الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موقف المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة
المؤلف/ المشرف:
سليمان بن صالح بن عبدالعزيز الغصن
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
دار العاصمة - الرياض ̈الأولى
سنة الطبع:
1416هـ
تصنيف رئيس:
أصول فقه
تصنيف فرعي:
استدلال
الخاتمة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ففي نهاية هذا البحث – الذي حرصت فيه على التركيز في مباحثه والتجلية لمسائله، وحسن العرض لدلائله، والذي أفدت منه فوائد جليلة، وتوصلت فيه إلى نتائج كثيرة – يمكن إيجاز أهم ما توصلت إليه بما يلي:
أولاً: أن علم الكلام هو الذي يقوم على إثبات العقائد الدينية عن طريق الأدلة العقلية، وأن أهل الكلام هم كل من سار على هذا المنهج في الكلام في مسائل العقيدة.
ثانياً: أن الفرق الكلامية – وإن تعددت أسماؤها – فإنها متفقة في أصل المنهج الذي تتناول من خلاله مسائل العقيدة، وإنما يختلفون في التوسع في تطبيق هذا المنهج أو عدم التوسع في ذلك.
ثالثاً: تبين لنا كيف نشأ علم الكلام، والعوامل التي أثرت فيه، كالالتقاء بأصحاب الديانات الأخرى، وكذلك حركة الترجمة لكتب المنطق والفلسفة، والجهل بنصوص الشرع وغير ذلك.
رابعاً: أن منهج أهل الكلام أعقبهم بلايا كثيرة من الفرقة والاختلاف والشك والحيرة والجدل والاستهانة بنصوص الشرع وغير ذلك.
خامساً: تجلى منهج السلف في الأخذ بنصوص الكتاب والسنة من خلال ثمانية أمور، تم عرضها هناك.
سادساً: أن السلف قد أدركوا خطر الكلام والمتكلمين منذ بداية ظهورهم، وحذروا منهم.
سابعاً: أن أساطين المتكلمين تراجعوا عن منهجهم، وندموا على مسلكهم.
ثامناً: أن المتكلمين يعتقدون ثبوت النص القرآني والأحاديث المتواترة.
تاسعاً: تعلق بعض المتكلمين بالقراءات الشاذة والموضوعة لنصرة مذهبهم.
عاشراً: أنكر بعض المتكلمين أموراً ثبتت بالأخبار المتواترة كالشفاعة والرؤية.
حادي عشر: أن المتكلمين – وإن اعتقدوا قطعية ثبوت النص القرآني والأحاديث المتواترة – إلا أنهم يرون أنها ظنية الدلالة، ويرى كثير منهم أنه لا يصح الاستمساك بها في مسائل الصفات والقدر ونحو ذلك، مما يطلب فيه القطع واليقين، وقد تبين بطلان ذلك من خلال سبعة عشر وجها، وتبين أن إطلاق القول بأن جميع النصوص لا تفيد اليقين إلا عند تيقن عشرة أمور – ذكروها – من أعظم الإلحاد في شرع الله ودينه.
ثاني عشر: يرى المتكلمون أنه لا يجوز الاستمساك بأخبار الآحاد في مسائل العقيدة بحجة أنها ظنية، ومسائل العقيدة مبناها على القطع، وقد تبين بطلان هذا الزعم وتناقضه ومخالفته لمنهج السلف.
ثالث عشر: اتضح أن أهل الكلام – لجهلهم بالسنة وقلة ورعهم – فإنهم قد يضعون أحاديث، أو يستدلون بأحاديث ضعيفة وموضوعة، كما أهم في المقابل ربما ردوا أحاديث صحيحة وكذبوها.
رابع عشر: أن للعقل مكانة في العقيدة الإسلامية، وأن الإسلام قد أثنى على أرباب العقول، وأنه لم يلغ عمل العقل، كما أنه لم يطلق له العنان ليخوض فيما لا يدركه، أو يحار فيما لا يفهمه.
خامس عشر: أن المتكلمين غلوا في تعظيم العقل حتى جعلوه حاكماً على الشرع، ومقدماً عليه عند التعارض، وحتى أوجب بعضهم على الله – بالعقل – أموراً، ومنعوا عليه أموراً أخرى، وقد تبين لنا وجه الصواب في كل هذه المسائل، وتناقض أهل الكلام في مقالاتهم هذه.
سادس عشر: أبطل المتكلمون دلالات كثير في النصوص الشرعية من خلال عدة طرق: كاتباع المتشابه، والقول بالمجاز، والتأويل، والتفويض.
سابع عشر: عرفنا أقوال العلماء في المحكم والمتشابه، والقول الراجح في ذلك، كما تبين لنا تحقيق القول في حكم تأويل المتشابه.
ثامن عشر: أن إطلاق القول بأن نصوص الصفات من المتشابه غير صحيح، وكذلك القول بأنها من المتشابه الذي لا يعلم معناه إلا الله باطل، وأنه على القول بأن بعض نصوص الصفات من المتشابه، فإن معناها معلوم غير مجهول.
تاسع عشر: عرفنا معنى المجاز وأثره في تحريف معاني النصوص الشرعية وتحقيق الكلام في مسألة القول بوجوده في القرآن واللغة العربية، وتبين أن الدافع لتحقيق الكلام في ذلك ومثار الخلاف فيه هو الزعم بأن نصوص الصفات لا تطلق على الله حقيقة بل مجازاً، وعلمنا بأن هذا الزعم باطل.
عشرين: عرفنا معاني التأويل في اللغة والاصطلاح والأسباب الحاملة لأهل الكلام على التأويل.
واحداً وعشرين: أن ما نسب إلى الإمام أحمد من تأويله لبعض النصوص، فبعضه غير ثابت عنه، وبعضه الآخر من قبيل التأويل الصحيح الموافق للشرع، لا كتأويلات أهل الكلام.
ثانياً وعشرين: أن التأويل الباطل قد استخدمه أهل الكلام في كثير من النصوص الشرعية في عامة أبواب العقيدة، وذلك كنصوص الصفات والقدر والإيمان وبعض أمور اليوم الآخر، وكذلك كلام الجمادات وأفعالها، وقد تم عرض أمثلة لذلك مع الرد على هذه التأويلات وبيان الحق فيها.
ثالثاً وعشرين: تبين بجلاء كثير من لوازم تأويلات أهل الكلام الباطلة وآثارها السيئة على النصوص الشرعية وعلى عقيدة الأمة.
رابعاً وعشرين: أن التأويل ليس كله مردوداً، بل إن من التأويل ما بعد صحيحاً، وهو ما توافرت فيه شروط التأويل الصحيح كما هي مبينة في صلب البحث.
خامساً وعشرين: تم عرض معنى التفويض وبداية القول به وشبه أهله المتبنين له والزاعمين بأنه مذهب السلف، وقد تبين بطلان هذه الشبه وهذا الزعم، وما يلزم عليه من لوازم فاسدة، واتضح أن التفويض من منهج أهل الكلام، وأنه مثل التأويل في نتائجه السيئة وجنايته على النصوص وتعطيل معانيها، بل قد يكون التفويض شراً من التأويل، وقد استبان أن التفويض مخالف للكتاب والسنة ومذهب سلف الأمة.
وبعد، فهذه أبرز النتائج التي تضمنها هذا البحث.
والحق أني أشعر بأن عامة مسائله لا زالت تحتاج إلى مزيد بحث وتحقيق، كما أني أرى ضرورة القيام بدراسات خاصة لبيان صلة المناهج والتوجهات المنحرفة في العصر الحديث بالمناهج والفرق المتقدمة، لا سيما أهل الكلام المذموم، فإن أصولهم لا زالت متبعة، وطرائقهم لا زالت منتهجة، وإن تنوعت الشعارات المرفوعة، وتجددت المسائل المطروحة، فالمنطلقات والشبه – في الغالب – واحدة.
وفي الختام فهذا جهد المقل، أسأل الله أن ينفع به، وأن يجعله خالصاً لوجهه، وأن يجعلنا من جنده وأوليائه المنافحين عن عقيدة الإسلام، وأن يبارك في أفعالنا، ويأخذ بنواصينا لما يحبه ويرضاه، إنه على كل شيء قدير، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.