المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أثر الأدلة المختلف فيها في الفقه الإسلامي - نتائج البحوث وخواتيم الكتب - جـ ١

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌أخلاق وسلوك وآداب

- ‌الحوار آدابه وتطبيقاته في التربية الإسلامية

- ‌المروءة وخوارمها

- ‌أديان

- ‌الآثار العقدية للوثنية اليونانية

- ‌الأصولية الإنجيلية نشأتها وغايتها وطرق مقاومتها

- ‌الحوار مع أهل الكتاب أسسه ومناهجه في الكتاب والسنة

- ‌الصهيونية النصرانية – دراسة في ضوء العقيدة الإسلامية

- ‌التقارب الديني - خطره - مراحله - آثاره

- ‌أصول فقه

- ‌أثر الأدلة المختلف فيها في الفقه الإسلامي

- ‌أصول الفتوى وتطبيق الأحكام الشرعية في بلاد غير المسلمين

- ‌إعمال قاعدة سد الذرائع في باب البدعة

- ‌إقرار الله جل جلاله في زمن النبوة ومدى الاحتجاج به

- ‌اختلاف التنوع حقيقته ومناهج العلماء فيه"دراسة فقهية تأصيلية

- ‌اختلاف المفتين والموقف المطلوب تجاهه من عموم المسلمين (مؤصلا من أدلة الوحيين)

- ‌استدلال الأصوليين بالكتاب والسنة على القواعد الأصولية

- ‌اتخاذ القرار بالمصلحة

- ‌اعتبار المآلات ومراعاة نتائج التصرفات

- ‌اعتبار مآلات الأفعال وأثرها الفقهي

- ‌الآراء الشاذة في أصول الفقه – دراسة استقرائية نقدية

- ‌الأعراف البشرية في ميزان الشريعة الإسلامية

- ‌الأمر صيغته ودلالته عند الأصوليين

- ‌الإعلام بمخالفات (الموافقات) و (الاعتصام)

- ‌الاجتهاد الجماعي في التشريع الإسلامي

- ‌الاستقراء وأثره في القواعد الأصولية والفقهية - دراسة نظرية تطبيقية

- ‌الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

- ‌الحاجة وأثرها في الأحكام – دراسة نظرية تطبيقية

- ‌الرخص الشرعية وإثباتها بالقياس

- ‌الرخص الشرعية – أحكامها وضوابطها

- ‌الرخص الفقهية من القرآن والسنة النبوية

- ‌السبب عند الأصوليين

- ‌الشرائع السابقة ومدى حجتها في الشريعة الإسلامية

- ‌الصحابي وموقف العلماء من الاحتجاج بقوله

- ‌التحرير في قاعدة المشقة تجلب التيسير

- ‌التحسين والتقبيح العقليان وأثرهما في مسائل أصول الفقه مع مناقشة علمية لأصول المدرسة العقلية الحديثة

- ‌التداخل بين الأحكام في الفقه الإسلامي

- ‌التداخل وأثره في الأحكام الشرعية

- ‌الترتيب في العبادات في الفقه الإسلامي

- ‌التعارض والترجيح بين الأدلة الشرعية

- ‌التعارض والترجيح عند الأصوليين في الفقه الإسلامي

- ‌التقديرات الشرعية وأثرها في التقعيد الأصولي والفقهي

- ‌التكليف في ضوء القضاء والقدر

- ‌العرف حجيته، وأثره في فقه المعاملات المالية عند الحنابلة (دراسة نظرية تأصيلية تطبيقية)

- ‌العرف وأثره في الشريعة والقانون

- ‌العرف وأثره في التشريع الإسلامي

- ‌العرف والعادة في رأي الفقهاء - عرض نظرية في التشريع الإسلامي

- ‌الفتيا المعاصرة – دراسة تأصيلية تطبيقية في ضوء السياسة الشرعية

- ‌القواعد الفقهية - المبادئ - المقومات - المصادر

- ‌القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب إعلام الموقعين للعلامة ابن قيم الجوزية

- ‌القواعد الفقهية تاريخها وأثرها في الفقه

- ‌القواعد الفقهية والأصولية المؤثرة في تحديد حرم المدينة النبوية مع ملحق بالوثائق والصور والخرائط

- ‌القواعد والضوابط الفقهية المتضمنة للتيسير

- ‌المشقة تجلب التيسير

- ‌المصالح المرسلة وأثرها في مرونة الفقه الإسلامي

- ‌المعايير الجلية في التمييز بين الأحكام والقواعد والضوابط الفقهية

- ‌المقاصد العامة للشريعة الإسلامية

- ‌النهج الأقوى في أركان الفتوى

- ‌الواجب الموسع عند الأصوليين

- ‌حقيقة البدعة وأحكامها

- ‌حكم الإنكار في مسائل الخلاف

- ‌حكم الاحتجاج بخبر الواحد إذا عمل الراوي بخلافه

- ‌حكم تقنين الشريعة الإسلامية

- ‌رفع الحرج في الشريعة الإسلامية

- ‌رفع الحرج في الشريعة الإسلامية دراسة أصولية تأصيلية

- ‌سد الذرائع عند شيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌سد الذرائع في الشريعة الإسلامية

- ‌ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية

- ‌ضوابط تيسير الفتوى والرد على المتساهلين فيها

- ‌طرق الكشف عن مقاصد الشارع

- ‌تحرير المقال فيما تصح نسبته للمجتهدين من الأقوال

- ‌تغير الأحكام دراسة تطبيقية لقاعدة (لا ينكر تغير الأحكام بتغير القرائن والأزمان في الفقه الإسلامي)

- ‌تغير الفتوى

- ‌علم أصول البدع

- ‌علم أصول الفقه من التدوين إلى نهاية القرن الرابع الهجري دراسة تاريخية استقرائية تحليلية

- ‌عموم البلوى - دراسة نظرية تطبيقية

- ‌فقه الأولويات دراسة في الضوابط

- ‌فقه الضرورة وتطبيقاته المعاصرة - آفاق وأبعاد

- ‌فقه الممكن على ضوء قاعدة (الميسور لا يسقط بالمعسور) دراسة تبحث في قواعد التكاليف الشرعية ضمن القدرة والاستطاعة

- ‌فقه الموازنات في باب المصالح والمفاسد"دراسة أصولية فقهية تطبيقية

- ‌قاعدة اليقين لا يزول بالشك دراسة نظرية تأصيلية وتطبيقية

- ‌قوادح الاستدلال بالإجماع – الاعتراضات الواردة على الاستدلال بالدليل من الإجماع والجواب عنها

- ‌قواعد الوسائل في الشريعة الإسلامية

- ‌قواعد معرفة البدع

- ‌ما له حكم الرفع من أقوال الصحابة وأفعالهم

- ‌مباحث العلة في القياس عند الأصوليين

- ‌مخالفة الصحابي للحديث النبوي دراسة نظرية وتطبيقية

- ‌معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة

- ‌مقاصد الشريعة الإسلامية في فكر الإمام سيد قطب

- ‌مقاصد الشريعة الإسلامية وعلاقتها بالأدلة الشرعية

- ‌مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها

- ‌مقاصد الشريعة عند الإمام العز بن عبدالسلام

- ‌مناقشة الاستدلال بالإجماع

- ‌منهج استنباط أحكام النوازل الفقهية المعاصرة

- ‌منهج التيسير المعاصر دراسة تحليلية

- ‌موقف المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة

- ‌نظرة في الإجماع الأصولي

- ‌نظرية الأخذ بما جرى به العمل في المغرب في إطار المذهب المالكي

- ‌نظرية الضرورة الشرعية

- ‌نظرية الضرورة الشرعية - حدودها وضوابطها

- ‌واقعية التشريع الإسلامي وآثارها

- ‌إدارة وأعمال

- ‌الديوان النبوي الشريف أحكامه ونظامه

- ‌القيادة الإدارية

- ‌اقتصاد

- ‌آثار التغيرات في قيمة النقود وكيفية معالجتها

- ‌أحكام الأسواق المالية (الأسهم والسندات) ضوابط الانتفاع والتصرف بها في الفقه الإسلامي

- ‌إسهامات الفقهاء في الفروض الأساسية لعلم الاقتصاد

- ‌الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول الإسلامية في ضوء الإقتصاد الإسلامي

- ‌الاقتصاد الإسلامي والقضايا الفقهية المعاصرة

- ‌البطاقات البنكية الإقراضية والسحب المباشر من الرصيد (دراسات اقتصادية إسلامية)

- ‌البنوك الإسلامية بين النظرية والتطبيق

- ‌الربا في المعاملات المصرفية المعاصرة

- ‌المصارف الإسلامية بين النظرية والتطبيق

- ‌بورصة الأوراق المالية والضرائب

- ‌سوق المال

- ‌صيانة المديونيات ومعالجتها من التعثر في الفقه الإسلامي (بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة)

- ‌عقد الاستصناع ومدى أهميتة في الاستثمارات الإسلامية المعاصرة

- ‌مفهوم الزمن في الاقتصاد الإسلامي

- ‌الأسرة المسلمة وتربية الأولاد

- ‌الدور التربوي للوالدين في تنشئة الفتاة المسلمة في مرحلة الطفولة

- ‌الرقابة الأسرية في عصر البث العالمي المباشر من وجهة نظر المعلمين

- ‌تربية الأطفال في رحاب الإسلام في البيت والروضة

- ‌تربية المراهق .. في رحاب الإسلام

- ‌تربية الموهوب في رحاب الإسلام

- ‌مسؤولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة

- ‌الإسلام

- ‌الإسلام والشباب (بحوث في مؤتمرات دعوية وعلمية)

- ‌الجمعيات القومية العربية وموقفها من الإسلام في القرن الرابع عشر الهجري

- ‌التسامح والعدوانية بين الإسلام والغرب

- ‌العمل التطوعي في ميزان الإسلام

- ‌حقيقة الليبرالية وموقف الإسلام منها

- ‌موجز تاريخ تجديد الدين وإحيائه - واقع المسلمين وسبيل النهوض بهم

- ‌نحو موقف جديد من التصوف

- ‌المرأة

- ‌الإعلام فيما يخص المرأة في الحج من أحكام

- ‌الضوابط الشرعية للممارسات الطبية المتعلقة بالمرأة

- ‌التعامل المشروع للمرأة مع الرجل الأجنبي في ضوء السنة

- ‌العدوان على المرأة في المؤتمرات الدولية

- ‌المرأة المسلمة المعاصرة إعدادها ومسؤوليتها في الدعوة

- ‌تربية المرأة على الستر

- ‌فتاوى وكلمات لعلماء الإسلام حول تمكين المرأة من الترشيح والانتخاب

- ‌مصطلح حرية المرأة بين كتابات الإسلاميين وتطبيقات الغربيين

- ‌واقع المرأة الاجتماعي بين دعاة المحافظة ودعاة التحرر (بحوث في مؤتمرات دعوية وعلمية)

- ‌ثقافة عامة

- ‌الأعياد وأثرها على المسلمين

- ‌البطاقات اللدائنية تاريخها وأنواعها، وتعاريفها وتوصيفها، ومزاياها، وعيوبها

- ‌الحوار من أجل التعايش

- ‌الفضائيات العربية التنصيرية أهدافها - وسائلها – سبل مقاومتها

- ‌المرأة السعودية قضايا وآمال

- ‌المصطلح - خيار لغوي .. وسمة حضارية

- ‌خرافة السر مع ملحق من (قانون الجذب) إلى (قانون الطرد) قصة الحوار بيني وبين د. صلاح الراشد حول قانون الجذب

- ‌تجديد المنهج في تقويم التراث

- ‌فطرية المعرفة وموقف المتكلمين منها

- ‌مناهج الفكر العربي المعاصر في دراسة قضايا العقيدة والتراث

- ‌موقف الإسلام من نظرية ماركس للتفسير المادي للتاريخ

- ‌نظرية التقريب والتغليب وتطبيقاتها في العلوم الإسلامية

- ‌جغرافيا

- ‌المفهوم الجغرافي لمعنى محاذاة الميقات المكاني للحج

- ‌حاسب وإنترنت وتقنية معلومات

- ‌حمى سنة 2000

- ‌حديث

- ‌أحاديث الهجرة

- ‌أحاديث حياة البرزخ في الكتب التسعة

- ‌أشراط الساعة في مسند الإمام أحمد وزوائد الصحيحين - جمعا وتخريجا وشرحا ودراسة

- ‌أضواء على حديث افتراق الأمة

- ‌إنصاف الذهبي في حديث الولي " مناقشة علمية لاعتراضات السيد عبدالعزيز الصديق الغماري على الذهبي

- ‌الأحاديث الواردة في الطائفة المنصورة – دراسة حديثية فقهية

- ‌الأحاديث الواردة في شأن السبطين الحسن والحسين- جمعا وتخريجا ودراسة وحكما

- ‌الأحاديث الواردة في فضائل المدينة جمعاً ودراسة

- ‌الأحاديث الواردة في قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

- ‌الاتجاهات المعاصرة في دراسة السنة النبوية في مصر وبلاد الشام

- ‌الحجامة في الفقه والحديث

- ‌السنن الواردة في الفتن وغوائلها والساعة وأشراطها

- ‌الشهيد في السنة النبوية من واقع الكتب الستة

- ‌الموطآت للإمام مالك

- ‌بيعة سقيفة بني ساعدة في كتابات المحدثين

- ‌جهود الشيخ الألباني في الحديث رواية ودراية

- ‌حديث الطائفة المنصورة

- ‌ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر

- ‌فضائل مكة الواردة في الكتاب والسنة

- ‌مخالفة الكفار في السنة النبوية

- ‌مرويات ابن مسعود

- ‌مرويات اللعن في السنة

- ‌مرويات غزوة الخندق

- ‌مرويات غزوة بني المصطلق (المريسيع)

- ‌مرويات غزوة حنين وحصار الطائف

- ‌مرويات قنوت الفجر

- ‌دعوة ودعاة

- ‌أساليب الدعوة الإسلامية المعاصرة

- ‌أعلام التصحيح والاعتقاد - مناهجهم وآراؤهم

- ‌إمامة المسجد فضلها وأثرها في الدعوة

- ‌الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأثرهما في حفظ الأمة

- ‌الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى

- ‌الحكمة والموعظة الحسنة وأثرهما في الدعوة إلى الله في ضوء الكتاب والسنة

- ‌السلفية وأعلامها في موريتانيا (شنقيط)

- ‌السلفية وقضايا العصر

- ‌التآلف بين الفرق الإسلامية

- ‌التعامل مع الآخر شواهد تاريخية من الحضارة الإسلامية

- ‌العزلة والخلطة

- ‌العلاقة بين الفقه والدعوة

- ‌المراكز الإسلامية في أمريكا الشمالية نشأتها - أنشطتها والأحكام الفقهية المتعلقة بها

- ‌المسجد وأثره في المجتمع الإسلامي

- ‌المسجد ونشاطه الاجتماعي على مدار التاريخ

- ‌المنهاج النبوي في دعوة الشباب

- ‌الموقف المعاصر من المنهج السلفي في البلاد العربية (دراسة نقدية)

- ‌جماعة أنصار السنة المحمدية نشأتها-أهدافها-منهجها-جهودها

- ‌خطبة الجمعة أهميتها، تأثيرها، واقعها كيفية النهوض بها

- ‌دائرة الفتنة وسبل الخروج منها

- ‌داعية وليس نبياً - قراءة نقدية لمذهب الشيخ محمد بن عبدالوهاب في التكفير

- ‌دعوة أهل البدع

- ‌دعوة التقريب بين الأديان

- ‌دعوة النبي صلى الله عليه وسلم في مرحلة الاستخفاء في العهد المكي

- ‌رسالة المسجد في الإسلام

- ‌صدى حركة الجامعة الإسلامية في المغرب العربي 1876 - 1981م

- ‌صناعة الخطبة الإسلامية (بحوث في مؤتمرات دعوية وعلمية)

- ‌تبصير المسلمين لغيرهم بالإسلام: أحكامه وضوابطه وآدابه (معاملة غير المسلمين في الإسلام)

- ‌فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري

- ‌قبل الكارثة نذير .. ونفير

- ‌كيف نعيد للمسجد مكانته

- ‌مبادئ علم أصول الدعوة دراسة تأصيلية

- ‌مختصر دعوة أهل البدع

- ‌ملامح الشورى في الدعوة الإسلامية

- ‌منهج ابن تيمية في الدعوة

- ‌منهج الدعوة النبوية في المرحلة المكية

- ‌موقف عثمان بن معمر من دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب "بحوث علمية محكمة

- ‌نحو إحياء دور المسجد / من أجل مسجد فاعل

- ‌رقائق وزهد وترغيب وترهيب

- ‌الابتلاء وأثره في حياة المؤمنين كما جاء في القرآن

- ‌التأثر بالقرآن والعمل به أسبابه ومظاهره

- ‌العذاب الأدنى – حقيقته – أنواعه – أسبابه

- ‌الغرباء الأولون

- ‌القلب ووظائفه في الكتاب والسنة

- ‌فقه الابتلاء

- ‌محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

- ‌سياسة شرعية

- ‌أهل الحل والعقد صفاتهم ووظائفهم

- ‌أهل الحل والعقد في نظام الحكم الإسلامي - بحث مقارن

- ‌أهمية الجهاد في نشر الدعوة الإسلامية والرد على الطوائف الضالة فيه

- ‌إكليل الكرامة في تبيان مقاصد الإمامة

- ‌الأحكام السياسية للأقليات المسلمة في الفقه الإسلامي

- ‌الإسلام والعولمة - المنازلة العالمية الإسلامية والعولمة البشرية بين السنن الربانية والتدافع الإنساني

- ‌الإسلاميون والديمقراطية في مصر عصف ورميم

- ‌الإسلاميون وسراب الديمقراطية دراسة أصولية لمشاركة الإسلاميين في المجالس النيابية

- ‌الجماعة والإمامة

- ‌الجهاد والقتال في السياسة الشرعية

- ‌الحرية أو الطوفان دراسة موضوعية للخطاب السياسي الشرعي ومراحله التاريخية

- ‌الضوابط الشرعية للخروج على الحاكم الجائر في الفكر السياسي الإسلامي

- ‌التربية السياسية في المجتمع المسلم

- ‌التعايش السلمي بين المسلمين وغيرهم داخل دولة واحدة

- ‌التعددية السياسية في الدولة الإسلامية

- ‌القواعد الشرعية لإدارة الصراع الحضاري بين الأمة الإسلامية وسواها من الأمم

الفصل: ‌أثر الأدلة المختلف فيها في الفقه الإسلامي

‌أثر الأدلة المختلف فيها في الفقه الإسلامي

‌المؤلف/ المشرف:

مصطفى ديب البغا

‌المحقق/ المترجم:

بدون

‌الناشر:

دار القلم - دمشق ̈الثانية

‌سنة الطبع:

1413هـ

‌تصنيف رئيس:

أصول فقه

‌تصنيف فرعي:

اختلاف فقهاء - أصول فقه

إن الله سبحانه وتعالى أرسل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ليكون للعالمين نذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وأنزل عليه الكتاب بالحق ليبين للناس ما نُزِّل إليهم ويهديهم إليه صراطاً مستقيماً، وجعل شريعته خاتمة الشرائع إلى يوم الدين، وجعله خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم

{ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين} [الأحزاب:40]. فكان الناس ـ على اختلاف أجناسهم وألوانهم، وتباعد أقطارهم وتباين لهجاتهم ـ مكلفين باتباع هديه والتزام طريقه:{وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً} [سبأ: 28]. وكان صلى الله عليه وسلم المنقذ للإنسانية من غيابات الجهل ومن وهدة الضلال والعمى إلى العلم والمعرفة والإيمان والهدى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} [الأنبياء: 107].

وكانت هذه الشريعة جامعة مانعة مهيمنة على الشرائع كلها، لا تحتاج إلى زيادة ولا تعديل: ?اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً [المائدة: 3].

كما كانت هذه الشريعة متضمنة لكل خير، منزهة عن كل شر، ليس فيها إلا ما يصلح أمور العباد في داري المعاش والمعاد، لأنها شريعة الخالق إلى المخلوق، فهي طريق العابد إلى المعبود:{وإنه لكتاب عزيز* لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} [فصلت:41، 42].

ولقد حفظ الله سبحانه هذه الشريعة من أن تنالها أيدي التغيير والتبديل، أو تعبث بها أهواء الزائغين والمضللين بالتحريف والتأويل، أو يطمع ذو مرض أو هوس أن يطمس معالمها ويستأصل شأفتها: ?إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [الحجر: 9].

كما جعل الله تعالى هذه الشريعة هي منهاج الحياة، وأوجب على الإنسانية جمعاء أن تسير على وفقه في شتى مرافق حياتها، حتى تضمن السعادة الخالدة، فتحقق الحياة الفضلى في دنياها، وتكفل النعيم والنجاة في أخراها:{وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءاً غدقاً} [الجن: 16].

وكان في اتباع هذه الشريعة الهداية والنور: {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى} [طه: 123]. وكان في الإعراض عنها التعاسة والشقاء والبؤس والفناء: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى} [طه:124].

ولهذه المعاني كلها ـ وغيرها مثلها كثيرـ اقتضت حكمة الله تعالى أن تكون هذه الشريعة صالحة لكل زمان ومكان، تكفل للناس الحياة المثلى، مهما تباعدت بهم الديار، واختلفت فيهم الأقاليم ومضت فيهم الأجيال، فترعى مصالحهم في كل حين وآن بما يجلب لهم النفع ويدفع عنهم الضر والفساد، وتضفي عليهم اليسر، وترفع عنهم الحرج والعسر في كل شأن من شؤونهم وحال من أحوالهم:{يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [البقرة: 185]. {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج: 78].

وهذا من شأنه أن تكون هذه الشريعة ـ بأحكامها وتشريعاتها، وقواعدها وتقنيناتها، وأصولها وفروعها ـ مرنة مرونة الحياة، ومتسعة اتساع الكون، ليتمكن الناس من العمل بها، والسير على هديها والالتزام بحكمها، وهي شريعة الله المنزلة وآياته المحكمة وقرآنه المعجز، لا تداخلها الجاهليات المختلفة في حكم من أحكامها أو شأن من شؤونها:{فماذا بعد الحق إلا الضلال} [يونس: 32].

ص: 15

وهذا ما كفله الله سبحانه في هذه الشريعة للمهتدين بهديها الذين لا يعدلون عن سننها، ولا تنحرف بهم الأهواء عن سمو تشريعها ولا تزيغ قلوبهم عن فيض حِكَمها وأحكامها:{أفحكم الجاهلية يبعون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون} المائدة:50. فكانت هذه الشريعة متعددة المصادر، متنوعة المدارك، لاستنباط ما يصلح حياة الناس من الأحكام التي تحقق مقاصد الشريعة في الخلق كما أرادها الخالق جلت حكمته. ومن هنا كانت المرونة، وكان الاتساع، وكانت الملائمة لكل زمان ومكان وكل شأن وحال.

فلقد كانت هذه المرونة في كتاب الله تعالى المنزل على رسوله المصطفى?، وهو أصل الأصول في هذه الشريعة، والغاية التي تنتهي إليها أنظار المتبصرين، ومدارك أهل الاجتهاد والاستنباط، ليعرفوا حكم الله تعالى في كل حادثة ونازلة، وهو المرجع الذي ليس وراءه غاية لمستزيد، فقد فصل كل شيء وبينه أحسن تبيان:{ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء} [النحل: 89]. وأتى على الأول والآخر: فنظم شؤون الحياة وبين علاقة الفرد بربه، وتناول أموره بتشريع الأحكام منذ كان جنيناً في رحم أمه إلى أن يصير رفاتاً في قبره، ينظم له شؤون حياته، فيضع الأسس السليمة وينير المسالك القويمة التي ترعى شخصه وتهذب نفسه، وتحفظ له حياته وعقله، وتصون ماله وعرضه، وتحكم علاقته ببني نوعه، بعد أن كفلت فيه الدين السليم والعقيدة الصافية، وأيقظت فيه الضمير الحي، وأدبته على مكارم الأخلاق، ولقد تبارك الله تعالى القائل:{ما فرطنا في الكتاب من شيء} [الأنعام: 38].

ثم كانت هذه المرونة في السنة المطهرة، ذلك المعين الفياض الذي لا ينضب مَدْركاً من مدارك الأحكام، تعرفنا حكم الله سبحانه وتعالى في كل كبير وصغير. فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو المبلغ عن ربه:{يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} [المائدة: 67]. وهو المبين مراد الله عز وجل فيما أنزل: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} [النحل: 44]. فالسنة المطهرة تأكيد لما بين في كتاب الله من أحكام، وتفصيل لما أجمل، وتقييد لما أطلق، وتخصيص لما هو عام.

ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو المظهر العملي لشريعة الله تعالى، فهو المكلف الأول:{وأنا أول المسلمين} [الأنعام: 163]. وهو القدوة الصالحة: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} [الأحزاب: 21]. وهو الذي يتلقى الوحي من السماء: {وما ينطق عن الهوى* إن هو إلا وحي يوحى} [النجم: 3 - 4]. وهو الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه، وهو الذي قذف لله النور في قلبه، وأجرى الحق على لسانه وجعل طاعته من طاعته ومعصيته معصيته:{من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً} [النساء: 80].

لهذا كله كانت السنة المطهرة ـ في مجمل أحكامها وتشريعاتها ـ بمنزلة كتاب الله تعالى، ما ثبت فيها ثابت بوحي من الله سبحانه وأمر منه وتكليف:{وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر: 7].

ص: 16

ولما كان الرسول عليه الصلاة والسلام بشراً يعيش على الأرض عيشة المكلفين من عباد الله، وهو على صلة بأحوالهم وشؤونهم ـ والله أعلم بأحوالهم وشؤونهم ـ ويمارس أعمالهم ومصالحهم، ويتبصر بما يوقعهم في الحرج وما يخرج بهم إلى السعة واليسر، وهو أعرف الخلق بما يبلغ عن ربه، وأخبرهم بمقاصد الشريعة التي أفاضها الله على روحه وقلبه ـ {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} [الشورى: 52] وهو الذي أولاه الله العناية، وعصمه من الزيغ ووفقه إلى الحق، وسدده إلى الصواب، لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متصفاً بهذه المعاني والصفات كان يشرع للناس من أحكام الله تعالى ما فيه خيرهم وصلاحهم، وما فيه رعاية مصالحهم في دنياهم، وفوزهم في أخراهم، كل ذلك بما يتفق وروح القرآن ومنهجه، وما يتفرع عن أصوله وقواعده، مما ألقاه الله سبحانه وتعالى في روعه فبينه للناس ثم أقره عليه.

وبهذا كانت السنة ـ وهي مصدر عظيم من مصادر التشريع، ودليل أساسي من أدلة أحكامه ـ جامعة مانعة، عامة شاملة، لا تفوتها شاردة ولا واردة إلا وقد أعطتها حكماً شرعياً، فيها بيان لما كان وما سيكون، وفيها تنظيم عملي رائع لشؤون الحياة مستوحى عن الله خالق الحياة ومن يحيى، ومرتبط بمالك الملك والملكوت الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. فقلما تحدث حادثة، أو تنزل نازلة إلا ونجد في السنة المطهرة الحكم الشافي والبيان الوافي لها. وهكذا كانت المرونة والاتساع في شرع الله تعالى لعباده في الكتابة المنزل، وسنة نبيه المختار، صلوات الله وسلامه عليه.

ومن بدهي القول أن وحي الله قد انقطع، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توقفت بقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتقاله إلى الرفيق الأعلى، ورغم أن كتاب الله تعالى لم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وأن السنة كانت المبينة والمفصلة والمتممة، فإن نصوصهما محصورة محدودة، والحوادث تتجدد وتتكرر، والمحصور لا يحيط بغير المحصور نصاً ولفظاً ـ وإن كان يحيط به معنى وتقعيداًـ ولذلك اقتضت حكمة الله تعالى زيادة توسعة على الأمة، مَنًّا منه سبحانه وتفضلاً، ففتح لها باباً لاستخراج الأحكام لا يسد، وفجر لنا ينبوعاً لا ينضب، بل لا يزال يمدنا بالأحكام الشرعية لما يتجدد من تصرفات فيها جلب مصالح العباد وخيرهم، ودفع غوائل الشر والفساد عنهم، وكان هذا الفضل من الله فيما أرشدت إليه نصوص القرآن، ودلت عليه السنة المطهرة من إجماع أهل الحل والعقد، وذوي الخبرة والفهم في دين الله، عندما تقع واقعة أو تحدث حادثة، يعوزهم أن يجدوا لها نصاً صريحاً في كتاب الله تعالى أو سنة نبيه ?، يدلهم على حكم الله تعالى فيها، فيجتمعون يتلمسون المستند لها في شرع الله بتداول الرأي وتقليب وجهات النظر، استرشاداً بقوله تعالى:{وأمرهم شورى بينهم} [الشورى: 38]. ثم يجمع رأيهم على حكم شرعي يصبح بعد الإجماع عليه حكم الله تعالى في هذه الحادثة لا يجوز لأحد أن يخالفه، التزاماً بقوله تعالى:{ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً} [النساء: 115].

والأمة لا تحتاج إلى حكم شرعي في الحادثة إلا إذا كانت ذات شأن في حياتها، ولها صلة بأمور معاش الناس التي يريدونها مطية لمعادهم، وعلماء الأمة المخلصون ـ الذين يلتزمون شرع الله، ويريدون الصلاح للناس ـ لا يجمعون على حكم شرعي ـ سلباً أو إيجاباً ـ إلا إذا أيقنوا أن فيه تحقيق مقاصد الشرع من جلب النفع أو دفع الضر، ورعاية مصالح العباد.

ص: 17

وهكذا نجد أن اعتبار هذه الشريعة إجماع المجتهدين من الأمة حجة في استنباط الأحكام، ومصدراً رئيسياً من مصادر التشريع، قد أكسب هذه الشريعة مرونة واتساعاً، يلازمانها ما قامت السموات والأرض، وما زال على الأرض أناس يتعاملون وعلماء مجتهدون يجتمعون ويجمعون، وما زالت حوادث تتجدد، ووقائع تتشعب، فالإجماع يمدنا بأحكام شرعية مستمدة من شرع الله تعالى ـ تصلح للزمن وتتناسب مع المكان ـ في كل تصرف وشأن، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

على أن الأمر قد يكون فيه حرج وعسر، لو كان لزاماً على الأمة ـ في كل حادثة تجد ـ أو على كل قاض ومفت ـ تعرض له فتوى أو قضاء لا يجد لها نصاً في كتاب الله تعالى ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ـ أن يجمع لذلك علماء الأمة، أو يحصل على رأيهم فيها. ولو كان الأمر كذلك لارتبكت الأمة في شؤونها وفاتها الكثير من المنافع، وربما سارت في تصرفاتها على غير هدى من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وكان أمرها فرطاً. ولذلك اقتضت حكمة الله تعالى أن تكون هذه الشريعة أكثر واقعية عما يتصور في كل تشريع لم يكن نابعاً من فيض الله الحكيم، فأرشدت إلى كل ما فيه صلاح ونهت عن كل ما من شأنه الفساد، وكان مما أرشدت إليه ودلت عليه: أن يلجأ المجتهد المتبصرـ في فتواه وقضائه ـ إلى كتاب الله تعالى وسنة نبيه ?، فإن لم يجد ضالته، عمد إلى ما أجمع عليه من سبقه من العلماء المجتهدين والأئمة المتقين، فإن لم يجد لم يقف مكتوف الأيدي حائراً تائهاً يترك الناس في ضياع، بل يعمل فكره ويشحذ ذهنه ويسبر أعماق النصوص والأحكام ليتعرف فيها على العلل والمناسبات، فإذا تجلى له الأمر ألحق الحادثة التي بين يديه بأقربها شبهاً، وأكثرها مناسبة مما نص على حكمه أو انعقد عليه الإجماع:{كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب} [ص: 29].

وهكذا كان القياس مصدراً رئيسياً وأصلاً من أصول التشريع الإسلامي، يستمد منه الفقيه أحكام الحوادث والوقائع، استرشاداً بقول الله تعالى:{فاعتبروا يا أولي الأبصار} [الحشر: 2].

وإذا كان القياس مصدراً من مصادر التشريع، فأجدر به من مصدر يضفي على هذا التشريع مرونة ما بعدها مرونة، ويكسبه صلاحية ـ لمختلف أطوار الحياة، وتقلب الحقب والأجيال، مع بعد القارات وتنائي الديار، لا تدانيها صلاحية، فما أكثر الأحكام المنصوص عليها والمجمع فيها، والتي يتمكن المجتهد أن ينظر فيها ويلحق بها ويقيس عليها، وليس من مغالاة القول: إنه ما من حادثة قائمة أو يمكن أن تحدث إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ـ ورغم ما نجده من كثرة الاختراع وتطور الحياة وتعقد المعاملات ـ إلا ويستطيع العلماء العاملون والفقهاء الموفقون: أن يجدوا حادثة منصوصاً أو مجمعاً على حكمها، يمكنهم بأدنى جهد أن يقيسوها عليها ويلحقوها بها في الحكم، ثم تأخذ حكمها شرعياً، وتكون من جزئيات التشريع الإسلامي بعد أن كانت خارجة عنه.

وهكذا نجد أن الشريعة الإسلامية بمصادرها الأربع هذه ـ والمتفق على اعتبارهاـ مستغنية عما سواها، كفيلة بسد حاجات الزمن وتطورات العصر مما يحتاجه إلى تشريع وتقنين.

ص: 18

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل ازدادت هذه الشريعة مرونة واتساعاً وتلاؤماً بما اهتدى إليه الأئمة المجتهدون ـ بمجملهم ـ من المصادر التبعية، التي كانت موضوع هذه الرسالة، وقد رأينا مدرك كل إمام فيها، وما أرشده إلى القول بكل منها أو عدمه. والمهم في هذه الخاتمة أن نشير إلى ما كان لاعتبار هذه الأدلة ـ على الإجمال ـ مصادر من مصادر التشريع الإسلامي من أثر بيِّن في إعطاء هذه الشريعة المرونة الكافية، التي تجعلها أكثر صلاحية لكل زمان ومكان أكثر من ذي قبل، إذ إنه من بدهي القول أن التشريع ـ أي تشريع ـ كلما كثرت مصادرة وتعددت وتنوعت كلما كان أكثر مرونة واتساعاً، وبالتالي أكثر صلاحية للأجيال وبقاءً. لاسيما وأن هذا التعدد والتنوع إنما كان حفاظاً على المقاصد الأساسية التي بنى التشريع أحكامه على صيانتها، والإبقاء عليها سلباً وإيجاباً، لأن في هذه المقاصد صلاح المعاش والمعاد.

ولسنا بحاجة إلى إعادة تفصيل القول في هذه الأدلة، لبرهان على ما أثمرته من مرونة واتساع، فقد رأينا كيف أن القول بالاستحسان عدل من غلو القياس ـ على رأي القائلين به ـ وأمدَّ التشريع الإسلامي بكثير من الأحكام الشرعية التي ربما وقف ظاهر القياس عائقاً دونها، وأوقع الناس في حرج وضيق، فكان الاستحسان ذاك المخرج الحسن والمتسع المشروع.

وكذلك فعل الاستصلاح، حيث أغنى الفقه الإسلامية بكثير من الأحكام الشرعية، لعديد من الحوادث التي فيها جلب منفعة أو دفع مفسدة، لم يشهد لها شاهد بالاعتبار أو الإلغاء، وإنما شهد لها ما فيها من الحكمة المترتبة عليها سلباً أو إيجاباً.

وأما القول بمذهب الصحابي ـ على ما عرف بيانه ـ فغني عن البيان ماله من أثر في مرونة التشريع، واتساع في الأحكام الشرعية، فالصحابة ذوو الاجتهاد والعمل ـ والذين يحتج بقولهم من يحتج ـ قد كثرت فتاواهم وتنوعت قضاياهم، وهم الذين فتحوا الآفاق وانتشروا فيها، وحدثت أيامهم الحوادث وتتالت الوقائع مما ليس فيه نص ـ وخاصة أنهم فتحوا بلداناً لها وقائعها وحوادثها مما يختلف عما ألفوه ـ فتعددت اجتهاداتهم وتنوعت مداركهم، واختلفت قضاياهم حسبما فهموا من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأصول الشريعة ومنهجها في تشريع الأحكام، وهم الذين تربوا في مدرسة الوحي والنبوة، وتخرجوا من دوحة القرآن والسنة، وهكذا فقد أغنت اجتهاداتهم وفتاواهم وقضاياهم التقنين الإسلامي، بحيث قلما نجد حادثة إلا ولأحدهم اجتهاد فيها أو في مثلها.

وأما العرف والقول به فناهيك به من مصدر خصب فياض، يكسب التشريع تلاؤماً مع كل بيئة وزمن، ولا يترك التشريع جامداً غريباً ـ في كثير من أحكامه ـ عما يألفه الناس ويتعارفونه، بل يجعلهم على صلة دائمة بمصادره الأصلية وينابيعه الأساسية، مع المحافظة على رعاية مصالح الناس ورفع الحرج عن تصرفاتهم، إذ إن الناس لا يتعارفون إلا ما هم في حاجة ماسة إليه، وما هو أساسي في حياتهم.

وقل مثل هذا في الاستصحاب، فالأصل في الناس براءة ذمتهم، والأصل في الأشياء الإباحة، فيبقى الناس في سعة وبحبوحة، ما دام لم يقم دليل على التزام الفعل أو تركه، فإذا قام الدليل على الفعل أو الترك كانت السعة والبحبوحة فيما قام عليه دليل الشرع. وفي هذا أيضاً مرونة واتساع ملحوظان في التشريع.

ص: 19

ونستطيع أن نقول مثل هذا أو قريباً منه في كل دليل من بقية الأدلة التي فصلناها في هذه الرسالة، وقد رأينا شيئاً من هذا عند بحث كل دليل وبيان أثره. والمهم أننا نرى في هذا التنوع والتعدد لمصادر التشريع مرونة واتساعاً وتلاؤماً، حيث إن المجتهد الفقيه ـ مفتياً كان أو قاضياً أو حاكماً ـ يسعه فيما إذا عرضت له قضية ـ كما يسع الأمة إذا حدثت حادثةـ أن يستنبط الحكم الشرعي لها بناء على هذا الدليل أو ذاك، طالما أنه دليل معتبر لدى إمام من الأئمة له ـ على اعتباره ـ حجته واستدلاله، بغض النظر عن مخالفة غيره له أو موافقته فيه، نظراً منه إلى ما يتلاءم مع ظروف الأمة وحاجات الزمن، وما يتطلبه جلب النفع للناس أو دفع المفسدة عنهم، رعاية لمصالحهم وتحقيقاً لمقاصد الشارع فيهم.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى نجد أن هذا التعدد للأدلة وهذا التنوع للمصادر نتج عنه كثرة كاثرة من الفروع الفقيهة والمسائل الاجتهادية، التي كان لها حكم شرعي بناء على اعتبار هذا الدليل أو ذاك، وبرأي هذا الإمام أو غيره، وهذا بلا شك مرونة واتساع من شأنه أن يجعل التشريع متلائماً مع حاجات الزمن واختلاف الأحوال، ولا غضاضة أن هذا القول متفق عليه أو مختلف فيه، إن التشريع إنما ينظر إليه بمجموع ما فيه من نظريات وآراء وأحكام، وقواعد وأسس، سواء ما كان منها محل وفاق أم محل اختلاف، ولا ينظر إلى التشريع برأي إمام أو اجتهاد فقيه، فمهما كان الحكم مختلفاً فيه لا يخرج عن كونه حكماً شرعياً من أحكام التشريع من حيث الجملة، يسع الأمة ـ بعلمائها الأتقياء العارفين ـ أن تختار هذا القول أو ذاك حسبما يتلاءم مع الزمن وما يرجحه لديها من قرائن وأحوال، ولا حرج في ذلك ولا خروج عن طوق الشرع وحكمه، إذ لم يقل أحد من الأئمة المجتهدين، ولا من العلماء ذوي الفقه والفهم في الدين: إن الأمة بأجمعها ملزمة بمذهب إمام أو قول عالم أو رأي فقيه، بل إن الأئمة أنفسهم رفضوا مثل هذا ولم يرضوه لأنفسهم، فضلاً عن أن يقولوا به. فهذا الإمام مالك رحمه الله تعالى يأتيه أبو جعفر المنصور يقول له: قد عزمت أن آمر بكتبك هذه التي وضعتها فتنسخ، ثم أبعث في كل مصر من أمصار المسلمين منها نسخة، وآمرهم بأن يعملوا بما فيها ولا يتعدوه إلى غيره. فقال: يا أمير المؤمنين لا تفعل هذا، فإن الناس قد سبقت إليهم أقاويل، وسمعوا أحاديث، ورددوا روايات، وأخذ كل قوم بما سبق إليهم وأتوا به من اختلاف الناس، فدع الناس وما اختار أهل كل بلد منهم لأنفسهم. وحكيت نسبة هذه القصة إلى هارون الرشيد، وأنه شاور مالكاً في أن يعلق الموطأ في الكعبة ويحمل الناس على ما فيه، فقال: لا تفعل، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في الفروع، وتفرقوا في البلدان، وكل سنة مضت، قال: وفقك الله يا أبا عبدالله.

وحسبك هذا الكلام من إمام دار الهجرة شاهداً على ما قلناه، وعلى مرونة هذا التشريع الذي فهمه أمثال مالك رحمه الله تعالى من الأئمة الأبرار والعلماء الأعلام.

وبعد، فإن هذه المرونة وهذا الاتساع وهذه الصلاحية وهذا التلاؤم الذي امتازت به الشريعة الإسلامية لا يعني ـ في حال من الأحوال ـ أنها قابلة للتغيير والتبديل، والتعديل والتطوير ـ كما يفهمه بعض من يدعي الإنصاف في نفسه لهذه الشريعة والحدب عليها ـ بحيث تخرج عن أصالتها ولا يبقى لها من الصلة بمصدرها الأساسي وهو كتاب الله المنزل إلا اسمها ورسمها، فتغير نصوصها وتبدل، وتفسر وتؤول بما يتلاءم مع تطور الزمن وما تعارف الناس فيه من مفاسد، وما ألفوه من منكر، وما اعتادوه من تصرفات هي مروق من الدين وخروج عنه، فلا يمكن أن يقرها بحال.

ص: 20

كذلك لا تعني هذه المرونة أن تلفق الاستدلالات والتفسيرات والتبريرات لكل ما دخل على الناس في تشريعاتهم وتقنيناتهم من باطل جاء الإسلام بإنكاره أصلاً وفرعاً، وما تمكن فيهم من جاهليات يتنزه شرع الله أن يسعها بأحكامه تقريراً واعتباراً بل ينبه إليها نفياً وإنكاراً.

إن الصلاحية التي تتصف بها الشريعة الإسلامية هي صلاحية بالأصالة، ومرونتها مرونة ذاتية جوهرية، لأنها شريعة الله المحكمة ووحيه المنزل الذي تكفل ـ كما ذكرنا ـ بحفظه ورعايته، ولأن هذا التعدد والتنوع في الأدلة إنما كان ـ أيضاً ـ ليحفظ هذه الشريعة بنقاوتها وصفائها، ويدفع عنها كل ما يشوب هذا الصفاء أو يشوه تلك النقاوة، ولذا كانت هذه المرونة ـ على اتساعها ـ منضبطة بضوابط وقواعد، بحيث تبقى على أصالة هذه الشريعة وذاتيتها وجوهرها، وحتى لا ينطلق العنان بكل باحث ومجتهد أن يشرع في دين الله ما لم يأذن به الله تعالى.

ولهذا نجد أن لكل دليل من أدلة التشريع وكل مصدر من مصادر أحكامه قواعده وضوابطه، على أساسها تستنبط الأحكام، وبمراعاتها تستخرج المسائل والفروع، وتفهم المقاصد والغايات، وفي ضوئها تجلب المصالح والمنافع، وتدرأ المضار والمفاسد.

فنصوص الكتاب والسنة لها أصالتها وحصانتها، فلا مساغ للاجتهاد عند مورد النص، وما ثبت من حكم شرعي بنص صحيح وصريح فهو حكم ثابت وشرع محكم لا يتغير ولا يتبدل، ولا يجوز لأحد أن يخالفه مهما تغير الزمن وتبدلت الأحوال وادعي من المصلحة بمخالفته ما ادعي، لأن المصلحة ثابتة فيما شرع الله لعبادة أو سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته، والمفسدة في مخالفة أمرهما.

وما لم ينص عليه صريحاً في كتاب أو سنة فهناك قواعد وضوابط ـ مستوحاة من الكتاب والسنة أنفسهماـ على أساسها تفهم النصوص وتستخرج الأحكام.

ثم الاجتهاد ـ جماعياً كان أو فردياً ـ لا يكون أبداً إلا إذا فقد النص الصريح، وله أيضاً قواعده وضوابطه: فلا بد في الإجماع من مستند شرعي يعتمد عليه، مع ما اشترطه العلماء من شروط وقيود استوحوها من الكتاب والسنة، ليصبح الإجماع حجة ويكون حكمه ملزماً.

وللقياس ـ أيضاً ـ أركانه وشروطه، وضوابطه وقيوده، وأسسه وقواعده حتى يكون مُعْتبراً ومَدْركاً من مدارك الأحكام.

وكذلك رأينا ـ عند بحث أبواب هذه الرسالة ـ كيف أن كل دليل من الأدلة التي بحثت كان له شروط وقيود حتى يكون حجة معتبرة لدى من يقول به، فلا يخرج عن جوهر الشريعة وأصالتها، فلا عبرة بكل ما يصادم نصاً تشريعياً أو أصلاً متفقاً عليه من أصول الشريعة، سواء كان المصادم مصلحة أم استحساناً أم عرفاً أم غير ذلك، وسواء كان ظاهره جلب منفعة أم دفع مفسدة، لأن المصلحة فيه عندئذ تكون وهمية طالما أنه يصادم نصاً شرعياً ثابتاً، أو أصلاً من أصول التشريع.

وحسبنا دليلاً على هذا أن القائلين بسد الذرائع إنما حملهم على القول به خوفهم من التلاعب على أحكام الشريعة، أو الوصول إلى العبث فيها، باتخاذ ما هو حلال من حيث الظاهر والأصل وسيلة إلى ما هو ممنوع ومحرم، فقالوا بسد الذرائع احتياطاً في شرع الله، مع أن الأمر لا يعدو ـ في الغالب ـ قيام شبهة في القصد، فما بالك إذا كان القصد صريحاً، والتحريم لما أحل والتحليل لما حرم مقصوداً وجريئاً؟ .. ويدعي أنه المصلحة وحاجة الزمن؟ .. فلا شك أنه مرفوض ومردود، والقول به فسوق ومروق، يخرج به مستحلة عن الإسلام، ويخلع عنه ربقة الإيمان، خاصة إذا كان معلوماً من الدين بالضرورة، كالقول بحل الربا، أو استباحة الخمر، أو خروج النساء كاسيات عاريات مائلات مميلات بحجة أن العرف قد جرى بهذا، أو أن المصلحة تقتضي ذاك، فالحق أنه لا مصلحة في مخالفة شرع الله، وإنما هي المفسدة والأهواء والضلال، تسيطر على النفوس المريضة كما سيطرت على أتباع الشرائع السابقة، فضلوا وأضلوا، وأضاعوا شرع الله تعالى ودينه المنزل عليهم، واشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً، فلعنهم الله على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون: ?كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون?.

أما وأن هذه الشريعة خاتمة الشرائع فقد اقتضت حكمة الله تعالى أن يحفظها ويصونها، فقيض لها ـ في كل حين وزمن ـ علماء مخلصين ومجتهدين عالمين وطائفة بالحق ظاهرين، أنار قلوبهم لفهم دقائق هذه الشريعة وأسرارها، فهم يمحصون ويدققون، ويقعدون القواعد ويؤصلون الأصول، ويدفعون عن شرع الله تعالى ويكافحون، لتبقى شريعة صافية نقية، مصونة كما أرادها:{وإنه لكتاب عزيز* لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} [فصلت: 41، 42]. هذه الحقيقة الخالدة أبد الآبدين ودهر الداهرين، نسأل الله التوفيق والسداد والحمد لله رب العالمين.

ص: 21