الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وب "الحسن" الأسمى أبيه ابن احمد
…
سليل الذي لازلت فضله أستجدي
أبي القاسم الميمون نجلِ محمدِ
…
هو ابن قريش نجل عيس أخي الزهد
وهو ابن عبد بالعبادة قد غدا
…
مضافاً إلى الرحمن أكرم بذا العبد
ومن خلف المدعو بابن علي الشَّ
…
هير اقتبس نور الهداية والرشد
ومن فرج المدعو بابن علي ال
…
جليل التمسْ تفريج كربك عن حد
وسل بأبيه القرم وهو محمد
…
مرداك كي تحظى به دون ما ردَّ
ولا تعدُ إسماعيل والده الذي
…
أبوه يسمى جعفر الصادق الوعد
وبالباقر الأتقى أبيه محمد ال
…
همام الذي حاز السيادة في المهد
وهو ابن زين العابدين علي ال
…
إمام الزكي الأصل ذي السؤدد العدَّ
سليل حسينٍ نجل فاطمة التي
…
هي الزهرة الزهراءُ أمّ ذوي ودَّ
أبوه علي وهو صنو نبيَّنا
…
عليه صلاة الله تترى بلا حد
بجدَّهمُ اللهم يا خالق الورى
…
ويا ملجأ المضطر يا وجهةَ القصد
أنلني رضاكم يوم لا شيء غيره
…
يقربني زلفى إلى جنة الخلد
ويا رب فاشهد أنني قد أحبُّهم
…
لحبك إياهم وذا ما لهم عندي
وأستنزلُ الرضوان منك عليهم
…
لترضيهم عني وذا منتهى جهدي
وصلَّ وسلَّمْ ثم بارك على الذي
…
أتى رحمةً للعالمين بلا جحد
فقد توارث صاحب الترجمة مفاخر عن أبيه وجده، فبلغ بها من الفضل غاية حده، وله في غمامة الجامع من سلسة سلف، أخرجه إليها إخراج الدر من الصدف.
[الشيخ علي محسن]
فقد كان المنعم والده الشيخ أبو الحسن (علي محسن) إماماً ثالثاً بجامع الزيتونة على عهد البكريين بفضله وحسن تلاوته، وكان معظماً عند الخاصة والعامة علماً وديانة، إلى أن توفي في السادس والعشرين من ذي العقدة الحرام سنة 1209 تسع ومائتين وألف.
وكانت ولادة صاحب الترجمة سنة 1193 ثلاث وتسعين ومائة وألف، فتربى في حجر عناية والده، وقرأ القرآن العظيم على الفاضل الشيخ حسن بن عمر، يروى أن مؤدبه المذكور انتهره في بعض الأيام لأجل القراءة، فلم يتحمل ذلك لعزة نفسه، وأخذته الغصة ولازمة البكاء من ذلك الوقت إلى أن رجع إلى داره عند الزوال، واستمر عليه ذلك في قيلولة ذلك اليوم، ولما نام مؤدبه في داره رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه واضعاً ولده المذكور في حجرة وهو يأمر مؤدبه باسترضائه، فقام من نومه فزعاً وخرج من حينه، واشترى فواكه مما يرضي الصبيان، وجاءه إلى داره فوجده باكياً، فانكب عليه واخذ يقبل يده ويعطيه الفواكه، ويسترضيه إلى أن سكن جزعه، وقص رؤياه على والده، رضي الله عنهم أجمعين.
ثم بعد قراءته القرآن العظيم توجه إلى قراءة العلم الشريف فقرأ على ابني عمه الإمامين الشيخ حسن الشريف، وأخيه الشيخ محمد الشريف، والشيخ الطاهر ابن مسعود، وقرأ على غير هؤلاء، وتصدى للإشهاد فعد من ثقات العدول.
ولما توفي شيخه الشيخ الطاهر بن مسعود خليفة الجامع وقدم الأمير محمود باي الشيخ "عمر بن المؤدب" للخلافة تقدم صاحب الترجمة للنيابة إماماً ثالثاً في ربيع الثاني سنة 1234 أربع وثلاثين ومائتين وألف، وكان الإمام الأكبر يومئذ ابن عمه الشيخ حسن الشريف، فاستمر إماماً ثالثاً زينة لجامع الزيتونة، وأولاده شهادة الحرمين، وهي يومئذ من الخطط النبيهة الشأن، فقام بحقوقها، ولازم المعاينة بنفسه، ولما علم الأمير بذلك أهدى إليه فرساً اعتناءً بشأنه، واستمر مباشراً للإشهاد والإمامة إلى أن توفي الخليفة المذكور، فقدم الأمير ولده "الشيخ الشاذلي" نائباً، وقدم صاحب الترجمة إلى الخلافة، كما هو مقتضى الاستحقاق، فتقدم خليفة لابن عمه الشيخ محمد الشريف سنة 1239 تسع وثلاثين ومائتين وألف، فعمر الجامع بمواظبته وإقامة الصلوات في أول أوقاتها.
ولما تنقل الشيخ الشاذلي المذكور إلى خطة الفتيا أبي المشي خلفه اعتماداً على خطة الإفتاء، وعظم الخلاف بين الخليفة ونائبه بسبب ذلك، فبلغ أمرهما إلى الأمير مصطفى باشا، فأرسل قاضيه وكاتب سره للمصالحة بينهما مع المحافظة على ترتيب الجامع في تقديم الخليفة على الإمام الثالث وحسنت العلاقة بينهما، واستمرا على ذلك إلى أن توفي الإمام الأكبر الشريف فرأى المشير الأول احمد باشا تعين تقديم عالم العصر الشيخ إبراهيم الرياحي إلى إمامة الجامع، ولم يأنف من ذلك صاحب الترجمة لحسن إنصافه وعلمه بكمال رتبة الشيخ إبراهيم، بل إن ذلك لم يزدهما إلا تآلفاً، وكثيراً ما يقدمه الشيخ إبراهيم على نفسه ويرغب مع ذلك نائبه الشيخ الشاذلي في صفر الخير سنة 1263 ثلاث وستين تقدم الشيخ "محمد البنا" نائباً عن الخليفة المذكور، ثم لما توفي الشيخ إبراهيم الرياحي قدمه المشير الأول أحمد باشا إلى الإمامة الكبرى في التاسع والعشرين من شهر رمضان المعظم سنة ست وستين ومائتين وألف وأولى خليفته الشيخ أبا عبد الله محمد البنا، وقدم للنيابة شيخ الختمة العالم المجود "الشيخ احمد القروي" بعد أن كان كثير النيابة عمن قبله عند عروض الأعذار، وكان في الثلاثة الأشهر المعظمة يجلس على الختمة لتجويد القرآن بعد صلاة الظهر، وبعد الفراغ يحضر مجلس الأيمة لرواية الشفا، وأقام الصبح والعشاءين مدة مديدة من قبل ولايته النيابة بإذن من الأمير.
وقام هذا الإمام الشريف بخطة الإمامة الكبرى بجامع الزيتونة احسن قيام، وكان معتقداً للخاص والعام، فاضلاً كريماً، عزيز النفس، عالي الهمة، مهاباً معظماً، غيوراً، أولاه المشير الثاني محمد باشا وكالة زاوية السيد أبي زمعة الصحابي بالقيروان، فحاسب من كان قبله وأنتخت المحاسبة نيفاً وسبعين ألفاً، أستأذن فيها الأمير، فامتنع الأمير من التداخل فيها وفوض أمرها إليه يفعل بها ما شاء من أكلها، والتصدق بها، أو ما يظهر له، فبادر واشترى بجميعها زياتين بمرناق ودياراً بتونس، وأوقفها على الزاوية، ولما جمع المشير الثالث الزاوية على لسان الأمير، فأنكر ذلك وتغير له، وقال له: إنه إذا عزلني عن الزاوية المذكورة فإني (نخرج من البلد) وبمجرد بلوغ خبر ذلك للأمير أرسل إليه مع لسان الدولة يعلمه بان المحتسب المذكور أتاه من قبل نفسه لا بإذن، وأنه كيف يعزل شيخه الذي أخذ عنه الطريقة التجانية، وغنما يرجو رضاه، وعند ذلك سكن غضب الشيخ ودعا للأمير بخير، ومن الغد قدم إليه لسان الدولة المذكور بسبحة من عنبر وثلاثة آلاف ريال، وأمر في تمليكه هنشير الديوان قرب مرناق جلباً لخاطره، نال منه بذلك الدعاء الجميل، أدركته رضى الله عنه على هرمه لا يتخلف عن الرواية في الشهر الثلاثة مع ضعف بصره، وكان مع ذلك ينسخ صحيح البخاري بخط يده بأحرف كبيرة تساعده على القراءة، ويصلي الظهر والعصر، ويخطب في الجمعة والعيدين والناس يتبركون بأذياله إلى أن عجز، فصار إنما يحضر الجامع بحسب مقدرته، وهو الذي جعل لسائر أبواب بيت الصلاة مراتج من بلور وقاية من الريح والبرد فأحسن بذلك للمصلين والمدرسين.
ومن ورعه نعمه الله انه لما ورد ماء زغوان إلى الحاضرة ومروا به على ميضاة الجامع بعد أن ادخل إلى بعض ميضاوات غيره من الجوامع امتنع الشيخ من إدخاله إلى ميضاة الجامع كما يذكر فيه من الشبهة نظراً لاستحقاق أهل البلد الذي فيه منبع الماء.
وقد كان له ثلاثة أبناء وهم الشيخ (الطاهر) والشيخ (مصطفى) والشيخ (عبد الرحمن) توفي أولهم أولاً وتلقى الشيخ مصيبته بالصبر وتوفي ثانيهم ليلة الثلاثاء الثالث من ذي العقدة الحرام سنة 1284 أربع وثمانين ومائتين وألف، وصبر لذلك أيضاً غير أنهما خلفا له محمدين حفيدين له، رضي الله عنهم أجمعين.
ثم توالى عليه الهرم والمرض واشتاق إلى لقاء الرحمن، فأدركته المنية وله من العمر سبع وثمانون سنة وتوفي عشية الجمعة السادس عشر من رمضان المعظم سنة أربع وثمانين ومائتين وألف وتبرك الأمير والمأمور بحضور جنازته وصلى عليه الشيخ (علي العفيف) أمام باب البهور بجامع الزيتونة بوصايته عليه رحمة الله وقد رثاه الأكتب الشيخ المختار شويخة بقوله:[البسيط]
ورد المنايا على الأيام مورودُ
…
وشربها المضّ بين الخلق مقصود