الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خرافة السر مع ملحق من (قانون الجذب) إلى (قانون الطرد) قصة الحوار بيني وبين د. صلاح الراشد حول قانون الجذب
المؤلف/ المشرف:
عبدالله بن صالح العجيري
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
بدون ̈الأولى
سنة الطبع:
1430هـ
تصنيف رئيس:
ثقافة عامة
تصنيف فرعي:
نقد كتاب أو فكر
الخاتمة:
وبعد ما تقدم جميعاً من بيان حقيقة (السر)، وما تضمنه هذا الكتاب من مفاهيم، هل يصح أن يقال فيه: هو كتاب يدعو للتفاؤل والإيجابية ليس إلا، فلم التهويل؟! أو يقال: أنه يشجع قرَّاءه على وضع الأهداف بوضوح ليسعى الإنسان من ثم وراءها؟! هل الكتاب – فعلاً- بمضامينه قائم على تأكيد أن (الدعاء مخ العبادة)؟! وأن (شكر النعمة ينميها ويزيدها)؟! وهل هو – حقيقة – يدعو قرَّاءه إلى تعظيم الرب سبحانه وإجلاله، (والإيمان العميق بالله وقدرته)؟! والله لو كان الأمر كذلك لما كان كلام، ولا خُطَّ حرف، ولكان نصيب هذا البحث الطي والكتمان، لكن الأمر – والله- ليس كذلك، فالكتاب كما رأيت دعوة إلى التوكل والقعود، والتعلق بالأماني الزائفة وأحلام اليقظة، وأن الإنسان – أي إنسان- يمكنه أن يحصل على كل ما يريد وهو متكئ على أريكته، يركز، ويتأمل، ويتخيل، ثم يطلق مشاعره الإيجابية ليلبي له الكون مطالبه وأمانيه!
فإذا أردت أن تخفف وزنك – مثلاً- ففكر في الوزن الذي تريده، واعتقد صادقاً أن الإفراط في الطعام لا يسبب السمنة، وإنما الفكرة هي من يسببها، وسيبدأ بالتناقص تلقائياً!
وإذا كنت فقيراً معدماً فقم بكتابة المبلغ الذي تريده على (شيك السر)، وركز طاقتك العقلية على تأمله باستمرار، وسترى الأموال تتدفق عليك بتلقائية!
وإذا كنت مريضاً فلا عليك إن تركت العلاج والدواء فقط ركز، وردد (أنا لست مريضاً، أنا لست مريضاً)، وأبشر بالصحة والعافية!
والخلاصة أنك إذا أردت أي شيء، في أي وقت، وعلى أي حال، فما عليك إلا أن تطلبه، وتؤمن أنك قد حصلته، ثم استعد لاستقبال أمانيك.
هذا هو لب الكتاب، وبيت القصيد، ومحوره الرئيس، فدع عنك تحسين الظن الزائد، أو (فلترة) هذه المعاني المنحرفة بقراءة تبحث عما تريد لا ما يريده الكتاب. فالسر لا يعدو أن يكون خرافة يراد لها أن تروج بين الناس عبر بهرجة الألفاظ، وحسن الإخراج، والدعاية والإعلان.
إنها دعوة للانخلاع من العلوم والمعارف كافة، وتأسيس لمدرسة لا تقيم وزناً للعلوم التجريبية، ولا للمعارف الصحية، فهي تريد من الناس أن يصدقوا أنه لا يوجد قوانين فيزيائية، أو اقتصادية، أو طبية، أو غيرها، وأن الأمر كله يعود إلى (قوى خارقة) و (قوانين خرافية) تستطيع أن تخلق كل شيء بمجرد التخيل والتفكير، إنها (رؤية سحرية حالمة) للعالم، تعلق القلوب بالخرافات والأساطير، وتطالب (باستقالة العقل)، وتقوم بتدمير واقع الناس بصرفهم عن العمل الجاد المثمر، ليكونوا أسرى التعلق بالقوى الخارقة والأسرار!
ولنا أن نتساءل الآن لم هذا الافتتان – بني قومي – بكل فكرة غريبة، وكل وافد من الغرب، مهما بلغت تلك الفكرة من انحطاط وسفول؟! وكيف يرضى من أكرمه الله بنعمة الإسلام أن يلتفت عنه ليصوب وجهه تلقاء المشرق أو نحو المغرب طالباً الهدى والفلاح؟ وما بال بعض الدعاة أضحى – بعد إذ أكرمه الله- مجرد مذياع ضبط نفسه على موجة غربية، فهو يذيع فكرهم بلساننا، ويستدل لهم بشريعتنا، ويستبدل منهاجهم بمنهاجنا. إنني لا أتحدث عن الإفادة من أي فكرة صحت في نظر الحس أو العقل، مما يتعلق بجزئي من أمر الناس يصح دخوله تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم:(أنتم أعلم بأمر دنياكم)، وإنما حديثي هنا عند استبدال المناهج بالمناهج، ومزاحمة الهوية بالهوية، ورسم الحياة في ضوء مناهج وضعية، وبالله عليكم ماذا يبقى من الهوية المسلمة إن دعونا المسلمين إلى أن يأكلوا على طريقة الماكروبيوتيك، ويصححوا أجسادهم ويقووها على طريقة الريكي، والتشي كونغ، ويسكنوا ثائرة نفوسهم ويطمئنوها برياضات اليوجا وعلى الطريقة البوذية، ويوفقوا بين حاجات الجسد والروح وفق مذاهب (النيو أيج)، ويستجلبوا ما يريدون بواسطة (السر)!! وهكذا في سلسلة من المناهج المستوردة عن اليمين والشمال. ونحن إذا ابتلينا اليوم بالسر، فغداً سيأتينا ما بعد السر، وما ندري ما يخبأ لنا بعده من أسرار!!
إن الأمة اليوم بحاجة إلى أن تراجع دينها، وتلتزم بشريعتها، وتقيم حياتها على وفقها، وواجب عليها أن ترسخ في نفوس أبنائها تعظيم الكتاب والسنة، والاكتفاء بهما عن كل وافد من شرق أو غرب، فيما يتعلق بالمفاهيم المنهجية التي تضبط حياتهم وتصوراتهم، (ولا والله ما نظر عبد في كتاب الله تعالى، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم طالباً صلاح (الكفاية) بهما عما سواهما، إلا وفقه الله لصلاح (النهاية) وأعطاه فوق مأموله، وسدده فوق ما كان يطمع، وأيده بما لم يكن علم). وفرق كبير بين عقدة:(والإسلام جاء بمثله)، وعزة:(إسلامنا فيه الكفاية، وهو خير من هذا وأعظم)!
إن على الدعاة واجب الاحتساب على كتابات السوء هذه، وبيان حقيقتها للناس، والتحذير منها، والتذكير بالمنهج الإسلامي وتكامله، واشتماله على خير الدنيا والآخرة، وإشاعة ذلك ونشره، وتقريب ذلك أجمع للناس، بعد تأصيل هذه الأحكام الشرعية التأصيل الشرعي الصحيح، والتي تتخذ من الكتاب والسنة وتراث الأمة منطلقاً وقاعدة تؤسس عليها، وليحذروا أن يكونوا قنطرة يجوز الناس عليهم ليصلوا إلى الباطل، وجسراً يوطأ نحو الضلال، فيكونوا سبب إضلال بدل أن يكونوا أسباب هداية.
وإن أمتنا اليوم في غنى – والله – عن كل نظرية تدعوها إلى القعود، والتواكل، والاشتغال بالأماني والأحلام، فالأمر جد وليس بالهزل، فالعود للصدارة، وبناء المجد والحضارة، لا يكون إلا بالعمل والسعي وفق سنن الله – جل وعلا – في عمارة الأرض، وأشهد بالله أن (قانون الجذب) ليس منها، وأنه كذب وخرافة، (اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرم وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم، إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها)، (اللهم رب جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم)، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.