الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبهاته كشف المعمى حيثما
…
عنها أميط اليوم خير ستار
فبدا محياها عليه تهلل
…
بطلاقة التحرير دون غبار
وتبسمت عن ثغر تحرير جلا
…
تدقيقَ حبر واسع الأنظار
وجرت بميدانِ النصوص وأحرزت
…
نسقاً يعود بأحسن الآثار
لم تعدُ منطوقاتها إلا لتح?
…
قيق المناطِ بواضح الأسرار
وتأيدت من ذاك بالعمل الذي
…
أجراه من سلفوا على أطوار
فغدت حفاظَ مسائل سالت بها
…
مزنُ العلوم بوابلٍ مدرار
أبدى مؤلِّفها بها حكماً على=شطِّ البحور ومعظم الأنهار
لا زالت حجة ديننا تسمو به
…
أصقاعنا عنه سائر الأقطار
وتوفي بمرض لازمه عدة سنين لم يترك في فرص راحته الاشتغال بالعلم والإفتاء إلى أن أتاه محتوم الأجل بعد زوال يوم الأحد الخامس من ذي الحجة عام 1313 ثلاثة عشر وثلاثمائة وألف، ودفن صبيحة الاثنين بالزلاج وحضر الأمير مشهد جنازته وصلي عليه ببطحاء القصبة عليه رحمة الله.
34
الشيخ أحمد كريم
هو الشيخ أبو العباس أحمد بن محمود بن عبد الكريم المدعو كريم بن عثمان التركي، ووالدته بنت مصطفى بن عبد الكبير بن يرسف بن عبد الكبير بن يوسف درغوث فهي حفيدة ثلاثة من مشايخ الإسلام، وكان مقدم جده عثمان من جند الترك، وكان ولده كريم أمين صناعة الشاشية بتونس، وكان ولده محمود تعاطى صناعة الشاشية.
وولد صاحب الترجمة ليلة الأربعاء السابع والعشرين من صفر سنة 1243هـ? ثلاث وأربعين ومائتين وألف وقرأ القرآن العظيم على الشيخ الحاج علي بن المهدي وأتمه على الشيخ محمد الذهب الخياري وابتدأ قراءة العلم الشريف في شوال عام 1258 ثمانية وخمسين ومائتين وألف فقرأ على الشيخ حسن بن الخوجة كتب المبادي شرح الشيخ خالد والأزهرية والقطر ومراقي الفلاح ومولا المسكين على الكنز والتذكرة للقرطبي، وقرأ على أخيه الشيخ محمد بن الخوجة الأزهرية وقطعة من البخاري وقطعة من الدرر، وقرأ على الشيخ حمدة بن عاشور الألفية وقطعة من شرح الأشموني وقطعة من السعد، وقرأ على أخيه الشيخ الطاهر بن عاشور القطر والبردة والمحلي والمطول الجميع بحواشيه التي ألفها وقطعة من مسلم وقطعة من المختصر الخليلي، وقرأ على الشيخ حسن فرشيش الفرائض، وقرأ على الشيخ الحاج عبد الله الدراجي الشذور، وقرأ على الشيخ محمد برناز شرح المصنف على السلم، وقرأ على الشيخ محمد القسنطيني الصغرى والوسطى وقرأ على الشيخ محمد بن مصطفى البارودي الشذور، وقرأ على الشيخ محمد معاوية الدرر، وقرأ على غير هؤلاء يسيراً مثل الشيخ العربي الشريف والشيخ محمود قابادو والشيخ الأمين بن الخوجة وقرأ على الشيخ محمد ابن سلامة نبذة من المكودي، وأخذ جانباً من الموطأ عن الشيخ إبراهيم الرياحي، وروى الشفا عن الشيخ مصطفى بن عزوز دفين نفطة، وتقدم لخطة العدالة في 3 ذي القعدة الحرام سنة 1263 ثلاث وستين ومائتين وألف.
وهو أول مدرس حنفي ثبت في الرتبة الثانية بجامع الزيتونة وولي ذلك في ربيع الأول سنة 1265، ثم ارتقى إلى الرتبة الأولى في 5 جمادى الأولى سنة 1267 وأقرأ كتباً مهمة منها الكنز وتتبعه بالهداية وفتح القدير ومنها شرح الشيخ برتقيز على متن القدوري وصل فيه إلى كتاب الجنايات، وعند ذلك اتفق أن انتصبت مجالس الجنايات بتونس وتقلد هو كاهية المجلس في شوال سنة 1277 وتقدم في قوانينها تقدماً كلياً إلى أن صار رئيس مجلس الجنايات وتقلد خطة الإفتاء في الثالث والعشرين من شوال سنة 1280 ثمانين ومائتين وألف، ثم تقدم خطيباُ وإماماً ومدرساً بالجامع الحسيني أواخر شهر رمضان المعظم سنة 1284 أربع وثمانين ومائتين وألف بتأخير الشيخ محمد بن أحمد البارودي إمام السراية بباردو. وخطب من إنشائه الخطب البليغة وقد وقفت له على ديوان خطب مهذبة مختصرة يستعملها بعض علماء الحاضرة وختم فيه الأختام المحررة الرائقة وقد حضر الأمير بعضها.
وهو عالم داركة عارف بمقتضيات الأحوال فصيح اللسان والقلم لطيف المحاضرة مستحضرة للأجوبة محرر لدروسه خبير بدقائق المذهب الحنفي متودد إلى الناس جميل السمت نظيف الثياب حسن الهيئة أديب شاعر ناثر يرصع قصائده المديحية بمحاسن الغزل.
وجمع شعره في ديوان سماه السحر الحلال يحتوي على ثمانية كراريس من لطيف الشعر، وقد شرح قصيدة كعب بن زهير شرحاً لطيفاً شحنه أدباً ولطائف من أحوال العرب ووقائعهم، وكتب شرحاً على البسملة، وشرحاً على خطبة مختصر السعد التفتازاني، وحين أقرأ شرح القدوري للشيخ برتقيز بجامع الزيتونة تتبع قضاء الفوائت بمسائل معركة الشيخ حسين البارودي والشيخ لطف الله الأرزومي الأعجمي وكتب في المسألة رسالة صوب بها كلام كل من الشيخين.
ولما توفي الشيخ مصطفى بيرم صار مفتياً ثالثاً ولما توفي الشيخ محمد معاوية صار مفتياً ثانياً فهو اليوم كاهية شيخ الإسلام ملازم للإفتاء والتدريس.
وختم صدر الشريعة بجامع الزيتونة وكتب حواشي على مباحث من الدرر، وتصدى لشرح منظومة المحبي في الفقه الحنفي شرحاً بديعاً يحوي تلك المسائل الفرعية على ما به عمل الديار التونسية بأنقال عين المسائل من أمهاتها وتأييدها بقواعدها الأصولية التي ابتنت عليها وربما أوضح مبنى الاختلاف بين مذهب المالكية والحنفية بحيث إنه يعد من مهمات كتب الفقه الحنفي.
ولما أطلعني على أجزائه قبل استيفائه كتبت عليه في تقريظه ما نصه: تبارك الذي أنشأ جنات معروشات، بأجمل العريش وأطلع في آفاق الصفحات خيلان الأحبوشات، وأفاض عليها من الإبداع جناح المريش. أبدع آيات إحكام أحكامه وكل شيء عنده بمقدار، وأتقن ترتيب العالم في نظامه ولا يعلم أحد ما أودع في تلك الأسرار، ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شا ومن لعقل القاصر بفهمه أن يصل إلى إدراك حقائق ما على حكمة الإبداع قد انتشا فكم من خبايا في زوايا هذا النظام، تنشر أبدع الطي من مفاخره، وكم من غرائب تحار دونها الأفهام، لا تختص بأوله ولا بآخره، فمن خاض خضم هذا النظام وسبح في بحره الزاخر، رأى بعيني البصر والبصيرة مصداق كم ترك الأول للآخر، أفلم يأن للمتبصر أن يقلب طرف الاستبصار، ويجيل فكر الاعتبار، في شريعة سيد الأبرار، التي لم يزل تجدد الليل والنهار، يشيد منها أعز منار بأحكم الآثار، الدالة على صلوحيتها لكل جيل في جمع الأطوار، ولم يزل علماء الأمطار في جميع الأقطار يوضحون ما لم يهتد إليه غيرهم من الأسرار، إلى هذه الأعصار، التي أطلعت آية غطت على الشمس في كبد النهار، ونثرت الدر المختار، بما عليه المدار، من فقه الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، رضي الله عنه وأرضاه ما تجدد الملوان، ألا وهو شرح المنظومة العديمة النظير، الموشحة بأحسن التحبير، المنسوبة إلى العلامة المحبي المساة بعمدة الحكام ومرجع القضاة في الأحكام، ويا لها من مرجع بديع النظام، تفتخر به الأيام، ويا لله ما أجلاه من خبياتها ذلك الشرح، الذي رفع به مؤلفه من قواعد الأصول والفروع أعظم صرح حرره ثنيان الفتيا، ومن له في العلوم العقلية والنقلية الرتبة العليا، الداركة النحرير، ومعدن التدقيق والتحرير، والعمدة العلامة، والدراكة الفهامة الهمام الكريم، والمتقلد من وصف الكرم بما يدل على التعظيم، من خيم الفضل في ساحاته فكان أكرم مخيم المفتي الشيخ أحمد كريم، لا زالت مساعيه ناجحة، وموازين علومه بالصواب راحجة، وناهيك بما أودع فيه، والذي ملأ الكون من مفاخرة يكفيه، فقد أتى في إبداعه بالسحر الحلال، والعذب الزلال من كشف خبيات تلك اللآل، التي كانت في زوايا الإهمال، وما جلس لها أحد لها في الخلال، حتى أجلاها على منصة الكمال، واضحة الأقفال مؤيدة من القواعد الأصولية بأمتن وجوه الاستدلال، التي لم تترك وجهاً للإشكال، مع الإنصاف الذي هو ملاك الأعمال وتحرير المعمول به الأقوال ولما أوقفتني مودة هذا الشارح على غاية الآمال من هذا الشرح العزيز المثال، الذي رتع الفكر في مفصل رياضه وجال، وتوله بحميا خندريسه فأنشأ وقال:[الوافر]
أبحرُ الفقهٍ يقذف مثل غرب
…
بفيض الدر من شرق لغرب
فأطهر بين أهل العلم كنزاً
…
يفيد كفاية في كل إرب
أمٍ التوضيح بان به منارٌ
…
من الإرشاد بالإصباح يبني
هدانا للهدى لأعزّ معنى
…
هو المغني على قرب المغب
بلى إنّ الصباح لهُ انبلاج
…
بفجر ساطع من تحت حجب
وما هو غير شرح فاق كشفاً
…
يزيل الحجب عن (نظم المحبي)
به صدر الشريعة زان روضاً
…
يطيب بعرفه لين المهب