الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم في 9 صفر سنة 1408، الموافق له 2 أكتوبر 1987 قرر رئيس الجمهورية الحبيب بورقيبة إعفاء السيد رشيد صفر من مهامه كوزير أول، وأمين عام للحزب وتعيين: 32 السيد زين العابدين بن علي وزيراً أول.
وأميناً عاماً للحزب.
ابتدأ عهد التفتح بتخلي الرئيس الحبيب بورقيبة عن مهامه بسبب أن حالته الصحية لم تعد تسمح له بمباشرة الوظائف المنطوقة بعهدته كما أفاد ذلك البلاغ الطبي.
وبمقتضى الفصل (57) من دستور الجمهورية التونسية تولى فوراً منصب رئاسة الجمهورية الوزير الأول سيادة العابدين بن علي، وذلك في 15 ربيع الأول سنة 1408، الموافق له 7 نوفمبر 1987.
وقد قرر سيادته تشكيل الحكومة الجديدة.
33 السيد الهادي البكوش وزيراً أول وفي 26 صفر 1410، الموفق له 27 سبتمبر 1989 تم تعيين من سيادة رئيس الجمهورية.
34 السيد حامد القروي وزيراً أول.
?
الملحق (7)
?
تاريخ تأسيس جاع الزيتونة
بناء جامع الزيتونة وتسميته
نس بالمؤلف في كلته بناء جامع الزيتونة إلى حاسن بن نعمان الذي تولى إمارة إفريقية من سنة (78) إلى سنة (83) ، لما دخل تونس سنة (79) وعقب على تأسيس حسان بأن عبيد الله بن الحباحاب أتم بناء جامع الزيتونى سنة (141) .
وأخذ المؤلف أن إتمام البناء (141) مما رسم على أحد أقواس الجامع من لفظ (أعلم) الذي عدده بحساب الجمل (141) .
وما أتى به المؤلف هنا من تاريخ الزيتونة اختلط عيه فيه الأمر فغن حسان بن النعمان لم يدخل إفريقيا سنة (79) بل دخل إفريقيا سنة (78) .
ثم إن عبيد الله بن الحبحاب لم يبق بإفريقيا إلى سنة (141) وما أتى به لم يذكره أحد من المؤرخين فكلهم يذكر أنه بناه إما سنة (114) أو سنة (116) وهي سنة دخوله إلى إفريقيا ويدعو المقام إلى تحرير تاريخ تأسيس الزيتونة لن هذا الكتاب مبني على تاريخ أئمته وعلمائه فمن جزيل الفائدة أن نحرر متى كان تأسيسه وما يتبع ذلك.
يتراءى للمؤرخ الباحث تساؤلات عدة منها: من أسسه أولاً؟ تاريخ ابتداء تأسيسه؟ لماذا اختار ابن الحبحاب تونس لبناء مسجده؟ هل كان يسمى جامع الزيتونة منذ تأسيسه؟ 1 مؤسسه: جزم المؤلف أنه حسان بن النعمان وليس له في ذلك ما يستند إليه من شيء صحيح، فهذه كتب التاريخ التي هي الأمهات لتاريخ المغرب تذكر أن الباني هو عبيد الله بن الحبحاب والي إفريقيا.
ونجد هذا المستند التاريخي عند البكري في كتابه المسالك والممالك (- 487) ففيه: "ودور مدينة تونس أربعة وعشرون ألف ذراع، وفي سنة أربع عشرة ومائة بني عبيد الله بن الحبحاب الجامع، ودار الصناعة بمدينة تونس".
ونحو هذا المستند التاريخي في البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب لابن عذاري المراكشي من رجال القرن السابع حين يذكر ولاية عبيد الله بن الحبحاب إفريقيا والمغرب كله: "وهو مولى بني سلول، وكان رئيساً نبيلاً، وأميراً جليلاً بارعاً في الفصاحة والخطابة، حافظاً لأيام العرب وأشعارها ووقائعها، فقدم إفريقيا في ربيع الآخر من سنة (116) وهو الذي بني المسجد الجامع ودار الصناعة بتونس.
وكان أول الأمر كاتباً ثم تناهت به الحال إلى ولاية مصر وإفريقيا والأندلس والمغرب كله.
فاستخلف على مصر ابنه القاسم، واستعمل على الأندلس عقبة بن الحجاج السلولي، واستعمل على طنجة وما والاها من المغرب الأقصى ابنه إسماعيل، ثم عمر بن الله المرادي".
(المغرب ج?1 ص51) .
ومثل ما ورد عن ابن عذاري المراكشي، ورد عن ابن خلدون (-808) ونصه:"عبيد الله بن الحبحاب ثم عزل هشام عبيدة بن عبد الرحمن وولي عبيد الله بن الحبحاب مولى بن سلول، وكان والياً على مصر فأمره أن يمضي إلى إفريقيا، واستحلف على مصر ابنه القاسم، وسار إلى إفريقيا فقدمها سنة أربع عشرة ومائة (114) كذا هنا وبنى جامع تونس، واتخذ لها دار صناعة لإنشاء المراكب البحرية".
(العبر، وديوان المبتدأ والخبر)(ج?4 ص404) .
ونسب ابن الشماع في تاريخه الأدلة البينة النورانية على مفاخر الدولة الحفصية بناء الزيتونة إلى ابن الحبحاب: "وجامعها أي مدينة تونس، مليح الصنعة، حسن الوضع مطل على البحر بناه عبيد اله بن الحبحاب، هو ودار الصناعة (سنة أربع عشر ومائة) وأنفذ إليها البحر".
وابن دينار في المؤنس (-1111) اعتمد كلام ابن الشماع وبنى عليه كلامه في الباب الأول الذي عقده في التعريف بتونس، فإنه علق على قول ابن الشماع:"وجامع تونس مليح الصنعة" إلخ..
(قلت) عبيد الله بن الحبحاب كان عاملاً لهشام بن عبد الملك بن مروان على مصر، وأرسله إلى إفريقيا سنة عشر ومائة، فلما وصل إلى القيروان أخرج المستنير من السجن وأرسله إلى تونس والياً عليها، ولعله لم يدخل تونس.
وتقدمه البكري حيث قال ومدينة تونس دورها أربعة وعشرون ألف ذراع وذكر بناء عبيد الله بن الحبحاب.
لكن صاحب المؤنس بعدما نقل الكثير من كلام المؤرخين المتحدثين عن تونس ذكر رأياً له وهو: وإذا ثبت ما قلته، وتقرر ما نقلته، فالذي صح عندي إنها قديمة من بناء الأوائل، والذي ذكر فتحها هو أقرب من غيره، وأن حسان بن النعمان هو الذي فتحها، وبني بها مسجداً، وعبيد الله بن الحبحاب زاد في ضخامته كما أن زيادة الله بن الأغلب زاد وضخمه وكملت في أيام بني حفص كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
ذكر ابن أبي دينار هذه الخلاصة التي ضمنها رأيه في أن تونس قديمة وأن فاتحها هو حسان بن النعمان وأن جامع تونس المعروف بجامع الزيتونة بناه حسان وضخمه عبيد الله بن الحبحاب وهو الرأي الذي اعتمده صاحب مسامرات الظريف لكنه زاد على ما ذكر ابن أبي دينار شيئاً وهو أن عبيد اله بن الحبحاب زاد فيه سنة (141) كما رسم على أحد الأقواس وهو غلط تاريخي لا يغتفر.
وذكر الوزير السراج في تاريخه الحلل السندسية في الأخبار التونسية في القسم الثالث من الجزء الأول: "وأن عبيد الله بن الحبحاب هو الذي أسس جامع تونس وبناه سنة (أربع عشرة ومائة) .
ومما اتفق فيه أن مفرد (جامع) وتاريخه متفقان".
وخلط المؤلف هنا خلطاً ولم يتحر في التاريخ في هذا الموضع الذي هو أساس تاريخه وهو جامع الزيتونة لأنه أراد أن يؤرخ لأمته وعلمائه البارزين من المفاتي والقضاة كما قدمنا.
فلا بد أن نذكر ما وقع فيه من الخطأ: أولاً: أنه نسب بناءه لحسان معتمداً ذلك تاريخاً مع انه غير صحيح.
وغنما هو رأي لابن أبي دينار صاحب المونس، وإما كافة المؤرخين فإنهم لا يذكرون غلا ما نقلناه عنهم.
ثانياً: ذكره لقدوم عبيد الله بن الحبحاب والياً على تونس على عهد هشام بن عبد الملك بن مروان وأنه أتم بناء جامع الزيتونة سنة إحدى وأربعين مع أن هشام بن عبد الملك انتهت خلافته سنة (125) .
ثالثاً: أن ابن الحبحاب لم يل إفريقيا سنة (141) بل وليها إما سنة (114) أو سنة (116) .
رابعاً: أن التاريخ الذي ذكر وهو (أعلم) حسابه بالجمل (141) وليس هو إشارة إلى التأسيس إذ يبعد أن يكون مراداً به ذلك لن حساب الجمل الآخذ به متأخر.
ومن القريب جداً أن يكون المسجد الذي أسسه حسان بن النعمان غير الذي أسسه ابن الحبحاب، ويؤيد هذا أن هناك مسجداً صغيراً بالنهج المعروف بنهج الخمسة الذي بجانب المدرسة السليمانية يتناقل الناس أنه أقدم من جامع الزيتونة وأمام باب صخرة عظيمة يحكي المعرون من المشايخ أن بعض العملة الذين كانوا بصدد بناء جامع الزيتونة يقسمون أجورهم عليها كالمنضدة، والله أعلم.
وهذا المسجد به أسطوانة عظيمة عتيقة يقوم سقف المسجد عليها وعلى الجدران الأربعة.
وكان لذلك المسجد منارة هدمت قبل الاحتلال بقليل لأنها ساخ بعض جدرانها بالأرض مما أدى إلى ميلانها فأدى ذلك إلى هدمها، وكان بابها يصعد إليه من تلك الصخرة التي أمام باب المسجد.
وإنما اتخذ حسان مسجداً صغيراً لأنه لم تكن له رغبة في إقامة مدينة بقرب قرطاجنة لأن هذه الأخيرة كانت حصناً للذين يغيرون على إفريقيا فلم تكن له رغبة في عمارتها.
2 تاريخ ابتداء تأسيسه: المشتهر والمتعارف هو أن ابتداء تأسيسه كان في سنة (114) وهو ما اختاره صاحب الحلل السندسية حتى ذهب إلى أن تاريخه بحساب الجمل (جامع) .
إذ الجيم ب?3 والألف ب?1 والميم ب?40 والعين ب?70 114 وهو ما جاء في المسالك والممالك للبكري.
والبكري عمدة الكثير من المؤرخين التونسيين وهو ما ذكره ابن خلدون في كتابه العبر.
والتحقيق أن عبيد الله بن الحبحاب لم يدخل إلى إفريقيا سنة (114) بل دخلها سنة (116) كما جاء في فتوح إفريقيا والأندلس لابن عبد الحكم من أن هشام بن عبد الملك كتب إلى عامله على مصر بأن يسير إلى إفريقيا وكان مسيره في سنة ست عشرة ومائة، وابن عبد الحكم من رجال القرن الثالث الهجري، وهو في تاريخه يعتمد السند الذي يعتمده رجال الحديث، فكان ما يأتي به مدعماً.
وسنده هنا عن رجلين هما يحيى بن بكير، والليث بن سعد.
أما يحيى بن بكير فالصواب في اسمه أنه يحيى بن أبي بكير، وذكره ابن يونس في تاريخه بأنه: يحيى بن ابي بكير النخعي أبو زكرياء الكوفي، قدم مصر وحدث بها ومات بها في ربيع الآخر سنة ثلاثين ومائتين (من تهذيب التهذيب ج?11 ص190) .
وهو ليس من رجال الصحاح الستة لكن لم يكن في المجرحين فهو ممن يعتمد عليه في الرواية.
وأما الليث بن سعد فهو الإمام المصري أبو الحارث.
وعرف به ابن حبان في الثقاب بقوله: كان من سادات أهل زمانه فقهاً، وورعاً، وعلماً، وفضلاً، وسخاء وعدداه في الرجال الثقاب العلماء قريب من مالك الإمام الكبير وقد ولد سنة (94) وتوفي سنة (175) .
وقد أطال ترجمته في تهذيب التهذيب في الجزء الثامن من (ص459) إلى (ص465) .
وإذا نظرنا إلى ترجمته نراه معاصراً لعبيد الله بن الحبحاب والي إفريقيا ومؤسس جامع الزيتونة، فإذا ما حدثنا أنه سار إلى إفريقيا سنة (116) وهو الرجل الثبت علمنا علم اليقين أن سنة مسيره هي (116) وبالطبع أن يكون تأسيس الزيتونة تلك السنة ويؤكد صحة ذلك أن الليث بن سعد كان إمام مصر فهو أعلم بأحوالها من غيره.
ولا يمكن أن يغلط في مسير والي مصر إلى إفريقيا إذ كان ذهابه إليها وهو في سن الشباب إذ أنه كان سنة ذهاب ابن الحبحاب ستاً وعشرين سنة مع أنه كان من احفظ أهل زمانه وأثبتهم، فالرواية عنه في هذه القضية تفيد القطع.
وما ذكره ابن عبد الحكم اعتمده المؤرخ الثبت ابن عذاري المراكشي صاحب البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، وهو أحفل الكتب المؤرخة للمغرب والأندلس من القرن الألو الهجري حين وقع الفتح للمغرب إلى نصف القرن السابع.
اعتمده المذكور مبيناً أنه قدم إفريقيا في ربيع الآخر من سنة (116) ونسب إليه كما ذكرنا بناء المسجد الجامع بتونس، وكذلك دار الصناعة والمسجد كما ذكره ابن عبد الحكم.
وعلى هذا الغرار سار ابن الأثير في تاريخه المسمى بالكامل فأتى بخبر مسيره إلى إفريقيا ضمن حوادث سنة (116) : وفيها (أي سنة 116) عزل هشام عبيد الله بن الحبحاب عن ولاية مصر واستعمله على إفريقيا فسار إليها، وقيل بل ولي عبيد الله بن الحبحاب سنة سبع عشرة وسترد أخباره هناك، وهذا أصح.
(الكامل ج?4 ص219) .
وابن الأثير هو أبو الحسن علي بن ابي المكارم محمد عز الدين الجزري المتوفى سنة (630) ألف كتابه خلاصة لكتب التواريخ التي في مقدمتها تاريخ الطبري، وكتابه الكامل هذا له امتياز خاص، وهو أنه جمع فيه بين تواريخ المشرق والمغرب كما أشار إلى ذلك: (.. والشرقي منهم قد أدخل بذكر أخبار الغرب، والغربي قد أهمل أحوال الشرق فكان الطالب إذا أراد أن يطالع تاريخاً احتاج إلى مجلدات كثيرة وكتب متعددة مع ما فيها من الإخلال والإملال.
فلما رأيت الأمر كذلك شرعت في تأليف تاريخ جامع لأخبار ملوك الشرق، والغرب، وما بينهما ليكون تذكرة لي أراجعه خوف النسيان، وآتى فيه بالحوادث والكائنات من أول الزمان، متابعة يتلو بعضها بعضاً إلى وقتنا هذا) .
وقد انتهى ابن الأثير في تاريخه إلى حوادث سنة (628) .
ووقف تاريخه عند ابتداء دخول سنة (629) .
فهؤلاء العمد في التاريخ نواهم مطبقين على أن ابن الحبحاب كان دخوله إلى إفريقيا في سنة (116) وبذلك لا يمكن ابتداء تأسيس مسجد تونس الجامع الذي سمي بالزيتونة إلا في تلك السنة.
3 لماذا اختار ابن الحبحاب تونس لبناء مسجده؟ اعتاد المؤرخون أن يذكروا الحوادث دون أن يتعمقوا في الأسباب إلا في القليل النادر كما هنا يقتصرون على فقرة قصيرة، وهي أن ابن الحبحاب سار إلى تونس بأمر هشام بن عبد الملك في سنة (116) وأسس مسجدها الجامع وبنى دار الصناعة بها.
ولا تنقع النفس بذلك متطلبة لماذا اختار هذه البلدة على غيرها؟ وما الداعي له لتأسيس هذا المسجد الجامع مع أن مقامه بالقيروان؟ والجواب نجده فيما ذكره مؤرخ الفتح الإفريقي عبد الرحمن بن عبد الحكم (- 257) الذي هو أقدم من وصلت إلينا مؤلفاته دون بقية مؤرخي مصر الإسلامية، كذا الفتوح الإفريقية لاتصالها بتاريخ مصر.
وننقل ما ذكره ابن عبد الحكم في مسير ابن الحبحاب، ثم نستخرج منه الجواب المطلوب.
(كان قدوم عبيدة بن عبد الرحمن من إفريقيا سنة خمس عشرة ومائة.
وفيها أمر ابن قطن على الأندلس، وكان ما خرج فيه العبيد والإماء من الجواري المتخيرة سبعمائة جارية، وغير ذلك من الخصيان، والخيل، والدواب، والذهب والفضة، والآنية.
واستخلف على إفريقيا حين خرج عقبة بن قدامة التجيبي.
فقدم على هشام [بن عبد الملك] بهدياه واستعفاه فأعفاه.
وكتب (أي هشام بن عبد الملك) إلى عبد الله (ذكا) بن الحبحاب وهو عامله على مصر يأمره بالمسير إلى إفريقيا وولاه إياها وذلك في شهر ربيع الآخر من سنة ست عشر ومائة.
فقدم عبيد الله بن الحبحاب إفريقيا فأخرج المستنير من السجن وولاه تونس، واستعمل ابنه إسماعيل بن عبيد الله على السوس، واستخلف ابنه القاسم بن عبيد الله على مصر، واستعمل على الأندلس عقبة بن الحجاج، وعزل عبد الملك بن قطن، ويقال بل كان الوالي على الأندلس يومئذ عنبسة بن سحيم الكلبي فعزله ابن الحبحاب، وولي عقبة بن الحجاج) .
يطالعنا كلام ابن عبد الحكم بأمرين هامين أولهما أن ابن الحبحاب لما حل بإفريقيا وزع وظائفها على ذويه من أبناء وأخوة وكأنه يرمي من وراء ذلك إلى أن تكون له خالصة دون غيره لأنه إذا غرس فيها امتنعت طاعتها على غيره.
فقد استعمل ابنه إسماعيل بن عبيد الله على السوس.
وستخلف ابنه القاسم بن عبيد الله على مصر.
وستعمل المستنير على تونس بعد أن أخرجه من السجن، والمستنير هذا الظاهر فيه انه أخو عبيد الله بن الحبحاب كما يفيده كلام ابن عبد الحكم حين حديثه على عبيدة بن عبد الرحمن القيسي الذي تولى إفريقيا قبل الحبحاب.
وهذا ما ذكره في ذلك: حدثنا بن أبي بكير عن الليث قال: وولي عبيدة بن عبد الرحمن إفريقيا في المحرم سنة عشر ومائة (110) .
فلما قدم عبيدة إفريقيا وجه المستنير بن الحبحاب غازياً إلى صقيلة فأصابتهم ريح فأغرقتهم ووقع المركب الذي كان فيه المستنير إلى ساحل أطرابلس.
فكتب عبيدة بن عبد الرحمن إلى عامله علىىأطرابلس يزيد بن مسلم الكندي يأمره أن يشده وثاقاً ويبعث معه ثقة فبعث به في وثاق فلما قدم على عبيدة جلده جلداً وجيعاً، وطاف به القيروان على أتان ثم جعل يضربه في كل جمعة مرة حتى أبلغ إليه وذلك أن المستنير أقام بأرض الروم حتى نزل عليه الشتاء واشتدت أمواج البحر وعواصفه فلم يزل محبوساً عنده.
(فتوح إفريقا والأندلس ص92) .
أفاد ابن عبد الحكم أن المستنير بن الحبحاب، فلعله أخو عبيد الله بن الحبحاب.
فالمستنير بن الحبحاب لما ولي ولاية تونس لا نرتاب في أنه اقترح على والي إفريقيا أن يبني بها مسجداً حين رأى مدينة تونس لا تقل عظمة عن القيروان لأنها المدينة الثانية بعد الولاية الإفريقية والمغربية والأندلسية وهي القيروان وكونها المدينة الثانية في العصور الأولى الإسلامية يشير إليه ما ذكره ابن الشماع في الأدلة البينة النورانية على مفاخر الدولة الحفصية.
وكان أبو جعفر المنصور العباسي إذا قدم عليه رسول صاحب القيروان يقول له: ما فعلت إحدى القيروان يعني مدينة تونس، تعظيماً لها.
وخص أبو جعفر المنصور تونس كونها كانت كثيرة الشغب على الولاة، وهو ما أشار إليه البكري في كتابه المسالك والممالك، فبعد أن مدح أهل تونس قال: ومع هذا الفضل الذي فيها هي مخصوصة بالقيام على الأمراء والخلاف للولاة خالفت نحو عشرين مرة (المسالك والممالك ص40) .
فهذه الأهمية لهذه البلاد بعثت عبيد الله بن الحبحاب أن ينشئ مسجداً جامعاً بها، فهو المسجد الثاني بعد مسجد عقبة بالقيروان وهو إن كان من حيث المساحة أقل من مسجد عقبة إلا انه كما قال ابن الشماع: وجامع تونس مليح الصنعة، حسن الوضع، مطل على البحر.
(الأدلة البينة النورانية ص17) .