الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إمكانية نقل الأعضاء التناسلية في المرأة
إعداد
سعادة الدكتور طلعت أحمد القصبي
رئيس قسم أمراض النساء والولادة
بمستشفى الجهراء – الكويت
بسم الله الرحمن الرحيم
تتكون الأعضاء التناسلية الداخلية في المرأة من رحم وأنبوبتي فالوب ومبيضين. والرحم هو الوعاء الذي ينمو فيه الجنين، أما الأنبوبة فهي جزء دقيق طوله حوالي 10 سم وبه قناة دقيقة وظيفتها أن تتلقى البويضة من المبيض بواسطة فوهة الأنبوبة وتلتقي بها الحيوانات المنوية داخل هذه القناة ويتم الإخصاب في الجزء الوحشي للأنبوبة بتوصيل البويضة الملقحة إلى فجوة الرحم لتندغم في جدار الرحم حيث ينمو الجنين.
تعريف عدم الخصوبة والإنجاب:
هو عدم القدرة على الحمل لمدة سنة على الأقل مع الاتصال المنتظم بين الرجل وزوجته. وسبب عدم الإنجاب يشترك فيه الرجل والمرأة حيث إن الرجل يتسبب في حوالي 30 % من حالات عدم الإنجاب، والمرأة تتسبب في حوالي 40 % وكلاهما في حوالي 30 %.
ومن الأسباب الرئيسية لعدم الإنجاب في المرأة هو انسداد البوقين ويحدث ذلك في حدود 40 % من حالات عدم الإنجاب في المرأة وفي هذه الحالات تكون الأنبوبة غير صالحة تماماً وبسبب الالتهابات التي تسبب انسدادها بصفة دائمة وكذلك تليف عضلاتها، وكانت المحاولات مستمرة في إيجاد حل لهذه المشكلة.
ومن هذه المحاولات نقل المبيض إلى فجوة الرحم مباشرة حتى يتم التغلب على انسداد الأنبوبتين، ومن المحاولات أيضاً نقل الزائدة الدودية بدلاً من الأنبوبة وكذلك الجزء الدقيق من الأمعاء، وقد تمت تجارب لنقل الأوعية الدموية بدلاً من الأنبوبة وكذلك تمت تجارب لوضع أنبوبة بلاستيكية مكان الأنبوبة المسدودة وكل هذه التجارب فشلت وذلك لأن وظيفة هذا العضو الصغير جداً وتركيب غشائه المبطن والعضلات في منتهى الدقة ووظيفته الفسيولوجية صعبة للغاية وتتلخص في توصيل الحيوانات المنوية داخل الأنبوبة وتقويتها ومساعدتها على الحركة للوصول إلى البويضة والتقاط البويضة وتأمين الوسط المناسب للقاء البويضة مع الحيوانات المنوية وتوصيل البويضة الملقحة وأول أدوار تكوين الجنين إلى الرحم للاندغام في جدار الرحم.
ومنذ سنوات بدأت المحاولات في التغلب على مشكلة انسداد البوقين في المرأة بطريقتين في نفس الزمن:
أولاً: عملية طفل الأنابيب: وهي استخراج البويضات من المبيض ثم تلقيح هذه البويضات بالحيوانات المنوية خارج جسم المرأة حتى يتكون جنين دقيق جداً بعدها ينقل إلى فجوة الرحم حيث ينمو الجنين بعد ذلك بطريقة طبيعية.
ثائياً: أن تستبدل الأنبوبة المسدودة بأخرى سليمة وطبيعية ومفتوحة من امرأة أخرى تتبرع بها وفي عملية النقل التي تستغرق ساعات طويلة يتم تغذية الأنبوبة بالمحاليل بواسطة الأوعية الدموية التي تتصل بها وتغذيها.
تاريخ نقل الأعضاء التناسلية الداخلية للمرأة:
قد بدأت هذه التجارب منذ زمن قريب باستعمال الحيوانات كالشاة حيث تم نقل الرحم وأنبوبتين ومبيضين مع الأوعية الدموية وقد تم الحمل ونجحت التجربة لأن النقل تم في نفس الحيوانات. وقد تمت نفس التجارب في الكلاب وتم الحمل.
وقام ونستون وبراون عام 1974 في إجراء نقل الأنبوبة والمبيض من جهة إلى أخرى في أرنبة وتم توصيل الأوعية الدموية تحت الميكروسكوب الجراحي وتم الحمل. أما بلانكو (1974) فقد نجح في نقل مبيض من امرأة إلى أخرى والمشكلة في المرأة دائما تكون في نقل الأعضاء التناسلية الداخلية هي رفض العضو المنقول وأنه يجب أن ينقل بأوعيته الدموية التي يجب أن تجري تحت الميكروسكوب الجراحي وهي عملية دقيقة جداً، وقد أجرى بابانكولي عام 1972 نقل رحم وملحقاته من أم إلى ابنتها ولم يحدث حمل وظل الرحم سليما ولم ترفضه أنسجة الابنة.
تاريخ نقل أنبوبة فالوب:
بدأت هذه التجارب عام 1946 في المرأة وزرعت في الرحم في 5 حالات ولكن لم تؤد إلى الحمل وظلت الأنبوبة مفتوحة، وظلت المشكلة في أنه من المحتم زرع الأنبوبة مع أوعيتها الدموية وهذه الأوعية دقيقة جداً وتحتاج إلى ميكروسكوب جراحي وخبير في الجراحة الميكروسكوبية وتستغرق ساعات طويلة ثم تحتاج بعد ذلك إلى أدوية ضد رفض العضو.
وتتم عملية زرع الأنبوبة بعملية دقيقة جداً يفتح فيها البطن وتحتاج إلى طبيب أمراض نساء متخصص في الجراحة الميكروسكويية لاستئصال الأنبوبة بدقة متناهية مع أوعيتها الدموية ثم تزرع في المرأة التي لا تنجب بواسطة عملية فتح بطن ويتم توصيل الأنسجة بدقة متناهية بواسطة المجهر الجراحي الميكروسكوبي واستعمال خيوط دقيقة جداً وكذلك يتم توصيل الأوعية الدموية بنفس الطريقة وتستغرق العملية ساعات طويلة، والنتائج النهائية تفيد بأن الأنبوبة تتقلص وتنكمش بعد ذلك ولا تؤدي وظيفتها الفسيولوجية وذلك لفقد الأهداب الداخلية ولكنها تظل مفتوحة.
وتتلخض أسباب عدم الاستمرار في التجارب لنقل أنابيب فالوب بالآتي:
ا - النجاح الساحق الذي حدث في السنوات العشر الأخيرة في إنجاب آلاف الأطفال في جميع أنحاء العالم بواسطة عملية (طفل الأنابيب) ، التي نجحت في عام 1978 في انجلترا وانتشرت للعالم أجمع، وفي هذه العملية تستخرج البويضات الناضجة من المبيض بواسطة إبرة دقيقة توجه بواسطة مساعدة جهاز السونار ثم تستخرج خارج الجسم وتوضع في محلول خاص مع الحيوانات المنوية الذكرية للزوج بعد تقويتها بطرق خاصة وبعد أن يتم الإخصاب والتحام الحيوان المنوي والبويضة، تبدأ الخلايا في الانقسام وتكوين جنين دقيق جداً في أول مراحل نموه ثم يؤخذ هذا الجنين الدقيق ويدفع داخل الرحم بواسطة أنبوبة دقيقة حيث يستقر ويندغم في جدار الرحم لينمو نمواً طبيعيا داخل الرحم وهذه العملية أصبحت بسيطة نوعاً ما وممكن تكرارها في دورات شهرية لنفس المرأة ولا تحتاج لخبراء ولا تؤدي إلى مشاكل نفسية ولا تتكلف مادياً إلا اليسير. والنتائج الحالية تشير إلى نجاح هذه العملية في 30 - 33 % حمل في أغلب المراكز المتخصصة في العالم.
2 -
أسباب عدم الاستمرار في تجارب نقل الأنابيب من امرأة إلى أخرى:
(1)
أنها عملية كبرى وفتح البطن بالنسبة للمرأتين مع المضاعفات التي قد تنتج وتتعرض لها المرأتان من نزيف والتهابات ومشاكل زرع العضو ومشاكل التخدير.
(ب) الأدوية التي تعطى للمرأة بعد زراعة العضو لمنع رفض الزراعة قد تؤدي إلى نتائج غير حميدة في جسم المرأة.
(ج) لو نجحت عملية الزرع، فإنها تؤدي إلى حمل واحد فقط وذلك لضرورة الامتناع عن إعطاء أدوية الرفض حينما يثبت الحمل وذلك لأنها قد تؤدي إلى تشوهات خلقية في الجنين وقد تضر بالمرأة عند استعمالها لمدة طويلة.
(د) تحتاج إلى خبراء في الجراحة الميكروسكوبية الدقيقة وهم قلة في العالم.
(هـ) قد يؤدي عدم النجاح في الإنجاب إلى مشاكل نفسية صعبة.
(و) أنسب نقل للأنبوبة من أم لابنتها أومن امرأة توأم إلى أختها وهذه مسألة نادرة جداً.
ومن المعلوم أن نقل أنبوبة فالوب من امرأة إلى أخرى لا تنقل معها أي صفات وراثية ولكنها قناة عضلية فقط، ولو فرضنا مستقبلاً نجاح مثل هذه العمليات لنقل الأنبوب من امرأة إلى أخرى، فإن المشكلة هي رفض عضو دقيق يتسبب في إتلاف معظم الأهداب الداخلية التي تؤدي وظيفتها الحيوية الفسيولوجية، فضلاً عن أن المرأة التي تؤخذ منها الأنبوبة تفقد القدرة على الحمل بصفة دائمة ولا رجعة فيها ويتم ذلك بعملية فتح بطن مع كل المضاعفات التي قد تضر بها ضرراً كبيراً ويتم ذلك في مراكز متخصصة على مستوى عال من الدقة والتقنية الحديثة.
نقل المبيض من امرأة إلى أخرى:
المبيض هو عضو التأنيث في المرأة والذي يقابل الخصية في الرجل ويقوم المبيض بوظيفتين أولاهما كغدة تفرز الهرمونات الأنثوية الضرورية لأنوثة المرأة وثانيتهما إنتاج البويضات في سن البلوغ إلى سن اليأس اللازمة لحدوث الحمل في وجود الحيوانات المنوية الذكرية. وهذه البويضات تحمل الصفات الوراثية وتختلف من امرأة لأخرى وإذا فرض ونجحت هذه العملية مستقبلاً ونقل مبيض امرأة إلى أخرى فإنه يحمل الصفات الوراثية من امرأة إلى امرأة غريبة عنها تماماً وبالتالي فذلك يعتبر خلطاً في الأنساب.
نقل الرحم وملحقاته من أنبوبتي فالوب من امرأة إلى أخرى:
ذلك لا يحمل صفات وراثية وإذا نجح مستقبلاً فإن ذلك يعتبر كنقل عضو كالكلية مثلاً ولا علاقة به بالصفات الوراثية وخلط الأنساب.
ملخص ونتائج زراعة الأعضاء التناسلية في المرأة:
إن نقل الأنبوبة مع الأوعية الدموية من أنثى حيوان إلى أخرى قد تم نجاحه بالتجارب. أما في المرأة، فإن نقل الأنبوبة مع أوعيتها الدموية من الممكن أجراؤه من الناحية الفنية ولكن مشكلة رفض العضو المزروع هي التي تشكل العائق الكبير في عدم استمرار وظيفة الأنبوبة وقد تم التغلب على ذلك بإعطاء الأدوية المضادة لرفض العضو المزروع.
ولكن التطور الحديث في مجال البحث قد أثبت أن عملية طفل الأنابيب هي السائدة في كل مراكز علاج العقم في العالم ومتوسط نجاح هذه العملية قد تصل إلى 30 % حمل، ولها ميزات عدة منها أنها لا تحتاج إلى إجراء عملية جراحية ولا تحتاج لامرأة أخرى للتبرع بعضو كالبويضات أو المبيض أو الأنبوبة ولا تحتاج لخبراء دائما لإجرائها فلقد أصبحت سهلة نوعاً ما، ومن الناحية الدينية فإنها مسموح بها طالما كانت البويضة تخص المرأة ويتم التلقيح بالحيوانات المنوية للزوج ثم يتم نقلها إلى رحم المرأة نفسها. ولهذا فإن تجارب نقل الأعضاء التناسلية من امرأة إلى أخرى قد توقفت مؤقتاً لنجاح عملية طفل الأنابيب ونجاحها في كل مراكز علاج العقم في العالم.
ولو فرض ونجحت مستقبلاً فإنه يسمح بنقل الرحم وملحقاته من أنبوبتى فالوب ولا يسمح بنقل المبيض لاحتوائه على البويضات التي تحمل الصفات الوراثية.
الدكتور طلعت أحمد القصبي