الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخلين من كسرى محل سريره
…
وسلبن تاج الملك من بهرام
وأرعْن بالحدثان كل مملك
…
ونبذن بالجزعان كل إمام
أمم حدا بهم الحمام فأسرعوا
…
وتبددوا كالعقد بعد نظام
وحواهم سلك الفناء كما حوى
…
هذا المملكَ بعد عز مقام
رحل ابن محمود حسين وانطوى
…
كالبرق أسرع عليه ثوب ظلام
فهوى به عيش المكارم واكتسى
…
وجه الزمان عليه ثوب ظلام
إن ما تحاماه الحمام فإنه
…
نّمَّى الحماة لشوكة الإسلام
ولكان حباب الأمور مجربا
…
بادي البشاشة سابغ الأنعام
خمدت بدولته الحروب وأخصبت
…
فيها الذرى للناس والأنعام
يا واقفاً بضريحه استغفر له
…
بعد السلام عليه ألف سلام
وعليه من منن المهيمن رحمة
…
موصولة تقضي له بدوام
ما قال لما اقبروه مؤرخ:
…
يا قبر ألقي فيك بدر تمام
9ت المولى مصطفى باشا باي
[1201 1253] هو الأمير أبو النخبة مصطفى بن محمود بن محمد الرشيد ين حسين بن علي تركي. ولد عام واحد ومائتين وألف، وتربى في حجر اعتناء والده، ولما فوض والده وجميع مدة دولة أخيه، فكان أعرف الناس بأحوال أطراف المملكة وأحوال الأعراب وأهل المدن والقرى.
ولما توفي أخوه تقدم للملك فبايعه الناس البيعة الخاصة بمجرد وفاة أخيه في الحادي عشر من المحرم الحرام سنة إحدى وخمسين وما ئتين وألف، وبعد ذلك هرع الناس لبيعته وتهنئته. فابتدأ الأمر من حيث انتهى إليه أخوه ولم يغير شيئاً على الدولة، وأعاد المجلي الشرعي للاجتماع بين يديه على عادته السابقة يوم الأحد. ووفد عليه من الدولة العثمانية نيشان أمير الأمراء، فلبسه في اليوم العاشر من شعبان سنة إحدى وخمسين ومعه سيف محلى، فهو أول من لبس النيشان المذكور في ذلك اليوم المشهوج، وهو أول يوم ضربت فيه النوبة النظامية.
واعتمد على مصطفى صاحب الطابع وصهره مصطفى آغا وجرى على سنن أخيه في الاعتناء بالعسكر النظامي وأتم بناء قشلة المركاض وحشد إليها كتائب العساكر في سنة اثنتين وخمسين وهو أول من صاغ نيشان الافتخار ونقش عليه اسمه بالألماس. وقد بني زاوية الشيخ بن مسيكة. وأحيا مسجد الطراز ورتب به قراء ومحدثين. واستناب كبير أ÷ل الشورى من العلماء المالكية الشيخ إبراهيم الرياحي في حج بيت الله الحرام. وكان براً بأخيه المقدس وبنيه الكرام مع أن له ولدين وهما أحمد باي، ومحمد الأمين باي. أما الثاني فقد توفي سنة ثلاث وتسعين، وأما الأول فكان ولي عهد والده ومع ذلك جعل ولاية الأمحال يتناولها ولده ولي عهده المذكور وأكبر أبناء أخيه مرة بعد مرة.
وقد عرف بالرأفة وكرم النفس والذهن الوقاد في فهم ما يرد عليه من النوازل إلى غير ذلك من الخصال الحميدة التي نالها بكرم أصله. وكانت أيام دولته أيام وسكون إلى أتاه أجله فسار إلى رحمة ربه يوم الثلاثاء عاشر رجب سنة ثلاث وخمسين ومائتين وألف، ودفن بالتربة عليه رحمة الله ورثاه الشيخ محمد الخضار بقوله:[كامل]
جد الرحيل إلى أشط قرار
…
والركب شد حيازم الأكوار
والدهر يعبث بالكرام وينتقي
…
قبل الأراذل أنفس الأحرار
لم ينج من حدثانه ذو موكب
…
حفل ولا ذو جحفل جرار
آلي الزمان بحلفة مبرورة
…
أن لا يغض الجفن عن ديار
منع البقاء ولا بقاء لراحل
…
يطوي سواد الليل إثر نهار
نزل الحمام بساحة من دونها
…
شهب الدجى ومنازل الأقمار
فلذا همت ديم الدموع زواخرا
…
تبكي الدفين بوابل مدرار
والملك السلطان ليس لذي يد
…
في الدهر بل للواحد القهار
هذا الضريح لمصطفى بن أبي الثنا
…
ناهيك من ملك عزيز الجار
قد كان براً بالرعية رافعاً
…
للشرع أعلى رتبة ومنار
ذا عفة ونباه وسماحة
…
وجلالة وسكينة ووقار
يعفو عن الزلات بعد تمكن
…
فضلاً ويقبل من ذوي الأعذار
فعليه من منن الإله عواطف
…
تسقي ثراه برحمة الغفار
لما مضى لسبيله أرخته
…
ماضي له الفردوس أكرمُ دار
10 المولى المشير أحمد باشا باي
[1221 1271]
هو المشير أبو العباس أحمد بن مصطفى بن محمود بن محمد الرشيد بن حسين بن علي تركي. ولد سنة إحدى وعشرين ومائتين وألف، ونشأ بين يدي والده بتربية مصطفى صاحب الطابع إلى أن أتت الدولة إلى والده فتناوب سفر الأمحال مع ابن عمه.
ولما توفي والده تقدم للولاية وأجلسه على كرسيها ابن عمه وإخوته وتمت له البيعة يوم الثلاثاء عاشر رجب الأصب سنة وخمسين ومائتين وألف. فنهض للمملكة نهوضاً لم يسبق له نظير وأرسلت له الدولة العثمانية الخلعة السنية ونيشان المشيرية صحبة أريالة بك مصطفى البلهوان باش حانبه ومن بمعيتهما، وذلك على عهد السلطان محمود خان. فتقلد لباس المشيرية في مركب مشهود صبيحة يوم الأحد السادس والعشرين من صفر الخير سنة أربع وخمسين ومائتين وألف. وعند ذلك نظم دولته وجمع رجالها، فكان مربيه مصطفى صاحب الطابع هو ذا اليد العليا والمرجع في الأمور، واستوزر مملوكه مصطفى خزندار، وجعل أمر الحرب لنظر مصطفى آغا صاحب الزغاية، ونظارة البحرية لمحمود كاهية، والتنفيذ للداي كشك محمد، وأمور الخارجية لنظر النصراني جوزاف راف. وجمع كتائب العساكر، وبنى الرباطات والأبراج، فبنى قشلة الطوبجية سنة ست وخمسين، وأتم بناء قشلة الخيالة سنة ثمان وستين، وبنى رباطات المحمدية وقصورها وحصونها التي أتم بناءها سنة تسع وخمسين.
واعتنى بالعساكر فجمع تحت رايته المنصورة من العسكر النظامي ما ينيف على الثلاثين ألفاً، واعتنى بتنظيمهم غاية الاعتناء يحضر مواكب تعليمهم بنفسه، وله بجميعهم برور تام مع شدة في الحكم العسكري ووقوف في مقتضيات القوانين العسكرية حتى انتهى في ذلك إلى أخبار يضيق النطاق عن حصرها. وقد أحيا ثغر غار الملح وعمره بالعدد والعدد، وشحن القشلة الكبرى وأبراج حلق الوادي بالرجال والمدافع والأسلحة النارية حتى طار له بذلك صيت عظيم.
ولما لم يكف لذلك مدخول البلاد وظف مكوساً وأرباعاً وأداءات على الأشياء المبتاعة توفر بها دخل الدولة. وتقدم لها حمود بن عياد فاستخلصها مضاعفة وهو المصدق في كل دعوى وتكلف بشؤون العسكر من طعام ولباس وغيرهما، فكان هو القابض والدافع، وجميع مداخيل الدولة له وجميع مخاريجها من تحت يده مدة خمس عشرة سنة، وأقام معمل الملف الذي قرب طبربة على يده وأتم بناءه سنة ستين ومائتين وألف. ولما سافر محمود بن عياد إلى باريس خلفه في قبض الأموال ودفعها في الدولة اليهودي نسيم شمامة.
ولما استكمل المشير استعداده خرج بنفسه لتفقد حال أطراف المملكة في جيشه الكثيف في ربيع الأول سنة ست وخمسين، واستصحب في سفره قاضي حاضرته الشيخ محمد بن سلامة، وباش كاتب الشيخ محمد الأصرم، وكاتب سره الشيخ أحمد بن أبي الضياف وغالب رجال دولته فطاف الناحية القبلية ودخل الوطن القبلي وعمل الساحل وصفاقس وقابس وفيها قتل القاتلين لآخذي المكوس التي رتبها وركب البحر ودخل إلى جربة وعاد إلى حضرته، وبذل في سفره المذكور مالاً عظيماً. ولما رجع أبطل جميع أداء الزيت والزيتون وجعل على شجر الزيتون قانوناً يؤديه سنوياً وأصدر بذلك منشوره الشهير المؤرخ بالرابع من جمادى الأولى سنة ست وخمسين. وأبطل بعد ذلك ملكية العبيد في 28 المحرم الحرام سنة اثنتين وستين.
وسافر باريس لمقاصد سياسية فخرج من الحاضرة صبيحة يوم الخميس الرابع عشر من ذي القعدة الحرام سنة اثنتين وستين مصحوباً بخاصة رجال دولته ورجع يوم الأربعاء الثاني عشر من المحرم الحرام سنة ثلاث وستين.
وأقام بناء باب البحر بناء في غاية الضخامة والإحكام، وأتم بناءه سنة أربع وستين.