المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌زرع الغدد التناسلية والأعضاء التناسليةإعدادسعادة الدكتور محمد علي البار - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٦

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد السادس

- ‌كلمةمعالي الأمين العاملمنظمة المؤتمر الإسلاميالدكتور حامد الغابد

- ‌كلمةمعالي رئيس مجمع الفقه الإسلاميالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدوليالدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌كلمةصاحب السمو الملكيالأمير ماجد بن عبد العزيز

- ‌كلمةمعالي الأستاذ خالد أحمد الجسار

- ‌كلمةمعالي الدكتور حامد الغابد

- ‌كلمةمعالي الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائهاإعدادسماحة الشيخ الدكتور محمد سيد طنطاوي

- ‌التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائهاإعدادسعادة الدكتور عبد الله إبراهيم

- ‌التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائهاإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌الطرق المشروعة للتمويل العقاريإعدادفضيلة القاضي محمد تقي العثماني

- ‌بيع التقسيطإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌بيع التقسيطإعدادفضيلة الدكتور محمد عطا السيد

- ‌بيع التقسيطإعدادفضيلة الدكتور إبراهيم فاضل الدبور

- ‌البيع بالتقسيط: نظرات في التطبيق العمليإعدادفضيلة الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌تقسيط الدين في الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الدكتور محمد رضا عبد الجبار العاني

- ‌بيع التقسيط: تحليل فقهي واقتصاديإعدادسعادة الدكتور رفيق يونس المصري

- ‌حكم زيادة السعرفي البيع بالنسيئة شرعًاإعدادفضيلة الدكتور نظام الدين عبد الحميد

- ‌القبضصوره، وبخاصة المستجدة منها وأحكامهاإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌القبض:صوره، وبخاصة المستجدة منها، وأحكامهاإعدادفضيلة الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌القبض:أنواعه، وأحكامه في الفقه الإسلامىإعدادفضيلة الدكتور محمد رضا عبد الجبار العاني

- ‌القبض:صوره وبخاصة المستجدة منها، وأحكامهاإعدادسعادة الدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌القبض:صوره، وبخاصة المستجدة منها، وأحكامهاإعدادفضيلة الدكتور علي محيي الدين القره داغي

- ‌القبضتعريفه، أقسامه، صوره وأحكامهاإعدادفضيلة الدكتور سعود بن مسعد الثبيتي

- ‌حُكم قبض الشيكوهل هو قبض لمحتواه؟إعدادفضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌القبض الحقيقي والحكمي: قواعده وتطبيقاتهمن الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ نزيه كمال حماد

- ‌حكم إجراء العقود بوسَائل الاتصَال الحَديثةفي الفقه الإسلامي (موازَنًا بالفقه الوضعي)إعدادسعادة الدكتور إبراهيم كافي دونمز

- ‌الإسلام وإجراء العقودبآلات الاتصال الحديثةإعدادفضيلة الشيخ محمد الحاج الناصر

- ‌الأسواق المالية وأحكامها الفقهيةفي عصرنا الحاضرإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌أحكام السوق الماليةإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد الغفار الشريف

- ‌السوق الماليةإعدادفضيلة الدكتور وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌الأسواق المالية والبورصة والتجربة التونسيةإعدادسعادة الدكتور مصطفى النابلي

- ‌السوق المالية ومسلسل الخوصصةإعدادسعادة الدكتور الحسن الداودي

- ‌الأدوات المالية الإسلاميةإعدادسعادة الدكتور سامي حسن حمود

- ‌الأدوات المالية الإسلاميةإعدادفضيلة الدكتور حسين حامد حسان

- ‌الأسواق الماليةمن منظور النظام الاقتصادي الإسلامي(دراسة مقارنة)إعدادسعادة الدكتور نبيل عبد الإله نصيف

- ‌الأدوات المالية الإسلاميةوالبورصات الخليجيةإعدادسعادة الدكتور محمد فيصل الأخوة

- ‌الأدوات المالية التقليديةإعدادسعادة الدكتور محمد الحبيب جراية

- ‌الأسواق الماليةإعدادسعادة الدكتور محمد القري بن عيد

- ‌تجلي مرونة الفقه الإسلاميأمام التحديات المعاصرةإعدادفضيلة الأستاذ محمد الأزرق

- ‌وثائقندوة الأسواق الماليةالمنعقدة بالرباط

- ‌زراعة خلايا الجهاز العصبي وبخاصة المخإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌زراعة خلايا الجهاز العصبي وخاصة المخإعدادفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي

- ‌زراعة الأعضاء وحكمه في الشريعة الإسلاميةإعدادفضيلة الشيخ الشريف محمد عبد القادر

- ‌زراعة خلايا المخمجالاته الحالية وآفاقه المستقبليةإعدادسعادة الدكتور مختار المهدي

- ‌إجراء التجارب علىالأجنة المجهضة والأجنة المستنبتةإعدادسعادة الدكتور محمد علي البار

- ‌الاستفادة من الأجنة المجهضة أو الزائدة عن الحاجةفي التجارب العلمية وزراعة الأعضاءإعدادسعادة الدكتور مأمون الحاج علي إبراهيم

- ‌حكم الاستفادة من الأجنة المجهضةأو الزائدة عن الحاجةإعدادفضيلة الدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌الاستفادة من الأجنة المجهضة والفائضةفي زراعة الأعضاء وإجراء التجاربإعدادسعادة الأستاذ الدكتور عبد الله حسين باسلامة

- ‌(أ) استخدام الأجنة في البحث والعلاج(ب) الوليد عديم الدماغمصدراً لزراعة الأعضاء الحيويةإعدادالدكتور حسان حتحوت

- ‌(أ) حقيقة الجنين وحكم الانتفاع به في زراعة الأعضاء والتجارب العلمية.(ب) حكم زراعة خلايا الدماغ والجهاز العصبي.إعداد فضيلة الدكتور محمد نعيم ياسين

- ‌حكم الانتزاع لعضومن مولود حي عديم الدماغإعدادفضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌الاستفادة من الأجنة المجهضةأو الزائدة عن الحاجةفي التجارب العلمية وزراعة الأعضاءإعدادفضيلة الدكتور عمر سليمان الأشقر

- ‌زراعة الأعضاء من الأجنة المجهضةإعدادفضيلة الشيخ محمد عبده عمر

- ‌حكم إعادة ما قطع بحد أو قصاصإعدادفضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌زراعة عضو استؤصل في حد أو قصاصإعدادفضيلة حجة الإسلام محمد علي التسخيري

- ‌زراعة عضو استؤصل في حدإعدادفضيلة القاضي محمد تقي العثماني

- ‌زراعة عضو استؤصل في حدإعدادفضيلة الدكتور وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌حكم إعادة اليدبعد قطعها في حد شرعيإعدادفضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌هل يجوز إعادة يد السارقإذا قطعت بصفة شرعية أم لا؟إعدادفضيلة الشيخ مولاي مصطفى العلوي

- ‌زراعة الأعضاء البشريةالأعضاء المنزوعة من الأجنة المجهضة.الغدد والأعضاء التناسلية.زراعة عضو استؤصل في حد كإعادة اليد التي قطعت في حد السرقة.زراعة خلايا الجهاز العصبي.إعدادسعادة الأستاذ أحمد محمد جمال

- ‌إمكانية نقل الأعضاء التناسلية في المرأةإعدادسعادة الدكتور طلعت أحمد القصبي

- ‌أحكام نقل الخصيتين والمبيضين وأحكامنقل أعضاء الجنين الناقص الخلقةفي الشريعة الإسلاميةإعدادفضيلة الدكتور خالد رشيد الجميلي

- ‌نقل وزراعة الأعضاء التناسليةإعدادفضيلة الدكتور محمد سليمان الأشقر

- ‌زرع الغدد التناسلية والأعضاء التناسليةإعدادسعادة الدكتور محمد علي البار

- ‌زراعة الغدد التناسلية أو زراعةرحم امرأة في رحم امرأة أخرىإعدادالدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين

- ‌زراعة الأعضاء التناسلية والغدد التناسليةللمرأة والرجلإعدادسعادة الدكتورة صديقة علي العوضي

الفصل: ‌زرع الغدد التناسلية والأعضاء التناسليةإعدادسعادة الدكتور محمد علي البار

‌زرع الغدد التناسلية والأعضاء التناسلية

إعداد

سعادة الدكتور محمد علي البار

مستشار الطب الإسلامي بمركز الملك فهد

للبحوث الطبية – جامعة الملك عبد العزيز

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة:

إن موضوع غرس الأعضاء ليس جديداً على البشرية. فقد أوضحت الحفريات القديمة أن قدماء المصريين قد عرفوا زرع الأسنان، ثم أخذها عنهم اليونان والرومان ثم اشتهر بها الأطباء المسلمون في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) ، وعرف الهنود القدماء عمليات زرع الجلد وإصلاح الأنف المتآكلة والأذن المقطوعة وذلك منذ 2700 عام على الأقل كما يدل على ذلك كتاب (سرسوتا سانهيتا) الذي وصف هذه العمليات بدقة وتفصيل والذي كتب قبل 2700 عام.

وقد أعاد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عين قتادة بعد أن ندرت حدقته يوم بدر، وقيل يوم أحد إثر سهم أصابها فكانت أحسن عينيه وأحدهما بصراً وهذه أول إعادة زرع للأعضاء.

وقد ذكر الفقهاء الأجلاء في السابق موضوع زرع العظام، قال الإمام النووي في منهاج الطالبين:"ولو وصل عظمه بنجس لفقد طاهر فمعذور "، وفصل في ذلك الإمام الشربيني في مغني المحتاج. وتحدث الفقهاء الأجلاء منذ أزمنة متطاولة عن زرع العظام من إنسان لإنسان ومن حيوان لإنسان وقد ذكر القزويني في عجائب المخلوقات أن من خواص عظم الخنزير أنه يوصل بعظم الإنسان ويلتئم سريعاً ويستقيم من غير اعوجاج!!

نخلص من ذلك كله إلى أن زرع الأعضاء أمر ليس جديداً على البشرية، وأن فقهاء الإسلام قد تحدثوا في بعض أنواعه منذ تسعة قرون تقريباً.

ص: 1632

ولا شك أن القرن العشرين شهد زخماً علمياً لم تشهده البشرية من قبل، وأدى ذلك إلى زرع أعضاء لم يكن في استطاعة أحد أن يفكر في زرعها، وذلك مثل زرع الكلى والقلب والرئتين والكبد والبنكرياس وأخيراً الدماغ والأعضاء التناسلية.

ومنذ أن انتشر استخدام نقل الدم أصدر الفقهاء الأجلاء فتاواهم بإباحة ذلك، كما أباحوا تشريح الجثث ثم ظهرت الفتاوى العديدة من دار الإفتاء المصرية التي تبيح زرع الجلد وزرع القرنية وزرع الأعضاء وفي 5 صفر 1400هـ، أصدرت لجنة الفتوى بوزارة الأوقاف قرارها رقم 32/ 79 بإباحة زرع الأعضاء من المتبرع الحي أو الميت. وفي 6/ 402/11 اهـ صدر قرار هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية بإباحة زرع الأعضاء وأصدر المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي في دورته السابعة 407اهـ قراره بإباحة زرع الأعضاء.

ولم يتعرض الفقهاء حتى عام 405اهـ لموضوع موت الدماغ. وكانت الفتاوى السابقة الصادرة بإباحة أخذ الأعضاء من الموتى مبنية على أن الشخص المتبرع قد مات وتوقف قلبه عن العمل تماماً.

ومنذ ذلك العام بداً المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي ببحث تلك المسألة، ثم بحثها مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي. وقد بحثها في دورته الثانية عام 1406 هـ، ثم في دورته الثالثة عام 407اهـ، وأصدر قراره التاريخي رقم (5) باعتبار موت الدماغ مساوياً لموت القلب.

وقام مجمع الفقه الإسلامي في دورته الرابعة 408اهـ ببحث موضوع زرع الأعضاء وأصدر قراره رقم (1) د 4/08/88، بإباحة زرع الأعضاء وذلك بإباحة الزرع الذاتي، كما أباح الزرع من شخص آخر حي بشرط تبرعه بذلك وأن لا يلحقه ضرر وأن يكون المتبرع كامل الأهلية، كما أباح المجمع الزرع من الموتى بشرط أن يكون قد أذنوا قبل ذلك أثناء حياتهم أو أذن ورثتهم بذلك أو أذن ولي أمر المسلمين إن كان المتوفى مجهول الهوية أولا ورثة له وذلك كله بشرط عدم بيع الأعضاء.

ص: 1633

وقد أجل الفقهاء الأجلاء النظر في المواضيع التي طرحتها في بحثي المقدم إلى الدورة الرابعة إلى دورة قادمة.

وكنت قد تقدمت في نهاية بحثي ذلك بعدة أسئلة إلى الفقهاء الأجلاء بعد مداولات مع لفيف من الزملاء الأطباء.. كان من ضمن تلك الأسئلة المواضيع المطروحة للدورة السادسة:

زراعة الأعضاء من الأجنة المجهضة أو الفائضة عن الحاجة.

زراعة الغدد التناسلية والأعضاء التناسلية.

زراعة خلايا الجهاز العصبي وخاصة الدماغ.

زراعة عضو استؤصل في حد مثل إعادة اليد بعد قطعها في حد السرقة.

كما كنت قد تقدمت في الدورة الثانية والثالثة لمجمع الفقه الإسلامي ببحث عن التلقيح الاصطناعي الداخلي والخارجي وفيه وضعت سؤالا لم يبحث في تلك الدورات عن موضوع إجراء التجارب على الأجنة المجهضة والأجنة المستنبتة الفائضة عن الحاجة. وفيما يلي بحث عن زرع الغدد التناسلية والأعضاء التناسلية حسب ما تيسر لي من مراجع قليلة:

ص: 1634

زرع الغدد التناسلية والأعضاء التناسلية

إن للغدة التناسلية وظيفتين:

الأولى: افراز النطفة (البيضة بالنسبة للمرأة أو الحيوان المنوي بالنسبة للرجل) .

الثانية: وظيفة إفراز الهرمونات وهي في الأنثى أشد تعقيداً من الذكر وهي السبب في التغييرات التي تحدث في بطانة الرحم مؤدية إلى حدوث الطمث، كما تؤثر على جميع أجهزة الجسم أما بالنسبة للذكر فهي مسؤولة عن الصفات الثانوية للذكورة مثل نمو شعر العانة بصورة خاصة مختلفة عن الأنثى ونمو الشعر على الوجه (العارضين والذقن والشنب

الخ) ، وتغير الصوت من نعومة صوت الطفل إلى خشونة صوت الرجل وبناء العظام وتوزيع الدهن في الجسم وإيجاد الرغبة الجنسية.

ص: 1635

وقد استخدم الأطباء في الماضي خصى الحيوانات لأغراض شتى وفي العصر الحديث استخرج الأطباء من هذه الخصى هرمونات الذكورة واستخدموها لمعالجة ضعف الباءة، كما استخدمت لمعالجة بعض الأمراض الأخرى وخاصة في الشيخوخة

وقد تم تصنيع هرمونات مماثلة مع اختلاف في بعض الوظائف وتستخدم هذه الهرمونات لأغراض شتى بما في ذلك معالجة بعض أنواع سرطان الثدي.

أما هرمونات المبيض فهي الآن كذلك تصنع ولها مشتقات كثيرة وتستخدم لأغراض كثيرة في الطب لمعالجة اضطرابات الدورة الشهرية وحبوب منع الحمل وأخرى لمداواة بعض أنواع الإجهاض، كما أن نوعاً منها يستخدم لمعالجة سرطان الموثة (البروستاته) عند الرجال.

زرع الخصية:

أثارت الصحف وخاصة مجلة المسلمون موضوع زرع الخصية وزعم طبيب من إحدى المستشفيات الخاصة أنه مستعد لإجراء هذه العملية فورا لسهولتها ويسرها، ولكنه ينتظر فتوى الفقهاء وسرعان ما اتصلت المسلمون ببعض الفقهاء الذين أصدروا فتاواهم على الهاتف بإباحة زرع الخصية وثارت ضجة في الصحافة استفادت منها المسلمون في الترويج والبيع.

والمشكلة أن زرع الخصية لا يزال في حقل التجارب وقد بحثت في المجلات الطبية والكتب التي صدرت عن زرع الأعضاء وذهبت إلى لندن في الصيف الماضي (مايو 988ام) ، واشتريت مجموعة من الكتب الحديثة الصادرة عن زرع الأعضاء وللأسف لم أجد أي بحث عن هذا الموضوع وفي هذه السنة بحثت في مكتبة كلية الطب ومكتبة جامعة الملك عبد العزيز عن أبحاث أو مقالات طبية علمية عن هذا الموضوع فلم أجد وأرسلت بواسطة مكتبة جامعة الملك عبد العزيز إلى المراكز الأوسع في الرياض ووعدت بإرسال أربعة أبحاث لم أستلمها بعد، ثم بحثت عن طريق زميل مهتم بهذا الموضوع بحث فيه عن طريق شبكة عالمية فوجدنا 14 مقالاً نشرت في المجلات العلمية من عام 0 97ام حتى بداية عام 988ام حول موضوع زرع الخصية. وكانت هذه المقالات جميعاً ما عدا واحدة تتحدث عن إعادة زرع خصية في طفل بقيت خصيته في البطن في مكان عال.

ص: 1636

ومن المعلوم أن الخصية (الغدة التناسلية) تتكون في الحدبة التناسلية وتبدأ في الظهور في الأسبوع الخامس والسادس في الجنين

ثم تتمايز في نهاية الأسبوع السادس وبداية السابع إلى خصية أو مبيض لأنها تكون قبل ذلك غير متمايزة ويكون موقعها موقع الكلى في الإنسان بعد ولادته بينما تتكون الكلى في منطقة الحوض

ويرتفع موقع الكلى لتقع في الخاصرة بين الصلب والترائب بينما تنزل الغدة التناسلية من موقعها في الخاصرة بين الصلب والترائب حتى تصل إلى الحوض.

وفي الأنثى تتوقف هناك بينما في الذكر تواصل نزولها في الشهر السابع، لتدخل القناة الأربية (Inginal canal) ، ثم تصل إلى كيس الصفن قبل الولادة. وفي بعض الأحيان يتأخر نزول الخصية وتبقى في القناة الأربية ويمكن إنزالها جراحياً ولكن في بعض الحالات تكون موجودة في الحوض أو في البطن، وفي هذه الحالات لا بد من إعادة زرع لتلك الخصية..

وقد نجحت بعض هذه العمليات كما فشلت نسبة كبيرة منها لأن إعادة زرع الخصية أيضاً عمل غير يسير.

ووجدت بحثاً منشوراً في مجلة Fertility-Sterility 1978 (Aug) 30 (2) : 181-7، نشره د. سيلبر (Silber S.J.) عن زرع خصية من شخص لأخيه التوأم وكان هذا التوأم من نوع التوائم المتماثلة (Identical twins) أي أنهما نتجا عن تلقيح بويضة واحدة بحيوان منوي واحد (Monozygotic twins) وهما من الناحية المناعية كأنهما شخص واحد، وقد نجحت هذه العملية واستطاعت الخصية المزروعة أن تفرز حيوانات منوية سليمة كما استطاعت أن تفرز هرمونات الذكورة (Testesterone) .

وهذا هو البحث الوحيد الذي وجدته والذي تعرض فيه الباحث لزرع الخصية من شخص إلى آخر وإن كان الشخص المزروع فيه يعتبر من الناحية المناعية مماثلاً للشخص المتبرع، ولهذا لا يحدث رفض للغريسه (Implant graft) .

وقد ذكر بعض الزملاء من الأطباء المختصين أن الصين الشعبية تجري أبحاثاً في زرع الخصية.

ص: 1637

التعليق؟

إن إعادة الزرع أمر لا إشكال فيه إذ أنه يحدث من نفس الشخص فلا يوجد ما يمنعه من الناحية الدينية والمسألة كلها تندرج في باب المهارة التقنية المطلوبة

وللأسف لم تصل بعد في هذا المجال لتحقيق نجاح كبير.

أما الزرع من أخ مماثل توأم فعلى الرغم من أن الشخصين يعتبران من الناحية المناعية وكأنهما شخص واحد إلا أنهما من الناحية القانونية والشرعية شخصان منفصلان تماماً ولكل واحد منهما أهليته القانونية والشرعية ولهذا فإن زرع الخصية من شخص لآخر يعني انتقال الحيوانات المنوية من المتبرع (Donner) إلى المتلقي (Recepient) ، ومن المعلوم أن الصفات الوراثية الموجودة في الحيوانات المنوية الناتجة من الخصية المزروعة إنما تتبع الشخص المتبرع (Donner) لا الشخص المتلقي (Recepient) ، وبالتالي يشبه ذلك دخول طرف ثالث في موضوع الإنجاب وإذا أبيح ذلك فينبغي أن يباح أيضاً استخدام مني من متبرع لتلقيح امرأة متزوجة من رجل عقيم.. وهذه الطرق تشبه ما كان موجودا في الجاهلية قبل الإسلام مما عرف باسم نكاح الاستبضاع، حيث كان الرجل يعتزل زوجته حتى إذا طهرت ذهبت إلى رجل قوي شجاع كريم

إلخ، فيتصل بها فإذا حملت المرأة وتبين ذلك الحمل أتاها زوجها إن شاء

يفعل ذلك رغبة في إنجابة الولد كما قالت السيدة عائشة في حديثها الذي أخرجه البخاري في كتاب النكاح من صحيحه.

ولا تتغير الصفات الوراثية الموجودة في الخصية بعد زرعها بحيث إنها تعود إلى الشخص المتلقي، بل تبقى تلك الصفات الوراثية تعود إلى الشخص المتبرع. ذلك لأن المورثات (الجينات) تكون مبرمجة منذ البداية

ورغم أنها انتقلت في بيئة جديدة وتتغذى من مصادر مختلفة عما كانت عليه إلا أن برنامج المورثات يبقى على ما كان عليه. وبالتالي تعود الصفات الوراثية إلى المتبرع (Donner) وليس للمتلقي في ذلك من الأمر شيء.

ص: 1638

أما إفراز الهرمونات فأمر ثانوي وإن كان مهما. ولا يشكل ذلك خطرا على المورثات ويمكن بسهولة تعاطي هذه الهرمونات إما على شكل أقراص أو على شكل حقن (زرق) في العضل وهي متوفرة في الصيدليات ويكتبها الأطباء عند الحاجة لها.

زرع المبيض:

قام الدكتور شيرمان سيلبر (S.Silber) في عام 985ام بنقل مبيض مع قناة فالوب التابعة له من امرأة إلى أختها التوأم التي تعاني من العقم نتيجة إصابة مبايضها (1)

وقد قام الدكتور شيرمان سيلبر نفسه بزرع خصية من شخص لأخيه التوأم وهي العملية التي سبق أن ذكرناها.

وبما أن هذه التوائم متماثلة وأصلها لقيحة واحدة (من حيوان منوي واحد وبيضة واحدة) ، فإن هذه التوائم لا تشكل أي عقبة من ناحية المناعة ورفض الأعضاء المزروعة.

وقد صرح الجراح الأمريكي الذي يعمل في مستشفى سانت لوك في مدينة سانت لوي بالولايات المتحدة بأن هذه العملية دقيقة جداً ونسبة نجاحها محدودة وستبقى منحصرة في الوقت الحاضر في التوائم المتماثلة

وأنها لا يمكن أن تعتبر ذات قيمة في حل مشكلة العقم، على الأقل في الوقت الراهن لأنها عملية معقدة ومحدودة النجاح ولا تجرى حتى الآن إلا في بعض مراكز الأبحاث المتقدمة ولا تزال مقصورة على التوائم المتماثلة فقط.

وتمثل نفس المشاكل الموجودة في زرع الخصية إذ أن البيضة تعود إلى المتبرعة (Donner) وليست للمتلقية (Recepient) التي زرع فيها المبيض، وبالتالي فإن حدوث حمل سيؤدي إلى وجود مشاكل كبيرة فمن تكون الأم أهي التي حملت وولدت أم صاحبة البيضة؟

وقد ثار هذا الجدل بين الفقهاء عند تعرضهم للرحم الظئر (الرحم المستأجر)(Surrogate mother) .

(1) نشرت الخبر صحيفة المدينة، العدد 6696 في 23/ 1 1/ 1405 هـ الموافق 9/8/1985م.

ص: 1639

وانقسموا إلى فريقين: أحدهما يرى أن الأم هي التي حملت وولدت والآخر يرى أن الأم الحقيقية هي صاحبة البيضة، وقد ذكر كتاب ندوة الإنجاب في ضوء الإسلام، إصدار المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية ما دار من نقاش حافل حول هذه النقطة وقد نقلت أيضاً ما دار من نقاش في المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي حول هذه النقطة في كتابي "طفل الأنبوب والتلقيح الاصطناعي" وكتابي "أخلاقيات التلقيح الاصطناعي ".

الخلاصة في موضوع زرع الغدة التناسلية (الخصية أو المبيض) :

إن هذا الموضوع لا يزال في دور التجارب في المراكز المتقدمة في الولايات المتحدة وأوروبا وبعض المراكز في الصين الشعبية

وحتى الآن فإن نسبة النجاح مرتبطة بإجراء هذه العمليات لنفس الشخص، كما في الخصية الموجودة في البطن وإنزالها إلى كيس الصفن أو إجرائها بين توأمين متماثلين تماماً.

وهذا ببساطة يعني أنها ليست أحد الحلول المطروحة لمعالجة مشكلة العقم.

كما أنها تنطوي على مشاكل خطيرة من ناحية النسب وارتباط الصفات الوراثية بالشخص المتبرع لا بالشخص المتلقي.

ص: 1640

وهو أمر قد فنده الفقهاء الأجلاء عند بحثهم لموضوع التلقيح الاصطناعي وأكدوا حرمة دخول طرف ثالث بين الزوجين في عملية الإنجاب والمقصود بالطرف الثالث:

نطفة ذكرية (حيوان منوي) من متبرع أو مانح،

نطفة أنثوية (بيضة) من متبرعة أو مانحة،

لقيحة جاهزة (جنين مجمد) من متبرعين،

رحم ظئر من متبرعة.

وبالتالي فإن زرع الغدة التناسلية أمر ليس له ما يبرره إذا كان بين شخصين مختلفين.

أما إذا كان من نفس الشخص فلا غبار عليه من الناحية الدينية ويبقى العائق الوحيد فيه مقدرة الجراح ومهارته.

زرع الأعضاء التناسلية:

لم أجد فيما لدي من المصادر العلمية في ذكراً لزرع الأعضاء التناسلية وقد قرأت عن فيلم سينمائي أنتجته هوليود موضوع قصته زرع القضيب من شاب قوي طويل فارع الطول إلى عجوز قد أصابه الوهن فانقلب كيانه وأصبح يقع في مشاكل كثيرة بسبب العراقة التي حصل عليها من العضو المزروع.

الموضوع لا يزال قيد الخيال العلمي والقصص والأفلام أما من الناحية العملية فهناك وسائل كثيرة أخرى تجرى لمساعدة المجبوب أو الضعيف الانتصاب حيث تزرع وسائل ميكانيكية يمكن أن تقوم بالمهمة

وقد وجدت بعض الدراسات والمقالات في المجالات العلمية التي تتحدث عن زرع آلة لمساعدة الصبي في التبول واقفاً لأن هذا هو الأمر المعتاد لدى الذكور في الغرب ولا يتبول جالساً عندهم إلا الإناث. ومن العار على الصبي أو الفتى أن يتبول جالساً إذ لا بد له من التبول واقفا ولذا اخترعوا جهازاً يساعد الأطفال الذين يعانون من صغر القضيب أو يجرون عمليات جراحية لإصلاح فتحة مجرى البول التي قد تكون في جذر القضيب بدلاً من طرفه النهائي (Hypospadis)، وهناك وسائل متعددة جراحية لإيجاد فرج ومهبل صناعي لمن يطلبه من المخنثين الذين تجب ذكرانهم ويصنع لهم فروج ويركبون كما تركب النساء وهو أمر شائع في الغرب وقد حدث في مصر في قصة سالي: طالب طب الأزهر الذي أثارت قضيته المجتمع العربي.

ص: 1641

وفي تونس والمغرب بعض الأطباء من الفرنسيين الذين يجرون هذه العملية (المسخ) لمن أراد من المخنثين الذين يفدون إلى تونس والمغرب في صورة سياح.

أما نقل وزرع الأعضاء التناسلية الباطنة مثل الرحم فلم يحدث بعد، حسب ما لدي من المصادر.

ولا أظن أن زرع الرحم إذا تم سيكون مشكلة من الناحية الفقهية لأنه لا يتعلق به نسب الجنين على عكس موضوع زرع المبيض أو الخصية.

وكذلك، فإن زرع القضيب لا يؤثر على النسب، ولكني أستبعد أن يرضى رجل بأن يجامع زوجته بقضيب شخص آخر (ميت بطبيعة الحال) وأظن أنه سيفضل المساعدات الميكانيكية الأخرى على أن يأتي أهله بعضو رجل آخر.

ثم من الناحية الفقهية ألا يشكل ذلك مشكلة؟

الخلاصة:

إن موضوع زرع الأعضاء التناسلية لم يدخل بعد مجال الممارسة الطبية اليومية وهو لا يزال في مجال التجارب أو الخيال العلمي وهو لا يحل مشكلة عقم ولا مشكلة عنة، وإنما يسبب المشاكل لمجتمعات تنوء بالمشاكل.

والناس في العالم الإسلامي لم يحصلوا بعد على الرعاية الصحية الأولية ويقعون فريسة الأمراض الناتجة عن عدم وجود ماء نظيف للشرب وعدم وجود نظام للمجاري وعدم تمنيع (تطعيم) الأطفال وعدم إرضاعهم من أمهاتهم ووجود مشكلة التدخين

الخ.

وهذه المشاكل الصحية حلولها ميسورة والأجدى أن تهتم الدول الفقيرة بمشاكل الملايين الذين يعانون من سوء التغذية والإسهال والملاريا والبلهارسيا والسل

إلخ، بدلاً من الاهتمام بمشاكل أفراد محدودين يبحثون عن وسيلة غريبة شاذة لقضاء وطر أو للحصول على ذرية بطرق يأبى أكثرها الشرع الحنيف كما تأباها الفطر السليمة.

الدكتور محمد علي البار

ص: 1642