الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فساد به كمالٌ تونسي
…
أسالَ النفع من سلسال عذب
فعاد له الثنا عوداً ينادي
…
بأن العود أحمد وهو حسبي
همام توج الفتيا بعلم
…
به الفتيا تروح له كصب
وأطلع من مطالعه عزيز ال?
…
فتاوى نيّرات مثل شهب
وأجرى من منابعها سيوباً
…
تروِّي النفس من رقراق شرب
وأجلى من محاسنه عروساً
…
موشحةً سمت عن كل ترب
وأظهر من صنعائه جميلاً
…
فهذا الشرح طب المستطب
به درر المحب تزيد حسناً
…
نحور المعتلي منها بقرب
فتحظى حاليات من سناها
…
وكانت قبل لم توسم بثقب
ويا لله ما كشفَ الحجا من
…
خبيات المعاني كشف ذرب
فأضحى من أصول الفرع ما
…
به كشف المعمى دون ريب
وأيدها بأنقالٍ وفقهٍ
…
أدلته نبت عن كل عطب
وربَّتما توسّع في بساط
…
توسُّع سابرٍ أغوار كتب
يريك مداركاً لمذاهبٍ قدْ
…
أماط عنها اليوم كل حجب
وتعليلاً به يشفي غليلاً
…
ويسق ظامياً أكواب عذب
هو الشرح الذي في شرخ عمري
…
رأيت الكشف منه فقلت حسبي
به قد فاخر النعمان جهراً
…
وأشهر صاحباه صقيل عضب
ومن كرم كريم القوم أسدى
…
به بيض الأيادي دون غب
أدام به المهيمن سيب نفع
…
يجود به لإرواء المحب
وولي مشيخة الإسلام بعد وفاة من قبله وتوفي في المحرم سنة 1215.
وتقدم عوضه الشيخ محمد بن مصطفى بيرم شيخ الإسلام البيرمي الخامس.
35
الشيخ حسن بن الخوجة
هو الشيخ أبو محمد حسن بن أحمد بن حمودة بن محمد بن علي خوجة المفتي ابن المفتي وأخو شيخ الإسلام وعم شيخ الإسلام فهو رابع آل بيته الكرام في الخطة الشرعية. ولد عام 1209 تسعة ومائتين وألف وقرأ على والده الشيخ أحمد بن الخوجة شيئاً من المبادي وختم عليه الأشباه والنظائر، وقرأ على أخيه الشيخ محمد بن الخوجة كثيراً من المبادي وشرح الدرر، وقرأ على الشيخ محمد بيرم الثالث صدر الشريعة والدرر، وقرأ على الشيخ أحمد الأبي الفاكهي والأشموني، وقرأ على الشيخ محمد الستاري علم الكلام بمسجد العبيدي.
وتصدى للإقراء غير أنه مع ذلك اشتغل أولاً بصناعة الشاشية وهي التي عاقته عن كثة الإقراء، وقد ولي خطة التدريس في الرتبة الأولى بجامع الزيتونة ابتداء عند وضع الترتيب الأحمدي فأقرأ بالجامع، ومع ذلك لم يزل مشتغلاً بصناعته إلى أن ولي خطة القضاء في المحرم سنة 1279 تسع وسبعين وقضى نحو الست سنين وتقدم لخطة الفتيا فأولاه المشير محمد الصادق باي مفتياً خامساً تاسع شعبان الكرم سنة 1285 خمس وثمانين ومائتين وألف، ولما توفي الشيخ مصطفى بيرم صار مفتياً رابعاً وباشر الخطة فأفاد المستفتين وكان فقيهاً لين العريكة حسن الأخلاق عارفاً بتاريخ البلاد حسن المداعبة.
وقد بلغ من العمر نحو الثمانين سنة وتوفي ثالث ذي الحجة الحرام سنة 1289 تسع وثمانين ومائتين وألف عليه رحمة الله.
36
الشيخ محمد البارودي
هو الشيخ أبو عبد الله محمد بن حسين محمد بن حسين بن إبراهيم البارودي، ولد ثاني ربيعي سنة 1239 تسع وثلاثين ومائتين وألف، ونشأ بين يدي والده فجود عليه القرآن العظيم، وقرأ عليه كتب المبادي وقرأ على الشيخ محمد بيرم الثالث، والشيخ محمد بيرم الرابع والشيخ محمد بن الخوجة والشيخ محمد معاوية والشيخ محمد بن عاشور، والشيخ محمد النيفر وغيرهم من علماء جامع الزيتونة.
وتقدم لخطة التدريس في الرتبة الثانية عند وضع الترتيب الأحمدي في 12 ربيع سنة 65 خمس وستين فتصدى للإقراء بطريقة بديعة، وتقدم للإمامة والتدريس بالجامع الباشي عند وفاة والده وأقام به الخمس على عهد خطبة الشيخ محمد معاوية ثم الشيخ عثمان البارودي ثم ابنه الأكبر الشيخ محمد البارودي ثم أخوه الشيخ محمد وبوفاته تنقل لإمامة باردو وولي خطبة الجامع الباشي الشيخ حمودة بيرم وإمامة الخمس الشيخ الشاذلي بن القاضي ثم ضمت له الخطبة، وحيث إن إمامة الخمس هنالك الرواية أقرأ صاحب الترجمة فيه صحيح البخاري وختم فيه في شهر رمضان الأختام المحررة البديعة على العادة وتقدم لخطبة جامع باردو وإمامة السراية ثانياً لعمه، ثم لما توفي عمه الشيخ عثمان البارودي في رمضان سنة 84 أربع وثمانين صار إماماً أول فيهما، ولازم القيام بخطبة باردو عدة سنين، وولي ثانيه غيهما يومئذ ابن عمه الشيخ محمد بن عثمان البارودي، وتقدم للرتبة الأولى في التدريس بجامع الزيتونة ولازم التدريس به وتقدم لمشيخة المدرسة الجديدة ودرس بها الفقه الحنفي كثيراً.
ولما انتصبت المجالس القانونية انتخب لها وباشر خدمتها مدة ترتيبها، ثم لازم التدريس وتزوج بابنة عمه وأقام لعرسه وليمة باذخة دعا لها دعوة الجفلى، وأظهر من نفائس الأطعمة والملابس ما اضطره إلى التداين بما لم يقدر على قضائه ولما اشتد عليه الطلب أنفت نفسه من البقاء على مطالبة الغرماء فلازم داره أكثر من عامين.
وفي شهر رمضان المعظم سنة 1280 ثمانين أرسل له المشير الثالث محمد الصادق باشا باي بالخروج لعمل ختم البخاري بجامع الباشا على العادة المألوفة فخرج وحضر لختمه المذكور الأمير وسائر العلماء وسر الناس خروجه، وعند ذلك مدح الأمير بقصيدة طرزها بقوله سيدنا ومولانا الملك الشهير، محمد الصادق باشا المشير وهي التي يقول في مطلعها:[الكامل]
سعدتْ ببدر مشيرنا الأرواح
…
مذْ لاح بارق نوره الوضاح
ثم إنه أعمل وجوها من الصلح مع غرمائه وأعاد الكرة إلى دروسه فلازم التدريس سائر يومه، وكنت في ذلك الوقت نحضر غالب دروسه بحيث إنه يحضر بجامع الزيتونة قبل الزوال بأربع ساعات فيقرئ أربع دروس وعند الزوال يخرج لصلاة الظهر بالجامع الباشي، وبعد الزوال يقري درس الفقه بالمدرسة الجديدة ثم يصلي العصر بالجامع الباشي ويجلس للتجويد ساعة ثم يقري به درسين تدركه في ثانيهما صلاة المغرب مغالباً، هكذا ديدنه في كل يوم وفي ذلك العهد قرأت عليه شرح الشيخ خالد على الآجرومية مرتين وقطعة من الأزهرية والقطر، وقطعة من الشذور والمكودي على الأليفة، ودروساً من الأشموني، وجودت عليه القرآن العظيم براوية حفص وختمت عليه شرح القاضي على الجزرية والدمنهوري على السمرقندية ونبذة من الملوي عليها والجربي على إيساغوجي، وختمت عليه الباجوري على الجوهرة وقطعة من لامية الأفعال وقطعة من الباجوري على البردة ونبذة من أول الشفا بشرح الشهاب ومواضع متفرقة من صحيح البخاري بعضها دراية وبعضها رواية فقط، ومع ذلك حصلت بمراجعته ومجالسته ما نرجو من الله أن يجازيه عني به أحسن الجزاء. وكانت طريقته في التدريس أحسن طريقة لنفع الطالبين حيث إنه يلم بالمسألة أولاً ثم يعيد ما قرره بمطابقته على عبارة المؤلف مع غاية الإيضاح والبيان وعود الضمائر إيضاحاً لما يتوهم معه تخلف أحد الحاضرين عن الفهم، وهذه هي طريقته مع المبتدئ والمنتهي. وتقدم لإمامة السراية وخطبة جامع باردو وخطب من إنشائه خطباً كثيرة مع ما له من حسن الترتيل وجهوري الصوت وفصاحة اللسان، وتقدم لمشيخة زاوية القادرية بعد وفاة عمه أبي النور في شهر رمضان عام 84 أربعة وثمانين ومائتين وألف.
ولم يزل على طريقته في ملزمة التدريس والقيام بجميع خططه إلى أن تقدم لخطة القضاء تاسع شعبان الأكرم سنة 1285 خمس وثمانين ومائتين وألف، فوجه همته للقيام بحقوق الله وحقوق العباد وأعمل يعملات جده، وتحرى لدينه، ولازم دار الشريعة للحكم بحيث لا يكاد يتأخر في وقت الحكم، واعتمد مراجعة من قبله ومع ما هو عليه من الفقه والدين، وكتب في ختمه بيتين وهما قوله:[مجزوء الرجز]
يا رب لطفاً في قضا
…
راجي الرضا والجود
أرشد إلى شرع الهدى
…
محمَّد البارودي
عرضت لي في مدة تصرفه نوازل مع خاصة الدولة فقام فيها لله وأيده الله، والحاصل أنه قضى خمس سنين لم يذكر فيها بسوء وعد بذلك من صالح سلف القضاة. ثم إنه طلب الإقالة وتشدد في طلب الخروج واعتذر بأعذار كثيرة وكتب في شأن ذلك للأمير وبعد مراجعات لم تطب نفسه إلا بالخروج على كره من الأمير فقدمه مفتياً رابعاً رابع جمادى الأولى سنة 1290 تسعين ومائتين وألف، وظهر عليه من السرور والفرح بسلامة خروجه من القضاء ما يشهد لفضله وعند ذلك عاد إلى دروسه بجامع الزيتونة ولازم التدريس على طريقته الأولى مع الاقتصار على الفتوى وملازمة تدريس صحيح البخاري الذي لم يترك قط روايته أو درايته حتى كاد مستحضراً لجميع أحاديثه استحضاراً لم يشاركه فيه أحد كاد به أن يكون حافظه وكان عالماً عاملاً عالي الهمة محباً لأعلى الأمور عفيفاً ديناً لم يترك غرماءه المصالحة معهم فيما قدر عليه من المال بل كان يرسل إلى كل واحد منهم ما يحضره إلى أن قضى أصل دينه ديانة منه ولم يسمح بمعاوضات الأوقاف إلا بعد التحري. وكان حسن الأخلاق جميل المعاملة حبيباً صلباً في الحق، لا تأخذه في الله لومة لائم، نظيف العرض، ينظم الشعر كثيراً محافظاً على مروءته، وكان حسن القامة جميل الصورة خصب البدن غلب عليه الدم فظهرت على عاتقه طالعة لازمته إلى أن أدركته المنية فتوفي قبل الزوال بساعتين وثلث من صبيحة يوم السبت ثاني عشر ذي القعدة الحرام سنة 1293 ثلاث وتسعين ومائتين وألف عليه رحمة الله، وقد رثيته بقولي:[الكامل]
قد راعَ ركن الدين رجفُ رعودِ
…
بأجلِّ خطب فادح موعودِ
فارتجّتِ الدنيا لهولة رجفه
…
وتسربلت ثوبِ اللِّيالي السود
فكأنما الأعلامُ من أحلامنا
…
دكَّتْ بصعقةِ رجفهِ المشهود
فالناس في لهف ومحض تأسّف
…
بجريح قلب مدنف مجهود
والكل صار منوهاً بتأوه
…
يذكي أجيج قلوبهم بوقود
وعيونهم تهمي بساكب ديمة
…
لولا الدما دعت الظماء لورود
فالرأي غيض وكل قلب مرمض
…
والعين فائضة بغير حدود
وكبود أهل الحزم رضّت وارتضت
…
بيع الحياة بغير ما منقود
هيهات أن يبقى بهم من مترع
…
للصبر أو من مهيع محمود
فالصبر تجتثُّ الرزايا أصله
…
وتحيله جزعاً ممرّ أبود
وإذا المصيبة عمت الألبابَ لم
…
يبق الذي يسليهم بردود
وهناك تضطرب الأمور وتلتقي
…
كل الورى في حيرة وصدود
كلُّ معزّي لا معزّي بينهم
…
يتناوبون نوائب المفقود
ركنِ الشريعة وابنه وابن ابنه
…
فخر العلوم (محمد البارودي)
العالمِ العلمِ الذي عمّ الورى
…
نفعاً وقلَّدهمْ أعز عقود
بحرٍ ولكن فيه وردٌ سائغ
…
عذبٌ يجود بلؤلؤ منضود
فالناس طرّاً يوفضون لدرسه
…
كحمائم حامت على المورود
فهو الإمام وخير من قد أمنا
…
في كل فضل ليس بالمحجود
من أمه يلق العلوم تجسَّدتْ
…
وغدت تضم له بخير جلود
من أمه يلق التقى في جثة
…
ملتفة منه بفضل برود
من أمّه يلق البلاغة ركبت
…
في صوغه السامي أعز نقود
من أمّه يلق الرياض تزخرفت
…
بحديث خير الخلق دون جحود
ذا معدن الترتيل والتأويل في
…
تنزيل آي الواحد المعبود
داركة المعقول والمنقول ذو
…
رأي سديد بالذكاء وقود
(كشاف)(أسرار) حبرها
…
(مفتاح) قفل المشكل المعقود
(مغني اللبيب) و (قطب) دائرة (الطوا
…
لع) فهو سعدُ الطالع المسعود
(جمع الجوامع) صدره الرحب الذي
…
ما ضاق يوماً من فعال حسود
مع أنه (التوضيح) طوع لسانه
…
ببيانه المنثور والمنضود
قد كان (صدراً للشريعة) حاملاً
…
في مذهب (النعمان) خير بنود
قد كان بحراً زاخراً بمعارف
…
وعوارفٍ تجري بغير جمود
قد كان كنزاً لا يسام على المدى
…
بالنفس كلا لا ولا بنقود
قد كان طوداً لا ينهنهه الخنا
…
يأوي المصاب بظله الممدود
قد كان ذا روع وفقه محكم
…
في الدين لا يرضى سوى المحدود
فقضى وأفتى مدة ما سيم في
…
أثنائها بسوى ثنا محمود