الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علم أصول الفقه من التدوين إلى نهاية القرن الرابع الهجري دراسة تاريخية استقرائية تحليلية
المؤلف/ المشرف:
أحمد بن عبدالله الضويحي
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عمادة البحث العلمي ̈الأولى
سنة الطبع:
1427هـ
تصنيف رئيس:
أصول فقه
تصنيف فرعي:
دراسات توثيقية ومنهجية
الخاتمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على من جاء بخاتمة الرسالات إمام المتقين وسيد الخلق أجمعين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد
فلم يكن البحث في موضوع (علم أصول الفقه من التدوين إلى نهاية القرن الرابع الهجري) أمرا يسيرا بل كان مركبا صعبا تطلب الكثير من الجهد والمشقة وهذه هي سمة البحوث التي تقوم على الاستقراء والتحليل والاستنتاج وحسبي أنني حاولت مجتهدا جمع شتات الموضوع وإلقاء الضوء على أهم جوانبه فما كان في هذا العمل من حق وصواب فبتوفيق من الباري سبحانه وما كان فيه من خطأ وزلل فمن نفسي والشيطان
وأهم القضايا التي حاولت دراستها في هذا البحث حال أصول الفقه قبل التدوين وبداية التدوين الحقيقي له وأبرز أعلامه في القرنين الثالث والرابع وآثارهم فيه والعوامل التي أسهمت في تميزه واستقلاله ومظاهر النمو والتطور التي شهدها في القرن الرابع إضافة إلى استقراء الآثار الأصولية في كتب غير الأصوليين ودراسة ما وصل إلينا من المؤلفات الأصولية في هذه الحقبة دراسة تحليلية
وقد خرجت من دراسة هذه الموضوعات بنتائج مهمة أبرزها ما يلي:
1 -
لم يظهر علم الأصول بشكله الاصطلاحي في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عصر الصحابة ولم تكن هنالك حاجة إلى تدوينه وذلك لقرب العهد بحامل الشرع وكون المجتهدين من الصحابة أصوليين بالفطرة حيث شاهدوا التنزيل وعلموا التأويل وامتازوا عن غيرهم بالملكات اللغوية المركوزة في جبلاتهم السليمة
2 -
ظهرت الحاجة إلى تدوين هذا العلم في عصر التابعين وتابعيهم مع دخول الدخيل في لسان العرب وفشو اللحن واحتياج الأدلة إلى واسطة النقل والإسناد وغير ذلك من العوامل التي أسهمت بشكل ظاهر في تعدد طرق الاجتهاد واختلاف مناهج المجتهدين وما تبع هذا الأمر من كثرة الخلاف واشتداده خصوصا بين أهل الحديث وأهل الرأي ومع هذا لم يشهد هذا العهد ظهور مؤلفات مستقلة في علم الأصول بل شهد ظهور بعض الكتابات في بعض موضوعاته استقلالا أو في ثنايا الكتب المصنفة في الحديث والفقه وربما اعتبر بعضها بمثابة البدايات الأولى للتأليف في هذا العلم
3 -
أضحت الحاجة إلى تدوين هذا العلم أكثر إلحاحا مع ظهور المذاهب الأربعة وانتشارها واستقلال كل مذهب بأصوله وقواعده الخاصة
4 -
لا خلاف في وجود أقوال متفرقة وكتابات جزئية في هذا العلم قبل الشافعي فقد جرى على ألسنة الصحابة والتابعين وتابعيهم وأثر عن بعضهم جملة من الأقوال والآثار الأصولية وإنما الخلاف في أسبقية التدوين المتكامل والمستقل وقد تبين – من خلال دراسة هذه المسألة ومناقشة الأقوال فيها – أن القول المختار هو قول الجمهور القاضي بأن الشافعي هو صاحب السبق في هذا الفضل وذلك لأنه القول الوحيد المعتضد بالدليل المادي حيث لم يصل إلينا من كتب الأصول كتاب متقدم على كتاب الرسالة في التاريخ
5 -
اشتمل كتاب الرسالة على جملة من القضايا الأصولية المهمة كمنزلة السنة من القرآن والبيان والنسخ وخبر الآحاد والإجماع والقياس والاجتهاد والعلم والاستحسان وأقوال الصحابة لكنه لم يحو كل مادة هذا العلم وإنما كان بمثابة اللبنة الأولى التي بدأ منها البناء الأصولي إلى أن اكتمل على يدي العلماء الذين جاءوا من بعده في القرنين الرابع والخامس
6 -
لم تقتصر آثار الشافعي الأصولية على أقواله التي اشتمل عليها كتاب الرسالة وإنما اشتملت كتبه الأخرى التي وصلت إلينا – وهي أحكام القرآن وجماع العلم والأم واختلاف الحديث وإبطال الاستحسان – على العديد من القضايا والمسائل الأصولية المهمة
7 -
كانت بداية معرفة المسلمين بعلم المنطق في عصر بني أمية لكن انتشاره الحقيقي كان في العصر العباسي وتحديدا في خلافة المأمون وقد أعجب بهذا العلم بعض من اطلع عليه من علماء المسلمين وكان له تأثير على علومهم ويأتي في مقدمة هؤلاء علماء الكلام لكن الثابت من سيرة الإمام الشافعي أنه لم يحفل بهذا العلم ولم يكن لانتشاره في عصره أي أثر في مؤلفاته الأصولية سواء من حيث المنهج أو الموضوع
8 -
شهد القرن الثالث ظهور عدد من أعلام الأصول – عدا الشافعي – ومن أبرزهم: الإمام أحمد وعيسى بن أبان والنظام وداود الظاهري وابنه أبو بكر وابن القاسم والقاشاني وغيرهم وقد صنف هؤلاء وغيرهم جملة من المصنفات في هذا العلم لم يصل إلينا شيء منها
9 -
كانت أبرز خصائص التأليف الأصولي في القرن الثالث كثرة المؤلفات في الموضوعات الجزئية وكون الهدف من أغلبها مناظرة الخصوم والرد عليهم واندماج الكتابة في الأصول مع الكتابة في الفقه في كثير من الأحيان وقلة الشروح والمختصرات
10 -
تأثر الفكر الأصولي في هذا القرن بجملة من العوامل أهمها: ظهور الفرق الإسلامية المختلفة وتميز المذاهب الفقهية واستقلال كل منها بأصوله والنضج الفكري في كثير من العلوم الإسلامية وبخاصة علوم القرآن والسنة واللغة وانتشار علم المنطق وعناية بعض المسلمين به إضافة إلى الحالة السياسية والاجتماعية السائدة
11 -
شهد القرن الرابع ظهور عدد كبير من أعلام الأصول المتميزين ومن أبرزهم أبو علي الجبائي وابنه أبو هاشم والكعبي وأبوالحسن الأشعري وأبو بكر الصيرفي والكرخي والقفال الكبير الشاشي وأبو عبد الله البصري وأبو بكر الجصاص وأبو بكر الباقلاني والقاضي عبد الجبار وقد خلف هؤلاء وغيرهم كما كبيرا من المصنفات في هذا العلم لم يصل إلينا منه إلا النزر اليسير
12 -
برزت في هذا القرن طريقتان للتأليف الأصولي هما:
أ – طريقة المتكلمين التي تعنى بتقعيد القواعد اعتمادا على النظر والاستدلال ومن دون اعتبار مذهبي.
ب – طريقة الحنفية التي تعنى ببناء القواعد على الفروع الفقهية المنقولة عن أئمة المذهب.
وقد تميزت كل طريقة بخصائص معينة تخالف بها الطريقة الأخرى وصنف على كل واحدة جملة من المصنفات.
13 -
شهد علم الأصول في هذا القرن نموا وتطورا شمل كافة جوانبه وتبرز مظاهر هذا التطور بشكل واضح في جوانب التأليف والموضوعات والحدود والاصطلاحات والمنهج والأسلوب
14 -
تأثر الفكر الأصولي في القرن الرابع بعوامل عدة أهمها: انتشار المذاهب الفقهية وسد باب الاجتهاد وركون الناس إلى التقليد وشيوع التعصب وكثرة المناظرات وظهور علم الجدل وانتشار علم المنطق إضافة إلى الحالة السياسية والاجتماعية السائدة
15 -
ظهرت في هذا القرن بعض العلوم ذات العلاقة بعلم أصول الفقه وأهمها علم القواعد الفقهية وعلم الخلاف وعلم آداب المفتي والمستفتي وصنف في هذه العلوم عدة مصنفات لم يصل إلينا منها إلا النزر اليسير
16 -
لم تكن الآثار الأصولية في هذا القرن محصورة في كتب الأصول والمؤلفات ذات العلاقة به بل جرى بحث كثر من القضايا والمسائل الأصولية في ثنايا الكتب المصنفة في العلوم الإسلامية الأخرى وبخاصة كتب علم الكلام والتفسير والحديث والفقه
17 -
أبرز ما وصل إلينا من مؤلفات الأصوليين في هذا القرن أصول الكرخي وأصول الشاشي وأصول الجصاص وأصول الفتيا للخشني ومقدمة ابن القصار وتهذيب الأجوبة لابن حامد والتقريب والإرشاد للباقلاني والعمد للقاضي عبد الجبار وقد تميز كل واحد من هذه الكتب عن غيره بجملة من الخصائص في منهجه وموضوعه تقدم بيان أهمها في ثنايا الدراسات التحليلية لهذه الكتب
18 -
يعتبر كتاب " الفصول للجصاص " نموذجا للتأليف الأصولي المتكامل على طريقة الحنفية كما يعتبر كتابا " التقريب والإرشاد للباقلاني " و" العمد للقاضي عبد الجبار " نموذجين للتأليف الأصولي المتكامل على طريقة المتكلمين
هذه إجمالا – أبرز النتائج التي خرجت بها من بحث هذا الموضوع وهي تؤكد ما سبق أن ذكرته في المقدمة من الأهمية البالغة وتظهر مدى الحاجة إلى هذا النوع من البحوث حيث لا يخفى على المهتمين بهذا العلم افتقار المكتبة الأصولية إلى الدراسات المتخصصة في تاريخه وعليه فأوصي بتكثيف الدراسات والبحوث التي تعنى بالجوانب التاريخية والمنهجية لعلم الأصول من القرن الخامس وإلى يومنا هذا
وفي الختام أبتهل إلى المولى جل شأنه أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم وأن يغفر لي ما حصل فيه من الزلل والخطأ إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين