الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولجنا الفيافي فرفد بعدَ فرفد
…
وجلنا اللَّيالي المقمرات فتسودُّ
وما راعنا فتك الصوارم مثلما
…
لقيناه من حمُّودة الأورعِ الفهدِ
حنانيك يا فردَ المعالي بتونسٍ
…
ترفَّقْ بحرٍّ لا يزال لكمْ عبدُ
وقرظها الشيخ عبد الكريم بن الأمين الجزيري بقوله:
[الطويل]
قلائد درٍّ قد تبدت لناظري
…
تحار الأفكار والعلم والسعد
فما له في فن البلاغة مشبهٌ
…
يحاكي وفي حسن الرشاقةِ لا ندُّ
تكاد قوافي الشعر تخفى بحسنها
…
وحقَّ لها أن تختفي بل ولا تبدو
لذاك صبونا من جلاها وكيف لا
…
وحمُّودة الأسني يشيب فيشتد
غزال سبي الألباب في ثغره شهْد
…
ومن ثغره يبدو لعاشق سهد
وقرظها الشيخ قدور بن رويلة الجزيري بقوله: [الطويل]
ورب غوان قد برزن ولا وعدُ
…
معطلة الأجياد ما إن لها ندُّ
خرجن كأنَّ الريم يمرح عشوة
…
يميس ذللالاً لا نفارٌ ولا صدُ
وجوهٌ كأنَّ البدرَ شكلٌ ودارةٌ
…
وقد ولا الأغصان تشبهها الملْدُ
فضحن ظباء الحي جفناً وحاجباً
…
وخصراً وردفاً في الرشاقة لا حدّ
كما فضحت تلك القصيدةُ بغتةً
…
عزيزَ قوافي الشعر ردّاً وما ردُّ
وكيف وقد جاءت من أفكار ماهر
…
وقد رشفت من ثغرة مرشفاً شهدُ
وعلَّلها سحرَ البيان تخلُّصاً
…
وجوَّدها حمُّودة المرتضى الفردُ
عليه سلام ما ترنَّم منشدٌ
…
بسحر غوان قد برزن ولا وعدُ
وللشيخ العزيز بوعتور مقرظاً للتقريظ أعلاه بقوله: [الطويل]
أما ودراري من علاك لها المجد
…
لقد زين الدنيا بتاج هو الحدُّ
أتيتَ بنجم من سماء جمانه
…
بماء اللحاظ النُّجل جلَّله الوقد
وقائلةٍ مالي أراك مولهاً
…
وقد كنت ثبتاً لا ينهنه الرعدُ
أشرقك طيف أم سماعك لاحناً
…
بسحر (غوان قد برزن ولا وعدُ)
فقلت لها إيهٍ ومثلي منصتٌ
…
لهطلِ سحاب يستقل به الرشدُ
وقول كرامٍ لا يزال وليدهم
…
يؤمِّمُ مجداً ثم يتبعهُ السعدُ
وإني لمشتاق لقوم فواضلٍ
…
وجوههم الدنيا وقولهم الحدُّ
وللشيخ حمودة الزلفاني مقرظاً للتقريظ بقوله: [مجزوء الرمل]
أعذبتْ حسن المراشفْ
…
منْ حماكمْ تترقرقْ
أشرقتْ شمسُ المعارفْ
…
من سناكمْ تتألَّقْ
ومعانْ فيه تبدو
…
كبحارٍ تتدفَّقْ
حازتِ العلياءَ فضلاً
…
قدْ رقت والبرق يخفق
هكذا شأنٌ رفيعٌ
…
صولهٌ فيها تشرقْ
أبدع يا ليت شعرري
…
هل إليها من تشفَّقْ
ازدرت بالورد أمسي
…
في رياض يتفتَّقْ
يا لها بكر تضاهي
…
خدَّ خود تتعشَّقْ
أخذتْ فكريَ وعقلي
…
بانثناء وترفُّقْ
أضرمتْ ناراً بقلبي
…
وفؤادي يتمزَّقْ
قد سقتني من لماها
…
خمرةً والمسكُ يعبقْ
لم يزل منّي شوق
…
من هواها يتعلَّقْ
وكان صاحب الترجمة علامة محققاً، له صيانة وديانة يضرب بهما المثل، تقياً نقي العرض صافي السريرة حيياً محبباً إلى الناس كريم النفس لطيف الخطاب، يقصده أهل الحرمين الشريفين كثيراً ولا يرد واحداً منهم خالياً وربما تكرم عليهم بأمتعته إن لم يجد ما يواسيهم به.
حج بيت الله الحرام ثلاثاً وتوفي في ثالثها بعد الزيارة بالمدينة المنورة، وقد ظهرت عليه مكاشفات قبل موته حقق بها لولده أنه غير راجع إلى تونس، ثم أتى عليه إسهال إلأى ان توفي ودفن بالبقيع فكانت وفاته في المحرم سنة 1277 سبع وسبعين ومائتين وألف عليه رحمة الله آمين.
39 الشيخ محمد القبايلي
هو الشيخ أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يحيى البجائي المزي الشريف، وقفت على وثيقة أقيمت ببجاية تشهد بشرف جده محمد مؤرخة بأوائل صفر الخير سنة 1160 ستين ومائة وألف وجده المذكور هو القادم من القبائل لتونس.
وكان والد صاحب الترجمة تاجراً خيراً حافظاً للقرآن العظيم عليه سيماء الصالحين.
ونشأ ولده في خدمة العلم الشريف وقرأ على علماء كثيرين، قرأ على الشيخ أبي محمد حسن الشريف، والشيخ أحممد بوخريص، والشيخ الطاهر بن مسعود، والشيخ إبراهيم الرياحي، والشيخ محمد بن ملوكة وغيرهم من علماء ذلك العصر.
وجلس للتدريس فأفاد، وتقدم مدرساً بجامع الزيتونة في الطبقة الأولى عند وضع الترتيب الأحمدي أواخر شهر رمضان المعظم سنة 1258 ثمان وخمسين ومائتين وألف فزان الجامع بدروسه الرائقة غير أنه مع ذلك استغل بالمتجر واتسع فيه نطاقه وذلك هو الذي منعه من كثرة الإقراء مع كونه عالماً جليلاً.
تقدم لحظة قضاء باردو المعمور في الحادي عشر من صفر الخير سنة 1263 ثلاث وستين ومائتين وألف فأحسن القيام بها وحُمد مسعاه فيها ثم قدمه المشير أحمد باشا باي لحظة الفتيا فولي مفتياً خامساً في الخامس والعشرين من رجب سنة 1267 سبع وستين ومائتين وألف، وأفاد الطالبين والمستفتين ولما توفي الشيخ الخضّار صار مفتياً رابعاً.
أما شعره فهو عزيز ومن أحسنه القصيدة الغراء التي مدح بها المشير الأول أحمد باشا باي وجمع فيها مفاخر دولته وشكر بها صنعه في نشر العلم بجامع الزيتونة وهي قوله: [الطويل]
خليلي ما تلك القباب التي تجلو
…
فقد لاح منها ما به يذهل العقلُ
تراءتْ على بعد فعاودني الصبا
…
وهيّج لي التذكار ما كان لي يحلو
تهادي سروراً والهمومَ تذودها
…
كما تفعل الصهباء لوْ فاتها الخبلُ
وتمنه من وافاه رونق حسنها
…
من أن يلتوي عنها ولو شأنها المحلُ
بعيد عن الآفات من حام حولها
…
فلا ضيم يخشاه ولا ظالم نذلُ
إذا ما علته الطير ظلت سواكناً
…
كأن جناح الطير أوثقه الكبلُ
تظلُّ حيارى من غرائب صنعها
…
وإن تركت أفراخها ما لها أكلُ
متى أمَّها الرامي وأوتر قوسه
…
وحقق فيها الرمي طاش له النبلُ
كذلك جار الأكرمين ممنّع
…
مصون عن الأعداء ما نيله سهلُ
ومن بينها حسن ترآى لناظري
…
مشسّدة أركانه شادةُ العدلُ
فيممته حين وقفت تجاهه
…
وأيقنت أن الحصن ليس له مثلُ
فناجتن نفسي أنتي الآن واقف
…
أمام الذي يمناه بالجود تنهلُ
مشير أبي العباس من طار صيته
…
فعمَّ البرايا والكرامُ له تتلو
إمامٌ همامٌ سيّد خضعت له
…
رقاب الألى ما كن يخضعن من قبلُ؟
فتوَّجهمْ تاجَ الرضى وأنالهم
…
مقامات عزِّ شامخاتٍ بهم تعلو
ولو أعرضوا أو خالفوا لأذاقهم
…
كؤوس المنايا صاغرين وإن جلوا
فمجده مرٌّ علقميّ مذاقه
…
مهاب إذا قابلتهُ العقل يختل؟
فحاذر إذا جئته حين جده
…
وبادر إليه ريثما يُشتهى الهزلُ
خبير بأعقاب الأمور وسرُّه
…
مصون صدور لا يحلُّ لها قفلُ
وكم له منْ فخرٍ وفضل وسؤدد
…
وفعل جميل لا يحيط به القول
فأحيا رسوم العلم بعد اندراسه
…
ودحض أهاليه وقد سامه الخذلُ
فعمّر سوق العلم واغتصَّ جمعه
…
وسارت له الركبان والتأم الشملُ
وجاء لنيل العلم من كل جاني
…
وأقصى مكانٍ لا عياء ولا هزلُ
وكانت نفوسٌ جامحاتٍ فأصبحت
…
له جانحات والمرارة قد تحلو
وبادر للتعليم ناء وحاضر
…
غني وذو فقر صحيح ومعتلُ
وشوقهم للعلم رغباً وساقهم
…
عطاءٌ جزيلٌ وافرٌ صوبه وبلُ
ونوَّر بيت الله بالعلم إذ حوت
…
مصابيح علم تستضاءُ بها السُّبلُ
وأتحفه من نيله بعرائسٍ
…
متوجةً ففي ضمنها الصعب والسهلُ
وفيها فنون يفتر العقل دونها
…
يحاولها من وصفه الدذق والنبلُ
وأغراهم شوقاً وأوقد عزمهم
…
وأورثهم خيراً مرتبة الجزلُ
فأكرمْ بها من نعمة ذخرتْ له
…
أشيدت لها الرايات وانتشر الفضلُ
وأحيا لدين الله أفضل موسم
…
بمولد خير الخلق حق له الفضلُ
بنشر علامات السرور وبسطه
…
موائد إكرام تناوله سهلُ
وفُتحتْ الأبواب وانتشر الضيا
…
ونوِّرت الأسواق واحتفل الأهلُ
وجيء لبيت الله من كل جانب
…
وظلت جموع الخلق كل له شفلُ
فقومٌ بذكر الله تاهت قلوبهم
…
وقومٌ كتاب الله ألسنهم تتلو