الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم الاحتجاج بخبر الواحد إذا عمل الراوي بخلافه
المؤلف/ المشرف:
عبدالله بن عويض المطرفي
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
مكتبة الرشد - الرياض ̈الأولى
سنة الطبع:
1420هـ
تصنيف رئيس:
أصول فقه
تصنيف فرعي:
خبر الآحاد
الخاتمة
أهم النتائج التي توصلت إليها في هذه الرسالة يمكن أن أوجزها في النقاط التالية:
أولاً: القسم النظري
- خبر الواحد عند جمهور الأصوليين والمحدثين هو ما لم يجمع شروط التواتر.
وينقسم إلى مشهور وعزيز وغريب.
إن خبر الواحد العدل يجب العمل به إذا ثبت فقد تعبدنا الله به. وتظافرت الأدلة على وجوب العمل به وأشهرها الإجماع من الصحابة ومن بعدهم. وما روي عن بعضهم من التوقف فيه أو رده إنما كان لريبة أو قرينة أو وجود معارض راجح وليس رده لكونه خبر واحد.
خبر الواحد العدل إذا تلتقه الأمة بالقبول والتصديق أفاد العلم، لإجماع الأمة على صحته، وكذا إذا وقع الإجماع على العمل بمقتضاه فإنه يفيد العلم؛ لأن الإجماع عليه قد صيره من المعلوم صدقه. وإجماع الأمة معصوم من الخطأ، لأنها لا تجتمع على ضلالة.
الخبر المحتف بالقرائن فإنه يفيد العلم – على الراجح – كخبر الصحيحين ما لم يبلغ حد التواتر، وما لم ينتقد عليهما.
خبر الواحد العدل المجرد عن القرائن يفيد العلم على الراجح من أقوال العلماء. ومن أقوى ما يرجح إفادته للعلم: هو ثبوت نسخ المقطوع بخبر الواحد كما في قصة أهل قباء.
لا يقبل الخبر حتى تجتمع في ناقله شروط خمسة: أن يكون الراوي مكلفاً هو العاقل البالغ، مسلماً، عدلاً، ضابطاً.
لا يشترط في الراوي أن يكون فقيهاً، فرب حامل فقه غير فقيه. وإنما يرجع إلى فقه الراوي عند التعارض والترجيح بين الأدلة.
شروط قبول خبر الواحد والعمل به محل خلاف بين العلماء قديماً وحديثاً، لأهل كل مذهب قواعد وشروط يخالفه أو يوافقه فيها غيره. والراجح تقديم الحديث الصحيح عليها اتباعاً لنصوص الكتاب والسنة وأقوال الأئمة المعتبرين، بل ونصوص الأئمة الأربعة، ولا يجوز أن تضع قواعد أو شروطاً أمام تلك الأحاديث الصحيحة فنحجر بها على دلالتها من أن تدل على مقصودها.
إن أسباب مخالفة الراوي لروايته كثيرة وأعظمها عن تأويل واجتهاد أو نسيان وهذه أسلم الوجوه.
إن أخذ العلماء برواية الراوي والاعتذار عن رأيه أو الأخذ برأيه والاعتذار عن روايته أو تركهما معاً كان بسبب أيهما أولى بالتقديم والتأخير عند الاختلاف والمعارضة.
إن محل النزاع عند من يجعل مخالفة الراوي لما رواه علة قادحة في روايته هو إذا كانت المخالفة بعد روايته.
إن مخالفة الراوي لما رواه – على التسليم بها – ينبغي تخصيصها بالصحابي فلا تتعداه إلى ما بعده لأسباب كثيرة سبق ذكرها. ومن باب أولى مسألة تخصيص العموم بقوله.
إن كان الخبر ظاهرا وجب حمله على ظاهره إلا أن يدل دليل يوجب العدول عن ظاهره. وظاهر الخير أولى من تأويل الراوي؛ لأن الحجة في ظواهر النصوص لا في مذهب الرواة.
لا يخص ظاهر العموم بقول الراوي مطلقاً سواء كان صحابياً أم غيره وسواء كان هو الراوي له أم غيره؛ لأنه محجوج به كغيره.
إذا كان الخبر مجملاً أو مشتركاً ففسره الصحابي ببعض وجوه احتمالاته حمل الخبر عليه فالعبرة بتفسيره؛ لأن تفسيره أولى من تفسير غيره فيقدم عليه.
إذا كان الخبر نصاً لا يحتمل التأويل ويدل على معنى واحد دلالة قطعية فإنه يصار إليه ولا يترك إلا بنص آخر يعارضه. فالعبرة برواية الراوي دون رأيه.
النسخ من الأمور المهمة في حياة الأمة فلا يقبل فيه قول الصحابي – فضلاً عن غيره – هذا ناسخ أو منسوخ فقط دون بيان، سواء كان هو راوي الخبر أم لا. أما إذا ذكر دليل النسخ فيقبل.
ومن طرق معرفة تأخر الناسخ قول الصحابي: هذا سابق أو متأخر أو كان كذا ثم نسخ.
لا يصح جعل مخالفة الراوي لما رواه بمنزلة روايته للناسخ، لأن النسخ لا يثبت بالاحتمال، ومجرد المخالفة لا يلزم أن تكون للنسخ فقط لجواز أن يكون لتقديم دليل آخر راجح.
إن النسخ له شروط معتبرة من حيث الثبوت والقوة ومعرفة التاريخ للمتأخر .. الخ.
إن السنة الصحيحة قاضية على كل تأويل واجتهاد يخالفها وأقوال الصحابة ليست حجة من اختلافها.
ثانياً: القسم التطبيقي:
وبحثت فيه ثمان وعشرين مسألة عن جماعة من الصحابة وهم أبو هريرة وابن عمر وعائشة وابن عباس ومعمر بن عبد الله وجماعة من التابعين ومن بعدهم وظهر لي النتائج الآتية:
أن مخالفة الراوي لما رواه لا تصلح للقدح والطعن في روايته لأسباب منها:
أ – أنها غير متفق عليها.
ب – أن مخالفتهم في هذه القاعدة سوف يقلب عليهم الأمر فيقول: لماذا لا تكون الرواية الثابتة الصحيحة دليلاً على سقوط رأيه المخالف لها. كما قاله ابن عبد البر في المسألة الأولى.
ج – إن من المسائل مسائل لم يثبت فيها تأخر الرأي عن الرواية فما يدري أقبل الرواية أم بعدها وإذا كان الأمر كذلك فنجعله من القسم الذي لم يعلم تاريخه وهنا يتفق الجميع على الأخذ بالرواية.
د – إن القول بأن العبرة بما رآه لا بما رواه يجعل أصحاب هذا القول حين استدلالهم برواية راوٍ ينظروا هل لراويها مخالفة أم لا. وهو غير صحيح مثل رواية ابن عباس في نكاح الأيم والبكر حيث استدل بها على جواز النكاح بغير ولي ولراويها رأي مخالف لها.
هـ - إن المخالفة والمعارضة بين الرأي والرواية أحياناً نحتاج للترجيح بينهما النظر في الأدلة الأخرى كمسألة زكاة الحلي ومسألة الطلاق الثلاث.
و– إن القول بما رآه الراوي لا بما رواه ينبغي أن يقيد عندهم بما إذا لم يكن له رأي آخر موافق لروايته كمسألة صيام يوم الشك.
فإن صور مخالفة الراوي لما رواه من حيث موافقته أو مخالفته لروايته على قسمين:
1 -
رأي موافق لروايته وهو الأصل.
2 – رأي مخالف لروايته وهو خلاف الأصل.
فإذا وجد للراوي رأي موافق لروايته ورأي آخر مخالف لها فلا شك في تقديم رأي الموافق لروايته من باب الترجيح بين الرأيين مثل مسألة قتل المرأة المرتدة.
مخالفة الراوي لروايته الصحيحة لا تخلو إما أن تثبت بسند صحيح أولاً.
فإن كان الثاني ترجح الخبر على ذلك الأثر بالضرورة لترجح الثابت الصحيح على غيره بالقوة وهذا الشرط ينبغي اعتباره واستصحابه عند كل مخالفة راوي لروايته، ولا يصح أن نجعل الأثر الضعيف مقياساً لرد الخبر الصحيح.
وإن كان الأول: وهو ثبوت المخالفة سنداً وكانت بعد الرواية فإن مخالفته على قسمين:
1 – رواية محتملة المخالفة.
2 – رواية غير محتملة المخالفة.
ومن الشروط أيضاً: أن تتحقق المخالفة التامة بين الرواية والرأي من ناحية المتن وعدم الجمع بين روايته ورأيه، وأن لا يكون رأيه معتمداً على رواية أخرى، وأن لا يخالفه صحابي آخر.
وعند التحقيق والنظر في بعض المسائل أجد أنه لا تعارض بين رواية الراوي وبين رأيه لإمكان الجمع بينهما كمسألة صلاة الوتر على الدابة، ومسألة حكم القيء للصائم وقد سبقا الجمع بينهما.
أما مسألة أقل مسافة للقصر فإن رواية الراوي لم تسق لبيان تحديد مسافة القصر وفعله في قصر الصلاة موضوع آخر فليس هناك مخالفة بين الرواية وبين الرأي.
إذا اعتمد الصحابي في رأيه على رواية أخرى فإن المسألة تخرج من باب المخالفة وتكون من باب التعارض بين الأدلة كمسألة رضاع الكبير.
إذا خالف الصحابي في رأيه صحابياً آخر فإن المسألة تقرب من باب قول الصحابي وفعله حجة أم لا كمسألة صيام يوم الشك.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.