الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصول الفتوى وتطبيق الأحكام الشرعية في بلاد غير المسلمين
المؤلف/ المشرف:
علي بن عباس الحكمي
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
مؤسسة الريان - بيروت ̈الأولى
سنة الطبع:
1420هـ
تصنيف رئيس:
أصول فقه
تصنيف فرعي:
فتوى ومفتي ومستفتي
خاتمة البحث
في ختام هذا البحث أرى لزاماً عليَّ تتمياً للفائدة، وتذكيراً بجوهر الموضوع ولُبَّه، أن أذكر أهم نتائجه وبعض التوصيات المتعلقة به، وهي ما يلي:
1 -
الفتوى في اللغة وفي الشرع: إِخبار عن شىء يهم المخْبًر، وإعانة له على أمر يحتاج إلى مساعدة من يستطيع مساعدته فيه، والمفتي هو الشخص المؤهل شرعاً لفعل ذلك في أحكام الشرع.
2 -
الفتوى تشبه الحكم والقضاء في أن كلا منهما إِخبار عن الحكم الشرعي ممن هو أهل للإِخبار بذلك
3 -
تفترق الفتوي عن الحكم والقضاء في عدة أمور مصدرها اختلاف مهمة الحاكم والقاضي عن مهمة المفتي، فالقاضي والحاكم مهمتهما فصل الخصومات، والإِلزام بالحقوق والواجبات في الدنيا، والمفتي مهمته بيان حكم الشرع الذي يجب على المسلم الالتزام به ديانة بينه وبين ربه.
ولهذا كان حكم القاضي مفارقاً لفتوى المفتي فيما يلى:
أ - قضاء القاضي وحكم الحاكم ملزم في الظاهر، وفتوى المفتي غير ملزمة في الظاهر.
ب - قضاء القاضي لا ينقض في المسائل الاجتهادية مالم يخالف دليلاً مقطوعاً به من نص أو إِجماع. وفتوى المفتي تجوز مخالفتها من المفتي نفسه إذا تغير اجتهاده، أو من مجتهد غيره.
جـ- الحكم والقضاء لا يدخل في العبادات إِلا فيما يتعلق منها بحقوق العباد فيما بينهم. والفتيا تدخل في جميع الأحكام من العبادات والمعاملات وسائر التصرفات.
د- يشترط في القاضي ما لا يشترط في المفتي من الحرية والذكورية ونحوهما.
4 -
التأهل للفتوى، واستكمال شروطهما الشرعية الُممَكِّنة من القدرة عليها فرض على الكفاية، إذا قام به بعض الأمة سقط عن الباقين، وإذا تركه الجميع أثموا، ويجب على ولاة أمر المسلمين العمل على توفير العدد الكافي من المؤهلين للفتيا، واتخاذ الوسائل وتهيئة السبل الموصلة إلى ذلك.
5 -
التصدي للفتيا - بعد التأهل لها - قد يكون فرض عين، وقد يكون فرض كفاية وقد يكون مندوباً، وقد يكون مكروهاً، وقد يكون حراماً، أما غير المؤهل فتحرم عليه الفتوى مطلقاً.
6 -
للفتيا شروط لابد من توافرها فيمن يتصدى لها. وأهمها الإسلام، والعقل والبلوغ والعدالة، والتمكن من معرفة الأحكام الشرعية من أدلتها، بتوافر شروط الاجتهاد المفصلة في البحث.
7 -
وللمفتي صفات يجب توافرها فيه، وأخرى يحسن به التحلي بها، وآداب ينبغي له السير عليها. وقد ذكرنا أهم كل ذلك في مواضعه من البحث.
8 -
المفتي قد يكون مجتهداً مطلقاً مستقلاً عن أصول غيره، وقد يكون مجتهداً منتسباً إلى مذهب من المذاهب الفقهية المشهورة، والأول انعدم منذ القرن الرابع الهجرى، والثانى باق ٍ في كل عصر.
9 -
لايلزم من انعدام المجتهد المطلق المستقل عدم توافر شروط الاجتهاد في غيره وإِغلاق باب الاجتهاد.
10 -
دعوى انعدام المجتهد إِنما المقصود بها عند كثير من قائليها المجتهد المستقل وهذه دعوى صحيحة. وأما انعدام من توافرت فيه شروط الاجتهاد ولو كان منتسباً إلى أحد المذاهب فدعوى غير صحيحة لمخالفتها الواقع، ولمناقضتها قول بعض القائلين بها، وقول كثير من الفقهاء المنتسبين إلى المذاهب أنهم لم يأخذوا بمذاهب أئمتهم تقليداً لهم، بل عن نظر واجتهاد.
11 -
الاجتهاد المطلق أي القدرة على استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها قد يتجزأ، فقد يكون المرء مجتهداً في بعض فروع الفقه أو أبوابه أو مسائله، وهذا ساعد كثيراً على القيام بفرض الكفاية في الفتوى.
12 -
مع وجود المجتهدين في كل العصور إِلا أن العدد الذي يتأدى به فرض الكفاية منهم في القضاء والفتيا لم يتوافر في بعض العصور وفي بعض البلدان والنواحى، ولهذا أجمع أهل الفتيا على جواز تولية القضاء والفتيا لغير المجتهدين للضرورة.
13 -
الفتوى شأنها عظيم، وخطرها جسيم، فهي توقيع عن الله، ودخول بين الله وبين خلقه، والقائم بها معرض للخطأ، فعليه أخذ الحيطة والحذر وعدم الإِقدام عليها إِلا بعد التأهل لها مع شدة المراقبة لله وملازمة التقوى.
14 -
ولهذا كان السلف يتحاشونها، ويود كل واحد منهم أن يكفيه غيره تحملها ومع ذلك لم يضيعوها أو يفرطوا في التأهل لها والقيام بها عند الحاجة إِليهم.
15 -
الفتوى قد تتغير بتغير الزمان والمكان والحال، وذلك تبعاً لتغير العادات التي علقت بعض أحكام الشرع عليها، وهذا أحد لوازم صلاحية الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان، فلو جعلت أحكامها وفق عادات زمن معين أو مكان معين فيما يتعلق من الأحكام بالعوائد المختلفة لواقع الناس في ضيق وحرج. وما جعل الله على الناس في الدين من حرج.
16 -
العوائد والأعراف التي علقت عليها بعض الأحكام الشرعية، وتتغير بتغيرها هي العوائد والأعراف التي لم يرد في الشرع طلبها بعينها أو منعها بعينها.
17 -
فكل ما طلبه الشرع بعينه من العوائد إِيجاباً كالتنزه عن الأنجاس والتطهر منها وستر العورات، أو منعه الشرع بعينه كاجتناب الخبائث، وتحريم بعض المعاملات كالربا ونحوه، كل ذلك لا يجوز تغيير الحكم فيه منعاً أو إِباحة بسبب تغير العرف والعادة فيه.
18 -
من شروط صحة الفتوى، ومن واجبات المفتي معرفة الوقائع وفهمها على حقيقتها فهما صحيحاً، والإِحاطة بجميع جوانبها وملابساتها، ومعرفة عوائد الناس وأعرافهم وأحوال المستفتين لتكون فتواه في محلها، وإِيقاع الأحكام مواقعها.
19 -
الأحكام الشرعية لازمة لكل مكلف في كل زمان ومكان وحال متى ما توافرت الأسباب والشروط وانتفت الموانع، ولا تأثير لدار غير المسلمين في ترك واجب أو فعل محظور إِلا بعذر من الأعذار المعتبرة شرعاً.
20 -
الشريعة الإِسلامية اشتملت على أحكام أفعال العباد في كل الأحوال والأزمان والبقاع، وعلى المجتهدين والمفتين استنباط تلك الأحكام من أدلتها التفصيلية، أو من أصولها الثابتة الشاملة وقواعدها العامة الراسخة، واستعانة المفتين في العصور المتأخرة باجتهادات المجتهدين في مختلف العصور السابقة، مع ضرورة مراعاة الوقائع وخصائص كل واقعة ونازلة على حدة، ليطبق عليها الحكم المناسب.
21 -
قد تنشأ أمور تتعلق بالعبادات أو المعاملات بسبب الإقامة في ديار غير المسلمين، تحتاج إلى بيان أحكامها، وهي في حقيقتها لا تخرج عما قرره الشرع من معاملة المسلم لغير المسلم، ومن تكليف المسلم بما كلفه الله به في الحالات العادية والظروف الطارئة.
وعلى المسلم المكلف التعرف على حكم الله فيما يخصه، وسؤال أهل العلم والاجتهاد قدر المستطاع في معرفة من يجوز الأخذ عنه وتلقي الأحكام منه.