندات من حيث حقوق أصحابها، ولكنها قد تتنوع من ناحية الشكل إلى:

1-

سند لحامله، لا يذكر عليه اسم الدائن، ويتعهد محرره دفع مبلغ معين من النقود في تاريخ معين، أو بمجرد الاطلاع، لمن يحمل هذا السند.

2-

السند الاسمي، يذكر فيه اسم الدائن، ويكون شأنه شأن الأسهم الاسمية (1) .

(ب) الأسهم:

* التعريف اللغوي: الأسهم جمع سهم، والسهم في اللغة: النصيب، وجمعه سهمان وسهمة وأسهم وسهام.

والقدح يضرب فيه بالميسر، قال ابن الأثير: وهو الأصل فيه. وجمعه سهام.

وواحد النبل، وجمعه أسهم وسهام، ومقياس تمسح به الأرض، وحجر يجعل على باب البيت يبني ليصطاد فيه الأسد، وجائز البيت أي جسره (2) .

* التعريف الاصطلاحي: السهم هو النصيب الذي يشترك به المساهم في رأس مال الشركة، ويتمثل السهم في صك يعطي للمساهم، يكون وسيلة في إثبات حقوقه في الشركة.

وهناك تعريفات أخرى مقاربة (3) .

* خصائص الأسهم:

للأسهم خصائص تتميز بها نجمها فيما يلي:

1-

تتساوى قيمة الأسهم حسبما يحددها القانون، والحكمة من تساويها تسهيل تقدير الأغلبية في الجمعية العمومية، وتسهيل عملية توزيع الأرباح على المساهمين، وتنظيم سعر الأسهم في البورصة.

2-

تساوي قيمة الأسهم يقتضي تساوي الحقوق بين المساهمين، إلا أن بعض القوانين تجيز إصدار أسهم ممتازة بقرار من الهيئة العامة غير العادية، تمنح أصحابها حق الأولوية في الأرباح، أو في أموال الشركة عند تصفيتها، أو كليهما، أو أية ميزة أخرى.

3-

تكون مسئولية الشركاء بحسب قيمة الأسهم، فلا يسأل عن ديون الشركة إلا بمقدار أسهمه التي يملكها.

4-

عدم قابلية السهم للتجزئة، فإذا مات الشريك أصبحت ملكية السهم مشاعة بينهم، ويختار الورثة ممثلًا عنهم في الجمعية العمومية للمساهمين، لكي يباشر الحقوق المتصلة بالأسهم.

5-

قابلية الأسهم للتداول. وهي أهم خصيصة للسهم، فإذا نص على خلاف ذلك فقدت الشركة صفة المساهمة (4)

(1) الشركات: 2/106، عمل شركات الاستثمار: ص102، الموسوعة العربية: 1/1022.

(2)

المصباح: ص293، متن اللغة: 3/236، المعجم الوسيط: 1/461.

(3)

انظر: شركة المساهمة: ص232، الشركات: 2/94، عمل شركات الاستثمار: ص98، القاموس الاقتصادي: ص261.

(4)

الشركات: 2/94، شركة المساهمة: ص334.

ص: 965

* حقوق السهم أو المساهم:

يعطي تملك السهم للمساهم حقوقًا أساسية للمساهم بصفته شريكًا فلا يجوز حرمانه منها، أو المساس بها. وتتلخص فيما يلي:

1-

حق البقاء في الشركة، فلا يجوز فصل أي مساهم من الشركة، لأن المساهم متملك في الشركة، ولا يجوز نزع ملكيته إلا برضاه، وذلك فيما عدا حالة التأميم، التي تنتزع فيها الملكية الخاصة وتتحول إلى ملكية عامة.

2-

حق التصويت في الجمعية العمومية، وهو سبيل المساهم إلى الاشتراك في إدارة الشركة، وهو حق يجوز له التنازل عنه لغيره، ولكل سهم صوت، إلا إذا كان للسهم امتياز بأن يكون متعدد الأصوات.

3-

حق الرقابة على أعمال الشركة، وهو لكل مساهم، وذلك بمراجعة ميزانية الشركة وحساب الأرباح والخسائر وتقارير مجلس الإدارة، وكل ما يتعلق بأمور الشركة قبل انعقاد الجمعية العمومية، ويكون ذلك بإذن من الجمعية أو بقرار من المحكمة، حتى لا تفشوا أسرار الشركة، وله أن يستجوب الأعضاء في الجمعية العمومية عن ما يريده من شئون الشركة.

4-

حق رفع دعوى المسئولية على المديرين بسبب أخطائهم في الإدارة.

5-

الحق في نصيب من الأرباح والاحتياطات، وذلك لأن المساهم يقدم حصته في رأس المال من أجل الربح، فلا يصح حرمانه من هذا الحق عند توزيع الأرباح المحققة، وكذلك له الحق في الاحتياطي المتكون من الاقتطاعات من الأرباح.

6-

الأولوية في الاكتتاب، وذلك إذا قرَّرت الشركة بزيادة في رأس المال، فإن الأولوية في الاكتتاب تكون للمساهمين القدامى، لأنهم أولى بالأموال الاحتياطية وموجودات الشركة، فيعطي لهم الحق في المساهمة في زيادة رأس المال خلال مدة معينة ثم يباح للمساهمين الجدد بعد ذلك.

7-

حق التنازل عن السهم، فللمساهم أن يتصرف في أسهمه بالبيع أو الهبة أو غيرهما، ويعد باطلًا كل شرط يحرم المساهم من هذا الحق.

8-

حق اقتسام موجودات الشركة عند حلها، وذلك لأنه عضو في الشركة قد قدم حصته في رأس المال، فإذا صفيت الشركة كان حقه متعلقًا في موجوداتها لأنه نماء رأس المال (1) .

(1) الشركات: 2/100، عمل شركات الاستثمار: ص98

ص: 966

* ويظهر مما مضى الفرق بين السند والسهم في النقاط التالية:

1-

ليس لحامل السند أن يتدخل في شئون الهيئة العامة للمساهمين، بينما ذلك من حق صاحب السهم، وليس لصاحب السند حق التصويت والرقابة على الإدارة، خلافًا لصاحب السهم.

2-

حق حامل السهم في الربح، والربح متغير، بينما حق صاحب السند في فائدة ثابتة لا تتغير.

3-

تستوفي قيمة السند في الوقت المحدد للوفاء، أما السهم فلا تستوفي قيمته إلا عند التصفية، أو استهلاك السهم، أو التأميم.

4-

تنقطع صلة حامل السند بالشركة عند استيفاء قيمة السند، أما حامل السهم فتبقى صلته بالشركة قائمة إذا استهلك سهمه، ويبقى له حق المساهمة في الربح والاشتراك في الجمعية العامة.

* أنواع الأسهم (1) : تنقسم الأسهم إلى أنواع مختلفة بحسب طبيعة كل نوع:

(أ) من حيث الحصة التي يدفعها الشريك تنقسم إلى:

1-

نقدية، وهي التي تدفع نقدًا.

2-

عينية، وهي التي تدفع أموالًا من غير النقد.

(ب) من حيث الشكل تنقسم إلى:

1-

أسهم اسمية: وهي التي تحمل اسم المساهم وتثبت ملكيته له.

2-

أسهم لحاملها: وهي التي لا تحمل اسم حاملها، ويعتبر حامل السهم هو المالك في نظر الشركة، وقد قضت القوانين التجارية العربية أن تكون جميع الأسهم اسمية، ولا يجوز أن تكون أسهمًا لحاملها.

(1) الشركات: 2/96، شركة المساهمة: ص353، عمل شركات الاستثمار: ص99، الموسوعة العربية: 1/1026.

ص: 967

3-

أسهم للأمر: وهي عبارة عن أسهم تتضمن (للأمر) ، فيكون السهم حينئذٍ قابلا للتظهير كسائر السندات التي تحمل شرط الأمر.

(ج) من حيث الحقوق التي تعطيها لصاحبها تنقسم إلى قسمين:

1-

اسهم عادية: وهي التي تساوي في قيمتها، وتخول المساهمين حقوقًا متساوية.

2-

أسهم ممتازة: وهي الأسهم التي تختص بمزايا لا تتمتع بها الأسهم العادية، وذلك أن الشركة قد ترغب في زيادة رأس مالها، فتعطى الأسهم الجديدة امتيازات لا تتمتع بها الأسهم القديمة، لتشويق الجمهور للاكتتاب بها.

ومن هذه المزايا: حق الأولوية في الحصول على الأرباح، كأن تختص الأسهم الممتازة بحصة في الأرباح لا تقل عن 5 % من قيمتها، وتوزع باقي الأرباح على الأسهم جميعًا بالتساوي، أو استيفاء فائدة سنوية ثابتة سواء ربحت الشركة أم خسرت، ومنها حق استعادة قيمة الأسهم بكاملها عند تصفية الشركة قبل إجراء القسمة بين سائر المساهمين، ومنها أن يكون للسهم الممتاز أكثر من صوت واحد في الجمعية العمومية.

(د) وتنقسم الأسهم من حيث إرجاعها إلى صاحبها أو عدم إرجاعها إلى قسمين:

1-

أسهم رأس المال، وهي الأسهم التي لم تستهلك قيمتها.

2-

أسهم تمتع، وهي الأسهم التي استهلكت قيمتها، بأن ردت قيمة السهم إلى المساهم قبل انقضاء الشركة، وهو معنى الاستهلاك، ويكون الاستهلاك بطرق متعددة.

(ج) حصص التأسيس:

صكوك تعطي حاملها حقوقًا في أرباح الشركة دون أن تمثل حصة في رأس المال، وتمنع حصص التأسيس مكافأة على خدمات أداها المؤسسون للشركة، ومن هنا جاءت تسميتها، وقد تمنح لغير المؤسسين وتسمى عندئذ حصص الأرباح، وأعطت بعض التشريعات الحرية في إنشاء هذه الحصص لمكافأة المجهودات التي بذلت في تأسيس الشركة أو الخدمات التي قدمت لهذا الغرض، وليست الحصص التأسيس قيمة اسمية، وإنما يحدد نصيبها في الأرباح، ولذلك لا تدخل في حساب رأس المال، ولا يكون لأصحابها نصيب في فائض التصفية عند حل الشركة، وهي لا تخول صاحبها التدخل بأي وجه في إدارة الشركة، وتكون هذه الصكوك اسمية عند نشأتها لمدة سنتين من تأسيس الشركة، وقد يتغير شكلها بعد ذلك، فتصبح لحاملها، وهي قابلة للتداول بالطرق التجارية بعد سنتين على الأقل (1) .

*

**

(1) الموسوعة العربية: 1/724، عمل شركات الاستثمار: ص 104، الشركات: ص 106، شركة المساهمة: ص372.

ص: 968

-3-

الأحكام الشرعية لهذه الأوراق

(أ) السندات:

1-

التكييف الفقهي للسندات:

من تعريف السند عند الاقتصاديين يتبين أنه إثبات خطي بدين ثابت لشخص في ذمة شخص آخر.

وهذه المسألة لا حرج فيها شرعًا، بل هي مطلوب بنص القرآن الكريم، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} الآية [سورة البقرة: الآية 282] .

قال القرطبي – رحمه الله تعالى - (1) .:

ذهب بعض الناس إلى أن كتب الديون واجب على أربابها، فرض بهذه الآية، بيعًا كان أو قرضًا، لئلا يقع فيه نسيان أو جحود، وهو اختيار الطبري، وقال ابن جريج: من ادّان فليكتب، ومن باع فليشهد، وقال الشعبي: كانوا يرون أن (قوله فإن أمن) ناسخ لأمره بالكتب، وحكى نحوه ابن جريج، وقاله ابن زيد، وروي عن أبي سعيد الخدري. وذهب الربيع إلى أن ذلك واجب بهذه الألفاظ، ثم خففه الله تعالى بقوله:{فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} .

وقال الجمهور: الأمر بالكتب ندب إلى حفظ الأموال وإزالة الريب، وإذا كان الغريم تقيًّا فما يضره الكتاب، وإن كان غير ذلك فالكتاب ثقاف في دينه وحاجة صاحب الحق. قال بعضهم: إن أشهدت فحزم، وإن ائتمنت ففي حل وسعة. قال ابن عطية: وهذا هو القول الصحيح. ولا يترتب نسخ في هذا، لأن الله تعالى ندب إلى الكتاب فيما للمرء أن يهبه ويتركه بإجماع، فندبه إنما هو على جهة الحيطة للناس.

ولكن المحذور الشرعي يأتي من الفائدة التي يعطاها أصحاب السندات، فهي زيادة في قيمة القرض مقابل الأجل، وهي عين ربا النسيئة، وربا النسيئة محرم بالكتاب والسنَّة والإجماع (2) .

ولا فرق بين أن تكون هذه الزيادة قليلة أو كثيرة، قال ابن قدامة – رحمه الله: وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام – بغير خلاف -.

قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك، إن أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن أُبَيّ بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة.

ولأنه عقد إرفاق وقربة، فإذا شرط فيه الزيادة أخرجه عن موضوعه، ولا فرق بين الزيادة في القدر أو في الصفة (3) .

(1) الجامع: 3/383.

(2)

انظر: المغني: 4/123.

(3)

المغني: 4/360، وانظر: الربا المحرم لإبراهيم بدوي: ص206.

ص: 969

2-

حكم التعامل بالسندات:

وأيًّا كان نوع السندات فهي محرمة ما دامت تصدر بفائدة ثابتة معينة، لذا لا يجوز إصدارها ولا تداولها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء)) (1) .

وعلى هذا جرت البنوك الإسلامية، فهي لا تتعامل في السندات (2) .

هذا هو الحكم الإجمالي في المسألة، وتحتاج المسألة إلى شيء من التفصيل بالنسبة لمن تورط في شيء من المعاملة في هذه السندات، وأراد التوبة والتخلص منها.

قال تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [سورة البقرة: الآية 279] .

ففي هذه الحالة ليس لصاحب السند الحق إلا في رأسماله، أما الفائدة فلا تحق له.

ويستطيع صاحب السند التخلص من سنده، بإحدى هذه الطرق:

(أ) إما أن ينتظر انقضاء مدة السند، دون أن يسعى إلى تجديده إذا طلبت الجهة المقترضة ذلك.

(ب) الصلح مع المقترض (3) .

(ج) وإذا قلنا إن العقد صحيح والشرط فاسد – كما هو مذهب بعض الفقهاء (4) فله أن يحيل بعض دائنيه على المقترض بالسعر الاسمي للسند (5) . - والله أعلم -.

3-

زكاة السندات:

تزكى السندات زكاة الدين المرجو الأداء، بأن كان على موسر مقر بالدين وفي المسألة تفصيل ينظر في مظانه (6) .

(ب) الأسهم:

1-

التكييف الفقهي للأسهم:

الأسهم عبارة عن حصة الشريك في رأس مال شركة المساهمة، وشركة المساهمة عبارة عن شركة عنان – باتفاق جمهور الفقهاء المعاصرين (7) .

2-

التعامل بالأسهم:

وإصدار الأسهم وتداولها بالجملة جائز، بشرط خلوها مما يستوجب الحرمة (8) .

قال الدكتور محمد يوسف موسى:

والغالب أن الشركات تقسم رأس مالها إلى أسهم، يكتتب فيها من يريد وتكون أسهمه عرضة للخسارة أو الربح تبعًا لنشاط الشركة، ولا ريب في جواز المساهمة في الشركات بملكية عدد من أسهمها، لتوافر الشروط الشرعية فيها، إذ إن لها حقها من الربح، وعليها نصيبها من الخسارة، فالربح يستحق تارة بالعمل، وتارة بالمال، ولا شيء من الربا وشبهته في هذه العملية (9) .

(1) رواه مسلم رقم (1598) ، طبعه فؤاد عبد الباقي، وانظر: جامع الأصول: 1/542.

(2)

انظر: الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية: 2/241.

(3)

انظر: معجم الفقه الحنبلي: 2/613.

(4)

شرح منتهى الإرادات: 2/227

(5)

انظر: الحوالة – طبعة تمهيدية للموسوعة.

(6)

فقه الزكاة: 1/136، 526.

(7)

انظر: الشركات 2/260، شركة المساهمة: ص 339، الفقه الإسلامي، د. الزحيلي: 4/881.

(8)

المراجع السابقة، فقه الزكاة: 1/522.

(9)

الإسلام ومشكلاتنا الحاضرة: ص 58.

ص: 970

ويمكن أن نستشهد لصحة تداول الأسهم بيعًا وشراء بقول النووي – رحمه الله تعالى – في المجموع (1) :

المال إما دين وإما عين، والعين ضربان: أمانة ومضمون.

أما الأمانة فيجوز للمالك بيع جميع الأمانات قبل قبضها، لأن الملك فيها تام، وهي كالوديعة في يد المودع ومال الشركة والقراض في يد الشريك والعامل (2) .

وهذا الكلام مجمل، يحتاج إلى شيء من التفصيل.

ونبدأ هذا التفصيل بالكلام على أنواع الأسهم:

(أ) تقدم أن الأسهم تنقسم من حيث الحصة التي يدفعها الشريك إلى:

1-

نقدية، وهي التي تدفع نقدًا.

2-

عينية، وهي التي تدفع أموالًا من غير نقد.

وقد أجمع الفقهاء على جواز الشركة بالأثمان المطلقة، التي لا تتعين بالتعيين في المعاوضات كالنقدين (3) .

وتعتبر الفلوس الرائجة، والأوراق النقدية في حكم النقدين (4) .

وعلى هذا فلا خلاف في إصدار السهم النقدي والتعامل به.

واختلف العلماء في جواز الشركة بالعروض إذا قومت، فذهب المالكية إلى صحتها في العروض المقومة، وأما الشافعية فذهبوا إلى صحتها في المثليات من العروض (5) .

وعلى هذا يمكننا أن نحكم بصحة إصدار السهم العيني والتعامل به، اختيارًا لمذهب من قال به، وتيسيرًا على المسلمين في معاملاتهم، لا سيما أن المانعين لم يستدلوا على المنع بدليل نقلي – والله أعلم (6) .

(ب) وتنقسم الأسهم من حيث الشكل إلى:

1-

أسهم اسمية، وهي التي تحمل اسم صاحبها.

2-

أسهم لحاملها، وهي التي لا يذكر فيها اسم مالكها، ولكن يذكر أنها للحامل، فيكون أي شخص يحمل هذا الصك هو المساهم في الشركة.

3-

أسهم للأمر، وهي التي يكتب عليها (للأمر) ، وتتداول بطريق التظهير (7) .

أما الأسهم الاسمية، فلا خلاف في جوازها، لأنها صكوك تحمل اسم صاحب الأسهم وتثبت ملكيته لها وهذا هو الأصل في الشركة – شرعًا (8) .

ولا خلاف في عدم جواز إصدار الأسهم لحاملها، لجهالة الشريك، وذلك يفضي إلى النزاع والخصومة كما يؤدي إلى إضاعة الحقوق. فإذا استولى عليها مغتصب أو ضاعت والتقطها إنسان آخر، فإن حاملها سيصير شريكًا في الشركة من غير وجه حق (9) .

(1) المجموع: 9/265.

(2)

وانظر: قواعد ابن رجب: ص 74.

(3)

المغني: 5/124، معجم الفقه الحنبلي: 1/479، نهاية المحتاج: 5/6، جواهر الإكليل: 2/115، ابن عابدين: 3/340.

(4)

ابن عابدين: 3/340، درر الحكام: 3/3872.

(5)

الدسوقي: 3/348، جواهر الإكليل: 2/116، مغني المحتاج: 2/213.

(6)

انظر: المغني: 5/124، ابن عابدين: 3/340.

(7)

التظهير: بيان يدون على ظهر الصكوك الإذنية، إما بقصد نقل ملكية الحق الثابت في الصك من المظهر إلى المظهر إليه، أو بقصد توكيل المظهر إليه في تحصيل قيمة الصك، أو بقصد رهن الحق الثابت في الصك للمظهر إليه، انظر: الموسوعة العربية: 1/530.

(8)

انظر: الشركات: 2/220، شركة المساهمة: ص354، عمل شركات الاستثمار: ص161.

(9)

المراجع السابقة.

ص: 971

وبالنسبة للأسهم للأمر، فقد قال الدكتور عبد العزيز الخياط:

ويفترق هذا النوع عن سابقة في أن الشريك يكون معروفًا في مبتدأ الاشتراك إذ أن الشريك الأول صاحب السهم يكون مقيدًا لدى الشركة، وهو لا يحيل السهم إلا إلى شخص آخر معروف لديه، فإذا لم يكتب التظهير باسم الشريك الثاني يبقى على ملكية الأول، ولا يعتبر الثاني مالكًا له ولو حمله، فيكون صاحب الأسهم معروفًا على كل حال، وهو نقل ملكية السهم إلى الشريك الثاني، أي يصبح الشريك الثاني مالكًا حقيقة للسهم بدلًا من الأول، ويكون الأول متخليًا عن حقه قبل الشركة بنقله ملكية السهم إلى الثاني.

وهو نوع من انتقال الحصة إلى شريك آخر، وهو جائز شرعًا سواء أكان بعوض كالبيع أم بغير عوض كالهبة ولا شيء فيه، لأن الجهالة منتفية بمعرفة الشريك، ولا يفضي إلى منازعة أو ضرر، ولأن باقي الشركاء قد ارتضوا شركة الثاني بموافقتهم على نظام الشرك الذي يبيح ذلك، والمؤمنون عند شروطهم، ولا يمنع قلة تداول هذا النوع من الأسهم شرعية جوازه، إذ إنه في حقيقته نقل لملكية الأسهم وتنازل من الشريك الأول عما يمثله هذا السهم في أموال الشركة للشريك الثاني (1) .

(ج) وتنقسم الأسهم من حيث الحقوق إلى:

1-

أسهم عادية، وهي التي تتساوى في قيمتها، وتخول أصحابها حقوقًا متساوية.

2-

أسهم ممتازة، وهي الأسهم التي تختص بمزايا لا تتمتع بها الأسهم العادية، قد بيناها فيما سبق.

أما الأسهم العادية فليس في إباحتها أي تردد، لأن الأسهم إنما تمثل حصة الشريك في الشركة، وهذه الحصة هي التي تعطي صاحبها الحق في الربح وغيره، وما دامت الأسهم متساوية في قيمتها الاسمية، فليس لأي سهم الحق في زيادة الربح (2) .

وإصدار الأسهم الممتازة بجميع أنواعها لا يجوز، لأن فيها مخالفات لأصل الشركة في الشرع.

فأما إعطاء أصحاب الأسهم الممتازة حق الأولوية في الحصول على الأرباح، وذلك بأن يأخذوا 5 % مثلًا، ثم توزع الأرباح بعد ذلك على المساهمين، فغير جائز، ومخالف لأصل الشركة – عند تساوي قيمة الأسهم الأسهم – كما بينا في الكلام على الأسهم العادية.

(1) الشركات: 2/221.

(2)

انظر: الشركة – طبعة تمهيدية للموسوعة: ص 74، والمراجع المذكورة فيها.

ص: 972

وأما أن يكون الامتياز بتقدير فائدة سنوية ثابتة لبعض الأسهم، فباطل شرعًا، لأن هذه الفائدة ربا – كما بينا في الكلام على السندات-.

وجاء في فتح القدير: ولا تجوز الشركة إذا شرط لأحد دراهم مسماة من الربح، قال ابن المنذر: لا خلاف في هذا لأحد من أهل العلم (1) .

وكذلك منح بعض أصحاب الأسهم الممتازة حق استرجاع قيمة أسهمهم بكاملها عند تصفية الشركة وقبل إجراء القسمة بين الشركاء، غير جائز شرعًا، لأن الشركة تقوم على المخاطرة، إما ربح وإما خسارة (2) .

ومنح بعض الأسهم الممتازة أكثر من صوت في الجمعية العمومية، غير جائز – أيضًا-، لأن المفروض تساوي الشركاء في الحقوق، ومنها التساوي في الأصوات بعدد الأسهم.

وبصفة عامة، فطالما أن رأس مال الشركة يتجزأ إلى أسهم متساوية القيمة، فيجب أن تكون متساوية فيما لها من حقوق وما عليها من واجبات.

(د) وتنقسم الأسهم من حيث إرجاعها إلى أصحابها أو عدم إرجاعها إلى:

1-

أسهم رأس المال، وهي التي لم تستهلك قيمتها.

2-

أسهم تمتع، وهي تستهلك قيمتها، بأن ترد إلى المساهم – قبل انقضاء الشركة.

أما الأسهم الأولى فجائزة، ولا شيء فيها.

أما أسهم التمتع، فالاستهلاك فيها استهلاك صوري لا حقيقي، وذلك لأن الذي يأخذه المساهمون في مقابل أسهمهم، أو في مقابل أجزاء منها هو حقهم في الربح وليس شيئًا آخر، فهم يأخذون حقوقهم، وما يسمى بالاستهلاك لا وجود له في الحقيقة، لأن السهم يظل باقيًا على ملك صاحبه، وليس هناك طريق شرعية لاعتباره مبيعًا أو مسقطًا، فيبقى لأصحابه إلى أن تصفى الشركة، فيئول إليه من موجودات الشركة عند التصفية سواء قلت أم كثرت أم انعدمت، أو يهبه للدولة إن شرط في الشركة أنها تئول إلى ملك الدولة، وهو ما يعرف بشركات الامتياز، فالحكم على الأسهم بالاستهلاك هو حكم قانوني لا شرعي، وكل ما يأخذه الشركاء من الربح فهو حقهم سواء أخذوه في صورة ربح أم في صورة ثمن للأجزاء المستهلكة من الأسهم (3) .

(1) فتح القدير: 6/183.

(2)

المغني: 5/147، الباجوري ابن القاسم: 1/385.

(3)

شركات المساهمة: ص367.

ص: 973

3-

قيمة الأسهم:

من المعروف أن للسهم أربع قيم هي:

(أ) القيمة الاسمية:

وهي القيمة التي تكون مبنية في السهم، وذلك عندما يصدر السهم، فإنه يكون بالقيمة الاسمية، أي القيمة التي دفعت لامتلاكه ابتداء، وهذا ما يفرضه الشرع، إذا إن الصك الذي يثبت حصة الشريك في رأس مال الشركة، يجب أن يكون مطابقًا للمبلغ الذي ساهم به الشريك حقيقة، خاصة وأنه يترتب على مقدار قيمته الحصة في الأرباح (1) .

(ب) القيمة الحقيقة:

وهي النصيب الذي يستحقه السهم من صافي أموال الشركة من منقولها وعقارها. فهذه القيمة الحقيقية تختلف بعد ابتداء العمل في الشركة عن القيمة الاسمية فقد تصبح القيمة الحقيقية أكبر أو أصغر من القيمة الاسمية، حسب ما تصادفه الشركة من نجاح أو فشل في أعمالها.

واعتبار القيمة الحقيقية أمر جائز شرعًا، لأنه إن صادفت الشركة نجاحًا وتوسعت ونمت أموالها وموجوداتها بالطرق المشروعة، يكون امتلاك مجموع المساهمين لهذه الزيادة من حقهم، وهو مقصودهم من الشركة، وإن صادفت الشركة خسارة في أعمالها، فإن قواعد الشرع تقضي بأن يتحمل المساهمون الخسارة كما يأخذون الربح، ولذا فتقل قيمة هذه الأسهم بحسب حجم الخسارة (2) .

(ج) القيمة السوقية:

وهي قيمة الأسهم عند عرضها للبيع، والقيمة السوقية تختلف عن القيمة الاسمية، وذلك بحسب نجاح الشركة في أعمالها، وضخامة موجوداتها، وبحسب رأس مالها الاحتياطي وبحسب الظروف والأزمات المالية والسياسية، وبحسب الرغبة والإقبال على شرائها، أو عدم الرغبة والإحجام عنها (3) .

وهذا أمر جائز شرعًا، فللإنسان أن يبيع سلعته بأي سعر يشاء دون أي قيد عليه، إلا إذا كانت السلعة من الربويات (4) .

(د) القيمة الإصدارية:

تلجأ الشركات في كثير من الأحيان إلى إصدار أسهم تباع بأقل من قيمتها الاسمية، وذلك كأن تكون قيمة السهم الاسمية 4 دنانير، فتصدره الشركة بقيمة 3 دنانير، وذلك بقصد زيارة رأس المال (5) .

وهذا أمر جائز شرعًا، لأن في الغالب أن كون قيمة السهم الإصدارية قريبة من القيمة السوقية للسهم – والله أعلم -.

(1) عمل شركات الاستثمار: ص157، الشركات: ص212، شركة المساهمة: ص356.

(2)

المراجع السابقة.

(3)

المراجع السابقة.

(4)

انظر: الموسوعة: 9/29، والمراجع المذكورة هناك.

(5)

الشركات: ص213، عمل شركات الاستثمار: ص158.

ص: 974

4-

بيع الأسهم قبل الوفاء بكامل ثمنها:

وهذا الأمر جائز شرعًا، لأن المشتري بمجرد العقد، وانقطاع الخيارات صار مالكًا للسلعة، فجاز له التصرف فيها بما شاء – والله أعلم (1) -.

5-

زكاة الأسهم:

- إذا قامت الشركة بتزكية أموالها فلا يجب على المساهم إخراج زكاة أخرى عن أسهمه، منعًا للازدواج.

- أما إذا لم تقم الشركة بإخراج الزكاة، فإنه يجب على مالك الأسهم تزكيتها على النحو التالي:

* إذا اتخذ أسهم للمتاجرة بها بيعًا وشراء فالزكاة الواجبة فيها هي ربع العشر (2.5 %) من القيمة السوقية يوم وجوب الزكاة، كسائر عروض التجارة.

* أما إذا اتخذ أسهمه للاستفادة من ريعها السنوي فزكاتها كما يلي:

(أ) إذا أمكنه أن – يعرف عن طريق الشركة أو غيرها – مقدار ما يخص كل سهم من الموجودات الزكوية للشركة فإنه يخرج زكاة ذلك المقدار بنسبة ربع العشر (2.5 %) .

(ب) وإن لم يعرف فعليه أن يضم ريعه إلى سائر أمواله من حيث الحول والنصاب ويخرج منها ربع العشر (2.5 %) ، وتبرأ ذمته بذلك (2) .

(ج) حصص التأسيس:

أما حصص التأسيس فيمكننا أن نعتبرها تبرعًا – هبة – التزم به أصحاب الشركة لأناس معينين، كنسبة مقتطعة من الربح سنويًّا.

وإن كان هذا المبلغ مجهولًا في وقت الوهب، فإنه آيل للعلم وقت القبض.

قال الإمام مالك: تصبح هبة المجهول، لأنه تبرع فصح في المجهول، كالنذر والوصية (3) .

ومع قولنا بجواز إصدار حصص التأسيس، فإنه لا يجوز التعامل بها بيعًا وشراء قبل قبض المبلغ المخصص لها من الربح، لعدم ملك حاملها لمحتواها إلا بالقبض، فينطبق عليها قوله صلى الله عليه وسلم:((لا تبع ما ليس عندك)) (4) .

قال البهوتي: ولا يصح بيع العطاء قبل قبضه، لأن العطاء مغيب، فيكون من بيع الغرر، ولا يصح بيع رقعة به – أي بالعطاء، لأن المقصود بيع العطاء (5) .

وهذا هو مذهب جمهور الفقهاء (6) .

وكذلك لا تجب الزكاة في حصص التأسيس، لعدم كمال الملك فيها – والله أعلم-.

*

**

(1) انظر: الموسوعة: 9/36.

(2)

المحضر: 8/88 للهيئة الشرعية لبيت الزكاة.

(3)

المغني: 6/256، جواهر الإكليل: 2/212.

(4)

رواه الترمذي وحسنه: تحفة الأحوذي: 4/430.

(5)

كشاف القناع: 3/167.

(6)

انظر: الموسوعة: 9/135.

ص: 975

-4-

أنواع عمليات أسواق الأوراق المالية

تنقسم عمليات أسواق الأوراق المالية إلى عمليات عاجلة وعمليات آجلة

(أ) العمليات العاجلة:

وهي العمليات التي يلتزم كل من المشتري والبائع بتنفيذ عقودها، وذلك بأن يسلم البائع الأوراق المالية، ويسلم المشتري ثمنها حالًّا، أو خلال مدة وجيزة جدًّا – خلال 48 ساعة على الأكثر -.

وتجري العمليات في السوق العاجلة، على أية كمية من الأوراق المالية ولو ورقة واحدة، ويعمد المتعاملون في سوق الأوراق المالية إلى التعامل العاجل لواحد من السببين التاليين أو لكليهما:

1-

للاحتفاظ بها، والاستفادة مما تدره عليهم من أرباح عند توزيع الأرباح، وغيرها من الحقوق المتعلقة بالأوراق المالية المشتراه.

2-

للمضاربة (1) على ارتفاع أسعارها، فيعمدون إلى بيعها لدى تحسن أسعارها في السوق، مع ملاحظة أن أسعار الأوراق المالية في السوق العاجلة، أقل ارتفاعًا من أسعارها في السوق الآجلة (2) .

(ب) العمليات الآجلة:

وهي العمليات التي يلتزم بموجبها كل من المشتري والبائع على تصفيتها في تاريخ مقبل معين، يجري فيه التسليم والتسلم، ما عدا حالات التأجيل التي يتفق فيها الطرفان على شروط تأجيلها وتعويضها.

وتجري التصفية في كل شهر مرة واحدة، حيث تسوى الصفقات نهائيًّا بين المتعاملين، ويتم دفع الثمن وتسلم الأوراق المالية – فعليًّا – خلال عدة أيام من تاريخ التصفية.

ويشترط في الأوراق التي تشملها عمليات السوق الآجلة، أن تكون موجودة بكثرة، وأن يكون تداولها مألوفًا بصورة دائمة (3) .

وتجري التصفية في كل شهر مرة واحدة، حيث تسوى الصفقات نهائيًا بين المتعاملين، ويتم دفع الثمن وتسلم الأوراق المالية – فعليًا – خلال عدة أيام من تاريخ التصفية.

(1) نعني بها المضاربة الاقتصادية، لا الشرعية التي هي القراض. والمضاربة في اصطلاح الاقتصاديين هي: عملية بيع وشراء صوريين، حيث تباع العقود، وتنقل من يد إلى يد، وغاية الطرفين – البائع والمشتري – الاستفادة من فروق الأسعار: انظر: دائرة المعارف: 2/394، الموسوعة العربية الميسرة: 2/1711، عمل شركات الاستثمار: ص252.

(2)

عمل شركات الاستثمار: ص127، بورصة الأوراق المالية: ص12.

(3)

عمل شركات الاستثمار: ص127، بورصة الأوراق المالية: ص12.

ص: 976

وأهم العمليات التي يجري بها التعامل في السوق الآجلة العمليات التالية:

1-

العمليات الباتَّة القطعية:

وهي العمليات التي يحدد تنفيذها بموعد ثابت يسمى موعد التصفية، يلتزم المتعاقدون فيه بدفع الثمن، وتسلم الأوراق المالية موضوع الصفقة، ولا يمكنهم الرجوع عن تنفيذ العملية، إلا أنه للمتعاملين في العمليات الباتَّة تأجيل موعد التسوية النهائية حتى موعد تسوية لاحقة.

ويؤدي تنفيذ البيع الباتّ، إلى خسارة أحد الطرفين المتعاملين – البائع أو المشتري- إلا إذا كان السعر يوم التصفية معادلًا لسعر البيع نفسه.

ويمكن أن يتضمن البيع الباتّ ما يسمى بشرط خيار التنازل عن الأجل، ويتمتع المشتري وحده بهذا الخيار، ويلجأ المشتري إلى استعمال هذا الخيار لإيقاف حركة هبوط السعر، فعندما يلاحظ اتجاه الأسعار نحو الهبوط، يطلب من البائع تسليمه الأوراق المالية موضوع الصفقة قبل الموعد المتفق عليه، فيشتري البائع هذه الأوراق من السوق بالسعر العاجل فيزيد من الطلب عليها، وبالتالي ترتفع أسعارها مرة أخرى، أو على الأقل تقف حركة الهبوط في سعر الورقة المال المعينة ولا يلزم مشتري الأوراق المالية هذه بالانتظار حتى موعد التصفية، حتى يمكنه التصرف في هذه الأوراق بالبيع، بل يمكنه تكليف وسيط ببيع هذه الأوراق، ويسجل رصيد العملية إذا اقترنت بربح في رصيد دائن (1) .

2-

العمليات الآجلة بشرط التعويض:

وهي العمليات التي يلتزم كل من البائع والمشتري بتصفيتها في تاريخ معين على أنه يحق لأحد الطرفين عدم تنفيذ العملية، وذلك مقابل تخليه عن مبلغ من المال متفق عليه مسبقًا، كتعويض عن عدم تنفيذ العملية.

ويسمى اليوم الذي يسبق تاريخ التصفية بيوم جواب الشرط، فإما أن ينفذ (المشتري أو البائع) الصفقة فيرفع التعويض، أو يتنازل عن تنفيذ الصفقة، فيقال إنه تنازل عن التعويض (2) .

وتنقسم العمليات الآجلة بشرط التعويض إلى:

(أ) العمليات الشرطية للمشتري:

ويكون الخيار فيها للمشتري بين استلام الصكوك وبين التخلي عن التعويض. ويكون البائع ملزمًا بالقرار النهائي للمشتري.

ويجب أن تتضمن أوامر السوق المتعلقة بالعمليات الآجلة شرط التعويض عناصر ثلاثة مهمة وهي: السعر ومقدار التعويض وأجل التصفية

(ب) العمليات الشرطية للبائع:

في هذا النوع من العمليات، يحق للبائع في يوم جواب الشرط تنفيذ الصفقة أو التنازل عن تنفيذها، مقابل دفع تعويض متفق عليه مسبقًا (3) .

(1) عمل شركات الاستثمار: ص129.

(2)

عمل شركات الاستثمار: ص130

(3)

المرجع السابق.

ص: 977

3-

البيع مع خيار الزيادة:

في هذا لنوع من العمليات يحق لواحد من المتعاملين الاستزاده من (البيع أو الشراء) عند حلول الأجل المتفق عليه، ويتخذ شكلين:

(أ) خيار الزيادة للمشتري.

(ب) خيار الزيادة للبائع.

إذا كان حق الزيادة للمشتري (البائع) فيمكنه طلب تسلم (تسليم) ضعف الأوراق المشتراه (المباعة) أو أكثر. ويعتبر الشراء (البيع) باتًّا في الكمية المتفق عليها مسبقًا، واختياريًّا بالنسبة للكميات الزائدة، وتكون أسعار الأوراق المالية في هذه الحال أعلى (أدنى) من أسعارها في السوق الباتَّة.

والمشتري (البائع) يوازن بين الأسعار الباتَّة، والأسعار الآجلة بشرط الزيادة، وأسعار السوق في موعد التصفية، محاولًا معرفة إمكانات الربح أو الخسارة (1) .

4-

العمليات الآجلة بشرط الانتقاء:

للمتعاملين في سوق الأوراق المالية بموجب هذا الشرط الخيار في إبرام الصفقة في موعد التصفية بصفتهم من المشترين أو البائعين لقيمة معينة من الأوراق المالية المتفق عليها مسبقًا، ولهذه العمليات سعران، وللمتعامل الخيار في الشراء بالسعر الأعلى، أو البيع بالسعر الأدنى، فالمتعاملون بهذه العمليات يعتقدون أنه سيحدث تغير كبير في أسعار الأوراق المالية ارتفاعًا أو هبوطًا، بينما يعتقد بائعو الأوراق المالية أن الأسعار لن يطرأ عليها تغيُّر كبير، بل إن السوق ستبقى هادئة (2) .

5-

المرابحة والوضعية:

تتطلب تسوية صفقات سوق الأوراق المالية الناجمة عن إبرام العملية الباتَّة، وجود أموال نقدية كبيرة في متناول يد المشتري، تخصص لإيفاء الدين المترتب على عقد الصفقة، كما يتطلب مجموعة الأوراق المالية، وعدم التصرف فيها انتظارًا لتنفيذ العقد، ولأن هذا فيه إرهاق كبير للمتعاملين – من وجهة نظر سوق الأوراق المالية – فقد تضمنت أنظمة التعامل بالسوق نوعًا من العمليات الآجلة، فيه بعض التسهيلات حسب ما تتطلبه عمليات المضاربة، وأهم هذه العمليات عمليات المرابحة والوضعية.

وبمقتضى هذه العمليات يجوز للمتعاملين في سوق الأوراق المالية، تأجيل موعد تسوية الصفقة حتى موعد التصفية اللاحق. ويحدث ذلك عندما يشعر المتعاملون في السوق بأنهم لن يستطيعوا تنفيذ الصفقة التي عقدوها، نظرًا لتطور الأسعار خلافًا لتقديراتهم (3) .

6-

العمليات المركبة:

يلجأ المضاربون في سوق الأوراق المالية، إلى القيام بعمليات مركبة من العمليات التي سبق ذكرها، ولا حصر للعمليات المركبة نظريًّا، ولكن أكثر العمليات المركبة تعاملًا بها هي العمليات الأربع التالية:

1-

شراء عاجل مقابل بيع بشرط التعويض (الخيار للمشتري) .

2-

شراء باتّ مقابل بيع بشرط التعويض.

3-

شراء بشرط التعويض مقابل بيع باتّ.

4-

شراء بشرط التعويض مقابل بيع بشرط التعويض (4) .

*

**

(1) المرجع السابق ص134.

(2)

المرجع السابق ص135.

(3)

المرجع السابق ص136.

(4)

المرجع السابق: ص 139.

ص: 978

-5-

الحكم الشرعي لهذه العمليات

(أ) العمليات العاجلة:

وهي من حيث الجملة عملية بيع شراء شرعيين، وينطبق عليها من حيث التفصيل الكلام المتقدم في بيع وشراء السندات والأسهم وحصص التأسيس.

(ب) العمليات الآجلة:

1-

في الغالب تتم العمليات الآجلة على سلع وهمية- غير موجودة عند البائع - وتكون عمليتا البيع والشراء صوريتين، حيث تباع الأرواق المالية، وتنتقل من يد إلى يد على الورق فقط، دون أن يكون لها وجود فعلي (1) .

فإن كان الأمر كذلك، فهذه المعاملة لا تجوز، لأنها من أنواع بيوع الغرر (2) . - بيع معدوم-.

قال النووي: بيع المعدوم باطل بالإجماع، ونقل ابن المنذر وغيره إجماع المسلمين على بطلان بيع الثمرة سنتين ونحو ذلك (3) .

ودليلهم نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر (4) .، ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع الإنسان ما ليس عنده (5) .

2-

كما أنه في الغالب أن يبيع المشتري لمشترٍ آخر أوراقه المالية قبل قبضها من البائع وهذا الأمر وإن يجزه جمهور الفقهاء، فقد أجازه المالكية في غير الطعام، ومنعوه في الطعام بشروط (6) .

3-

فإن سلمت العمليات الآجلة من بيع المعدوم فإنها تحتاج إلى تفصيل فيما يلي:

(أ) العمليات الباتة القطعية:

وهي - كما بينا - تلك العمليات

التي يحدد موعد تنفيذها بموعد ثابت، يسمى موعد التصفية، يلتزم المتعاقدون فيه بدفع الثمن وتسلم الأوراق المالية، إلا أن للمتعاقدين تأجيل موعد التصفية النهائية حتى موعد تصفية لاحق.

والبيع في هذه الصورة صحيح – إن كان في أوراق مالية جائزة التعامل فيها كما بينا سابقًا -، ويملك المشتري المبيع، ويملك البائع الثمن، ويكون ملك المشتري للمبيع بمجرد عقد البيع الصحيح، ولا يتوقف على التقابض، وإن كان للتقابض أثره في الضمان.

جاء في الموسوعة الفقهية:

ولا يمنع من انتقال الملك في المبيع أو الثمن كونهما ديونًا ثابتة في الذمة، إذا لم يكونا من الأعيان، لأن الديون تملك في الذمم، ولو لم تتعين، فإن التعيين أمر زائد عن أصل الملك. فقد يحصل مقارنًا له، وقد يتأخر عنه إلى أن يتم التسليم، كما لو اشترى مقدارًا معلومًا من كمية معينة من الأرز، فإن حصته من تلك الكمية لا تتعين إلا بعد التسليم، وكذلك الثمن في الذمة (7) .

ويرى المالكية والحنابلة وغيرهم أنه يجوز أن يشترط تأجيل تسليم العين إلى المدة التي يحددها المتعاقدان (8) ، واستدلوا بحديث جابر – رضي الله عنه – ((أنه كان يسير على جمل قد أعيا، فضربه النبي صلى الله عليه وسلم فسار سيرًا لم يسر مثله، فقال: بعنيه، فبعته واستثنيت حملانه إلى أهلي)) (9) .

(1) عمل شركات الاستثمار: ص186، 252، دائرة معارف القرن العشرين: 2/ 396، 397

(2)

الغرر لغة: الخطر

واصطلاحا: ما انطوى عنه أره، وخفيت عليه عاقتبه. انظر: المصباح: ص 455، المغرب: 2 / 100، المجموع المذهب: 1/ 360، الكليات: 3/ 312

(3)

المجموع: 9/ 258، وانظر: الشرح الكبير: 4/ 27، الموسوعة: 9/ 140، 145

(4)

رواه مسلم رقم (1513) ، طبعة فؤاد عبد الباقي

(5)

رواه الترمذي رقم (1232) ، طبعة أحمد شاكر، وأبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد: التلخيص: 3/ 5

(6)

انظر: المغني: 4/ 220، الدسوقي: 3/ 151، الموسوعة: 9/ 123

(7)

الموسوعة: 9/37.

(8)

انظر: الدسوقي: 3/65، كشاف القناع: 3/190.

(9)

وراه الشيخان: اللؤلؤ والمرجان رقم (1030) .

ص: 979

أما الدين فلا خلاف في جواز تأجيله (1) .

وهذه الأوراق عبارة عن ديون (2) ، لأنها لا تتعين بالتعيين، ولكن تحدد بالجنس والنوع – كأسهم من الشركة الفلانية

إلخ.

وفي حالة رغبة المتعاقدين في تأجيل موعد التصفية، يجب أن يكون ذلك مجانًا، فإن كان التأجيل في مقابلة زيادة من أحد الطرفين، فإنه لا يجوز، لأنه ربا، - والله أعلم- (3) .

(ب) العمليات الآجلة بشرط التعويض:

وهي – كما بينا – العمليات التي يلتزم فيها المتعاقدان بتصفيتها في تاريخ محدد، على أنه يحق لأحد الطرفين عدم تنفيذ العملية، وذلك مقابل تخليه عن مبلغ من المال متفق عليه مسبقًا.

وهذه العملية إن كان الخيار فيها للمشتري فهي أشبه ما تكون ببيع العربون (4) ، وجمهور الفقهاء يرون عدم صحته، للنهي الوارد فيه (5) ، ولأنه من أكل أموال الناس بالباطل، لأن المشتري شرط للبائع شيئًا بغير عوض، فلم يصح، كما لو اشترطه لأجنبي، وفيه غرر، لأنه بمنزل الخيار المجهول (6) .

وذهب الحنابلة إلى صحة هذا النوع من البيوع، لما روي عن نافع بن الحارث أنه اشترى لعمر دار السجن من صفوان بن أمية، فإن رضي عمر، وإلا فله كذا وكذا.

قال الأثرم: قلت لأحمد: تذهب إليه؟ قال: أي شيء أقول، هذا عمر – رضي الله عنه (7) .

أما إذا كان الخيار للبائع، فإذا لم يرغب في البيع دفع مبلغًا من المال للمشتري، فهو أشبه ما يكون باشتراط عقد هبة في عقد البيع، لأن المشتري لا حق له في مبلغ المال إلا إذا كان على وجه الهبة.

(1) انظر: الموسوعة: 2/21.

(2)

الدين: هو مال حكمي يحدث في الذمة ببيع أو استهلاك أو غيرهما، انظر: البدائع: 5/174.

(3)

انظر: الموسوعة: 2/39.

(4)

بيع العربون: هو أن يشتري السلعة، ثم يقول: أعطيك دينارًا على أني إن تركت البيع فالدينار لك. انظر: نيل الأوطار: 5/173.

(5)

الحديث رواه مالك وأحمد والنسائي وأبوداود بلفظ: (نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع العربان) . واختلف في صحة الحديث. انظر: التلخيص: 3/17، نيل الأوطار: 5/173.

(6)

الخرشي: 5/78، الجمل على المنهج: 3/72، نيل الأوطار: 5/173.

(7)

الشرح الكبير: 4/58.

ص: 980

واشتراط عقد في عقد آخر لا يصح، لما ورد من حديث ابن مسعود قال:((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة)) (1) .

(ج) البيع مع خيار الزيادة:

وهو بيع يحق لكل من البائع والمشتري الاستزادة من البيع أو الشراء عند حلول الأجل، على سبيل التخيير للطرف الآخر.

وهذه العملية مركبة من بيع، ووعد بالبيع (أو الشراء) عند إتمام الصفقة الأولى، مع علم الطرف الثاني بعد إلزام هذا الوعد، فتكون عملية البيع صحيحة، وتكون الصفقة الأخرى إذا تمت عقد بيع جديد لا علاقة له بالعقد الأول.

(د) العمليات الآجلة بشرط الانتقاء:

يعطي فيها الخيار للمتعاقدين بأن يختار كل منهما في موعد التصفية أن يكون إما بائعًا أو مشتريًا لكمية محدودة من الأوراق وبسعر محدد سابقًا.

وهذا لا يعتبر بيعًا، إنما هو نوع من المساومة، ثم إن تم في الموعد المحدد عقد البيع بين الطرفين على سعر معلوم وكمية معلومة، فتعتبر عملية البيع عملية شرعية – إذا كانت الأوراق المالية من النوع المباح التعامل بها (2) .

(هـ) المرابحة والوضعية (3) :

ويمكن توضيح الكلام النظري الذي سبق عن هذا النوع من المعاملة، بالمثال التالي:

متعامل في سوق الأوراق المالية اشترى في 3 أبريل 50 سهمًا من شركة (جنرال موتورز) بسعر 50 دولارًا للسهم الواحد، مضاربًا على ارتفاع الأسعار حتى موعد التصفية القادم، فعندما يحين موعد التصفية هناك احتمالان:

الأول: ارتفاع الأسعار حسب تقديرات المشتري، كأن يبلغ سعر الورقة المالية 60 دولارًا، هنا سوف يعمد المشتري إلى تنفيذ الصفقة ويكون ربحه من هذه العملية 50 × (60-50) = 500 دولار.

الثاني: انخفاض الأسعار خلافًا لتقديرات المشترين كأن يبلغ سعر الورقة المالية موضوع الصفقة 45 دولارًا، فإذا نفذ المشتري العملية ستكون هناك خسارة محققة تبلغ 50× (50-45) = 250 دولارًا. فسيقرر المشتري تأجيل موعد التصفية حتى موعد التصفية اللاحق، في انتظار تحسن سعر الورقة المالية المعنية لكي يتمكن المشتري من تأجيل وضيعته، فهو يبحث عن ممول يقبل بشراء الأسهم شراء باتًًّا في موعد التصفية، ويبيعها له ثانية بيعًا مؤجلا حتى موعد التصفية المقبل. وذلك لقاء فائدة يدفعها المشتري للممول تسمى فائدة التأجيل أو المراجعة، وتتم هذه العملية بناء على سعر للأوراق المالية تقدره لجنة السوق (4) .

(1) رواه أحمد، قال الشيخ أحمد شاكر: حديث صحيح.انظر: المسند 2/295. وانظر المسألة في الموسوعة: 9/259، 264 وما بعدها، نظرية الشرط: ص293.

(2)

وهو شرط في كل المعاملات، وإن لم نذكره.

(3)

وليس المقصود بهما الاصطلاحين الشرعيين.

(4)

عمل شركات الاستثمار: ص137.

ص: 981

ويتضح من المثال السابق أن هذه العملية مركبة من عمليتين مستقلتين بعضهما عن بعض.

الأولى منهما عملية بيع شرعي، اشترط فيه تأجيل تسليم السلعة والثمن إلى موعد محدد، وقد سبق الكلام عنها.

أما العملية الثانية منهما فهي عكس بيع العينة (1) .

قال في كشاف القناع: وعكس مسألة العينة، وهو أن يبيع السلعة أولًا بنقد يقبضه، ثم يشتريها من مشتريها بأكثر من الأول من جنسه نسيئة، وهي مثل العينة في الحكم (2) .

وذهب جمهور العلماء إلى حرمة العينة، لما ورد من النهي فيها (3) ، ولأنها ذريعة إلى الربا، والذريعة معتبرة في الشرع، بدليل منع القاتل من الإرث (4) .

وأجازها الشافعية، مع الكراهة (5) .

أما العمليات المركبة فكلها لا تجوز لأنها عبارة عن اشتراط صفقة في صفقة أخرى، وقد مر الكلام عنها – والله أعلم -.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.

الدكتور محمد عبد الغفار الشريف

*

**

(1) للعينة المنهي عنها تفسيرات أشهرها: أن يبيع سلعة بثمن إلى أجل معلوم، ثم يشتريها نفسها نقدًا بثمن أقل: الموسوعة: 9/96.

(2)

كشاف القناع: 3/186، وانظر: المغني: 4/257.

(3)

انظر: نصب الراية: 3/17، نيل الأوطار: 5/233.

(4)

انظر: المغني: 4/257، نيل الأوطار: 5/234.

(5)

انظر: مغني المحتاج: 2/39، نهاية المحتاج: 3/460.

ص: 982

مراجع البحث

* القرآن الكريم وتفسيره:

1-

القرآن الكريم. طبعة دار المعرفة – بيروت، وبهامشه تفسير الجلالين.

2-

الجامع لأحكام القرآن، للإمام محمد بن أحمد القرطبي. دار الكتاب العربي، مصورة عن طبعة دار الكتب، ط3، 1387هـ.

3-

المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، وضعه محمد فؤاد عبد الباقي. المكتبة الإسلامية، تركيا، 1984م.

* الحديث الشريف وعلومه:

1-

تحفة الأحوذي، للشيخ محمد عبد الرحمن المباركفوري. تحقيق عبد الرحمن عثمان، مطبعة الفجالة الجديدة، القاهرة.

2-

تدريب الراوي، للحافظ جلال الدين السيوطي. تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف، المكتبة العلمية، المدينة المنورة، ط2، 1392هـ.

3-

التلخيص الحبير، للحافظ ابن حجر العسقلاني. تحقيق السيد عبد الله اليماني، شركة الطباعة الفنية، القاهرة 1384هـ.

4-

جامع الأصول، للعلامة ابن الأثير الجزري. تحقيق عبد القادر الأرناؤوط، مكتبة الملاح والحلواني ودار البيان، 1399هـ.

5-

سنن الترمذي، للإمام محمد بن عيسى الترمذي. تحقيق أحمد شاكر وزملائه، مصطفى الحلبي، القاهرة. ط1، 1374هـ.

6-

صحيح مسلم، للإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري. تحقيق محمد عبد الباقي، عيسى الحلبي، ط1، 1374هـ.

7-

فهارس التلخيص الحبير، إعداد د. يوسف المرعشلي. دارالمعرفة، بيروت، ط1، 1406هـ.

8-

اللؤلؤ والمرجان، للأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي. وزارة الأوقاف بدولة الكويت، 1397هـ.

9-

مسند الإمام أحمد، للإمام أحمد بن حنبل الشيباني. تحقيق أحمد محمد شاكر، دار المعارف، القاهرة، ط2، 1368هـ.

10-

نصب الراية، للحافظ جمال الدين الزيلعي. المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1392هـ.

11-

نيل الأوطار، للعلامة محمد بن علي الشوكاني. مصطفى الحلبي، القاهرة.

12-

نيل الغاية في ترتيب أحاديث نصب الراية، جمع وترتيب طالب بن محمود. دار الأقصى، الكويت، ط1، 1406هـ.

* الفقه وأصوله:

1-

بدائع الصنائع، للإمام علاء الدين الكاساني، دار الكتاب العربي، بيروت، ط2، 1394هـ.

2-

جواهر الإكليل، للشيخ صالح بن عبد السميع الأبي. دار الفكر. بيروت.

3-

حاشية الباجوري على الغزي، للشيخ إبراهيم الباجوري. بهامشه شرح ابن قاسم الغزي، عيسى الحلبي، القاهرة.

4-

حاشية الجمل على شرح المنهج، للشيخ سليمان الجمل. وبهامشه الشرح المذكور، للقاضي زكريا الأنصاري. دار إحياء التراث العربي، بيروت.

5-

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، للشيخ محمد بن أحمد الدسوقي. وبهامشه الشرح المذكور، للشيخ أحمد الدردير. عيسى الحلبي، القاهرة.

6-

حاشية رد المحتار، للعلامة محمد أمين بن عابدين، وبهامشه الدر المختار، للعلامة الحصكفي. دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط2، 1407هـ.

7-

الحوالة، للدكتور إبراهيم عبد الحميد. طبعة تمهيدية لموسوعة الفقه الإسلامي، الكويت، 1390هـ.

8-

الخرشي علي خليل، للشيخ محمد بن عبد الله الخرشي. وبهامشه حاشية الشيخ علي العدوي. المطبعة الأميرية، القاهرة، ط1، 1317هـ.

9-

درر الحكام، للعلامة علي حيدر. تعريف فهمي الحسيني. مكتبة النهضة، بيروت، بغداد.

10-

الشرح الكبير، للعلامة عبد الرحمن بن أبي بكر المقدسي. مطبوع مع المغني.

11-

شرح منتهى الإرادات، للعلامة منصور بن يونس البهوتي. مكتبة الرياض الحديثة، الرياض.

12-

الشركة، للدكتور إبراهيم عبد الحميد. طبعة تمهيدية للموسوعة، الكويت.

13-

فتح القدير، للإمام ابن الهمام السيواسي. مصطفى الحلبي، القاهرة، ط1، 1389هـ.

14-

الفقه الإسلامي وأدلته، للدكتور وهبة الزحيلي. دار الفكر، دمشق، ط1، 1404هـ.

15-

فقه الزكاة، للدكتور يوسف القرضاوي. مؤسسة الرسالة، بيروت، ط8، 1405هـ.

16-

القواعد، للحافظ عبد الرحمن بن رجب الحنبلي. تحقيق طه سعد، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، ط1، 1392هـ.

17-

كشاف القناع، للعلامة البهوتي. تحقيق هلال مصيلحي، مكتبة النصر الحديثة، الرياض.

18-

المجموع، للإمام يحيى بن شرف النووي، ومعه شرح الكبير، للإمام الرافعي، شركة الطباعة المنيرية، القاهرة.

19-

المجموع المذهب، للحافظ خليل بن كيكلدي العلائي. تحقيق محمد عبد الغفار الشريف، آلة كاتبة، رسالة دكتوراه، 1405هـ.

20-

معجم الفقه الحنبلي. وزارة الأوقاف الكويتية، ط2 1404هـ.

21-

المغني، للإمام محمد بن عبد الله بن قدامة. دار الكتاب العربي، بيروت، 1392هـ.

22-

مغني المحتاج، للعلامة الخطيب الشربيني. مصطفى الحلبي، القاهرة، 1377هـ.

23-

الموسوعة الفقهية، مجموعة من العلماء. وزارة الأوقاف الكويتية، الكويت.

24-

نظرية الشرط في الفقه الإسلامي، للدكتور حسن الشاذلي. دار الاتحاد العربي، القاهرة.

25-

نهاية المحتاج، للعلامة شمس الدين الرملي. وبهامشه حاشيتا الرشيدي والشبراملسي. المكتبة الإسلامية، حلب.

ص: 983

* المعاجم اللغوية والاصطلاحية:

1-

التعريفات، للشريف الجرجاني. مكتبة لبنان، بيروت، 1978م.

2-

الكليات، للعلامة أيوب بن موسى الكفوي. تحقيق، د. درويش وزميله، وزارة الثقافة، دمشق، 1974م.

3-

لسان العرب، للإمام محمد بن منظور الإفريقي. دار صادر، بيروت.

4-

محيط المحيط، للمعلم بطرس البستاني. مكتبة لبنان، بيروت.

5-

المصابح المنير، للعلامة أحمد الفيومي. دار المعارف، القاهرة.

6-

معجم متن اللغة، للشيخ أحمد رضا. دار مكتبة الحياة، بيروت، 1380هـ.

7-

المغرب، للعلامة ناصر الدين المطرزي. تحقيق فاخوري وزميله، مكتبة أسامة بن زيد، حلب، ط1، 1399هـ.

* كتب أخرى:

1-

الإسلام ومشكلاتنا الحاضرة، للدكتور محمد يوسف موسى. سلسلة الثقافة الإسلامية، 1958م.

2-

بورصة الأوراق المالية الكويتية، للأستاذ فاضل القلاف. مؤسسة دار الكتب، الكويت.

3-

دائرة معارف القرن العشرين، للأستاذ محمد فريد وجدي. دار المعرفة، بيروت، ط3، 1971م.

4-

الشركات في الشريعة والقانون، للدكتور عبد العزيز الخياط. مؤسسة الرسالة، بيروت، ط2، 1403هـ.

5-

شركة المساهمة في النظام السعودي، للدكتور صالح المرزوقي. مطابع الصفا، مكة، 1406هـ.

6-

عمل شركات الاستثمار الإسلامية، للأستاذ أحمد محي الدين حسن. طبع بنك البركة الإسلامي، البحرين، ط1 1407هـ.

7-

موجز القاموس الاقتصادي، مجموعة علماء روس. تعريب مصطفى الدباس، مراجعة د. بدر الدين السباعي، دار الجماهير، دمشق، 1972م.

8-

الموسوعة العربية الميسرة، مجموعة من العلماء. بإشراف محمد شفيق غربال، دار النهضة، بيروت، 1401هـ.

9-

الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية، الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية.

10-

محاضر الهيئة الشرعية ببيت الزكاة. الكويت.

ص: 984