المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الاستفادة من الأجنة المجهضةأو الزائدة عن الحاجةفي التجارب العلمية وزراعة الأعضاءإعدادفضيلة الدكتور عمر سليمان الأشقر - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٦

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد السادس

- ‌كلمةمعالي الأمين العاملمنظمة المؤتمر الإسلاميالدكتور حامد الغابد

- ‌كلمةمعالي رئيس مجمع الفقه الإسلاميالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدوليالدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌كلمةصاحب السمو الملكيالأمير ماجد بن عبد العزيز

- ‌كلمةمعالي الأستاذ خالد أحمد الجسار

- ‌كلمةمعالي الدكتور حامد الغابد

- ‌كلمةمعالي الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائهاإعدادسماحة الشيخ الدكتور محمد سيد طنطاوي

- ‌التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائهاإعدادسعادة الدكتور عبد الله إبراهيم

- ‌التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائهاإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌الطرق المشروعة للتمويل العقاريإعدادفضيلة القاضي محمد تقي العثماني

- ‌بيع التقسيطإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌بيع التقسيطإعدادفضيلة الدكتور محمد عطا السيد

- ‌بيع التقسيطإعدادفضيلة الدكتور إبراهيم فاضل الدبور

- ‌البيع بالتقسيط: نظرات في التطبيق العمليإعدادفضيلة الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌تقسيط الدين في الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الدكتور محمد رضا عبد الجبار العاني

- ‌بيع التقسيط: تحليل فقهي واقتصاديإعدادسعادة الدكتور رفيق يونس المصري

- ‌حكم زيادة السعرفي البيع بالنسيئة شرعًاإعدادفضيلة الدكتور نظام الدين عبد الحميد

- ‌القبضصوره، وبخاصة المستجدة منها وأحكامهاإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌القبض:صوره، وبخاصة المستجدة منها، وأحكامهاإعدادفضيلة الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌القبض:أنواعه، وأحكامه في الفقه الإسلامىإعدادفضيلة الدكتور محمد رضا عبد الجبار العاني

- ‌القبض:صوره وبخاصة المستجدة منها، وأحكامهاإعدادسعادة الدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌القبض:صوره، وبخاصة المستجدة منها، وأحكامهاإعدادفضيلة الدكتور علي محيي الدين القره داغي

- ‌القبضتعريفه، أقسامه، صوره وأحكامهاإعدادفضيلة الدكتور سعود بن مسعد الثبيتي

- ‌حُكم قبض الشيكوهل هو قبض لمحتواه؟إعدادفضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌القبض الحقيقي والحكمي: قواعده وتطبيقاتهمن الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ نزيه كمال حماد

- ‌حكم إجراء العقود بوسَائل الاتصَال الحَديثةفي الفقه الإسلامي (موازَنًا بالفقه الوضعي)إعدادسعادة الدكتور إبراهيم كافي دونمز

- ‌الإسلام وإجراء العقودبآلات الاتصال الحديثةإعدادفضيلة الشيخ محمد الحاج الناصر

- ‌الأسواق المالية وأحكامها الفقهيةفي عصرنا الحاضرإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌أحكام السوق الماليةإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد الغفار الشريف

- ‌السوق الماليةإعدادفضيلة الدكتور وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌الأسواق المالية والبورصة والتجربة التونسيةإعدادسعادة الدكتور مصطفى النابلي

- ‌السوق المالية ومسلسل الخوصصةإعدادسعادة الدكتور الحسن الداودي

- ‌الأدوات المالية الإسلاميةإعدادسعادة الدكتور سامي حسن حمود

- ‌الأدوات المالية الإسلاميةإعدادفضيلة الدكتور حسين حامد حسان

- ‌الأسواق الماليةمن منظور النظام الاقتصادي الإسلامي(دراسة مقارنة)إعدادسعادة الدكتور نبيل عبد الإله نصيف

- ‌الأدوات المالية الإسلاميةوالبورصات الخليجيةإعدادسعادة الدكتور محمد فيصل الأخوة

- ‌الأدوات المالية التقليديةإعدادسعادة الدكتور محمد الحبيب جراية

- ‌الأسواق الماليةإعدادسعادة الدكتور محمد القري بن عيد

- ‌تجلي مرونة الفقه الإسلاميأمام التحديات المعاصرةإعدادفضيلة الأستاذ محمد الأزرق

- ‌وثائقندوة الأسواق الماليةالمنعقدة بالرباط

- ‌زراعة خلايا الجهاز العصبي وبخاصة المخإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌زراعة خلايا الجهاز العصبي وخاصة المخإعدادفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي

- ‌زراعة الأعضاء وحكمه في الشريعة الإسلاميةإعدادفضيلة الشيخ الشريف محمد عبد القادر

- ‌زراعة خلايا المخمجالاته الحالية وآفاقه المستقبليةإعدادسعادة الدكتور مختار المهدي

- ‌إجراء التجارب علىالأجنة المجهضة والأجنة المستنبتةإعدادسعادة الدكتور محمد علي البار

- ‌الاستفادة من الأجنة المجهضة أو الزائدة عن الحاجةفي التجارب العلمية وزراعة الأعضاءإعدادسعادة الدكتور مأمون الحاج علي إبراهيم

- ‌حكم الاستفادة من الأجنة المجهضةأو الزائدة عن الحاجةإعدادفضيلة الدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌الاستفادة من الأجنة المجهضة والفائضةفي زراعة الأعضاء وإجراء التجاربإعدادسعادة الأستاذ الدكتور عبد الله حسين باسلامة

- ‌(أ) استخدام الأجنة في البحث والعلاج(ب) الوليد عديم الدماغمصدراً لزراعة الأعضاء الحيويةإعدادالدكتور حسان حتحوت

- ‌(أ) حقيقة الجنين وحكم الانتفاع به في زراعة الأعضاء والتجارب العلمية.(ب) حكم زراعة خلايا الدماغ والجهاز العصبي.إعداد فضيلة الدكتور محمد نعيم ياسين

- ‌حكم الانتزاع لعضومن مولود حي عديم الدماغإعدادفضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌الاستفادة من الأجنة المجهضةأو الزائدة عن الحاجةفي التجارب العلمية وزراعة الأعضاءإعدادفضيلة الدكتور عمر سليمان الأشقر

- ‌زراعة الأعضاء من الأجنة المجهضةإعدادفضيلة الشيخ محمد عبده عمر

- ‌حكم إعادة ما قطع بحد أو قصاصإعدادفضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌زراعة عضو استؤصل في حد أو قصاصإعدادفضيلة حجة الإسلام محمد علي التسخيري

- ‌زراعة عضو استؤصل في حدإعدادفضيلة القاضي محمد تقي العثماني

- ‌زراعة عضو استؤصل في حدإعدادفضيلة الدكتور وهبة مصطفى الزحيلي

- ‌حكم إعادة اليدبعد قطعها في حد شرعيإعدادفضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌هل يجوز إعادة يد السارقإذا قطعت بصفة شرعية أم لا؟إعدادفضيلة الشيخ مولاي مصطفى العلوي

- ‌زراعة الأعضاء البشريةالأعضاء المنزوعة من الأجنة المجهضة.الغدد والأعضاء التناسلية.زراعة عضو استؤصل في حد كإعادة اليد التي قطعت في حد السرقة.زراعة خلايا الجهاز العصبي.إعدادسعادة الأستاذ أحمد محمد جمال

- ‌إمكانية نقل الأعضاء التناسلية في المرأةإعدادسعادة الدكتور طلعت أحمد القصبي

- ‌أحكام نقل الخصيتين والمبيضين وأحكامنقل أعضاء الجنين الناقص الخلقةفي الشريعة الإسلاميةإعدادفضيلة الدكتور خالد رشيد الجميلي

- ‌نقل وزراعة الأعضاء التناسليةإعدادفضيلة الدكتور محمد سليمان الأشقر

- ‌زرع الغدد التناسلية والأعضاء التناسليةإعدادسعادة الدكتور محمد علي البار

- ‌زراعة الغدد التناسلية أو زراعةرحم امرأة في رحم امرأة أخرىإعدادالدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين

- ‌زراعة الأعضاء التناسلية والغدد التناسليةللمرأة والرجلإعدادسعادة الدكتورة صديقة علي العوضي

الفصل: ‌الاستفادة من الأجنة المجهضةأو الزائدة عن الحاجةفي التجارب العلمية وزراعة الأعضاءإعدادفضيلة الدكتور عمر سليمان الأشقر

‌الاستفادة من الأجنة المجهضة

أو الزائدة عن الحاجة

في التجارب العلمية وزراعة الأعضاء

إعداد

فضيلة الدكتور عمر سليمان الأشقر

أستاذ الفقه المقارن والسياسة الشرعية

بكلية الشريعة – جامعة الكويت

بسم الله الرحمن الرحيم

إن هذا البحث معني ببيان الحكم الشرعي في المسألة موضوع البحث لمن ارتضى الشريعة ديناً وقانوناً من الأفراد والمجتمعات والأطباء، ولذلك لن يؤثر على مسار البحث تلك الفوضى التي يرزخ تحتها العالم الغربي، فالعالم الإسلامي حتى يومنا هذا بهدي من شريعة الإسلام لا يشكل الإجهاض مشكلة عنده، فالمسلم يتأثم من إسقاط جنين من غير ضرورة، بينما يشهد العالم غير المسلم إسقاط عشرات الملايين من الأجنة - التي حرم الله إسقاطها - في كل عام.

ان هذه الأجنة المسقطة تجعل الأطباء في العالم الغربي يتجهون بقوة نحو الاستفادة منها بطريقة أو بأخرى، ومهما وضع من ضوابط وقيود في الديار التي يسودها الكفر، فإنها تبدو قيوداً وضوابط غير مقبولة في عالم يبيح قتل الجنين بإسقاطه، ولو التزم حكم الشرع لما وجد العلماء هذا الكم الضخم من الأجنة، ولما كانت المشكلة بهذا الحجم. ان الفوضى التي يعيشها العالم غير المسلم في هذا الأمر لن يكون لها أثر في مسار البحث لأن الحكم الشرعي يعطى لمن عنده الاستعداد للقبول به والالتزام به.

إن الإسلام غرس في أعماق المسلم احترام الإنسان وتوقيره منذ أن يكون نطفة في رحم الأم إلى أن يفارق الحياة، والإنسان بعد الموت له احترامه وتوقيره، فقد جاء في الأحاديث النهى عن الجلوس على القبور. وجعلت الشريعة العدوان على الجنين وإسقاطه جريمة يجازى مرتكبها بغرامة مالية تبلغ عشر قيمة عبد في الوقت الذي وقع فيه العدوان على الجنين، وهذا الاحترام الذي يجده المسلم في أعماقه نحو الإنسان في كل مراحل أطواره هو أكبر عاصم من الفوضى التي تجتاح الغرب - اليوم - والتي نقل لنا الأطباء صورة عنها في أبحاثهم المقدمة في هذا الموضوع.

ص: 1455

إن مخافة الله وخشيته وتقواه هي العاصم الأعظم الذي يعصم الإنسان من الزلل في كل ما يأخذ ويدع، فإذا زال هذا العاصم فإن الهوى يضل الإنسان، وتصبح المنافع والمضار هي الميزان الذي يحكم مسار الإنسان، وكثير مما يعده الإنسان منافع ومضار لا تكون كذلك، وقد تتداخل المنافع والمضار وتختلط بحيث لا يستطاع تمييزها، كما لا يستطاع ترتيبها في سلم الأولويات، ويبقى حكم الشرع الذي لا يخضع للهوى والمصلحة الموهومة هو العاصم في خلق جهلهم أكثر من علمهم، وخطؤهم أكثر من صوابهم.

إن عنوان البحث يعطينا منهجية السير في البحث، فالعنوان يقرر أن الأجنة نوعان:

الأول: الأجنة الفائضة عن الحاجة.

والثاني: الأجنة المجهضة.

والعنوان يوجه أيضاً إلى أن البحث في كل واحد من هذين النوعين يمضي في مسارين:

الأول: إجراء التجارب العلمية على الجنين.

والثاني: الاستفادة من أعضاء الجنين بغرسها لطفل أو إنسان آخر.

وأحب أن أبادر إلى القول بأن أكثر نقاط البحث أثيرت في ندوات سابقة، وبحثت وبينت أبعادها، وصدرت بشأنها قرارات وتوصيات.

فالأجنة الفائضة عن الحاجة في علاج العقم بالتلقيح الصناعي، وهو الذي اشتهر باسم طفل الأنابيب، بحث في الندوة السابقة التي أقامتها هذه المنظمة تحت عنوان "الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية"، وجاء في التوصية المتعلقة بهذا الموضوع: "إن الوضع الأمثل في موضوع (مصير البويضات الملقحة) هو أن لا يكون هناك فائض منها، وذلك بأن يستمر العلماء في أبحاثهم قصد الاحتفاظ بالبويضات غير الملقحة مع إيجاد الأسلوب الذي يحفظ لها القدرة على التلقيح السوي فيما بعد، وتوصي إلا يعرض العلماء للتلقيح إلا العدد الذي لا يسبب فائضاً، فإذا روعي ذلك لم يحتج إلى البحث في مصير البويضات الملقحة الزائدة.

أما إذا حصل فائض، فإن الأكثرية ترى أن البيضات الملقحة ليس لها حرمة شرعية من أي نوع، ولا احترام لها قبل أن تنغرس في جدار الرحم، وأنه لذلك لا يمتنع إعدامها بأي وسيلة، وبرى البعض أن هذه البيضة الملقحة هي أول أدوار الإنسان الذي أكرمه الله تعالى. وفيما بين إعدامها أو استعمالها في البحث العلمي أو تركها لشأنها للموت الطبيعي يبدو أن الاختيار الأخير أخفها حرمة إذ ليس فيه عدوان إيجابي على الحياة" (1)

(1) انظر ص 757 من الجزء الثالث من سلسلة مطبوعات المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية وعنوانه: "الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية".

ص: 1456

إن أكثر المشاركين في الندوة السابقة أجازوا إجراء التجارب على البويضات الفائضة عن الحاجة قبل التلقيح وبعده، ومثل ذلك الاستفادة منها، وفيما توصل إليه المشاركون في تلك الندوة كفاية، فإن إعادة بحث الموضوع لن يجمع كلمة الباحثين فيه، فقلما يتفق الباحثون في شأن هذه الموضوعات.

ولكن إجراء التجارب يجب أن يقيد بقيد أشارت إليه توصيات ندوة (الإنجاب في ضوء الإسلام) وأكدته ندوة (الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية) ، وهذا القيد هو عدم تغيير فطرة الله، والابتعاد عن استغلال العلم للشر والفساد والتخريب (1)

وعدم الانضباط بهذا الضابط يخالف مبدءاً شرعياً قررته الأصول والقواعد الإسلامية، ويحرف مسار البحث العلمي، وفي النهى عن هذا التوجه يقول الحق تبارك وتعالى:{فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} . [سورة الروم: الآية 30] . والمعنى لا تبدلوا خلق الله.

وقال تعالى مبيناً الجرائم التي يضل الشيطان بها الإنسان: {لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} . [سورة النساء: الآيتان 118 - 119] .

إن الأبحاث التي ترمي إلى تغيير خلق الله في البويضة الملقحة أو الجنين المسقط ضلال في الفعل كما هو ضلال في القصد، والأبحاث التي تجري على الجنين بقصد الإفساد والتدمير والتخريب - وهي اليوم كثيرة - هي كذلك جرائم في ميزان الشرع، فالله لا يحب الفساد، وإفساد النسل من أعظم الفساد، قال تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [سورة البقرة: الآيتان 204 - 205] .

(1) انظر ص 757 من الجزء الثالث من سلسلة مطبوعات المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية وعنوانه: "الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية".

ص: 1457

ولا أحب أن أنتقل من هذه المسألة قبل أن أشير إلى أن جعل البويضات الملقحة داخلة تحت اسم الأجنة غير سديد كما أشار إليه بعض السادة الأطباء، فالجنين من الاجتنان وهو الاستتار، ولا يسمى بهذا الاسم ما لم يكن في رحم أمه، يقول ابن منظور في هذا: (جن الشيء يجنه جناً: ستره. وكل شيء ستر عنك فقد جن عنك، وجنه الليل يجنه جناً وجنوناً

ستره

وفي الحديث: "جن عليه الليل" أي ستره. وبه سمي الجنين جنيناً لاستتاره في بطن أمه) (1)

الأجنة المجهضة:

لا مجال للبحث في الاستفادة من الأجنة المجهضة عمداً لهذا الغرض، لأن الشريعة الإسلامية لا تبيح الإجهاض المتعمد إلا لسيب ضروري ضرورة لا يمكن تجنبها، وقد بحث هذا الموضوع في ندوة (الإنجاب في ضوء الإسلام) وجاء في التوصيات الصادرة عن هذه الندوة بخصوص موضوع الإجهاض المتعمد: "استعرضت الندوة آراء الفقهاء السابقين وما دلت عليه من فكر ثاقب ونظر سديد، وأنهم أجمعوا على تحريم الإجهاض بعد نفخ الروح، أي بعد أربعة أشهر، وأن آراءهم في الإجهاض قبل نفخ الروح اختلفت، فمنهم من حرم بإطلاق أو كراهة، ومنهم من حرم بعد الأربعين يوما، وأجازه قبل الأربعين على خلاف في وجوب العذر.

(1) لسان العرب لابن منظور: 1/515.

ص: 1458

وقد استأنست الندوة بمعطيات الحقائق العلمية الطبية المعاصرة، والتي بينتها الأبحاث والتقنية الطبية الحديثة، فخلصت إلى أن الجنين حي من بداية الحمل، وأن حياته محترمة في كافة أدوارها، خاصة بعد نفخ الروح، وأنه لا يجوز العدوان عليها بالإسقاط إلا للضرورة الطبية القصوى، وخالف بعض المشاركين فرأى جوازه قبل تمام الأربعين، وخاصة عند وجود الأعذار" (1)

فالحكم في مثل هذه المسألة في غاية الوضوح، العدوان على الجنين وتعمد إسقاطه جريمة في حكم الشرع، وعلى المسلمين أن يأخذوا على أيدي الذين يفعلون ذلك، فإنه من إهلاك النسل، وهو من الفساد الذي لا يحبه الله تعالى.

وتبقى الأجنة المجهضة لضرورة طبية، أو المجهضة بسبب لا يعود إلى اختيار الإنسان، فهذه لا بأس من إجراء التجارب عليها والاستفادة منها بأخذ بعض الأعضاء أو الأنسجة لمن يحتاجون إليها من المرضى، ويطبق عليها في هذه الحال ما يطبق على الإنسان غير الجنين، وقد استقر الأمر على جواز أخذ أعضاء الإنسان بعد وفاته إذا أذن في ذلك قبل وفاته أو أذن فيه وليه، ويجوز في حياته (إذا كان لا يؤدي أخذ ذلك العضو إلى الهلاك أو عاهة بينة، وبشرط أن لا يأخذ المتبرع مالأ

إلى آخر الشروط التي قررت في ندوات كثيرة عقدت بخصوص هذا الموضوع.

فالاستفادة من الجنين كالاستفادة من الإنسان غير الجنين حكمها واحد، بشرط أن يأذن ولي أمر الجنين فيه.

الدكتور عمر سليمان الأشقر

(1) انظر ص 351 من الجزء الأول من سلسلة مطبوعات المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية، وعنوان المجلد:(الإنجاب في ضوء الإسلام) .

ص: 1459