الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصدرُ الخامس
كتب أخرى لها علاقة بالتَّفسيرِ اللُّغويِّ
وفيه:
أولاً: كتب غريب الحديث.
ثانياً: كتب الاحتجاج للقراءات.
ثالثاً: كتب شروح دواوين الشعر.
رابعاً: كتب الأدب.
المصدرُ الخامس
كتب أخرى لها علاقة بالتَّفسيرِ اللُّغويِّ
العلومُ الإسلاميَّةُ علومٌ مترابطةٌ في البحثِ، ولا يمكنُ البحثُ في علمٍ منها دونَ الاستفادةِ منْ غيرِهِ من العلومِ التي تَخدِمُهُ؛ فالفَقِيهُ ـ مثلاً ـ يحتاجُ معَ الإلْمَامِ بالقضايا الفقهيَّةِ إلى علمِ السُّنَّةِ وإلى معرفةِ تفسيرِ القرآنِ، ومعرفةِ اللُّغةِ العربيَّةِ.
وكذا منْ يكتبُ في علمِ الوقفِ والابتداءِ في القرآنِ، يحتاجُ إلى معرفةِ علمِ التَّفسيرِ وعلمِ النَّحْوِ، وهكذا.
ولَمَّا كانَ الأمرُ كذلك، فإنَّك سَتَجِدُ بعضَ الكتبِ، وإنْ كانتْ في الظاهرِ لا تَمُتُّ إلى علمِ اللُّغةِ العربيَّةِ بصلةٍ واضحةٍ، ستجدُها تتعرَّضُ لمسائلَ في علمِ اللُّغةِ.
ولما كانَ البحثُ هنا منصبًّا على البحثِ اللُّغويِّ القرآنيِّ، فإني سأذكرُ مثالاً لهذا الأمرِ، وهو كتابُ «السيرةِ النَّبويَّةِ» لابن هشام (1) (ت:218)، وقد لاحظتُ فيه اهتمامَ مؤلِّفِه بتفسيرِ ألفاظِ الآياتِ التي يُورِدُها، وبذِكْرِ الشواهدِ
(1) هو أبو محمد عبد الملك بن هشام الحميري، نشأ بالبصرة وكان عالماً باللغة، وأخذ عن علمائها في اللغة، أبي عبيدة، أبي زيد الأنصاري، وأبي محرز خلف الأحمر، ويونس، كما يظهر في روايته عنهم في السيرة، وكان نزل بمصر، ولقي فيها الشافعي، له تآليف من أشهرها تهذيب سيرة ابن إسحاق الذي صار يطلق عليه «سيرة ابن هشام» وقد كان للمصريين غرام بها، توفي سنة (213)، وقيل (218). شذرات الذهب (2:45).
الشِّعريَّةِ لها، وقدْ أحصيتُ له أكثرَ منْ مائةِ مفردةٍ قرآنيَّةٍ قامَ ببيانِ معناها واستشهدَ لكثيرٍ منها بأشعارِ العربِ.
وقدِ استفادَ ابنُ هشامٍ (ت:218) من شيوخِه البصريِّين في اللُّغة، وحدث عنهم في كتابه؛ كيونسَ النَّحويِّ (ت:182) (1)، وأبي زيدٍ الأنصاريِّ (ت:215) (2)، وكانَ منْ أكثرِهم وروداً عنده: أبو عبيدةَ مَعْمَرُ بنُ المثنَّى (ت:210)(3)، ويظهرُ أنَّ إفادتَهُ منه فيما يتعلَّقُ بتفسيرِ ألفاظِ القرآنِ كانتْ منْ كتابِ (مجازِ القرآنِ). ومنْ أمثلةِ هذه الاستفادةِ:
قولُه: «العَرِمُ: السَّدُّ، واحدتُه عَرِمَةٌ، فيما حدَّثني أبو عبيدةَ. قال الأعشى (4):
وَفِي ذَاكَ لِلْمُؤْتَسِي أُسْوَةٌ
…
وَمَارِبُ عَفَى عَلَيهَا العَرِمْ
رُخَامُ بَنَتْهُ لَهُمْ حِمْيَرٌ
…
إذا جَاءَ مَوَّارُهُ لَمْ يَرِمْ
فَأَرْوَى الزُّورعَ وَأعْنَابَهَا
…
عَلَى سَعَةٍ مَاؤُهُمْ إذْ قُسِمْ
فَصَارُوا أَيَادِيَ مَا يَقْدِرُو
…
نَ مِنْهُ على شُرْبِ طِفْلٍ فُطِمْ
وهذه الأبياتُ في قصيدةٍ له.
وقالَ أُمَيَّةُ بنُ أبي الصَّلْتِ الثَّقَفِيِّ
…
(5):
مِنْ سَبَأَ الحَاضِرِينَ مَارِبَ إذْ
…
يَبْنُونَ مِنْ دُونِهِ سَيْلَهُ العَرِمَا
(1) ينظر: السيرة، لابن هشام، تحقيق: مصطفى السَّقَّا وآخرين، ط: الحلبي: (1:55، 70، 90، 538)، (2:494).
(2)
ينظر: السيرة، لابن هشام (1:56، 286)، (2:18، 210، 213).
(3)
ينظر: السيرة، لابن هشام (1:1478، 55، 236، 283، 286، 310، 363، 537، 538، 583)، (2:15، 193).
(4)
ديوان الأعشى، تحقيق: حنَّا نصر (ص:319).
(5)
البيت في ديوانه، جمع: بشير يموت (ص:59)، وهو بيت فرد لم يذكر جامعه غيره، وفي ديوان النابغة الجعدي، ضمن قصيدة له (ص:134)، وقد ذكر المحقق هذا الاختلاف في النسبة، وزاد أن البكري نسبه إلى الأعشى.
وهذا البيتُ في قصيدةٍ له، وتُروى للنابغةِ الجَعْدِيِّ» (1).
ومنْ أمثلةِ تفسيرِه لمفرداتِ ألفاظِ القرآنِ: «قالَ ابنُ هشام: حَصَبُ جَهَنَّمَ: كُلُّ ما أُوقِدَتْ به. قال أبو ذُؤَيب الْهُذَلِي، واسمه: خُويلِدُ بنُ خالد (2):
فَأَطْفِئْ، وَلَا تُوقِدْ، وَلَا تَكُ مِحْضَأً
…
لِنَارِ العُدَاةِ أَنْ تَطِيرَ شَكَاتُهَا
وهذا البيتُ في أبياتٍ له
…
» (3).
ولا شكَّ أنَّ وجودَ هذه التفسيراتِ اللُّغويةِ كانتَ أثراً من آثارِ دراستِه اللُّغويةِ التي كانتْ بارزةً في كتابِهِ.
وقد ظهرَ لي أنَّ بعضَ الكُتبِ التي كُتبت في علومٍ أخرى لها علاقةٌ بالبحثِ اللُّغويِّ من قريبٍ أو بعيدٍ، ومنْ ثَمَّ فإنها قدْ تتطرَّقُ للتَّفسيرِ اللُّغويِّ، وبعد الاطلاعِ عليها ظهرَ لي أنَّ ما تطرَّقَ للتَّفسيرِ اللُّغويِّ منها هي:
1 -
كتب غريب الحديث.
2 -
كتب الاحتجاج للقراءات.
3 -
كتب شروح دواوين الشعر.
4 -
كتب الأدب.
وسأذكر أمثلة من كتبِ هذه العلومِ.
(1) السيرة، لابن هشام (1:14)، وهو منقولٌ من مجاز القرآن (2:146 - 147)، مع اختلاف في ألفاظ شعر الأعشى وزيادةٍ عند ابن هشام.
(2)
ديوان الهذليين (1:163). والمِحْضَأ: عودٌ تُحرَّكَ به النارُ لتشتعل.
(3)
السيرة النبوية (1:359)، وينظر:(1:36، 55، 56، 89، 206، 212، 242 - 243، 263، 271، 272، 302، 303، 304، 305، 309، 484، 581، 583، 663، 671)، (2:107، 112، 114، 174، 175، 176، 193، 193 - 194، 226، 227، 246، 248 - 249، 249 - 250، 303، 303 - 304)، وغيرها.