المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأسواق الماليةإعدادسعادة الدكتور محمد القري بن عيد - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٦

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد السادس

- ‌كلمةمعالي الأمين العاملمنظمة المؤتمر الإسلاميالدكتور حامد الغابد

- ‌كلمةمعالي رئيس مجمع الفقه الإسلاميالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدوليالدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌كلمةصاحب السمو الملكيالأمير ماجد بن عبد العزيز

- ‌كلمةمعالي الأستاذ خالد أحمد الجسار

- ‌كلمةمعالي الدكتور حامد الغابد

- ‌كلمةمعالي الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائهاإعدادسماحة الشيخ الدكتور محمد سيد طنطاوي

- ‌التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائهاإعدادسعادة الدكتور عبد الله إبراهيم

- ‌التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائهاإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌الطرق المشروعة للتمويل العقاريإعدادفضيلة القاضي محمد تقي العثماني

- ‌بيع التقسيطإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌بيع التقسيطإعدادفضيلة الدكتور محمد عطا السيد

- ‌بيع التقسيطإعدادفضيلة الدكتور إبراهيم فاضل الدبور

- ‌البيع بالتقسيط: نظرات في التطبيق العمليإعدادفضيلة الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌تقسيط الدين في الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الدكتور محمد رضا عبد الجبار العاني

- ‌بيع التقسيط: تحليل فقهي واقتصاديإعدادسعادة الدكتور رفيق يونس المصري

- ‌حكم زيادة السعرفي البيع بالنسيئة شرعًاإعدادفضيلة الدكتور نظام الدين عبد الحميد

- ‌القبضصوره، وبخاصة المستجدة منها وأحكامهاإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌القبض:صوره، وبخاصة المستجدة منها، وأحكامهاإعدادفضيلة الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌القبض:أنواعه، وأحكامه في الفقه الإسلامىإعدادفضيلة الدكتور محمد رضا عبد الجبار العاني

- ‌القبض:صوره وبخاصة المستجدة منها، وأحكامهاإعدادسعادة الدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌القبض:صوره، وبخاصة المستجدة منها، وأحكامهاإعدادفضيلة الدكتور علي محيي الدين القره داغي

- ‌القبضتعريفه، أقسامه، صوره وأحكامهاإعدادفضيلة الدكتور سعود بن مسعد الثبيتي

- ‌حُكم قبض الشيكوهل هو قبض لمحتواه؟إعدادفضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌القبض الحقيقي والحكمي: قواعده وتطبيقاتهمن الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ نزيه كمال حماد

- ‌حكم إجراء العقود بوسَائل الاتصَال الحَديثةفي الفقه الإسلامي (موازَنًا بالفقه الوضعي)إعدادسعادة الدكتور إبراهيم كافي دونمز

- ‌الإسلام وإجراء العقودبآلات الاتصال الحديثةإعدادفضيلة الشيخ محمد الحاج الناصر

- ‌الأسواق المالية وأحكامها الفقهيةفي عصرنا الحاضرإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌أحكام السوق الماليةإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد الغفار الشريف

- ‌السوق الماليةإعدادفضيلة الدكتور وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌الأسواق المالية والبورصة والتجربة التونسيةإعدادسعادة الدكتور مصطفى النابلي

- ‌السوق المالية ومسلسل الخوصصةإعدادسعادة الدكتور الحسن الداودي

- ‌الأدوات المالية الإسلاميةإعدادسعادة الدكتور سامي حسن حمود

- ‌الأدوات المالية الإسلاميةإعدادفضيلة الدكتور حسين حامد حسان

- ‌الأسواق الماليةمن منظور النظام الاقتصادي الإسلامي(دراسة مقارنة)إعدادسعادة الدكتور نبيل عبد الإله نصيف

- ‌الأدوات المالية الإسلاميةوالبورصات الخليجيةإعدادسعادة الدكتور محمد فيصل الأخوة

- ‌الأدوات المالية التقليديةإعدادسعادة الدكتور محمد الحبيب جراية

- ‌الأسواق الماليةإعدادسعادة الدكتور محمد القري بن عيد

- ‌تجلي مرونة الفقه الإسلاميأمام التحديات المعاصرةإعدادفضيلة الأستاذ محمد الأزرق

- ‌وثائقندوة الأسواق الماليةالمنعقدة بالرباط

- ‌زراعة خلايا الجهاز العصبي وبخاصة المخإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌زراعة خلايا الجهاز العصبي وخاصة المخإعدادفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي

- ‌زراعة الأعضاء وحكمه في الشريعة الإسلاميةإعدادفضيلة الشيخ الشريف محمد عبد القادر

- ‌زراعة خلايا المخمجالاته الحالية وآفاقه المستقبليةإعدادسعادة الدكتور مختار المهدي

- ‌إجراء التجارب علىالأجنة المجهضة والأجنة المستنبتةإعدادسعادة الدكتور محمد علي البار

- ‌الاستفادة من الأجنة المجهضة أو الزائدة عن الحاجةفي التجارب العلمية وزراعة الأعضاءإعدادسعادة الدكتور مأمون الحاج علي إبراهيم

- ‌حكم الاستفادة من الأجنة المجهضةأو الزائدة عن الحاجةإعدادفضيلة الدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌الاستفادة من الأجنة المجهضة والفائضةفي زراعة الأعضاء وإجراء التجاربإعدادسعادة الأستاذ الدكتور عبد الله حسين باسلامة

- ‌(أ) استخدام الأجنة في البحث والعلاج(ب) الوليد عديم الدماغمصدراً لزراعة الأعضاء الحيويةإعدادالدكتور حسان حتحوت

- ‌(أ) حقيقة الجنين وحكم الانتفاع به في زراعة الأعضاء والتجارب العلمية.(ب) حكم زراعة خلايا الدماغ والجهاز العصبي.إعداد فضيلة الدكتور محمد نعيم ياسين

- ‌حكم الانتزاع لعضومن مولود حي عديم الدماغإعدادفضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌الاستفادة من الأجنة المجهضةأو الزائدة عن الحاجةفي التجارب العلمية وزراعة الأعضاءإعدادفضيلة الدكتور عمر سليمان الأشقر

- ‌زراعة الأعضاء من الأجنة المجهضةإعدادفضيلة الشيخ محمد عبده عمر

- ‌حكم إعادة ما قطع بحد أو قصاصإعدادفضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌زراعة عضو استؤصل في حد أو قصاصإعدادفضيلة حجة الإسلام محمد علي التسخيري

- ‌زراعة عضو استؤصل في حدإعدادفضيلة القاضي محمد تقي العثماني

- ‌زراعة عضو استؤصل في حدإعدادفضيلة الدكتور وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌حكم إعادة اليدبعد قطعها في حد شرعيإعدادفضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌هل يجوز إعادة يد السارقإذا قطعت بصفة شرعية أم لا؟إعدادفضيلة الشيخ مولاي مصطفى العلوي

- ‌زراعة الأعضاء البشريةالأعضاء المنزوعة من الأجنة المجهضة.الغدد والأعضاء التناسلية.زراعة عضو استؤصل في حد كإعادة اليد التي قطعت في حد السرقة.زراعة خلايا الجهاز العصبي.إعدادسعادة الأستاذ أحمد محمد جمال

- ‌إمكانية نقل الأعضاء التناسلية في المرأةإعدادسعادة الدكتور طلعت أحمد القصبي

- ‌أحكام نقل الخصيتين والمبيضين وأحكامنقل أعضاء الجنين الناقص الخلقةفي الشريعة الإسلاميةإعدادفضيلة الدكتور خالد رشيد الجميلي

- ‌نقل وزراعة الأعضاء التناسليةإعدادفضيلة الدكتور محمد سليمان الأشقر

- ‌زرع الغدد التناسلية والأعضاء التناسليةإعدادسعادة الدكتور محمد علي البار

- ‌زراعة الغدد التناسلية أو زراعةرحم امرأة في رحم امرأة أخرىإعدادالدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين

- ‌زراعة الأعضاء التناسلية والغدد التناسليةللمرأة والرجلإعدادسعادة الدكتورة صديقة علي العوضي

الفصل: ‌الأسواق الماليةإعدادسعادة الدكتور محمد القري بن عيد

‌الأسواق المالية

إعداد

سعادة الدكتور محمد القري بن عيد

مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي

جامعة الملك عبد العزيز

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونستهديه ونصلي ونسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه.

أما بعد: فإن الدور الذي تلعبه الأسواق المالية في اقتصاد اليوم مهم وخطير. فلم تعد تلك الأسواق مكانا لالتقاء الباعة والمشترين فحسب، بل أضحت مؤشرا يدل على اتجاهات الاقتصاد العالمي ووسيلة لإعادة توجيه الموارد الاقتصادية على مستوى العالم برمته، حيث تجتذب المراكز المالية الرئيسية المدخرات من كل أنحاء العالم متمثلة إمتدادات جديدة لحركة الاستعمار القديمة. ولذلك أضحى على المسلمين أن يسعوا إلى إيجاد البدائل التي تكون متمشية أولا مع مبادئ الشريعة الغراء، خلوًّا من المعاملات المحرمة، ثم تكون، ثانيا قادرة على تمكين الأمة الإسلامية من الاستفادة من ثروات أبنائها بما يعود على كل شعوبها بالخير والوفاء.

والحق أن جل المعاملات في الأسواق العالمية في زمننا الحاضر متعارض مع المبادئ الإسلامية في أحكام المعاملات المالية في الشريعة الإسلامية، إذ يغلب عليها القمار والغرر والربا وبيع ما ليس عند الإنسان (1) المقامرة بعيدا عن الاستثمار الحقيقي وهو الوظيفة الرئيسية، من الناحية النظرية، لتلك الأسواق. ولقد أدرك الخبراء حتى في الدول المتقدمة خطورة هذا الاتجاه وأن الاستمرار فيه يهدد الاستقرار الاقتصادي والسياسي بين الأفراد والدول لا سيما وأن العالم أضحى في زمننا الحاضر كالجسد الواحد يعاني كله من صعوبات أجزائه.

إن الاستنتاج الذي توصل إليه كثير من المتخصصين هو ضرورة إبعاد تلك الأسواق عن المضاربات المحمومة وإعادتها مرة أخرى إلى وظيفتها الأصلية وهي توفير الوساطة المالية وتشجيع الادخار والاستثمار الحقيقي

فاقترح بعضهم ضرورة فرض الضرائب المتناقصة على الأرباح بحيث يدفع من كانت مدة ملكيته للسهم (أو سواه) أقل من سنة أعلى نسبة من الضرائب ثم تتناقص حتى يعفى منها من زادت مدة ملكيته عن خمس سنوات، واقترح آخرون قصر حق التصويت على من زادت مدة ملكيته للسهم عن 18 شهرا. وانتبه كثيرون إلى دور البنوك وشركات التأمين وصناديق التقاعد والتأمينات الاجتماعية في تلك المضاربات وهي التي تمتلك تحت تصرفها مقادير هائلة من الأموال. فرأى أن تقنن تدخلاتها في تلك الأسواق

وهكذا.

(1) تستخدم كلمة المضاربة كثيرا لتعني أنواعا من المعاملات التي تجري في أسواق المال والتي تتسم بالمقامرة للحصول على عائد مجز من صفقة بيع أو شراء. والمضاربة في اللغة العربية وفي الاقتصاد الإسلامي هي عقد الشركة المعروفة بين رب مال وعامل يسمى المضارب يقدم الأول التمويل والثاني العمل ويقتسمان الربح على ما اتفقا عليه من نسبة لكل منهما. وتقع الخسارة المالية على رب المال. والمعاملات التي تسمى في لغة البورصات مضاربة هي أبعد ما تكون عن هذا العقد. ولذلك فالأجدر تسميتها باسم يدل على حقيقتها. كأن تسمى مجازفة أو مخاطرة والثانية أدق وأصح.

ص: 1181

والذي نحن بصدده هنا هو تقديم عرض مبسط لأهم المعاملات (1) .

1-

أسواق الأوراق المالية:

يتم تبادل الأسهم والسندات والأوراق المالية الأخرى في نوعين من الأسواق، الأول هو ما يسمى بورصة (وهي كلمة ربما يكون أصلها فرنسيا) وقد تسمى مصافق، وتشير إلى مكان محدد تعينه الحكومة لتداول تلك الأوراق ويكون له مقر ثابت وإدارة مستقلة (إما معينة من قبل الحكومة أو منتخبة بواسطة المتعاملين في السوق) ، وهذا النوع من التنظيم قديم يعود إلى أواخر القرن السادس عشر عندما بدأت الحكومات الأوروبية تستدين من مواطنيها بالربا عن طريق إصدار السندات. أما النوع الثاني فهو حديث ويسمى باللغة الإنجليزية over-the counter market ويشير إلى مجموعة المتعاملين بتلك الأوراق من السماسرة خارج سوق البورصة.

(أ) البورصة:

يتولى البيع والشراء في أسواق البورصة أعضاء محددون ولا يسمح لسواهم بذلك. ويكتسب الواحد منهم تلك العضوية عن طريق استئجار مقعد في السوق يخوله المزايدة وعقد الصفقات مع الأعضاء الآخرين. وغالبا ما تكون قيمة الإيجار عالية فقد تبلغ ملايين الدولارات (كما في بورصة نيويورك) . والعضوية، شأنها شأن كل شيء في أسواق البورصات، تكون قابلة للبيع ولذلك كثيرا ما ترتفع أسعارها في أوقات الانتعاش الاقتصادي. وقد يكون صاحب المقعد وكيلا لمئات السماسرة الذين يعملون خارج السوق فهو يعقد صفقات البيع والشراء نيابة عنهم في السوق مقابل عمولة. وتتم هذه المعاملات في الوقت الحاضر بواسطة الكمبيوتر وأجهزة الاتصال الإلكترونية أو الهاتف.

ويجري تنظيم المعاملات في أسواق البورصة بدقة بالغة فيبدأ التعامل فيها يوميا في لحظة محددة وينتهي في لحظة محددة يقرع فيها الجرس فتوقف كافة المعاملات بشكل قاطع. ويسيطر على التعامل أنظمة وقوانين ذات تفصيل بالغ. ويسود في كل بورصة أعراف متواترة يحرص المتعاملون وسلطة السوق على احترامها لأنها تساعد على تنظيم التعامل فيها.

(1) مع أن المعاملات في أسواق المال العالمية والبورصات خصوصا في الولايات المتحدة شبيهة بالزئبق على صفاه، تتبدل وتتغير ويختفي منها أنواع ويظهر أنواع جديدة لا نقول كل سنة أو كل شهر بل كل يوم وساعة خصوصا بعد أن اتجهت أكثر الدول الغربية منذ عدة سنوات إلى إلغاء كثير من القيود القانونية التي كانت تفرضها على أنواع المعاملات المالية (Deregulation) ، ولذلك لا سبيل إلى حصر كل تلك المعاملات بطريقة مكتوبة، وأحسب الإلمام بكل تلك المعاملات لا يتيسر إلا للقلة من المتعاملين في تلك الأسواق مباشرة على أن ما نعرضه يمثل أهم صيغ في تلك الأسواق مما استقر عليه التعامل في شكل الصيغ الرئيسية للعقود.

ص: 1182

ويقتصر التعامل في البورصة على الأوراق المالية المدرجة في قائمة السوق (Securities Listed) ، ولذلك فإن الأسهم التي يسمح بتداولها في أسواق البورصات لا تتضمن جميع أسهم الشركات في القطر ولكنها تكون نسبة محددة منها فقط. ولا تقوم سلطة السوق بإدراج أسهم شركة ما إلا بعد التحقق من توفر شروط معينة تتعلق بحجم الشركة وعدد أسهمها المتداولة وعمرها في النشاط الذي تمارسه.. إلخ. وتحرص الشركات دائما على أن تكون أسهمها وسنداتها مدرجة في قائمة بورصة رئيسية، لأن ذلك يؤدي إلى تداول أسهمها بشكل موسع يساعدها على النمو. وتمثل البورصة، في كل بلد المكان الرئيسي لالتقاء الباعة والمشترين للأسهم والأوراق المالية الأخرى. وهي وعاء هام لجمع المعلومات المتعلقة بنشاط الشركات، وبوتقة يتم من خلالها تجسيد رد فعل قطاع الأعمال تجاه التغيرات في الاقتصاد. ويعتقد أنها بذلك تساعد رجال الأعمال والحكومة على اتخاذ القرارات الصحيحة فيما يتعلق بتخصيص رأس المال على أوجه الاستثمار المتوفرة في القطر.

وتمثل عمليات البيع والشراء في أسواق البورصة (المزاد)(الحراج) في أدق صورة حيث إنها عملية مزايدة مستمرة على أسهم الشركات المدرجة في القائمة.

(ب) السوق خارج البورصة (over-the-counter market) :

لا يقتصر بيع وشراء الأوراق المالية على البورصات الرئيسية بل تنتشر في بعض البلدان أسواق منظمة ولكنها لا تقع تحت إشراف مباشر لسلطة واحدة ولا تنحصر في حيز ومكان واحد. وتتكون تلك السوق من مجموعة السماسرة المنتشرين في المدن المختلفة. وقد كان هذا السوق غير مهم في الولايات المتحدة مثلا حتى عهد قريب، ولكن أهميته أخذت تزداد بعد تطور سبل الاتصال وأجهزة الحاسب الآلي بحيث أصبحت مكاتب السماسرة رغم بعدها الجغرافي تكاد تتصل، ضمن شبكة متطورة، بالأسواق والمتعاملين في السوق. وكثيرا ما تكون القيود على العقود التي يتعامل بها السماسرة خارج البورصة أقل تشددا الأمر الذي يمكنهم في التعامل بشكل أكثر مرونة، ولكن النسبة من الصفقات التي يجري إتمامها بواسطتهم غالبا ما تكون ضئيلة إذا قيست إلى مجمل النشاط السوقي.

2-

الوظائف الرئيسية لأسواق الأوراق المالية:

تعد أسواق الأوراق المالية جزءا من مؤسسات الوساطة المالية. ووظيفة الوساطة المالية هي إحدى الوظائف الأساسية التي لا يمكن أن تسير حياة المجتمع الحديث بدونها بشكل طبيعي يحقق الاستقرار والنمو الاقتصادي. ولذلك فهي وظيفة متممة للنشاط الاقتصادي، فهي تتعلق بالكفاءة الاقتصادية. فمن الممكن نظريا أن يعيش المجتمع الإنساني بدون أية مؤسسة للوساطة المالية لكن ذلك سيأتي على حساب الكفاءة الاقتصادية. ولعل أهم الأغراض التي تخدمها الأسواق المالية هي:

(أ) تمثل وعاء تجتمع فيه المعلومات حول النشاط الاقتصادي مما يمكن من تحسين كفاءة ونوعية القرارات الاقتصادية بالاستفادة من تلك المعلومات.

ص: 1183

(ب) توفير السيولة، فالأسواق المالية تعمل كوسيط يؤدي إلى إعادة توجيه المدخرات نحو الأغراض الاستثمارية.

(ج) خلق فرص استثمار جديدة ولذلك لأنها تمثل مكان التقاء قوى العرض والطلب على تلك الفرص.

(د) تسهيل عملية التكوين الرأسمالي بتشجيع الاستثمار في القطاعات المنتجة في الاقتصاد عن طريق تفتيت المخاطر المتضمنة في تلك المشاريع وتشتيتها بواسطة الأسهم والأوراق الأخرى.

(هـ) تقلل من تكاليف الحصول على رأس المال بالنسبة للشركات.

ويعتبر السوق كفيًّا عندما تعكس أسعار الأوراق المالية فيه المعلومات المتوفرة عن وضع المتعاملين والاتجاه العام في الاقتصاد. ويعتبر عندئذ أداة جيدة للاستثمار، أما إذا أخذت الأسعار تتغير بدون وجود أسباب وتغيرات حقيقية أصبح المتعاملون فيه مقامرين همهم المضاربة وليس الاستثمار النافع لأن التغيرات السعرية ليس لها مبرر حقيقي كزيادة ربح الشركة أو فرض الأشياء المتاحة أو تحسين حال الاقتصاد

إلخ.

3-

المؤشرات في الأسواق المالية:

تكتسب المؤشرات في الأسواق المالية أهمية خاصة إذ تعطي فكرة سريعة عن الاتجاهات العامة في السوق، ولذلك فهي توجه المتعاملين نحو اتخاذ القرار الأمثل فيما يتعلق بالاستثمار. ولم تعد تلك هي الوظيفة الوحيدة للمؤشر في الوقت الحاضر بل أصبح هو نفسه أداة يتم المتاجرة فيها وعلى تغيراتها. وأشهر تلك المؤشرات في الولايات المتحدة هو متوسط (دو جونز الصناعي)(Dow Jones Industrial Average) ، وهو مجموع أسعار أسهم 30 شركة مختارة لأهميتها وحجمها مقسوما على رقم ثابت وهو يقيس مستوى الأسعار. ثم مؤشر ستاندرد أندبور 500 (Standard and poor 500) وهو أكثر دقة، إذ إنه يقيس التغير في قيمة حافظة استثمارية مكونة من أسهم 500 شركة. ولكل شركة وزن معتمد على القيمة الكلية لجميع أسهم الشركة في السوق. أما مؤشر Value line فهو يتضمن مسحا لأسهم 1700 شركة ولكنه معتمد على حاصل قسمة السعر السائد اليوم على السعر السائد يوم أمس، ولذلك فإنه يتجه إلى التحيز نحو تقليل النشاط

إلخ. وهناك مؤشرات متعددة في كل دول العالم، ففي بريطانيا يشتهر مؤشر جريدة الفاينانشيال تايمز وفي طوكيو مؤشر نيكي

إلخ. وكل هذه المؤشرات ماركات تجارية تقوم بها شركات وتقدمها إلى المستفيدين مقابل ثمن.

ص: 1184

4-

أهم الأوراق المتداولة في الأسواق المالية:

(أ) الأسهم:

تمثل الأسهم، بشكل عام (1) ، ملكية الشركة المساهمة في حكم هذا النوع من الشركات خلاف لعله الآن حسم، إذ جمهور الفقهاء المعاصرين يقولون بالجواز. ويدور محور الخلاف حول حقيقة السهم، من قال إنه سند بقيمة موجودات الشركة وليس حصة من رأس المال، وإنه شبيه بالنقود الورقية لأنه ورقة مالية يتغير سعرها تبعا لأحوال السوق أفضى به ذلك إلى القول بعدم الجواز (ممن قال بعدم الجواز: النبهاني، تقي الدين، النظام الاقتصادي الإسلامي) ، والذي عليه أكثر من تعرض لهذه القضية من علماء العصر جواز هذا النوع من الشركات، إذا خلت مما يستوجب التحريم كانخراطها في أعمال ربا أو إنتاج سلع محرمة أو ما إلى ذلك. وقد رأوا أن السهم يمثل حصة من رأس المال، وممن قال بالجواز الشيخ محمد أبو زهرة، عبد الوهاب خلاف، على الخفيف، ومحمد يوسف موسى، وعبد العزيز الخياط (الشركات) ، وممن قاسها على شركة العنان أو المضاربة قال بانتهاء الشركة عند انتقال ملكية سهم من شريك إلى آخر ومن ثم بطلان العقد. وقد رد الخياط على ذلك بأن المسلمين عند شروطهم فإذا نص نظام الشركة على رضا الشركاء بانتقال الحصة وقبول الشركاء الجدد فلا وجه للقول بعدم الجواز (الشركات، ج2، ص217) .

(1) إذ إن هناك أنواعا من الأسهم تمثل حصة ودينا على الشركة وهي الأسهم الممتازة.

ص: 1185

ومن الأسئلة الحائرة في موضوع الشركة المساهمة قضية المسئولية المحدودة. فإن من أهم ما تتميز به الصيغة المذكورة هو أن مسئولية حملة الأسهم (الشركاء) المالية محدودة بما دفعوه قيمة اسمية للسهم ولا تمتد لأموالهم الخاصة الأخرى. وللشركة شخصية اعتبارية وذمة مالية مستقلة عن الشركاء. فإذا اقترضت ثم قصرت في الوفاء بالدين ولم تكف أصولها لتغطية ما عليها من التزامات لم يجز – في ظل القوانين الحاضرة – أن يطالب المساهمون بمساعدتها. وهذه الصيغة غير معروفة في الفقه الإسلامي. وقد قال بعضهم إن لها سابقة في الفقه، فقال هي شبيهة بحال رب المال في عقد المضاربة وبالوقف. فرب المال في عقد المضاربة مسئوليته محدودة بما قدم من مال للمضارب ولكن هذا قياس مع الفارق فالشريك وإن كانت مسئوليته محدودة بما قدم في عقد المضاربة، لكن المسئولية على مستوى المجتمع لا تضيع، فالعامل إن كان رب العمل قد اشترط عليه شروطا ثم خالفها فهو مسئول، ومنها تحميل الشركة من الديون وما يفوق إمكانياتها الحقيقية. ثم هل لشركة المضاربة ذمة مالية مستقلة؟ أم أن ذمتها هي ذمة العامل ومن ثم لم تعد المسئولية مضيعة؟ أما الوقف فله ذمة مالية مستقلة وكذلك المسجد وبيت المال وقد بين الخفيف (الشركات لعلي الخفيف) والخياط (الشركات لعبد العزيز عزت الخياط) كيف أن فكرة الذمة المالية التي تعطي لغير الإنسان (شخصية اعتبارية) ليست غريبة على الفقه الإسلامي فهي واضحة المعالم في الوقف والمسجد وفي بيت المال فالوقف مثلا يخرج من ذمة المتبرع به ولا يدخل في ذمة المستفيد بل يبقى مستقلا، ويتحمل الالتزامات المالية مستقلا عن ناظره. ولكن يبقى أن فكرة الذمة المستقلة والشخصية الاعتبارية جديدة في العمل التجاري ليس لها سابقة.

ص: 1186

وتكون على صفة وثائق قابلة للتداول تمثل كل واحدة منها جزءا من رأس مال الشركة الاسمي. ويدفع المساهم الأصلي، أي الذي يشتري الأسهم عند الاكتتاب، القيمة الاسمية غالبا. والقيمة الاسمية هي تلك المسجلة على السهم وربما تقتصر الشركة على طلب جزء من رأس المال المكتتب به فقط (50 % مثلا) . وفي هذه الحالة يكون الشركاء مدينين للشركة بالجزء المتبقي، فإذا أفلست، جاز للقضاء أن يطالبهم بما بقي من مبلغ الاكتتاب لسداد ديونها فمسئوليتهم محدودة ليس بما دفعوه ولكن بالقيمة الاسمية للسهم. إن الميزة العظيمة للسهم بصفة عامة أنه محدود المسئولية، إذ يمكن للمستثمر أن يخسر ما دفعه ثمنا للسهم ولكن تلك الخسارة لا تمتد إلى أمواله الخاصة الأخرى بحال، مع أنه شريك يتمتع بكافة حقوق المالك. لقد جعل ذلك الشركة المساهمة ذات شخصية مستقلة عن ملاكها، وإن كان ترتب عليه زيادة في تكاليف الاقتراض لمحدودية الضمان مقارنة بشركات الأشخاص مثلا (مع أن هذا ليس أمرا مطلقا) . لقد أدى هذا الاستقلال إلى انفصال الملكية (التي يمثلها حملة الأسهم) عن الإدارة (التي يمثلها مجلس إدارة الشركة) . ويفترض من الناحية النظرية أن مجلس إدارة الشركة هو بمثابة الوكيل الذي يحرص على مصلحة المالك الحقيقي ويدير الشركة نيابة عنه، وأنه أي ذلك الوكيل عرضة للتوجيه وللفصل أحيانا من قبل المالك في الاجتماع السنوي للجمعية العمومية. والواقع خلاف ذلك، فالشركة المساهمة الحديثة تبدو تحت التصرف المطلق للمدراء، وفيما عدا الحالات التي تتركز نسبة كبيرة من الملكية في أيد قليلة يكون لها تأثير مباشر على الشركة فإن المتصرف الحقيقي هو المدير لا المالك. على أن على الإدارة دائما ضغوطا خارجية أهمها محاولات الاستيلاء عليها من قبل بعض المساهمين أو الشركات الأخرى الأمر الذي يدفع الإدارة في كثير من الأحيان إلى العمل على إرضاء المساهمين حتى لا يستجيبوا لمثل تلك الضغوط. وتحتفظ الشركة بأسماء وعناوين حاملي أسهمها الذين يمنحون غالبا شهادة واحدة تتضمن عدد أسهمهم. ويمكن بيعها جملة أو أجزاء منها بواسطة تظهيرها إلى الزبون الجديد ثم تسجيل ذلك لدى السمسار أو البنك الذي تعينه الشركة وكيلا لها في ذلك. على أن ترتيب مثل هذه الأمور يختلف من قطر إلى آخر.

والذي عليه الأمر في الدول الكبرى في الوقت الحاضر أن تصدر الأسهم إلى شركة وسيطة تسمى Clearing Corp، تكون باسمهما ويكتفى عند نقل الملكية بين الأفراد بتسجيل ذلك في أجهزة الكمبيوتر التي يحتفظ بها السماسرة والوكلاء.

ص: 1187

ولهذه الأسهم أنواع نذكر منها مايلي

4-

أ-1 الأسهم العادية (Common stock) :

يمثل السهم العادي ملكية الشركة وحصة في رأس مال الشركة وحقا مشاعا في موجوداتها (1) وللسهم قيمة اسمية هي تلك المطبوعة على الوثيقة ويتمتع مالك ذلك السهم بحقوق متعددة أهمها انتخاب مدراء تلك الشركة والذين يقومون بدورهم بتعيين الموظفين التنفيذيين وتوجيه الشركة نحو تحقيق أغراضها المحددة بقرار الإنشاء. ويكون حجم الشركة صغيرا نسبيا فإن أكبر المالكين لأسهمها غالبا ما يتولى موقعا إداريا هاما فيها. وتنظيم قوانين الشركات في كل بلد الطريقة التي يقوم بواسطتها مالكو تلك الأسهم بممارسة ذلك الحق. فمثلا تلزم القوانين عادة تلك الشركات بعقد جلسة للجمعية العمومية (أي: اجتماع لكافة حملة الأسهم)(2) . والمعتاد أن يمثل كل سهم صوتا واحدا في الجمعية العمومية. ومن العسير على جميع حاملي أسهم شركة كبيرة (وقد يعدون بالملايين أحيانا) الاجتماع في وقت واحد ولذلك يغلب توكيلهم لغيرهم (وفي أحيان يوكل أكثرهم شخصا تعينه الشركة ذاتها) للتصويت نيابة عنهم. ويوقعون على ذلك وثيقة (وكالة) كثيرا ما تنشر صيغتها في الصحف أو ترسل إليهم بالبريد قبل موعد الاجتماع تسمى (Proxy) ويمكن لأي مساهم أن يعين نفسه وكيلا ويطلب ثقة أنداده من المساهمين، فيحضر إلى جلسة الجمعية العمومية وهو يحمل أصواتا كثيرة تعطيه ثقلا في توجيه الشركة. ولذلك فقد تستخدم هذه الطريقة لتغيير إدارة الشركة. وأهم وظائف التصويت هو انتخاب مجلس الإدارة، فيعطي لكل سهم صوت، ويختار من المرشحين لمجلس الإدارة من حصل على أغلبية بسيطة. وتعمل بعض الشركات بما يسمى التراكمي (Comulative Voting) ، حيث يمكن لمساهم أو مجموعة من المساهمين أن تصرف جميع أصواتها على مقعد واحد، ثم يختار له من حصل على أكثر الأصوات، وبذلك يستطيع مجموعة من المستثمرين تركيز أصواتهم لإيصال أحدهم إلى مجلس الإدارة.

(1) ولا يجوز تداول الأسهم إلا بعد أن يكون للشركة أصول حقيقية لأن ما يباع عندئذ لا يكون حصة في الشركة ولكنه حصة في نقود، ومن ثم يدخل في باب الصرف لا البيع. فلا يجوز بيعه بأكثر من القيمة الاسمية. فإذا صار للشركة أصول حقيقية كمبان وعقارات وآلات وأثاث وما شابه ذلك صار البيع واقعا على هذه الأصول وليس النقود فقط. وسوف يبقى للشركة دائما أصول نقدية، ولكن ما دامت الأصول الحقيقية هي الغالبة فالأرجح الجواز. وفي معنى الغلبة خلاف، منهم من قال إنها الثلثان وبعضهم قال أكثر وبعضهم قال أقل. وإذا كانت الشركة ممن يتعامل مع البنوك الربوية بالاقتراض بالفائدة أو قبضها في حالة الإيداع، ففي التعامل بأسهمها اشتباه. فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه لعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه فهو لا يخلو أن يكون من أولئك. فإذا علم أن جزءا من الأرباح المتحققة لهذه الشركة إنما مصدره الفوائد على حساباتها في البنوك وجب على المساهم أن يطرح تلك النسبة مما يقبضه منها كأرباح، ويرى بعض العلماء عدم جواز شراء أسهم هذه الشركة

والله اعلم.

(2)

غالبا ما ينتخب ثلث مجلس الإدارة في كل عام حتى لا يتجدد مجلس الإدارة برمته بشكل مفاجئ.

ص: 1188

والغالب أن تكتفي الشركة بإصدار نوع واحد من الأسهم العادية. لكن بعضها (وخصوصا في الولايات المتحدة) تعمد إلى إصدار فئات متعددة من الأسهم العادية يسمى كل منها فئة (مثلا class A، class B، class E) ، فعلى سبيل المثال قد تفرق بين أسهم المؤسسين وبين الأسهم المباعة إلى الجمهور فتقصر حق التصويت لعدد من السنوات على أسهم المؤسسين وتحرمهم من الحصول على حصة من الربح خلال هذه الفترة ويعطي هذا تأكيدا للسوق على حرص المؤسسين على نمو الشركة وأنهم لا يسعون إلى تحقيق ربح عاجل

إلخ. وربما يكون إصدار أسهم من فئة جديدة حلا لضائقة مالية فتصدر أسهما جديدة ترغب في حرمان مالكيها من التدخل في الإدارة للحصول منهم على التمويل فتجعلها فئة مستقلة (مثلا Class E) أو قد تميزها بنسبة أعلى من الربح خلال فترة معينة

وهكذا.

4-

أ-2 الأسهم الممتازة (Preffered Stock) :

السهم الممتاز (وهي التسمية المتعارف عليها) أو المفضل (وهي ترجمة أكثر دقة للتسمية الأجنبية) هو مرحلة متوسطة بين السهم العادي وبين السند الذي سيأتي الحديث عنه، وقد سميت مفضلة لأنها مفضلة على الأسهم العادية في استحقاق الربح وفي ضمان القيمة الاسمية والسبق إلى متاع الشركة في حال تصفيتها. وهو أنواع متعددة يكون أحيانا أقرب إلى السهم العادي منه إلى السند وأحيانا العكس من ذلك (1) . فإذا كان من فئة الأسهم فهو وثيقة ملكية لكنه يمتاز على الأسهم العادية بأولويته في الحصول على الربح وفي التعويض عند تصفية الشركة. وإذا كان أقرب إلى السند كان مضمون العائد كنسبة معينة تصرف عند تحقق الربح وتتراكم سنة بعد سنة عندما لا يتحقق الربح فتدفع جميعا في أول فرصة (وقد يصل إلى حد اضطرار الشركة إلى الاقتراض لدفع العائد الموعود) . وتدفع الأرباح المستحقة على الأسهم الممتازة قبل أن يستحق حملة الأسهم العادية أي ربح لأن الربح على الأولى دين على الشركة مستحق الوفاء. وربما تكون لها مدة محددة تقوم الشركة في نهايتها بدفع القيمة الاسمية لذلك السهم أو تحويله إلى نوع آخر من الأوراق المالية كالأسهم العادية أو السندات. وفي أحيان تلتزم بشرائها بثمن يزيد على قيمتها الاسمية. والغالب أن السهم الممتاز قريب من السند ولذلك يسري عليها جل ما سنذكره عن السندات أدناه ولكنه يختلف عنه في أن الشركة المصدرة لا تدفع (كقاعدة عامة) فوائد تأخير عندما لا تدفع الربح إلى حامل السهم الممتاز وإنما تكتفي بتراكم تلك الأرباح.

(1) الأسهم الممتازة أنواع مختلفة يصعب الحكم عليها حكما عاما إذ إن ذلك يعتمد على الخصائص الأساسية لكل سهم. وقد ذكرنا أنها تتأرجح بين السند (وثيقة دين) وبين السهم العادي (وثيقة مشاركة) . فالأرجح أن النوع الأول يحكم عليه بما آل إليه وهو السند الربوي الذي لا يجوز. أما النوع الثاني فإنه قريب من السهم العادي ولا يزيد عليه إلا بضمان الربح لحامله. وسبقه إلى متاع الشركة عند إفلاسها. وضمان الربح لجزء من المساهمين دون غيرهم فيه ظلم للعموم، والأرجح عدم جوازه

ص: 1189

4-

أ-3 الأسهم الممتازة ذات العائد المتغير (Adjustable-rate Pref-Stock) :

لم يظهر هذا النوع من الأسهم إلا قبل سنوات قليلة، وفيه يكون العائد مربوطا بنسبة مئوية مضافة أو مطروحة إلى عائد ورقة مالية أخرى متداولة في السوق. فمثلا قد يصدر السهم الممتاز ويحدد عائده السنوي بأنه نسبة العائد على سندات الخزانة الأمريكية ذات التسعين يوما (Treasury Bills) ، يضاف إليها (أو يطرح منها) نسبة 1.25 % مثلا أو أقل من ذلك أو أكثر. أو قد تربط بسعر الفائدة الذي يسوده على القروض بين البنوك في سوق لندن المالية، المسمى ليبور.

4-

أ-4 أسهم التمتع:

يقدم المساهم حصة فيحصل على أسهم رأس المال التي تستمر استمرار الشركة ولا تعود إليه إلا عند انقضائها. أما أسهم التمتع فإن قيمتها الاسمية ترد إلى المساهم أثناء حياة الشركة، وتسمى هذه العملية استهلاكا للأسهم. فإذا استردها أصبح مساهما متمتعا. وترد إليه تدريجيا أو مرة واحدة إلى أن يسترد جميع ما دفعه للشركة مع بقاء استحقاقه للربح. والشركات التي تعمد إلى مثل هذه الطريقة هي تلك التي تكون محددة بفترة معينة أو تلك التي لا يؤمل أن يكون بيدها عند الانقضاء أصول توزع على حاملي الأسهم، مثال ذلك الشركة التي تستغل منجما بامتياز من الحكومة له سنوات محددة، فربما ينتهي ما بالمنجم من معدن فلا يعود بيد الشركة ما يستحق أن يوزع على المساهمين، أو ربما التزمت بأيلولة ما تملك عند انتهاء العقد إلى الحكومة فتعمل على تعويض المساهمين بإعادة القيمة الاسمية لهم. ولا تجيز كثير من القوانين عملية الاستهلاك المذكورة إلا أن يكون مصدرها الربح أو الاحتياطات وليس رأس المال. وقد يتم الاستهلاك بالقرعة لعدد محدود من المساهمين. وقد تنشئ الشركة أسهما تشترط لحملتها الاستهلاك، فتكون أسهم تمتع ابتداء. وفي أغلب الأحوال يستمر لحملة أسهم التمتع حق حضور الجمعية العمومية للشركة والتصويت فيها (1) .

4 – ب السندات:

السند ورقة ذات قيمة تتضمن تعهد مصدرها بدفع فائدة دورية في تاريخ محدد لحاملها (وأحيانا لمالكها المسجل في دفاتر الشركة) ثم دفع القيمة الاسمية المطبوعة عليها في تاريخ محدد. ولا يقتصر إصدار السندات على الحكومة إذ تعمد المؤسسات والشركات الخاصة في كثير من الدول إلى إصدارها.

(1) الأرجح أن عملية الاستهلاك المذكورة لا تجوز إلا ضمن شروط منها أن يكون استهلاك السهم من الربح لأن رأس المال فيه حق للدائنين، أن لا تضمن الشركة لحملة الأسهم رأس مالهم لأنها إن ضمنت لهم ذلك انقلب السهم إلى قرض لا مشاركة. ومنها أن لا يفرق بين أنواع من المساهمين بعضهم يكون متمتعا وبعضهم لا يتمتع. وقد أجاز بعضهم حالة الاستهلاك التي يتم فيها استهلاك نسبة من جميع الأسهم أي 5 % أو 10 % ولا يختص فيها مجموعة من المساهمين دون أخرى (أنظر: البقمي صالح بن زابن المرزوقي، شركة المساهمة في النظام السعودي ص371.

ص: 1190

والسند وثيقة دين لا ملكية، ولذلك يعامل مالكه كمقرض للشركة تسري عليه القوانين المنظمة للعلاقة بين الدائن والمدين. وليس من حقه المشاركة في إدارة الشركة أو عضوية جمعيتها العمومية وإن كان لبعض السندات حق التصويت كما سيأتي تفصيله.

كان للسندات، رغم أنها أقدم من الأسهم، أهمية ثانوية في أسواق المال، ولكن التذبذب الذي تعرضت له الأسهم في السنوات الأخيرة حول المتعاملين في السوق إلى الأوراق ذات العائد الثابت (وأهمها السندات) ، حتى صارت تمثل في الوقت الحاضر الجزء الأكبر من الأوراق المالية المتداولة في أسواق الدول المتقدمة. وإذا كان السند مضمونا برهن حيازي سمي Bond. وقد يكون الرهن جميع ممتلكات الشركة من عقار ومصانع وآلات

إلخ. وعندها يسمى Mortgage Bond. فإذا فشلت الشركة المصدرة في دفع الفوائد أو القيمة الاسمية للسند، تقوم الجهة المشرفة على الإصدار ببيع ممتلكاتها حتى يتم الوفاء بذلك الالتزام. وقد يكون الرهن مقتصرا على ما سوف تتملكه الشركة من أصول بعد تاريخ إصدار السند، أي التي استخدمت حصيلة بيع الإسناد لشرائها (After-Aquired property clause) ، فلا يكون مضمونا إلا بما تمتلكه الشركة بعد حصولها على مبالغ السندات المصدرة. وقد تتعهد الشركة عند إصدارها لتلك السندات المضمونة بعدم إصدار أي سندات جديدة مضمونة بنفس الممتلكات فتسمى السندات عندئذ (Closed-end Bond) ، أما إذا لم تتعهد فإنها تسمى (Oper- end Bond) ، وتكون عادة أقل قيمة في التداول نظرا إلى أن نفس الأصول السابقة سوف تمثل ضمانا لعدد أكبر من السندات، الأمر الذي سيعني أن حصة الدائن عند تصفية أموالها ستكون أقل. ويسمى الإصدار الثاني المرهون بنفس الممتلكات (Mortgage bond Second and third) ونادرا ما يتعدى إلى رابع أو خامس، أما إذا كان السند غير مضمون برهن حيازي فإنه يسمى (Debenture) ، ويكون الضمان عندئذ هو سمعة الشركة المصدرة ومركزها المالي وثقة المتعاملين بها (1) . وقد تعمد الشركات إلى إصدار أنواع من هذه الأسهم ليس مضمونا بأي شيء ويستخدم في أعمال يكتنفها قدر كبير من المخاطرة مثل محاولة امتلاك شركة أخرى أو ما شابه ذلك. ويسمى هذا النوع في الولايات المتحدة سندات القمامة (Jink bond) ، وتكون أسعار الفائدة عليه عالية جدا ولكن احتمال استرداد قيمته الاسمية قليل نسبيا.

والسندات الحكومية هي في الحقيقة من نوع debentures لأنها غير مضمونة إلا بسمعة الحكومة وثقة الناس بها وحقيقة أن الحكومة لا تفلس (إلا في حالات نادرة جدا) .

(1) وقد تتضمن وثيقة الإصدار وعدا بتحويل الـ (debenture) إلى (Bond) عندما تقوم الشركة بإصدار سندات مضمونة.

ص: 1191

وللسندات مدد مختلفة أقصرها 90 يوما. ولكن بعضها يمتد إلى مائة عام (1) . وتستمر الشركة المصدرة بدفع فوائد سنوية (أو دورية) على تلك السندات حتى يحين وقت استردادها. على أن بعض السندات تصدر بدون مدة فهي تستمر لحين قيام المصدر باستدعائها أو شرائها من السوق.

وفي البلدان التي يكثر فيها إصدار المؤسسات الخاصة للسندات تتخصص بعض الشركات في إصدار تقويم دوري (rating) للسندات. ويقوم مصدر السند بدفع اشتراك يمكنه من الاستفادة من خدمات تلك الشركات فتقوم الأخيرة بمراقبة الوضع المالي للمصدر ثم تعطي سنداته عيارا محددا يكشف مدى قدرته، في نظر المقوم، على الوفاء بالتزاماته نحو دفع الفائدة السنوية والقيمة الاسمية للسند (2) .

4-

ب –1 (أ) السندات ذات الأصول (Voting bonds) :

بخلاف السندات المعتادة، يعطي هذا النوع حامله حق الاشتراك في التصويت في الجمعية العمومية للشركة. وتميل الشركات إلى إعطاء هذا الحق عندما تكون ثقة المستثمرين في إدارتها قليلة ولذلك يقبلون إقراضها بشراء أسهمها على شرط أن يشاركوا في توجيه الإدارة، فيعطى لهم حصة التصويت.

4 – ب – 1 (ب) السندات المشاركة (Participating bonds) :

وهذه شبيهة بالسندات المعتادة، يضمن فيها سعر فائدة محدد ولكنها تتميز بوعد من الشركة بإضافة نسبة أخرى إذا تحقق لها ربح يسمح بذلك وكأنها مشاركة بالربح. فهو شرط معلق على تحقق معدل معين من الربح فإذا لم يتحقق لم يستحق حامل السند إلا النسبة الأولى فقط.

4 – ب – 1 (ج) السندات القابلة للتحويل (Convertible bonds) :

ويكون لحامل هذا السند، إذا نصت على ذلك وثيقة الإصدار حق تحويله إلى سهم عادي أو ممتاز أو نوع آخر من الأوراق المالية التي تصدرها الشركة.

4 – ب – 1 (د) السندات القابلة للاستدعاء (Callable bonds) :

عندما لا يكون للسند مدة محددة، أو تكون مدته طويلة بحيث ترغب الشركة المصدرة أن تعطي نفسها فرصة سداد القرض قبل نهاية المدة، فإنها تشترط القابلية للاستدعاء (أو الحق في الإطفاء) . فإذا اشترطت استرداده بالقيمة الاسمية فإن إقبال المستثمرين عليه يكون متدنيا، لأن الشركة ربما تستدعيه في وقت ارتفاع سعره فلا يستفيدون من بيعه، أو في وقت تكون أسعار الفائدة الثابتة عليه أعلى من تلك السائدة في السوق.

(1) مثل السندات التي أصدرتها في عام 1895م شركة (Santa Fe) الأمريكية والتي تستحق في 1995م.

(2)

وأشهر هذه الشركات في الولايات المتحدة ستاندرد أند بور (Standard and Poor) وموديز (Moodys) وكلاهما يصدر نشرة دورية تتضمن تقديمها لإصدارات الشركات المشتركة. وعلى سبيل المثال عندما تصف ستاندرد أند بور السند بأنه من فئة (AAA) ، فهذا يعني أنه لا يتضمن تقريبا أية مخاطرة فهو مأمون. (وبنفس المستوى معدل (A a a) في مقياس موديز) وأقل منه (A A) ثم (B B)

ص: 1192

ولذلك ربما يعطون ضمانات بأنها لن تفعل ذلك خلال السنتين أو الثلاث الأولى. وربما تكون الطريقة كما يلي: تبيع الشركة السند وتشتري (من مشتريه) خيارا يتضمن الحق في شرائه عند سعر محدد غالبا ما يكون قيمته الاسمية.

4 – ب –1 (هـ) سندات الادخار (Saving bonds) :

لا يعتمد كثيرا على التسميات في التفريق بين حقيقة السندات، فهي في الغالب تسمى أسماء تشير إلى الهدف النهائي الذي يرجى أن تحققه، أو الغرض الذي تخدمه.

فسندات الادخار الأميركية على سبيل المثال: (U.S Saving bonds) تصدرها الحكومة وتباع مباشرة إلى الأفراد وإلى عدد قليل من الجمعيات والشركات، وما إلى ذلك. وهي غير قابلة للتداول، وهناك حد أعلى لما يمكن للفرد أن يشتريه منها (15.000 دولار) . وقد تدفع الفائدة فيها نصف سنوية، والأغلب أن تؤجل إلى نهاية مدتها التي تختلف وإن كان الغالب فيها أن تكون عشر سنوات. وتتغير شروط إصدارها كثيرا، فقد حددت في 1984م بسعر فائدة عائم يمثل 85 % من العائد على سندات الحكومة الأخرى.

من الجلي أن هذه السندات شبيهة بالسندات المعتادة، إلا أنها تقل عنها في عدم تداولها. ولذلك فإن الحكومة عند بيعها للناس تخاطب فيهم الروح الوطنية، والتضحية من أجل صالح الحكومة.

4 – ب – 1 (و) السندات المعفاة من الضريبة (Tax-excempt bonds) :

يلعب نظام الضرائب دورا مهما في توجيه النشاط الاقتصادي في أي قطر، وذلك يخلق الحوافز التي تدفع الأفراد والمؤسسات إلى نوع معين من الأعمال (بخفض تكاليفها) ، وبعيدا عن أنواع أخرى (برفع تكاليفها) . ولا يظهر هذا في أي بلد كما يظهر في الولايات المتحدة. ولذلك يستخدم نظام الضرائب المركزي (الحكومة الفيدرالية) والمحلي (حكومات الولايات وسلطات المدن) لتحقيق مثل تلك الأغراض. ويعتمد تمويل النشاط الحكومي، على كافة المستويات في تلك البلاد، على الضرائب والديون. وتصدر السلطات المحلية أنواعا لا تكاد تعد من سندات الدين، تختلف باختلاف المكان والغرض والجهة المصدرة

إلخ.

والسندات التي تصدرها السلطات المحلية المذكورة، تتضمن مخاطرة تقل عن السندات التي يصدرها القطاع الخاص، لا سيما عندما يكون للجهة المصدرة حق فرض الضريبة، ولكنها تزيد مخاطرة عن السندات التي تصدرها الحكومة الفيدرالية التي تعد أكثر ضمانا وأمانا. وعلى ذلك فإن سعر الفائدة المتوقع على السندات المحلية يجب أن يكون أعلى من السندات الفيدرالية، الأمر الذي سيجعل تكاليف إصدارها أكبر نسبيا. ولذلك فقد جرت العادة أن تعفى السندات المحلية من الضرائب الفيدرالية حتى يمكن أن يدفع عليها سعر فائدة أقل نسبيا. والإعفاء يقصد به إعفاء الدخل المتحقق لحامل السند وليس السند ذاته. ولذلك يخلق هذا حافزا قويا لدى الأثرياء ولدى بعض الشركات بشراء هذه السندات التي تحقق دخلا معفي من الضريبة، خصوصا إذا كانت دخولهم الأخرى قد وصلت، من سلم الضريبة، إلى أعلى الشرائح.

ص: 1193

وقد توسعت الحكومة الأميركية في الوقت الحاضر في إعفاء بعض السندات من الضريبة، فأصبح للجامعات حق إصدار سندات معفاة، بل ولبعض الشركات الخاصة أن تصدر سندات معفاة تمول بها تجهيزات تنظيف والمحافظة على سلامة البيئة وما إلى ذلك من النشاطات المرغوبة لمصلحة المجتمع. ولا تختلف هذه السندات عن السندات الحكومية الأخرى عدا أن الفوائد المدفوعة عليها لا تقتطع منها ضريبة دخل بعد أن تتحول إلى حسابات مالكيها، كما هو الحال في الأنواع الأخرى من السندات.

4 – ب –1 (ز) السندات المربوطة بالقوة الشرائية للنقود (Indexed bonds) :

أصبح التضخم، وهو الارتفاع الملموس والمستمر في مستوى الأسعار من حقائق الحياة المعاصرة. ومن آثار حدوث التضخم تدهور القوة الشرائية للنقود، وهو أمر يلحق الضرر بالدائنين ومنهم حملة السندات باعتبار أنها وثائق دين. ونظرا إلى أن الدائن إنما ينظر إلى العائد الحقيقي، لذلك ربما لا يكون في سعر الفائدة المضاف إلى السند الكفاية لتحقيق زيادة حقيقية في قيمة الدين. وربما لا تكون المشكلة ملحة عندما تكون مدة السند قصيرة مثل السندات ذات مدة ثلاثة أشهر أو ستة، ولكن بالنسبة للسندات التي تمتد إلى سنوات طويلة تبرز الحاجة إلى ترتيب مختلف. منها أن لا يحدد سعر الفائدة كنسبة ثابتة بل تصدر بنسبة متغيرة وتسمى (Variable or Floating rate) ، وغالبا ما تكون مربوطة بسعر يتحدد في سوق حرة مثل ليبور وهو سعر فائدة الإقراض بين البنوك في سوق لندن أو (Prime rate) وهو سعر الفائدة على القروض إلى أفضل الزبائن في سوق نيويورك ومن هذه السندات ما يكون مربوطا بمؤشر تكاليف المعيشة (Consumer Price Index) ، وهو المؤشر الذي تصدره سلطة حكومية متخصصة الذي يساعد على معرفة التغير في القوة الشرائية للنقود. ومنها تلك المسماة سندات (Granny) في بريطانيا، وهي نوع من شهادات الادخار التي تصدرها الحكومة لصالح الموظفين والعمال. فهي ذات مدة طويلة وتدفع فوائدها بعد مضي عدد من السنوات كنسبة مئوية تزيد على معدل الارتفاع في مستوى الاسعار. وتمثل برنامجا تقاعديا يمكن للمرء أن يشترك فيه فيدفع القيم الاسمية خلال سني عمله ثم يقبض الفوائد المصححة برقم وتكاليف المعيشة عندما يقرر التقاعد. ولا يسمح بشرائها عادة إلا للأفراد من الموظفين. فلا تمثل أداة استثمارية قابلة للتداول لجميع المستثمرين، ومع أن أنواعا من السندات المربوطة بتكاليف المعيشة تلقى قبولا وشعبية في بريطانيا إلا أن الأمر ليس كذلك في الولايات المتحدة ويعتقد بعض الباحثين أن مقدار المخاطرة المتدني يبعد عنها المضاربة.

ص: 1194

4 – ب – 2 لماذا تستخدم الشركات التمويل بالإسناد أحيانا والأسهم الممتازة أحيانا أخرى؟

إن اختيار التمويل بإصدار سهم ممتاز أو سند إنما يعتمد غالبا على نظام الضرائب فنجد في الولايات المتحدة مثلا أن المؤسسات تميل إلى إصدار السندات حتى إنها ربما بلغت عشرة أضعاف الأسهم الممتازة وذلك يعود إلى أن ما يدفع على السند يأتي ضمن نفقات النشاط الإنتاجي فيطرح من مجمل الدخل مما يقلل من نسبة الضريبة التي تدفعها الشركة إلى الحكومة بينما أن ما يدفع على السهم الممتاز يعد ربحا لا يحسب ضمن التكاليف. ولكن من الناحية المقابلة فإن الضريبة التي تدفع على الدخول بالنسبة للمؤسسات في الولايات المتحدة هي أعلى عندما يكون مصدر الدخل فائدة السندات بينما يمكن إعفاء جزء كبير من الدخل من الضريبة إذا كان مصدره أرباح الأسهم مما يخلق حافزا لدى الشركات (وليس الأفراد) على شراء الأسهم الممتازة. إذا فإن الاختيار يعود في النهاية إلى ما يترتب على نوع الورقة المالية من تكاليف على المصدر.

4 – ب – 3 ضمان السندات:

إن الميزة الرئيسية للسند على السهم أنه ذو عائد ثابت، وأن أصله (قيمته الاسمية) مستحق الأداء في تاريخ لاحق. ومن ثم فإن مقدار المخاطرة التي يتحملها المستثمر عند شرائه للسند (مقارنة بالسهم) متدنية نسبيا. وتختلف السندات في هذه الناحية، فبعضها مأمون تماما كتلك التي تصدرها الحكومة (خصوصا الحكومة الأميركية) ، وبعضها يتضمن مخاطرة عالية كتلك التي تصدرها شركة صغيرة ناشئة لتمويل مشروع غير مضمون النجاح.

ولا غرابة في أن سعر الفائدة (والعائد) على النوع الأول سيقل كثيرا عن النوع الثاني. ورغبة في الاستفادة من العائد العالي نسبيا يمكن للمستثمر أن يؤمن على القيمة الاسمية ومدفوعات الفائدة على بعض أنواع السندات لدى شركات التأمين. ويتم ذلك بشكل خاص (في الولايات المتحدة) على أنواع السندات التي تصدرها السلطات المحلية.

فقد تصدر إدارة التربية والتعليم في إحدى المقاطعات سندا لتمويل أشغالها، وهو سند معفى دخله من الضريبة، ولذلك يكون مغريا للمستثمر. ولكن تلك الإدارة ليس بيدها فرض الضرائب، ولذلك فإن دخلها الذي ستدفع منه الفائدة والقيمة الاسمية سيعتمد على الوضع الاقتصادي لسلطة الولاية الأمر الذي يدخل احتمال الإفلاس والعجز عن السداد. يمكن في هذه الحالة التأمين بدفع مبلغ زهيد عادة كرسم للتأمين (يخصم من مجمل نفقات الشركة لأنه نوع من التكاليف) . والغالب أن هذا النوع من السندات فقط هو القابل للتأمين.

ص: 1195

وفي كثير من الأحيان تقدم الحكومة الفيدرالية ذاتها ضمانا على بعض إصدارات السندات. فمثلا تصدر مؤسسة بناء المنازل أسنادا تمول بها نشاطاتها. لا شك أن قدرتها على الحصول على تمويل رخيص نسبيا إنما تعتمد على مقدار المخاطرة المتضمن في تلك الأسناد. ونظرا إلى أنها تضطلع بعمل نافع للمجتمع تقوم الحكومة الفيدرالية بضمان القيمة الاسمية ومدفوعات الفائدة على تلك الأسناد، مما يشجع الأفراد على شرائها. والأمثلة متعددة على مثل ذلك الضمان.

4 – ب - 4 السندات الحكومية عامة وسندات الحكومة الأميركية:

تتجه أكثر الدول في الوقت الحاضر إلى الاقتراض بإصدار السندات. وتمثل السندات الحكومية في أكثر دول العالم أهم الأوراق المالية ذات العائد الثابت في أسواق المال. وتتميز بانخفاض المخاطرة فيها وضمان العائد. والسندات هي وثائق دين على الحكومة، وفي أكثر الأحيان تستخدم هذه المبالغ لتمويل النفقات الجارية لا نفقات الاستثمار. والأغلب أن الفائدة على السندات القديمة إنما تمول عن طريق إصدار سندات جديدة إذا لم تستطع الحكومة زيادة إيراداتها بفرض ضرائب جديدة مثلا تعليق وقد ظن قوم أن للسند الذي تصدره الحكومة صفة مختلفة عن الدين، وطبيعة تميزه عن عقد القرض الربوي، فقال بجوازه قياسا على أن لا ربا بين العبد وسيده تارة، وأن لا ربا بين الأب وأبنائه تارة، وأخرى أنها مكافأة تقدمها الحكومة للمدخر كما يشجع الرجل أبناءه على بعض العادات الحسنة بمنحهم جائزة، وثالثة أن ما يدفع هو الربح في عقد مضاربة وأن مصدر الزيادة هو ملك الربح. والقول أن لا ربا بين العبد وسيده فيه خلاف، ومن قال بجوازه (أي لا ربا بين السيد وعبده) ، كالأحناف، إنما بنى الحكم على افتراض أن العبد وما ملكت يداه ملك لسيده فكأن الذمة المالية صارت واحدة كمثل أن يأخذ الرجل من جيبه الأيمن فيضع في الأيسر. فالعبد مملوك لسيده، ومال العبد مال سيده فما يقع بينهما ليس بيعا ولا قرضا فالزيادة فيه ليست ربا. فإذا اختلفت الذمة فالإجماع على عدم الجواز ولا خلاف في ذلك. يقول صاحب البدائع في بيان شرط ما يجري فيه الربا:(فإذا كان (البدلان) ملكا لواحد لا يجري فيه الربا وعلى هذا يخرج العبد المأذون إذا باع مولاه درهما بدرهمين

لأنه إذا كان العبد وما ملكت يداه لمولاه فكان البدلان ملكا للمولى فلا يكون هذا بيعا فلا يتحقق الربا

) ولا تجوز إذا كان العبد مكاتبا لتعلق الدين بذمته. وقد وقع للحسن بن علي رضي الله عنه حادثة مشهورة ذكرها ابن حزم في المحلي تدل على أن للعبد ذمة مستقلة ومن ثم فإن الربا يقع بينه وبين سيده حتى لو كان ماله يئول إلى السيد.

ص: 1196

أما القول بأن المعاملة المذكورة (أي اقتراض الحكومة عن طريق إصدار السندات) شبيهة بالعلاقة بين الأب وأبنائه، فهو قياس مع الفارق. فإن كان للأبناء ذمة مالية مستقلة عن الأب، فلا ريب في وقوع الربا بينها وهذا أمر واضح. فإن قلنا (جدلا) إن الذمة المالية للأب تحتوي الابناء (ولا أظن أحدا يقول بذلك) ، لم يعد للقرض معنى ابتداء، إذ كيف يقترض الرجل من نفسه ثم يزيد عند السداد. ولا وجه للمقارنة بين العلاقتين المذكورتين (الدولة ورعاياها والأب وأبنائه) ، فإن الفرق بينهما أبين من أن نزيد في توضيحه. فإن قيل إن السند قرض حسن غرضه إرفاق المسلمين بحكومتهم وإن الزيادة فيه من قبيل الهبة والتبرع أو منحة تقدمها الحكومة لأبنائها لأن القرض جائز والتبرع جائز. رد على ذلك بالقول أن العبرة بالمعاني لا بالألفاظ والمباني. فإن تبرع الحكومة المذكور ليس عاما لكل أبنائها، وليس خاصا للفقراء والمحتاجين وذوي العوز والحاجة منهم بل هو أمر ترتب على فعل محدد هو القرض المتمثل بشراء السند المضمون، فدل على أن هذه زيادة ربوية. فإن قيل إن الحكومة تعطي هذه الزيادة تشجيعا للادخار كالأب يشجع أبناءه على الادخار بأن يعطيهم مكافأة على سبيل الهبة رد على ذلك أولا أن التشجيع لم يقع على الادخار فإن للادخار أوجها كثيرة لا تعطي الحكومة عليها مكافآت فدل على أن غرضها ليس تشجيع الادخار، ثم إن هذه هبة مشروطة بالعوض، والهبة المشروطة بعوض هي عقد معاوضة والمعاوضة في القرض ربا. وحقيقة المعاملة أنها قرض فالزيادة فيه لا تجوز. أما القول بأن ما يدفع على السند هو ربح ناتج من مشروعات الحكومة فدون قبوله خرط القتاد. فمن وجه كيف تحقق الحكومة الربح وأكثر قرضها للنفقات الجارية؟ فحصيلة هذه السندات إنما تصب في ميزانية الحكومة ولا تخصص لمشروع بعينه بمحاسبات مستقلة تكون مصدرا لما يدفع كعائد على تلك السندات. ثم لو كان ربحا ترتب على نشاط تجاري أو صناعي فكيف تضمن الحكومة في أول العقد أمرا لم يتحقق بعد، وتحدد نسبته وهو لم يقع؟ والسند مضمون القيمة الاسمية لحامله، فيكف يستحق مالكه ربحا (إذا جاز تسميته الزيادة فيه ربحا) وهو لا يضمن المال إذا هلك؟ وتحريم ربح ما لا يضمن معروف. ثم إن الحكومة ضامنة لرأس المال والزيادة عليه فلذلك قرض ربوي (وإن سمي بغير ذلك) حتى لو استخدم في مشاريع تدر الربح ودفع العائد من الربح المتحقق فإن الضمان المذكور يخرجه من صفة الشركة إلى الدين. والله أعلم. .

ص: 1197

وتقدم السندات التي تصدرها الحكومة الأميركية مثالا على سندات الدين العام التي انتشر العمل بها في أكثر الدول في الوقت الحاضر. وتعد سندات الخزانة الأميركية من أكثر الأوراق المالية تداولا على مستوى الأفراد والحكومات لعظم الثقة فيها وبمصدرها وهي الحكومة الأميركية. وتنقسم تلك السندات إلى ثلاثة أنواع رئيسية: قصيرة الأجل ومدتها ثلاثة إلى ستة أشهر وتسمى (Treasury Bills) وتباع أسبوعيا بالمزاد العلني. ويمثل الفرق بين سعر شرائها بالمراد والقيمة الاسمية المطبوعة عليها سعر الفائدة المتضمن. فمثلا قد يباع السند من فئة 10.000 دولار بالمراد بمبلغ 9.000 دولار. وفي نهاية المدة يسترد حاملة القيمة الاسمية بعد أن كان قد دفع مبلغا يقل عنها بمقدار 1.000 دولار فكأن الفائدة عليه هي قدرها 10 % ومن الواضح أن سعر الفائدة الذي سيتحقق في هذا النوع من السندات هو – منذ البداية – معتمد على العرض والطلب لأنه سيعتمد على الفرق بين القيمة الاسمية وسعر الشراء.

ص: 1198

أما النوع الثاني فمدته تتراوح بين سنة إلى سبع سنوات ويسمى (Treasury Notes) والثالث من سبع إلى 25 سنة ويسمى (Bonds) وكلاهما يباع بقيمة ثابتة ويدفع فائدة دورية (نصف سنوية) طول مدته ثم يسترد مالكه قيمته الاسمية في نهاية تلك المدة.

ورغم أن السند يدر عائدا ثابتا، فإن امتلاكه يتضمن قدرا من المخاطرة حتى لو كان حكوميا، ذلك أنه غير مضمون ضد تغير القوة الشرائية للنقود، كما أن سعر السند يتقلب اعتمادا على سعر الفائدة السائد، فإذا ارتفعت أسعار الفائدة السائدة على أنواع القروض والودائع انخفضت أسعار السندات، والعكس صحيح.

4 – ب – 5 أنواع أخرى من السندات الحكومية:

تصدر البنوك في بعض الدول سندات دين لصالح الحكومة تسمى شهادات استثمار وتقسم هذه السندات أحيانا إلى مجموعات مشابهة لسندات الخزينة الأميركية مع بعض الاختلاف منها:

المجموعة (أ) : وهي سند مدته عشر سنوات لا يجوز للمالك استرجاع قيمته قبل انتهاء هذه المدة. وعند نهاية تلك المدة يحصل المالك على القيمة الاسمية – أي المبلغ الذي دفعه ثمنا للشهادة يضاف عليها ما تراكم من فوائد بالنسبة المتفق عليها (1) .

المجموعة (ب) : وهي سند دين يعطي المالك حق قبض الفوائد المتحققة للشهادة كل سنة، وبعضها كل ستة أشهر حسب شروط الإصدار ثم له أن يسترجع القيمة الاسمية في نهاية المدة (2) .

المجموعة (ج) : وتسمى الشهادات ذات الجوائز حيث تتم عملية سحب دورية ليفوز فيها بعض حملة تلك الشهادات بجوائز مالية اعتمادا على نتيجة (اليانصيب) .

(1) هذا سند دين سمي شهادة استثمار مجازا. والسند وثيقة دين، وهو يتضمن قرضا يقدمه حامل السند إلى مصدره. والحكم فيه جلي. فإن كان قرضا بزيادة كما هي المعاملة السائدة فهو غير جائز لأن الفائدة فيه هي عين ربا النسيئة المقطوع بحرمته. ولا يغير من الأمر شيئا أن تكون هذه الفائدة ثابتة كنسبة مئوية من قيمته الاسمية أو أن تكون متغيرة كأن تربط بالفائدة السائدة في وقت الاستحقاق أو ما إلى ذلك لأن الحكم في ذلك قاطع:{فَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} الآية فكل زيادة هي ربا

(2)

الحكم في هذا النوع من السندات هو عدم الجواز. لأن السند وثيقة تتضمن قرضا من حاملها إلى مصدرها، وكل زيادة في القرض تعد من الربا المحرم. والعبرة بالمعاني وبحقيقة العقود لا بأسمائها. وبما أن الدائن (المقرض) قد دفع مبلغا للمقترض، والتزم الأخير برده سالما وزيادة فهو عين ربا النسيئة.

ص: 1199

ولا يترتب عليها فوائد لحامل السند (1) .

4 – ب – 6 سندات حكومية بعملات أجنبية:

يصدر البنك المركزي في بعض البلدان سندات تسمى سندات التنمية الوطنية، وهي تباع على نطاق واسع في الأسواق الدولية، وتصدر بالدولار الأمريكي بفئات متعددة تبدأ بفئة 25 دولار حتى فئة 10.000 دولار. وهي سند دين يدفع البنك المركزي عليه فائدة تساوى الفائدة التي ترد في سوق لندن على القروض بين المصارف التجارية (ليبور) يضاف إليه نصف في المائة أو أكثر أو أقل وهي تتمتع غالبا بحقوق واسعة منها أنها معفاة من كل أنواع الضرائب ومن أنواع القيود الأخرى مثل قيود التحويل....إلخ. ويجوز لحاملها استبدالها بشهادات استثمار. وتطرح هذه السندات مرة كل شهر (2) .

5-

أهم المعاملات وأنواع العقود في أسواق الأوراق المالية:

5 – (أ) الشراء بكامل الثمن:

وهذا هو المعتاد في البيع. وهو يحدث في أسواق الأسهم والسندات، فيدفع المستثمر كامل قيمة الأوراق المالية التي يشتريها من البائع. ولا نعرف بالضبط ما هي نسبة المعاملات في الأسواق المالية الرئيسية التي تتم بهذه الطريقة ولكننا نرجح أنها ليست كبيرة في الدول التي يسمح فيها بالاقتراض من البنوك والسماسرة للمضاربة في أسواق المال. والذي يجري في أكثر تلك الأسواق هو أن يفتح المستثمر حسابا مع السمسار شبيه بالحساب المصرفي. منه حساب نقدي (Cash account) وهذا يشبه الحساب الجاري في البنك، يودع فيه المستثمر ماله الذي يرغب في أن يستخدمه السمسار للشراء لصالحه، ويودع فيه السمسار ما يتحقق للمستثمر من أرباح أسهم أو فوائد سندات أو أثمان بيع

إلخ.

(1) يثور حول هذا النوع من السندات خلاف كبير في الوقت الحاضر، ولعل مرد هذا الخلاف هو عدم فهم حقيقة أن هذا السند وثيقة تتضمن قرضا من حامله إلى مصدره. وكل زيادة في القرض غير جائزة. وربما قال بعضهم إن الزيادة فيه ليست على صورة الفائدة، ولكنها هدية لتشجيع الناس على شراء تلك السندات بيد أن الأمر ليس كذلك. فمن جهة المعروف عرفا كالمشروط شرطا، فإذا نص في وثيقة الدين على هذه المكافأة الدورية ولجت المسألة في باب الربا. ثم إن مشتري السند إنما يفعل ذلك رغبة في الحصول على تلك الجائزة فكأنه قد دخل في عقد قرض وعقد آخر يتضمن شراء فرصة الفوز شبيه بورقة اليانصيب. فإذا أضيف إلى ذلك أن فرصة الفوز بالجائزة تتحسن بمرور الوقت أو بكثرة عدد السندات أو ما شابه ذلك فقد جمعت الربا والقمار. وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على حسن القضاء كما روي في صحيح مسلم عن أبي رافع أنه صلى الله عليه وسلم قال: (فإن خيار الناس أحسنهم قضاء

) الحديث، ولكن الزيادة إذا شرطت شرطا أو كانت معروفة عرفا خرجت من باب حسن القضاء إلى الربا.

(2)

يصح على هذه السندات ما ذكرناه أعلاه حول شهادات الاستثمار فئة (ب) .

ص: 1200

ويستطيع صاحبه أن يسحب منه النقود متى شاء، كما يسحب السمسار منه لشراء الأوراق المالية باسم العميل. وحساب آخر يمكن للمستثمر أن يحصل منه على قرض أتوماتيكي شبيه بالسحب على المكشوف في البنوك. وهكذا يتم تمويل مضاربات المستثمر بواسطة سمساره بشكل متصل.

5 – (ب) الشراء بجزء من الثمن (1) .

الأصل أن تتم عملية شراء الأوراق المالية بدفع ثمنها كاملا في مجلس العقد، ولكن قوانين بعض الدول تجيز شراءها بجزء من الثمن أو الشراء بالهامش وفي هذه الحالة يدفع المشتري جزءا من الثمن، ويستدين الباقي من السمسار الذي يكون بدوره مقترضا من المصارف. وتخضع نسبة ما يشكله القرض من مجمل القيمة لقوانين صارمة ويتغير دوريا تبعا للظروف الاقتصادية. ففي أحيان تشترط السلطات المالية هامشا كبيرا عندما ترغب في تقليل عمليات المضاربة المحمومة في السوق. والهامش هو الجزء النقدي الذي يدفعه المشتري، وهو نادرا ما يزيد في الولايات المتحدة، عن 60 % وقد يقل عن ذلك كثيرا. وعندما ترغب السلطات المالية في زيادة نسبة التعامل فإنها تسمح بهامش أقل، لأنها تعطي بذلك الفرصة لمن لا تتوفر لديهم موارد مالية كبيرة بالدخول والشراء من السوق عن طريق الاقتراض. واكثر ما تستخدم هذه الطريقة في شراء الأسهم. ويبقى السهم، عندما يشتري بالهامش، في حيازة السمسار وقد يكون مسجلا باسمه أيضا ويكون رهنا لضمان السداد. ولكن يحق للمشتري أن يمارس حق التصويت في الجمعية العمومية للشركة وأن يحصل على ما قد يتحقق من أرباح. ويستخدم السمسار تلك الأسهم أو السندات في أعماله بإقراضها إلى زبائن يرغبون في إجراء بيوع قصيرة كما سيجري تفصيله لاحقا. وتفرق القوانين في الولايات المتحدة بين نوعين من الهوامش: الأول يسمى الهامش الابتدائي (Intial margin) ويتعلق بالقرض لشراء الأسهم في اليوم الأول فقط. والثاني الهامش لما بعد اليوم الأول والذي يسمى هامش الاستمرار (maintainance margin) والغرض من التفريق هو تشديد الرقابة على النوع الأول الذي يستخدم لأغراض المضاربات السريعة إذ يعتقد أن أحد أهم أسباب انهيار سوق البورصة سنة 1929 هو التوسع في الشراء بجزء من الثمن.

(1) هذه المعاملة بالصفة المذكورة غير جائزة لأن فيها قرضا بفائدة والإجماع على أن الفائدة هي عين ربا النسيئة المقطوع بحرمته. فلو جرد العقد المذكور من الفائدة على القرض الذي يقدمه السمسار إلى المشتري هل يكون جائزا؟ الأرجح أنها تبقى ضمن عدم الجواز، لأن فيها عقودا قد اختلطت، منها بيع وقرض، والقرض فيها مشروط بالبيع، وللمقرض (حتى لو كان قرضه للإرفاق حسنا بدون زيادة ربوية) في عقد البيع التابع لعقد القرض مصلحة فكأنه قرض جر منفعة. وفيه بيع وسلف وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم فيما رواه عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع

) الحديث، والله أعلم

ص: 1201

وعندما يتم الشراء بالهامش يدفع المشتري فائدة على الجزء المقترض من السمسار مدة استمرار ذلك القرض أي من تاريخ شرائه بالهامش حتى بيعه تلك الأسهم. ويتغير هامش الاستمرار تبعا لتغير السعر. فمثلا اشترى زيد 100 سهم في شركة الأمانة سعرها 40 ريالا للسهم دفع السمسار 3000 ريال واقترض منه الباقي (1000ريال) . واحتفظ السمسار بالأسهم رهنا مقابل القرض (وهو بفائدة) . فالهامش الابتدائي هنا هو 75 % ثم في اليوم الثاني انخفضت أسعار تلك الأسهم فصارت 30 ريالا للسهم فقيمتها الآن صارت 3000 ريال. لقد أصبحت حصة السمسار منها (وقد دفع 1000ريال) 23 % وليس 25 %، أي أن الهامش صار 66 % (وربما تزيد لو غلت الأسعار) . فإذا استمرت في الانخفاض حتى قاربت قيمتها 1000 ريال (وهو مبلغ القرض) سارع السمسار ببيعها لضمان استرداد قرض. ومن الجلي أن طريقة الشراء بجزء من الثمن تؤدي إلى توسيع التعامل في السوق وإعطاء أرباب الأموال قدرة على استغلال رساميلهم بشكل أكثر كفاءة من الناحية الاقتصادية حيث يستطيع المضارب أن يشتري أوراقا ذات قيمة تفوق ما يمتلك من مال.

5-

(ج) البيع القصير والبيع الطويل (Short and Long Sales) :

يكثر في أسواق البورصة استخدام لفظ (طويل) و (قصير) لأنواع الصفقات. فقد يسمى البيع قصيرا أو طويلا وقد يسمى الهدف من الشراء قصيرا أو طويلا (Short or Long Position) . ولا علاقة لهذا التعبير بالمدة الزمنية ولكن علاقته مرتبطة بالهدف من الاستثمار. فالوضع الطويل يتعلق بشراء الأسهم والاحتفاظ بها للحصول على الربح أو بيعها للحصول على الزيادة الرأسمالية في أسعارها. أما الوضع القصير فيتعلق بالمقامرة على انخفاض أسعارها سواء كان المستثمر مالكا أو غير مالك لها في وقت إنشاء عقد البيع. فإذا توقع أحدهم أن أسعار إحدى الشركات (شركة الأمانة مثلا) سوف تنخفض فقد يعمد إلى عملية بيع قصير وذلك باقتراض عدد من أسهم تلك الشركة من سمسار (يكون محتفظا بها كضمان لسداد قرض في عملية بيع بجزء من الثمن انظر (5 ب) سابقا (1) وبيعها بالسعر السائد، ثم يعيد شراءها عند انخفاض الأسعار ثم تسديد ذلك القرض (أي يرجع الأسهم إلى صاحبها) ويحتفظ لنفسه بالفرق الذي تحقق من سعر بيعه وشرائه. وتتم العملية بواسطة السماسرة المتخصصين في أسواق البورصة كما يلي:

(1) هل يجوز اقتراض الأسهم ثم بيعها؟ في تصور هذه المسألة صعوبة، والحكم على الشيء فرع من تصوره. والجواب يعتمد على حقيقة الأسهم من جهة وطبيعة هذا الاقتراض. والعبرة بحقيقة العقود لا بأسمائها فإن عدت الأسهم مالا مثليا بحيث يجوز اقتراضه ورد مثله لا عينه، فالقرض فيها جائز إن كان لا يترتب للمقرض فيه منفعة مشروطة. والواضح أن المعاملة مشروطة باقتراض السمسار لثمن المبيع. وإن كانت الأسهم مالا غير مثلي، فهي تكون على سبيل العارية لا القرض ففي اقتراض غير المثلى خلاف وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكرا وقضاه من إبل الصدقة. فهل يجوز له بيعها، أم يجب عليه رد عينها؟ ثم إنها مضمونة في الخصب والإتلاف بالقيمة، وهو شبيه في ظني والله أعلم بالصرف الذي يقع فيه ربا النساء، كأن يتم بيع100 درهم بمائة وبيعها آجل (ولكن هذه نقود وتلك إسناد) ثم زيد عليه اشتراط السمسار الانتفاع بثمن المبيع خلال هذه الفترة فكأنه اشترط عليه القرض، فأقرضه الأسهم واشترط عليه أن يقرضه النقود والله اعلم.

ص: 1202

يتوقع زيد أن أسعار أسهم شركة الأمانة سوف تنخفض بعد فترة ويرغب في تحقيق ربح من هذا الوضع. يذهب إلى أحد السماسرة فيقترض منه 100 سهم من أسهم تلك الشركة، ويقوم ببيعها في السوق بالسعر السائد وهو (على سبيل المثال) 100 ريال، فيحصل بذلك على مبلغ 10.000 ريال يقوم السمسار بإتمام العملية وقبض الثمن والاحتفاظ به كرهن لضمان إعادة تلك الأسهم، وهو في هذه الفترة سيودعها في البنك (أو يتصرف بها بطريقة أخرى

) فتدر له – أي السمسار- عائدا خلال الفترة بين اقتراض الأسهم وإعادتها. فإذا حدث ما توقعه زيد وانخفضت أسعار تلك الأسهم (إلى 80 ريالا مثلا) فإنه سيقوم رأسا بشراء 100 سهم من أسهم ذات الشركة بقيمة 8000 ريال ويقوم بتسليمها إلى السمسار وقبض المبلغ السابق أي ثمن البيع (10.000 ريال) وتحقيق ربح قدره 2000 ريال. فالمستثمر ربح الفرق بين السعرين، والسمسار حقق عائدا من استخدام النقود (بالإضافة إلى مقابل الخدمات الإدارية) .

والقرض المذكور (أي اقتراض الأسهم) قرض حال وغير محدد بمدة زمنية إذ يستطيع المستثمر إعادة الأسهم في أي وقت ويستطيع السمسار استدعاءها أيضا. وفي هذه الحالة - أي طلب السمسار استرجاع الأسهم قبل الوقت المناسب للمستثمر - قد يضطر (المستثمر) إلى اقتراضها من جهة أخرى إذا كان الوقت لم يحن بعد لإقفال العملية. وعندما تخيب توقعاته فترتفع الأسعار بدلا من الانخفاض، يكون المبلغ المحتفظ به لدى السمسار أقل من القيمة السوقية ولذلك يكون المستثمر ملزما بزيادته إذا رغب في استمرار تلك العملية.

والأرباح التي توزعها الشركة المصدرة للأسهم في هذه الفترة هي (في الولايات المتحدة) حق للدائن (أي السمسار) رغم أن الأسهم تكون مسجلة باسم المستثمر، ولذلك يقوم هو بقبض الأرباح ثم يصبح مدينا بأي مبلغ استلمه من الشركة كربح للسمسار.

ص: 1203

والغرض الأساسي من عمليات البيع القصير هو استغلال توقعات المضارب بأن الأسعار سوف تنخفض، وتحقيق ربح من هذا التوقع. لكنّ لهذه العملية آثارا مباشرة في نشر الرعب بين المتعاملين في السوق ومن ثم يؤدي انتشارها في الوقت غير المناسب إلى انهيار السوق. ولذلك نجد أن بورصة نيويورك مثلا تمنع عمليات البيع القصير إذا كان اتجاه سهم الشركة الذي يجري تداوله هو نحو الانخفاض. فمثلا عندما يكون سعر سهم شركة الأمانة في وقت افتتاح التعامل في السوق 50 ريالا لا يسمح بإتمام صفقة بيع قصير حتى يتضح اتجاه السعر. فإذا كان في الصفقات التالية أكثر من 50 سمح به وإذا كان أقل لم يسمح به. والسبب يعود إلى أن السماح بالمضاربة على انخفاض السعر عندما يكون اتجاهه نحو الانخفاض سيؤدي بالضرورة إلى الانهيار السريع لذلك السعر.

وقد يستخدم البيع القصير لحماية مكاسب البيع الطويل، أو لغرض نقل الأرباح التي تحققت هذا العام إلى عام قادم ومن ثم تخفيض نسبة ما يدفع من الضرائب.

وتتضمن العمليات المذكورة مقدارا كبيرا من المخاطرة، لأن نسبة الخسائر التي يمكن أن يتحملها المتعامل لا يمكن التنبؤ بها بشكل دقيق، فكل ارتفاع في سعر السهم الذي تم اقتراضه هو أعباء إضافية على المضارب، وبما أن سعر السهم يمكن أن يرتفع إلى أي مستوى (حتى إن أسهم بعض الشركات يصل إلى 90 ألف دولار للسهم الواحد) فخسائره إذا لا تكاد يكون لها حد بينما أن أقصى ما يمكن أن يخسره صاحب الموقف الطويل هو القيمة الكلية للأسهم التي يمتلكها.

ص: 1204

5-

(د) الخيارات (Options)

الخيار في عرف التعامل المالي: هو حق شراء أو بيع سلعة ما في تاريخ محدد بسعر متفق عليه سلفا. وفي أسواق الأوراق المالية والبورصات تكون السلعة سهما أو سندا أو أداة مالية متداولة معروفا. ولا يترتب على مشتري الخيار التزام بيع أو شراء، وإنما مجرد حق يستطيع أن يمارسه أو يتركه، ويصبح المضارب (المخاطر) مالكا للخيار بمجرد دفع قيمته.

وهناك أنواع متعددة من الخيارات سنعرض لبعضها ثم نفصل أهمها:

(1)

الخيار الذي تمنحه الشركات لبعض العاملين (1) لديها من كبار المدراء فهي تمنحهم حق شراء عدد من أسهمها بسعر محدد سلفا (غالبا ما يكون أدنى من السعر السائد) ويمتد لفترة طويلة (ولكنها محددة) . والهدف من هذا هو تشجيع أولئك المسئولين على التفاني في العمل، لأن كل زيادة في السعر السائد لسهم الشركة تشكل ربحا لهم. وتميل الشركات إلى منح خيار، (وليس الأسهم) ، على العاملين فيها، لأن الخيار في هذه الحالة يمثل فرصة تحقيق ربح بدون احتمال تحمل الخسارة. إضافة إلى أن امتلاك الأسهم يترتب عليه ضرائب تشكل عبئا عليهم. ولا يحتاج المدير إلى شراء الأسهم للحصول على الربح حيث يستطيع بيع الخيار فقط كما سيأتي تفصيله.

(2)

الخيار الذي تبيعه الشركة على مستثمرين جدد، ويسمى (warrants) ، حيث يكون لهم حق شراء مجموعة من أسهم الشركة، عند سعر محدد (غالبا ما يكون السعر السائد) خلال مدة محددة. وهو قابل للتداول وربما لسنوات.

(1) هذا عقد بيع اشترط للمشتري فيه الخيار. ربما يكون هذا الخيار مجانيا تقدمه الشركة من باب الإهداء إلى بعض العاملين فيها ممن يتصف بالتفاني والاجتهاد في خدمة الشركة وهي لا تعطيهم تلك الأسهم مجانا بل بثمن محدد، ولكن تعطيهم حق الشراء، فالخيار هبة لا معاوضة، فمن قال بعدم لزوم الهبة لم يعد للخيار في ذلك معنى لأنها تقبل عندئذ الفسخ بلا اشتراط. ومن قال (كالمالكية) بالإلزام بالوعد لوقوع الموعود في ورطة صار للخيار فيه معنى، هذا على افتراض جواز أن يستقل الخيار عن العقد ذاته ولم نعلم أن أحدا قال بهذا. ثم إن المستفيد سيبيع الخيار دون حاجة إلى شراء الأسهم فكأن عقد البيع ذاته (أي شراء الأسهم) ليس له وجود، لأن قصد المتعاقدين ونيتهما هو الاستفادة من فروق الأسعار وليس امتلاك الأسهم، وفي أغلب الأحيان لا يترتب على بيع الخيار بيع الأسهم ذاتها. ويكون محل الهبة الخيار ذاته وليس الأسهم ثم إن العقد، أو الوعد في هذه المعاملة على شيء معدوم، لأن الشركة لن تعطي أولئك العاملين أسهما مما كان صدر قديما بل ستصدر لهم أسهما جديدة، وفي العقد على المعدوم كلام كثير. والأرجح الجواز إذا خلا من الغرر الفاحش المفضي إلى المنازعة. فإن عد هبة، فلا يفسده كثير الضرر، وإن عد معاوضة، فإن كان غير مقدور على تسليمه فالأرجح عدم الجواز، ولكن هذه من المقدور على تسليمه، لأن الواعد هو المصدر للأسهم.

ص: 1205

(3)

خيار يكتبه السمسار أو تصدره سلطة السوق المالية والبورصة تعطي حامله الحق في شراء أو بيع عدد محدد من الأسهم خلال فترة محددة وسيأتي تفصيله.

(4)

الخيار الذي تمنحه الشركة لحاملي أسهمها بإعطائهم حق الحصول على أسهم في إصدار جديد بسعر يقل عن السعر السائد لتلك الأسهم ويسمى (Rights) . والهدف منه خلق بعض الصعوبات أمام من يريد شراء حصة غالبة من الأسهم المتداولة ثم السيطرة على الشركة، إذا يجعل هذا الإجراء الملاك الحاليين أكثر تمسكا بأسهمهم. وغالبا ما تكون مدة الخيار شهرا أو شهرين تحدده الشركة للدفاع عن نفسها من مشتر لا ترغب في سيطرته عليها.

ومع أن فكرة الخيارات في السوق ليست جديدة، إلا أنها لم تكتسب القبول كأداة للاستثمار إلا في عقد السبعينات عندما سمحت بورصة نيويورك بتبادلها لأول مرة سنة 1970م، ثم خصصت بورصة شيكاغو (في سنة 1973م) لها جزءا من السوق. حتى إذا حل عقد الثمانينات أصبحت هي عصب التعامل في أسواق البورصات. وسنفصل أدناه أهم أنواع الخيارات المذكورة، وهي تلك التي تصدرها الشركات (تعهدات) وتلك التي يصدرها السماسرة أو أدوات متخصصة في الأسواق المالية.

5-

أ-1 التعهدات (warrants) :

تصدر الشركات أنواعا من التعهدات تتضمن الوعد ببيع عدد من اسهم الشركة بسعر معين خلال فترة محددة أو غير محددة (1) . وتستطيع الشركة بهذه الطريقة التي تحقق دخلا بدون أن تخاطر بتغير هيكل ملكيتها الذي قد ينتجه إدخال مساهمين جدد. وفي نفس الوقت يستطيع المستثمرون المضاربة على مستقبل الشركة بدون الحاجة إلى مبلغ كبير من المال.

مثال: أصدرت شركة الأمانة خيارا على أسهمها على شكل تعهدات. كل تعهد يخول حامله الحصول على سهم من أسهم الشركة بسعر قدره 20 ريالا خلال مدة قدرها عشر سنوات. وتم بيع هذه التعهدات بسعر خمسة ريالات لكل تعهد. فإذا افترضنا أن السعر السائد للسهم في بداية عام 1980م هو 20 ريالا، وأن مستثمرا يتوقع أن يرتفع السعر خلال الفترة 80-1985م إلى 40 ريالا فإنه سيحقق ربحا قدره 100 % (2) لو أنه اشترى عددا من أسهم تلك الشركة. ولكنه سيحقق ربحا قدره أكثر من 100 % لو أنه اشترى بنفس المبلغ تعهدات الخيار المذكورة بدلا عن الأسهم ذاتها. إن السبب يعود إلى أن أسعار تلك التعهدات سوف ترتفع بنسبة أكبر من ارتفاع سعر الأسهم عندما تتجه الأخيرة إلى الارتفاع وتنخفض بنسبة أكبر من انخفاض أسعار الأسهم عندما تتجه تلك الأسعار إلى الانخفاض (فخسارته تكون أكثر في حال انخفاض السعر أيضا) .

(1) مثلا: أصدرت الشركة (T ri-Continental) الأمريكية تعهد خيار غير محدد بمدة بل مستمر مدة بقاء الشركة.

(2)

مع ملاحظة أن مالك السهم ربما يحصل على ربح، لكن مالك الخيار لا يحصل على شيء من ذلك.

ص: 1206

إذن فإن الحافز على شراء وبيع الخيارات إنما يعتمد على توقعات التغير في الأسعار، كما أن الربح الذي يمكن أن يحققه المستثمر سيكون معتمدا على صحة توقعاته تجاه سعر الأسهم التي يغطيها الخيار. ولا يحصل حامل الخيار على حصة من أرباح الشركة فدخله الوحيد هو التغير في الأسهم. ونظرا إلى أن حامل تعهد الخيار يقارن نفسه دائما بمالك الأسهم، فإن توزيع الشركة لنسبة عالية من الربح يؤدي دائما إلى انخفاض أسعار تلك التعهدات لأن الأسهم ذاتها تحقق في هذه الحالة ربحا أكبر من الخيارات.

وبمجرد إصدار الشركة لتلك التعهدات فإنها تصبح قابلة للتداول، وتحدد قوى العرض والطلب سعرها الذي يسود في السوق. وقد تشترط الشركة الحق في استدعائها بقيمتها الاسمية أو بقيمة تزيد بنسبة معينة عن سعرها السوقي.

وقد تلتزم الشركة عند إصدارها لتعهدات الخيار بعدم إصدار أسهم جديدة أو أن لا تبيعها في حالة الإصدار إلا بسعر يزيد على السعر المتضمن في تلك التعهدات. كل ذلك يؤدي على محافظة الخيارات على قيمتها السوقية.

وتستخدم الشركات هذه التعهدات لأغراض متعددة، فمثلا يمكن أن تصدرها مصاحبة للسندات (أو الأسهم الممتازة) ، ومن ثم تستطيع الحصول على دين بسعر فائدة أقل نسبيا فمثلا تصدر الشركة سندات دين بسعر فائدة قدره 9 % (بينما أن السعر الذي يقبله المستثمرون في مثل حالتها ومركزها المالي هو 14 % مثلا) ، وتصدر تعهدات تخول مالك كل سند حق شراء عدد من الأسهم بقيمة محددة خلال مدة محددة وتكون منفصلة عن السند بحيث يمكن تداولها بشكل مستقل، ويؤدي هذا في كثير من الأحيان إلى إقبال الجمهور على شراء تلك السندات رغم أن سعر الفائدة عليها أقل مما يجب، ومن ثم تستطيع الشركة الحصول على دين ذي تكلفة متدنية نسبيا.

5-

د-2 تعهدات العملة الأجنبية (Currency Warrants) :

هذا تطور بني على فكرة تعهدات الأسهم، وتعهد العملة الأجنبية هو شهادة تصدرها الشركة تعطي صاحبها الحق في الحصول على مبلغ معين من عملة أجنبية بسعر محدد من العملة المحلية. وقد بدأت هذه الفكرة في أوروبا سنة 1986م ثم انتشرت في أسواق المال. وتقوم بها عادة الشركات (غير المالية) التي يؤدي تعاملها في الأسواق الأجنبية على دخولها في أسواق الصرف الدولية فتقوم بإصدار هذه التعهدات وبيعها على العملاء. والغالب أن الذين يشترون هذه التعهدات هم من صغار العملاء الذين لا يستطيعون شراء شهادات الخيار للعملات الأجنبية والتي تصدرها المؤسسات المالية المتخصصة بفئات كبيرة. وغالبا ما تكون مدة هذه التعهدات طويلة نسبيا (خمس سنوات مثلا) .

ص: 1207

مثال: شركة التليفون والتلغراف الأمريكية (AT&T) أصدرت تعهدات عملة أجنبية بقيمة 3 ملايين دولار تعطي حاملها الحق في الحصول على 50 دولارا بسعر 158.25 ينا يابانيا للدولار. وليس للشهادة أية قيمة إلا إذا تخطى سعر الصرف بين الين والدولار 158.25 خلال مدة الشهادة وهي خمس سنوات. فإذا ارتفع السعر إلى 168.25 مثلا يصبح قيمة الشهادة 2.97 دولار (أي: أنها ستحقق ربحا مقداره 500 ين في كل شهادة)(1) . ومن ثم يحقق حامل التعهد المذكور الربح إذا تغير السعر بالطريقة التي يتوقع.

5-

د-3 الخيارات التي يصدرها السماسرة والمتعاملون في السوق تعليق: الخيار مشتق من الاختيار، وهو طلب خير الأمرين. وهو يعني في المفهوم الفقهي أن يكون لأحد العاقدين أو لكليهما حق إمضاء العقد أو فسخه، وحكمته، الوصول إلى كمال الرضا، لأن العقود مبناها رضا المتعاقدين لقوله تعالى:{إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} الآية وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما البيع عن تراض)) . وقد يبدو الخيار مخالفا لمقتضى عقد البيع، لأنه عقد لازم. ولكنه ثابت في السنة فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لحبان بن منقذ الذي كان يغبن في البياعات:((إذا بايعت فقل لا خلابة، ولي الخيار ثلاثة أيام)) ، وعنه صلى الله عليه وسلم، فيما رواه البخاري:((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا.. الحديث)) ، ويثبت الخيار لأحد العاقدين أو كلاهما، وفي ثبوته لغيرهما خلاف ومن قال بجوازه (وفي رواية لمالك في تهذيب الفروق وأحمد في كشاف القناع والشافعي في نهاية المحتاج ذكره علي الخفيف في أحكام المعاملات ص 401) استبقاه للعاقد، فيكون لمن شرط له ولمن اشترطه وإن لم يجعله لنفسه، فليس فيه إذا إثبات لبعض آثار العقد لغير عاقده وإنما أشبه في ذلك الوكالة وهو من باب الإنابة الجائزة.

وفي مدة الخيار خلاف، فقد ذهب أبو حنيفة على أنه مؤقت بثلاثة أيام، والجمهور على أنه ليس لمدته قدر محدد وإنما يقدر على حسب الحاجة ويكون في مدة مناسبة لما تقتضيه حال السلعة.

وفي الخيار تأخر القبول عن الإيجاب قدر مدة الخيار، ولكن لا يجوز أن يكون البيع معلقا كقوله بعتك دابتي إذا نزل المطر، ولا أن يعلق على ما ينعقد عليه السوق إلا أن يكون سعر يومه لا سعرا في المستقبل، والإيجاب والقبول (كأن يقول بعتك سلعتي هذه فيقول قبلت) إنما هما من لوازم عقد البيع والخيار في عقد البيع (وفي العقود المباحة الأخرى التي تقبل الخيار ضمن أحكام الشريعة الإسلامية) ، تابع للعقد متعلق به غير منفصل عنه وليس له وجود مستقل بذاته.

(1) وحتى تحمي نفسها قامت الشركة بشراء خيار على الين مدته خمس سنوات بقيمة 500 ألف دولار للخيار الواحد. وبما أن تكاليف الخيار اقل من السعر الذي تتقاضاه من زبائنها في شهادات التعهد، ومن جهة أخرى فهي لا تتحمل أية مخاطرة لأنها مرتبطة بعقدين أحدهما بائعه والآخر مشتريه، فهي تحقق إذا أرباحا مضمونة.

ص: 1208

وقد اختلف في جواز وراثته، فقالوا لا يجوز، لأنه إرادة ومشيئة وذهب الشافعي ومالك على أنه يورث لأنه حق متعلق بالمال لا بالشخص، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم:((ومن ترك مالا أو حقا فلورثته)) ، فإن شاء الوارث أمضى أو فسخ إذا مات المورث قبل نهاية مدة الخيار. ومع ذلك يبقى الخيار متعلقا بعقد البيع.

هل المعاملة المذكورة أعلاه هي نوع من الخيار المشروع؟ إن في المعاملة المذكورة أعلاه اختلافا واضحا عن الخيار في الفقه الإسلامي. ولعل أول هذه الاختلافات أن الخيار الموصوف والذي يتعامل به الناس في أسواق المال عقد مستقل عن عقد البيع. فالصيغة تتضمن انفصال البيع عن الخيار فيكون للخيار ثمن وللسلعة (أو السهم) ثمن. والخيار عقد مستقل يشتري فيه المستثمر حقا يخوله البيع والشراء والأغلب أن يبيع الخيار من لا يملك الأسهم من السماسرة فدل على أنه عقد مستقل بذاته. ومحل العقد هنا هو ذلك الحق وليس الأسهم، لأن للأسهم عقدا آخر هو عقد بيع وليس حقا. فما هي حقيقة هذا الحق؟ وهل يجوز أن يكون له ثمن؟ والأرجح عدم الجواز.

ثم إن هذين عقدين في عقد واحد. الأول هو ذلك الحق الذي ذكرنا والثاني: هو السلعة أو السهم المباع، فشابها في ذلك البيعتين في بيعة والشرطين في عقد فإن كان الأمر كذلك فهي غير جائزة. والله أعلم.

هل هي نوع من السلم؟ السلم جائز بالكتاب والسنة، وفيه تعجيل الثمن وتأجيل قبض المبيع والقبض شرط في صحة عقد السلم (أي قبض الثمن في مجلس العقد) ، ولذلك لا يجوز فيه الخيار فهذه المعاملة شبيهة بالسلم من حيث إنه عقد يتأخر فيه تسليم المبيع وهو الأسهم، وأن البيع يكون بسعر متفق عليه ابتداء على أجل معلوم. ولكن الاختلاف كبير، فليس فيه أولا قبض للثمن بل كلا البدلين مؤجلان، والأهم ثانيا أن عقد الخيار منفصل عن عقد بيع السلعة وله ثمن خاص به فأخرجه ذلك من باب السلم.

هل هو من بيع العربون؟ العربون هو أن يشتري الرجل السلعة فيدفع من ثمنها جزءا (درهمين مثلا) ويقول للبائع إن لم اشتر منك فالدرهمان لك، وجمهور الفقهاء على عدم جوازه، وقد ذهب الحنابلة في المشهور عندهم إلى صحة التعامل بالعربون وهو من مفردات المذهب) انظر: ماجد أبو رخية، حكم العربون في الإسلام) . وقد استدل ابن القيم رحمه الله على جواز بيع العربون بما أخرجه البخاري في باب ما يجوز من الاشتراط عن ابن سيرين قال (قال رجل لكريه ارحل ركابك فإن لم أرحل معك في يوم كذا وكذا فلك مائة درهم فلم يخرج فقال شريح من شرط على نفسه طائعا غير مكروه فهو عليه) ويعد هذا العقد ملزما في حق البائع بمعنى أنه لا يستطيع الامتناع عن تنفيذه. أما المشتري فهو بالخيار. وخيار الطلب المذكور والذي يعطي مشتريه الحق في شراء عدد من الأسهم خلال فترة محددة شبيهة ببيع العربون المذكور وبينهما اختلاف.

ص: 1209

ومن هذا الاختلاف أن العربون في البيع المذكور جزء من الثمن وفي الخيار ثمن منفصل عن سعر الأسهم وهو سعر الخيار ذاته وهذا اختلاف بين. أما خيار الدفع وهو الذي يكون لمشتريه حق بيع الأسهم فلا يشبه بيع العربون.

هل فيه نوع من أنواع التأمين؟ إن الدافع الحقيقي لشراء الخيار في أسواق البورصة هو الرغبة في دفع المخاطرة وضمان سعر محدد للبيع أو الشراء في المستقبل ومن ثم تفادي الخسارة. ومقابل ذلك يتنازل المستثمر عن مبلغ محدد يمثل ثمن الخيار المذكور. فكأن الخيار إذا نوع من التأمين. وهو عقد معاوضة يتضمن غررا فاحشا والبيع بهذه الصفة نوع من الميسر فالبائع إنما يبيعه مخاطرة، ففيه أكل للمال بالباطل وهو مفض إلى الظلم والتباغض. يقول المولى عز وجل:{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} الآية.

هل هو وعد أم عقد؟ هل يمكن أن نتصور هذه المعاملة أنها وعد ثم عقد. فيكون الخيار في البداية وعدا بالشراء، ثم إذا تم الوفاء بالوعد حصل العقد بشراء الأسهم أو السلع الأخرى. فإذا كان الأمر كذلك ثارت فيه مسألتان: الأولى هي هل يجوز أن يكون للوعد ثمن؟ فإذا كان له ثمن أضحى نوعا من عقود المعاوضات له صفة البيع. فالخيار الذي يعمل به الناس في أسواق البورصات مستقل عن ثمن السلعة (أو الأسهم) التي يكون عليها عقد الشراء فيما بعد. الأرجح عدم الجواز لأن الوعد له حقيقة مستقلة عن العقد فكيف يكون له ثمن؟ والثاني لأنه إن كان له ثمن ثم للسلعة ثمن صار عقدين جمعا في عقد واحد وبيعتين في بيعة وهو من الأمور المنهي عنها. والمسألة الثانية: هي قضية الإلزام بالوعد. فإذا افترضنا أنه وعد هل هو ملزم أو غير ملزم؟ ومسألة الإلزام بالوعد معروفة (وفيها تفاصيل ليس هنا مجال بسطها) ، فإذا قلنا بجواز الإلزام بالوعد في عقود المعاوضات منفصلا عنه سابقا له (كما تطبقه البنوك الإسلامية في بيع المرابحة للآمر بالشراء) ، بقيت مشكلة ثمن الوعد وأنه قابل للتداول مستقلا عن العقد، فدل على أن الوعد بذاته عقد مستقل له محل وثمن.

هل هي نوع من أنواع البيوع الجائزة؟ يقول المولى عز وجل: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} ، فالأصل في البيع الإباحة وتشبه هذه المعاملة البيع العادي ففيها عاقدان، مشتر وبائع، وفيها ثمن وفيها محل للعقد، فأشبهت بذلك البيع المباح ولكنها اختلفت عن اختلافا جوهريا في محل العقد. فإن الثمن معلوم ولكن المبيع هو شيء مجرد ليس له حقيقة، فالعقد واقع على حق الشراء أو حق البيع من طرف والالتزام بالشراء أو الالتزام بالبيع من الطرف الآخر. أما ما يتم تبادله فيما بعد من أسهم أو سندات أو سلع..إلخ، فإنه إنما يأتي لاحقا، وليس له علاقة عضوية بعقد الخيار لأن كليهما يمكن أن يستقل بذاته. فهذا الحق والالتزام الذي يتم بيعه وشراؤه.

ص: 1210

هل هذا حق يجوز بيعه؟ ذكرنا أن عقد الخيار إنما يعطي مشتريه حق البيع أو حق الشراء بثمن محدد. وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله (متقدموا الأحناف مثلا) أن الشيء لا يعد مالا إلا إذا أمكن حيازته وإحرازه وأمكن الانتفاع به عرفا أو عادة، فالعلم والصحة والشرف هي أمور معنوية لا يمكن حيازتها وإحرازها، والميتة والدم

لا يمكن الانتفاع به لضررهما، وكذا حبة قمح أو قطرة ماء لتفاهته. فالمال مقصور على ما له صفة مادية محسوسة. فالحقوق نوع من الملك لا المال لأنها معنوية لا مادية ولذلك لم يجيزوا بيع حق الشفعة وحق الحضانة والولاية

إلخ. على أن هناك أنواعا أخرى من الحقوق المعنوية يجوز أخذ البدل عنها بما يشبه البيع كحق ولي المقتول في القصاص إذ يجوز أن يأخذ الدية بدلا عنه، وحق الزوج في استمرار عقد الزواج، يجوز له التنازل عنه مقابل عوض الخلع. وحق الارتفاق وحق الشرب وحق المسيل. وقد ألحق بعضهم حق الملكية الأدبية والصناعية والاسم التجاري بهذا النوع من الحقوق (انظر مثلا وهبة الزحيلي: بيع الاسم التجاري والترخيص بحث مقدم إلى الدورة الرابعة لمجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي) جدة، وعلي الخفيف أحكام المعاملات الشرعية حاشية ص34-36.

من الملاحظ أن النوع الأول من الحق إنما ثبت من الشارع لبعض الأشخاص لدفع الضرر عنهم، وليس فيه منفعة لسواهم، أما النوع الثاني فقد ثبت لأصحابه أصالة فجاز أخذ البدل عنه. على أن جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة ومتأخري الأحناف يعرفون المال بحيث يشمل الحقوق المعنوية ولا يقصرون المال على ما أمكن حيازته وإحرازه وكان له صفة مادية. فالحق جوهره الاختصاص والاختصاص جوهر الملك وحقيقته، فإذا كانت الحقوق أملاكا فهي أموال. فإذا كان مالا جاز له فيه التصرف ومن هذه التصرفات التنازل عنه بعوض أو بغير عوض. فهل يمكن القول إن الخيار المذكور في العقد والمعاملة الموصوفة أعلاه يتضمن حقا من الحقوق التي يجوز التصرف بها بالبيع وما على ذلك؟

أولا: إن الملاحظ مما ذكرناه من كلام الفقهاء عن الحق أن الحقوق المذكورة هي حقوق ناتجة عن فعل سابق أو عن عقد سابق (ترتبت عليه علاقة بين طرفين) ، فحق ولي المقتول إنما نشأ من فعل القتل الذي تعدى به القاتل على ضحيته، وحق الزوج في استمرار عقد الزواج إنما هو حق نشأ بعقد زواج كان محله التمتع بالعلاقة المعروفة بين الزوج والزوجة ومن لوازمه الاستمرار.. وهكذا.

ثانيا: يغلب على هذه الحقوق جميعا صفة التعويض عن الضرر الذي لحق بفرد لعدم تمكنه من التمتع بحق أثبته له عقد سابق مثل حق الحضانة أو أثبتته له الشريعة كحق الشرب والمسيل والارتفاق.

ص: 1211

أما هذا الذي نحن بصدده فهو حق أنشأه عقد كان محل العقد فيه هو ذلك الحق. فلم يكن تعويضا عن ضرر قد لحق بطرف ولا حقا نشأ بسبب عقد سابق. ثم إن هذا الحق الذي أنشأه عقد الخيار المذكور يتصرف به العاقدان كالسلعة التي تباع وتشترى، وتقام لها أسواق خاصة تكون مهمة السمسار فيها التوسط بين الباعة والمشتريين. من الجلي أن هذا الحق المذكور الذي يتضمنه عقد الخيار الموصوف مختلف تمام الاختلاف عن الحقوق القابلة للعوض كمثل تلك التي أشرنا إليها أعلاه.

ولو حاولنا استكشاف نية العاقدين وغرضهما من هذا العقد، لأن ذلك ربما يكشف لنا حقيقة هذا العقد، لو حاولنا ذلك لوجدنا أن غرض المتعاقدين من هذا النوع من العقود هو (في الأغلب الأهم) أحد أمرين أو كلاهما:

1-

حماية المستثمر نفسه من خسارة متوقعة بإلقاء المخاطرة على طرف آخر وإلزامه بالشراء عند حصول المكروه بثمن يحمي ذلك المستثمر من الخسارة التي نتجت عن انخفاض الأسعار. ويلتزم الطرف الثاني بذلك مقابل ثمن يتعهد مقابله أن يشتري أسهمه (أو سنداته) بثمن محدد سلفا

2-

رغبة مستثمر في تحقيق ربح عن طريق اقتناص فرصة سنحت معتمدا في ذلك على حواسه وتوقعه لما ستكون عليه حال الأسواق والأسعار في المستقبل، فيشتري اليوم حق الحصول على أسهم بسعر يتحدد اليوم ليبيعها غدا عندما ترفع أسعارها، أو حق بيع اسهم يتوقع انخفاض سعرها.. وهكذا. ثم عندما يتحقق ما أمل فيه يبيع ذلك الحق (وربما لا يحتاج إلى إتمام صور المعاملة بشراء الأسهم أو السندات فضلا) ليحقق ما يصبو إليه من ربح. من هذا كله نرى أن هذه المعاملة رغم ما فيها من صور البيع فإنها معاملة ضارة في أغلب الأحوال، وأن أغراض المتعاملين فيها شبيه بلعب الميسر، حيث يعتمد الربح فيها على الصدفة والمخاطرة والقمار. وفيها غرر فاحش بالدرجة المفسدة لعقود المعاوضات، بل إن الباعث لحصولها هو الغرر ذاته المنبعث من عقود أخرى ينتشر استعمالها في أسواق البورصات. والله أعلم. .

وتشكل هذه الخيارات أهم نشاطات أسواق البورصة في البيوع الآجلة في الوقت الحاضر. لقد بدأت عقود الخيارات في أسواق السلع ثم انتقلت إلى بورصات الأوراق المالية حيث اكتسبت أهميتها البالغة في الوقت الحاضر. ويمثل الخيار حقا (وليس الالتزام) بشراء أو بيع سهم أو سند أو أداة مالية أخرى. وفي أسواق البورصات في الدول المتقدمة يمكن للخيار أن يكون على مؤشر سعري فقط كما سيأتي تفصيله.

ويجري تداول الخيارات في أسواق البورصات الرئيسية كما يباع ويشتري في الأسواق خارج البورصات (Over the counter: OTC) .

ص: 1212

أما في الحالات الأولى، فتكون العقود نمطية متشابهة من كل نواحيها ما عدا السعر فتحدد سلطة السوق مدة العقد ووقت انتهاء صلاحيته وعدد الأسهم المتضمنة فيه إذا كان خيار الأسهم. وتحدد الأسعار على شكل نقاط بحيث تنتهي بصفر أو برقم 5

إلخ. ويترك السعر للتفاوض بين المتعاملين. ولذلك نجد أن هناك تواريخ معينة تنتهي فيها الخيارات تكون موزعة على أشهر السنة.

ويلاحظ أن سلطة سوق البورصة، أو جهة متخصصة تحددها تلك السلطة، تكون ضامنة لوفاء الأطراف بتعهداتهم. فلا حاجة والحال هذه إلى وجود علاقة مباشرة بين البائع والمشتري حيث يجري تداول هذه الخيارات كما تتداول الأسهم أو السندات. أما في الأسواق غير المنظمة على شكل بورصات (OTC) فإن شروط الخيارات التي تصدرها تكون خاضعة للتفاوض. ويمكن أن تقسم الخيارات المتداولة في الأسواق المالية كما يلي:

5-

د-5-2 (أ) عقد خيار الطلب (Call option) :

هذا خيار يصدره المتعاملون في السوق يخول مشتريه حق (1) شراء (وليس الالتزام بالشراء) عدد محدد من أسهم شركة (أو أية أوراق مالية أخرى) معينة بسعر معين خلال فترة محددة، غالبا ما تكون 90 يوما. يتضمن هذا العقد التزام المصدر، (أي: البائع) بتقديم تلك الأوراق إلى المشتري عند طلبه خلال تلك الفترة. ويدفع المشتري إلى البائع ثمنا يتحدد من خلال العرض والطلب في السوق مقابل التزامه بالبيع، وهو ثمن للخيار وليس للأوراق المالية التي يتضمنها.

ولا يشتري خيار الطلب إلا من يتوقع ارتفاع الأسعار. فإذا توقع زيد أن أسعار أسهم شركة الأمانة سوف ترتفع فإن بإمكانية شراء خيار الطلب يتضمن الحق في شراء 100 سهم بسعر محدد (أقل من السعر الذي يتوقع أن يرتفع السهم ليصل إليه) فإذا تحقق توقعه خلال المدة التي يسري فيها العقد مارس الخيار وحصل على الأسهم بالسعر المتفق عليه ثم باعها بالسعر السائد فربح الفرق بينهما.

وقد يكتفي زيد بالحصول من البائع على الربح بدون ضرورة الحصول على الأسهم ثم بيعها (أي على المقابل النقدي فقط) . ولا يحتاج البائع أن يكون مالكا للأسهم عند بيعه للخيار. فإذا كان مالكا لها سمي خيارا مغطى (Covered Option) ، وإذا لم يكن سمي خيارا مكشوفا (Naked Option) . ويلاحظ أن زيدا سوف لن يمارس حقه (أي لن يمارس الخيار) إلا إذا ارتفع سعر السهم بالقدر الذي توقعه. أما إذا انخفض سعر السهم فليس له مصلحة في ممارسة الحق، وإذا ارتفع ارتفاعا طفيفا فإنه لن يشتريه إلا بعد أن يتأكد أن ذلك الارتفاع سيغطي تكاليف نقل الملكية (التكاليف الإدارية) ويحقق عائدا.

(1) نستعمل كلمة حق بالمعنى القانوني وليس الشرعي

ص: 1213

5-

د-2 (ب) خيار الدفع (Put option)

يعطي هذا الخيار حامله الحق في بيع (وليس الالتزام بالبيع) عدد معين من الأسهم أو الأوراق المالية بسعر محدد خلال فترة محددة، فإذا مارس الخيار أضحى على الطرف الآخر أن يقبل تلك الأسهم (أو الأوراق الأخرى) عند السعر المتفق عليه.

فعندما يشتري عمرو وثيقة خيار دفع يكون من حقه أن يبيع عدد الأسهم المتضمنة فيها عند سعر محدد خلال المدة التي يسري فيها الخيار. ويعمد عمرو إلى مثل هذا الإجراء عندما يتوقع انخفاضا في أسعار الأسهم ويريد حماية نفسه من الخسارة المتوقعة. فهو يستفيد من ارتفاع سعر الأسهم لأنه غير ملزم بالبيع ولكنه يحول الخسارة (عند الانخفاض) على الجهة المصدرة لذلك الخيار. فكأنه حصل على الحماية (تأمين) مقابل سعر الخيار.

5-

د-2 (ج) الخيار المركب (Stradle option) :

ويتضمن هذا الخيار حقا في الشراء وحقا بالبيع في ذات الوقت. يصدر المستثمر هذا الخيار ثم ينتظر ماذا يحدث في السوق، فإذا وجد الأجدى له البيع مارسه، وإذا وجد الأجدى له الشراء مارسه، فيكون متأكدا لهذه الطريقة من الحصول على حد أدنى من العائد مقابل تحمله سعر الخيار.

5-

د-2 (د) الخيار الممتد (Spread option) :

ويتضمن خيار شراء وبيع، أي خيارا مركبا، ولكن بسعر للشراء يزيد على سعر البيع.

5-

د-3 الفوائد التي تعود على المتعاملين بالخيارات:

تمثل الخيارات مصدر عائد مالي لبائعها، وتأمينا ضد جزء من مخاطر المضاربات بالنسبة لمشتريها. فمشتري خيار الطلب (Call) يحصل على فرصة تحقيق الربح عند ارتفاع أسعار الأسهم ولكنه لا يتحمل خسارة (سوى ما دفعه كسعر الخيار) في حالة انخفاضها، والمشتري لخيار الدفع (Put) يحمي نفسه من الخسارة المتوقعة عند انخفاض الأسعار ويحتفظ بفرصة تحقيق ربح لو أنها ارتفعت، ويدفع مقابل ذلك قيمة الخيار. وفي الخيارات في نظر المتعاملين بها باستخدام أكثر كفاءة للموارد المالية إذ يستطيع من يمتلك 1000 ريال مثلا أن يتصرف في أسواق البورصة وكأنه يمتلك أكثر من ذلك بكثير، إذ يشتري الخيار بدلا من السهم ذاته فيستفيد من ارتفاع أو انخفاض الأسعار بمقدار ربما يزيد على من يمتلك تلك الأسهم، كل ذلك بدون الحاجة على شراء الأسهم ذاتها.

مثال: كان سعر أسهم شركة الأمانة 40 ريالا للسهم الواحد في أول شهر فبراير، وكان سعر شهادة الخيار التي تتضمن 100 سهم تسليم أكتوبر هو 500 ريال (أي 5 ريالات للسهم كخيار) ، وسعر السهم فيها هو 40 ريالا أيضا. فإذا ارتفعت أسعار الأسهم خلال شهر إبريل مثلا إلى 46 ريالا (أي بنسبة15 %) وارتفعت قيمة شهادة الخيار إلى 750 ريالا (أي بنسبة15 %) ، فلنقارن حالة زيد وعمرو، الأول اشترى 100 سهم والثاني اشترى خيارا يتضمن حق شراء100 سهم.

ص: 1214

البيان زيد عمرو

قيمة الشراء:

4000

500

قيمة البيع:

4600 750

الربح (بافتراض عدم وجود مصاريف إدارية)

600 250

نسبة الربح:

(15 %)(50 %)

لقد حصل حامل الخيار على ربح أكبر من مالك الأسهم. ولكن لو لم تتحقق توقعات حامل الخيار لكانت خسارته أكبر من مالك الأسهم. ولذلك نجد أن ملاك الأسهم يصدرون على أساسها خيارا يبيعونه لكي يضمنوا إما ربحا أكبر أو حماية أنفسهم من احتمال الخسارة، ويستطيع مصدر الشهادة أن يعيد شراءها أو شراء مماثل لها بحيث يعفي نفسه من أي التزام (Offsetting option) فلا يضطر إلى بيع أو شراء. وتعد عملية إصدار الخيارات مصدرا للدخل لكل مالك لحافظة استثماره، حيث يصدر الخيارات اعتمادا على ما فيها من أسهم وسندات.

مثال: السعر الجاري لسهم شركة الأمانة هو 50 ريالا، يملك زيد منها 100 سهم، وقرر أن يكتب مقابلها شهادة خيار يبيعها بسعر 4 ريالات للسهم (هذا السعر يعتمد على أحوال العرض والطلب في السوق) . حصل مقابل ذلك على400 ريال. فإذا انخفض سعر السهم عن 50 ريالا فإن زيدا لن يتحمل تلك الخسارة (إلى حد 4 ريالات) . وإذا ارتفع سعر السهم فسوف يمارس مشتري الخيار حقه فيحصل على الأسهم، فكأن زيدا قد باعها بـ54 ريالا للسهم فهو قد تنازل عن الزيادة في سعر السهم مقابل حصوله على قيمة الخيار فضمن لنفسه الحصول على 54 ريالا لكل سهم، بينما أن مشتري الخيار سيحصل على مبلغ أكبر، معتمدا على السعر السائد للسهم الذي سوف يبيعه بعد ممارسته للخيار.

ونظرا إلى أن أسعار الخيارات تتحرك باتجاه أسعار الأسهم (1)(أو الأوراق المالية التي تتضمنها) لذلك فإن المستثمر لا يحتاج على ممارسة الخيار (أي شراء الأسهم) للحصول على الربح، ومن ثم فقد أصبحت الخيارات ذاتها مصدرا للأرباح. وهذا ما أدى إلى ظهور أدوات استثمار جديدة تعتمد على التحركات ذاتها ولا حاجة معها لشراء أي شيء كما سيأتي تفصيله أدناه.

5 -

د-4 الخيار على المؤشر (2)(Index option) :

(1) وينخفض السعر أوتوماتيكيا بمقدار ما توزعه الشركة من أرباح.

(2)

هذا العقد صورة من صور القمار الذي ينتشر في أسواق البورصة في زمننا الحاضر حتى صارت بعض الصحف المتخصصة تسمى المجتمع الأمريكي مثلا (مجتمع صالة القمار) كناية عن هذه الظاهرة. إن ما يدفعه المشتري يحصل مقابله على فرصة ربح تعتمد على الحظ والمخاطرة. ثم إن ما يتحصل عليه من عائد ليس له مصدر حقيقي كربح أو ما شابه ذلك، ولكنه شبيه بالميسر يكسب الطرف الأول خسارة الطرف الثاني اعتمادا على ما قامرا عليه. والميسر مفسدة حرمها الإسلام. هي توقع العداوة والبغضاء بين الناس يقول المولى عز وجل:{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانَ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} الآية. والله أعلم.

ص: 1215

لقد بدا واضحا لدى أرباب البورصات منذ وقت طويل أن الهدف الرئيسي للمتعاملين هو تحقيق الربح عند أي تغير في مستويات الأسعار، فالأسهم والسندات وسواهما ليست هدفا بحد ذاتها ولكن الهدف هو استخدامها كأدوات للمضاربات المحمومة ولتحقيق الربح من الخطر. ولقد أظهر انتشار الخيارات أنه لا داعي ابتداء لامتلاك الأسهم أو السندات بل يكفي شراء وبيع الخيارات. ولذلك يعمد المتعاملون إلى تصفية عقد الخيار نقديا، فيدفع مصدر الخيار إلى المشتري الفرق بين السعر الجاري والسعر المتضمن في الخيار بدون الحاجة إلى بيع وشراء الأسهم ذاتها أو السندات. ولقد أدى هذا إلى تطور جديد حيث ظهرت أنواع من الخيارات لا تتضمن ورقة مالية بعينها (أي سهما أو سند شركة محددة) ، ولكنها تتضمن مؤشران فمثلا نعرف أن مؤشر ستاندرد أند بور 100 يقيس التغير في سعر مائة شركة تتداول أسهمها في بورصة نيويورك. فعندما يصدر الخيار على المؤشر المذكور فإنه يتضمن تلك الأسهم المائة (بدلا من سهم شركة واحدة) ، ولكن لا يحتاج المتعاملون فيه إلى قبض أو تسليم أي شيء بل يكفي تصفية العقد نقديا عند انتهاء مدته معتمدين على اتجاه المؤشر. فإذا ارتفع ربح من مقامر على ارتفاعه خسر من مقامر على الانخفاض، وهكذا.

وهناك عشرات المؤشرات التي تستخدم لهذه العقود بعضها عام وبعضها متخصص في أنواع محددة من الشركات، مثل شركة البترول، شركات المواصلات، الفنادق

إلخ.

5-

د-5 خيارات العملات الأجنبية (Foreign Currency Option) :

تشبه هذه الخيارات، ما سبق تفصيله، ولكنها بدلا من أن تكون متضمنة أسهما أو سندات فإن محلها خيار الشراء أو بيعه وهو عملة أجنبية. وتنتشر في الولايات المتحدة بشكل خاص (1) .

5-

د-6 الخيار في أوروبا والخيار في الولايات المتحدة:

لا تكاد تختلف الإجراءات المتعلقة بالاستثمار في مجالات الخيارات في الأسواق المالية من أوروبا والولايات المتحدة، عدا نقطة واحدة، ففي الولايات المتحدة حق المشتري حال خلال مدة الخيار فهو يستطيع ممارسته في أي وقت يشاء قبل الساعة الثامنة مساء من آخر يوم فيه.

أما في أوروبا فلا يجوز له ممارسته إلا في آخر المدة المحددة أي في الساعات الأخيرة من تلك الفترة.

(1) العقد بالصيغة المذكور غير جائز، فإن كان البيع واقعا على العملة ذاتها فهي صرف، والقبض يدا بيد شرط في صحة عقد الصرف، فلا يجوز تأجيل أحد البدلين في هذا العقد ومن ثم لم يَجْرِ فيه الخيار ابتداء والغالب أن محل العقد المذكور ليس العملة الأجنبية. ولكنه الحق في الحصول على فارق السعر الذي سيتحقق في المستقبل ومن ثم صار الثمن المدفوع هو ثمن الخيار ذاته الذي صار هنا مستقلا عن عقد البيع.

ص: 1216

5 -

هـ-5 المستقبليات (1)(Futures) :

تنتشر في أسواق الأوراق المالية عقود تسمى العقود الآجلة، أو المستقبليات، وهي تتضمن بيع سلعة أو ورقة مالية أو مؤشر على أن يكون القبض في تاريخ لاحق. صفة هذه العقود شبيهة بعقد السلم المعروف في الفقه الإسلامي ومختلفة عنه في آن الوقت. والأرجح أنها قديمة حتى في الغرب، ولكنها لم تظهر كأداة للاستثمار والمضاربة في سوق منظمة إلا في أواخر القرن التاسع عشر في المنطقة الزراعية في الولايات المتحدة آنذاك وهي الغرب الأوسط. كان الغرض تحقيق الاستقرار في أسعار السلع الزراعية بطريقة يستفيد منها الفلاح والتاجر، وقد بدأت بالقمح، ثم انتهت بكل أنواع السلع والأدوات التي يمكن أن تباع وتشترى. واستمرت شيكاغو، المدينة الرئيسية في الغرب الأوسط مركز هذا النوع من العقود. وقد حدث التطور الرئيسي فيها في أوائل السبعينات عندما افتتح مجلس إدارة سوق شيكاغو (2) سوقا خاصة للتعامل بهذه العقود. ليست عقود البيع الآجل هذه جديدة، ولكن الجديد فيها هو (تنميطها) بطريقة جعلتها قابلة للتداول. ففي الأسواق التي تتبادل فيها المستقبليات تلتقي رغبة بائع السلعة، مثل الفلاح الذي يتوقع أن سيكون لديه 100 طن من القمح بعد 9 أشهر ويرغب في ضمان وجود مشتر لها، ورغبة مشتر يتوقع أنه سيحتاج إلى القمح بعد 9 أشهر ويرغب في شرائه من الآن. ولا يحتاج أي منهما على الالتقاء بالآخر في أسواق البورصة، إذ كل ما في الأمر أن يشتري كل منهما عقدا نمطيا من سلطة السوق يتضمن تسليم كمية من القمح (5000 كيس تسليم شهر أكتوبر مثلا) من نوعية محددة في وقت معلوم.

ويتم تبادل السلعة مقابل النقود في الوقت المحدد للقبض وليس عند العقد. ولكن قد تحتاج كل منهما إلى تقديم ضمان أو دفع مبلغ من المال على سلطة السوق للتأكد من قدرتهما على الوفاء بالتزاماتهما، ولا تزيد هذه عادة عن 10 % من قيمة العقد عند التوقيع ثم نحو 7 % في اليوم التالي. وليس من الضروري أبدا دفع القيمة كاملة، بل يكفي مبلغ يغطي الخسارة في حال تخلف أي منهما عن الوفاء.

إن الميزة الأساسية لهذه العقود كما أسلفنا هو التنميط (النمطية) فهي تتضمن على سبيل المثال كميات محددة لكل عقد (5000 كيس بالنسبة للقمح) ونوعيات موصوفة بدقة، تسلم خلال فترة محددة على مستودعات معينة، ثم يقوم البائع بتسليم المشتري وثيقة الإدخال إلى المستودع ويحصل مقابلها على الثمن. وهكذا الأمر في السلع الأخرى.

إن الباعث على عقود المستقبليات هو تذبذب الأسعار، وعدم القدرة على توقع أسعار المستقبل بشكل دقيق، فلو أننا عرفنا سعر القمح بعد ستة أشهر بشكل يقيني لما كان لأسواق المستقبليات أي معنى.

(1) آثرنا أن لا نسمي هذه العقود بالبيوع الآجلة حتى لا يختلط الأمر لشبهها بالعقد المعروف في الفقه الإسلامي.

(2)

Chicage Board of trade.

ص: 1217

ولذلك نجد أكثر التعامل في المستقبليات إنما يكون في السلع ذات التذبذب الموسمي مثل السلع الزراعية التي يعتمد سعرها في كل موسم على الأحوال الجوية وما إلى ذلك. ولكننا نادرا ما نرى هذه المعاملات في السلع المصنعة لاستقرار أسعارها بطريقة يمكن التنبؤ بها. مع أن هناك اتجاها في الوقت الحاضر لتوسيع هذه الأسواق لتشمل سلعا وخدمات جديدة مثل القواعد المتاحة للسفر في الطائرات وبعض السلع المصنعة

إلخ تعليق: في هذه المعاملة شبه من عقد السلم وفيها اختلاف. وبيع السلم من البيوع الجائزة، وفيه بيع عوض حاضر بآخر موصوف في الذمة على أجل سلفا. ودليله من القرآن آية الذين:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [سورة البقرة: الآية 282] . ومن السنة ما روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم إلى المدينة والناس يسلفون في الثمار العام والعامين فقال: ((من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم على اجل معلوم)) . وفي شروط السلم اختلاف بين المذاهب. فمنهم من قال بجواز عقد السلم استثناء لأن الأصل عدم جواز بيع المعدوم، فهو عقد غرر أجيز استحسانا، ومنهم من قال، كابن تيمية وابن القيم، أنه بيع عادي جائز قياسا، فليس مهما أن يكون المبيع معدوما عند العقد ولكن المهم القدرة على التسليم وقد حرمت الشريعة بيوعا السلعة فيها غير معدومة (كالبعير الشاردة) لعدم القدرة على التسليم. فإذا كان المبيع موصوفا في الذمة وصفا يضبطه وجوده عند الأجل مع تحقق رضى الطرفين وخلوه من الغرر والجهالة التي تقضي على النزاع أو الميسر. ومن شروط السلم قبض الثمن قبل التفرق في مجلس العقد، وأجاز مالك تأخيره إلى ثلاثة أيام.

هل تكون هذه المعاملة نوعا من بيوع السلم؟

تشبه هذه المعاملة بيع السلم المعروف في الفقه الإسلامي، فهي عقد بيع يتفق فيه الطرفان على التعاقد على بيع بثمن معلوم يتأجل فيه تسليم السلعة الموصوفة بالذمة وصفا مضبوطا إلى أجل معلوم. ولكنه يختلف في أمرين:

الأول: أن رأس مال السلم (الثمن) لا يدفع معجلا بل يقتصر على دفع نسبة منه فكأن البدلين فيه مؤجلان.

الثاني: أن المسلم فيه (أي السلعة) يباع قبل قبضه.

ص: 1218

بالنسبة للنقطة الأولى، فإن تأجيل دفع الثمن يحول العقد على بيع غير جائز هو بيع الدين بالدين، فقد ذكر ابن القيم رحمه الله:(.. ولهذا سمي سلما لتسليم الثمن فإذا أخر الثمن دخل في حكم الكالئ بالكالئ)(إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم: 2/20) ولا يجوز بيع السلم فيه، أي السلعة المؤجلة القبض الموصوفة في الذمة، قبل قبضها الفعلي واكتمال شروط الحيازة الشرعية فيها بالصفة الملائمة.

هل يغير وجود طرف ثالث في العقد من الأمر شيئا؟

من الملاحظ أن في المعاملة الموصوفة في أسواق المال والسلع طرف ثالث هو سلطة السوق. والعلاقة بين البائع والمشتري لا تتم مباشرة بل من خلال تلك السلطة. وهي تقدم الضمان لوفاء الطرفين بالتزامهما، كل واحد تجاه الآخر. (ربما يعقد هذا الضمان القضية، ويدخل في العقد تشعبات ليس هنا مكان الاستطراد فيها) فهل يؤثر هذا الضمان ووجود سلطة السوق المذكورة على موضوع تأجيل قبض الثمن؟ الأصل على أنه لا يجوز هذا التأجيل ومن أجازه لأيام (كالمالكية) إنما فعل ذلك باعتبار أن ما قارب الشيء أخذ حكمه فاعتبر هذا في حكم التعجيل، فإذا شرط فيه لأكثر من ثلاثة أيام فسد العقد. والذي لا يجوز هو تأجيل البدلين، كأن يكون رأس مال السلم مؤجلا كالسلعة بالموصوفة في الذمة حيث يفضي ذلك إلى بيع الكالئ بالكالئ. على أن مجرد عدم القبض في المجلس لا يعني التأجيل بالضرورة، لأن رأس المال حال فهو غير مؤجل وليس بنسيئة حتى لو لم يقبض فربما لا يفضي إلى بيع الدين بالدين. فإذا قبلنا أن عقد السلم بيع عادي أجيز قياسا لا استثناء أضحى في المسألة باب للتوسعة والله أعلم.

فإذا كانت هذه المعاملة من عقود السلم، ففي الموضوع مسألتان:

الأولى: أن الأسهم أوراق مالية وليس سلعا، فهل يجوز فيها السلم؟ الأرجح أنها إذا أخذت حكم السلع في البيع جاز فيها السلم. أما إذا أخذت حكم الديون لم يجز.

الثانية: هي أن السلم إنما يكون في سلعة موصوفة في الذمة ولا يجوز التعيين فيها فلا يجوز أن يسلم في ثمرة بستان بعينه لكونه لا يؤمن تلفه وانقطاعه، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه أسلف إليه رجل من اليهود دنانير في تمر مسمى فقال اليهودي: من تمر حائط بني فلان؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((أما حائط بني فلان فلا، ولكن كيل مسمى إلى أجل مسمى)) رواه ابن ماجه. والذي عليه المعاملة الموصوفة في أسواق المال (إن كانت سلما) أن من أنواعها ما يكون فيه تعيين، فالسلع الموصوفة في الذمة (في مستقبليات الأسهم) هي أسهم شركة بعينها وليس أسهما موصوفة على أجل معلوم. على أن العلة في منع التعيُّن (وهي أنه لا يؤمن تلفه وانقطاعه) غير متصورة هنا لاستبعاد تعرض الشركة لحوائج مفاجئة تأتي على اسهم الشركة بالانقطاع إلا في حالات نادرة لا حكم لها.

ص: 1219

هل هو بيع عادي؟

ليس كل بيع يؤجل فيه قبض المبيع يكون داخلا في باب السلم (ولا الاستصناع) ، وقد أثبت الفقهاء صورا من البيع الجائز الذي يؤجل فيه قبض المبيع، غير عقد السلم. من ذلك قول الشافعية والحنفية بعدم تسليم الثمن في المجلس إذا بيع موصوف في الذمة مؤجل بثمن معين (على غير السلم) . وقد ذكر الكاساني في بدائع الصنائع:(.. باع عبدا بثوب موصوف في الذمة مؤجل، فإنه يجوز بيعه، ولا يكون جوازه بطريقة السلم بدليل أن قبض العبد ليس بشرط، وقبض رأس مال السلم شرط جواز السلم)(البدائع: 7/30-31) . والعلة في تحريم كثير من العقود ومن الشروط في العقود هو الغرر المفضي على المنازعة، ومسألة دقيقة تحتاج إلى نظر وتمحيص في ظل الأشكال الجديدة من العقود.

هل يكون من عقود المقاولة؟

عقود المقاولة من أنواع العقود المستجدة، وهي شبيهة ببيع السلم وعقد الاستصناع ولكن فيها عنهما مخالفة تتمثل في تأجيل البدلين، وعقود المقاولة صورة من صور بيع الكالئ بالكالئ لأنها بيع دين مؤخر لم يكن ثابتا في الذمة بدين مؤخر مثله، ويسميها المالكية ابتداء الدين بالدين. وقد اقترح أحد الباحثين أن الحاجة إليها داعية والضرورة فيها معتبرة لعموم عمل الناس بها وتعذر إقامة أعمال التجار والمقاولين بدونها، فما دام خاليا من الربا فلا يوجد مانع شرعي من إباحته للضرورة (نزيه حماد، بيع الكالئ بالكالئ في الفقه الإسلامي، جدة مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي، 1986م، ص29) والمعاملة الموصوفة شبيهة بعقد المقاولة المذكور الذي اتسع انتشاره والعمل به في كافة أنواع النشاط الاقتصادي حتى استقر عليه عرف التجار وعد من المعاملات المقبولة بينهم. والله أعلم.

هل يمكن اعتباره عقد سليم متجددا؟

يمكن للخروج من حرج النقطة الثانية المشار إليها سابقا، القول بأن ما يحدث ليس بيعا للمسلم فيه قبل قبضه، بل عقد سلم جديد لا تباع فيه السلعة ذاتها ولكن يسلم فيه بأخرى بنفس الوصف والمقدار في عقد جديد، (ويمكن إعادة صياغة العقد لينص على ذلك) . ولكن هذا غير ممكن في المعاملة الموصوفة في أسواق السلع والمال العالمية، لأن ما يحدث في الواقع هو تصفية نقدية لتلك العقود يوميا، فهي أي العقود، يجري إعادة كتابتها في أول وقت الافتتاح ثم تصفيتها في آخر النهار، فلا يبقى العقد الأول ساريا حتى نهاية الأجل ومن ثم لا يمكن القول بأنها عقد سلم يلغي بآخر يتضمن نفس السلعة.

ص: 1220

5-

هـ-5-1 الفرق بين الخيارات والمستقبليات:

هناك شبه كبير بين هذين النوعين من العقود حتى أن كثيرا من الناس لا يكاد يفرق بينهما. والفرق بينهما دقيق ومهم.

ففي عقد الخيار يدفع المشتري سعرا يعطيه الحق في شراء السلعة (أي الورقة المالية) التي هي محل الخيار. وسعر الخيار هو الذي يتحدد في العرض والطلب وليس سعر السلعة ذاتها، فالسوق للخيارات وليس للسلعة (أو الورقة المالية) . وبصرف النظر عن سعر السلعة التي هي محل الخيار فمشتري الخيار لا يمكن أن يخسر إلا ما دفعه ثمنا للخيار والعكس.

أما في المستقبليات فالأمر مختلف إذ أنها تتضمن بيعا آجلا، والسعر الذي يجري التفاوض عليه هو سعر السلعة ذاتها، كما أنه ينص على التزام المشتري بالشراء عند ذلك التاريخ ومحل العقد هو - في الظاهر- السلعة التي يتم التعاقد على تسليمها في تاريخ مستقبل.

5-

هـ-5-2 كيف تتم عقود المستقبليات:

تلعب غرفة المقاصة (Clearing House) دورا هاما في أسواق البيوع المذكورة فهي ضامن للبائع والمشتري. ويتم العقد في الحقيقة بين البائع والغرفة، ثم بين المشتري والغرفة حيت لا توجد علاقة مباشرة بينهما (أي البائع والمشتري) ، فالعقد يتكون من طرفين بينهما غرفة المقاصة يتعهد الأول مثلا في يناير 1990م بشراء100 طن من القمح بسعر 1000 ريال للطن في يوم 15 يوليو 1990من ويتعهد الآخر بتسليمه هذه الكمية في التاريخ المحدد عند السعر المتفق عليه الذي سوف يجري بين يناير ويوليو 1990م هو انتقال هذا العقد من مستثمر إلى آخر عن طريق غرفة المقاصة عشرات المرات يوميا. فالمعاملات كلها تصفى في آخر النهار، ثم تبدأ في الغد بيعا وشراء ثم تصفى في آخر النهار ليظهر من ربح ومن خسر. فمن يمتلك حق الحصول على القمح بسعر1000 ريال للطن سيربح أتوماتيكيا عندما يرتفع السعر لأكثر من هذا المبلغ، ومن تعهد بتسليم القمح بسعر1000 ريال سيخسر أوتوماتيكيا عندما يرتفع السعر المذكور.. وهكذا. أما التسليم والقبض الفعلي للقمح (أو السلعة أو الورقة المالية التي هي محل العقد) ، فهذا أمر لا يهتم به المتعاملون إلا في تاريخ القبض (أي 15 يوليو في هذا المثال) ، حيث يتحول العقد في النهاية إلى المشتري الحقيقي للقمح بعد أن يكون قد مر على مئات المضاربين خلا لالفترة التي تفصل بين التعهد بتسليم تلك السلعة والقبض الفعلي لها.

ص: 1221

افترض على سبيل المثال أن عقود بيع القمح تسليم شهر يوليو بدأ عرضها اليوم في السوق فأقدم زيد على شراء 5000 كيس بسعر 44 ريالا للكيس الواحد. بمجرد إبرام العقد تصبح غرفة المقاصة مسئولة عن تسليم 5000 كيس في شهر يوليو إلى زيد وتقبض منه 22 ألف ريال. ومن الجهة الأخرى تصبح مسئولة عن قبض تلك الكمية من البائع وتسليم المبلغ إليه. وفي اليوم التالي وجد زيد أن عمرا يرغب في شراء قمح تسليم شهر يوليو بمبلغ 45 ريالا للكيس الواحد، هذه فرصة ربح مؤكدة. فيستطيع من خلال غرفة المقاصة أن يحول العقد لصالح عمرو ويحصل على ربح مقداره 5000 ريال. فتقوم غرفة المقاصة بدفع المبلغ المذكور ثم قبضه حالا من البائع الأصلي الذي تعاقد على البيع بـ 44 ريالا. وفي حالة البيع بسعر اقل يكون على زيد أن يدفع لغرفة المقاصة الفرق حتى تضمن الغرفة دفع الغرفة مبلغ 44 ريالا للبائع الأصلي لأنه الآن سوف يقبض في شهر يوليو 45 ريالا لكل كيس. والواقع أن المعاملات أشبه بعقود يجري إعادة كتابتها يوميا. ففي كل يوم تقوم غرفة المقاصة بتجديد العقود وإبرامها بآخر سعر وصل إليه التعامل في اليوم السابق. ولذلك يحصل المتعاملون على الأرباح ويتحملون الخسائر يوميا.

ومن ذلك نرى أن غرفة المقاصة هي الوسيط بين المتعاملين، تقدم ضمان الوفاء بالعقود، وقد تطلب هذه الغرفة من بائع العقد أن يقدم ضمانا يتمثل بدفعه جزءا من القيمة أو تقديم ضمانات أخرى بدون الحاجة على دفع المبلغ كاملا. وبالنسبة للعقود المباعة في الأسواق الخارجية (أي خارج البورصة) ، تقوم شركات متخصصة في التعامل بالأوراق المالية بتقديم ضمان مشابه لذلك الذي تقدمه غرفة المقاصة.

ومن المهم أن نعلم أن عقد الصفقات المذكورة في أسواق البورصة مقصور على السماسرة المرخصين الذين هم أعضاء في تلك الأسواق.

ص: 1222

5-

هـ-5-3 عقود على السلع وعقود على الأوراق والمؤشرات:

لم تعد عقود البيع الآجلة التي وصفناها أعلاه مقتصرة على القمح والشعير، ولكنها توسعت لتشمل أنواعا متعددة من السلع والأوراق المالية المختلفة وعقود البيع الآجل على المؤشر. أما بالنسبة للسلع فلا يتطلب الأمر من البائع إلا القدرة على الوفاء بالتزاماته ولا يحتاج إلى إثبات ملكيته للأصل. إذ المطلوب منه بموجب العقد أن يسلم في التاريخ المحدد السلعة، ولا يهم أن يكون مالكا لها عند العقد أم سيشتريها في ذلك التاريخ. كما أن أكثر الأرباح يحققها المضاربون الذين يتبادلون العقود خلال الفترة السابقة لتاريخ القبض. والعقود الخاصة بالأوراق المالية شبيهة بذلك، إذ يحتاج البائع أن يسلم السند أو السهم الموصوف في التاريخ المحدد.

5-

هـ-5-4 مستقبليات المؤشر (Index Futures) :

بدأت هذه العقود على السلع، حيث يلتزم أحد الطرفين بتسليم الآخر كمية من القمح مثلا في تاريخ لاحق، ثم توسعت لتشمل الأسهم والسندات والأوراق المالية، فيلتزم ذلك الطرف بتسليمها إلى المشتري في تاريخ لاحق. ثم تطورت لكي يلتزم طرف بدفع المؤشر على الطرف الآخر. لا شك أن المؤشر أمر مجرد، مثل درجة الحرارة، لا يمكن لأحد أن يقبضه أو يدفعه، ولذلك فالمقصود بهذا هو التسوية النقدية بين الحالين عند أول العقد وعند نهايته.

بدأ التعامل بهذا النوع من العقود في فبراير (شباط) 1982م، في بورصة مدينة كنساس سيتي الأمريكية، وقد بدأت بإبرام عقود البيع الآجل على الأسهم المتضمنة في مؤشر (Value Line) ، والذي يتضمن أسهم 1700 شركة. إن الجديد في هذه العقود هو أنها لا تتضمن قبض أو تسليم أي شيء، حيث يجري في نهاية العقد تسوية نقدية تمثل الفرق بين السعر المتضمن في العقد والسعر السائد في تاريخ انتهائه.

ص: 1223

ويدعي المتعاملون بهذا النوع من العقود أن لها فوائد اقتصادية على المتعاقدين، فهي في ظنهم:

(1)

تؤدي إلى تقليل التقلبات في أسعار وعائد الأسهم المتضمنة في الحافظة الاستثمارية وحمايتها ضد انهيار الأسعار.

(2)

الاستفادة من التغيرات في الأسعار واستغلال القدرة على توقع الاتجاه العام في السوق.

(3)

الاستثمار ليس في قطاع محدد أو عدد قليل من الشركات ولكن في السوق كله لأن المؤشر يعكس الاتجاه العام.

(4)

الاستغلال الأمثل للموارد المالية وعدم تجميدها في شراء الأصول ذاتها، بل في المضاربة على فرض الربح مباشرة.

ومن الجلي أن هدف المقامرة هو المحرك الأساسي لمثل هذه المعاملات، ولذلك نجد أن توسعا كبيرا قد حصل في مستقبليات المؤشر حتى أنها أصبحت تشمل المتاجرة على مؤشر تكاليف المعيشة (Consemer Price Index) ، وهو المؤشر الذي تصدره الحكومات ليقيس معدل التضخم، رغم أنها لا علاقة له بالأوراق المالية. والواقع أن المضاربين لا يحتاجون على أكثر من شيء (أي شيء يتم تحديده بواسطة قوى مستقلة عن أي توجيه أو تأثير من أحدهم) ، ليقوموا بالبيع والشراء والمقامرة على تغيره.

5-

هـ-5-5 مستقبليات العملات الأجنبية (Foreign Currency Futures) :

كانت أسعار صرف العملات الدولية تتسم بقدر كبير من الاستقرار والانضباط حتى أواخر العقد السادس من القرن الميلادي. ثم لما تم إلغاء العلاقة بين الدولار والذهب في أول السبعينات شهدت هذه الأسعار تقلبات كبيرة، مما اضطر المتعاملين في التجارة والمقاولين على حماية أنفسهم من تلك التقلبات ببيع حصيلتهم المتوقعة بعملة أجنبية قبل قبضها، أو شراء ما يحتاجون إليه من العملات الأجنبية قبل وقت الحاجة المباشرة لها. ويؤدي هذا إلى تحسين قدرتهم على حساب تكاليف إنتاجهم وأرباحهم المتوقعة.

ولقد أدى ذلك على ظهور أسواق منظمة لمثل هذه المعاملات. فظهرت سنة 1972م أول سوق متخصصة في ذلك في مدينة شيكاغو، ثم انتشرت في أسواق العالم الأخرى. وينص العقد على تسليم مبلغ من عملة أجنبية في تاريخ محدد ثم يصبح بعد ذلك قابلا للتداول ومحققا لعائد أو خسارة على حامله، ويشبه التعامل فيه الأنواع الأخرى التي تحدثنا عنها أعلاه (1)

(1) هذا النوع من الصرف. والصرف فيه تأجيل أحد البدلين بل صحته تقتضي التقابض في مجلس العقد، أي أن يكون يدا بيد. فإن كان فيه تأجيل كلا البدلين (أي مواعدة على الصرف) وليس فيه إلزام شرطا ولا عرفا فربما كان جائزا، والمعاملة المذكورة هي من النوع الأول، والله أعلم.

ص: 1224

5-

هـ-6 الخيارات على المستقلبليات (Options on Financia Futures) :

بدأت في شيكاغو، في أكتوبر (تشرين أول) 1982م، أول عملية منظمة لعقود الخيار على عقود البيوع الآجلة، فهناك خيارات الطلب وخيارات الدفع لشراء وبيع العقود المستقبلية بسعر محدد لتاريخ معين، تبدأ العملية بوجود عقد بيع آجل ثم يتم على أساسه إصدار خيار يعطي حامله الحق في شراء ذلك العقد عند سعر محدد. ويجب ملاحظة أن عقد الخيار ليس له علاقة بالسلع أو الورقة المالية (السند أو السهم) الذي يتم التعاقد عليه في البيع الآجل فهي خيار على عقد البيع وليس على السلعة أو الورقة. ولذلك فإن تاريخ انتهاء عقد الخيار يكون دائما قبل وقت من حلول تاريخ القبض في عقد البيع الآجل حتى يعطي حامله فرصة المتاجرة به قبل انتهائه.

وهكذا، نجد أن اتجاه التطورات في هذه الأسواق هو دائما نحو التعقيد والإغراق في تركيب العقود الواحد فوق الآخر بحيث نجد أن كل عملية حقيقية يجري تركيب عشرات العمليات الوهمية فوقها حتى لا يكاد يظهر منها إلا جانب القمار والمضاربة المحمومة لا النشاط الاقتصادي النافع.

5-

و-5 تداول الديون (Securitozation) :

اكتسبت وثائق تداول الديون أهمية في أسواق المال في السنوات الأخيرة. وتقوم هذه العملية التي تسمى (Securitization) ، على خلق أوراق مالية قابلة للتداول مبنية على حافظة استثمارية ذات سيولة متدنية. لقد بدأت فكرة تداول الديون عندما قامت مؤسسة تمويل بناء المساكن في الولايات المتحدة (Mortgaga Association Government National) ، باسم (Ginnie Mea) بتولي عملية تمويل بناء المنازل منذ 1968م، ليس عن طريق الإقراض المباشر ولكن عن طريق توفير السيولة لمؤسسات الإقراض الخاصة، ويتم ذلك بواسطة شراء القروض التي تقدمها تلك المؤسسات لبناء المساكن، ومن ثم تمكينها من التوسع في الإقراض. لقد خلق ذلك سوقا ثانوية لقروض بناء المساكن سرعان ما توسعت ودخلت فيها مؤسسات أخرى غير المؤسسة المذكورة (Ginnie Mea) ، مما أدى إلى تطورها بحيث لم تعد تقتصر على قروض بناء المساكن ولكن شملت كل أنواع الديون، كتلك الناتجة عن تمول شراء السلع الاستهلاكية والسيارات وقروض بطاقات الائتمان والقروض الخاصة بإنشاء الأصول الرأسمالية.. إلخ. وقد أمكن بهذه الطريقة تحويل الديون طويلة الأجل وقليلة السيولة إلى أصول سائلة.

ص: 1225

وتتم عملية تداول الديون بطرق مختلفة. فقد يبيع المصدر الأصلي (أي البنك مثلا) الدين برمته إلى مالك جديد يقوم بعد شرائه هذه الديون، بقبض أقساط التسديد والفوائد المترتبة على القرض وعلى التأخير.. إلخ. وتقتصر مهمة المصدر الأصلي على خدمة العلاقة بينهما وتسمى (Pass-Throughs) ، وقد تبقى ملكية الدين للمصدر الأصلي وتبقى العلاقة مستمرة بينه وبين المدين ولكنه، أي المصدر الأصلي، يقوم ببيع تيار الفوائد المتوقع من ذلك القرض فيكون الدين مستحقا للمصدر الأصلي ويتحمل هو المخاطرة المتضمنة فيه، ولكنه يستعجل قبض الفوائد بأخذها من طرف ثالث معجلة ويسمى (Pay Throughs) ، أي أن المصدر يقبض مقدما الفوائد المتوقع دفعها فقط. أما الطريقة الثالثة فهي إصدار سندات مضمونة بتلك الديون، ثم بيعها فتكون الديون الأصلية ضمانا لتلك السندات فقط، وتسمى (Mortgaga Backed) قد تبدو هذه المعاملات شبيهة بما ورد في كتب الفقه من بيع الدين بالدين. والإجماع على عدم جواز بيع الدين بالدين (بيع الكالئ بالكالئ)، قال الإمام أحمد:(إجماع الناس على أنه لا يجوز بيع الدين بالدين)(المغني لابن قدامة: 4/53) ، وذكر ابن المنذر في الإجماع (ص 117) عملا ينهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الكالئ بالكالئ ولبيع الدين بالدين صور متعددة تتفق جميعا في كون أن كلا البدلين دين ثابت (أو لم يكن ثابتا) في الذمة. فقد عرفه مالك في الموطأ، (.. أن يبيع الرجل دينا له على رجل بدين على رجل آخر) (الموطأ: 2/660) ، ومنها أن يشتري الذي عليه دين السلم، المسلم فيه- عند حلول الأجل وعدم قدرته على التسليم- من صاحب رأس مال السلم بثمن مؤجل، (نقله نزيه حماد (بيع الكالئ بالكالئ) عن أبي عبيد القاسم بن سلام) ، ومنها بيع المؤخر الذي لم يقبض بالمؤخر الذي لم يقبض، كتأخير البدلين في عقد السلم (ابن القيم، إعلام الموقعين: 2/90) . ولعل الحكمة في منع هذه البيوع عظم الغرر المتضمن فيها.

من ذلك نرى أن الصورة التي وضحناها أعلاه في تداول الديون قد خرجت من صور بيع الكالئ بالكالئ لأنها بيع دين بعين (هي النقود) فالدين المتعلق في ذمة رجل يبيعه البنك إلى آخر نقدا لا نسيئة. الدين في المعاملة المذكورة ناتج عن قرض بفائدة وهو ربا محرم ولذلك فالمعاملة حرام ابتداء، ولكن لو افترضنا أن هذا الدين كان ناتجا عن بيع مؤجل صحيح فهل يجوز تنضيضه بالصورة التي ذكرنا؟

الأرجح أن الصورة المذكورة هي اقرب إلى الحوالة منها على بيع الكالئ بالكالئ. وبين الحوالة وبيع الدين بالدين شبه كبير، قال في بداية المجتهد:(الحوالة معاملة صحيحة مستثناة من بيع الدين بالدين)(ابن رشد، بداية المجتهد: 2/342) فدل على الشبه بينهما والمعاملة المذكورة وإن كانت قريبة من صيغة الحوالة فإن بينهما اختلافا، الأول: إن الإحالة هنا إنما ينشئها الدائن والمعروف أن الإحالة إنما هي فعل يقوم به المدين عن عجزه عن السداد كما قال عليه الصلاة والسلام: ((.. وإذا اتبع أحدكم على مليء فليتبع)) ، أما المعاملة المذكورة فالمحيل هو الدائن.

ص: 1226

ثانيا: أن الصيغة رغم قربها من صفة الحوالة لكن فيها معنى البيع، لأن الدائن لا يستوفي من المحال عليه كامل الدين وفاء فيقبض نفس مبلغه ولكنه يبيعه بثمن يتحدد في سوق بفعل قوى العرض والطلب، واعتمادا على تحليل المشتري لمقدار المخاطرة في ذلك الدين وطول أجله ونوع الدينين فيه.. إلخ. ثم إن هذا الدين يعاد بيعه في أكثر الأحوال ويتعامل فيه كسلعة في السوق. ومن ذلك يتضح أن هذه معاملة جديدة تحتاج على نظر وتمحيص، والله أعلم

وفي كل الحالات تقوم عملية تداول الديون على التنميط، إذ يقوم الدائن الأصلي بتوزيع تلك القروض إلى مجموعات متشابهة في مقدار المخاطرة المتضمنة فيها (أي ملأة المدين) وتواريخ استحقاقها ومعدلات الفوائد عليها، ثم يصدرها على شكل أدوات قابلة للتداول، وبذلك تستطيع أن تحول الدين قليل السيولة إلى سيولة كاملة. وقد توسعت هذه العمليات حتى صار جل الديون قابلا للتخفيض بهذه الطريقة بما في ذلك الديون على الدول (دول العالم الثالث) للبنوك الدولية.

6-

الكمبيوتر وأسواق المال:

لم تعد المعاملات في أسواق المال تتم بواسطة البائع والمشتري يتفاوضان، ولا يعتقد أن الصفقات مباشرة. بل إن جل المعاملات يتم بواسطة أجهزة الكمبيوتر يتصل كل واحد منها بالآخر يبرمان الصفقات نيابة عن المتعاملين. وقد حدث تطور عظيم في هذه الأجهزة إلى الحد الذي أمكن معه إعداد برنامج دقيق لكل جهاز يوجهه إلى اتخاذ القرار المناسب بناء على المعلومات التي يتم تغذيتها فيه بواسطة أجهزة الاتصال، فكما هو معروف فإن أسعار الأسهم والسندات في أسواق البورصات يتم بثها مباشرة بواسطة الأجهزة المبرقة والهاتفية ويمكن كذلك الاشتراك فيها بحيث يتم توصيلها إلى جهاز الكمبيوتر مباشرة. وما عليك عندئذ إلا أن تخبر الجهاز برد الفعل المطلوب عند كل سعر. فمثلا زيد يمتلك خيارات في أسهم معينة يستطيع أن يخبر الكمبيوتر أنه إذا تخطي سعر الخيار المذكور 4 دولارات فعليك بالبيع فيقوم الجهاز عندما يتخطى السعر ذلك المستوى بتحويل الخيارات إلى السمسار الذي يتلقاها بواسطة جهاز الكمبيوتر ثم يسوقها إلى آخرين

إلخ.

ويعتقد كثير من الخبراء أن وجود هذا النوع من الترتيبات هو السبب الرئيسي في انهيار، أكتوبر (تشرين أول) 1987م في أسواق البورصة إذ أدى اتجاه الأسعار إلى الانخفاض إلى توجه جميع الأجهزة إلى البيع ومن ثم حدوث الانهيار العظيم.

7-

بعض القضايا والأسئلة التي تحتاج إلى نظر من قبل الفقهاء الأجلاء:

بعد هذا العرض الموجز لأهم المعاملات في الأسواق المالية تثور في الأذهان أسئلة كثيرة حول موقف الفقه الإسلامي من هذه الأنواع المتعددة من المعاملات. وأكثر هذه المعاملات واضح الحرمة لأنه يتضمن الربا أو القمار أو بيع ما لم يقبض. لكن جزءا منها يحتاج إلى نظر وتمحيص وسأحاول أدناه أن أسجل بعض ما خطر لي من تساؤلات حول المواضيع المطروحة:

(1)

هل لفكرة الشركة ذات الذمة المالية المستقلة عن مالكيها والشخصية المعنوية (مثل الشركة المساهمة) أصل شرعي؟

ص: 1227

(2)

هل شراء الأسهم جائز؟ هل يجب التحقق من نشاط الشركة قبل الشراء؟ هل يجوز إذا كانت تقترض من البنوك في نشاطات غير رئيسية بينما أن أغلب تمويل الشركة غير ربوي؟

(3)

هل البيع واقع على الجزء من أصول الشركة الذي يمثله السهم أم على السهم (أي الوثيقة) ذاته؟

(4)

هل الخيار بيع أم وعد بالبيع؟ وإذا كان وعدا هل يجوز أن يكون ملزما وأن يكون له ثمن؟

(5)

هل يمكن أن يكون الخيار بيعَ آجلٍ؟

(6)

هل البيع الآجل (المستقبليات) هو بيع العربون؟ هل هو بيع السلم؟

(7)

هل البيع بالعربون بيع خيار يجوز للمشتري التخلي عن الشراء مقابل العربون؟

(8)

هل يجوز شراء العملات على أن يكون القبض في وقت لاحق (في غير المجلس) ؟

(9)

هل يجوز ذلك في الذهب والفضة؟ هل يمكن اعتبارهما سلعا لا نقودا؟

(10)

ما صفة القبض المقبول شرعا في الأسهم والعملات والسلع؟ هل يكفي تداول الأوراق المثبتة للقدرة على التسليم؟

(11)

هل يجوز في عقود البيع الآجل (المستقبليات) تأجيل البدلين (عدم دفع الثمن والاكتفاء بجزء منه كضمان يحتفظ به السمسار) ؟ هل يجوز بيع السلعة في هذه العقود قبل القبض؟ هل يجوز إذا بيعت موصوفة لا هي بعينها؟

(12)

هل يمكن أن تخرج هذه العقود (المستقبليات السلعية) على عقد الاستصناع الجائز فيه الدفع على أقساط؟

(13)

تقوم فكرة سوق البورصة على السماح بالبيع فيها والشراء لمن يدفع رسم عضوية ولا يسمح لسواهم بذلك. هل هذا مقبول من الناحية الشرعية؟

(14)

هل يجوز بيع الأسهم بيعا آجلا بدفع جزء من الثمن أم أن فيها بيعا للدين بالدين؟ هل تقاس على السلع أم على النقود؟

(15)

هل يجوز بيع تلك الأسهم قبل تسديد كامل ثمنها؟

(16)

هل يجوز أن تكون محل بيع ورهن بحيث يحتفظ بها البائع ضمانا حتى يتم تسديد ثمنها؟ وهل يكون ذلك منعا أو وعدا بالبيع؟ هل يجوز أن يكون ملزما؟

(17)

هل يجوز التعاقد على الشراء ثم قيام المشتري بالتعاقد مع جهة أخرى على البيع قبل القبض؟

(18)

هل يدخل شراء عملة أجنبية اليوم على أن تسلم بعد ثلاثة اشهر في ربا النسيئة؟

(19)

هل يجوز التواعد على مثل ذلك مع تقديم ضمان من قبل كل طرف إلى الآخر (وتحديد السعر عاجلا) ؟.

الدكتور محمد القري بن عيد

ص: 1228

المراجع

• المراجع العربية

1-

أبو رخية، ماجد: حكم العربون في الإسلام، عمان: مكتبة الأقصى، 1986م.

2-

ابن رشد، أبو الوليد محمد بن أحمد: بداية المجتهد ونهاية المقتصد، بيروت: دار المعرفة، 1983م.

3-

ابن القيم: إعلام الموقعين عن رب العالمين.

4-

البقمي، صالح بن زابن المرزوقي: شركة المساهمة في النظام السعودي، مكة المكرمة: جامعة أم القرى، 1406هـ.

5-

حماد، نزيه: بيع الكالئ بالكالئ، جدة: مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي، جامعة الملك عبد العزيز، 1406هـ.

6-

الخفيف، الشيخ علي: أحكام المعاملات الإسلامية، البحرين: بنك البركة الإسلامي للاستثمار، بدون تاريخ.

7-

الخياط، وعبد العزيز عزت: الشركات في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، بيروت: مؤسسة الرسالة، 1983م.

8-

الفقي، محمد حامد (محقق) : القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية بيروت: دار الندوة الجديدة، بدون تاريخ.

9-

المقيت، أبو اليزيد علي:(ذاتية المعاملات الإسلامية) الإسكندرية: المكتب الجامعي الحديث، بدون تاريخ.

10-

ابن منيع، عبد الله بن سليمان: الورق النقدي، بدون ناشر، 1984م.

11-

موسى، محمد بن يوسف: فقه الكتاب والسنة. البيوع والمعاملات المالية المعاصرة، القاهرة: دار الكتاب العربي، 1954م.

1-

sarnoff، paul: trading in financial features، London، woodhead-fanlkner، 1985.

2-

sharpe، w.f: investments، Englewood cliffs، n.j. prentice-hall، 1985.

3-

prager، jonas: fundamentals of money banking and financial institutions، new york، harper & row،. 1987.

4-

smith، Courtney: option Strategies، New York، John Wiley & Son، 1987.

5-

Cohen، Jerome. Edward D. Zinbarg and Arthor Zeikel: Investment Analysis and portfolio Management، Homewood III، Richard D، Irwin، 1977.

6-

Business Week، January 18، 1988، p.37 and other Issues.

7-

Brigham، Engene I: Fundamentals of Financial Management، Hinsdale III، The Dryden press، 1978.

ص: 1229