الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي أثناء ذلك تقدم الشيخ لخطة النيابة عن مستشار الدولة في نظارة الدروس والمدرسين بجامع الزيتونة ند وضع الترتيب الصادقي وأفرغ جهده المذكورة في المحرم سنة 1293 ثلاث وتسعين ومائتين وألف.
(ثم ولي رئيساً للقسم التونسي من المجلس المختلط العقاري ثم صار مفتياً مالكياً وبقي على خطته) .
الشيخ سالم بو حاجب
هو شيخنا أبو النجاة سالم بن عمر بن سالم البنبلي من ذرية الشيخ سيدي شبشوب دفين القرية المذكورة، وجدهم الذي ينتهي إليه نسبهم هو الشيخ سيدي مهذب دفين عمل صفاقس وكانوا يلقبون بالمهذبين إلا أن أحد الذرية أصيب في بعض الفتن بضرب على حاجبه فلقب بأبي حاجب وجرى هذا اللقب على أبنائه، وكان جد صاحب الترجمة سميه بلغ من العمر إلى مائة وإحدى عشرة سنة وتوفي والده أبو حفص عمر سنة 1266 ست وستين ومائتين وألف بعد أن بلغ من العمر إلى ست وخمسين سنة.
وكانت ولادة صاحب الترجمة سنة 1244ثلاث أو أربع وأربعين ومائتين وألف وقدم إلى تونس على حين بلوغه السبع سنين فقرأ القرآن ودخل لقراءة العلم بجامع الزيتونة في شوال سنة 1259 تسع وخمسين فجود القرآن، العظيم برواية حفص على الشيخ حسين البارودي، وقرأ عليه الجحربي على إيساغوجي، وقرأ على الشيخ محمد الشنقيطي ىالأزهرية من باب نائب الفاعل وميارة على نظم ابن عاشر، وقرأ على الشيخ محمد بن مصطفى البارودي الشذور، وقرأ على الشيخ محمد بن محمود الأزهرية والمقدمة وقطعة من السوسي ونبذة من الدرة، وقرأ على الشيخ أحمد بن الطاهر الجربي على إيساغوجي ونبذة من التاودي بحواشيه وروى عن الشفأن وقرأ على الشيخ على الحاج عبد الله الدراجي نبذة من الكفاية، وقرأ تعلى الشيخ علي العفيف القطر والفاكهي والتوضيح والمحلي، وقرأ على الشيخ الطيب الرياحي نبذة من المختصر الخليلي، وقرأ على الشيخ أحمد عاشور شرح خالد للآجرومية والأزهرية والمقدمة والفاكهي والشنشوري على الرحبية والعقيدة السنوسية ونبذة من القلصادي، وقرأ على الشيخ محمد البنا المكودي على الألفية والخبيصي على الته ذيب والمحلي على جع الجوامع والدرير على المختصر الخليلي، وقرأ على الشيخ محمد الخضار الألفية بشرح ابن عقيل ثم بشرح الأشموني ولامية الأفعال والقاضي على إيساغوجي ونبذة من الهمزية بشرح ابن حجر ونبذة من البردة وقطعة من الخرشي على المختصر الخليلي، وقرأ على الشيخ محمد النيفر نحو النصف الأول ن المطول والشفا وتفسير القاضي البيضاوي إلى نهاية سورة البقرة، وقرأ على الشيخ الشاذلي بن المؤدب قطعة من الكفاية، وقرأ على الشيخ محمد بن عاشور متن الألفية وأواخر الأشموني وأول مختصر السعد، وقرأ على الشيخ محمد معاوية نحو الثلث من شرح المكودي على الألفية وشرح الأشموني عليها إلى أن وصل إلى باب الوقف فشغلته خطة الفتيا فأذن صاحب الترجمة بأن يجلس مجلسه ويتمم الكتاب المذكور لمن حضر معه فصنع ما أمره به وأت إقراءه لتلامذة آخر، وقرأ عليه قسمي البيان والبديع من المطول وقطعة من صدر الشريعة ونبذة من السعد على العقائد النسفية والشفا دراية، وقرأ على الشيخ محمد نم ملوكة شرحه الصغير على الدرة ورسالته المنطقية، وقرأ على الشيخ عمر بن سودة الفاسي عند اجتيازه بتونس لطريق الحج الممختصر الخليلي من البيوع إلى الرهن، وقرأ على الشيخ محمد بن سامة قطعة من التاودي على العاصمية، وقرأ على الشيخ إبراهيم الرياحي دروساً من الموطأ بداره.
وقد تصدى على صغر سنه للإقراء، أخبرني أن أول من قرأ عليع رجل كان له بمنزلة الشيخ ينظر دروسه بين يديه غير أنه تغيب مدة ولما رجع طل منه أن يقرئه فن البيان له درس العصام على السمرقندية بمقصورة جامع الزيتونة، وبعد ذلك تصدى للإقراء على أبده أسلوب من التحرير والتحقيق وفي سنة 1266 ست وستين ومائتين وألف طلب التقدم لخطة التدريس وتعرض للمناظرة وكتب في ذلك لشيخ الإسلام أبي عبد الله محمد بيرم الراب بقوله:[الطويل]
سماء العلا يقفو بها بدرُك الأسنى
…
بنحو نجوم من مناقبك الحسنى
ومنك لرأس الفخر تاج مكلل
…
بكلية في المجد لم يتلها استثنا
همام غدا في جبهة الدهر غرة
…
فأضحى للفظ المجد والسؤدد له ذهنا
له همم رد الدراري سناؤها
…
كما رد شهبا لو تحاكي له ذهنا
له كلم رد الغواني جمالها
…
وحكم وفكر شبها الوزن والمزنا
مضارعه المنفي جزما وأمره
…
كماضي الظبا من حلمه اتخذ الفنا
تحيرت الألباب فيه فإن بدا
…
بطلعته خلت السماء له مغنى
وأحسبه في الأرض طوراً وإنما
…
أرى أبحر الآداب في يده اليمنى
براعته تحيي رسوم بلاغة
…
بها إذا بحور النفس من مدها تقنى
مدى إن جرى في الجبح طرس مدادها
…
دخاناً ترى شهد المعاني به تجنى
وتؤثر آذان الأديب صريرها
…
على بلبل غنى على روضة غنا
إذا حام بازُ الفكر منه هدى إلى
…
طيور بليغ القول يستفرغ الوكنا
فتنسي إذا قساً وسحبان إذا متى
…
تشنف بها أذنا نهبت به الحزنا
إلى ما تحلى من سجابا كريمة
…
عديد نجوم الأفق من قدرها أدنى
تحوك على تبر الوفا وتواضعا
…
تحاكي يد التقوى بأخلاقه الحسنى
فلو كان في ريح الصبا لين طبعه
…
لحرك من غصن النقا الناعم اللدنا
وإذْ يتهادى رافلاً في سكينة
…
فأي الجبال الشم لم يستحل عهنا
فخل بمضمار الحجا قد ألمع
…
ومن بيرمي المجد قد أحرز الأسنى
فشمس حجاه نسخ ظل ضلالة
…
فكيف ظلام الظلم إن حوله جنا
إذا ما جرى الإنصاف في روض حكمه
…
جنت المنى رغماً لمن رام دهرنا
فمهما نضا عن وجه حكم وحكمة
…
لثاما نفى عن أهلها الغبن والغينا
يحرر من شهد البيان رقيعة
…
لفكر غدا حر المعاني له فنا
لئن طاعني فيه القريض لقد رأى
…
شيوع المزايا عن مديحي قد أغنى
وإلا فكل الميل عن منهج الهدى
…
عنان الهدى يوماً إلى غيره يثنى
وأحرى بمن يثنى العنان بقرع با
…
ب عدله أن لا ينثني يقرع السنا
بقيت ملاذ العلم ما قال منصف
…
بإنجاز وعد خير خاتمة حسنى
قبلة هذا الخطاب، محراب جامع الآداب، وباب مدين الآداب سابي أبكار المعاني سيوف أقلامه، وساحر أفكار الدهاة بليف كلامه، عمدة قواعد المنقول، وأساسها مشكاة غوامض المعقول، الرابع في حلبة المحامد البيرمية مجلياً غذ لم يزل على منصة الصواب والإنصاف متجليأن وبسائر أصناف لكمالات متحلياً:[الخفيف]
من غدا فضله مؤملَ شملي
…
ومجيري إذ لات حين مجيرُ
يا أخا العدل والبصيرة والفضل
…
ألم يأن ذلك التحريرُ؟
لا أى المنع مثله المنح إلا
…
منك بعد الذي إليه المصير
ثم إني لا أدعي الاستحقاق إلا بالنسبة للمنازع، ولا للمقاومة إلا للمناضل المقارع، فمن للبغاث، بالاستنسار، وللخفاش بالإبصار في النهار، هذا وإني أتحدى مناظري بأيسر شيء عندي، وهي ورقات كتبها عند النظر بالتماس بعض الإخوان، وهذا كله بتوهيمي كثرة القادحين، وإلا فمثلك لا تخفي عليه سيمات الراحمين ثم إني:[الخفيف]
خف حمل المديح مني اتكالا
…
إن حمل الوداد منك ثقيل
وإذا الحب كان أهل امتداح
…
فسواء كثيره والقليل
وعند بلوغ ذلك الشيخ الإسلام كتب له بقوله: [الخفيف]
يا أبا حاجب حجبت عن السو
…
ء ولا شاب شمسك التكوير
قد أتتني خريدة منك تجلى
…
لا يؤدي حقوقها التعبير
فأتني أفق البلاغة مصقو
…
لا وزهر الألفاظ فيه تسير
من عهدنا الطروس تستخرج الد
…
رو أن السلاف منها عصير
وإذا سحر بابل إذ حوته
…
في فؤادي من فعله تأثير
ذكرتني معاهداً كنت أغشا
…
ها وروض الشباب غض نضير
ثم إني أقول فيك ويأتي
…
طبق ما قلت مني التحرير
أنت عندي ذو رتبة من حواها
…
فهو بالارتقا حقيق جدير
غير أن ألأمور تأتي على ما
…
خطَّ في لوحة العليم الخبير
سالمتْ سالماً صروف الليالي
…
ورأينا وهو بدر منير
فأجابه الشيخ عن هذه القصيدة مقرظاً وشاكراً بقوله: [الخفيف]
أسموط الجمان هذي السطور؟
…
أحقاق الشذور هاذي السطور؟
أمن الدن حبرها أم من الد
…
ر أم الندرُّ لفظها المقصور؟
أيمن الله لا يعاد لها الل
…
هم إلا لنضار فهو نظير
إن تصغ من نفيس تبر بترب
…
ما تعاطي استبرق وحرير