الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقت السحابة صاحبي برواقها
…
وهمتْ فما بلّت بمزن طوقه
فلتعجبوا أني البليل بمائها
…
وهو الموقى والسحابة فوقه
وله من الشعر ديوان بديع كله عيون يدل على رسوخ قدمه على سراط الإنشاء، وكانت دروسه بجامع الزيتونة رياض البساتين، وقرأ عليه كثير من فحول العلماء ممن سبق ذكره في تراجمهم.
وقد مرض بالمحلة ورجع لتونس مريضاً فأدركته المنية ليلة السبت السادس من ربيع الثاني سنة1248 ثمان وأربعين ومائتين وألف، عليه رحمة الله.
وقد ترجم له لسان الدولة الشيخ أحمد بن أبي الضياف في تاريخه غير أنه سبق قلمه في تاريخ وفاته فقال في ترجمته ما نصه:
الشيخ أحمد زروق الكافافي
أصل هذا الكاتب من بلد الكاف ونشأ في طلب العلم مع أخيه الشيخ السنوسي واختصا بالشيخ صالح الكواش وأخذ عن غيره من أعلام عصره، وحصّل وبرع ودرّس بالجامع الأعظم، واستدر الرزق من رشح قلم الوثيقة، وشغله التكسب عن رياض العلم الأنيقة، وله في الأدب الراية المنصورة، وقلائد الدر المنثورة.
ثم تقدم لخطة القضاء بالمحلة فزانها بالعدل، وعدّ من قضاة الفضل، وكان عالماً فقيهاً فرضيلً أديباً شاعراً كاتباً ذا همة ومروءة، جميل الأخلاق حسن المحاضرة، مشكور الأقوال والأعمال، معدوداً من أهل العلم والكمال، إلى أن توفي سنة 1246 ست وأربعين ومائتين وألف.
الشابيون
جدة والدي للأم هي الست كبورة بنت الشريف الشيخ أحمد ابن الشيخ قاسم شاهد البحيرة ابن المدرس الشيخ السنوسي شهر الشابي، وإنما شهر باللقب المذكور لأنّه تربّى في حجر جده للأم الشيخ صالح بن أحمد الشابي الشهير الفضل من ذرية سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه صاحب تربة الحجامين. وهو جد الولي الصالح الشيخ سيدي محمد الشابي الذي توفي سنة 1292 اثنتين وتسعين ومائتين وألف وهو محمد بن صالح بن محمد بن حسن بن أحمد بن صالح بن أحمد الشابي كل ذلك استفدته من رسوم تتضمن نحلية والد الجدة المذكورة بالشريف.
أما والدتها فإنها ثابتة الشرف لأنها هي الشريفة ساسية بنت الصفوة السيد محمد الطيب الشريف الأندلسي وقد تجاوزت جدة والي المذكورة في العمر المائة، وتوفيت بعد زوال يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من ربيع الأول سنة 1296 ست وتسعين ومائتين وألف، عليها رحمة الله.
السقاطيون
والدتي الأصلية آمنة وتدعى زليخا بنت أبي عبد الله محمد القريشي ابن أبي الحسن علي بن أبي محمد عبد الوهاب السقاط الفاسي الأندلسي. ولدتْ في رمضان سنة 1246 ست وأربعين، وزفّت إلى بيت والدي ليلة الرابع والعشرين من شعبان الأكرم سنة 1264 أربع وستين ومائتين وألف، وكان والدها أبو عبد الله محمد القريشي تاجراً خيّراً وجيهاً فيه صرامة وحزم مواظباً على الصلوات الخمس بجامع الزيتونة، ولم يتخلف عن صلاة الصبح فيه منذ أكثر من خمس عشرة سنة، وقد بلغ من العمر سبعاً وخمسين، وتوفي في شهر رمضان سنة 1257 سبع وخمسين ومائتين وألف عليه رحمة الله.
وكان أخوه الشيخ أبو عبد الله محمد السقاط عالماً فاضلاً فقيهاً موثقاً ولد في السابع والعشرين من رجب الأصب سنة 1197 سبع وتسعين ومائة وألف، وقرأ على الشيخ صالح الكواش بدهليز داره شرح الجربي على إيساغوجي وقرا على الشيخ محمد بن ملوكة والشيخ الطاهر بن مسعود والشيخ حسن الشريف والشيخ إبراهيم الرياحي وغيرهم. وتصدى للإقراء فأخذ عنه كثير من مشايخنا وتقدم لمشيخة بير الحجار عند وفاة الشيخ أحمد زروق وأقام بها درس المختصر الخليلي بشرح الخرشي، ودرس البخاري، وقد أخذ عنه أكثر مَن أدركناهم من مشايخنا. وكان فقيهاً ثبتاً محققاً فاضلاً عزيز النفس ملازماً للتدريس، وله شعر لطيف، وقد توفي ليلة الجمعة منتصف شهر رمضان المعظم سنة 1257 سبع وخمسين عليه رحمة الله.
وقد أنجب عدة أبناء طلعوا بدوراً في آفاق العلم والفضل وهم العالم الخير الشيخ الطاهر والخير الزكي الشيخ الشاذلي والثقة الأعدل الشيخ محمد. أما الشيخ الطاهر فقد نشأ في خدمة العلم وقرأ على الشيخ محمد الشاذلي بن المؤدب والشيخ محمد معاوية والشيخ محمد البنا والشيخ محمد الخضار وغيرهم. وتقد لخطة التدريس في الرتبة الثانية بجامع الزيتونة وهو فقيه فرضي تقي نقي العرض تقدم لخطة قضاء الفريضة في بيت المال عند وفاة الشيخ محمد بن مراد الحنفي فأقام من أجلع بداره، وأناب في خطة قضاء الفريضة أخاه الشيخ محمد، ولم يزل على ذلك إلى هذا اليوم.
وأما أخوهما الشاذلي فكان رجلاً ذاكراً كثير الزيارة للأولياء وقفت على إجازة أجيز بها من شيخ الإسلام وهذا نصها: الحمد لله يقول الفقير محمد بيرم الرابع لطف الله تعالى به قد أجزت للسيد الشريف العفيف أبي عبد الله محمد الشاذلي السقاط قراءة أحزاب القطب الجامع سيدي أبي الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه بحق روايتي لها بالإجازة العامة عن شيخنا العلامة أبي عبد الله محمد بن حسين الشهير بابن العنابي مفتي الحنفية بثغر الإسكندرية وذاك عند اجتيازه بحضرة تونس في سنة 1245 خمي وأربعين ومائتين وألف عن أبي الحسن علي بن عبد القادر بن الأمين عن سيدي علي بن محمد العربي السقاط عن أبي حفص عمر لوكد عن محمد بن عبد الرحمن عن الشيخ حسن العجيمي عن سيد ي يوسف بن عبد الله الجاوي عن الشيخ عبد القادر بن مصطفى الصفدي عن نور الديت العلاف عن محمد بن مصطفى البلخي عن أبي بكر بن سالم باعلوي عن روحانية ابن عطاء الله عن أبي العباس المُرسي عن أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه.
وبالسند إلى سيدي محمد بن عبد الرحمن عن شيخه أبي البركات عن الشيخ أحمد الغربي عن عمه أبي عثمان سعيد عن ابي الطيب بن علوان عن أبي الحسن البطرني عن الشيخ ماضي بن سلطان عن أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه. وأنا أوصي المجاز له المذكور بتقوى الله سبحانه وأن لا ينساني من صالح دعائه وكتب يوم السبت تاسع عشرين شعبان عام 1177 سبعة وسبعين ومائة وألف. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
فكان لهؤلاء الأبناء فضل توارثوه من والدهم، وقد كان من أجلّ علماء الحاضرة، وأخوه معدود في وجوهها الأخيار، وأما والدهما أبو الحسن علي فقد ىولد بتونس، وكان أيضاً تاجراً وجيهاً تقياً زكي النفس ملتزماً في قلنسوته وضع علامة الشرف الخضراء، وهو شرف أمه ابنة الشريف كسيبر على ما يأتي، حج بيت الله الحرام ولم يتخلف عن صلاة الصبح بجامع الزيتونة أكثر من ثلاثين سنة، وبلغ من العمر أربع وتسعين سنة، وتوفي سنة 1251 إحدى وخمسين ومائتين وألف عليه رحمة الله.
وأما والده أبو محمد عبد الوهاب فهو الرجل الكامل الباذل نفسه في خدمة أهل الله، ولد بحاضرة فاس وكان بها من ذوي الثروة، فأدرك القطب الرباني مولاي أحمد الصقلي الشريف الحسني رضي الله عنه، وكان من أكمل الأولياء المتنعمين في المأكل والملبس والمسكن، نقل عن الشيخ التجاني رضي الله عنه أنه قال: دخلت على مولاي أحمد الصقلي فوجدته متنعماً في أفخر الملابس والفرش ورخيّ العيش حتى أنهم أتوه بزبدة وأنا حاضر فأنكر خشونتها وطلب ما هو أصفى منها ولم أحسب أن من أولياء الله من يكون على ذلك الحال من التنعم في الدنيا حتى أخبرني رسول الله عليه الصلاة والسلام بمكانه في الولاية رضي الله عنهما. وقد كان عبد الوهاب السقاط من التابعين لمولاي أحمد الصقلي المحبين فيه، وكان ممن دخل في إقامة بناء زاويته الشهيرة بحاضرة فاس حماها الله، فأنفق ماله هنالك إلى غتمامها تبرعاً منه في محبة شيخه، وحين تمّ بناء الزاوية خرج لحج بيت الله الحرام وبعد فراغه من الحج قدم إلى حاضرة تونس أواسط القرت الثاني عشر فاستوطنها وتزوج بامرأة من بنات الشريف كسيبر القرشي من ذرية ولي الله الشيخ سيدي أحمد بن نعيم دفين بطحاء الصلي من حاضرة تونس رضي الله عنه.
وقد وقفت على وفيات لفروع هذا البيت الشهير الشرف بالحاضرة كانت خلاصتها أن ولي الله سيدي أحمد بن نعيم توفي عن ولده علي وهو عن ولده الحاج محمد كسيبر القرشي وهو عن ولده عثمان وهو عن ولديه محمد وعائشة زوجة محمد بن خليل بتاريخ التاسع عشر من ربيع الثاني سنة 1195 خمس وتسعين ومائة وألف، وتوفي محمد بفتح أوله ابن عثمان عن الحاج أحمد وشلبية زوجة علي بن عمر كسيبر وتوفي الحاج أحمد عن محمد بالفتح ومحمد بالضم وحسين وعمر، وتوفي عمر عن فاطمة ومنا وعلي وأحمد ومحمد وقد سافر محمد بن عمر كسيبر القرشي صحبة مصطفى رايس القبطان وقاتل بمرسى سوسان من بلاد الإغريق فاحترقت بهم الفرقاطة من يوم الجمعة عاشر المحرم الحرام سنة1239 تسع وثلاثين ومئتين وألف، وخلف ولده عمر المتوفى عن أولاده الحطاب وعلي ومنا رضي الله عنهم جميعهم. وعلى كل حال لم نتحقق هاته الجدة ابنة من هي من هؤلاء السادة الأشراف رضي الله عنهم، لكن لا ريب عندنا في أن أم وَلَدَيْ السيد عبد الوهاب السقاط وهما الحاج علي وعبد الجليل هي من بيتهم، وقد كان الحاج علي وأبناؤه من بعده يأخذون فاضل ريع زاوية سيدي ابن نعيم كل سنة إلى عهد قريب تركوه لضعفه حيث إن منابهم صار إلى نواصر معدودة. وقد تزوج الحاج علي السقاط بين يدي والده بالشريفة حليمة المدعوة حلومةبنت الشريف الكبيدي وبعد أن زوجه بها رأى أختها صالحة فأعجبته وتزوجه وكان عمره يومئذ نحو الستة والتسعين سنة، وأوتي منها بولده الحاج عمر ولازم ما يعنيه إلى أن أدركته المنية في حال سجوده للصلاة. ولما ارتحل من فاس ترك بها أخاً له كان أصغر منه سناً واسمه المفضل كان من أتباع القطب الرباني الشيخ أحمد التجاني رضي الله عنه، روي عن الشيخ أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاني بالمفضل السقاط وقال لا تفرط في ذلك الولد وكان فيمن بذل نفسه وماله في إقامة بناء الزاوية التجانية بحاضرة فاس التي كان الفراغ من بنائها سنة1215 خمس عشرة ومائتين وألف، وقد ذكره صاحب منية المريد في أصحاب الشيخ التجاني رضي الله عنه فقال:[الرجز]
وكالشريف العلوي الغالي
…
والسيد المُضَضَّلِ المفضال
وقد ارتحل السيد المفضل إلى مصر ولقن بها الطريقة التجانية الكثير من الرجال ثم إلى قنأن وبها توفي.
وقد ظهرت عليه كرامات منها أنه كان ينهى ولده عن الوصول إلى البحر ويحذره التمساح فاتفق لولده أن خرج إلى شاطىء البحر مع بعض الصبيان فالتقمه التمساح. وأخبرني أحد ثقلة مقدمي الطريقة التجانية أنه نزل بقنا في طريقه لحج بيت الله الحرام واجتمع هنالك بالشيخ موسى مقدم الطريقة القادرية فأخبره عن السيد المفضل السقاط أنه كان طيب السكينة واضح السر يحضر هنالك الورد القادري، ويقف لذكر الله متواجداً إلى أن يسقط طرف عمامته. وكان جميل الصورة. وأخبره أنه كان هنالك رجل ممن يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم أخبره أنه كان تأخر عن مشاهدة الحضرة النبوية ولما حصل له الاجتماع ذكر ما وجد من الشوق فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن اشتقت لرؤيتي فانظر إلى المفضل السقاط وقد كان تنقل الشيخ المفضل إلى مصر تبعاً لسلفه ولعله عمه، الذي ذكره الجبرتي في تاريخه عجائب الآثار في التراجم والأخبار في حوادث سنة ثلاث وثمانين فقال ما نصه: ومات الأستاذ العارف سيدي علي بن محمد العربي بن علي بن العربي الفاسي المصري الشهير بالسقاط ولد بفاس وقرأ على والده وعلى العلامة محمد بن أحمد العربي بن الحاج الفاسي سمع منه الإحياء جميعاً بقراءة ولد عمه النبيه الكاتب أبي عبد الله محمد بن الطيب بن محمد بن علي السقاط، وعلى ولده أبي العباس أحمد بن محمد العربي بن الحاج، وعلى سيدي محمد بن عبد السلام البناني كتب العربية والمعقول والبيان، ولما ورد مصر حاجاً لازمه فقرأ عليه بلفظه من الصحيح إلى الزكاة والشمائل بطرفيه بالجامع الأزهر وكثيراً من المسلسلات والكتب التي نظمتها فهرست ابن غازي قراءة بحث وتفهيم، وأجازه حينئذ بأواسط جمادى الثانية سنة1143 ثلاث وأربعين ومائة وألف، وجاور بمكة فسمع على البصري الصحيح كاملاً ومسلم بفوت وجميع الموطأ رواية ابن يحيى وذلك خلف المقام المالكي عند باب إبراهيم وأجازه، وعلى النخلي أوائل الكتب الستة وأجازه وعاد إلى مصر فقرأ على الشيخ إبراهيم الفيومي أوائل البخاري، وعلى أحمد بن أحمد الغرقاوي وأجازه، وعلى عمر بن عبد السلام التطاوني جميع الصحيح وقطعة من البيضاوي بجامع الغوري سنة1136 ست وثلاثين ومائة وألف وجميع المنح البادية في الأسانيد العالية، وأضافه على الأسودين وشابكه وصافحه وناوله السبحة وأجازه بسائر المسلسلات وعلى محمد القسنطيني رسالة ابن أبي زيد برواق المغاربة، وعلى محمد بن زكري شرحه على الحكم بجامع الغوري وعلى سيدي محمد الزرقاني كتاب الموطأ من باب العتق إلى آخره. وأجازه يوم ختمه وذلك من شعبان عام 1113 ثلاثة عشر ومائة وألف، وروى حديث الرحمة من سيدي مصطفى البكري في سنة 1160 ستين ومائة وألف وأجازه، وأجازه ابن الميت في العموم واجتمع به شيخنا السيد مرتضى في منزل السيد علي المقدسي، وكان قد أتى إليه لمقابلة المنح البادية على نسخته وشاركهما في المقابلة وأحبه وباسطه وشافهه بالإجازة العامة وكان إنساناً متأنساً بالوحدة، منجمعاً عن الناس محباً للانفراد غامضاً مخفيأن ولازال كذلك حتى توفي في أواخر جمادى الأولى سنة1183 ثلاث وثمانين ومائة وألف، ودفن بالزاوية بالقرب من الفحامين اه.