الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحرير المقال فيما تصح نسبته للمجتهدين من الأقوال
المؤلف/ المشرف:
عياض بن نامي السلمي
المحقق/ المترجم:
بدون
الناشر:
بدون ̈الأولى
سنة الطبع:
1415هـ
تصنيف رئيس:
أصول فقه
تصنيف فرعي:
اجتهاد وتقليد
الخاتمة
الحمد لله الذي بحمده تتم الصالحات، وترفع الدرجات، والصلاة والسلام عل محمد بن عبدالله المبعوث بأكمل الرسالات، وعلى آله وصحبه أولي الفضل والكرامات أما بعد:-
فإنني بعد الفراغ من هذا البحث بتوفيق الله وعونه يطيب لي أن أتبع سنة حميدة درج عليها الباحثون قبلي، وهي ذكر أهم النتائج التي أسفر عنها البحث وتجلت بعد مكابدته ومعايشته وقتاً طويلاً.
وإنني لا أزعم أن ما أذكره في هذه النتائج سر لم ينكشف لغيري، ولا أزعم أن ما توصلت إليه لم أسبق إليه، بل قد يكون سبقني إليه أو إلى بعضه بعض الفضلاء، ولكن حسبي أن أبوح للقارئ الكريم بأهم النتائج التي أخذ البحث بيدي إليها لعله يشاركني الاقتناع بها، أو يدلني على الحق إن كان في سواها، فقد بذلت قصارى جهدي، ولم أدخر وسعا، ولكن يأبى الله أن يكون الكمال إلا له ولكتابه وشرعه.
وإليك أهم نتائج البحث:
1 -
تحديد المسالك الصحيحة التي يجب أن تتبع لمعرفة مذاهب الأئمة السابقين ذو أهمية بالغة أحسب أن البحث أفصح عنها.
2 -
أن أهم الأسباب التي دفعت بعض الفقهاء إلى سلوك مسالك ضعيفة لمعرفة مذاهب الأئمة المجتهدين ما اشتهر في القرن الخامس الهجري وما بعده من سد باب الاجتهاد، وإلزام الفقهاء في تلك القرون باتباع مذهب معين، مما جعلهم يصرفون جهودهم في محاولة التعرف على مذاهب أئمتهم بطرق شتى، منها ما هو صحيح يؤدي إلى المقصود، ومنها ما هو ضعيف يؤدي إلى نسبة أقوال ضعيفة للأئمة المتبوعين لو علموا بها لأنكروها. وقد مرت الإشارة إلى شيء من هذه الأقوال في ثنايا البحث. وبدلاً من أن يصرف الفقيه جهده ووقته في معرفة حكم الشرع من الكتاب والسنة مستعيناً بما نقل عن العلماء السابقين من تفسير آية، أو شرح حديث أو تصحيحه أو تضعيفه، بدلاً من ذلك كله أصبح الفقيه يصرف جهده ووقته في التعرف على حكم الإمام الذي يقلده في مسألة لم تحدث في عصره، ولا أفتى فيها، ويزيد الطين بلة، فينسب هذا القول المستنتج إلى الإمام نفسه.
3 -
أن ما في بطون الكتب المذهبية من الفروع الفقهية لا يصح أن ينسب برمته لإمام المذهب، بل ينبغي أن ينظر في الطريق الذي اتبعه المؤلف في نسبة القول للإمام فلا ينسب إليه إلا ما استخرج بطرق صحيحة، وما عداه ينسب لقائله. وفي هذا المعنى يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي:"اعلم أن كل من يرى أنه لابد له من تقليد الإمام في كل شيء بدعوى أنه لا يقدر على الاستدلال بكتاب ولا سنة
…
يجب عليه أن يتنبه تنبهاً تاماً للفرق بين أقوال ذلك الإمام التي قالها حقاً، وبين ما ألحق بعده على قواعد مذهبه، وما زاده المتأخرون وقتاً بعد وقت من أنواع الاستحسان، التي لا أساس لها في كتاب الله، ولا في سنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – ولو علم الإمام بإلحاقها بمذهبه لتبرأ منها وأنكر على ملحقها. فنسبة جميع ذلك للإمام من الباطل الواضح، ويزيده بطلاناً نسبته إلى الله ورسوله بدعوى أنه شرع ذلك على لسان رسوله، ونحو هذا كثير في المختصرات في المذاهب وكتب المتأخرين "، ثم مثل له بأمثلة من مختصر خليل وغيره.
4 -
وجوب مراعاة الدقة في نسبة الأقوال إلى أصحابها من المجتهدين فلا ينسب إلى المجتهد إلا ما صرح به أو جرى مجرى ما صرح به على النحو الذي سبق تفصيله في ثنايا البحث بما يغني عن إعادته هنا.
5 -
ينبغي أن يتفطن لذلك المهتمون بدراسة فقه السلف، وأصولهم من الباحثين، والدارسين، فيقتصروا في ذلك على الطرق الصحيحة. ولا يتقولوا على أئمة الصحابة والتابعين، ومن بعدهم بنسبة أقوال لهم لم يصرحوا بها أو تجري مجرى ما صرحوا به من غير فرق، وأن يبينوا ما نصوا عليه وما هو مستخرج بطريق القياس أو غيره حتى يكون الناظر فيما يكتبونه على بينة، فيعرف ما ثبتت نسبته، وما لم تثبت نسبته. وقد اعتاد كثير من فقهاء الحنابلة في نقل مذهب إمامهم أن يبينوا ما نص عليه وما هو مخرج على ما نص عليه. فينبغي الالتزام بذلك المنهج لكل من يكتب فقه أحد من السلف أو ينقل رأيه في مسألة معينة.
وإذا كان هذا هو المنهج المطلوب ممن يدرس فقه من دون الصحابة فهو على من يدرس فقه الصحابة أوجب، لأن كثيرا من العلماء يرون أن مذهب الصحابي حجة، إما مطلقاً أو في بعض المواطن، فإذا نسب الباحث إلى الصحابي قولاً لم ينص عليه فقد غرر بمن يقرأ كتابه ممن جاء بعده. ويترتب على ذلك فساد كبير من جهة الاستدلال بقول لم يقله الصحابي.
6 -
أنه لا مانع من قول الفقيه المتأخر، هذا قياس مذهب الشافعي، أو قياس مذهب أحمد أو غيرهما، أو هو مفهوم كلامه، لأنه قال: كذا وكذا، ولكن المحذور في أن يقول هذا مذهب الشافعي ولا يبين من أين أخذه ولا الطريق الذي سلكه في معرفة المذهب.
وفي الختام أضرع إلى الله العلي القدير أن يجعل عملنا منتظماً في سلك النصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم والحمد لله أولاً وآخراً. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.