الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأصولية الإنجيلية نشأتها وغايتها وطرق مقاومتها
المؤلف/ المشرف:
صالح بن عبد الله الهذلول
المحقق/ المترجم:
بدون دار المسلم - الرياض ̈الأولى
سنة الطبع:
1416هـ
تصنيف رئيس:
أديان
تصنيف فرعي:
مسيحية
الخاتمة
الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له وليٌ من الذل، أن أعانني ويسر لي إتمام هذا الكتاب الذي توصَّلت من خلال عملي فيه إلى نتائج أراها هامة، وهي:
1 -
أن الأوضاع الدينية والسياسية والاجتماعية التي سادت أوروبا في العصور الوسطى، هيأت الأجواء هناك لظهور حركات دينية، رأت في الانشقاق عن الكنيسة الكاثوليكية ضرورة تمليها عليها غيرتها الدينية.
وكان أبرز تلك الحركات، حركة البروتستانت التي أفرزت حركات (إحيائية) كانت الأصولية الإنجيلية من أهمها، وأقواها، وأوسعها انتشاراً.
2 -
كما لعب اليهود المتنصرون (ظاهرياً) دوراً كبيراً في تهيئة المناخ الذي ولدت فيه الحركات (الإحيائية) في القرون الوسطى وما بعدها.
3 -
خطورة الاختراق الفكري، والعقائدي، وصعوبة علاجه، فإن بولس اليهودي، دخل المسيحية بعد صحبته للحواري برنابا (ولعل تلاميذ المسيح، ما كانوا ليثقوا بإيمان بولس بعدما كان من شدة عداوته لدينهم لولا برنابا الذي عرفه أولاً، وعرفهم به بعد أن وثق به)(1).
إن تعجل برنابا في ثقته ببولس، ثم ثقة جميع الحواريين به بعد ذلك -أو أغلبهم- أحدث خطأً منهجياً في الديانة المسيحية، لم يكتف بإلقاء عبئه على مرتكبه فقط، بل إن الأمة كلها ذاقت ويلاته في الماضي، وهي اليوم تعاني من ذلك، وستتجرع غصته إلى يوم القيامة، فليتنبه لذلك دعاة الإسلام.
4 -
صهيونية الحركة الأصولية، والعبث اليهودي بها إلى مدى أن اتخذت النبوءات التوراتية صلب دعوتها، وعماد فكرها، وهذا الاتجاه انعكس على تعاملها مع الواقع، فانجرفت بلا ضابط، ولا وازع من خلق، أو دين، أو قانون (2) في تأييدها المطلق لكل ما يدعم إسرائيل، ويثبت وجودها، ويضمن استمرارها وبقاءها.
5 -
تمكن الحركة الأصولية سياسياً في الغرب، وصل إلى المراكز العليا في السلطة، فكثيراً ما كان الرؤساء الأمريكيون يجاملونها، ويتلمسون رضاها، بل إن عدداً منهم كان أصولياً، وينتمي للحركة الأصولية.
6 -
القول بالفصل بين السلطة السياسية، والسلطة الدينية، قول خاطئ، بدليل أن أي حاكم أمريكي لابد أن يحظى بموافقة الكنيسة.
والدولة العلمانية هي التي تقوم بجمع الضرائب للكنيسة.
وهناك العديد من الحوادث لعبت الكنيسة فيها دوراً كبيراً، والتعليم الأساسي يقوم تربوياً على الدين
…
كل هذه الأسباب، هيأت المجال للأصولية أن تخترق الحكم والسياسة.
7 -
إن علاقة الأصولية الإنجيلية باليهودية، أعطتها براحاً واسعاً في الدعاية، كما أكسبتها خبرةً في العمل السري والعلني.
8 -
الصبغة العدوانية والإرهابية التي تميّزت بها الحركة.
(1) محمد علي قطب -نظرات في إنجيل برنابا- مكتبة القرآن للطبع والنشر والتوزيع -القاهرة- ص36. والكلام المثبت أعلاه من مقدمة ناشر إنجيل برنابا الشيخ محمد رشيد رضا.
(2)
المراد بالدين: دين المسيحية، حيث أشارت الدراسة إلى أن جملة الطوائف المسيحية بما فيها بعض فرق البروتستانت تخالف الأصولية في فكرها، وبعض معتقداتها.
وأما (القانون) فوجه تعطيل الأصولية له، أن ضربت بعرض الحائط كل قوانين الأمم المتحدة، والقرارات الدولية الصادرة من مجلس الأمن إذا كانت تدين إسرائيل، أو تهاجم الصهيونية.
9 -
على الرغم من أن عدد الذين ينتمون إلى الأصولية لا بأس به، وأن انتشارهم له قوة، لكن أصواتاً عديدة من النصارى واليهود، وقفوا ضد هذا الفكر، ربما لأنه نوعٌ من الصراع بين العلمانية والدينيين أو لأن هذا الفكر بانحرافه أثار حتى المفكرين المسيحيين، وقد يكون الأمران معاً، الأمر الذي أدى لوجود أصوات ومجالس وكنائس نصرانية وكذلك يهودية تجابه هذه النَّزعة.
10 -
أن الفهم الحرفي المبتور للنصوص، غالباً ما يولد تطرّفاً، فلابد من أخذ النصوص متكاملةً، وفهمها فهماً شاملاً، وعدم ضرب بعضها ببعض، ثم التخير منها نصاً معيناً ليبني عليه فكر جديد.
وهذه المسألة لابد للدعاة أن يعوها، ويدركوها، ليستطيعوا تفسير كثيرٍ من الظواهر الجامحة التي نراها في الساحة الدعوية الإسلامية.
11 -
والكاتب، اكتشف ذلك كله، كما حاول بجهده الخاص أن يفند الأفكار الرئيسية عند هذه الفئة، وأن يقدم ذلك للمسلمين في وجازة ووضوح، كما يحفز الهمم إلى مقاومة هذه النّزعة والتحصن ضد الأفكار الهدمية الوافدة من الغرب، وذلك بالرجوع إلى مصادر الدين الإسلامي، والتمسك بها.
12 -
وكنتيجةٍ للدراسة أيضاً -فإني أوصي بما يلي:
أ) - هناك بعض المواضيع، لها صلةٌ كبيرة بموضوع الكتاب، وقد اكتفيت بالإلماح لها في ثناياه.
وأرى أن تفرد ببحوث خاصة تأخذ حقها من الدراسة لما لها من أهمية كبيرةٍ يمكن بيانها بالنقاط التالية:
1 -
إذا نظرنا إلى الأحداث الجارية الآن في مختلف أنحاء العالم، وخاصةً المتصلة بالمسلمين والمسلطة عليهم -وهي غالباً- مثل حرب الخليج، والصومال، وليبيريا، وكشمير، والبوسنة والهرسك، وليبيا، وأحداث اليمن، وفي جنوب لبنان، وداخل فلسطين
…
، هل بينها ترابط؟ وهل هي تحقق شيئاً من تطلعات الأصولية الإنجيلية، أو تتفق مع منهجها؟ وهل يمكن اعتبارها إرهاصات وتمهيد وتهيؤ للمواجهة الشاملة التي يعد لها الأصوليون الإنجيليون؟ خاصةً وأن بعض منظري الأصولية يفسرون بعض الأماكن الواردة في سفر حزقيا -الإصحاح 38، 39 - بأسماء هي في الحقيقة مناطق توتر في العالم اليوم، نحو:
روش تعني الحبشة، وجومر يقولون إنها اليمن الجنوبية، وتوجرمة هي الأرمن، وبوت ليبيا، وفارس يراد بها إيران.
وهذه البلدان كلها في نظرهم ستنضم إلى جيش (أبناء الظلام) أو القوى الشريرة في مهاجمة إسرائيل (1).
أقول: إن هذا يحتاج لمزيد من البيان والتوضيح المدعّم بالحقائق والدراسة العلمية.
2 -
أما وقد اقترب -كما يزعمون- المجيء الثاني للمسيح، وهذا كما هو معلوم -حسب عقيدتهم- تسبقه معركة هرمجدون، والسؤال الذي يحتاج إلى جواب هو:
ترتيبات السلام، ومعاهدات الصلح التي تجري الآن، هل يمكن اعتبارها لبنات في المشروع الصهيوني، وما يتصل به من أحداث؟
ب) - إن الأصوليين، وهم يدينون بمسيحية معبرنة، أهل كتاب وأصحاب عقيدة يؤمنون بها أشد الإيمان، ولهذا فإن الدخول معهم في جدل عقائدي، إن لم يكن غير مجدٍ، فإنه يستغرق وقتاً طويلاً، وجهداً كبيراً، ونتيجته وثمرته محدودة جداً، أما جدالهم ومناقشتهم بما يتعلق بمسائل الشريعة، والنظم التي جاءت في العهدين القديم والجديد، فإنه يفحمهم، ويوقفهم، ويلجمهم، نظراً لضحالة التشريعات فيهما، وسطحية النظم الواردة هناك.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين،،،
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1) انظر: شفيق مقار -مصدر سابق- ص 395 - 400.