الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لاح الهدى برسالة سلكت بتح?
…
قيق الأعاجم مذهب الأعراب
ودلالها يبدي دلال لفظها
…
كالغَّرةِ الحسناء تحت نقاب
يلهيك عن جريال معناها من التج?
…
نيس والتسجيع أي حباب
جاءت تبين المذهب الحنفي في
…
حسن وقبح دون ما إطناب
وتميط عن وجهٍ لتجمعَ بينه
…
والأشعرية أيّما جلباب
وتدرجت من خدر فكرِ مجيدها
…
تختالُ في حلل من الآداب
ذاك الإمام الفذ والشيخ الذي
…
قد نال منه العلم عودَ شباب
يا صاح دونكها وخض لجيها
…
ترجع بدر القلب لا الأرقاب
ما هي إلا منحة فتحيةٌ
…
من فيض من يؤتي بغير حساب
ولذاك رصّع تاجها باسميه ج?
…
لَّ جلاله الفتاحِ الوهابِ
كان عالماً فاضلاً فقيهاً محدثاً واعظاً أصولياً بيانياً متكلماً محصلاً شعلة من الذكاء لا يقف بحثه عن حد يتلاعب بعويصات المسائل إثباتاً ورداً علة وجه يحار فيه متلقيه آية الله في الاحتجاج، تجاوز عمره الخمس والثمانين سنة في حومة العلم، بحيث إنه في هرمه وعجزه لم يترك المطالعة، ول تزل فكرته على ما عهد منها، وقد ختم عكره بالكتابة النفسية التي كتبها في الحقيقة المحمدية، وهو عفيف عالي الهمة عزيز النفس محافظاً على شرف خطته إذا حضر المواكب يأخذ الأمير بيده.
وقد توفي ليلة الاثنين الحادي والعشرين من المحرم سنة 1294 أربع وتسعين ومائتين وألف وقد أرخت وفاته بقولي: [الكامل]
الموتُ لم يبرح مجّرد غضبهِ
…
فانظر مآل ذوي الحياة وعظ بهِ
لا يسلمنّ من الممات فتىً ولو
…
سامى سماءً منْ تسامى كعبه
كلَّا ولا يجدي الفتى غيرُ الذي
…
عملت يداه وكان أفضل كسبه
والعلمُ أفضل ما به يبقي الفتى
…
فضلاً وذكراً يصطفيه بقربه
يبلى ويبقى علمه علماً على
…
وسطِ الصدور وفي مؤلف كتبه
مثلُ المهامِ المرتضى علمُ الورى
…
بحرُ العلوم المرتوى من عذبه
شيخُ الشيوخ الراسخ القدم الذي
…
يسمو على (سعد) البيان (وقطبه)
هذا معاويةُ الإمامُ محمدٌ
…
(ركنُ الشريعة) من سما في حزبه
هذا الذي في مذهب النعمان قد
…
أجلى محاسنَ من مدارك لبّه
له في البيان وفي الكلام (مواقفٌ)
…
لا يستضاء بغير نير شهبه
أفتى وحاز رئاسة العلما ولم
…
يفتر عن التأليف منْ ولع به
حتى دعاه الموتى عن هرم فلم
…
يبدِ الترُّيث عن موارد شربه
ولذاك قال ذوو النهى إذ أرّخوا:
…
(يلقى معاويةُ الرِّضى من ربّه)
32
الشيخ مصطفى بيرم
هو الشيخ أبو النخبة مصطفى بن محمد بن حسين بن أحمد بن محمد بن حسين بن بيرام، كان والده شيخ الإسلام البيرمي الأول في آخر عمره تزوج جارية اشتراها من إحدى الغنائم ليت وردت إلى تونس فرزق منها في آخر عمره بولدها صاحب الترجمة وتركه صبياً فكفله أخوه شيخ الإسلام البيرمي الثاني ورباه في حجره وعلمه ما يحتاج إليه حتى أخذ الملكة ثم تصدى لقراءة على ابن أخيه شيخ الإسلام البيرمي الثالث ولما ختم عليه السعد مدحه بقصيدة التي قال في مطلعها:[الوافر]
فؤادٌ ليس يصغى للملام
…
ولحظٌ لا يميل إلى المنام
وأخذ عن جامع الزيتونة معقول العلوم ومنقولها، أخذ عن فحول منهم الشيخ أحمد بوخريص، قرأ عليه المطول، وقرأ على الشيخ حسين الشريف، وعلى جدنا الشيخ محمد السنوسي، وعلى أخيه الشيخ أحمد زروق وعلى الشيخ أحمد العوادي، وقرأ على الشيخ أبي الفدا اسماعيل التميمي مختصر ابن الحاجب الأصلي بشرح العضد، وتفقه على أخيه وابن أخيه، وأخذ عن الشيخ أحمد اللبي حتى صار من أعلام المحصلين وتصدى لتدريس فأفاد.
وتقدم للتدريس في الرتبة الأولى عند وضع الترتيب الأحمدي أواخر شهر رمضان سنة 1258 ثمان وخمسين ومائتين وألف فواظب على التدريس أدركته يقري أبناءه بسكينة بيرمية مع عدم الزيادة على ما في الكتاب الذي بين يديه إلا ما لا بد منه رضي الله عنه.
وقدمه لمشير الأول أحمد باشا باي إلى خطة القضاء في الحادي عشر من ذي القعدة الحرام سنة 1262 اثنتين ستين ومائتين وألف فباشر الخطة بفقه وتثبت ودين مع كمال العفة والتحري لدينه وأقام على الخطة المذكورة خمس عشرة سنة منها نحو العشر سنين يسكن بدار خربة لم يقدر على رمها واكتفى بسقيفتها للجلوس للحكم إلى أن أفضت الدولة إلى المشير الثاني محمد باشا باي فتكرم عليه بدار فاخرة فشكر فضله بقصيدته التي قال في مطلعها: [الطويل]
تبلّج ليلُ النصر عن صادقِ الفجرِ
…
فأصبحتِ الأيّام باسمةَ الثغرِ
ولما توفي الشيخ محمود بن باكير قدمه المشير الثالث لخطة الفتيا منتصف ربيع الأول سنة 1277 سبع وسبعين ومائتين وألف وتقلب في خططها إلى أن بلغ مفتياً ثانياً.
وتقدم إماماً وخطيباً ومدرساً بالجامع اليوسفي، كما ولي مشيخة مدرسة الباشا الحنفية.
وهو عالم عامل فاضل محافظ على ديانته متثبت في قضائه وفتاويه، حسن الخطبة حافظ للتاريخ، قد اكتفى بقاعته في حفظ مروءته لم يحفظ عنه أنه طرق باب أميره أو وزيره، ولا تأخذ في الله لومة لائم، شعره رقيق، ونثره أطيب من المسك الفتيق.
وله تحارير في كثير من المسائل، استدرك بها ما تقدم عن الأوائل، وله أختام بديعة الانتظام وقد لازم الإفتاء وكان عماداً في الفتيا حتى أن شيخنا أبا عبد الله محمد البارودي لما ولي خطة القضاء لم يعتمد على غيره واتخذه مرجعاً يسعى إلى داره في كثير من الأوقات وقد أفاده في فقه القضاء فائدة سمعته يشكر فضله فيها كثير كما هو شأن الفضلاء أمثالهم في الاعتراف بالفضل لذويه.
وقد توفي في أوائل ذي القعدة الحرام سنة 1286 ست وثمانين ومائتين وألف وقد رثاه العالم الشيخ سالم بو جاجب بقوله: [لكامل]
الحدسُ يجمع والزمان يفرِّقُ
…
والنفس من خوف التفرق تفرقُ
ودوائرُ الآمال بها وسَّعتْ
…
ما وسّعت لا شيءَ منها أضيق
لا يأمنُ المشتف كأس مسرة
…
أن يقذيَ الأقداح حزن يدمق
وبقدر حسن الشيء يخشى نهبه
…
زله الردى حجبَ التوقي يخرقُ
كم ذي حجا لزم الخمول مجانباً
…
ما في المظاهر من سهام تمرقُ
وإذا أحس الدهرُ منه بشهرة
…
في الناس عاجله بصدق يوفق
أو ما ترى طودَ الهدى نسفته في
…
زحلوقةٍ هيف المنون الزَّحلق
فارتدَّ روضُ العلم يبساً ذاوياً
…
وبواتر الفتيا عداها الرونق
ولمذهب النعمان أي كآبة
…
وتلهفٌ وتحسّرٌ وتحرّقُ
لأفول شمس الدين والدنيا التي
…
كانت على أرجاء تونس تشرق
لكت الدفاتر والحابر والمزا
…
بر والمنابر لو جمادٌ ينطق
فاستفتِ دارسَ رسمها في مشكلٍ
…
هل يخبرنكَ اليوم بيدٌ سملقُ؟
أين الذي يا كتب كان يجيبنا
…
عنكم بما هو للتّحير أمحقُ؟
أين الذي قد كان يفتح منكمُ
…
بمقالدِ الأقلام ما يستغلقُ؟
أين الذي يجلي بكحلِ مداده
…
ما في عيونك من عيون تغلقُ؟
يمسي ويصبح مصلحاً ما شانها
…
أو بين مختلفِ النقول يوفِّق
أين الذي يا كتب كان مسامراً
…
لجموعكم بحديثها يتأرَّقُ؟
أين الخبيرُ بما تكنُّ سطورها
…
وبما يقيد حكمها أو يطلق؟
مالي أراها لا تجيب تصامماً
…
أم مات منْ لأصمِّها يستنطقُ
كنزُ المعارفِ مصطفى نجلُ الذي
…
هو في محاميد البيارم أسبق
ذاك الذي جمع الخمول وكونه
…
ينبوع علم للورى يتدفق
جمع البشاشةَ والتودُّدَ للورى
…
مع همَّة بالفرقدين تعلق
جمع البلاغة والشجاعة والتقى
…
وتغزل الآداب وهو موفَّق
وله بتاريخ البلاد درايةٌ
…
وروايةٌ لحوادثٍ تتنسّق
وعوائدٌ فيها تنوسيَ أصلها
…
وفوائدٌ ما إن حواها مهرق
لا عيب فيه سوى الأناة مع الحيا
…
أوْ أنه بالعلم لا يتشدق
أو أنه في كل فن قدوة
…
وبعلمِ فقهٍ شأوهُ لا يلحقُ
نصبتْ منصَّات النصوص لديه نص?
…
ب العين بالإفتاء برقاً يبرق
فاسأل جميع الناس هل حفظوا له
…
من زلة حيث النهى تستزلق
هل ريءَ منه سوى الرضى عند القضا
…
أو كظم غيظ أن جفاه الأحمق؟